موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأحد، 31 مارس 2013

لمناسبة مرور 10 سنوات على الجريمة الأميركية في العراق


عرفته قبل أكثر من 22 عاماً، جمعنا مبنى واحد كنا نعمل فيه معاً، أنا في صحيفة (الجمهورية) وهو في (هاوكاري) لطالما تلاقينا وتمازحنا وتحادثنا، وقد عرفته عراقياً مخلصاً وصحفياً دؤوباً حريصاً على عمله، وفياً لتربة العراق الواحد من الفاو حتى ذرى دهوك.
انه عبدالله عباس، الكاتب الصحفي العراقي الرائع، الذي لم يعرف الا العراق وطناً، بعيداً عن كل الخرائط العنصرية والتسميات الشوفينية، يكتب عن الجريمة الأميركية في العراق في ذكراها العاشرة.

لمناسبة مرور 10 سنوات على الجريمة الأميركية في العراق



عبدالله عباس
بمنطق المثل العراقي (هل النخبة التي تدير أمـريكا لا تموت لأنها لا تستحي)؟!
تذكرت القول الخالد للإمام علي، كرم الله وجهه، [حين سكت أهل الحق عن الباطل، توهَّم أهل  الباطل أنهم على الحق] وأنا أطالع كتاب (الدور الأمريكي في بناء الشعوب من ألمانيا إلى العراق) وفي (تمهيد) الكتاب إيضاح يقول [ يحتوي هذا التقرير على أفضل نتائج دراسة أجريت بشأن أحسن التجارب في بناء الشعوب .....!!] ويضيف [ كان الهدف من إجراء هذا العمل الوثائقي هنا ، هو تحليل واستخلاص أفضل تجارب خبرات الولايات المتحدة في بناء الشعوب من فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية .....إلخ ].
وأغرب سطر في الكتاب للتأكيد على غرور النخبة الأمريكية في عالم فرضوا عليه سطوتهم بشراسة ووحشية، وبحجج باطلة، يظهر في قول معدي الكتاب (التقرير) [ .... والآن من الواضح ، أن بناء الشعوب هي مسؤولية لا مفر منها للقوة العظمى الأوحد في العالم ، فمتى ما تم تقبّل هذا التعريف ، يمكن للولايات المتحدة أن تعمل الكثير من أجل تجهيز نفسها بأفضل صورة ممكنة لقيادة مثل هذه المهام ...!؟] والشعوب التي تتباهى بتقرير أن لأمريكا دور في بنائها هم الشعوب  (ألمانيا ، اليابان ، الصومال ، هاييتي ، البوسنة ، كوسوفو ، أفغانستان ، وأخيراً العراق ) الذي أقل ما يقال أن أمريكا كذابة ، ولم تعمل شيء لبنائها ، بل عملت كثيراً لإذلالها.
هذا الشعب وبلده لا يزال تحت رحمة البند السابع ، الذي وضعها محررها تحت طائلتها منذ تسعينات القرن الماضي ! وعندما تقرأ تاريخ حضارة اليابان ترى أنها تعود إلى 560 ق . م وتَكَوّن نظام مركزي فيها على أساس حضاري بَنّاء عام 220 ق . م ، ولكن عندما وصلتها يد ( حضارة الدمار الأمريكي ) في الحرب العالمية الثانية ، من خلال سلسلة هجمات جوية مكثفة ، دمرت قوات أمريكية ما مساحته 16 ميلاً مربعاً من طوكيو ، بإسقاط القنابل الحارقة ، وقتلت 100 ألف شخص في يوم واحد ، وشرّدت مليون نسمة ، وتعرّضت أثناء الحرب حوالي 64 مدينة يابانية للقنابل ، وألقت قنبلتين نوويتين فوق مدينتي هيروشيما وناكازاكي ، وبعد هذه المجازر قال الرئيس الأمريكي هاري ترومان ، وهو يكنّ في ضميره الثقافة الأمريكية متباهياً بهذه الجريمة ( العالم الآن في متناول أيدينا ) .
وضمن قائمة بالتهم الموجهة للقوات الأمريكية بارتكاب جرائم حرب ، هناك وثيقة تؤكد أن هذه القوات اغتصبت النساء بعد معركة أوكيناوا باليابان سنة 1945 . وهناك 1336 حالة اغتصاب تم التبليغ عنها في العشرة أيام الأولى لاحتلال ولاية كاناجاوا بعد استسلام اليابانيين فيها .
إن من له وعي ثقافي أو سياسي حتى في حده المتواضع ، إضافة إلى ضمير حي في تقييم الأحداث ، عندما يقرأ أكاذيب وتقليب حقائق تصرفات كل القوات الأمريكية التي قاتلت خارج الأراضي الأمريكية ، فلابد أنه يشك بكثير من كتب وتوثيق أحداث العالم المعاصر ، وأنه من الحق أن لايرى فيها إلا محاولات الأقوياء الوحوش ليسجلوا ما يعملو من أجل الهيمنة ، كأنهم هم من يهبوا الحياة للبشرية على الأرض !
لا نقول شيئاً جديداً أن من يقرأ حقيقة ظهور ( النخبة المتنفذة الأمريكية ) المعروفة بـ ( الولايات المتحدة الأمريكية ) التي أسس بنيانها على جماجم ملايين الهنود الحمر ، يصل عددهم في بعض الإحصائيات إلى أكثر من 100 مليون ، وهم السكان الأصليون لأمريكا ، وبعدها أصدرت النخبة المتنفذة ، قراراً بتقديم مكافأة مقدارها 40 جنيهاً ، مقابل كل فروة مسلوخة من رأس هندي أحمر ، و40 جنيهاً مقابل أسر كل واحد منهم ، وبعد 15 عاماً ، ارتفعت المكافأة إلى 100 جنيه ، و50 جنيه مقابل فروة رأس امرأة أو فروة رأس طفل ، وأصدرت بعد ذلك قانوناً بإزاحة الهنود من أماكنهم إلى غربي الولايات المتحدة ؛ وذلك لإعطاء أراضيهم للمهاجرين ، وهُجّر إلى المناطق الجديدة أكثر من 70 ألف هندي ، فمات كثير منهم في الطريق الشاق الطويل ، وعرفت هذه الرحلة تاريخياً : برحلة الدموع ، وفي عام 1763م أمر قائد أمريكي برمي بطانيات كانت تستخدم في مصحات علاج الجدري إلى الهنود الحمر ؛ بهدف نشر المرض بينهم ، مما أدى إلى انتشار الوباء الذي نتج عنه موت الملايين ، ونتج عن ذلك شبه فناء للسكان الأصليين في القارة الأمريكية ، فكانت هذه الحادثة هي أول وأكبر استخدام لأسلحة الدمار الشامل ضد الهنود الحمر ، وفي إحدى المعارك قتلت أمريكا فيها خلال ثلاثة أيام فقط 45 ألفاً من الأفريقيين السود.
قديماً قيل ( فاقد الشيء لا يعطيه ) ، إن النخبة الطامعة في الكسب من خلال الدم والهدم ضمن حدود انطلاقها ( وهذه النخبة في أمريكا تَكَوّنت منذ ذلكَ التأريخ من ثلاث مؤسسات : العسكرية والسياسية والشركات الكبرى ) لا يمكن أن يخرج خارج حدود نشأتها إلا لتوسيع أطماعها من خلال الهيمنة ، ولا يمكن أن تكون قوة البناء للآخرين ! 


أدعو القارئ الكريم بأي مستوى من الفهم السياسي أن يتأمل في الصورة أعلاه ، وهي صورة التقطت الأيام الأولى للاحتلال الأمريكي للعراق ، رجل أعزل مع طفله ألقي القبض عليه – قوة تحرير العراق المسلح بأفتك السلاح وأمام طلقة منهم لا يساوي هذا المسكين قوة ذبابة !! ولكن انظروا كيفية تعاملهم معه بهذه الصورة الوحشية ، والتي تعبر الصورة عنها ، ولا داعي لأي تعليق ، إذاً كيف يخدعنا أصحاب تقرير ( الدور الأمريكي في بناء الشعوب من ألمانيا إلى العراق ) أنهم جاءوا إلى العراق من أجل البناء ؟ ونخبة الشر الأمريكي قبل أن تطلق يد قواتها الوحشية لتبدأ التعامل الوحشي المباشر مع العراقيين - كما يظهر في الصورة - حيث تعرف العالم أنها بدأت بالتخطيط لتحطيم العراق وإذلال العراقيين منذ تسعينات القرن الماضي ، عن طريق العقوبات الاقتصادية والتي شملت حتى حبة الأسبرين ، وبذلك دمرت المجتمع العراقي ، وعن طريق الاحتلال المباشر دمرت الدولة عقب 2003 ، وفي حرب الخليج الثانية ضد العراق ، لقد قُتل أكثر من مليون طفل عراقي ، بسبب قصف الطائرات الأمريكية للعراق ، وأصيب الآلاف من الأطفال الرضّع في العراق بالعمى لقلة الأنسولين ، وهبط متوسط عمر العراقيين 20 سنة للرجال ، و11 سنة للنساء ، بسبب الحصار والقصف الأمريكي ، وأكثر من نصف مليون حالة وفاة بالقتل الإشعاعي ، والآن وبعد مرور 10 سنوات على بدء (المحررين الأمريكيين !!) ببناء العراق حسب ادعاء التقرير المذكور ليس نحن العراقيين ، بل التقارير الدولية المحايدة تعترف نصاً ( ...أن كثيراً من العراقيين الذين التقاهم يقولون : أن محطات الكهرباء التي قصفها ‏الأميركيون في استهدافهم مرافق البنية التحية عام 1991 تم إصلاحها بسرعة باستخدام موارد عراقية ‏فقط ، واليوم ورغم توفر الأموال ، وعدم وجود مقاطعة خارجية وعقوبات ، نرى أن الحكومة التي ترتبط بالإدارة الأمريكية باتفاقيات إستراتيجية طويلة الأمد تعجز عن توفير ‏الكهرباء المطلوبة ) وبعد مرور 10 سنوات على ( مبادرة النخبة الأمريكية ) ليكون الشعب العراق ضمن الشعوب التي تدعي هذه النخبة ( لا تخجل من الكذب ) من هذا النوع الثقيل الذي يتحدث عنه في تقرير ( الدور الأمريكي في بناء الشعوب من ألمانيا إلى العراق ! ) ليس نحن العراقيين بل مصادر معلوماتية دولية رزينة تتحدث عن دلائل ملموسة عن كذب هكذا ادعاءات ( جهد الإدارة الأمريكية في بناء الشعوب ) ولابد أن العالم اطلع على تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الذي أكد أن ناتج الاحتلال الأمريكي في العراق بعد 10 سنوات لم يجن العراقيون منه سوى نظامين سياسي وعدلي "ملعونين" وإرث من الإدارة الأمريكية "يسمح للأجهزة الأمنية والمسؤولين بارتكاب جرائم وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان من دون محاسبة"، وبيّنت أن بعد هذه السنين ما موجود في العراق هي مؤسسات "ضعيفة وفاسدة" غير قادرة على تحقيق العدالة للمواطنين.
أما مصادر المعلوماتية من بريطانيا وكما جاءت في صحيفة الغارديان ، والتي كانت حكومتها عام 2003 حليف وشريك جريمة تخريب ( وليس بناء العراق ) وأيضاً لمناسبة مرور 10 سنوات على تلك الجريمة أكدوا أن عامة البريطانيين اقنتعوا لفترة في بداية الحرب بأن التدخل العسكري في العراق ضروري ، لكن بحلول عام 2007 أصبح نحو 83 % من البريطانيين يعتقدون أنهم خدعوا ، وأنه قد تم استبدال كارثة بأخرى ، ونصف البريطانيين الآن يعتقدون أن حرب العراق دمرت سمعة بلادهم .
أما تباهي التقرير الأمريكي عن دوره في بناء الشعوب ألمانيا واليابان فهي كذبة من نوع لا تخجل من ممارسته كل ما هو قبيح وقذر .
إن النهوض الذي بدأه اليابانيون والألمانيون بعد الحرب يعود لعراقة هذين الشعبين ولا فضل لمجرمي الأمريكيين الذين  قتلوا منهم الآلاف ودمروا بلدانهم، أما ما يخص العراق، فإن النخبة المتنفذة في الإدارة الأمريكية احتلته من أجل تحطيمه ، بل بدأ بذلك وبشكل مخطط ومدروس بإعداد كثير من مستلزماتها؛ لعدم نهوض العراق والعراقيين يجري كل ذلك والنخبة الشريرة التي تدير أمريكا لا تخجل من نشر تقرير مليء بالكذب، لماذا ؟ لأنها مع الأسف تعرف أنها زرعت بذراً في عصر تنهار فيه كثير من القيم أمام تبرج عصر الحضارة الكونكريتية الخالية من الروحية الإنسانية، وتستسلم وبسهولة لماديات الحياة، وفي الظاهر أن هؤلاء ضامنين أنه عصر ( سكوت أهل الحق إلى حد أن من حطم العراق وأغرق شعبه في جحيم المحاصصة والطائفية و الفئوية والمناطقية ، وسلم البلد بيد طوابير من المفسدين ، وأن صقر حرب تدمير العراق دونالد رامسفيلد أشرف بنفسه على تأسيس ميليشيات ذات طابع طائفي والتي لا يزال لها اليد الطولى في نشر الفوضى في العراق ) والآن يتباهى من عمل كل هذا الباطل وكأنه على الحق (ولا حول ولا قوةَ  إلا بالله) .

ملاحظة:
نشر المقال هنا.

المالكي منع انهيار العراق!


سلام الشماع
لولا دولة القانون لانهار العراق..

ولولا دولة القانون لفقد العراق تماسكه ووحدته..
في عهد دولة القانون شهد العراق وضعاً أمنياً لم يسبق له مثيل وجميع الوفيات في عهد المالكي كانت أسبابها طبيعية
.
من الذي استطاع أن يوفر الخدمات غير دولة القانون؟
من الذي استطاع أن يعيد للعراق الكرامة والسيادة والعزة والكهرباء غير دولة القانون؟


وجميعنا يذكر العهد "الدكتاتوري الصدامي البعثي التكفيري الإرهابي" وكيف كان لا يعطينا الحصة التموينية، وكيف أن المتفجرات والمفخخات كانت تخرج إلى الشوارع بأمر صدام حسين لتقتل العراقيين في الشوارع، وكانت في كل يوم وفي كل بيت عراقي صوائح ونوائح، وكانت المعتقلات ملأى بالعراقيين لأسباب طائفية، ولم يشهد العراق تخريباً، كما شهده في "عهد البعثيين الظلمة"، ولم يبن "البعثيون" طابوقة واحدة، وكان العراقيون يستجدون في الشوارع. أما الفساد المالي والأخلاقي والإداري فحدث ولا حرج، وجميعنا يذكر مليارات الدولارات التي اختفت بين ليلة وضحاها، كما نذكر صفقة الأسلحة الروسية الفاسدة، ونذكر الطائفية التي قضت عليها دولة القانون، ونذكر استقواء صدام بالأجنبي على أبناء شعبه، ونذكر كيف أعطى صدام أم قصر للكويتيين والفكة للإيرانيين، ونذكر كيف سلخ العراق من محيطه العربي، ونذكر كيف كان يعتقل المواطنين بذريعة 4 ارهاب، ونذكر خطابه الطائفي المقيت، ونذكر كيف قال يوما "ما ننطيها"، كما لن ننسى ميليشياته التي فتكت بالعراقيين.
أيها العراقيون اذكروا دائماً أن دولة القانون منعت انهيار العراق، وأنها وضعت البطاقة التموينية وأغنتها بما لذ وطاب، وأنها وفرت لكم الكهرباء وجعلت من العراق آية مبهرة في التطور والتقدم أصبحت فرنسا واليابان والسويد وبقية الدول التي كانت متقدمة عاجزة عن الوصول إلى مستوى العراق
!!
تذكروا البراعة التي استطاع بها المالكي تحريك المياه الراكدة وجعل العراق ينطلق مثل الصاروخ ليتربع على قمة دول العالم في الازدهار واحترام حقوق الانسان وإشباع الجائعين وتوفير مستلزمات الحياة الحرة الكريمة للعراقيين
..
تذكروا ذلك جيداً فمن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق
.
وصفقوا للمالكي الذي منع انهيار العراق وحافظ على وحدته وتماسكه بالقضاء على الطائفية، والذي سيعلمكم الديمقراطية حتى إذا اضطر إلى قتلكم أجمعين أكتعين أبصعين
.
وألف ألف تحية لناشطي محافظة ذي قار الذين قرروا إنشاء "بنك الكذب" لجمع أكاذيب المسؤولين ومواعيدهم العرقوبية وتصريحاتهم الخادعة
.



تسقيط العراق اجتماعياً عبر بوابة المجتمع المدني

أحمد دلي
تعمل الولايات المتحدة الأمريكية والمنظمات والهيئات التابعة لها والتي تموّل مباشرة من الكونغرس الأمريكي وبعض المنظمات التابعة إلى الأمم المتحدة لخدمة سياستها خاصة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
هذه المنظمات تعمل وتزداد وبشكل مخيف وهي متعددة المصادر والتمويل، والغريب في الأمر إنها تنتحلُ صفة مدنية إلا إنها في الحقيقة جاءت ليست لأغراض المجتمع المدني, بل لأغراض سياسية واقتصادية ترويجية، لا بل حتى دينية.

 فهنالك مثلاً منظمات تروّج للتبشير المسيحي القادم من "روما" وهنالك منظمات مرتبطة من حيث التمويل بالكنسيت الاسرائيلي وكثيرٌ من المنظمات والجمعيات التي لا تعد ولا تحصى.
رند رحيم فرانكي
ومن ضمن هذه المنظمات التي تعمل وبفاعلية الآن في العراق هو المعهد العراقي (1),هذا المعهد الذي أنشأ في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1991م ليبدأ بذلك  عهداً جديداً ووفق الإستراتيجية الأمريكية المعد لها  مسبقاً (الحرب على العراق) المعهد أسس على إنه مؤسسة مجتمع مدني دولية تعنى بالشأن العراقي وكان من  بوادر مؤسسيه هي رند رحيم فرانكي(2) وهي سيدة عراقية غادرت العراق في أعقاب العام 1965م لتتجه إلى بريطانيا لإكمال دراستها، بعدها اتجهت إلى الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1981م لتتزوج اليهودي "فرانكي" وتصبح بذلك أحد السماسرة الجدد للإدارة الأمريكية وأحد أذنابها التي تتأرجح عليها سياسياتهم.
فرانكي أسست هذا المعهد ليحل كمؤسسة دولية هذه المؤسسة من أهم أهدافها هو التسقيط المجتمعي وكذلك الدعوة للانفصال خاصة في الجنوب وتصوروا حتى هويات العمل للمنتسبين في هذا المعهد يكتب عليها إقليم الجنوب أو إقليم  الشمال أو الوسط, وللمعهد برامج كثيرة وإستراتيجية منها:
تعزيز الديمقراطية لفترة ما  بعد الانتخابات، وكذلك  عمل مخيمات  صيفية يتواجد فيها الجنسان (حصراً شباب الجامعات) وهم يؤكدون على وجود الجنسين في الدورة التدريبية، وبعد تخرج  الشباب من الدورة يرفعون أيديهم إلى السماء مشكلين بذلك علامة الماسونية الصهيونية، ولكن ما فات الشباب أنهم لم ينتبهوا لها إلا واحداَ اعترض عليها وكان مصيرهُ الطرد, وتأتي هذه الأعمال في وقتً تغض الحكومة العراقية النظر عن هذه المؤسسات المشبوهة وتطارد الأحرار والمتظاهرين في عموم البلاد.

www.iraqfoundation.org (1)

موقع المعهد على شبكة المعلومات الدولية
 (2)رند رحيم فرانكي: سفيرة العراق في الولايات المتحدة بعد الحرب على العراق 2003م .

ملاحظة من الناشر:
لتفاصيل وافية للغاية حول هذا الموضوع، يرجى الضغط هنا.


الأمة تريد الخدمة والإيرانيون لا يوافقون!


ضرغام الدباغ 
 الاعتصام الشعبي يتسع أكثر فأكثر، وتنظم قطاعات عراقية جديدة ليصبح حراكاً شعبياً، صدى الاحتجاجات يأخذ مداه في الساحتين العربية والدولية بل وتلقى التفهم لها، المؤشرات تتجمع في المنطقة، وبالمقابل لا تحرك جدي ينبئ عن تفهم الحكومة للاحتجاجات، الكتل السياسية دون استثناء عبرت عن تفهمها للموقف الشعبي، إلا الحكومة ما زالت عاجزة عن إدراك المرحلة التاريخية ومستلزماتها. فمؤشرات اليوم تدل عن استياء، واحتجاج، يتحول بمرور الأيام إلى غضب، تتعدى حدوده محافظة معينة، كما هي ليست محصورة في طيف أو شريحة معينة.


قائمة المطالب تتسع وتطول، واليوم يتحدث نواب وشخصيات وفعاليات عامة علناً عن فساد بمليارات الدولارات،  واختفاء أموال عامة، ومشاريع، وهناك حديث مدعم وموثق عن عجز الحكومة مواجهة ملفات مهمة، البعض منها سيادي وله تداعياته القانونية، إذن فالمهمات كبيرة مقابل قدرات متواضعة على مواجهتها، وتلك مؤشرات سلبية بالطبع.
إذا كانت مطلب المحتجين عادلة ومحقة، وهذا باعتراف جهات ومؤسسات سياسية داخلية وخارجية، فلماذا تتجاهل الحكومة تلك المطالب، وقد غاب عن بالها أن فرص التصعيد متوفرة، بحكم اتساع الساحات، واتساع حركات الاحتجاج، فالحكمة تستدعي توجهاُ جدياً مخلصاً، فالمناورة ومحاولات الالتفاف تفقد المصداقية وتدفع تطور الموقف إلى زوايا صعبة، وليس من الخطأ الاحتكام إلى صندوق الانتخابات، واحترام إرادة الشعب ونتائج الخيارات الديمقراطية، لا الالتفاف عليها.
تمر المنطقة العربية بمرحلة دقيقة وبالغة الحساسية، فالاحتلال الأمريكي للعراق خلف آثاراً وخيمة، تخلخل من جرائها التوازن وتعرض الأمن الإقليمي لدول كثيرة لعناصر ضعف وتهديد عديدة، وإزاء هذه المخاطر التي تتناول سيادة البلدان وأمنها الاقتصادي، مالذي ينبغي أن تفعله أية حكومة ولاسيما في العراق الذي يقع في بؤرة التهديدات والمخاطر، الأمر الذي يستلزم رؤية ذات زاوية للنهوض بمهمات هذه المرحلة البالغة الصعوبة.
وأولى تلك المهمات أن تسعى الحكومة للابتعاد عن كل ما يثير الحساسيات، والهواجس لدى مكونات وطنية من فئات اجتماعية أو توجهات سياسية، واختطاط سياسة وطنية تعمل على استبعاد عناصر الخلاف والفرقة، والتأكيد على عناصر اللقاء والعمل المشترك، وإشاعة ظروف الثقة والاطمئنان، وإتاحة الفرصة لأوسع قدر من الناس للاندغام في العملية السياسية والاجتماعية، واحتمال السلطات الحكومية الآراء التي تنطوي على مخالفة لأرائها، وغيرها كثير من مبادرات وفعاليات ترمي في نهاية المطاف عدم دفع المواطن إلى زاوية الشك بالسلطات وغاياتها، وتبقي الجسور سليمة مع السلطات الحكومية، وبالتالي تحصن المواطن من اللجوء إلى مناهضة الدولة لعدم ثقته وإيمانه بها، مما يسهل لجوء المواطن إلى أساليب ربما تنطوي على تطرف، أو تعصب، لأنه لا يجد في السلطة أي تفهم أو تطمين لهواجسه، وفقدان الثقة حالة ليست عاطفية، بل هي حالة عقلانية يساهم فيها الطرفان، السلطة، والأفراد، ولكن نصيب السلطة أكبر بحكم امتلاكها للقوة التنفيذية والإجرائية. 

وليست هناك قوة بوسعها أن تخرج عشرات أو مئات الألوف من المواطنين إلى الشارع، والساحات للتظاهر أو الاعتصام أو للتعبير عن الاستياء والغضب، بوسائل التلفيق، فهذا يخالف المنطق والعقل، فلا يعرض الإنسان حريته وكرامته أو حياته مقابل حفنة من الدراهم الرخيصة حيال احتمالات الخسائر، لذلك فمن الأفضل للسلطات الحكومية مواجهة الأمر الواقع، ودراسة الموقف ووضع حلول مقبولة ملموسة، وابتداء توفير أجواء الثقة.
وفي العراق يتراجع  الموقف بدرجات متسارعة، وتعرض مكوناته الأساسية للتفكك بفعل أرادات أجنبية، التي تسعى لتكريس مصالحها، أما المصالح الوطنية العراقية، فهي متناقضة مع المواقف الأجنبية، وليس هناك نتيجة محتملة سوى حتمية المزيد من الضعف والتدهور في العراق، وبالتالي فإن المطلب العاجل يتمثل بحكومة وحدة وطنية، وإلغاء الطائفية قواعد وممارسات يجري العمل بها وهي من أسباب تمزق المجتمع العراقي.
يبدو لنا بكل بساطة أن برنامجاً كهذا هو بحاجة إلى عمل سياسي كبير، لن لا تجدي معه الحلول السطحية، ولا الوساطات الأجنبية، فنحن بمواجهة أزمة عميقة نجمت عن فقدان ثقة، وعن شعور عميق بالظلم والتهميش، وهذا لن تحله تطمينات وتصريحات ولا لجان، سواء الشخصية منها أو اللجان الحكومية الروتينية، فالثغرة في العراق اليوم كبيرة ولا يقومها إلا جهد عراقي سياسي شامل، ورؤية عميقة إلى قلب الأزمة العراقية التي طالت واستطالت منذ نيف وعشرة أعوام من التدهور المتواصل.
ينبغي إعادة النظر فيما تأسس بعد الاحتلال. نعم هذا هو المطلوب إن شئنا التحدث بصراحة، من أجل التوصل لحلول حقيقية لأزمة كبيرة مستحكمة لا يتم عبر علاجات سطحية، ولابد من إدراك أن صبر العراقيون قد نفذ، ولا تجوز المراهنة سوى على الحكمة والحرص والإرادة المخلصة على أن لا تطال ألسنة اللهب أرجاء العراق، ولنتمكن جميعاً ـن نعيش في وطن هو ملك الجميع دون أدنى ريب، وليست لمن بيده البندقية ومفاتيح السجون.
ليعلم كل العراقيون أنهم سيكونون غرباء وأجانب  إذا لم يتشبثوا بأرضهم، فقد خبروا وتيقنوا سطوة الأجنبي بصرف النظر عن جنسيته، ولون عينيه، كل محتل هو غاصب ومغتصب ولا يريد لبلادنا وشعبنا الخير، الرهان على فرقة العراقيين هو رهان أجنبي خبيث. ولماذا تصل أنظمتنا إلى الحلول متأخرة، بل متأخرة جداً، وبعد خسائر ربما لا داع لها. هل الأمر كله يعود أن القرار الوطني العراقي يطبق في بغداد ولكنه لا يتخذ فيها ..؟
كيف استولت إيران على قرارنا بدون أن تطلق رصاصة واحدة ..!

بعد خراب البصرة!


أحمد صبري
توالت تصريحات بعض رموز الحرب على العراق في ادارة الرئيس الامريكي السابق بوش الابن والمسؤولين عن ملف التفتيش الدولي عن اسلحة العراق متزامنة مع الذكرى العاشرة لغزوه.
واجمع هؤلاء على ان الادارة الامريكية ارتكبت اخطاء فادحة بغزوها للعراق باستنادها الى معلومات اثبتت الوقائع، بعد احتلاله، زيفها.


وما يؤكد ماذهبنا اليه الشهادة المثيرة التي ادلى بها مهندس الحرب على العراق نائب وزير الدفاع الأميركي الأسبق بول وولفوفتز الذي اعترف  بارتكاب إدارة جورج دبليو بوش أخطاءا فادحةً تسببت في جر العراق إلى دائرة العنف "ظلت تتفاقم حتى أصبحت خارج نطاق السيطرة".
وقال وولفوفتز لصحيفة صنداي تايمز البريطانية: إن أكبر الأخطاء التي ارتكبتها إدارة بوش.هي حل الجيش العراقي ووصفه بالعمل الأخرق، مؤكدا إن من الأخطاء الكبيرة  ايضا عدم توقع  انطلاق المقاومة ضد الاحتلال.

ونحن نستعرض هذه الشهادات من المناسب ان نبرز حجم الكارثة التي لحقت  بالعراقين بعد احتلال بلادهم، وبلسان من تسببوا في ذلك او الذين كانوا جزءاً من الجوقة المطبلة للحرب، فحاكم العراق السابق، بول بريمر، يقر بارتكاب أخطاء استراتيجية كبرى عقب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة واطاح بالرئيس صدام حسين، وقال بريمر، في مقابلة مع صحيفة 'اندبندنت' إن "الأخطاء العسكرية الاستراتيجية عرقلت وعلى نحو خطير جهوده لاحتواء المقاومة".
وخلص الى القول: إن "فشل السياسات الاميركية والبريطانية في العراق اعطى فرصة لايران لتوسيع نفوذها واستئناف برنامجها النووي دون خشية من التداعيات الخطيرة جراء شعورها بأن الولايات المتحدة كانت في حالة من الفوضى في العراق".

من جانبه اعترف هانز بليكس، رئيس فريق التفتيش الدولي عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، بعدم وجود اسلحة محظورة بالعراق، وقال: "بعد عشر سنوات من الحرب على العراق أسأل نفسي مجدداً عن أسباب حدوث هذا الخطأ الفظيع، والمخالفة الصريحة لميثاق الأمم المتحدة".. مضيفا "كان الهدف من الحرب تحويل العراق إلى قاعدة صديقة، تسمح للقوات الأمريكية بالتدخل في إيران، وقت الحاجة، ولكنها بدلاً من ذلك منحت إيران حليفاً جديداً في بغداد". 
وشاركه الرأي مدير عام وكالة الطاقة الذرية الدولية محمد البرادعي بالتاكيد على خلو العراق من اسلحة الدمار الشامل واصفا غزو العراق بالخطا الجسيم، في معرض تقيمه لمهمته في كتابه الموسوم/سنوات الخداع/.
وفي سياق متصل عبر وزير الخارجية الامريكية الاسبق كولن باون في وقت سابق عن ندمه وخجله عن شهادته امام مجلس الامن عشية غزو العراق التي كانت برأيه غير صحيحة واستندت الى معلومات مفبركة.
ومايعزز ماذهب اليه باولن الشهادة الاكثر اثارة في حرب العرق كانت على لسان جورج تنت رئيس الاستخبارات الامريكية في عهد بوش الابن الذي فند، في كتابه/ في قلب العاصفة/، مبررات صقور حرب العراق واعتبر غزو العراق مغامرة كلفت سمعة ومصداقية بلاده.
هذه الشهادات والاعترافات الخطيرة كشفت حماقة ادارة بوش الابن وزيف مبرراتها لغزو العراق التي استندت على معلومات مفبركة ومضللة  كشفها  بعض اركان ادارته، ادت الى فشل المشروع الامريكي بالعراق، ودفع ثمنها العراقيون الذين مازالوا يعانون من الكارثة التي حلت ببلادهم بعد عشر سنوات على وقوعها.
ونختم، ان شهادات واعترافات بعض صقور حرب العراق أو الذين كلفوا بالبحث عن اسلحة الدمار الشامل المزعومة لاتكفي لانها جاءت/ بعد خراب البصرة / كما يقولون، وان ماتعرض له العراق ارضا وشعبا بفعل غزوه يستدعي ملاحقة من تسبب في شن الحرب عليه والمطالبة بالتعويض وكذلك الاعتذار للعراقيين من جراء مالحق بهم من تدمير ممنهج طال المجتمع برمته.

أفيون المثقف العربي ببغداد


هيفاء زنكنة
كتب إلي احد الادباء العرب ممن حضروا فعاليات ' بغداد عاصمة الثقافة العربية' عن صدمته لحضور المهرجان، قائلا: 'هل حدث ودعيت مرة الى أمسية أدبية او عرضا مسرحيا وقررت الحضور، لأسباب قد يكون من بينها حصولك على التذكرة مجانا او انك تعرفين صاحب الدعوة وتحاولين ارضاءه او تعرفين احد المشاركين بالفعالية كصديق او قريب ولا تريدين ان تخسريه؟


لقد قبلت الدعوة، بعد الحاح، لأنني تلقيتها من صديق اقنعني بان قبولي الدعوة هو دعم للمثقفين العراقيين. وحضرت. فما الذي رأيته؟ كنا نتحرك وكأننا في منطقة نائية عن الناس، محصنة ضدهم . هل راينا بغداد وأهلها؟ 
وحضرنا بعض فعالياتها واصغينا الى خطب مسؤوليها. فهل هذا هو حال الثقافة فيها؟ ولأوضح. لأعطيك مثالا فعاليات الاختتام، يوم 25 مارس/ آذار. حالما بدأت الفعاليات بجلوس طفل، يرتدي الدشداشة والعقال، وضعت امامه، في مقدمة خشبة المسرح، فناجين القهوة، وما تلاها من دخول عدد من البنات والاولاد، يرتدون الملابس التقليدية المقسمة حسب نظام المحاصصة الحكومى، صارخين، قافزين، حاملين للعلم، وهم يدبكون باداء يليق بروضة للاطفال ( ولأنهم اطفالا) ولفترة خلتها دهرا، حتى ادركت حجم الورطة التي ورطت فيها نفسي، وباختياري. كان علي، اما ان أغادر المكان بسرعة لئلا يفضحني خجلي من العرض او من نفسي لحضوري في مكان تهان فيه الثقافة او ان ابقى في مكاني مطأطأ الرأس لا أرى ولا اسمع ولا انطق.
وهذا ما اخترته. حاولت، بين وبين نفسي، ان أجد الاعذار للمنظمين، لضحالة ما تم تقديمه ومستواه الغث. ولكنني فشلت. فاموال العراق كثيرة والقدرات البشرية العراقية مشهود لها تاريخيا. فلم كانت ايام الثقافة مثل بركة ضحلة؟ هل هذا هو افضل ما هو موجود لدى المنظمين؟ ما هو فهمهم للثقافة؟ هل هذا هو ما يمثل، حقا، ' الثقافة العراقية ' وبالتالي ' الثقافة العربية' التي تم اختيار بغداد عاصمة لها، وهي التي تستحق، برأيي، ما هو اكثر من ذلك؟'. 
كنت على وشك ان اقول للاديب العربي: ألم اقل لك؟ غير انني تمالكت نفسي، محاولة فهم موقف كل من حضر ايام الثقافة العربية ببغداد من ادباء وفنانين وعموم المثقفين ( يقال بان عددهم وصل 300 ). فبالاضافة الى الاسئلة التقليدية حول دور المثقف المجتمعي والفكري والانساني خاصة اثناء مرور الامة في ازمة او نزاع او حرب او احتلال، هناك تساؤلات، عامة، يطرحها كل مثقف على نفسه قبل ان ينغمر في خضم نشاط ما، حول طبيعة النشاط واهميته ومن الذي يدعمه. والمثقف في البلاد العربية، منذ فترات الاستعمار وحروب التحرير وحتى اليوم في مرحلة ما بعد الكولونيالية، بحاجة الى النظر في كل هذه التساؤلات قبل الشروع بعمل ما، التي يجدها البعض مقيدة لحريته وابداعه فضلا عن رغبة السلطات الحاكمة بالهيمنة على الثقافة وتسيير المثقف وفقا لايديولوجيتها خشية استقلاليته وخروجه عن قوالبها المتحجرة. في ظروف كهذه، ما الذي يجعل بعض المثقفين يمتلكون الجرأة والشجاعة على اتخاذ موقف صريح لا لبس فيه بجانب شعوبهم بينما يلوك آخرون عبارات غامضة لا يمكن تمييز الغث فيها من السمين؟ اعتقد ان امتلاك المثقف للبوصلة الاخلاقية فضلا عن الوعي النقدي هما اساس الفهم الحقيقي لدوره، خاصة في اوقات الأزمات وسيادة الطغيان وظلام العقول. 
أفترض، من باب حسن النية وتجنب اطلاق حكم مسبق، ان مثقفي ' عاصمة الثقافة العربية'، بفنانيهم وادبائهم، من عرب وعراقيين، قد خامرتهم بعض التساؤلات المذكورة اعلاه، ان لم يكن كلها . ولا بد ان عددا منهم قد قرأ مانشره الشاعر العراقي المعروف سعدي يوسف مخاطبا المدعوين الى المهرجان ' ارقصوا في دم العراقيين المراق'، واصفا يوم حضورهم بانه : ' هو يوم سقوط بغداد تحت سُرُفاتِ دبّاباتٍ أميركية تقطع الجسر المهيب على دجلة/ هو يوم جزمة الجنديّ الأميركيّ على رقبة العراقيّ/
هو يوم قُتِلَ مليون عراقيّ/ هو يوم الهيروشيمات الثلاثة العراقية'. متسائلا: ' ماذا ستقولون لأنفسكم أيها المثقفون العرب المدعوّون؟'. 
يبدو انهم قالوا لأنفسهم، كما قال لي الاديب العربي، بحضورنا ' سندعم المثقفين العراقيين'. أو ' بحضورنا يمكننا أن ندعم ثقافة التعددية والاعتدال والتنوير في البلاد'، كما نشر أحد الكتاب داعيا الى عدم مقاطعة المهرجان. لن أكرر هنا اسباب مقاطعة الكثير من المواطنين العراقيين، ولن اقول المثقفين فقط، لما اراده نظام حزب الدعوة تبييضا لوجهه الظلامي وشرعنة لفتحه بوابات بغداد للغزاة، فقد لخص سعدي يوسف بابياته الاربعة حجم الجريمة الهمجية التي تعاون النظام الحاكم، صاحب المهرجان، على الحاقها بالعراقيين ولايزال يستمرئ بطائفيته وفساده الحاقها. ولكنني اريد طرح بعض الاسئلة البسيطة على اولئك الـ300 مثقف من الحاضرين. بربكم، كيف دعمتم المثقفين العراقيين بحضوركم؟ هل قاطع احدكم نوري المالكي، رئيس الوزراء وأمين عام حزب الدعوة ووزير الداخلية وووو...، حين كذب قائلا : ' وانتعشت حركة الثقافة، بعد أن تخلصت من النظام الديكتاتورى السابق، حيث لا يوجد لدينا سجين بسبب رأى ونعمل على جعل وزارة الثقافة وزارة سيادية'. عن اية ثقافة منتعشة يتحدث و60 بالمئة من مثقفي العراق هربوا الى المنفى منذ عام 2003، باعتراف وكيل الوزارة الاقدم سابقا؟ أية ثقافة ووزير الثقافة هو وزير الدفاع، الوزارة التي باتت رائحة فسادها تزكم الانوف لكثرة عقودها الوهمية وعمولات قومسياراتها؟ هل تحداه احد المثقفين ' التنويريين' قائلا بان عدم وجود سجين رأي سببه الاغتيال المنهجي والتهجير القسري وليس حرية الرأي! وهل تساءل احد المثقفين عن مصير الاكاديميين والصحافيين وحملات اغتيالهم بكواتم الصوت؟ ام ان صوت المثقف العربي، هو الآخر، قد كتم ولكن بغير كاتم الصوت؟
هل قدم احد الموسيقيين معزوفة اهداها الى المدن التي قاومت الاحتلال او، على الاقل، الى الطفلة عبير التي اغتصبها عسكر الغزاة ثم حرقوها وافراد عائلتها وصمت ساسة النظام الحالي يصم الآذان؟ هل أقاموا معارض لأعمال الفنانين التشكيليين التي تصرخ بوجه جرائم ابو غريب، أو مجازر حديثة والإسحاقي، أو معتقل الجادرية، أو إغتصاب المعتقلات؟ هل إستمع الحضور الى أغاني المقاومة التي قصمت ظهر الإمبراطورية، أو لاهزوجاتها، او للشعراء المقاومين أو المدافعين عن أهاليهم؟ هل زار الضيوف بعض المحافظات ليروا الثقافة العراقية على الأرض بعد عشر سنوات من تدمير البلاد؟
ما الذي حل بالمثقف ' ضمير الأمة ووعيها'؟ كيف يسكت والعراق يتفتت وابناؤه يعتقلون وساسته يكذبون ليلا ونهارا على شاشات التلفزيون ؟ وكيف يتم دعم المثقف العراقي اذا كان صاحب الدعوة هو جلاده ؟ وكيف يتم دعم الثقافة اذا كان صاحب الدعوة قد ساهم في تخريبها او وقف متفرجا وهو يرى المحتل وهو يحول مواقعنا الأثرية الى قواعد عسكرية؟ لم يصمت الشعراء والكتاب وآثار الغزو وحكوماته تنخر قلب العراق؟ وهل يكفي ' المثقف العراقي'، ابن النضال اليساري، ان يتحدث عن فساد الآخرين والاحزاب الاخرى بينما يتستر على فساد حزبه وكونه قد تحول الى منظمة مجتمع مدني، مدفوعة التمويل من قبل ذات ' الآخرين' الفاسدين، ويعتاش على اسطوانة نضاله في ظل النظام السابق ومتعاميا عن موقفه الذرائعي مع الاحتلال؟ ايكفي الوقوف على المنصات او اقامة الندوات للحديث عن حضارة العراق وتاريخه اللذين تم تحويلهما الى افيون لتخدير الشعب؟
وعن ثقافة نظام حزب الدعوة وحواريه. هل يكفي تقديم شباب واطفال يتبخترون على خشبة المسرح بازياء فولكلورية اكل عليها الدهر وشرب لخداع الناس بأكذوبة ' الثقافة التنويرية المعتدلة' حسب تصريحات ساسة 'العراق الجديد' بينما تشير اخر احصاءات منظمة الامم المتحدة لرعاية الطفولة 'يونسيف' الى وجود 15 مليون طفل عراقي بحاجة الى تطوير في الرعاية التعليمية والصحية والنفسية؟ الا يعرف ' المثقف التنويري المعتدل' الى اي مسار سيتجه هؤلاء الاطفال مستقبلا؟ 
ومصيبة بعض المثقفين العراقيين والعرب، عموما، انهم يساهمون بتفتيت القضايا الانسانية. فنراهم ينددون، مثلا، بسوء معاملة الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية الا انهم لايجدون مانعا في حضور مؤتمر يقيمه نظام حزب الدعوة بالعراق الذي لايقل وحشية عن نظيره الاسرائيلي في اعتقال وتعذيب المواطنين الفلسطينيين والعراقيين، على حد سواء. ما يتعامى عنه بعض المثقفين هو ان المثقف الحقيقي، مهما كانت جنسيته او هويته، لايمكن ان يكون تكنوقراطا. انه لا يمكن ان يكون محايدا تجاه قضايا مجتمعه وشعبه. والاهم من ذلك كله، انه لا يمكن ان يكون محايدا تجاه القضايا الانسانية، التي هي انسانيته، اينما كانت.

ملاحظة:
نشرت المقالة هنا.

السبت، 30 مارس 2013

عراقنا الذي تركته أميركا وراءها


جاسم الشمري
قالت صحيفة ذي ديلي تلغراف البريطانية يوم 16/3/2013، إن غزو العراق أسفر عن مقتل أكثر من (116) ألفاً من المدنيين العراقيين في غضون ثماني سنوات، وأن المدنيين العراقيين بدأوا بمواجهة الموت منذ اللحظة التي بدأت فيها أول غارة جوية على البلاد في 19 مارس/آذار 2003.


هكذا بدا المشهد العراقي قبل 10 سنوات، قتل وتهجير وطائرات ودبابات تقتل المدنيين العزل بلا رحمة، والحقيقة أن هذه الأرقام التي ذكرتها الصحيفة البريطانية لا تمثل حقيقة الخسائر البشرية والمادية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تكبدها العراق منذ أن وطئت قوات الاحتلال الأمريكي أراضيه وحتى الآن.
عشر سنوات مرت من عمر "الديمقراطية" الأمريكية التي صُدرت، أو استوردت للعراقيين من وراء المحيطات، وما زال العراق يسير من سيء إلى أسوء!

وبمحاكاة الواقع الحالي في العراق، ومنذ أن بدأت مهزلة تحريره يمكن أن نسجل في ربوعه مئات السلبيات الخطيرة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:-

1. عملية سياسية هشة، ويشهد بذلك أقطابها، بما فيهم أولئك الذين شجعوا أمريكا على غزو العراق، والواقع السياسي الحالي يؤكد نشوء دكتاتورية صريحة يقودها رئيس الحكومة نوري المالكي، حيث تدار الأمور اليوم بقرارات ارتجالية فردية غير مدروسة.

وفي يوم 24/3/2013، رأى (ايلي سوغارمن) وهو مسؤول سابق في الشؤون الخارجية بمكتب وزارة الخارجية الأميركية للأمن العالمي أن" العراق يمر بمرحلة خطرة، وأنه بعد عقد تقريباً على تحرير العراق، فإن البلد الآن صديق وحليف للولايات المتحدة، لكنه ما زال يعاني من اقتتال اثني وطائفي. وديمقراطية العراق الوليدة تتأرجح بين الجمود والصراع على مدى السنوات التسع الماضية".

ويقول سوغارمن "في الأسبوع الماضي زرت المنطقة الكردية في العراق للقاء رجال اعمال وقادة سياسيين، وأن شيئاً واحداً اتضح من خلال مناقشاتي معهم، ألا وهو أن البلد في خطر الاشتعال مرة أخرى، وإذا لم تكبح التوترات فوراً، وتمنح كل الكتل السياسية الكبيرة صوتاً في مستقبل البلد، فإن نظام العراق السياسي المنقسم والعاطل يقع بخطر الارتكاس في العنف"!

2. رفض شعبي واضح وصريح لسياسات التغييب والتهميش التي تمارسها الحكومة الحالية، وتتضح معالم هذا الغضب الشعبي بالاعتصامات والمظاهرات المستمرة في ست محافظات، منذ أكثر من ثلاثة أشهر، والمنددة بالاعتقالات العشوائية والتهميش والتمييز العرقي والطائفي، وهذا يؤكد فشل الديمقراطية المزعومة التي أرادت الولايات المتحدة أن تجعلها نموذجاً في المنطقة!

وفي يوم 11/3/2013، أعلن أعضاء في لجنة حقوق الإنسان البرلمانية العراقية عن وجود سجن سري تم اكتشافه قبل أيام يقع بالقرب من أحد مداخل المنطقة الخضراء، ويضم السجن مئات المعتقلين في مقر الاستخبارات والأمن، وأن السجن السري يشهد أعمال تعذيب بصورة منتظمة للمعتقلين الذين لم يخضعوا حتى الآن لتحقيق قضائي، حسبما أفادت صحيفة "الوطن" السعودية!

3. في يوم 7 آذار/ مارس 2013، كشف تقرير أعدته مجموعة السلام الهولندية، عن "آثار ما استخدم من أسلحة يورانيوم منضب في العراق في حربي 1991 و2003"، أكدت فيه أن "خطر هذه الأسلحة أكثر بمائة مرة من تأثير حادثة مفاعل تشيرنوبل بأوكرانيا، وأن العراق يحتاج لنحو (30) مليون دولار لتنظيف أكثر من (300) موقع ملوث، وأن ما يفاقم خطر الأسلحة المشعة هو ضعف قدرة العراق على معالجتها، والتقاعس الدولي لاسيما الأميركي والبريطاني في هذا الشأن"!

4. في يوم 11/3/2013، كشفت دائرة الاسترداد التابعة لهيئة النزاهة في أول تقرير سنوي أعدته حول عملها للعام 2012، أن أموال الفساد المالي والإداري التي هربت إلى خارج العراق للسنة الماضية بلغت أكثـر من ترليون دينار عراقي (نحو مليار دولار)، وأن عدد المسؤولين المتهمين باختلاس هذه الأموال والهاربين إلى الخارج بلغ (37) مسؤولاً، بينهم ثلاثة وزراء".

هذه لقطات سريعة من الخراب في العراق "الجديد" حاولت أن أنقلها من مصادر حكومية وأمريكية، حتى لا نُتهم بالافتراء على الحكومة "الديمقراطية" القابعة داخل أسوار المنطقة الخضراء!

هذا هو العراق الذي تركته أميركا وراءها!


نكسب الشباب لندمر المستقبل


يحيى العراقي
في الوقت الذي يصور فيه البعض من قصيري النظر والطفيلين والإنتهازيين إلى جانب أصحاب النوايا الإجرامية الخبيثة، الذين يحاولون حثيثاً إختراق الحراك الثوري المبارك، بأن كارثة الأمة الكبرى في العراق بعد العام 2003 لا تعدو كونها مجرد وجود بضعة ساسة أنانيين طماعين فاسدين في حكومة لديها بعض الأخطاء والإنحرافات يكفي لمعالجتها قيام بضعة إحتجاجات مقيدة عليها، وعرض بضعة مطاليب بشأنها لا تكون عالية السقف (وفق تصنيف أصحاب مصطلح المشروعة وغير المشروعة) ليتم التفاوض حولها لاحقاً وحلها على نمط الحلول التي تم تداولها تكراراً عشرات المرات طيلة العقد الماضي الذي أعقب الإحتلال.


هؤلاء لا يريدون أن يروا الحقيقة بحجمها الطبيعي وبألوانها المقززة وبكارثيتها المهولة التي تفوق كل المآسي الخيالي والإسطوري منها فضلاً عن التاريخي والواقعي .. إنه هولوكوست العروبة والإسلام ليس لإذابة ومحو وطمر وجود الأمة بل أيضاً وقبل ذلك وبعده ومعه إذابة ومحو هويتها وتراثها وتاريخها عبر المشروع الصفوي الجديد الملتقي مع المشروع الصهيوصليبي الدولي.
في هذا الإطار يجري العمل على قدم وساق وبشتى السبل والوسائل لتطوير وتنشيط فعاليات الغزو الفكري والثقافي لتدمير عقول أجيالنا القادمة مستلهمين وقالبين حكمة وشعار القائد الخالد الشهيد البطل صدام حسين: نكسب الشباب لنضمن المستقبل حيث صارت نكسب الشباب لندمر المستقبل.
نعم، فبعد تدمير الحاضر متوجهون لتدمير المستقبل.

التفاصيل، هنا رجاء.

ملاحظة من الناشر:
للاطلاع على مزيد من التفاصيل في اطار التخريب الثقافي والتعليمي، يرجى الضغط هنا.

الجمعة، 29 مارس 2013

نعي شهيد بطل

بسم الله الرحمن الرحيم
"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون"
صدق الله العظيم

العميد الركن 
أحمد العباسي
استشهد في سجون الاحتلال الصفوي الأخ والصديق ورفيق السلاح اللواء الركن فرحان مطلك الجبوري بعد ان قضى 10 أعوام في معتقلات الأسر الأميركية والصفوية يدافع عن العراق وأهله.
كان الشهيد من اروع ضباط مديرية الاستخبارات العسكرية العامة وأكثرهم خبرة استخبارية اتجاه ايران وعملائها في القاطع الشمالي وقد وقف وقفته المشرفة التي رفعت رأس الجيش العراقي ومديرية الاستخبارات العسكرية العامة بكل صلابة مع قائده الشهيد صدام حسين ومديره الأسير الفريق الركن صابر الدوري، دفاعا عن الجيش والاستخبارات وسمعتها يفند أقوال الاحتلال وادعاءات العملاء في معركة القادسية المجيدة.


لبى الشهيد البطل نداء ربه قبل أربعة أيام ولم تبلغ إدارة المعتقل الصفوي التابعة للحكومة العميلة خبر استشهاده لعائلته إلا قبل ساعة من هذا اليوم، حيث كانت عائلته ذهبت فرحة لمقابلته هذا اليوم، وبعد إتمام إجراءات التفتيش ودخولهم إلى المعتقل أخبرهم مسؤول السجن ببساطة ان عليهم مراجعة الطب العدلي لاستلام جثمانه !!!
فأي عملاء وخونة ومأجورون وصفويون حاقدون هؤلاء الأنجاس!
كان سبب الوفاة جلطة دماغية مفاجئة بعد ان منعت إدارة السجن الصفوي وصول العلاج إلى الأسرى الأبطال منذ مايقارب الشهرين ونصف، وبذلك تتحمل الحكومة العميلة وإدارة المعتقل والعميل الذي لفق له التهم وتبرأ منها، مسؤولية استشهاده.
رحم الله الشهيد الغالي أبا سرحان واسكنه فسيح جناته، فقد أدى الأمانة وصان العهد وأوفى لجيشه وشعبه. والموت والعار والخزى في الدنيا والآخرة للمجرمين والعملاء ومن باعوا جيشهم وشعبهم، إلى أبد الآبدين.
وانا لله وانا اليه راجعون.


الخميس، 28 مارس 2013

لا نقطة مضيئة للاحتلال


سعدالله الفتحي*
لقد سعيت بجد لكتابة هذا العمود، وأنا موقن من أنني لن اتمكن  من التعبير عن ما تستحقه المناسبة التي تسببت في تحميل الألم لملايين العراقيين والعرب وجميع الشرفاء في أنحاء العالم.
يعرف قراء صحيفة (غلف نيوز) أنني أكتب بانتظام عن المسائل المتعلقة بالنفط والطاقة بشكل عام. وعلى الرغم من أنني سوف أتطرق إلى تلك المسائل هنا، فأنني لا أستطيع أن تمر "الذكرى" العاشرة  لغزو واحتلال العراق، التي سميت زورا "عملية الحرية للعراق" دون أن يكون لي ما اقوله.


ان صفحات الانترنت محملة بالمقالات من جميع اللغات من وحي المناسبة، وربما قرأت أكثر من 100 من هذه المقالات. وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى منها تنتقد الغزو والحرب والاحتلال وتأثيرها على العراقيين والمنطقة، فإن معظمها لم يصل الى حد التصريح بالادانة، على الرغم من وصف ما حدث بالجريمة وانها حرب غير شرعية.
ومن حق  العراقيين بعد هذه المدة الطويلة ان يشعروا بخيبة أمل من اولئك الذين لا زالوا يناقشون النواحي الفنية التي قادت الى قرار الذهاب إلى الحرب اعتمادا على أدلة واهية حول حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل، أوصلاته بتنظيم القاعدة والتي اثبتت الوقائع كذبها وكذب مروجيها دون ان يشعر اي منهم بأدنى حد من الخزي والعار. الا انني  اشعر بسخط من أولئك الذين يطلقون صفة ( الخطأ) على ما حدث بعد 10 سنوات من التحليلات والنتائج الكارثية ومئات الآلاف من القتلى والجرحى وتدمير بلد بكل مؤسساته العاملة.
ولا أنوي هنا أن أقتبس من المقالات والتقارير والتحليلات التي قرأت عن هذه المناسبة، حيث أنها أصبحت معروفة وتعترف أن العراق يعاني من العنف الشديد والقتل المسلسل بأسلحة الكواتم. ومنذ بضعة أيام، كما لو أنها كانت موقتة لتذكير العراقيين بالمناسبة، هز البلاد 20 انفجارا في يوم واحد معظمها في بغداد، وادى ذلك الى ما لايقل عن 250 إصابة بين شهيد وجريح.
أنا، كغيري من العراقيين، لا اشك اطلاقا أن ليس هناك الكثير من الذين لم تتأثر حياتهم بشكل رهيب من الحرب والاحتلال وفوضى السنوات العشر الماضية واحداثها الدامية. 
افتح هذا الموضوع واستمع إلى قصص عن الأحباء الذين لم يعودوا بيننا والأصدقاء الذين اختفوا دون أثر، والأطباء والمهندسين والضباط والطيارين وأساتذة الجامعات والمحامين والقضاة وجميع المهنيين الذين قتلوا في وضح النهار لإفراغ البلد من قوة هو بأمس الحاجة إليها لإجباره على الاعتماد على الآخرين.
اما الحديث عن الخدمات وبعد 10 سنوات من "الحرية" ومليارات الدولارات التي انفقت فانه لا يجلب الا السخرية. فالعراقيون لا يحصلون الا على إمدادات متقطعة من المياه النظيفة و 25 % منهم لا يحصلون عليها على الإطلاق. أما بالنسبة للكهرباء، فـ "هنا تسكب العبرات"، كما يقول العراقيون، حيث لم تولَّد في 2012 سوى نصف الكهرباء التي يحتاج إليها العراق. وفي عام 2010، قدرت الخسائر الاقتصادية الناجمة عن النقص في الكهرباء بما يقرب من 40 مليار دولار بصرف النظر عن المعاناة الإنسانية الهائلة. نظم الصحة والتعليم ليست أفضل والبطالة حوالي 30 % خاصة بين خريجي الجامعات والمعاهد. كل ذلك يبقي السؤال المشروع اين ذهبت مئات المليارات من عائدات النفط التي تحققت في السنوات الماضية؟
لقد تم تشظية البلاد عن طريق الفتن الطائفية التي لم تكن موجودة قبل عام 2003 والخلافات العرقية تهدد بأعمال العنف أكثر من الحل والأستقرار. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية كان مئات الآلاف من الناس في الشوارع في بعض المحافظات للمطالبة بتحقيق العدالة لآلاف الرجال والنساء الذين يتم احتجازهم دون توجيه اتهامات أو محاكمات، وبعضهم لسنوات عديدة لم تراعى فيها حقوق الإنسان لا من قبل الاحتلال ولا الحكومات والمؤسسات التي تلت، وأصبحت الديمقراطية وسيادة القانون شعارات تطلق دون وجود اساس جوهري لها.
اذا أين هي النقطة المضيئة من "عملية الحرية للعراق"؟ فالعديد من المؤتمرات وغالبية المتحدثين "المميزين" يدَّعون زورا بأن صناعة النفط في العراق قد تكون قصة نجاح في بحر من الفشل. ولكن هل هذا صحيح؟
نعم ان زيادة إنتاج النفط الخام في العراق من نحو 2 مليون برميل يوميا في عام 2002 إلى 2.94 في عام 2012 وهي تبقى قاصرة عن أي هدف موعود أو ذروة انتاج في الماضي. فقد كان الإنتاج في عام 2001 مايقرب من 2.5 مليون برميل يوميا مقيدا بأهواء ورغبات لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة. بينما جاءت الزيادة الحالية بكلفة باهظة وبعد التخلي بالجملة عن الحقول النفطية لصالح شركات النفط العالمية وتقليص دور الشركات الوطنية العراقية العاملة في الجنوب والشمال.
اما الغاز الطبيعي فقد كان إنتاج العراق في عام 2012 يبلغ 21.3 مليار متر مكعب استخدم نصفها فقط والباقي أهدر حرقا في حين تطالب محطات الكهرباء، وبصوت عال، للحصول على الغاز وتضطر لاستخدام الوقود السائل المكلف بدلا من ذلك.
المصافي في العراق تعمل بالكاد 70 % من طاقتها الاسمية، ولجأ البلد لاستيراد ما يقرب من 100 الف برميل يوميا من المنتجات الخفيفة العالية الكلفة في عام 2012. وبناء على ذلك فان على صناعة النفط العراقية ان تقطع طريقا طويلا قبل أن تحسب على أنها قصة نجاح.
ان قصة النجاح الوحيدة في العراق تمثلت في ان العراقيين لم يستقبلوا قوات الاحتلال بالحلوى والورود، كما تصوروا، او كما وعدهم البعض، لا بل أجبروا على مغادرة البلاد قبل ما كانوا يخططون له، والآن جاء الدور على العراقيين لتصحيح إرثهم الفظيع.

* رئيس الؤسسة العامة لتصفية النفط وصناعة الغاز ومدير دائرة دراسات الطاقة في سكرتارية اوبك سابقا.
* نشرت بالانكليزية اولا في صحيفة (غلف نيوز) الصادرة في دبي في 24 مارس/ آذار 2013.

ملاحظة:
نشر المقال باللغة الانجليزية هنا.

العراق على مفترق طرق!

هذه كلمة حق خطها قلم السيد طارق الهاشمي، ننشرها اليوم، لأنها تأتي اعترافاً أميناً بما تحقق في العراق، فالسيد الهاشمي قريب من كل ماجرى بعد الاحتلال ومطلع على بعض أنشطة القوى السياسية العميلة قبل الغزو، وهو بالتالي أقدر منا، ونحن نراقب من خارج المشهد ونرصد ونحلل، على توصيف ماجرى في العراق الجديد.
وحتى الذين يختلفون مع السيد الهاشمي، في قضايا رئيسة كثيرة، لن يسعهم الا أن يقولوا عن هذه السطور، انها وصف دقيق لكل ماجرى وماسيجري.

بعد 10 سنوات على الغزو..
العراق على مفترق طرق

طارق الهاشمي

كانت خسارة العراق هي الأفدح، رغم أن الولايات المتحدة تعرضت هي الأخرى لخسائر جسيمة في الأموال والأرواح والسمعة جراء غزوها العراق عسكرياً عام 2003. تصدت المقاومة الوطنية المسلحة للغزو ونشطت عملياتها القتالية داخل محيط المحافظات ذات الأغلبية العربية السنّية حصراً، ما اضطر الإدارة الأميركية بعد ثماني سنوات من الغزو، إلى التراجع والانسحاب. ورغم ذلك، ادعت الإدارة الأميركية أنها أنجزت المهمة! بينما هي تركت خلفها بلداً ممزقاً ومنكوباً بكل المقاييس.
وفي ضوء ذلك، يثار السؤال التالي: هل كان الغزو مبرراً إلى الحد الذي يستوجب تحمل كل هذه الكلفة العالية جداً؟ وهل حقق الغزو أغراضه أو على أقل تقدير بعضاً منها؟
خلافاً للوعود التي قطعتها الإدارة الأميركية عشية الغزو، تراجعت أوضاع العراق وتفاقمت عما كانت عليه من شدة وصعوبة في ظل النظام السابق، وعلى صعيدي الوطن والمواطن، ودليلي على ذلك العديد من التقارير الدورية التي تصدرها منظمات مهنية ومحايدة لها رصيد عال من المصداقية والقبول على الصعيد الدولي. البعض ربما يجد في هذا الطرح مبالغة أو تجنياً على واقع مختلف، ويبرر ذلك بوجود دستور دائم ومجلس نيابي منتخب وحكومة تخضع لرقابته، وصحافة حرة نسبياً وفصل بين السلطات وغير ذلك، ورغم أهميته نظرياً، فان الراصد لا يجد لكل ذلك انعكاساً ملموساً على أرض الواقع، وبالتالي لم يعد لمثل هذه المنجزات أي قيمة، بعد أن تغوّل رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي وعبث بكل ضابط دستوري أو مؤسسي يقيد نزعته الغريزية للسيطرة والتحكم بكل شيء، بالحق أو بالباطل، وهو بفعله هذا يكون قد أجهض أي فرصة توافرت لبناء دولة المؤسسات.
نعم، نجح الغزو في إسقاط نظام، كما نجح في تفكيك دولة، لكنه فشل في تشكيل نظام الحكم البديل المأمول، وباتت أحوال العراق أسوأ مما كانت عليه، بل إن العراق اليوم حقيقة بات على مفترق طرق، ومن الصعب التكهن بمستقبله، ورغم ذلك لا يزال هناك من يدّعي أن الولايات المتحدة حققت أغراضها من الغزو، بل إن مبررات الغزو ما زالت مقبولة، فهل هي مكابرة وقفز على الحقائق، أم حديث عن حقائق نجهلها؟ أم أن الغرض المستور للغزو الذي لم يتحدث عنه الإعلام ولم يصرح به مسؤول ولم تتناوله مراكز الدراسات (think tank) بحلقات دراسية علنية، كان في الأصل تصنيع عراق مختلف بمواصفات جديدة ومقاييس غير مألوفة. هذا ما أظنه يمثل الأجندة الخفية للغزو، وليتهمني بعد ذلك من يشاء بأني في هذا التحليل إنما وقعت ضحية الأخذ بنظرية المؤامرة. مضمون هذه الأجندة كما أقرأها واقعاً على الأرض تتلخص في عراق ضعيف لا دور إقليمياً له، يواجه شعبه لأول مرة انقساماً حاداً حول قضايا دينية وعقدية وثقافية، يسلم فيه الأمر لكيانات وشخصيات سياسية أغلبها فاسد مشكوك في إخلاصه وولائه للوطن، تشكل حكومة فاشلة تجعل العراق تابعاً لدولة لا تخفي نواياها في التوسع والنفوذ، توظف الدين والمذهب وكل ما هو محرم وغير مشروع أو مقبول من أجل ذلك. العراق غير مسموح له أن يكون حارس البوابة الشرقية، بل يتحول إلى حديقة ايران الخلفية تتمتع بها في إيذاء العرب من جهة وربما تركيا من جهة اخرى، والمواطن العراقي لا حول له ولا قوة، بعد أن فقد الأمل في المستقبل، حيث الظلم والفساد وسوء الإدارة والانقسام الحاد والعنف والإرهاب والخوف من المجهول هو الذي يطبع الأوضاع الراهنة في العراق.
لهذا لا أتصور أن كل ما حصل في العراق ما هو إلا تراكمات أخطاء استراتيجية ارتكبتها الإدارات الأميركية المتعاقبة. لا، على الإطلاق، إنما حصل عن وعي وتخطيط وقصد، بمعنى أن وضع العراق اليوم ما هو إلا الجانب الخفي في استراتيجية غزو العراق، وبالتالي فإن الغلاة الأميركيين صادقون عندما يصرحون أن الإدارة الأميركية أكملت المهمة وسحبت بالتالي قطعاتها المقاتلة، وأن الغزو كان مبرراً وأن الخسائر الفادحة في الأرواح والأموال مقبولة حتى لو خرجت الشركات النفطية الأميركية العملاقة خالية الوفاض من عقود نفطية واعدة كما حصل حتى الآن.
مآلات غزو العراق لها ما بعدها، إقليمياً وعربياً، بعد أن تحول العراق عاملَ عدم استقرار، وربما تهديد، وبعد أن ضاع، بفضل غفلة العرب واسترخائهم من جهة، وخبث إيران وتقيتها ودهائها من جهة أخرى، وتضليل الإدارة الأميركية من جهة ثالثة. لقد كان يراد للعراق وبأي ثمن أن ينزع ثوبه العربي وأن يصبح مصدراً للأزمات والفتن الطائفية باستهداف العرب السنّة والتحريض ضدهم وإلصاق شتى الاتهامات بهم، والسبب هو ما أفصح عنه في مقدمته مؤلف كتاب «صحوة الشيعة» ولي نصر حول قناعة أميركية بصدد مصدر الإرهاب الذي تغير بعد هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر).
ما حصل في العراق كان مخططاً له أن يحصل باتفاق وتنسيق بين «دولة ولاية الفقيه» أساس «محور الشر» من جهة، وبين قطب «الشيطان الأكبر» من جهة اخرى. اختلفوا في أشياء كثيرة، لكنهم اتفقوا على العراق! يعود ذلك تاريخياً إلى زمن المعارضة قبل الغزو، وهي تنشط في المنفى من اجل إسقاط النظام السابق وتواصل التنسيق خلال سنوات الاحتلال، واغلب الظن أنه ما زال قائماً وبمشاركة طرف إقليمي ثالث تناصبه ايران العداء ظاهرياً لكنها تنسق معه في السر، وهذا الطرف هو إسرائيل، التي يبدو أنها مرتاحة جداً، وهذا ما ورد على لسان نائب وزيرها للأمن الوطني عندما تحدث مفتخراً عن التقدم الذي حققته إسرائيل في إطار أجندتها الخفية الهادفة إلى تقسيم العراق. من يعينها في ذلك غير ايران ونوري المالكي؟ والأمر لن يقف عند هذا الحد، بل إن الوقائع تشير إلى حقيقة مفادها أن تغييراً يحصل في الخريطة الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وما كان غزو العراق إلا تمهيداً لذلك.
هذا هو المشهد الذي يبدو عليه العراق بعد عشر سنوات من عملية غزو عسكري كانت خطيئة بحق شعب آمن كان يحلم على مدى عقود من الزمن بالخلاص، بالحياة الحرة الكريمة كما يعيش البشر، لكن يبدو أن ذلك مؤجل، وأن قدر هذا الشعب أن يعْبُر من محنة إلى أخرى أكبر منها، لكنّ مؤشرات جديدة طرحت نفسها بقوة من خلال انتفاضة الأنبار التي فتحت أبواب الأمل نحو تغيير حقيقي بات العراق بأمسّ الحاجة إليه.


ملاحظة:
نشر المقال هنا.

القمة العربية ... ولعنة العراق


نزار السامرائي
مرة أخرى تلتئم الجامعة العربية في قمة جديدة هي الرابعة والعشرون، ومرة أخرى يتطلع العراقيون بخيط من سراب الوهم على الرغم من مرارة التجارب السابقة، إلى مؤسسة النظام الرسمي العربي "جامعة الدول العربية" لكي تزيل جانبا مما علق في الذاكرة العراقية من آثام الجامعة التي أسهمت بالقسط الأكبر في مآسي العراق، حينما أسهمت في جلب القوى الدولية الكبرى التي شنت عدوانها الثلاثيني على العراق عام 1990، حتى لو كان ذلك في الجانب الشكلي لإخراج مسرحة غزو العراق، حينما اتخذت الجامعة قراراها المشؤوم في قمة القاهرة في آب/أغسطس 1990، عبر الدور الخبيث الذي قام به الرئيس المصري السابق حسني مبارك، بفرض قرار لتدويل قضية دخول القوات العراقية إلى الكويت ومنع الحل العربي الذي كان له أن يؤمن انسحابا مشرفا وحماية لقوة العراق التي هي الرصيد الحقيقي للأمة العربية والذي فرطت به، ثم شعرت بعد عقدين من الزمن أية جريمة ساهمت بارتكابها وفتحت أرضها للأخطار الإيرانية.


نجح حسني مبارك في تأدية دوره كاملا على مسرح الكوميديا الدولية، حينما تبنت قمة القاهرة إحالة الملف بكامله إلى مجلس الأمن الدولي، الذي كان أشبه بتمساح نهم فتح فكيه عن آخرهما لالتهام فريسته دفعة واحدة، أمريكا كانت قد هيأت مسرح عملياتها بما يؤمن لها تصويت المجلس على أي نص تريد، خاصة بعد وصول النظام الشيوعي إلى خريف العمر، وصعود النجم الأمريكي كمركز استقطاب وحيد في عالم لم يكن يقبل في الماضي اختلال التوازن الإستراتيجي، ويطلق يد طرف واحد ليعبث بالأمن والاستقرار الدوليين.
بالمقابل بذل عاهل الأردن الراحل الملك حسين جهودا استثنائية من أجل إبقاء الملف داخل البيت العربي وفي إطار المؤسسات العربية الرسمية، ولكن إصرار مبارك على تدويل القضية وجلب القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية، جعل القمة العربية تخرج عن ميثاقها بحتمية اتخاذ قراراتها بالإجماع، فقد اتخذ قرار التدويل بأغلبية الأصوات الميكانيكية، ومن مفارقات تاريخ الجامعة العربية أنها خرجت لأول مرة على ميثاقها عام 1961 حينما قبلت الكويت في عضويتها ولم يؤخذ باعتراضات العراق في حينه، وفي المرة الثانية في عام 1991 حينما اتخذت قرارا بإحالة ملف العراق إلى مجلس الأمن بشأن قضية الكويت أيضا من دون أن يحصل إجماع عربي في القمة التي تعجل حسني مبارك لجمع أطرافها ورتب الأمر بليل، وكان لكل من مبارك وحافظ أسد دورا مصلحيا وانتهازيا رخيصا في الدفع باتجاه التدويل فسقطت الشعارات القومية التي كانت ترفع في دمشق للمرة الثانية بعد سقوطها حينما تراصف النظام الطائفي في دمشق إلى جانب إيران في حرب الثماني سنوات، واللافت أن نظام بشار وريث عرش أبيه حافظ الأسد يشكو اليوم من قرار قمة الدوحة بإعطاء مقعد سوريا للمعارضة من دون حصول إجماع على هذا القرار فيا لها من مفارقة الزمن البغيض.
 هل هي لعنة العراق تنتقل من حاكم إلى آخر كما حصل لذل مبارك على سرير المرض أمام المحكمة، أو تنتقل إلى ورثة الملك المضاع في دمشق؟
 حينما عرضت قضية دخول العراق للكويت على أسرع قمة في تاريخ العرب، نسقت مع مبارك وحافظ أسد، دول أخرى كان بعضها يتحرك في الواجهة وكان الآخر يتحرك من وراء ستار، ولكنها جميعا وخاصة مجموعة الثمانية التي قدمت فيها رشوة سياسية مؤقتة لكل من مصر مبارك وسوريا حافظ، لتكون واجهة زائفة لضمان أمن الخليج العربي على وفق ما أشيع حينذاك والتي سرعان ما تفككت كفص ملح في حوض ماء، هذه الدول ستبقى تعاني قبل غيرها من تداعيات إثمها وموقفها الشائن الذي جلب أساطيل العالم لتدمير العراق، فقد أحدثت شرخا في موازين القوى الإقليمية وخاصة في منطقة الخليج العربي لصالح إيران، من خلال مساعدتها على توجيه الضربة العسكرية التي أخرجت العراق من منظومة الأمن القومي العربي، فكشفت ظهرها هي بنفسها وأصبحت ضيعة تتنافسها خطط قوة القدس الإيرانية أو مليشيات حزب الله اللبناني أو المليشيات الناشطة في العراق بأسماء لا تعد ولا تحصى، أو بتحرك متعدد المحاور للحوثيين في اليمن أو لتعبث بأمن البحرين لتمسك بمداخل الجزيرة والخليج العربي ومداخلهما لصالح مشروع تصدير الثورة، مما جعل من المنطقة أرضا مكشوفة مياها ورملا وجبالا، مستباحة في ثرواتها الثمينة وموقعها الإستراتيجي، ثروة لا تجد قوة تحميها من التواطئات الإقليمية والدولية.
 ما جرى في عدوان 1991 وما بعده من حصار اقتصادي خانق على الشعب العراقي، ثم شن حرب 2003 والتي انتهت باحتلال العراق لم يكن هناك شك لدى كل ذي عقل وبصيرة أن نتائج الاحتلال سيتم تجييرها لصالح إيران وحدها من دون أن تخسر اطلاقة واحدة أو تنزف قطرة دم، سلمت بعدها الولايات المتحدة العراق على طبق معدني لإيران لتعبث به ومن بعده بأمن المنطقة وتطرح نفسها قوة إقليمية لا يمكن تجاوزها في كل القرارات المتعلقة بالأمن الإقليمي.
بعد عشر سنوات من الاحتلال عقدت قمة عربية جديدة وفي كل مرة يحلم العراقيون بأن يكفّر النظام الرسمي عن جريمته حينما بتر بيده اليسرى يده اليمنى الضاربة وجمجمته ومخزن رجاله، ولكن شعورا بالإثم لم يرد على خاطر أحد، مع أن النظام الذي فتح قناة السويس أمام الأساطيل الأمريكية قد سقط وأصبح جثة ترميها الجماهير بالحجارة، كما ترمي الحجيج الجمرات على الموقع الذي أراد فيه الشيطان غواية سيدنا إبراهيم عليه السلام، ليمنعه من تنفيذ أمر الله ولكنه رجع خاسئا وهو حسير، لكن شيئا لم يتغير مع تغير الخطاب الرسمي الجديد، كان العراقيون يتوقعون أن يلحق بسقوط فرعون مصر وطاغوتها، سقوط السياسات التي أختطها النظام القديم بعد أن بدأ الربيع العربي يطرق أبوب مصر، ولكن عقدة الخوف من إيران وأمريكا أو الرغبة في وصالهما وقوة تأثير البترودولار، (الذي يضيع في العراق بالأكوام والمليارات من دون رقيب أو حسيب ويمكن أن يضل طريقه نحو الغرب بدلا من الذهاب إلى الشرق كما هو معتاد)، كانتا حاضرتين ويسيل لهما لعاب كثير، فلم يلتفت أحد من القادة العرب إلى ما يعانيه الشعب العراقي من خسف وظلم وقهر على أيدي طواغيت يمارسون انتهاكات للحقوق والأعراض، وصيحات وصلت إلى سمع الملوك والرؤساء والأمراء العرب الذين التقوا في الدوحة عبر فضائياتهم التي تغطي أحداث العالم لحظة بلحظة وتتعمد إغفال أخبار العراق.
 عانى العراقيون وما زالوا يعانون من ظلم حكومة المالكي التي لم يشهد مثله العراق مثيلا في أي وقت من الأوقات، ولكن صمت الأشقاء كان أقسى وأمر عليهم من ظلم حكامهم الطغاة، ومما يلاقونه من تعذيب منهجي مقرر عليهم من أعلى سلطة في البلاد مستغلة المضي قدما في طريقها، لأن الصمت العربي لا يحصل إلا عندما يتعلق الأمر بالعراق.
لسنا على وهم حينما لا نتوقع أن نجد أذنا واعية تسمع أنين خمسة ملايين يتيم عراقي وصبر مليون أرملة، فقد تعودنا على هذا ومثله وأكبر منه وهو المشاركة في جيوش العدوان، لكن واحدا من العراقيين لم يتوقع أن يتغير الموقف الرسمي العربي من قضية العراق التي هي نتاج حقيقي لتآمر مؤسسة النظام الرسمي عليه وتسليمه لقوى الاحتلال الأمريكي التي سلمته بدورها للاحتلال الإيراني، وحينما نقول ذلك فإننا على ثقة بأن من صنع الكارثة التي حلت بالعراق لن يقدم على خطوة واحدة لتغيير مسار الأحداث فيه، ولو من باب غسل اليد عن المساهمة في نحره على مذبح اللئام، حتى ليتساءل المرء عن أسباب هذا التجاهل اللئيم لصيحات العراقيين بعد الدور الأكثر لؤما في تحشيد الجيوش لتوجيه ضربة الإجهاز النهائية على العراق.
 فهل أرادت بعض النظم العربية التي كانت تغيظها مواقف العراق القومية والتي لم تكن لتتجرأ أن تحذو حذوها، ووقوفه إلى جانب قضايا الأمة والتحامه بها على مر التاريخ المعاصر، فأرادت أن تدفع عن نفسها حرج العجز عن الوقوف مثل مواقفه على الصعيد القومي في مواجهة الأخطار التي تهدد الأمن القومي العربي، أرادت أن تسكت الصوت الذي يحرجها ويعريها أم الجماهير والتاريخ، فكان خيارها إزاحة ذلك النظام بدلا من الاقتراب منه ودعمه حتى تمتلك الأمة ناصية غدها بدلا من ارتهانه بيد أعدائها.
يبدو أن أصوات العراقيين لم تدخل قاعة القمة العربية لأنها خضعت لتدابير عزل الصوت العراقي الذي لا يمثله اليوم إلا الحراك الشعبي، بدلا من ذلك جاء ممثل فاشل ليجلس على كرسي العراق ويلقي خطبة تحمل من اللكنة الفارسية بالولاء أو بلحن القول ما يجعل هذا الحضور معيبا، ليس للعراقيين بقدر ما هو معيب لكل من ارتضى أن يقصّر من قامته حتى يصل إلى مستوى من قال ظلما إنه يمثل العراق الأبي الشامخ، الذي لن ييأس من استرداد أصالته ووجهه العربي، مما تعرض له من تزييف ومحاولات تغيير الهوية الوطنية والقومية، من بلدان أتعبت آذاننا من طنين الحديث عن حق الشعوب في الحرية والديمقراطية وضمان حقوق الإنسان.
العراقيون لن يتسولوا عطفا أو شفقة من أحد، وهم ليسوا بحاجة إلى من يربت على أكتافهم، لقد اجتازوا كل المراحل، وربيعهم كالربيع السوري يتطلب صبرا كصبر أيوب، وتضحيات لا تقل عما قدموه حتى اليوم ولمن نسي تضحيات العراقيين، فإنها زادت على مليوني قتيل، وعدة ملايين مهجر، ولكنهم لم يجعلوا من تلك التضحيات الغالية عبثا بلا قيمة، فهم وحدهم الذين انتصروا على أمريكا معتمدين على أنفسهم فقط من دون دعم خارجي بل رغم الحصار الذي فرض على المقاومة من الأشقاء والأقارب والأصدقاء والأعداء، وكأنهم التقوا في حفل نحر العراقيين، ولكن المقاومة العراقية ألحقت بأكبر دولة في العالم وأقوى دولة في العالم أشنع هزيمة ستظل عالقة في ذهن الأمريكيين وكل طرف تدفعه أوهامه للتقرب من أسوار العراق، وستتحول تلك الهزيمة إلى دروس ميدانية في أرقى المعاهد العسكرية في العالم لاسيما ويست بوينت الأمريكية.
إن العراقيين حينما يريدون من العرب سماع صوتهم فإنهم لا يفعلون ذلك عن عجز أو ضعف، بل يظنون أن من يقف إلى جانبهم فإنه يقف إلى جانب نفسه بالدرجة الأساس فمن المحال دوام الحال والعراق قوة ودور وإرادة وثروة وموقع لن تستطيع كل قوى الأرض ولو اجتمعت على حذفه من خارطة الأحداث، ومن لا يعرف هذه الحقائق فلا يظلم إلا نفسه، وستلاحقه لعنة العراق كما حصل لمن أراد إذلال العراقيين فقد أصيب بخيبة أمل لا نجاة منها لأن العراقيين كانوا أعز من أعدائهم وأكبر منهم وإن اجتمعوا، والعراقيون سيصنعون مستقبلهم بأيديهم وليس بقرارات تتخذها هذه القمة أو تلك.


تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..