موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

نكاية بالارهابيين والتكفيريين والبعثيين الصداميين!



الحمد لله، ونكاية بكل الارهابيين والتكفيريين والبعثيين الصداميين، تمييزاً عن غيرهم من البعثيين، أخيراً نلنا مرتبة أولى في مسح عالمي، محايد، بما يثبت عدم صحة مايروِّجه أعداء العراق الجديد من معلومات كاذبة بقصد الإساءة لهذه التجربة المتميزة بكل معاني الكلمة المتحققة في بلاد الرافدين.


بالأمس أكدت نتائج مسح عالمي ان بغداد تقبع في ذيل قائمة من 220 مدينة حول العالم، باعتبارها أسوأ مدن العالم من حيث الأمن والمستوى المعيشي والخدمات.
بمعنى آخر انها الأولى في سلم المدن السيئة، غير النظيفة، التي لا تصلح للمعيشة البشرية.
وبذلك تأكد لدينا ومن خلال مصادر دولية محايدة ورصينة، انه لاصحة للمعلومات المغلوطة التي تنشرها المواقع الارهابية والتكفيرية التي تتحدث عن سوء الخدمات والمستوى المعيشي في بغداد، عاصمة العراق الجديد الديمقراطي الفيدرالي الموحد.

ذات مرة، في العام 1996 على ما أتذكر، كتبت في صحيفة الجمهورية البغدادية، مقالاً بعنوان المتعللون بالحصار، تحدثت فيه عن أولئك المسؤولين التفيذيين الصغار الذين كانوا يعلقون أخطاءهم وتقصيرهم برقبة الحصار، الذي طال، بسبب لؤم مقرريه ومنفذيه، كل مناحي الحياة في العراق، حينها.
وإذا كان تراجع مستوى جودة الخدمات ممكناً أو متوقعاً في ظل الحصار اللئيم، فإنه غير مقبول حتماً في ظل حكومة تقدر وارداتها السنوية بأكثر من 100 مليار دولار، بما يجعلها واحدة من أغنى دول العالم وأكثرها موارداً.


انها بغدادهم، وليست بغدادنا، بالتأكيد، بغدادنا زهو الدنيا ودرة البلاد، بغدادنا الجميلة الرائعة، بغدادنا الزاهية المتألقة الأنيقة، ملهمة الشعراء وقبلة القاصدين.


الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

لصوص الحروب!

الحرب مأساة للكثيرين، انها مأساة فعلية لملايين العراقيين، الذين فقدوا أحباءهم أو تعرضوا لعوق دائم أو جزئي، وهي كذلك لملايين أخرى منهم فقدوا منازلهم وأرغموا على الهجرة في الداخل العراقي وفي بلاد الله الفسيحة..
ولكن..
هي فرصة لفاقدي الضمير وتجار الحروب الذين كوَّنوا ثروات طائلة من جحيم الحرب..
الفيلم التالي يفضح جانباً من سرقات المتربحين من الحروب العدوانية الأميركية في العراق وأفغانستان، وهي السرقات التي بلغت أرقاماً لاتصدَّق..

ملاحظة:
يمكن متابعة التفاصيل باللغة العربية على غار عشتار
وللراغبين بمزيد من المعلومات التفصيلية، يرجى مراجعة ملف إعادة الإعمار على غار عشتار أيضاً هنا




لماذا شارك ليفي في (ثورة) ليبيا؟


في زمن الحرية المطلقة من حق أي انسان أن يفعل ويقول مايشاء.
واستناداً إلى ذلك الحق تعالوا نتعرف لماذا شارك برينارد هنري ليفي مع ثوار الناتو في  ليبيا ثورتهم.

للاطلاع على سبب مشاركته في تلك (الثورة المباركة) اضغط هنا أو اقرأ هنا:


اجتماع لزعماء القبائل بالزاوية لتخفيف حدة التوتر وتسريع المصاحلة الوطنية 
برنارد ليفي: شاركت بالثورة الليبية من موقع يهوديتي ولأجل إسرائيل

2011-11-27

http://www.alqudsalarabi.info/images/empty.gif

لندن ـ 'القدس العربي' من احمد المصري: قال الفيلسوف الفرنسي الصهيوني برنارد هنري ليفي 'لقد شاركت في الثورة في ليبيا من موقع يهوديتي'.
جاء ذلك في كلمة لليفي في الملتقى الوطني الأول للمجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية في فرنسا والذي انعقد تحت شعار 'غدا يهود فرنسا'.
وأضاف ليفي في تصريحاته التي نقلتها صحيفة 'لوفيغارو' أمام قرابة 900 شخص ضمهم هذا المؤتمر في باريس مؤخرا 'لم أكن لأفعل ذلك لو لم أكن يهوديا..لقد انطلقت من الوفاء لاسمي وللصهيونية ولإسرائيل'.
وقال ليفي الذي أصدر أخيرا كتابا جديدا حول أحداث ليبيا التي عايش يومياتها 'ما فعلته خلال عدة أشهر ماضية، إنما فعلته لأسباب عديدة، أولها لأني فرنسي، كنت فخورا بأن أدعم بلدي لكي يكون على رأس مهمة كبيرة لثورة شعبية تخلص العالم من نظام متسلط.. لكن هناك سبب آخر وهو أني قمت بما قمت به لأني يهودي'، واضاف ليفي 'لقد قلت ذلك في بنغازي وفي طرابلس امام عشرات الالاف من الليبيين'.
الجدير بالذكر ان وكالة الأنباء الفرنسية نقلت عن ليفي في تصريح له قال فيه انه 'خلال لقاء دام ساعة ونصف، أبلغت رئيس الوزراء رسالة شفوية من المجلس مفادها أن النظام الليبي المقبل سيكون معتدلا ومناهضا للإرهاب، يهتم بالعدالة للفلسطينيين وأمن إسرائيل''. 
وأضاف هنري ليفي الذي يعد أحد منظري المجلس الانتقالي الليبي، في تفاصيل فحوى الرسالة التي حملها من ليبيا قائلا ''النظام الليبي المقبل سيقيم علاقات عادية مع بقية الدول الديمقراطية بما فيها إسرائيل''.
وعقب ذلك نفى عبد الحفيظ غوقة نائب رئيس المجلس الانتقالي الليبي انذاك، أن يكون المجلس 'الممثل الشرعي والوحيد للشعب الليبي'، يريد ربط علاقات مع الكيان الصهيوني مستقبلا.
وقال إنه ينفي باسم المجلس جملة وتفصيلا كل ما قاله الكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي، على لسان المجلس، وأن هذا الأخير لم يطلب من ليفي توصيل أي رسالة بهذا الخصوص، و'المجلس الانتقالي لن يربط أي علاقة مع الكيان الصهيوني مهما كان نوعها، لا الآن ولا مستقبلا'، واصفا ما تناقلته وسائل إعلام حول هذه القضية بالخبر'العار من الصحة'.
كما نفى رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل ما قاله ليفي برغبة المجلس الانتقالى في التعاون مع اسرائيل.
من جهة اخرى عقد زعماء القبائل في ليبيا مؤتمرا في بلدة الزاوية يوم السبت لمحاولة تخفيف حدة التوتر حيث لا تزال الحكومة الجديدة في بداية عهدها ولا تزال الأسلحة منتشرة على نطاق واسع والخلافات مستمرة بين جماعات مسلحة متنافسة.
وعقد المجلس الوطني الانتقالي المؤتمر في الزاوية التي شهدت اشتباكات عنيفة في وقت سابق من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر بين مسلحين من أهالي البلدة الساحلية ومقاتلين من قبيلة ورشفانة بخصوص قاعدة عسكرية استراتيجية.
وقال الصديق اللب عضو المجلس المحلي في الزاوية إن الليبيين ينبغي أن ينظروا إلى أبعد من الانقسامات القبلية وتمنى النجاح للمؤتمر والمشاركين فيه ليعيش الجميع في قبيلة واحدة كبيرة هي ليبيا.
ويأمل المجلس الوطني الانتقالي أن تنجح الوساطات التقليدية بين زعماء القبائل في وأد الخلافات في مهدها لكن ممثل المجلس في المؤتمر أكد أن الحكومة لن تضع أحدا فوق القانون.
وقال سالم جنان عضو المجلس الانتقالي في كلمة خلال المؤتمر إن الليبيين كلهم إخوة وإن القانون فوق الجميع بمن فيهم مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس.
وأدت الحكومة الانتقالية اليمين الأسبوع الماضي وينتظر أن تبقى في السلطة حتى إجراء انتخابات لاختيار مجلس دستوري العام المقبل. وتقول الحكومة إن الحفاظ على الأمن من أهم أولوياتها في المرحلة المقبل.
وتجاهلت ميليشيات مسلحة في طرابلس طلبات لنزع أسلحتها رغم مضي ثلاثة أشهر على فرار القذافي من العاصمة.
ويتمتع كثير من زعماء الميليشيات بنفوذ سياسي قوي لكن معظمهم بقي خارج التشكيل الوزاري وعيونهم على انتخابات الرئاسة التي يتوقع أن تجرى العام المقبل.
ومن القضايا الرئيسية التي لا تزال معلقة في ليبيا كيفية إقناع القبائل بنزع أسلحة مقاتليها. وتأمل الحكومة في دمج كل الميليشيات في جيش وطني واحد.


ماذا يحدث عندما تكون مخلصاً لوطنك؟

لن أكلمكم عن ما أنجزه العراقيون في أعقاب العدوان الثلاثيني عام 1991، وكيف عمَّروا بلدهم الذي تم تدمير 99% من مفردات الحياة فيه، من محطات كهرباء ومياه وجسور وطرق ومنظومات اتصالات ومستشفيات ومؤسسات حكومية، وغيرها، بجهود ذاتيه ورغم الحصار الشامل الذي كان مفروضاً عليهم.



لن أحدثكم عن ذلك، وإن كان الحديث عن ذلك أمر مسوَّغ تماماً، باعتبار ماتحقق حينها إنجازاً وطنياً وقومياً وإنسانياً.

