وجهات
نظر
طارق
الحميد
لسنا أمام «كل رجال الرئيس»، ذاك الفيلم
الأميركي الشهير، بل نحن أمام كل وجوه الأزمة في العراق، الذي نال رئيس وزرائه
حيدر العبادي ثقة البرلمان لتشكيل حكومة جديدة ودون تسمية حقيبتي الدفاع والداخلية!
ما يحدث بالعراق يقول لنا إننا لسنا أمام
ساسة، أو قيادات، أو أحزاب، استوعبوا الأزمة، وإنما أمام مجموعات رأت أن المصلحة
تكمن في تحقيق مكاسب آنية، وتجنب أكبر قدر ممكن من الخسائر الذاتية، فالواضح من
أسماء الحكومة ونواب الرئيس، أن الجميع بالعراق أراد الانحناء أمام عاصفة خطرة لا
أحد قادر على توقع حجم مكاسبه فيها، أو خسائره!
ومجرد عودة
إبراهيم الجعفري، وعادل عبد المهدي، وأسامة النجيفي، وباقر جبر الزبيدي، وهذه
وحدها قصة، تعني أن العراق لم يعبر أزمة، بل قرر «تدويرها»، وعلى الطريقة
اللبنانية الشهيرة، فمع تعيين الدكتور إياد علاوي نائبا للرئيس، وكذلك نوري
المالكي، وتعيين هوشيار زيباري نائبا لرئيس الوزراء، يتضح أن الحكومة العراقية
الجديدة، وكل التشكيل الأخير، لا هو بحكومة مصالحة، ولا تسوية، ولا حكومة كفاءات،
بل هي حكومة كل وجوه الأزمة، ومن باب أن يكون الجميع مطمئنا، وليس مشاركا لبناء
بلد، وتجنيبه أزمة خطرة، وإلا كيف يساوى المالكي بالدكتور علاوي، مثلا، ورغم كل ما
فعله المالكي بالعراق! ولذا فإن كل ذلك يؤكد أن الأزمة السياسية، والطائفية، في
العراق، كبيرة وخطيرة؛ حيث إن الجميع قلق على مصالح ضيقة، وليس حريصا على العراق!
وما يؤكد هذه
القراءة لأوضاع العراق الحالية هو عدم الاتفاق على تسمية وزيري الدفاع والداخلية،
وهما الأهم، وسط تهديدات «داعش»، واقتراب التدخل الأميركي العسكري. فكيف يمكن أن
يكون الساسة العراقيون متفقين على ضرورة حماية البلاد أمام خطر «داعش» بينما لا
يتفقون على حقيبتي الداخلية والدفاع؟ وعليه فإن ما فعله ساسة العراق والبرلمان،
عند تشكيل الحكومة ومنحها الثقة، بجمع كل هذه الأسماء والوجوه، ودون تسمية وزيري
الدفاع والداخلية ما هو إلا بمثابة من أعد قائمة المشتريات وذهب إلى المتجر دون
نقود، أو بطاقات ائتمانية، وإلا كيف سيحارب العراق «داعش» بلا وزيري داخلية ودفاع؟
ولذا فإن
التشكيل العراقي السياسي الجديد ما هو إلا دليل على عمق الأزمة، وخطورتها، ودليل
على حجم عدم الثقة بين المكونات العراقية، مما يتطلب مصالحة جادة وليست شكلية.
ملاحظة:
نشر المقال هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق