هنا قراءة جديدة للعميد الركن أحمد العباسي، لكتاب المرتد وفيق عبجل، طريق الجحيم، وفيها نطلع على جوانب مخفية من تحركاته الخيانية قبل هروبه، وغير ذلك.
قراءة في كتاب وفيق عبجل، طريق الجحيم (4)
شهادة لتاريخ جيش العراق وشعبه
العميد الركن استخبارات
أحمد العباسي
قد يرد الى المُخيلة المَريضة لـــــــ (وفيق عبجل) أن أجهزة المخابرات العالمية التي سـَـــعــتْ لتخريب العراق، ستصنع تِمثالاً لهُ وسطَ مَقراتها تثميناً لدورهِ الكبير في تدمير العراق وتقسيمهِ ولتقديمهِ الحُججْ لقِوى الشر بإحتلال العراق واستباحة حُرماتهِ ! ولكنه نسي ان هؤلاء الأشرار لا عهدَ ولا ضميرَ ولا كرامة لهم ولا وفاء بأي عهد، وهم أسقطَ الناس خُلقاً على وجه الارض! لأنهم لو كانوا أشخاصاً جيدين لكانوا فكّروا،على الاقل، بتحسين حالة العراق ولو بنسبة قليلة جداً، ولبذلوا كل جهودهم من أجل إبعاد الاذى عن الشعب العراقي عموماً، ولما سَمحوا لشذاذ الآفاق بأن يكونوا حكاماً عليهِ!!! طبعا انا هنا لا أتحدث عن الشعوب الغربية ولكنني اتحدث عن الحكومات المتحكمة بتلك الشعوب.
يقول الكاتب البريطاني الأصل والأمريكي الجنسية (أندرو كوبكورن) في كتابهِالمعنون (صدام حسين الخارج من تحت الرماد)
واصفاً (وفيق عبجل) وفي الصفحة رقم (194) من كتابه:
[انشق عن النظام العراقي عام 1995 ثم لجأ إلى الأردن في أعقاب "عاصفة الصحراء" ومن ثم حُمِلَ بطائرة عسكرية أمريكية من عمّان إلى قاعدة إنجرليك الأمريكية في تركيا ليفضي بجميع أسرار الدولة العراقية العسكرية والمدنية وخصوصاًتلك المُتعلقة بالأسلحة البيولوجية].
إذن هذه شهادة ((دكتوراه مع مرتبة الشرف) في عمالة وجاسوسية وفيق، ومن الراعي الأول للعملاء والخونة، أمريكا الشر، استحقّها وفيق بجدارة، حيثُ تصِفهُ الفقرة أعلاه بكل دقة مثلما وصفناه، وهو يُعرّضْ الأمن الوطني العراقي للخطر.
وأنني أتساءل: بعدَ الاطلاع على هذهِ الشهادة من كاتب على اتصال بدوائر الشر والحقد ومطلع على تاريخ عملاء أمريكا، فهل ممكن أن يُصدّقهُ احد عندما يَصف نفسهُ بـــ(الوطني العسكري)؟!!!! وان كل ما يُقال عنهُ من كونهِ عميل للأمريكان وخيانته الكبرى للوطن هي لتشويه سمعته وان لا صحة لذلك كما يصف نفسه؟!
وأيضاً، بعدَ الاطلاع على هذهِ الشهادة فهل ممكن أن يُصدّقهُ احد عندما يصف نفسهُ مُدافعاً عن العراق مُعارضاً لقرارات بريمر سيئة الصيت وهو الذي عَمِلَ تحتَ ظله كمستشار لادلاء الخيانة؟؟!!!
وهل يوجد سقوط في مستنقع اكبر من السقوط في مستنقع الخيانة العظمى للوطن؟!!
ولكن السؤال الاهم: هل يستطيع عميل، باع وطنهُ وشعبهُ، أن يكون مُعارضاً لقرارات أسيادهِ الذين منحوه جنسية وشقة في لندن وكميات من الجنيه الاسترليني والاخرين الذين منحوه تومانات ايرانية وأمروا أذنابهم في دار القبس أن يمنحوه دنانير كويتية؟ هل يستطيع مثل هكذا شخص أن يفتح فمهُ بـــــــحرف إعتراضي واحد، من غير موافقتهم لإكمال دوره المرسوم بدقة لتفتيت العراق وتشويه سمعة قادته الشجعان؟!
من المعروف أن جوقة العملاء التي تحكم العراق اليوم وقبلها التي شاركت في مؤتمر بيع العراق وتقسيمه في (مؤتمر لندن 2002) لا تثق مُطلقاً بأية شخصية عراقية، عسكرية كانت أو مدنية، خرجت لصفوف المعارضة بعد أن كانت لوقت طويل محسوبة كجزء من النظام الوطني الشرعي ومُتهمة بالضلوع بجرائم بحق العراقيين ((كما تقول تلك الجوقة))!! إلا أن (وفيق عبجل) أستـُـقبِلَ مِنْ قبل ما يسمى بالمعارضة!! ورُحـِّـبَ بهِ ترحيباً رسمياً!! كما وصف هــــــــو وليس أحد آخر، طريقة هروبهِ في كتاب التلفيق الأول!!! بالإضافة إلى حضورهِ لــذلك المؤتمر الذي كان أشبه ببركة مياه آسنة! فكانت ما تسمى بالمعارضة العراقية تضع مئات من علامات الاستفهام حول الشخص الهارب من العراق والمُلتحق بركبها المُخزي ولا تعطيهُ أية ثقة مُطلقاً، وذلك خوفاً ورعباً من كون الشخص القادم اليهم أن يكون (عميلاً) للمخابرات العراقية البطلة فينجح في إختراق صفوفهم؛ إلا أن ما حدثَ مع وفيق عبجل يختلف تماماً !! ويُعتبر أمراً مُحيراً !! كونهُ اكبر رتبة عسكرية عراقية خانت الوطن والشعب!! وباعت أسرار الوطن العسكرية والمدنية...... وتقدمت صفوف العملاء الساعية لاحتلال العراق وتقسيمهِ بكل ثقة بخزيها وعارها!! فبالرغم من معرفتهم وثقتهم أن وفيق عبجل لم يهرب من العراق لأسباب تتعلق بمعارضة النظام الوطني الشرعي ولا لأسباب كاذبة كانت تدعيها تلك الجوقة من اضطهاد طائفي أو قومي، لأن وفيق كان يحظى برعاية القيادة وهو محل ثقة حسين كامل!! لا بل كان صنوه المدلل!! وتلك الجوقة تعرف جيداً ان هروبهُ كان بسبب طردهِ من موقعهِ الذي ظل يحلم بالوصولِ إليهِ وطُـــرِدَ منهُ، بعد أن اكتشف من إنخدعَ بهِ، من أصدقاء وقيادة، معدنهِ الرديء الذي ظهر للعيان، واضحاً وجلياً في خلال 35 يوماً من توليه منصب مدير الاستخبارات العسكرية وكالةً في غفلة من الزمن؛ والسؤال الذي يطرح نفسهُ بقوة الان: كيف وثقتْ تلك الجوقة من العملاء والسماسرة، الذين كانوا ومازالوا يعتشاون على مساعدات وفتات موائد أجهزة المخابرات العالمية بوفيق!! وأصبحَ جُزءاً منهم!! والمُنفذ للدور المرسوم لهُ بكل دقة متناهية؟!!