سأحدثكم عن شيء اخر، وأترك لنباهتكم مقارنته بمايحدث في العراق الان، ومنذ احتلاله قبل تسع سنوات...

الرجاء الضغط هنا

وفاءً للشهداء



تحلُّ علينا بعد يومين ذكرى يوم الشهيد، وهي ذكرى جليلة بمعانيها السامية، نحتفي بها تخليداً ووفاءً لمن ضحّوا بأرواحهم دفاعاً عن العراق العظيم في مواجهة موجة الشر الخمينية المجرمة.
واحتفاءً بهذه المناسبة الخالدة، تتشرف (وجهات نظر) أن تعرض لقرائها الكرام وثيقة تاريخية نادرة، فات على ملايين العراقيين والعرب مشاهدتها من قبل.



فإلى ذلك نسترعي انتباه الاحبة القراء الكرام.


ملاحظة لاحقة:
تم نشر الوثيقة هنا

الاثنين، 28 نوفمبر 2011

أوراق إيرانية 3 / الحوزة والجامعة

في ثالثة أوراقه الايرانية، التي تنشرها (وجهات نظر) حصرياً، يعرض الاستاذ الدكتور عبدالستار الراوي الصراع الدائر بين الجامعة والحوزة في إيران، بعد العام 1979، بما يمثله ذلك من صراع بين تيارين ورؤيتين ومنهجين ليس في التعليم فحسب، بل في الحياة بشكل عام.




أوراق إيرانية
الحوزة والجامعة .. صراع الازمنة

عبدالستار الراوي
صراع الأضداد:
- مصطلح استخدمه الباحث حسان عبد الله في دراسته القيمة عن ماهية الصراع التاريخي بين الديني والمدني ... هذه الثنائية ألقت بظلالها على واقع "الحوزة والجامعة" أصبحت الحوزات في المجتمع الإيراني منذ العهد الصفوي تتمتع بحضور قوي؛ نظرًا لامتيازاتها الدينية والاجتماعية، وفي نفس الوقت مكانًا للمقاومة الفكرية والفقهية ضد محاولات الاستعمار والتغريب، وكانت مدرسة الفنون (1851) والتي افتتحها ناصر الدين شاه في عهد الدولة القاجارية (1779 – 1924) أولى المواجهات بين العلماء ورجال الدين في إيران؛ حيث اهتمت هذه المدرسة بتدريس المواد العلمية مثل: الرياضيات والهندسة والطب والجراحة، والمعادن، والعلوم العسكرية على النسق الأوروبي في حين أهملت بصورة تامة تدريس المواد الشرعية، ومن هنا بدأ تكوين النظرة الثنائية للتعليم في المجتمع الإيراني بين الحوزة (التعليم الديني) والمؤسسة المدنية (التعليم العصري)، وزادت هذه المواجهة في عهد الدولة البهلوية (1924 – 1979) التي ناصبت الحوزة العداء وقلصت دورها، وسحبت منها القضاء والتعليم، وتوسع الشاه في بناء المدارس المدنية لمجابهة المدارس الدينية، خاصة المدارس الابتدائية والثانوية، وظهرت نزعة الشاه التغريبية في البعثات التعليمية التي كان يرسلها إلى أوروبا، ثم توفير مناصب لهؤلاء الطلاب في المؤسسة التعليمية.


مقر الحوزة العلمية في مدينة قم


- حاول الشاه مجابهة النزعة الدينية في إيران، والتي كانت تقودها مدارس الحوزة فأصدر مجموعة من القرارات أهمها: فرض الملابس العصرية على رجال الدين خاصة القبعة البهلوية، ومنع الزي التقليدي لرجال الدين إلا بإذن رسمي، كما قلص المدارس الدينية، وألغى بعض المناسبات الدينية، وأصدر مرسومًا ملكيًّا في يناير 1935م بتحريم الحجاب على المرأة في إيران، وحظره على التلميذات والمعلمات في أثناء الدرس!.
- أما الجامعة الوطنية فهي مأوى المستنيرين العائدين من الخارج، والفروع الجامعية الخاصة بالتقنية والصناعة والميكانيك (كليات العلوم الصناعية) لا تخرج في النهاية سوى حرفيين جيدين للصناعات الغربية، ولا أثر فيها للبحوث العلمية الحديثة، أو الاكتشافات والاختراعات، ولا حلول للمشكلات القائمة، ولا أي شيء آخر ... ليس هناك سوى مصلحي ومشغلي الماكينات والصناعات الغربية.

مدخل جامعة طهران

ثنائية الخلاف
رجل الدين والمثقف، المحراب والحرم الجامعي، إفلاطون وأرسطو.. ثنائيات مشتبكة،  رجل الحوزة المنكب على استذكار أسفار ملا صدرا الشيرازي الأربعة، في رحلة البحث الطويلة  عن الحكمة المتعالية في أفق لا متناهٍ من التأملات، وتلامذة جامعيون يكتشفون الهوة الفاصلة بين التشيع الصفوي التجزيئي المتدثر بالذرائع العائمة، وبين التشيع الوحدوي الإنساني الذي دعا إليه العلامة السيد هبة الله الحسيني، والدكتور الراحل السيد موسى الموسوي في رسالته العقلانية المعروفة بـ(رسالة التصحيح) والباحث الشجاع أحمد الكاتب: والسيد محمد الحسيني ، الذين أجمعوا على إعلاء منازل العقل والحرية والإنسانية، وتجاوز الأحكام المغلقة والخلافات الفرعية، وجعل أصلي التوحيد والعدل معيارا  مشتركاً بين المسلمين، لإستعادة نضارة الإسلام الجليل، إسلام بلا مذاهب، قاعدته، الفطرة السليمة واستقامة السلوك وحسن النوايا، يعيد العقل النقدي قراءة أوراق الإمام الغزالي في فضيلة الحوار الخلاق بين المختلفين، ويلتقط معنى الدين والحرية من صحائف واصل بن عطاء والشيخ المستنير محسن كديور، إلى جوار كوكبة من النجوم الزاهرة في تراثنا العربي الإسلامي.. يقفون سوياً على خط الإنسان المؤمن بالتنزيل الحكيم وبجمالية الحياة وبحرية الإنسان، فيما يقف دعاة الفرقة ومنظرو الفتنة في الضفة الأخرى يحاولون بفتاواهم السود إطفاء أنوار العقل.. وها هو  الشيخ مصباح يزدي ملوحاً بمطرقة التكفير، جاعلاً من نظرية ولاية الفقيه السياسية، أصلاً سادساً من أصول الدين، لا يكف عن تكفير من لا يسلم بما جاء بها أو يحاول الاعتراض عليها.
ثنائية  الديني والمدني، اللاهوت الحوزوي في مقابل الناسوت الاكاديمي، المثاليات الميتافيزيائية تصطدم بواقعيات الزمان الصلبة، بنادق الحرس الثوري، والعقل النقدي.. الخلاف كان في البدء والمنتهى يتركز حول وطأة الأزمنة،  فتتناءى المناهج و تضطرب الرؤى، صراعات تكرس الماضي في صورة الحاضر، وحاضر ينتقل بلا روية إلى القرن الأول، فراراً من الواقع الأليم.. وآن قائم لكنه محاصر بفتاوى التحريم، والغد الذي بات ضرباً من الأحلام.. في عالمين يبدوان متباعدين، زاد من تنافرهما يوم أن قفزت الحوزة على السلطة، فجعلت من العمامة تاجاً للدولة لتغدو إرهاباً فكرياً ضد المفكرين والمثقفين وأصحاب الكلمة.. بعد أن أصبح الفقيه حاكما أبدياً أوحد، صاحب الأمر والنهي، المحتكر للسلطة الزمنية والحقيقة الإلهية، المدجج بسلاح فتاك من الفتاوى القاطعة..  
كانت الحرية في زحمة الصراع  الحوزوي الأكاديمي، هي الحلقة الذهبية الغائبة، لم يعد لها من أثر أو وجود في الحياة السياسية إلا في حوزة طبقة رجال الدين، وبين أوساط المحافظين بصفتهم أصحاب الحل والعقد، ولكي يكون مواطن ما حراً يجب عليه أولا أن يؤدي فرض الولاء والانتماء  لولاية الفقيه إيماناً وإحتساباً، عقيدة وسلوكاً، طائعاً لأوامر المرشد مطبقاً لوصاياه، ومن دون ذلك لن يتذوق ثمرة الحرية، أو يصيب نصيباً من الحقوق المدنية الأخرى.  
الصورة  الانطباعية  
الصورة الانطباعية المتبادلة في إيران بين رجل الدين والمثقف، الحوزوي والأكاديمي، تشبه إلى حد بعيد رسوم الكاريكتير، كل طرف منهما حاول سلفاً أن يصمم لخصمه شكلاً ساخراً أودع فيه ما يدخره من انطباعات ذميمة، فالمدني/ الأفندي/ المثقف يرى في رجل الدين السياسي صورة كائن مخاتل يختبئ وراء  نصوص من الحكمة البالغة والموعظة الحسنة، لكن عباءة الورع والتقوى، غالباً ما يسقط وقارها، عند أول فرصة دنيوية تتاح له في اقتناص  الطريدة. يتحول   على إثرها المتعبد قائم الليل، الزاهد في الدنيا، إلى منازعة الآخرين على الاسلاب والعنائم، وهذا ما حدث عشية ثورة 1979، فهو وحده لا غيره من استأثر لنفسه بنتائجها، لذلك يعتقد المثقف بأن رجل الدين اغتصب السلطة، وهو في رأيه نموذج السلطان المتجبر، الذي أعاد إنتاج الحاكم المستبد، المتسلط على رقاب رعاياه (الشعب) بإسم الدين وبقوة مركزه الروحي، فزعم أنه القائم بالأمر على شؤون الحياة بجميع مواردها الحاضرة وما وراءها، بحوزته مفاتيح الدنيا، والقابض على أسرار الآخرة، وأوهم بسطاء الناس وأوحى للكثيرين من الطيبين، أن من كراماته الربانية مايعين على رفع الآثام  وغفران الذنوب، وفي مقدوره أيضاً أن يمنح بركاته  لمن شاء، في مضاعفة الحسنات وإعلاء الدرجات، فيدخل الجنة هذا ويلقي بآخر في السعير.
أما صورة المثقف لدى رجل الدين السياسي، فإنه يأخذ عليه التدخل في الأمور الشرعية، والتطفل في أمور دينية لا تعنيه، نحو إقحام نفسه في المسائل الفقهية، بمعنى: إن المثقف حين يدعو إلى فصل الدين عن السياسة، فهو بذلك يدعو بوضوح إلى عدم تدخل الدين ورجالاته في السياسة، لكن المثقف نفسه يبيح لنفسه التدخل في الشؤون الدينية التي تعد من الأمور الفقهية الخاصة التي لا يستطيع المثقف فهم تفاصيلها كما هو الحال مع المختصين بها من علماء ورجال دين.
إن ظاهرة تدخل المثقفين بما لا يدخل ضمن اختصاصهم هو أمر غير صحيح  ولا ينم عن وعي تام بالوظائف المناطة بشرائح المجتمع ومكوناته، نعم هناك طبقة أطباء، وأخرى للكادر التعليمي ومثلها للعمال وأخرى للفلاحين، وغيرها، ترى هل يقبل المثقف للفلاح أن يتدخل بشؤون الثقافة وإدارتها؟.
لذلك من باب أولى أن يقبل المثقفون عدم التدخل في شؤون غيرهم، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالعلوم والفقهيات وما شابه، فالدين له رجاله المختصون به، يعرفون خفاياه وتفاصيله وتعاليمه واجتهاداته مما لا يعرفه المثقف لأنه خارج اختصاصه، ولهذا لا ينبغي له أن يحشر نفسه في أمور لا ينجح فيها بسبب عدم عائديتها له علميا، مثلما يطالب المثقفون رجال الدين خاصة بعدم التدخل في السياسة.
وقبل هذا وذاك، فالاكاديمي الإيراني، يمثل صورة المغترب عن التراث الروحي وعن ثقافة بلده، فالحرية التي ينادي بها طلبة الجامعة، حرية غربية مشوهة، لا تستقيم في معانيها ولا في مظاهرها مع فلسفة النظام، وهي النقيضة لعادات المجتمع وتقاليده.
وتستمر المساجلات بين الفريقين، المدني يحظر على رجل الدين التحدث في السياسة أو التدخل في الشأن العام، ويقصر دوره على الوعظ وإسداء النصح والإرشاد، وإن تجربة السلطة الدينية، عبر ثلاثة عقود من تاريخ إيران، قدمت برهاناً ساطعاً على دكتاتورية الطبقة اللاهوتية، ومنجزاتها كلها كانت مزيداً من الفقر والشقاء والظلم، وإن جميع ما لدى هذه السلطة المتجبرة هو حشد هائل من برامج فضفاضة أثبتت السنوات الثلاثون عقمها على كل مستوى وصعيد.
وقائع الصراع:
يقول المثقفون في معرض نقدهم السياسي اللاذع للسلطة الدينية إن (العمامة) التي لعبت أدواراً سياسية في تاريخ إيران السياسي كانت شراً مستطيراً ،  في معظم المواقف المصيرية التي واجهت البلاد. ويسرد المثقفون عددا من الوقائع التاريخية والراهنة من بينها ؛ 
1- الإنقسام الذي تسبب فيه رجال الدين  في صفوف الحركة الوطنية ونال من وحدتها ، حين إنفرط عقد الحوزة وإنشطرت مواقفها حيال الثورة الدستورية  (1905)  بين فريقين:
الفريق الأول مثل التيار الثيوقراطي المتشدد الذي طالب الحكومة القاجارية بإلغاء الدستور والانتقال الفوري من (المشروطة الدستورية) إلى (المشروعة الدينية) بعبارة أخرى: التحول من النظام السياسي المدني، إلى  الحكم الديني. وبهذا الموقف أحدث رجال الدين المتشددون شرخاً في جبهة المعارضة كاد أن يفضي إلى إفراغ  ثورة 1905 من مضامينها الديمقراطية، في وقت كان الدستور يعد من أعظم منجزات الشعب الإيراني في العقد الأول من القرن العشرين، وكان آية الله فضل الله نوري أعلن في رسالة له: (إن المشروطة والمساواة والحرية لا يجمعها جامع مع الإسلام، وإن على هؤلاء الحضرات أن يدركوا بأن المملكة الإسلامية سوف لا تدين بالمشروطة، لأنه من المحال أن يقر الإسلام بالمساواة). وتذرع منظرو المشروطة الشرعية  بدعوى أن "المشروطة الدستورية تعني عدم الاحترام للأمام الحسين!!"، وإن "كل من يلعن المشروطة مائة وسبعين مرة، فإن الله سوف يغفر له آثامه!!". وأفتى أحد المجتهدين في ذلك الزمان، ويدعى السيد علي السيستاني، بأن "المشروطة كفر والمشروطة طلب كافر، ماله يباح ودمه يهدر..".
وعلى النقيض من المنهج الثيوقراطي المتزمت في المرحلة الدستورية الملتهبة، كان الفريق الآخر من رجال الدين المتنورين أمثال آية الله التبريزي وآية الله أبادي وآية الله الخونساري البهبهاني والطباطبائي والنائیني وآخوند خراساني، الذين انضموا إلى جبهة الثوار المدنية، ودافعوا عن المشروطة. فآية الله العظمى الشيخ محمد حسين النائيني وقف ضد الاستبداد وخاصة الديني منه، وربط بين الاستبداد والجهل، وامتد هذا الجدل الساخن أيضاً إلى العراق وانقسم رجال الدين بين "المشروعة" وبين "المشروطة"، وكفر من كفر وأبعد من أبعد عن منابر المساجد بسبب مناصرته للمشروطة..
ومهما يكن من أمر فقد أفضى المطلب الحوزوي المتشدد تالياً إلى انفراط  وحدة المجتمع، وتفكك جبهة المعارضة، وتبعثر قواها بسبب تعدد الأمزجة والمنابر والاتجاهات، فانقلبت الصورة النضالية رأساً على عقب، وأفضى المتغير الحوزوي إلى دراما من الصراعات طويلة الأمد بين (المدنى) و(الديني)، وكان بداية التقاطع بين طرفى الحركة الوطنية، مما أدى إلى تفكك المواقف وتباعد الرؤى، ونال من وحدة الحركة الوطنية الديمقراطية المناوئة للأسرة القاجارية.  
 2- شكلت الخلافات الفقهية والسياسية حول الموقف من الثورة الدستورية ومن الديمقراطية عنواناً كبيراً بين  محورين: المتغير النسبي والثابت الوثوقي، بعبارة أخرى: بين العقلانية النقدية وبين المثالية المتعالية، وترتب على هذين الموقفين المتعارضين إعادة تنظيم واصطفاف القوى الوطنية الذي كان من أخطر نتائجه تأسيس أوليات الصراع الذي سيحتفظ بحراكه السياسي وتناقضاته الصارمة إلى أمد بعيد، وسيظهر مجدداً كأحدى العثرات التي وضعها الفريق الحوزوي المتزمت أمام الثورة المدنية عام  1953، بقيادة مصدق الذي أمم النفط الإيراني، ولإنجاز هذه المهمة الكبرى، كان على مصدق أن يتحالف مع القوى الوطنية كلها لمجابهة ضغوطات الشاه من الداخل وإنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية من الخارج.

الدكتور محمد مصدَّق
كانت إصلاحات مصدق الديمقراطية تضرب في الأساس الشمولي لحكم الشاه، كما أن تأميمه للنفط مثل ضربة كبيرة لمصالح إنجلترا وواشنطن. وعلى الرغم من الشعبية الطاغية التي كانت لمصدق بين الإيرانيين من الطبقات والشرائح الدنيا والمتوسطة تحديداً، فأن المؤسسة الدينية ناصبت الرجل الوطني العداء، بسبب إعلانه اعتزامه وضع خطة للإصلاح الزراعي وتحديد الملكية الزراعية لإعادة التوازن العادل إلى الخريطة الاجتماعية في إيران، وحشد مشروع التغيير عداء إنكليزياً وأمريكياً غير مسبوق للزعيم الإيراني وحكومته الوطنية، وأفتت المجموعة المتشددة من رجال الدين الإيرانيين بأن "مصدق معاد للإسلام والشريعة" بسبب سياسات الإصلاح الزراعي التي طبقها ولتحالفه مع كتل اليسار والليبراليين، وفي هذه اللحظة المصيرية من تاريخ الحركة الوطنية انسحب آية الله كاشاني عن التحالف مع مصدق فاتحاً الطريق أمام خصوم الزعيم في الداخل والخارج للنيل منه، وكان كاشاني رشح نفسه رئيساً للمجلس النيابي، واتهم كتلة مصدق بأنها تقف ضد توليه المنصب، في حين اتهمه أنصار مصدق بتهمة "بيع القضية الوطنية" لمصلحة الشاه، وبعد نجاح الانقلاب كان محمود ابن آية الله أبي القاسم كاشاني، ثاني الخطباء في الراديو الإيراني لتأييد الانقلاب على مصدق ومباركته!!.
3- بعد أن اختطف رجال الدين ثورة 1979 تجدد الصراع أيديولوجياً وسياسياً بين الحوزة والجامعة، وتعمقت الهوة بين الطرفين، وعبرت عن نفسها بأعلى مستويات الصدام وأشدها قوة، انتفاضة جامعة طهران في تموز- يوليو 1999، رفع الطلبة خلالها شعار الحد من دكتاتورية طبقة رجال الدين، وطالبوا أيضا بتمكين السيد محمد خاتمي (رئيس الجمهورية) من المضي في مشروعه الإصلاحي..
4-  عندما رفض الشارع الإيراني نتائج الانتخابات الرئاسية العاشرة 2009، شهر رجال الدين السلاح بوجه المدنيين الغاضبين بحجة الدفاع عن الثورة؟!!  في وقت كان الشعب  قد خرج بجميع شرائحه وطبقاته  احتجاجا على عدم شرعية الولاية الرئاسية الثانية لمحمود أحمدي نجاد، وإن النتائج  من وجهة  نظر الشارع مزورة وجرى تدبيرها سلفاً لحساب التيار اللاهوتي المحافظ، وطبقا لذلك قاد الشباب وطلبة الجامعات انتفاضة حزيران – يونيو 2009 تحت أعلام الثورة الخضراء، وكانت النتيجة تأجيج جبهة المواجهة بين التيار المدني الشعبي وبين السلطة الدينية المدججة بمليشيات حزب الله والباسيج وبنادق الحرس الثوري، وهي العلامة الفارقة الكبرى، بما تركته من شكوك وما خلفته من ضحايا بين جناحي الثورة المدني والديني، وألقت بظلالها القاسية على واقع  التجربة السياسية لولاية الفقيه ومستقبلها.
5- وبرز الصدام العنيف بين أبناء الثورة أنفسهم في حوادث فبراير عام 2011 - فبعد مرور أقل من سنتين على ثورة صيف 2009 الدامية، وبمناسبة الاحتفاء بالذكرى الثانية والثلاثين للثورة، نهض الطلبة مرة أخرى.. ولكن سرعان ما أجهض الحرس الثوري الحركة وسحق رؤوسها بكل قسوة، وصرح مكتب انتصار الوحدة الطلابي، بأن إجراءات الحكومة الوحشية ضد الحركة الاحتجاجية، وما رافقها من فتاوى تكفير المتظاهرين التي أطلقها مصباح يزدي، من شأن هذه الأساليب الفاشية، أن تغلق إلى الأبد  فرصة عودة الثورة إلى أبنائها، وهو ما يجعل جبهة النضال المدني تتسع في جميع أنحاء البلاد لتضم إليها الشعب الإيراني كله. ومن هنا فإن صدامات فبراير أفرزت تياراً جديداً مناهضاً لقيادة الفقيه يطالب بإنهاء الحكم الثيوقراطي.. ويسعى  إلى النضال السلمي من أجل قيام تجربة مدنية تحترم مواطنيها وتتعهد بتشريع دستور تكون كرامة الإنسان وحرية التعبير مادته القانونية الأولى..
موقف حكام الولاية:
لعل قادة الجمهورية الدينية أدركوا منذ البداية حجم المعضلة التي تواجه (التجربة) وأبعادها إذ حاول كل من خامنئي ورفسنجاني أن يضعوا علاجاً أو يجدوا منفذاً إزاء المأزق الذي يواجه –الدولة الدينية– إلا إن مساعيهم لم تزد عن (الوعظ والإرشاد)، وأحياناً اللجوء إلى استخدام عبارات التهديد حيال الجامعيين، الذين وصفوا بأنهم يسعون إلى التمرد على النظام الإلهي.
وصية الخميني:
كرس الخميني الكثير من خطبه لهذا الموضوع، إذ عدّ موضوع الفصل بين الجامعة والحوزة ـمؤامرة- ولم يكتف بذلك، بل آثر أن يخصص جزءاً من (وصيته) للحديث عن ضرورة وحدة المؤسستين، لكن (الكيد الشيطاني) حسب قول المرشد هو الذي يوقع العداء بين (طلائع الأمة المثقفة وبين علماء الأمة ودعاة رسالتها)..
وبهذا يكون الخميني اختزل (الصراع) بين الجامعة والحوزة، اختزالاً عجيباً، وبدل أن يحلل ماهيته، أو يصل الأسباب بمسبباتها، فإنه ألقى باللائمة على (الكيد الشيطاني)، وعد الأمر محض (فتنة) "حاول المستكبرون وأعداء الإسلام زرعها في كيان الأمة الواحدة"
(.. فان وصيتى إلى هذا الجيل والأجيال القادمة أن لا يغفلوا وليبرم الجامعيون والشباب الراشدون الأعزاء عقد المحبة والتفاهم مع الروحانيين وطلاب العلوم الإسلامية ولا يغفلوا عن الخطط والمؤامرات الشيطانية الغادرة وبمجرد أن يروا شخصاً أو أشخاصاً يبذرون النفاق بينهم - بقولهم وفعلهم - فليرشدوهم ولينصحوهم، وإن لم يؤثر ذلك، فليعرضوا عنهم ويعزلوهم، ولا يدعوا المؤامرة تمتد وتتجذر، فإن مصدر النبع يمكن التحكم فيه بسهولة وخصوصاً، إذا وجد بين الأساتذة شخص يريد إيجاد الانحراف.. فليرشدوه، وإن لم يستجب فليطردوه من بينهم ومن قاعة التدريس، وهذه التوصية موجهة بنسبة أكبر إلى الروحانيين وطلاب العلوم الدينية(.
يوم التآخي (وحدة الحوزة والجامعة):
1- اليوم الأول من ديسمبر يوم وحدة الحوزة والجامعة، وكان ذلك عقب نجاح الثورة بعام واحد تقريبًا، وألقى الخميني خطابًا في هذا اليوم 1 -12- 1980 أكد فيه ضرورة إزالة المخاوف الحوزوية، وأن تنهض بمسئولياتها الواقعية لأنْ تخرج المفكرين الملتزمين، وإنّ الجامعة التي تقرن الدراسات والبحوث بالتربية والالتزام قادرة على أن تقود الدولة والمجتمع نحو السعادة، والحوزات العلمية الملتزمة تستطيع أن تنقذ البلاد، فالعلم وحده لا نفع فيه، بل قد ينطوي على أضرار!".
2- أنشئ مركز بحوث الحوزة والجامعة عام 1982 بقرار من الخميني؛ حيث وجه إليه اهتمامه بصورة مباشرة، وكان اسمه آنذاك معهد بحوث الحوزة والجامعة (دفتر همـﮕاري حوزة ودانشـﮕاه).
والهدف الأساسي لإنشائه هو تحقيق المساهمة الفكرية والعلمية في مسألة أسلمة الجامعات، وذلك عن طريق تعاون علمي بين الحوزويين والجامعيين، وبدأ بخمسة أقسام أساسية للبحث والتأليف وهي: الاقتصاد وعلم الاجتماع والحقوق والعلوم السياسية وعلم النفس والعلوم التربوية.
3- ولتعزيز التقارب بين المؤسستين صدرت مجلة "حوزة ودانشـﮕاه" (الحوزة والجامعة) 1994، والتي تضمنت إشكالات العلاقة بين الحوزة والجامعة، وأبرز المحاور الخلافية، والجدل الدائر حول الوحدة والتقارب.
وصدر عن مركز بحوث الحوزة والجامعة عدة مؤلفات في هذا الميدان، وتم تأسيس أقسام أخرى هي: العلوم القرآنية والإدارة والتاريخ، وفي عام 1999 أصبح المجلس تحت رعاية القائد الأعلى (المرشد)، ومسئولية المجلس الأعلى لشورى الحوزة العلمية في قم ووزارة العلوم والبحث العلمي.
كما تم إضافة قسم آخر وهو قسم الفلسفة والكلام.
4- في عام 2003م تم تغيير اسم المعهد إلى "مؤسسه ﭙزوهشي حوزة ودانشـﮕاه" "مؤسسة بحوث الحوزة والجامعة"، وتم افتتاح قسمين آخرين هما: مركز بحوث العلوم الإنسانية والاجتماعية "مؤسسة ﭙزوهشي حوزة ودانشـﮕاه " "مؤسسة ﭙزوهشي حوزة ودانشـﮕاه"، ومركز بحوث الحكمة وتاريخ الأديان، كما أصدرت المؤسسة مجلة "التربية الإسلامية والبحوث الاقتصادية"، أما التقسيم الحالي للمؤسسة فيتضمن مراكز البحوث التالية:
- العلوم الاجتماعية والعلوم التربوية وعلم النفس.
- التاريخ والفلسفة والأديان.
- الاقتصاد والإدارة والحقوق.
5- على الرغم من المحاولات التي قامت بها الثورة الإسلامية والتي هدفت إلى إزالة الفجوة التاريخية بين الحوزويين والجامعيين وتحقيق قدر من التقارب بينهما إلا أن الواقع يؤكد لنا أن هذه الفجوة لا زالت موجودة، ولم يتم القضاء عليها بعد.
يتضح من خلال المشهد  الحوزوي والجامعي أن هناك اتجاهين أساسيين فيما يتعلق بمسألة تقارب التعليم الديني والمدني (الحوزة والجامعة):
الاتجاه الأول: يعارض هذه الدعوة ويمثله عدد من الجامعيين وأبرزهم عبد الكريم سروش، ويرى أنه ثمة متناقضات تحول دون تحقيق هذه الوحدة، أو التقارب وأهمها:
1- أنه لا يمكن نقد أسس العلوم الحوزوية، بينما العلوم الجامعية تقبل النقد.
2- استيلاء الحوزة على السلطة "ولاية الفقيه".
3- اختلاف خطاب التعليم في الحوزة عن خطاب التعليم في الجامعة.
4- اختلاف طبيعة المعرفة في الحوزة عن طبيعة المعرفة في الجامعة.
5- التباعد بين آليات ومنهجيات البحث في كل من الحوزة والجامعة.
6- تباين لغة التعليم في الحوزة عن الجامعة.
أما الاتجاه الثاني: فهو مؤيد لهذه الدعوة؛ لأنه هو الذي أطلقها، ويمثله علماء الحوزة العلمية، ويرون إمكانية تحقيق هذه الوحدة برغم التباينات بين الحوزة والجامعة؛ لأن "الوحدة لا تكون بين العلوم، وإنما بين الرؤى والأسس الفكرية، فالجامعيون الذين يدرسون العلوم التجريبية يؤمنون بسلسلة من المحاور العقائدية التي يمكن من خلالها إقامة الوحدة بين هاتين المؤسستين العلميتين.
7- أخذ الحوزويون منذ فترة الالتفات إلى ضرورة الحصول على درجات الماجستير والدكتوراه من الجامعة، وذلك للتمكن من الوجود في الجامعة بشكل رسمي أو بمعنى أدق يبعد شبهة المحاباة.
وكان من نتائج ذلك أن وجد الأستاذ "الحوزوي الجامعي" وهو بذلك يتفوق على قرينه الجامعي؛ لأنه حصَّل العلوم الدينية والدنيوية معًا، فهو إذًا يمتلك الحقيقة الدينية والعلمية؛ لذلك لا نجد غرابة في أن يتولى رئاسة أقدم وأكبر جامعة في إيران، وهي جامعة طهران، شخص معمم.
كما أن تفوق الأستاذ "الحوزوي الجامعي" ليس على المستوى النظري أو العلمي فحسب، بل إن ذلك أوجد طبقتين من الأساتذة داخل الجامعة:
الأولى: الأساتذة الحوزويون الجامعيون، الذين يحصلون على رعاية كاملة من النظام والمسئولين.
والطبقة الثانية: الأساتذة الجامعيون، وهم في المرتبة الأقل لدى النظام، من حيث الاهتمام والثقة.
8-  مسعى النظام إلى تحقيق الاندماج بين اللاهوت والناسوت–تعدى الاطار الاكاديمي  إلى الميادين المهنية ، فأنت تلحظ شخصية جديدة في المجتمع الإيراني مثل رجل الدين الصحفي، ورجل الدين المدير العام، ورجل الدين منفذ البرامج التليفزيونية ... وهكذا؛ مما ساعد في ترسيخ حالة الانفصال الموجودة في المجتمع.
الخاتمة:
 الخلافات القائمة بين الجامعة واللاهوت السياسي تحمل سببياتها الموضوعية والإنسانية أكثر من  كونها وجهات نظر ذاتية، أو أنها ملاسنات تعود الناس على سماعها من لدن الفريقين، إنها تشكل نسيجاً متواصلاً من الصراعات السياسية تحت ضغط نظام سياسي ذي بعد واحد، يحتكر الحقيقة والسلطة معاً، ولا يرى لاي طرف من خارج عالمه اللاهوتي الحق حزبا أو كيانا أو جماعة تشاركه في الحكم، رجل الدين سايكولوجياً موهوم بالوصاية على الآخرين، لذلك يتقلد الصفة الأبوية في إحكام سيطرته على المجتمع، فالشعب الذي جرد من حق اختيار شكل النظام ومن حق اختيار فلسفة الحكم، هو في شرح ولاية الفقيه وتفسيرها، كما الطفل الصغير  يحتاج إلى رعاية الفقيه، ومن هنا فإن التدافع  على المشاركة في السلطة أو في العملية السياسية من جهة القوى الأخرى، يعد من وجهة نظر رجل الدين السياسي تخط لحق الولي الفقيه، وهو بالضرورة تجاوز على  نيابته الإلهية والنبوية ولآل البيت النبوي، فالنيابة الدينية المطلقة لا مكان  لغير الروحاني في قيادتها وتولي أمرها ولذلك فإن القوى المدنية  لن تتوقف عن  مطالباتها.. وفي المقابل لن تتردد الطبقة الثيوقراطية الحاكمة عن فتح نيرانها في وجه كل من يحاول أن يفتح باباً أو نافذة للحرية في  حجرة اللاهوت المظلمة.  


