علي الكاش
(لتكن إنتفاضة الأنبار فوق أي إعتبار)
من المؤشرات الجديدة التي أفرزها الإحتلال الامريكي/ الإيراني للعراق هو الإنحراف الخطير قي درجات التقييم للإداء الفعلي في كل القطاعات الحكومية. فلا يوجد تقييم بدرجة جيد أو وسط أو مقبول. فحسب المعايير الديمقراطية المعمول بها في دولة القانون تتوفر الدرجات (سيء- سيء جدا- الأسوأ).
وهذا التقييم ينطبق على الأفراد أيضا، كرئيس وأعضاء البرلمان وكل لجانه، ورئيس الوزراء وحاشيته من المستشارين الإمَّعات، والوزراء ونوابهم، والسفراء والقضاة وكبار القادة العسكريين والمسؤولين الأمنيين، والمراجع الدينية والوقفين السني والشيعي، ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات. و!ذا حاولنا أن تقيم احدا ما تقييما فيه جانب إيجابي ضئيل يمكن إستخدام تعبير(أفضل السيئين)!
من البديهي إنه عندما تكون السلطتان التشريعية والتنفيذية فاسدتين، فأن كل المؤسسات المرتبطة بهما بشكل مباشرة أو غير مباشرة تكون فاسدة بالنتيجة. وأفسد الوزارات في العراق هي الدفاع والداخلية وأمن الدولة وجميعها شاغرة منذ عامين بلا وزراء لأمر رُتب ليلا في دهاليز قم، بهدف إبقائها تحت وصاية عميلهم المالكي. إن وزارات المالكي الذي يدعي نفسه رئيسا لما يسمى بحكومة دولة القانون، ومتشدقا بمحاربة الفساد، هي من أفسد الوزارات! فلا عجب أن تكون بقية الوزارات على نفس الشاكلة. فإذا كان ربٌ البيت سمسارا، فشيمة أهل البيت الدعارة.
إن دفاع المالكي عن الفاسدين والمجرمين في هذه الوزارات قد حصَّن مناعتهم، وأعطاهم المزيد من فياغرا الفساد المالي والإخلاقي.
ففي جميع حالات الفساد الحكومي، يسلٌ المالكي سيف ذي الفقار مدافعا عن معيته الأوغاد من اتباع آل البيت (الأسود).
أن يدافع عنهم في جانب الحق والعدل فهذا أمر محمود ولا غبار عليه، وهو من صلب واجباته. أما أن يدافع عنهم في جانب الظلم والباطل فإنه امر مذموم يتعارض مع اليمين الدستوري الذي ألزم نفسه به عند توليه رئاسة الوزراء. وبلا شك إن من يحنث يمينه مع ربٌه يسهل عليه أن يحنث يمينه مع شعبه. وهذا ما جرى منذ توليه رئاسة الوزراء في الدورة السابقة ولحد الآن.
في كل مرة يدافع فيها المالكي عن الظالمين والمرتزقة من جيشه وشرطته بتحيز واضح، يفضحه الباري تعالى بكشف الحقيقة، ليركنه دائما في زاوية الخزي والعار. وسبحان الله الذي يسخر واحدا من أعوان المالكي وليس من معارضيه ليكشف كذبه أمام شعبه! ولم يجانب مقتدى الصدر الحقيقة عندما وصف المالكي بأنه" أكبر كذاب" رغم إن شبيه الشيء منجذب إليه.
الحقيقة المرة هي: كيف يرضى شعب يحترم نفسه، وكان مهداً للحضارة البشرية، وفيه معظم العتبات المقدسة، ويدعي موالاة آل البيت أن يحكمه كذاب! وليس كذاب فحسب بل إرهابي محترف وطائفي حتى النخاع كما وصفه ممثل الجامعة العربية، ولص محترف لا يضاهيه سوى احمد الجلبي وبهاء الدين الأعرجي وعلي الدباغ وسعدون الدليمي.
الأنكى منه إن مجلس النواب لم يستدع هذا الكذاب ليحاسبه على كذبه وتعهداته السابقة بمكافحة الفساد والإرهاب وإعادة تعمير العراق والقضاء على ازمات الماء والكهرباء والوقود، وتفاقم ظواهر القمامة والبطالة والفقر والمرض. والسبب بسيط وواضح، فالسلطة التشريعية لا تقل فسادا عن السلطة التنفيذية ولا يعلو على فسادهما سوى فساد السلطة القضائية.
تستذكرون عندما كَرَم المالكي مجموعة من الضباط والجنود لأنهم اغتصبوا فتاة عراقية بعدما أصدر قضاء مدحت المذموم حكما ببراءتهم وفقا لتوجيهات ربٌه الأعلى نوري المالكي! ان يتم تكريم الضباط الذين لهم مواقف بطولية في الدفاع عن حياض الوطن وكرامة الشعب، لا اعتراض مطلقا عليه بل إنه واجب على القائد العام للقوات المسلحة. أما أن يكرم مجموعة من الوحوش البشرية إغتصبت فتاة عراقية! فهذا ما لم تشهده شعوب العالم حتى المشاعية منها!
مع مراسيم عاشوراء شاهدنا وحدات من الجيش العراقي تمارس النحيب واللطم في ساحات التدريب بإشراف الضباط! بل إن بعضهم كان يلطم أيضا، الأحرى بالشعب ان يلطم على هكذا جيش طائفي ومستهتر بقيم الرجولة والضبط العسكري، ورغم الإنتقاد الصارخ لتلك الممارسة الطائفية لم يحرك القائد العام ولا بيدقه المسخ سعدون الدليمي ساكناً لمحاسبة العساكر اللطامين! على أقل تقدير احتراما للرأي العام العراقي والعربي. والتزم كالعادة برلمان النجيفي الصمت امام هذه الممارسة الطائفية المقيتة. في الوقت الذي اعطى الوقت الكافي لمناقشة عرض مسلسل الحسين (نوقش المسلسل بإستفاضة في جلسة برلمانية وصدر قرار بمنع عرضه بإجماع النواب)!
قبل إنتفاضة الأنبار المجيدة دافع المالكي بضراوة عن نزاهة ضباطه وجنوده وهو يعلم علم اليقين بأن معظمهم من المجرمين واللصوص وعناصر المليشيات التي تم دمجها قانونا مع الجيش والشرطة في زمن باقري صولاغي وزير الداخلية آنذاك. ووصلت الصلافة عند المالكي بأن طلب من البرلمان رفع الحصانة عن النواب الذين إدعوا وجود حالات تعذيب واغتصاب داخل السجون مع انهم يمثلون لجنة حقوق الإنسان في البرلمان! وانبرت جوقة المالكي كالشمري (وزير الظلم) وشياع (وزير حقوق الشيطان) للدفاع عن وليٌ نعمتهما.
وبعد بضعة اسابيع وبفعل الحراك الشعبي الأنباري تبين صحة حالات التعذيب والاغتصابات في السجون. وأُلقم المالكي ورهطه المتملق مداسات في أفواهم فلم يجرؤوا بعد على نكران الحقيقة. ومع هذا لم يعتذروا عن مواقفهم السابقة! ولمن يعتذروا؟
لشعب منشغل باللطم والنحيب طوال السنة؟
لشعب غير متفرغ لمحاسبة حكامه الفاسدين؟
فعلا تصلح القاعدة السماوية كيفما كنتم يولى عليكم. فهي جوهر فلسفة الحكم. وخلاصة مفهوم السياسة. وأساس العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
أطلق رئيس الوزراء (!) عبارات ينأى عنها اولاد الشوارع في وصف الإنتفاضة الشعبية المجيدة في الأنبار. فوصفها بالفقاعة! ولقلة خبرته وجهله المدقع فهو لا يعلم بأن الذرة وهي أصغر من الفقاعة في إنشطارها تولد قوة تدميرية تمحو بها مدنا بأكملها. فكيف بالفقاعة؟ لقد زلزلت الفقاعة كرسي المالكي وما زال يترنح يمينا وشمالا حتى يسقط!
كما وصف الأمعي شعارات الإنتفاضة بالنتنة مع إن معظمها كانت اسلامية وحسينية. والنتانة الحقيقية تجسدت في شعار" المالكي مختار العصر". لأنه شعار دموي وإنتقامي وطائفي بحت، رغم إنه يعكس واقع حال المالكي.
كما صرح المالكي بأن أجندات خارجية تقف وراء الإنتفاضة الأنبارية! في حين إنه المنفذ الأول لأجندة أسياده ملالي طهران. وحسنا فعل ابو ريشة بترجمة مطالب أهل الأنبار إلى الفارسية لأن أمر المالكي بيد أحمدي نجاد.
ثم إدعى المالكي إنهم – أي رجال الإنتفاضة- من بقايا ازلام النظام وتنظيم القاعدة، متجاهلا ان أهل الأنبار هم الذين حاربوا تنظيم القاعدة وليس قوات المالكي المتخاذلة! ولو حصل ذلك لكان مقر قيادة تنظيم القاعدة حاليا في المنطقة الخضراء!
أما إتهامه بأنهم من ازلام النظام الوطني السابق. فالواقع يحدثنا بأمر معاكس. حيث لم يرفع ثوار الأنبار صور قادة البعث ورموزه الوطنية. ولا صور زعماء عراقيين أو غير عراقيين. بل شعارات وطنية بحته تضم آيات من القرآن الكريم وشعارات الإمام الحسين، وأخرى تؤكد على وحدة تراب العراق والإخاء الوطني. وهي التي وصفها المالكي بالنتنة! لكن النتانة والوضاعة والسفالة والكذب والخيانة والاجرام هي من صفات العملاء وليست من صفات الثوار يا مالكي!
في انتفاضة (لا تراجع) يوم الجمعة الفائت التي جاءت كرد حاسم لتفند إدعاء المالكي بأن جماهير الإنتفاضة بدأت تنحسر ولم يبق سوى عدد محدود- لربما كان يتحدث عن تظاهرة (مختار العصر) المؤيدة له والتي لم تتجاوز المائة متظاهر جلهم من الجنود والشرطة وبائعي الذمم- فقد شهدنا أكثر من مليون متظاهر في الأنبار والموصل وسامراء وصلاح الدين وبغداد! ناهيك عن عشرات الآلاف ممن منعتهم قوات المالكي من التوجه إلى ساحات الإعتصام. كان عدد المتظاهرين ردٌا مفحما على أكاذيب المالكي ودجله المزمن. لكن مسلسل الكذب عند المالكي وحزبه وحكومته لا يتوقف. فخرج علينا هذه المرة مدعيا بأن المتظاهرين العزل المتوجهين لإداء الصلاة هم الذين إستفزوا قواته الهمجية، فردت قواته عليهم بإطلاق الرصاص. ومن المعروف إن القوات المستهترة بدماء الشعب هي التي طوقت ساحة الإعتصام ومنعت المصلين من التوجه للساحة لإداء الصلاة الجامعة. كما إن مدرعات الجيش دخلت لساحة الإعتصام لتفريق المصلين. إذن من إستفز من؟ وهل يجوز لمن يُستفز من قبل أعزل على سبيل الفرض أن يمطره بوابل من الرصاص. هل هذه شريعة دولة قانون ام شريعة غاب؟
ثم أي من الروايات الحكومية هي الصحيحة حول الإعتداء على المتظاهرين؟
الرواية الأولى رواها ما يسمى بقائد القوات البرية (علي غيدان) بأن حماية رئيس مجلس محافظة الأنبار هم الذين اطلقوا النار على المتظاهرين وعلى قوات الجيش أيضا!
الرواية الثانية لما يسمى الناطق بإسم وزارة الرعاع او الدفاع (محمد العسكري) حيث ذكر بأن (200) متسلل من تنظيم القاعدة اخترقوا التظاهرة واختلقوا المعركة مع الجيش. تصور,ا! يسميها الفهيم معركة. كأنه قواته دخلت حربا!
الرواية الثالثةللعميل الوسخ (عزة الشاه بندر) وإسمه الأصح (ذلة الشابندر) حيث إدعى هذا الصفوي الحاقد بأن الرصاص جاء من بنايات محيطة بساحات الإعتصام. وبكل غباوة نسى افتراءه وإضاف "ماذا ينتظرون نرميهم بجكليت"! هذا نموذج من الذئاب البشرية التي تحكم العراق. ونرد عليه سنرميكم بالبساطيل الأجنبية التي جاءت بكم للعراق يا عملاء (ماذا تنتظرون! أنرميكم بأحذيتنا)؟
مع هذا ربما يفسر البعض حديثنا تفسيرا أحاديا ومتحيزا بدعوى أننا من مؤيدي الإنتفاضة، رغم إننا لم نقدم سوى أقل من ما قدمه صبي من الأنبار سهر ليلة في ساحة الإعتصام المنورة بوجوه المؤمنيين! لكن مع هذا لايجوز أن نبخس حق الآخرين في رأيهم طالما إن الغرض هو الوصول إلى الحقيقة. وتيمنا مع القول الرائع بأن "ارجح رأيي على الصواب مع إحتمال الخطأ. وارجح رأي من يعارضني على الخطأ مع إحتمال الصواب".
هكذا تعلمنا وهذا هو منهجنا في الحوار.
سنأخذ تصريحاً لواحد من شراذم الأحزاب الحاكمة وهو من الإئتلاف الشيعي الحاكم. إنه ليس من النواصب والظلاميين والتكفيريين والسلفيين وأزلام النظام السابق. بل من البيت الشيعي نفسه وليس من جيرانه! يتحدث لنا عن حقيقة ما جرى في ساحة الإعتصام الكبرى في الأنبار من خلال نتائج التحقيق وليس مجرد إدعاء وثرثرة.