جواب هذا السؤال هو ما أجابت عليه، ووضحتهُ الفقرة أعلاه، من أن فُرِض وفيق على ما يسمى بالمعارضة كان من قبل المخابرات الأمريكية والبريطانية والاسرائيلية بعد أن افرغَ قيحهِ لهم، وأفشى بجميع أسرار العراق المدنية والعسكرية، وبدأ يسير في الدور المرسوم لهُ بتشويه سمعة قادة العراق واتهام وطنه بامتلاك الأسلحة المُحرّمة دولياً، وهو الادعاء الذي اتضح زيفه بعد الاحتلال عام 2003، ففتحت جوقة العملاء يدها لإستقبالهِ بأمر من "العم سام"، بالإضافة إلى الإيعاز بفسح المجال لهُ في كتابة ما يُطلب منهُ في صحيفة القبس الكويتية بعد أن وجدوهُ المنفّذ الحرفي لتوجيهاتهم كما كان المنفذ لتوجيهات حسين كامل أثناء خدمته في ظل النظام الوطني الشرعي.
وإلا لماذا وافقت ما يُسمى بأجنحة المعارضة العراقية على إستقبال وفيق عبجل في كانون اول- ديسمبر عام 1994 ورفضت ان تفعل ذلك مع حسين كامل في تموز - يوليو عام 1995؟!
أنني حقاً استغرب أن هناك أشخاصاً مثل وفيق يمتلكون كل هذه القدرة على اداء الحركات البهلوانية في حياتهم حتى بعد أن وصلوا إلى هذا العمر الفاني من غير التفكير للحظة واحده بلقاء الخالق العظيم، مهما طال عمرهم وتمتعوا بامتيازات العملاء؟!!!!
في الصفحتين (140 و 141) و تحت عنوان (تكليف الوحدة 888 باغتيال الطالباني) يقول وفيق عبجل:
((في يوم 12ايار – مايو1991 اتصل عبد حميد حمود سكرتير صدام طالبا حضوري إلى مكتبه في القصر الجمهوري....... وصل طارق عزيز ودخلنا سوية إلى مكتب صدام ورافقنا عبد حميد حيث تولى كتابة ما يدور خلال الاجتماع الذي قدم خلاله طارق عزيز سردا للمفاوضات التي تمت في نيسان –ابريل 91 مع وفد الجبهة الكردستانية برئاسة السيد الطالباني، وتوجه صدام إلي لإبداء رأيي فأشرت له أن معلوماتنا تؤكد وجود حالة من الصراع الخفي ........................ وأضفت أن الأكراد يريدون الاتفاق معنا على مشروع متطور عن قانون الحكم الذاتي لسنة 1970 إلا أنهم لم يجدوا منا ما يدعم جديتنا في تجسيد حالة الترحيب إلى مسألة جدية في اتفاق صحيح وان الطالباني سألني [بالله عليك هل انتم جديون معنا؟] فأجبته وهل تلاحظ غير الجدية لدينا ؟! وأظفت أني اعتقد بأن مسالة الأكراد ستأخذ بعدا إنسانيا وسياسيا خطيرا إن لم يتم احتواءها بطريقة صحيحة. فبدأ صدام الحديث مطولا عن القضية الكردية وموقف مصطفى البرزاني وعلاقته بأمريكا وإسرائيل ................. وتوجه إلي في حالة لم تكن مسبوقة بقوله: وما رأيك يا لواء وفيق في أن يجري التخلص من جلال؟ وقبل أن أجيب خطر في بالي سريعا ما قاله لي احد ضباط جهاز المخابرات من أنهم التقطوا رسالة لاسلكية قبل أربعة أيام وردت إلي من السيد جلال الطالباني وأرسلوها إلى جهاز الأمن الخاص وطلب قصي نائب مدير جهاز الأمن الخاص من المخابرات متابعة الموضوع, فأجبت صدام بأني اعتقد أن تصفية الطالباني لن تكون في صالحنا وعلينا أن لا نتوقع بأن نيشروان مصطفى وكوسرت سيتبعون خطاً مرناً معنا .... سكت قليلا ثم قال : هل تعتقد بأن الوحدة 888 مؤهلة للقيام بهذه المهمة ؟ .... فالتفت عزة الدوري الذي جاء متأخرا بقوله لقد أخطأنا في عدم إنهاء الأمر بهدوء عندما كان في بغداد , ويقصد إعطاءه جرعة سامه (غير الثاليوم) بطيئة التأثير , وعاد والتفت إلي (اعملوا ما يلزم لهذا الغرض وبالوحدة 888 ..... وبالطبع لم يكن صدام يعلم بأنني والسيد الطالباني قد وصلنا إلى حالة جيدة من التفاهم هدفها النهائي تخليص الشعب منه)).