الأحد، 27 نوفمبر 2011

العراق يرتدي السواد حداداً على صدام حسين


هم يقولونها بألسنتهم، لم أقلها أنا، يعلنوها على مواقعهم التي تملأ العالم الرقمي، يصورونها في قنواتهم التلفزيونية التي تملأ الفضاء..


تعالوا معنا لنرى كيف يرتدي العراق السواد حداداً على صدام حسين؟


موضوعان من القاهرة


في أدناه موضوعان مهمان، بعث لي بهما، على بريدي الإلكتروني، كاتبهما الأستاذ محمد سيف الدولة، وهم يعرضان لقضيتين مهمتين تشغلان مصر العربية حاليا، وقد رأيت ان نشرهما معاً مفيد خصوصاً ان مصر تتأهب لأول انتخابات حرة في تاريخها.


 

لو كان هناك برلمان!


محمد سيف الدولة
لو كان هناك برلمانا شعبيا منتخبا ، لكانت كثير من الأمور قد اختلفت :
كان سيتعامل مع الاعتصام الأخير فى التحرير تعاملا مختلفا يجنبنا به هذا العدوان الاجرامى ، ويحمى الشباب من اعتداءات الشرطة و يحمى أرواح الشهداء .  
كان يمكنه منذ اللحظة الأولى أن يصنع حائطا بشريا من النواب لحماية المتظاهرين
وكان سيستجوب وزير الداخلية وكل قادته المسئولين عن إصدار الأوامر بالاعتداء على المتظاهرين ، ويسحب منهم الثقة ويشكل لجنة برلمانية مستقلة للتحقيق وتقديم المسئولين للمحاكمة .
وكان سيسحب الثقة من الحكومة كلها ويسقطها فورا
وكان سيرغم المجلس العسكرى على تعيين حكومة إنقاذ  وطنى مقبولة من الجميع ، ويهدد بسحب الثقة من أى حكومة لا تتوفر فيها معايير الثورة  .
و كان سيحقق في طبيعة الأسلحة المستخدمة من قنابل مسيلة للدموع ورصاص مطاطي وسيارات مدرعة ، ومصادرها وتكاليفها المدفوعة من أموال دافعي الضرائب.
وسيتمكن بصفته رقيب على الميزانية من رفض اعتماد اى مبالغ لتصنيع أو استيراد كل أدوات قمع و أجهزة تعذيب .
وكان سيشكل لجنة برلمانية مستقلة لتقصى الحقائق فى أحداث ماسبيرو وتحديد المسئولين عن سقوط كل هذا العدد من القتلى .
ويصدر قوانين بناء دور العبادة وفقا لاحتياجات الجميع .
ويصدر قانون شهداء ومصابى الثورة والتعويضات المستحقة لهم ولأهاليهم ويحدد مواعيد واجراءت صرفها . 
وكان سيحقق فى موت سجين طرة تحت التعذيب ، وفى شهيد 6 أكتوبر ، وفى شهداء السفارة الإسرائيلية الثلاثة ، وكل شهداء الثورة منذ 25 يناير  .
وكان سيصدر قوانين تغلظ من عقوبات ضرب المواطنين و تعذيبهم .
ويصدر قانون العزل الأمنى لتطهير وزارة الداخلية من كل رجال النظام .
ويحقق فى ظاهرة البلطجية ومصادر تمويلهم وارتباطهم بأجهزة الأمن وما يشاع عن كشوف مرتباتهم فى وزارة الداخلية .
ويصدر قانون حظر محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية
وكان سيصدر قانون السلطة القضائية بما يحقق الاستقلال الكامل للقضاء مع توافق تام بين القضاة والمحامين .
وكان سيرفض اعتذار اسرائيل عن قتل جنودنا الشهداء على الحدود المصرية ويصر على سحب السفراء وتجميد العلاقات والمطالبة بتعويضات مناسبة أمام المحاكم الدولية المختصة ، ويلغى اتفاقيات تصدير الغاز لها ، ويقوم بإلغاء البرتوكول الخاص الذي يسمح للإسرائيليين بالتجوال فى سيناء 15 يوم بدون تأشيرة .
 وكان سيحاسب وزير الإعلام ورؤساء التلفزيون والصحف القومية على تضليلهم المستمر للراى العام .
ويصدر قوانين تحرر الإعلام من سيطرة الدولة ومن سيطرة رجال المال و الأعمال
ويصدر قوانين للعزل السياسي وحل الحزب الوطني وإلغاء المجالس المحلية بدون انتظار أى أحكام قضائية يمكن الطعن عليها .
وكان سيصدر قانون للأحزاب يخفف على الجميع شروط  التأسيس وأعباءه .
وكان سيرفض إصدار قانون التصالح مع رجال أعمال مبارك الذين نهبوا مصر ، ويجردهم من أموالهم التى يوظفونها لإجهاض الثورة
وكان سيرفض قرار الحكومة بالطعن على أحكام القضاء الادارى الخاصة ببطلان خصخصة شركات المراجل البخارية وعمر افتدى وطنطا للكتان .
ويشكل لجنة تقصى حقائق محايدة ونزيهة للتحقيق فى قضية مصنع موبكو فى دمياط .
ويصدر قوانين تحدد الحدود الدنيا والقصوى للأجور والدخول ، ويزيد الضرائب على رجال الأعمال ، ويزيد الدعم لصالح الفقراء .
و كان سيرفض الاقتراض من صندوق النقد والبنك الدوليين ويقف بالمرصاد لكل وزراء المالية الذين يخضعون فى النهاية لشروط المانحين .
ويحرر مصر من العبودية للمعونة الأمريكية وشروطها واختراقاتها.
ويصدر تشريعات تمنع وتجرم اى تمويل اجنبى للأحزاب السياسية ومنظمات مجتمع المدني ، ويوفر بدائل وطنية للتمويل من ميزانية الدولة .
وكان سيتعامل بعزة وكرامة وندية مع وفود الكونغرس التى تهبط علينا كل يوم كالجراد للتفتيش والاستجواب والضغط والاحتواء .
كان سيتمكن عبر نوابه من كل محافظات مصر ونواحيها ان يتعرف على المطالب الفئوية ويقوم بدراستها كحزمة واحدة ، ويضع خططا مدروسة لتلبيتها ، ويجنب الناس ذل السؤال وعناء التظاهرات والاعتصامات ، ويجنب البلاد أذى كثير .
كل هذا وغيره الكثير كان يمكن للبرلمان ان يفعله فى مواجهة سلطات المجلس العسكري .
***
فلنستميت لانتخاب أفضل برلمان شعبى توافقى ممكن ، كمهمة أولى ضرورية لاستلام السلطة كاملة ، مهمة تسير جنبا الى جنب مع ثلاث مهام لا تقل أهمية :
الأولى هي تشكيل حكومة إنقاذ وطني بصلاحيات كاملة .
والثانية هى تسليم السلطة كاملة الى رئيس منتخب .
والثالثة هى الإبقاء على قوة دفع الميدان فى حالة انعقاد دائم .
على أن ننتهى من كل ذلك فى مدة لا تزيد عن أربع الى ست شهور.
*****
....................

لماذا نرفض الجنزوري؟

 

محمد سيف الدولة
لأنه شغل مناصب وزارية في نظام مبارك لمدة 17 سنة من 1982 حتى 1999 أي أكثر من نصف مدة حكم النظام الذي نريد إسقاطه، فكان فيها وزيرا للتخطيط وللتعاون الدولي من 1982حتى 1996 ثم رئيسا للوزراء من 1996 حتى 1999
ولأنه حلف اليمين مرات عديدة أمام رئيس جمهورية غير شرعي جاء بانتخابات مزورة فى  1987و1993و1999
ولأنه كان وزيرا فى ظل أربع انتخابات برلمانية مزورة فى  1984 و1987 و1990 و1995
ولأنه كان وزيرا فى حكومات متعددة مستبدة تستأثر بالسلطة وتحول دون تداولها و تحكم المصريين بقانون الطوارئ وتكبل الحريات وتمنع حق تكوين الأحزاب وإصدار الصحف وحق التظاهر والإضراب.
ولأنه كان رئيسا لحكومة تنتهك فيها وزارة الداخلية وجهاز امن الدولة حريات المواطنين بالاعتقال والحبس والتعذيب .
ولأنه كان عضوا فى الحزب الوطني .
وكان جزء من نظام الفساد والنهب والاحتكار الثابت بتحقيقات النيابة العامة بعد الثورة .
وكان جزءا من نظام كامب ديفيد التابع تبعية كاملة للولايات المتحدة والصديق الحميم  لإسرائيل .
بل كان من أبرز بناة هذا النظام ومؤسسيه على امتداد أكثر من 15 عاما متصلة .
فكان شريكا أصيلا في عملية تفكيك الاقتصاد المصري برعاية الولايات المتحدة الأمريكية ومؤسساتها من صندوق النقد والبنك الدوليين ، وهو ما عرف بسياسات الإصلاح المالي والتكييف الهيكلي وما أسفر عنها من بيع شركات القطاع العام وتخفيض الدعم وزيادة نسبة الفقر وتمكين رؤوس الأموال الأجنبية ووكلاءها من رجال الأعمال من الهيمنة على مقدرات مصر وثروتها .
وسمح بحكم منصبه بتمكين هيئة المعونة الأمريكية من اختراق كافة الوزارات.
وكان وزيرا فى حكومة تحالفت مع الأمريكان فى احتلال الخليج عام 1991 ، وشاركت فى فرض الحصار على الشعب العراقي تمهيدا لاحتلاله ، مما تسبب فى ضرر بالغ للأمن القومى المصرى والعربى .
ووزيرا فى حكومة شاركت فى حصار المقاومة الفلسطينية منذ 1982 والضغط عليها لإلقاء سلاحها والتنازل عن أرض فلسطين التاريخية لإسرائيل .
لقد كان جزءا من كل ذلك ولم يستقل .
بل تمت إقالته فى احدى عمليات الإحلال والتجديد التقليدية التى دأب النظام على القيام بها كل حين .
وحتى بعد خروجه من الحكومة صمت صمتا مطبقا خوفا من بطش النظام ، و لم يكن فى حياته جزءا من أى حركة وطنية معارضة .
ولأنه على الأغلب سينتهج ذات السياسات لصالح المجلس العسكري أو أى نظام مستبد .
***
لكل ذلك وغيره فان الموقف الصحيح والبديهي لكل من يرغب فى حماية الثورة وإنقاذها من بقايا نظام مبارك، هو رفض وزارة الجنزورى الابن الأصيل لنظام مبارك.
رفضه ورفض كل من يماثله وفقا للمعايير المذكورة أعلاه.
*****

السبت، 26 نوفمبر 2011

أوراق إيرانية 2 / خيانة الأمل

في ثاني أوراقه الإيرانية، يعرض الأستاذ الدكتور عبدالستار الراوي الظروف التي رافقت صعود وانهيار نجم أول رئيس للجمهورية في إيران بعد العام 1979، أبو الحسن بني صدر، الذي انتهى به المطاف لاجئاً سياسياً في فرنسا، هارباً من جحيم نظام خميني الدموي، في العام 1981.
انها ورقة تاريخية جديرة بالاهتمام، تجدونها حصرياً على (وجهات نظر).




