حمزة البصري
كبيرة هي الصدمة التي حلَّت بالامة العربية من جراء ما حلَّ في العراق من ويلات سبَّبها الاحتلال الامريكي الصهيوني الفارسي، بعد إن كان العراق البوابة الشرقية للامة العربية..
كبيرة هي الصدمة التي حلَّت باحرار العالم بعد الصمت المهين لقطاعات من شعب العراق على كل هذة التجاوزات التي دمَّرت بناه التحتية وقيمة الثقافية والحضارية، في الوقت الذي نجد الحراك العربي يصدح في كل مكان والجمود مخيم على جزء كبير من شعب العراق.
نعم كثيرة هي الصور المخجلة..
قوات الاحتلال تغزو بلد الحضارات وشعب ينهب اثاث ولوحات واجهزة ومكاتب عائدة لمؤسسات الدولة، ماذا حل بشعب الحضارات الذي بات لا يعرف كيف يعبر عن معاني الحرية والديمقراطية التي تواكب عصر العولمة الا بالنواح واللطم ..
البعض يتساءل اين نحن من شعب مصر؟ اين نحن من الشعب اليمني الذي خلع الحاكم المتسلط؟ اين نحن من الشعب السوري المناضل المقاتل الذي دفع انهار من الدم في سبيل الحرية والكرامة؟ اين شعب العراق من كل ما يجري حولة من انتفاضات وحراك سياسي ضد الظلم والقهر والاستبداد والتسلط .. ؟ والبعض الأخر يتساءل هل حقاً هذا هو شعب العراق .. ؟
نعم انه شعب العراق الذي لا يقدس زعيما ولا يأتمنه حاكم حتى وان طالت فترة السبات فانه لا يسكت على ضيم ولا ينام على ظلم لان التاريخ علمنا كيف يتحول الخنوع والخضوع الى بركان غضب، علمنا كيف ينتفض الحليم في الملمات خصوصاً عندما يتعلق الامر بالعرض والشرف، هاهم اليوم اهلنا في الانبار والموصل وديالى وصلاح الدين وسامراء ينتفضون لحرائر العراق ويعلنوها مدوية لا للصمت، لا للاغتصاب، لا لانتهاك الاعراض والحرمات، لا للسجون السرية، لا للمخبر الايراني، لا للظلم، لا للتهميش، لا للتسويف والخداع، لا للتآمر الصفوي المتمثل بعملاء ايران القابعين في المنطقة الغبراء الذين أدخلوا العراق في دوامة الصراعات المذهبية والطائفية من اجل محق عروبة هذا الوطن والاعتداء على المكون السني العربي بسلسلة من الاعمال الاستفزازية الطائفية والانتهاكات التي تمثل تراكمات يصعب حصرها منها التعدي على العقائد والرموز الدينية في كل المحافل الرسمية والحزبية والفضائيات الطائفية التي تشتم الصحابة واهل السنة جهاراً نهاراً، فضلا عن سياسة التهميش والاقصاء وتغليف الاستبداد بأطر قانونية، من خلال تسخير القضاء للانتقام من الاطراف المعارضة لسياسات الحكومة الطائفية بتهم جاهزة واعترافات قسرية ومحاكمات ظالمة، لم يسلم منها حتى خلفاء امويين حكموا قبل 1300 عام، بالاضافة الى الفساد والسرقات وتبديد الاموال والسخاء الذي يقدم لايران وعصابات الاسد.
لقد بلغ الظلم والحقد مداه، وبات الامر صراع وجود وتصفيات ليس لها حد ولم يبقى لنا خيار الا ان نكون او لا نكون، فمنهج الطغمة الحاكمة هي القول غير الفعل وممارسة التقيّة بأبشع صورها، يظهرون الود ويسيرون في جنازة القتيل، عمل مبرمج وخطط محكمة وراءها قوى اقليمية وعالمية للإجهاز على المكون العربي السني وللاسف يشاركهم اصحاب النفوس الضعيفة المحسوبين على هذا المكون من عبدة المال والجاه، الذين ماتت ضمائرهم وانسلخوا عن ابناء جلدتهم وتخندقوا مع اعداء العراق في عملية سياسية صنعها المحتل الغاشم، فقد بات لزاماً على التيار العروبي من الشيعة والسنة وكل الوطنيين الاحرار وضع النقاط على الحروف والوقوف بحزم بوجه الهجمة الطائفية الصفوية وتوحيد الخطاب الوطني باتجاه الحفاظ على وحدة العراق وسلامة اراضية، كما آن الاوان انشاء مرجعية دينية وسياسية تنبثق منها قيادة مركزية تمثل كافة القوى الوطنية ولا مانع من الانفتاح واعطاء فرصة لمن هادن الاحتلال ولازال في ضميره قطرة شرف، من الذين انخرطوا في العملية السياسية الاحتلالية معتقداً عدم فسح المجال للعملاء بالانفراد في السلطة، وكذلك الانفتاح على من لعبت المصاهرة والتزاوج من ملل اخرى دور في استمالتهم ضد ابناء جلدتهم، وايضاً إعطاء فرصة لمن أثرت الاموال على مواقفهم في لحظة طمع او في وقت عوز او فرضت عليهم ظروف قاسية ادت الى مسايرة الحكومة العميلة، من اجل تطهير مدنهم من مجاميع القاعدة الذين سمحت لهم قوات الاحتلال بالانتشار في مناطقهم لإلهائهم عن دورهم الوطني في التصدي للمحتل، فقد بات لزاماً على الجميع مراجعة مواقفهم واعادة حساباتهم وخصوصاً قيادات الصحوة فالواجب الوطني والاخلاقي يدعوهم للعودة الى احضان ابناء جلدتهم، فقد انتهت مرحلة الخداع الامريكي وحان وقت التفرغ للاحتلال الايراني لأن ما يقوم بة العملاء القابعون في المنطقة الغبراء بات واضحاً للعيان وانكشفت ألاعيبهم وبانت خططهم التي تقضي الانفراد برموز اهل السنة وتسقيطهم الواحد بعد الاخر، وتوجيه التهم الجاهزة لهم، واذا حصلت كل هذه الامور مع شركائهم في العملية السياسية فكيف هو الحال مع من هم خارج العملية السياسية او رجال المقاومة الوطنية؟
لقد فاق الغدر كل حدود التصور فلابد من الوقوف بحزم بوجه سياسات القتل والتصفيات بالسلاح الكاتم للصوت ومذكرات الاعتقال بحق الذين يرفعون اصواتهم بوجه الظلم والتعذيب في السجون وانتزاع الاعترافات القسرية والمحاكمات الظالمة فضلاً عن التهميش والاقصاء والاجتثاث لكل الرموز السنية واغتصاب السجناء وانتهاك الحرمات التي تهون امامها الدماء والارواح، لهذا الحد وقد اصبحت القضية قضية وجود وليست مشاكل سياسية واذا بات ألامر يقتضي تكوين جيش حر فلا بد من ذلك للدفاع عن الارض والعرض.
لقد بلغ السيل الزبى ووصل الحال الى انتهاك اعراض حرائر العراق اللاتي انجبت بطونهم رجال اشداء لقنوا المحتل الامريكي الغاصب دروساً شهد لها العالم اجمع، واليوم تنتقم الحكومة الصفوية للمحتلين، الامريكي والايراني، وتسمي بطولات المقاومين ارهاباً.
المفروض ان لا يكون هذا الحراك في الانبار والمدن الاخرى حراك عاطفي او نزوة ثأر لمعتقلين او دفاع عن سياسيين كانوا ولا زالوا جزء من حكومة نصبها الاحتلال وكانت حصتهم مجرد ديكور ومكياج لتجميل العملية السياسية المزعومة على اساس انها تمثل اطياف الشعب العراقي ظلماً وعدواناً.
لقد حان وقت الصحوة وآن للغيرة العراقية ان تنتفض، وعلى كل حر شريف ان ينسحب من الحكومة الطائفية والبرلمان الهزيل لانهم باتوا في اعين الشعب مجرد لصوص ينفذون اجندات اسيادهم، فالذي كان يعتقد ان وجوده لتقويم اعوجاج او اصلاح مسيرة متعثرة فإن مسيرة 10 سنوات مضت كشفت الغطاء وبان للجميع أن ذيل الكلب لا يمكن تقويم اعوجاجه .. ولا يستقيم الظل والعود اعوج.
لابد وان يكون هذا الحراك ممنهج بتوحيد الصفوف والمواقف وعدم فك الاعتصام مالم تتم الاستجابة لكافة المطالب بالافراج عن السجناء والسجينات والبدء في موازنة عادلة في صنوف القوات المسلحة وفك أسر وزارة الدفاع والمخابرات من يد المالكي، بالاضافة الى الموازنة في جميع الوزارات ودوائر الدولة والعمل على استقلال الهيئات المستقلة من هيمنته وتطهير القضاء من الفساد والعمل على عدم تبعيتة للسلطة التنفيذية وبالاخص عزل رئيس مجلس القضاء الاعلى مدحت المحمود المكيِّف القانوني لمآرب المالكي، والغاء المادة 4 سنة، كما يسميها العراقيون، والغاء قانون اجتثاث البعث، وكشف الفساد ومحاسبة المفسدين، واذا رفضت الحكومة تنفيذ تلك المطالب المشروعة لابد من اعلان الانبار وديالى والموصل وصلاح الدين اقاليم فضلا عن تشكيل جيش حر لتطهير البلد من العملاء والدخلاء.
وكذلك لابد من تشكيل وفد يقوم في اسرع وقت بعرض تلك الانتهاكات الممنهجة على الامانة العامة لجامعة الدول العربية وعلى كافة الدول العربية وبالاخص منها دول الخليج العربي، التي باتت النيران الصفويه قريبة من حدودهم، واصبح من الواجب عليهم رد الجميل لإخوانهم في العراق وتصحيح مسار موقف عربي اختلت فية موازين القوى في المنطقة لصالح ايران، فلابد من دعم انتفاضة عراقية تطيح بعملاء ايران وتنهي التواجد الفارسي، حيث نجد من الغرابة ان تصرف دول الخليج، وعلى وجه الخصوص قطر، الملايين من الاموال وتجيش الجيوش في ليبيا التي تبعد عنها آلاف الكيلومترات وتترك العراق الذي يمثل عمقاً استراتيجياً لأمنهم القومي مرتعاً لإيران والقوى المعادية للعروبة.
لقد حان الوقت ان تنتبه دول الخليج العربي لما يحصل في العراق الذي اصبح امتداداً امنياً وجغرافياً لإيران ولمناوراتها العسكرية والسياسية التي باتت تشكل اكثر خطورة على العرب من العدو المفترض نتيجة قيامها بإثارة النعرات الطائفية والعمل على انشاء بؤر موالية لها في عدد من الاقطار العربية للقيام بالتمرد مثلما حصل في اليمن والسعودية والبحرين فضلا عن توسيع دائرة تدخلاتها في مصر والمغرب والاردن والامارات والسودان وايجاد موطئ قدم لها في لبنان وفلسطين وسوريا، بالاضافة الى الدمار الذي سببتة في العراق، كل ذلك منبعه ثارات واحقاد صفوية اخطر من الاسلحة النووية التي تنوي انتاجها من اجل تحقيق حلم اعادة امجاد الامبراطورية الفارسية.
واخيراً لابد من موقف عربي موحد وخصوصاً من جانب دول الخليج العربي حيث بات لزاماً عليهم بلورة نظرية أمن استباقية لحماية الأمن الاقليمي العربي وفتح صفحة جديدة تتجاوز فيها سلبيات الماضي لرسم رؤيا مستقبلية تتناسب وحجم المخاطر التي تتربص بالامة.