التعليق:
يحاول وفيق عبجل في جُل كتابهِ المُلفّق هذا تضخيم دور سيدهُ جلال طالباني الذي اسماه هو (رئيس حزب عملاء إيران) والتقليل من شأن غريمهِ مسعود البرزاني والذي أطلق هو عليه أيضا تسمية (رئيس حزب سليلي الخيانة).
ان مفاوضات الحكومة المركزية مع الأحزاب الكردية كانت قد بدأت فعلياً بعد أن تمكن العراق من إعادة فرض الأمن إلى المنطقة الشمالية عام 1991، فهربَ قادة تلك الأحزاب العملية إلى دول الجوار تاركين المُغرر بهم من أتباعهم، وبعد فترة من استقرار الوضع في شمال العراق أرسلت قيادات الأحزاب الكردية رسالة إلى الحكومة العراقية عن طريق وسطاء أكراد موالون للحكومة يطلبون فيها لقاء القيادة العراقية، وبعد أن درست القيادة العراقية مضمون الرسالة وافقت على طلب الحوار مع تلك الاحزاب، وعـــقِدتْ الاجتماعات في بغداد بمكتب وزير الداخلية، وقد تشكل الوفد العراقي من الشخصيات التالية:
السيد عزة إبراهيم نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، رئيساً للوفد
السيد طارق عزيز نائب رئيس مجلس الوزراء
المرحوم علي حسن المجيد وزير الداخلية
حسين كامل وزير الدفاع
الفريق الركن صابر عبد العزيز الدوري مدير جهاز المخابرات
السيد سبعاوي إبراهيم الحسن مدير الأمن العام
وقد كُـــلّفتْ الاستخبارات العسكرية بالإشراف على ضيافة الوفد الكردي، فكان دور "وفيق عبجل، وهو مدير الاستخبارات لـ 35 يوما فقط، هو [استقبال أعضاء الوفد الكردي المفاوض وإيصالهم إلى أماكن السكن التي كانت تحت مسؤولية مديرية الاستخبارات العسكرية العامة والإشراف على النواحي الإدارية اللازمة أثناء تواجدهم في بغداد] أي أن وفيق عبجل كان يشرف على ضيافة أعضاء الوفد ومتابعتهم إدارياً أثناء فترة الإقامة في بغداد، وهو لم يكن ضمن الوفد المفاوض لأن جميع أركان القيادة متواجدة وخصوصاً وزير الدفاع الذي يمثل الجيش، إلا أن إشراف وفيق على تلك الترتيبات والإداريات لم يدم طويلا إلا لأيام معدودة بسبب طرده من الاستخبارات العسكرية والقوات المسلحة بأمر الرئيس صدام حسين.
كانت القيادة السياسية العراقية هي صاحبة القرار الجدي في إنهاء هذا الملف الشائك الذي استنزف الدولة العراقية منذ تأسيسها ولحد هذا اليوم [ويعلم وفيق هذا جيدا] وقد استغل جلال طالباني الموقف بالكامل وماطل بشكل كبير بالوقت، وقد كتب وفيق عبجل في تقاريره المحفوظة ضمن وثائق الاستخبارات والموجهة إلى الرئاسة والتي تقول [أن عدم جدية رئيس زمرة عملاء إيران جلال الطالباني في المفاوضات هي بسبب دعم القوات الأمريكية له والمتواجدة في شمال العراق بعد لقاء تم بينهُ وبين نائب وزير الخارجية الأمريكي الذي أتى خصيصاً لإيقاف عجلة المفاوضات..........]، وقد علق الرئيس صدام حسين على تقرير وفيق هذا بخط يده:[...... عدم ذكر هذه المسميات (عملاء إيران) مرة أخرى في تقاريركم كوننا بدأنا صفحة جديدة لإنهاء المشاكل العالقة معهم......]؛ وحقيقة الأمر فقد استغل جلال طالباني فترة المفاوضات التي جرت بين الحكومة العراقية والأحزاب الكردية بالمماطلة والتسويف لكسب الوقت لإعادة ترتيبات الخيانة بناءً على تعليمات الأمريكان حيث انه التقى مساعد وزير الخارجية الأمريكي، أدورد دجيرجيان الذي وجه لهُ أوامرهُ بعدم التوقيع على مذكرة الاتفاق النهائي التي وصلت مراحلها المتقدمة ففي خلال فترة المفاوضات وبعد ان قطعت شوطاً مُهماً، ووصلَ إلى الاستخبارات العسكرية تقرير عن مُهاجمة مجاميع مسلحة كردية لمحافظة دهوك وحرق جزء من بناية المحافظة، ولكن لم تتمكن هذه العناصر العميلة من احتلال مبنى المحافظة بالكامل بسبب صمود المحافظ عبد الوهاب الاتروشي وحمايتهِ وقتالهم قتالاً باسلاً دفاعاً عن المقر، إلا أن وفيق عبجل لم يتطرق إلى خيانة أسيادهِ وحمّل القيادة العراقية بتلفيقهِ تهمة عدم الجدية في حل الإشكالات مع الأحزاب الكردية زوراً وبهتانا وكعادتهِ!!!
ويبدو أن وفيق خلال هذه الـــــــــــــ35 يوماً قد أجهد نفسهُ كثيراً في الاجتماعات!، حيثُ انهُ ذكر في كتابيهِ الكثير عن تلك الفترة (مرحلة المفاوضات) والتي تحتاج إلى سنة كاملة حتى يستطيع انجاز هذه الاجتماعات ويؤلف القصص البطولية لأسياده عنها!
تصوروا أن وفيق يقول للرئيس إن [الأكراد لم يلمسوا منا جدية للتوصل إلى اتفاق]!!! أما موضوع فكرة اغتيال طالباني واتهامهُ للسيد عزت الدوري بالقول ((لقد أخطأنا في عدم إنهاء الأمر بهدوء عندما كان في بغداد)) فهذا إدعاء كاذب يريدُ بهِ تضخيم دور سيده، وزيادة حظوتهِ لديهِ ليقول له (انه كان صاحب الفضل عليه في عدم اغتياله)، فالكاذب يتهم القيادة بالغدر ولم يكن الغدر من شيم السيد عزة الدوري ولا القيادة العراقية التي تربت على القيم العربية الأصيلة وليست مثل غيرها من الغادرين (وفيق وأسياده) الذين رفضوا التوقيع على ورقة الاتفاق النهائي لحين عودتهم، بعد أن طلبوا الذهاب إلى شمال العراق لشرح مضمون الاتفاق إلى قواعدهم الحزبية ومن ثم العودة إلى بغداد من جديد!!!
وما إن وصل أسياد وفيق إلى شمال العراق حتى بدأوا بعمليات اغتيال غادرة منظمة لمنتسبي الجيش وموظفي الدولة العراقية بقتل من يستطيعون قتلهُ منهم بعد ترتيب أوراقهم مُستغلين، بغدرهم المعروف، فترة المفاوضات لتسهيل تسلل المسلحين الهاربين إلى المحافظات الشمالية من جديد، وبناءً على هذا الموقف الغادر الجبان صدر أمر القيادة العراقية بسحب كافة منتسبي الجيش وموظفي الدولة من محافظات العراق الثلاث والعودة إلى حدود محافظة التأميم، لإيقاف نزيف الدماء التي سالت بفعل الغدر ونكث العهود بدفع من إيران الشر وأمريكا اللعينة.
وهنا يجب ان أقدم للقارىء الكريم شرحاً عن (وحدة الاستطلاع العميق 888) البطلة التي اتهمها وفيق بتنفيذ محاولة اغتيال جلال الكاذبة، حيثُ تشكلت في العام 1985 لإغراض عسكرية بحتة، وتألفت هذه الوحدة في ذلك العام من ثلاث سرايا سرية الكيان الصهيوني، سرية إيران، سرية تركيا، وبلغ تعدادها القتالي أكثر من 500 مقاتل انتخبوا من مقاتلي القوات الخاصة الأبطال وبعض ضباط الاستخبارات العسكرية، وكان ضباط ومقاتلي كل سرية من هذه السرايا مُلمّين ومُتمكّنين بلغة اختصاصهم بعد الدورات التي حصلوا عليها من قبل أساتذة في اللغات التركية والعبرية والفارسية، ولم تقُم هذهِ الوحدة بأية نشاطات باتجاه تركيا والعدو الصهيوني لانشغالنا بالحرب مع إيران، وعند تسلم الفريق الركن صابر عبد العزيز الدوري قيادة الاستخبارات العسكرية العامة غيّرَ من نمط وواجبات الوحدة 888 حيث ركـــّـــز على تدريب وتطوير مهارات الوحدة وتغير اختصاصات السرايا الثلاث، فأمر أن تكون كل سرية من هذه السرايا مسؤولة عن الاستطلاع العميق في احد قواطع العمليات (القاطع الجنوبي، القاطع الأوسط، القاطع الشمالي) فأصبحت واجباتها متخصصة بالاستطلاع خلف خطوط العدو المجوسي الصفوي حصراً.
وكانت واجبات هذه الوحدة تتلخص في جمع المعلومات الميدانية عن العدو بعد الاندفاع داخل أراضيهِ وخلف خطوطهِ الدفاعية، واستطلاع ورصد تحركات العدو للمساعدة في جمع المعلومات التي تحتاجها الاستخبارات لتحليل نوايا العدو، وتهيئة مستلزمات قطع خطوط إمدادات العدو في فترات الهجوم والهجوم المُقابل، بواسطة وضع المُعرقلات في طرق المواصلات وتفجير الجسور وصنع الكمائن على خطوط مواصلات العدو لإعاقة تقدمها، ومتابعة عادات ونشاطات وتحركات العدو قبل الشروع بالهجوم، واختطاف الأسرى واستنطاقهم بعد أن تأخذ معها معدات فنية خاصة فتقوم بعد استنطاق الأسرى المُختطفين واستطلاع قاطع العمليات بنقل الموقف والمشاهدات بشكل مباشر إلى مديرية الاستخبارات العسكرية، فكان لهذا الوحدة البطلة الدور الكبير والمشرف في معارك النصر والتحرير الكبرى ضد العدو المجوسي الصفوي وكان دورها الأعظم في معركة الفاو عام 1988 حيث تمكن مقاتليها الإبطال من عبور شط العرب، سباحة، والوصول إلى طريق عبدان – احواز وبدأت بنقل المعلومات إلى مركز المعلومات عن أعداد ومعدات وتشكيلات العدو الإيراني، وأكدت للاستخبارات العسكرية إن خطة مخادعة العدو قد أمنت مُباغتة كاملة للقوات الإيرانية مما أدى إلى نجاح عملية تحرير الفاو من دنس المجوس الصفويين، فتحية لآمر الوحدة 888 ومنتسبيها الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم من اجل العراق وشعبه؛ وحتى وان صادرَ شخص مأفون دورهم البطولي واختزلهُ في نفسهِ، إلا أنهم سيبقونَ نبراساً في نظر الشرفاء من أبناء القوات المسلحة العراقية وعنوان ذلك النصر المبين بعد تظافرت جهودهم مع إخوتهم ضباط مديرية الاستخبارات العسكرية العامة والقوات المسلحة في دحر العدو المجوسي الصفوي وتأخير احتلالهم للعراق لخمسة عشر سنة كاملة.
إذن أن عمل الوحدة 888 في الحقيقة كان كما شرحناه أعلاه و لم يكن أبدا بذلك الوصف الذي وصفهُ وفيق عبجل مُحاولاً تشويه سُمعة (وحدة 888 البطلة) كما حاول تشويه سمعة قادة الجيش العراقي الأبطال بدفع من أسياده، ولم تُكلف الوحدة 888 أبداً بعمليات اغتيال لأشخاص إطلاقا لأن عملها عسكري ميداني بحت، وليس لتنفيذ أوهام وتخيلات وفيق عبجل المريضة.
وبالمناسبة فإن الوحدة 888 هي ذات الوحدة التي كان مقرها في (بسماية) والتي شهدت حادثة وفيق الشهيرة التي حدثت أثناء مرحلة القصف الجوي الأمريكي عام 1991 بعد قصف المفاعل النووي هناك والتي جعلت وفيق يستيقظ خائفاً بل مَرعوباً، فخرجَ علينا بملابسهِ الداخلية وهو يصرخ!!! فسجل لهُ موقف لا يُنسى ولا يحسد عليه أمام ضباط الوحدة وجنودها!!
أما قولهُ بأن جهاز الأمن الخاص قد تسلم إشارة عن برقية خاصة من جلال طالباني إلى وفيق، فإنها لو حدثت لكان وفيق في عداد الأموات الان!! لأنه من المؤكد سيثبت انه من العملاء والخونة، والحمد لله الذي جعل الرئيس صدام حسين يكتشف حقيقتهُ ويطلع عليها القيادة العراقية وخصوصا أصدقاء وفيق الذين خُدِعوا به والذين كان يطعنهم من الخلف، فطرد من الاستخبارات العسكرية لأسباب سنأتي على ذكرها تفصيلا في حلقة قادمة.
في الصفحة (165) وتحت عنوان (السياسة ممنوعة) يقول وفيق عبجل
(( باستثناء الاستخبارات ووزير الدفاع ورئيس أركان الجيش فلا يحضر أي من قادة الجيش اجتماعات سياسية على مستوى الدولة إلا في حالات نادرة جدا وقد لا تكون موجودة إطلاقا)).
التعليق:
ارجوا التركيز على بداية الفقرة أعلاه، لقد قال وفيق (باستثناء الاستخبارات) ولم يقل (باستثناء مدير الاستخبارات)!! تماماً مثلما قال: وزير الدفاع ورئيس الأركان!! وهذا ليعطي مرونة في أكاذيبهِ التي نطقَ بها في سلة أكاذيبهِ المُلفقة والتي ادّعى فيها حضورهُ إجتماعات القيادة السياسية!! والحقيقة التي يعرفها الجميع وهي لم يحضر أي ضابط من مديرية الاستخبارات العسكرية العامة لاجتماعات القيادة العليا للجيش او اجتماعات القيادة السياسية سوى مدير الاستخبارات العسكرية العامة بوصفه عضو القيادة العامة للقوات المسلحة.
يتبجح وفيق دوماً بأن الرئيس صدام حسين قام بتكريمهِ بأنواط شجاعة ووسام الرافدين وعدة سيارات لدورهِ في الحرب، والجميع يعلم علم اليقين، خصوصاً من الذين شغلوا مناصب قريبة من أعضاء القيادة العامة وقادة الفيالق، أن الرئيس صدام حسين عندما يقرر تكريم تشكيل ما من تشكيلات القوات المسلحة أو من مديرية الاستخبارات العسكرية العامة او اية مؤسسة عسكرية كانت ام مدنية، فانهُ يطلب رأي قائد التشكيل أو مدير الدائرة بنوع التكريم الذي يقترحهُ للعاملين تحت أمرتهِ من ضباط، و اذكّـــر مرة أخرى أن وفيق حصل على وسام الرافدين من الدرجة الثالثة ونوط شجاعة واحد فقط، وحصل ضباط معاونية إيران على نوطي شجاعة بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية أسوة ببقية معاوني مدير الاستخبارات وضباط المديرية، وذلك بعد أن طلب الرئيس صدام حسين رأي المدير العام وما يقترحهُ لتكريم الضباط العاملين تحت إمرتهِ ومن ضمنهم وفيق عبجل، وحصلنا على التكريم الذي اقترحه المدير العام حينها كونهُ المُطّلع على أعمال معينة قمنا بها، وقد طبّل وفيق وزمّر كعادتهِ بعد أن وصل أمر تكريمنا من قبل الرئيس بالقول [لم يهتم بنا ويقترح هكذا تكريم لنا سوى أخي المدير العام] وأمر أن نقوم بتكبير صورة المدير العام، الفريق الركن صابر عبدالعزيز، مع الرئيس صدام حسين التي التقطت بمناسبة تكريمهِ لانتهاء الحرب العراقية الإيرانية بسيف القادسية ووسام القادسية ووسام الرافدين من الدرجة الأولى وعدة أنواط شجاعة، وكان ذلك التكبير بحجم متر وتأطيرها بإطار جميل! وكتب عليها هدية المعاونية الخامسة للسيد المدير العام! وأخذها وفيق بيده! ليقدمها هدية للمدير العام! عرفاناً من معاونية إيران ضباطاً ومراتب على دورهِ القيادي الذي جعل نجم الاستخبارات يلمع من جديد! وهذه هي الحقيقة التي يتذكرها ضباط المديرية، إلا أن وفيق كعادتهِ في التملق والتلون كان يُضمر من الغيرة والحسد وحب الذات والخيانة ما يجعل أنفاسهُ المريضة تطغى على أحادثيه.
في الصفحات (257- 258) وتحت عنوان (كوكبة شهداء سامراء - محاولة اغتيال صدام؟!) يقول عبجل
((خلال عقد الثمانينات وفي ذروة ومرارة الحرب العراقية – الإيرانية كنت (وتكاد في كل مرة) اذهب إلى مزرعتنا قرب سامراء لتنفس الصعداء من ضغوط الحرب ومتابعاتها الاستخبارية المتعبة يفاجئني احد أبناء عمومتي في المجيء إلى المزرعة ولم أشاهده يوما إلا حاملا مسدسا معه............ ويعرض رغبته في المباراة بالرماية وباستثناء حالات معدودة فقد كان يسجل إصابات دقيقة ودقيقه جدا، وفي إحدى الرميات أصاب هدفا ما كنت أظن انه قادر عليه فأثنيت عليه وفوجئت بقوله (إذن تقر بصلاحيتي للعمليات الخاصة)........ وفي أواخر أغسطس 1988 وبينما كنت احزم حقائبي للسفر إلى جنيف للمشاركة في جولة المباحثات العراقية الإيرانية جاء طلال ليبلغني أن أخاه رشيد اعتقل من المخابرات بطريقه قاسية ويطلب مني التدخل، بيد لم تكن أمامي سوى بضع ساعات، وبعد يومين من ذلك اتصلت من جنيف بأحد الأشخاص الذي يتردد إليهم طلال فابلغني أن طلال قد اعتقل هو الآخر وان عدد المعتقلين تجاوز المائة شخص)).