فقد شكل البرلمان لجنة تحقيقية لمعرفة ملابسات الإصطدام بين قوات المالكي والمتظاهرين. ومن بدأ فعلا بإستفزاز الآخر؟
أترككم مع المجرم حاكم الزاملي عضو اللجنة البرلمانية للأمن والدفاع متحدثا عن نتائج سير التحقيق، بقوله "إن الفريق حاتم جبر خلف مدير الاستخبارات العسكرية قد سخر مجموعة من عناصر الجيش للإحتكاك بالمتظاهرين. وإن خلف له يد في مقتل إثنين من عناصر الجيش بعد قتل المتظاهرين من أجل خلط الأوراق وتأجيج الفتنة الطائفية والتخلص من التظاهرات"! علما إن رئيس اللجنة التحقيقية هو (خالد العطية) أي من الإئتلاف الشيعي الحاكم أيضا، بل من كتلة المالكي نفسه.
إذن لقد كذب المالكي عندما إتهم المتظاهرين الأبطال بإستفزاز قواته الميليشاوية وتبين عكس ذلك.
السؤال هو:
هل يمكن لرئيس الإستخبارات العسكرية أن ينفذ خطته اللعينة تلك بدون موافقة المالكي وسعدون الدليمي؟
إذا كانت الإجابة: نعم! نفذها بدون إستشارتهم. إذن يجب أن يحال فورا إلى محكمة عسكرية ليأخذ جزاءه العادل عن جريمة قتل وجرح عدد من الأبرياء.
وإذا كان الجواب: كلا! بموافقتهما. إذن يجب ان يحال المالكي والدليمي الى القضاء لإقترافهم جريمة كبرى بقتل 7 وجرح 60 شخصا من المتظاهرين! ولا علينا بموت بعض من بيادق المالكي المشتركين في المؤامرة على المتظاهرين. فمصيرهم إلى جهنم وبئس المصير.
هكذا يكشف الله سبحانه تعالى الكافرين والظالمين. يفضحهم ويخزيهم في الدنيا، ويحاسبهم ويعاقبهم في الآخرة. إنهم يمكرون ولكنهم يتجاهلون لغبائهم وحمقهم وزندقتهم بأن ((الله خير الماكرين)) سورة الأنفال/30.
كلمة أخيرة!
نهيب بكتاب المقاومة الوطنية وفرسان القلم أن يشاركوا بكل قوة وزخم في ميدان الإنتفاضة الشعبية المجيدة. فالقلم سلاح فتاك لا يقل تأثيره عن السلاح التقليدي. واليوم هو يوم العراق الجديد، عراق الكرامة والسيادة والعزة. عراق العروبة والإسلام، عراق العتبات المقدسة والثوار. عراق النقاء والإرتقاء وتصفية ذيول الإحتلال الامريكي- الصفوي. فلا تبخل أخي الكاتب بساعات من وقتك تسخر فيه قلمك المبدع لدعم اخوانك في الإنتفاضة. لقد جف حبر اقلام المتملقين والأفاكين من المأجورين، ولم نعد نسمع لهم صوت! بل همس وتوجس من القادم. فالميدان أصبح للأقلام الحرة الشريفة بعون الله وهمة الغيارى.
ونهيب بالشيوخ الأكرمين ورجال الأعمال والموسورين من العرب والعراقيين النجباء بدعم المواقع الوطنية ماديا ومعنويا فهي لسان الأحرار ومنابر الحق والصمود فلا تبخسوها دعمكم وفقكم الله وهي معروفة للجميع وتغطي فعاليات المقاومة والإنتفاضة الجماهيرية البطلة بكل وفاء وقوة رغم ضعف إمكاناتها. فالذاكرة العراقية أم حنون، وفية ومخلصة لا تنسى مواقف ابنائها الشرفاء والأحرار أبدا.
ونهيب بالقراء الأفاضل دعم الكتاب الوطنيين من خلال مواكبة ما تنشره المواقع الوطنية وتعليقاتهم الرائعة على المقالات وسد الأبواب أمام المعلقين المأجورين من ازلام المالكي والرهط الصفوي الذين لا يجيدون سوى الشتيمة والقذف.
فأنتم اعزائي الدرع الحصين الذي نستمد منه العون والثقة واليقين وفقكم الله وأيانا لخدمة الوطن السليب.
ولنا وقفة أخرى بعون الرحمن الرحيم.