خيانة الامل
جمهورية بني صدر الاولى


الأحلام الكبرى للشعب بالحرية وبالغد الواعد وبالحياة العادلة، لإقامة المجتمع السعيد، التقى الجميع حول مقولات الثورة، وهتفت لها وأيدتها القوى الوطنية الإيرانية من اليمين إلى اليسار، باركها الإسلامي والماركسي والليبرالي والقومي تعبيراً واقعياً عن معاناة الجماهير الإيرانية وأمانيها، تلك الجماهير التي شقت الطريق بنفسها، وقادت عملية التغيير في الحادي عشر من فبراير 1979.. وتصدر المشهد آية الله العظمى السيد الخميني وإلى جواره الدكتور أبو الحسن بني صدر، الذي اتخذه الخميني ولداً، عادا معاً من باريس إلى أرض الوطن.. وحين أصبح الأول قائداً للثورة بعد أن توَّجه أنصاره ولياً مرشداً، فيما انتخب الثاني بإجماع الشعب رئيساً للبلاد، وعندما شرعا السير على خط المستقبل اتفقا على الحرية والحاكمية الشعبية.. ولكن بعد حين اختلفا: الخميني يبحث عن مملكة الله بقيادة رجل الدين، وبني صدر يسعى لإقامة مدينة الإنسان في ظل قوانين العقل والحرية.. فافترقا، بعد أن انقلب الأب الروحي على ولده.. ولم يكن بوسع بني صدر الذي هدر دمه اللاهوت.. إلا الفرار بجلده.. خوفاً من بطش النظام.. وأعلن أسفه على الثورة وعلى أيامها، وعلى صفحات كتابه (خيانة الأمل) افتض بني صدر أسرار الخميني التي كانت غائبة عن الإعلام الدولي كلياً، وأكد ذلك في لقائه المباشر مع قناة الجزيرة.. يقول الرئيس الإيراني الأسبق: يمكن إيجاز خيانة الأمل بالوقائع الخمس الآتية:
أولاً: الخديعة الكبرى المتمثلة بانقلاب الخميني على الوعد الذي قطعه وهو يعلن أمام العالم أثناء وجوده في باريس: "إن الولاية لجمهور الشعب''، وليس لرجال الدين، ومسودة الدستور الإيراني الأولى بقلم حبيبي كتبت على أساس أن الولاية لجمهور الشعب، وليس لحساب الفقيه.. نقض الخميني العهد وتجاهل الوعد، فأقام مملكته حسب هواه وعززها بدستور لاهوتي جعل من الفقيه إلها آخر.
ثانيا: مسرحية الرهائن:
يقول الرئيس الأسبق بني صدر، (بعد خطف الرهائن مباشرة ذهبت إلى لقاء الخميني وانتقدته على هذا التصرف السئ، وقلت له: كيف باستطاعتكم القول إن خطف بعض الأمريكيين كرهائن هو عمل أكبر من ثورة الشعب؟.. وقلت له أيضاً: ليس من الشجاعة أخذ سفارة في بلدكم وأخذ الأمريكيين كرهائن، الحجة كانت يومها احتجازهم بضعة أيام وعندما تسلمون شاه إيران نسلمكم الرهائن، كان هذا الاتفاق مع الأمريكيين، وقبلت ذلك يومها والتقيت يومها وزير الخارجية لذلك السبب، وبعدما أصبحت رئيسا جاءني أحدهم لزيارتي وأعطاني شريطاً مسجلاً، كان السيد بهشتي يتكلم مع المقربين له في الفيلم والقصة أن عملية الرهائن كانت موجهة ضد الرئيس بني صدر وضد الرئيس كارتر، ذهبت لإطلاع الخميني على ذلك وأخبرته عن قصة رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي عيَّنه وقد كان على حق بأن قضية الرهائن كانت لتقوية سلطة رجال الدين أكثر فأكثر لهذا السبب استخدموا الرهائن).
إن دراسات أمريكية حديثة تؤكد أن موضوع خطف الرهائن مسرحية أمريكية نفذت في إيران، حصل ذلك لخدمة مصالح الفريقين، الملالي في إيران، والحزب الجمهوري الامريكي.
والنتيجة كانت وصول الجمهوريين إلى السلطة، وقيل إن الخطة كانت من إعداد (هنري كيسنجر) ولم تكن بالتأكيد من إعداد الطلبة الثوار، لم نجد طالباً واحداً يحدثنا عن مخطط العملية حتى الآن!
ثالثا: الشيطان الأكبر: تم عقد العديد من اللقاءات السرية مع ممثلي الولايات المتحدة، وعهد إلى (رضا بسنديدة) وهو ابن شقيق الخميني، إجراء واحد من هذه اللقاءات في (مدريد) مع مسؤولين أمريكيين، ثم عاد إلى إيران وطلب مقابلة بني صدر، وقال له إنه كان في (مدريد) وطلب الأمريكيون لقاءه، وأعطوه اقتراحات. وقال لبني صدر: إذا قبلتها سوف يلبي (ريجان) جميع طلبات إيران بمجرد وصولهم إلى البيت الابيض!! 
رابعاً: فضيحة إيران غيت:  يقول بني صدر: (في اجتماع المجلس العسكري أعلمنا وزير الدفاع أننا بصدد شراء أسلحة من إسرائيل، عجباً كيف يعقل ذلك؟! سألته: من سمح لك بذلك؟ أجابني: الإمام الخميني: قلت: هذا مستحيل!! قال: إنني لا أجرؤ على عمل ذلك وحدي، سارعت للقاء الخميني، وسألته: هل سمحت بذلك؟ أجابني: نعم، إن الإسلام يسمح بذلك، وأضاف قائلاً: إن الحرب هي الحرب، صعقت لذلك صحيح أن الحرب هي الحرب، ولكن أعتقد أن حربنا نظيفة، الجهاد وهو أن تقنع الآخرين بوقف الحرب، والتوق إلى السلام، نعم، هذا الذي يجب عمله هو ليس الذهاب... ليس الذهاب إلى إسرائيل وشراء أسلحة منها لمحاربة العرب، لا، لن أرضى بذلك أبداً، حينها قال لي: إنك ضد الحرب وكان عليك أن تقودها لأنك في موقع الرئاسة).
خامسا: الحرب مع العراق:   يقول بني صدر:
 1 ـ (لقد أصبت بمرض على جبهة القتال لأنني لم أتحمل هذه الحرب الغبية، حاولت كثيرا إيقافها، والشاهد على ذلك أنه بعد مؤتمر عدم الانحياز كانت الحرب ستتوقف لأنني وافقت على مشروع لأربعة وزراء خارجية جاءوا إلى إيران بعد موافقة صدام حسين على ذلك ولكن رجال الدين في إيران كانوا يريدون استمرار الحرب).
2 ـ (بعد فشل مفاوضات ياسر عرفات مع صدام حسين،  كانت هناك محاولات أخرى لوقف الحرب منها ما قام به الدكتور موسى الموسوي أرسله صدام حسين،  قال لنا يومها مبعوث صدام: ها قد انتصرت الثورة الإسلامية وتخلصتم من الشاه دعونا نشيد السلام بين "العراق وإيران".. قلت للخميني: لنقبل اقتراحاته، لكنه رفض المفاوضات من أجل السلام، قائلا: لا إن نظام صدام حسين محكوم عليه بالسقوط، وسيسقط خلال ستة أشهر على الأكثر، ولكي نعفو عنه أرسل مبعوثه هذا)!!!.
كان الحسن بني صدر الذي أختير أول رئيس للجمهورية، حسب قول السيد الخميني، مفكر الثورة  وابنه الروحي المقرب.. وحينما حاول الخروج من تحت عباءة الإمام المرشد تم إسقاطه وهروبه إلى باريس إذ مازال يعيش في منفاه حتى الآن. ففي الثانى والعشرين من يونيو (1981) صدق الخمينى على قرار البرلمان الإيراني بعزل أبو الحسن بنى صدر من منصبه كرئيس للجمهورية، بدأت الحكاية في مظاهر التنافس الذى احتدم بين حزب الجمهورية الإسلامية الذى أحكم هيمنته بالكامل على المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وعلى أجهزة الإعلام، مستندا إلى قوة رجال الدين والمساجد والتنظيمات الدينية المسلحة، مثل الحرس الثوري  وحزب الله ـ وبين رئيس الجمهورية أبو الحسن بنى صدر، الذى عول بصفة أساس على دعم عدد من القوى والتيارات السياسية المعارضة لحزب الجمهورية، وخاصة منظمة مجاهدى خلق.. وبعض قطاعات من الجيش والجماهير الشعبية التي أيدته ومنحته صوتها في انتخابات الرئاسة، ومعتمداً على جريدته الثورة الإسلامية للترويج لأفكاره، ولقد ظل هذا التنافس يحتدم حيناً ويخبو حيناً آخر إلى أن شهدت العشرون يوماً الأولى من يونيو عام 1981 آخر موجاته وأكثرها ضراوة وهى التى انتهت بعزل بنى صدر من رئاسة الجمهورية فبعد هدنة قصيرة، عاد الصراع على السلطة في إيران، إلى احتدام السجالات بين الطرفين الديني والمدني، ومما عمق أسباب الخلاف وعمل لتصعيده رئيس مجلس القضاء الأعلى، آية الله الدكتور بهشتي، الطامح إلى رئاسة، ورفيقيه هاشمى رفسنجاني وعلي خامنئي الذين كانوا يعارضون بني صدر بشدة. وواجه بني صدر منذ البداية جواً مناهضاً له في البرلمان وفي الصحافة والوسط الديني، بحيث رفض البرلمان مرشحيه لمنصب رئيس الوزراء، وفرض عليه محمد علي رجائي، المحسوب على التيار الديني. كما أن بني صدر كان يواجه أزمة بعد أزمة يومياً، ولكنه كان لمدة طويلة وخلال الـ15 شهراً التي حكم فيها يحظى بثقة الخميني ودعمه،  لكنه ضاق بمنهجه الليبرالي المستقل  وبملاحظاته النقدية على رجال الدين وتذمره الدائم من  تدخلهم في سياسة الدولة، لهذه الاسباب وما قبلها  قرر الخميني (الإستغناء عن بني صدر) بعد أن كان بمثابة  إبنه الروحي، وكثيرا ما أشاد بموهبته في إدارة  عجلة الحرب .. لكنه تناسى ذلك كله ، بعد أن بات يشكل خطرا على مستقبل ولاية الفقيه،  وقد آزره على قراره  رغبة رجال الدين أنفسهم ، فوجه مساعديه وأنصاره  على طرح مشروع عدم كفاءة وأهلية بني صدر في البرلمان. هكذا تم عزل أول رئيس جمهورية لإيران الذي يعيش اليوم لاجئاً سياسياً في باريس .
 وكان الخميني قد مهد لقراره عبر تصريحه الغاضب الذي أدلى به في  27 مايو 1981 وهو يلقي باللائمة على بني صدر، الذى كان يشكو من حكومة رجائي التي  سلبته سلطاته، فقد حذر الخميني: (أن كل من يحاول اكتساب سلطات أكثر مما يخوله له الدستور، سوف يفقد تأييده ـ و ـ أن الذين يوجهون الانتقادات إلى الحكومة، يجب أن يعودوا إلى أوروبا أو الولايات المتحدة، أو أى مكان آخر يريدون التوجه إليه)..
فيما جاء رد فعل بني صدر على كلمة الخميني عكسياً، إذ ألقى خطاباً في القاعدة الجوية بشيراز قال فيه: (سوف أواصل الدفاع عن حرية البلاد  واستقلالها، على الرغم من تصاعد الهجوم علي من رجال الدين والتهديدات المستمرة بمحاكمتي)، لم ينشر هذا الخطاب سوى صحيفة  ميزان ـ
الليبرالية، في حين امتنعت وسائل الإعلام الأخرى عن الإشارة إليه ومنذ ذلك الحين، بدأت عملية حصار بني صدر وتضييق الخناق عليه، إذ انتهت المرحلة الأولى من هذا الحصار، بإقصائه عن منصب القائد العام للقوات المسلحة، لتبدأ مرحلة ثانية وأخيرة، انتهت بإقصائه عن رئاسة الجمهورية
في المرحلة الأولى: توالت خطوات عدة متتابعة:
ففي الأول من يونيو وجهت لجنة التحكيم الثلاثية (التى كان منوطاً بها بحث الخلاف بين بنى صدر وخصومه) الاتهام الرسمى للرئيس ـ بالعمل لنشر الانقسام السياسى داخل البلاد ـ وسجلت اللجنة على بني صدر، مخالفات دستورية صريحة عدة تتعارض مع توجيهات الأمام الخمينى، وفي حين ذكرت اللجنة أن صحيفة الثورة الإسلامية الناطقة باسم بنى صدر، تضم مقالات وتصريحات لا تنسجم مع النظام القائم، فأنها نفت أن يكون بنى صدر تعرض لأية حملات غير قانونية ـ ـ وكانت الخطوة التالية هى إلقاء السلطات الإيرانية القبض على (ما نوتشر مسعودي) أحد مساعدى بنى صدر، بتهم عديدة، مثل تهريب الأموال والأشخاص واستغلال النفوذ، وتقاضي رشاوى، وإطلاق سراح بعض المسجونين السياسيين من أعداء الثورة، وعندما رفض بني صدر الموافقة على ترشيحات رئيس الوزراء رجائى بشغل بعض المناصب الوزارية الشاغرة، شغل رجائي أحدها من دون الموافقة الرسمية لبني صدر. وفي السابع من يونيو، أصدرت محكمة الثورة في طهران، قراراً بإغلاق صحفيتي ـ الثورة الإسلامية ـ الناطقة باسم بنى صدر وميزان الليبرالية الناطقة باسم رئيس الوزراء السابق بازركان، وأربع صحف ومجلات أخرى لأجل غير مسمى، بذريعة نشر مقالات ساعدت على خلق جو من التوتر وعدم احترام تعليمات الأمام الخميني، التى تدعو إلى تجنب تدهور الموقف في إيران، وصاحب هذا القرار خروج مظاهرات ضخمة قام بها عشرات الآلاف من (حراس الثورة) ومليشيا حزب الله وقوات التعبئة، رددوا خلالها شعارات معادية لبنى صدر (من دون ذكر اسمه)ـ كما حملوا لافتات  كتب عليها (الموت لمن يعادى بهشتى) زعيم حزب الجمهورية الإسلامية ورئيس الجهاز القضائى، وأحد خصوم بنى صدر الرئيسين ويمكن القول أن رد الفعل الذى أبداه بنى صدر إزاء هذه التطورات كلها، وخاصة إغلاق صحفيته، ساعد على إعطاء المسوغ للعناصر المتشددة، بل للخمينى نفسه، لتطويق بني صدر بإخماد صوته الإعلامي، فبادر بني صدر في الرد على إجراء المرشد بإصدار بيان شديد اللهجة خاطب فيه الشعب الإيراني، مؤكداً عدم شرعية قرار تعطيل الصحيفة، وأعلن: ها أنذا ألبي نداءكم الذى تناشدونني فيه الصمود، وسأعمل لأن تصلكم رسائلى بالسبل كافة، بما في ذلك أجهزة التسجيل والمنشورات.. إن الشىء المهم ليس تصفية رئيس الجمهورية، وإنما هو أن وحش القمع والاستبداد ما يزال يريد الهيمنة عليكم).. أثارت نبرة بني صدر التعبوية المفعمة بالتحدي مشاعر الغضب لدى صاحب الأمر، فجاء رد الفعل سريعاً وعاصفاً، سجلته ذاكرة اليوم التالي، إذ شهدت العاصمة أعمال عنف مسلح انقسم فيها المتظاهرون إلى معسكرين: بين مؤيدي الرئيس بنى صدر وبين الجماعات الموالية للفقيه إذ اشتبك المتظاهرون في قلب طهران بالسلاح الأبيض وبالرصاص عند هذا الحد، أعلن الخمينى  بحزم قاطع (أنه لن يتردد في أن يقطع أيدى من تسول له نفسه الأضرار بمصالح الشعب الإيرانى والجمهورية الإسلامية)، وكانت هذه الكلمات بمنزلة الضوء الأخضر أمام مليشيات الفقيه، بعد أن وضع الخميني في دائرة الإتهام، بعد مرور أقل من أربع وعشرين ساعة، أصدر الخمينى  قراره بإقصاء الرئيس بنى صدر من منصب القائد العام للقوات المسلحة، وهو المنصب الذى عين فيه فيما بعد الجنرال (ولي الله فلاحي) رئيس الأركان العامة للجيش، وكان عزل بنى صدر من منصبه هذا في الحقيقة هو الخطوة التى مهدت للمرحلة الأخيرة والنهائية في حصاره، وانتهت بعزله من الرئاسة. وكما قال بنى صدر في ذلك الحين إن المرحلة النهائية من الانقلاب التدريجي الذى أعده الفقيه، يأخذ طريقه الآن نحو التنفيذ بهدف إقالته من منصب الرئاسة واغتياله ـ ولذلك لم يكن غريباً أن يختفي بني صدر فعلياً منذ إقصائه من منصب القائد العام الجيش، وأخذت المعركة شكل هجوم من جانب واحد فلوح بهشتي بـ(أن بنى صدر قد يقدم للمحاكمة لانتهاكه الدستور) واجتاحت جماعات مليشيات حزب الله  شوارع طهران، مطالبة بإعدام بني صدر، ثم فرضت قوات الحرس الإسلامى حصاراً محكماً حول مقر الرئاسة وفي الوقت الذى بدأت فيه إجراءات البرلمان ضد بنى صدر، شنت السلطات حملة واسعة النطاق للبحث عن الرئيس، وبيدو أن السماح لأحد أنصار بني صدر بإلقاء بيان صادر عنه في جلسة البرلمان في يونيو1981، دعا فيه إلى مقاومة الطغيان، ثم دعوة الخمينى لبني صدر بالتوجه إلى الإذاعة والتليفزيون لإعلان التوبة!! كشرط لعودة المياه إلى مجاريها، كان الدافع الحقيقي هو إغراء بني صدر للخروج من مكمنه بغية إلقاء القبض عليه على الظهور، هذه الخيوط كلها التي نسجت دراما إسقاط بني صدر، بدأت من اللحظة التي قرر فيها بني صدر استخدام صلاحياته الدستورية كرئيس حقيقي وليس دمية بين أيدي رجال الدين، أن أن يكون مجرد   رئيس فخري لإيران.. في ظل هذه الأجواء المتوترة.. قاد هاشمي رافسنجاني جلسة عاصفة لمجلس الشورى (البرلمان) ليعلن في ختامها، (إن بنى صدر يتعين عليه أن يعد نفسه لمواجهة الاتهامات التى أقرها المجلس بأغلبية 145 نائباً من بين 183 نائباً حضروا الجلسة)، كما وافق البرلمان في الجلسة نفسها على قانون يحدد إجراءات عزل رئيس الدولة.. ثم أصدر المدعى العام الإيرانى من فوره أوامره إلى سلطات الأمن، بمنع بني صدر من مغادرة البلاد، معلنا أن الرئيس ـ مفقود ـ  وأن الحكومة والقضاء الإيرانيين، لا يعلمان شيئاً عن مكانه ووسط الشائعات التى أخذت تنتشر في إيران عن مكان الرئيس، أو الجهات التى هرب إليها ـ اتهمت أغلبية النواب الإيرانيين، بني صدر بأنه يتحمل مسؤولية المصاعب كلها التى تعرضت لها إيران، بما في ذلك عدم جاهزية الجيش في حربه مع العراق، والمتاعب الاقتصادية، والثورة المضادة وردد الكثيرون ـ أن بني صدر، جاسوس  للمخابرات الأمريكية يجب ألا يهرب.
وفي يوم الأحد 21 يونيو 1981 وافق البرلمان الإيراني  بأغلبية 177 صوتاً ضد صوت واحد، وامتناع 12 عن التصويت ـ على قرار  عدم صلاحية بني صدر السياسية لرئاسة الجمهورية  للرئيس بنى صدر. فيما أصدر النائب العام  قرارا يقضي بالقبض على بنى صدر.
 وفي اليوم التالى ـ 22  يونيو ـ صدق السيد الخمينى على قرار العزل، وحاول في الوقت نفسه أن ينال من شخصية بنى صدر والحط من شأنه، فزعم، أنه لم يكن يفكر إلا في نفسه، وليس في الإسلام ـ ـ وأنه  يفتقر إلى الحكمة السياسية!!
أدرك بني صدر أن الموت الأحمر يترصده، والخميني سيسعى في إثره حياً وميتاً، فآثر أن يختفي عن الأنظار، وبقي مختبئاً لمدة ستة أسابيع، وفي 10 يوليو 1981 قام بحلق شاربه وارتدى الزي الرسمي للقوات الجوية الإيرانية وركب على متن طائرة بوينج 707 يقودها الطيـّار العقيد بهزاد موعضي، وسلكت الطائرة طريقاً محاذياً للحدود التركية قبل أن تتجه نحو المجال الجوي التركي إذ أن الطائرات الإيرانية لا يمكن أن تطاردها، ثم طار أبو الحسن بني الصدر من تركيا إلى كاتشان في فرنسا برفقة مسعود رجوي، رئيس منظمة مجاهدي خلق.
وفي الأيام التي تلت هروب بني صدر خارج البلاد، زج في السجون بالمئات من أنصار بني صدر، وجرى في الفترة نفسها إعدام عدد من أصحابه المقرّبين، ومنهم، (حسين نواب، رشيد صدر الحفاظي، منوشهر مسعودي). وكان آية الله العظمى حسين علي المنتظري هو واحد من القلائل في الحكومة الذين دعموا أبو الحسن بني صدر، وكيفما كان فإن حسين علي المنتظري تم تجـريده من سلطته في وقت لاحق وفرضت عليه الإقامة الجبرية لسنوات طويلة وبقي تحت الرقابة الأمنية حتى الموت.
وهكذا انتهت قصة بنى صدر، وعزل من جانب أولئك الذين تحالف معهم، وعمل تحت قيادتهم، ورفع  شعاراتهم، وقبل دستورهم، وقد انتهت قصته لأنه تصور أنه بإمكانه ـ وقد أصبح رئيساً للجمهورية أن ينفذ بقوة مركزه الدستوري معادلة الإسلام والحرية.. وأن يقيم دولة الحقوق العادلة، ولكن رجال الدين لم يكونوا من الضعف أو الغفلة ليقبلوا بمشروعه الذي يجردهم من سلاحهم اللاهوتي، ولم يكن هو من القوة أو النباهة  ليفرض عليهم ذلك.
مرحلة جديدة: تتبلور فيها القوة اللاهوتية المتجبرة، في مداومة الإقصاء والتهميش لكل صوت يخرج على مملكة الفقيه، فبعد أن ذهب بنى صدر ـ أو (السرطان) ـ الذى تخلصت منه إيران على حد قول رافسنجانى رئيس البرلمان الإيراني آنذاك. منذ تلك اللحظة التي أطيح بها بالرئيس الشرعي للبلاد، أحكم رجال الدين زمام الحكم، ولم يعد من منافس للطبقة الأولى التي تتربع على هرم السلطة المقدسة، أصبحوا مطلقي التصرف في شؤون إيران، وإعادة ترتيب أوضاعها، وتولي مجلس الرئاسة المؤقت ـ(والذى تكون من محمد رجائى رئيس الوزراء، وآية الله بهشتى وزير العدل وهاشمى رافسنجانى رئيس البرلمان)ـ مهمة إدارة شؤون البلاد، لحين انتخاب الرئيس الجديد، وفي الوقت الذى كان يجرى فيه الإعداد لانتخابات الرئاسة أسرع رجال الدين لملء المناصب الشاغرة في الحكومة والقوات المسلحة بأنصارهم الموثوق فيهم وأسفرت انتخابات الرئاسة التى أجريت في 4 يوليو 1981 ـ عن فوز محمد على رجائى.
 بدأت بهذا القرار مرحلة جديدة في الثورة الإيرانية، مرحلة تنفرد فيها القيادات الدينية المتشددة بحكم إيران، مستبعدة من المشاركة في السلطة، ليس فقط القوى اليسارية والليبرالية التى أسهمت في الثورة، وإنما أيضا العناصر المدنية المستنيرة كافة التى قبلت بسيطرة رجال الدين، وعملت تحت عباءتهم. وإذا كان تاريخ الثورات يسجل دائماً هذه الحقيقة أي تحول قوى الثورة، بمجرد نجاحها في إسقاط النظام القديم، إلى صراع بيني بين فصائلها ومراكزها القيادية  صراعاً قد يفوق في ضراوته الصراع مع النظام القديم من أجل وراثة الثورة، والفوز بنصيب الأسد من ثمار نجاحها مع تكرار هذه الحقيقة، فإن مدلول ذلك الصراع ومغزاه بالنسبة لكل ثورة، هو دائما مدلول شديد الخصوصية، يعكس فلسفة  الثورة وتفردها، ومثلما يصعب أن نجد مشابهات لها  ـ تتعدى الإطار الشكلى ـ بين تلك السلسلة الطويلة من الصراعات، منذ الصراع بين الجيروند واليعاقبة أيام الثورة الفرنسية، أو بين البلشفيك والمنشفيك في الثورة السوفيتية، فإن الصعوبة تصدق أيضاً على الثورة الإيرانية التى يمتلك فيها الصراع على السلطة الآن، خصائص فريدة ومثيرة، وفي ضوء حقيقة أن إقصاء بنى صدر عن السلطة في إيران، يمثل تحولاً درامياً في مسار هذا الصراع،.. ولن تكون صفحة بني صدر التي طوتها الخمينية من كتاب الثورة سوى صفحة واحدة من صفحات ستعمل حاكمية السيد خامنئي بالنوازع الدكتاتورية ذاتها على طيها أيضا..



الدكتور عبدالستار الراوي

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..