((بعد عودتي من جنيف وجدت أمامي قصة تشير إلى وجود محاولة لاغتيال صدام اعتقل جراءها أكثر من مائة شخص منهم عبدالله سلوم السامرائي عضو قيادة قومية وأمين سر قيادة قطر العراق ووزير إعلام سابق واحمد طه العزوز العضو القيادي في الحزب ... علي حسن عليان السامرائي عضو قيادي ومسؤول بغداد – الكرخ 1968 واللواء الركن داود الجنابي العميد الركن محمد صالح السامرائي الشخص المقرب لعدنان خيرالله واللواء الطيار الحكم حسن علي التكريتي معاون قائد القوة الجوية (اعتقل 14يوما) العميد الركن أسامة صبحي السامرائي اللواء عادل السامرائي العقيد استخبارات حامد عبد الكريم السامرائي العميد فكرت, رشيد إسماعيل السامرائي طلال إسماعيل السامرائي. ادعى العميد فكرت ورشيد إسماعيل باني أنا الذي أعددت خطة الانقلاب وأرسلتها إلى علي عليان ومن المحدد بموجب خطة الانقلاب أن أصبح وزيرا للأمن القومي وللحقيقة فإن الادعاء لم يكن صحيحا .....)).
((ولعدم ثبوت الأدلة ولصدور عفو عام بعد اجتياح الكويت تقرر اطلاق سراح كافة المعتقلين عدا أربعة جرى منهم جرى إعدامهم ... وقد اطلعت على الموقف الشجاع للمعتقلين وخاصة منهم علي حسن عليان ..... وبعد أشهر من اطلاق سراحهم وعقب حرب الكويت بدأت اتصالاتنا السياسية تأخذ مدى أوسع في سبيل خلاص الشعب)).
التعليق:
بعد إنتهاء الحرب العراقية الإيرانية كتب وفيق عبجل تقريرا سرياً بنسختين سلم احدهما للأستاذ (ج) مسؤول مراسلات الأجهزة الأمنية في مكتب سكرتير رئيس الجمهورية ونسخة أخرى إلى المكتب الخاص لمدير جهاز المخابرات،فاضل البراك، وقد ذكر وفيق في هذا التقرير مايلي:
[أن مجموعة من السوامرة ومن قدماء البعثيين يتحدثون عن الرئيس القائد بسوء وانهُ سَمِعَ من احد أبناء عمومتهِ ويدعى طلال إسماعيل السامرائي أن أخيهِ رشيد اتفق مع هؤلاء البعثيين ومنهم احمد طه العزوز وعلي عليان واللواء الركن داود الجنابي واللواء الحكم حسن علي والعميد الركن محمد صالح السامرائي والعميد الركن أسامة صبحي السامرائي واللواء عادل السامرائي والعقيد استخبارات حامد عبد الكريم السامرائي والعميد فكرت وهم يهيئون لمؤامرة لقلب نظام الحكم وقد أرسلوا طلال لمفاتحتي للانضمام إليهم وأريد أمركم لإدامة الاتصال بهؤلاء الخونة حتى نمسك بخيوط المؤامرة].
صدر أمر الرئيس إلى جهاز المخابرات باعتقال رشيد السامرائي وأخيه طلال، وبعدها صدر أمر آخر باعتقال مجموعتهم والتحقيق معهم حول هذه المؤامرة المزعومة بناءً على تقرير وفيق السري، ولوجود أسماء لضباط برتب كبيرة وعدد من البعثيين القدماء فقد أمر الرئيس بتشكيل لجنة في مديرية الاستخبارات العسكرية العامة برئاسة اللواء الركن المرحوم طه عباس الاحبابي معاون مدير الاستخبارات العسكرية لشؤون الأمن العسكري للتحقيق معهم حول المؤامرة المزعومة!!! ولعدم ثبوت الأدلة ولعدم صحة معلومات التقرير، فقد كتبت اللجنة التحقيقية رأيها ببراءتهم وعدم ثبوت أي شيء ضدهم، وطلبت أمر الرئاسة بإطلاق سراحهم، لكن، لم تقتنع رئاسة الجمهورية برأي اللجنة التحقيقية في مديرية الاستخبارات العسكرية!! وردّتْ على كتاب اللجنة بأن تحقيقهم غير صحيح!!! وأمرت الرئاسة بنقل التحقيق من عهدة الاستخبارات العسكرية إلى مديرية الامن العامة!!! واجري التحقيق معهم هناك أيضا، ولم يثبت بحقهم شيء مما ذكره وفيق، وكان قراراهم مُشابهاً لقرار لجنة مديرية الاستخبارات العسكرية ولكن، لم تقتنع الرئاسة أيضا!!! فتم تحويل التحقيق إلى جهاز المخابرات هذه المرة!!! ومن الواضح أن السبب في تنقل التحقيقات بهذه الصورة هو كون كاتب التقرير (وفيق عبجل) والذي هو من الموثوقين من قبل حسين كامل!!! قد أولي لتقريرهِ المُلفّق اهتمام كبير!!! فهذهِ أول مرة تعترض الرئاسة على رأي عدة لجان تحقيقية قامت الرئاسة، نفسها، بتشكيلها!! وتقوم بتحويلها إلى عدة أجهزة أمنية!! وبعد عدة اشهر من التحقيقات أثبتت عدم صحة ادعاء كاتب التقرير، أطلق سراح جميع المعتقلين بأمر الرئيس صدام حسين شخصياً بعد أن قضوا ما يقارب السنة والنصف في السجن بناءً على وشاية وفيق عبجل، الذي كان هؤلاء البعثيين الأوائل يتهمونهُ ببراءتهِ من مدينة سامراء وعدم وفائهِ لها بالتنصل من مساعدة أبنائها، فأراد وفيق عبجل التخلص منهم وصبَّ حقدهُ الأسود عليهم بتقريره هذا لكن إرادة الله كانت أقوى منه.
وبعدها، وكما يقول الأستاذ (ج) كتب وفيق السامرائي، بعد أن أصبح مديراً للاستخبارات وكالة، تقريراً إلى الرئيس يطلب فيه الأمر [هل يبقى مُستمراً في معاملة المُعـقـتـلين في الاستخبارات بصورة جيدة من حيث الطعام والشراب كما كان يفعل المدير السابق أم يقوم بإجراءاتهِ الاعتيادية حيث أن المدير العام – كما كتب وفيق - لم يقم بإيداع اللواء الركن الطيار الحكم حسن علي في موقف الاستخبارات كباقي المعتقلين بل اسكنهُ في غرفة خاصة في مقر الاستخبارات]!!!!!! حتى ثبتت براءتهُ وصدر أمر الرئيس القائد بإطلاق سراحه، ومن الواضح جداً ان طريقة كتابة وفيق لتقريرهُ هذا غامزاً من جانبهِ إلى أن المدير العام السابق للإستخبارات كان مُتعاطفاً مع المُتهمين باستهداف الرئيس لعلمهِ ان اللواء الحكم كان صديقاً شخصياً للمدير العام، والرئيس يعرف ذلك!!!! فأراد الإيقاع بهما بالقول للرئيس صدام حسين غامزا لهُ أن المدير السابق لم ينفذ أمرك باعتقال اللواء الحكم حسن علي كما يتطلب الموقف!!!
هذا هو وفيق عبجل على حقيقتهِ، والذي اعترف في كتابهِ بأنه كتب سلسلة تقارير ضد قادة الجيش لهز ثقة الرئيس بقادته وخصوصاً مدير الاستخبارات الأقرب إليه!
أن وفيق عبجل يغالط ويناقض نفسهِ في الفقرات أعلاه فمرة يقول ان من اعترف عليه في المؤامرة المزعومة كان غير صادق لعدم وجود وزارة للأمن الوطني في ذلك الوقت، وفي مكان اخر يقول استمرت اتصالاتنا السياسية بعد عام 1992!! فأيهما اصح من أقواله؟ هل كان خائناً منذ ذلك الوقت أم زلة اللسان في اخر الفقرة والتي يقول فيها انه بدأ اتصالاته السرية في ذلك الوقت، العام 1992؟
قال لي احد الضباط الشجعان في المعاونية الفنية في مديرية الاستخبارات العسكرية العامة أن وفيق عبجل أثناء فترة التحقيق مع البعثيين من مدينة سامراء، الذين كتب عنهم وفيق تقريره الذي أدى إلى اعتقالهم من غير وجه حق، بأنه، وفيق، كانت تصلهُ خلال تلك الفترة اتصالات من أقاربهِ في مدينة سامراء يطلبون التحدث إليهِ وحال إبلاغهِ من قبل مأمور البدالة بأن (فلان) السامرائي يطلبك على الخط، يَجن جنونهُ ويبدأ بالصراخ الهستيري على مأمور البدالة قائلا [لا تحول لي أي مكالمة من سامراء ابلغهم باني لست سامرائياً أنا بريء من هذه المدينة الخائنة للرئيس القائد] ويغلق خط الهاتف في مَوقف مُضحك مُخزي للذي خان مدينتهُ وأهلهُ لإغراضهِ الشخصية.
وبالرغم من استشهادنا في الحلقات السابقة بمقال احمد الدليمي المعارض للنظام الوطني الشرعي وصديق وفيق عبجل في فترة هروبهِ من العراق، الا انهُ من المناسب هنا الاستشهاد بقصة اخرى رواها في مقالته تلك تحكي معدن وفيق والمنشورة في عدة مواقع في الانترنت حيث قال في إحدى نقاطه الاربع التي وصف فيها وفيق في مقاله رداً على قراءتي لكتب وفيق بعنوان:
تعقيبا على دراسة العميد الركن استخبارات, أضف أربعة نقاط هذا هو الطفيلي المنبوذ وفيق، فــُــيشير في النقطة الثالثة منها
[في عام 1997 وفي عمان (الأردن) وكنت في حي الشميساني جالساً في سيارتي انتظر احد الأصدقاء، وإذا بفتاة هزيلة متعبة تقصدني قالت (تسمح لي بسؤال) قلت لها (تفضلي) قالت (هل لك أن تدلني على مفوضية مساعدة شؤون اللاجئين؟) تأكد لي ومن خلال لهجتها أنها عراقية قلت لها (ماذا ترومين من الذهاب إليها؟) قالت بالحرف الواحد (لي خال نذل ورطنا وأصبحنا من اجله مشردين وأنا مريضة بالسرطان وأمراض أخرى ولعلهم يساعدوني في علاجي أو طلب لجوئي لأي دوله أتمكن فيها الحصول على علاجي) . قلت لها (أنا مستعد على إيصالك إلى المفوضية شرط أن اعرف من هو خالك) قالت (انه السافل وفيق السامرائي كان ضابط بالاستخبارات وهرب من العراق) قلت لها (أن أموره المادية جيده فهل من المعقول لا يمد يد العون لك والى أخته واعني أمك) قالت وبالحرف الواحد (والله .. إبليس ارحم منه).
هذا دليل آخر على حقيقة وفيق الذي جعل من عائلتهِ مُشردة في شوارع عمان من غير ان يمد يد العون لها وهو الذي يعيش في ترف العمالة والجاسوسية، من غير أن يفكر أصلا بأختهِ وعائلتها التي شُردت من العراق بسبب خيانته.
وما دمنا قد تطرقنا بالحديث عن معاونية الأمن العسكري في مديرية الاستخبارات العسكرية العامة فلا بد لنا من تسليط الضوء على هذه المعاونية المهمة التي يذكرها وفيق دوماً وزراً وبهتاناً رغم انه كان يعمل في الخفاء بإعمال غير قانونية تصب في اختصاص هذهِ المعاونية تقرباً لحسين كامل.
ففي كل جيوش العالم هناك اختصاص للأمن العسكري يختص بأمن القوات المسلحة (امن الأشخاص – امن المعلومات والوثائق- امن المعدات) للحفاظ على امن القوات العسكرية ومنتسبيها وكان في الجيش العراقي وضمن هيكلية مديرية الاستخبارات العسكرية العامة معاونية من ضمن المعاونيات الخمس تسمى (المعاونية الثانية – الأمن العسكري) وهي مسؤولة عن أمن القوات المسلحة ومنتسبيها ضد اختراق العدو وكان المعاون الثاني لشؤون الأمن العسكري آنذاك اللواء الركن المرحوم طه الاحبابي وهو من ضباط الجيش العراقي الشجعان الأكفاء ومن ثوار تموز ومن عائلة بعثية معروفة بوطنيتها، وهو معروف بأخلاقهِ العالية الرفيعة وخوفهِ من الله سبحانهُ وتعالى، ولم يؤشّر عليهِ طيلة عمله كمعاون لمدير الاستخبارات لشؤون الأمن العسكري بأنه ظلم احداً، وقد شغل اللواء الركن طه الاحبابي عدة مناصب منها مدير الشعبة السادسة (شعبة الملحقين العسكريين) ورئيس مجموعه امانة سر القيادة العامة للقوات المسلحة في مقر القيادة العامة للقوات المسلحة – في مبنى المجلس الوطني، فكل من عمل تحت إمرته يشهد له بالنزاهة والوطنية والعدل وكونه مثالاً للقائد للعسكري العراقي الغيور.
تتألف المعاونية الثانية لشؤون الأمن العسكري من ثلاث شعب: الشعبة الرابعة (شعبة أرشيف ومعلومات القوات المسلحة)، الشعبة الخامسة (شعبة متابعة النشاط الهدام في القوات المسلحة)، والشعبة السادسة (شعبة الملحقيين العسكريين)؛ وكان يتواجد في المعاونية الثانية قاضي تحقيق مُنسّبْ من وزارة العدل بعد موافقة الرئاسة على تنسيبه.
إستمرت هذه المعاونية بالعمل ضمن هيكلية مديرية الاستخبارات العسكرية العامة حتى منتصف العام 1990 حيثُ فصلت عن مديرية الاستخبارات العسكرية العامة بعد أن رفض رأي اللجنة التحقيقة المشكلة بأمر الرئاسة للتحقيق بتقرير وفيق عبجل السري بحق البعثيين في مدينة سامراء!!! ونُقِلتْ هذه المعاونية بجميع مَفاصلها وارتبطت بجهاز الأمن الخاص!!! لتنفصل مرة أخرى ولتكون كدائرة مستقلة في العام 1991 باسم مديرية الأمن العسكري يرأسها اللواء الركن طه عباس الاحبابي، وقد تعاقب على إدارتها الكثير من قادة وضباط الجيش العراقي ومنهم الفريق الركن حازم عبد الرزاق القائد العراقي قائد سلاح الصواريخ عام 1991 الذي حفر اسمه بأحرف النور الذي سآتي ذكره لاحقا، إلا أن وفيق بأكاذيبه المعروفة وطريقتهِ الخاصة بخلط الأوراق، يدّعي كلاماً غير هذا في معرض ردهِ الهابط على اللواء محمود شكر شاهين مفخرة الجيش العراقي، بأن هناك في مديرية الاستخبارات العسكرية معاونية سادسة لشؤون التحقيق؟! وجميع ضباط مديرية الاستخبارات العسكرية العامة يعرفون حق المعرفة أنهُ لا وجود لمثل هذه المعاونية وأنها من خيالات ذاكرة وفيق المريضة، وانه يذكرها تلفيقاً لأسبابهِ الخاصة التي سنذكرها لاحقا، وما يؤكد صحة عدم وجود معاونية لشؤون التحقيق باسم المعاونية السادسة رغم عدم اعترافنا بشهادة وفيق عبجل كونه ( .....) إلا أنه لا مانع من أن نـُـدينهُ ونفضح أكاذيبه من فمهِ ولسانهِ هذهِ المرة حيث قال في كتاب التلفيق الأول (حطام البوابة الشرقية) وفي الصفحة 205 منه وتحت عنوان الأجهزة الخاصة – مديرية الاستخبارات العسكرية العامة
((أعيد تقليصها عندما تقرر فصل الأمن العسكري منها خلال القصف الجوي واستحدثت له مديرية امن عسكري تجنبا لوجود الاستخبارات والأمن بيد مدير واحد لا يعرف ولاءه تماما وفي مطلع العام الحالي 1996 أعيد ربط الأمن العسكري بالاستخبارات بعد تعيين مدير لها من أقرباء صدام علما أنها مرتبطة برئاسة الجمهورية ...)).
إذن لا وجود لمعاونية سادسة لشؤون التحقيق في مديرية الاستخبارات العسكرية العامة وهذه المرة كان الكلام عن لسان الكذب والتضليل وفيق عبجل (من فمك أدينك واكشف كذبك) ولو كان هناك هكذا معاونية في الاستخبارات لكان وفيق قد اطلق لسانهُ حينها في كتب التلفيق لتمزيق الأمن الوطني العراقي إلا انهُ هذهِ المرة سقطَ في مُستنقع الكذب المَفضوح عندما قالَ في رده على اللواء الركن محمود شكر شاهين ان: هناك في مديرية الاستخبارات دائرة باسم المعاونية السادسة لشؤون التحقيق، والتي لا وجود لها اطلاقا.
يبدو ان وفيق عبجل وخلال عمله مع المخابرات العالمية، باختلاف أنواعها، اختلطت عليه المعلومات حيث يبدو انه سمع بمعاونية التحقيق اثناء استجوابه من قبل معاونية التحقيق في احد مقرات أجهزة المخابرات التي يعمل لحسابها !!!
هذا هو وفيق عبجل لمن لا يعرفهُ الذي باع الأرض والعرض وأشياء أخرى كثيرة وسنستمر في تفنيد الكتاب الملفق هذا وسنذكر ان شاء الله ما خفي من قصته الحقيقة.
* أحد ضباط مديرية الاستخبارات العسكرية العامة