وجهات
نظر
موسى
الحسيني
كنت قد كتبت ملاحظة
عن نيتي في كتابة هذه الذكريات، وبمزيد من الفخر علق على اعلاني امر فصيلي في
مرحلة المستجد والمتوسط، اللواء الركن (الملازم الاول في حينها) نبيل خليل سعيد،
فشكرا له على هذه الالتفاتة.
بدأ تقديم
الطلاب على الدورتين بعد الاعلان عنهما ، الا ان الاعدادات لهما لم تكتمل، قُطعت
او توقفت بوصول البعثيين للحكم في 17 تموز 1968 . ثم اعيدت اجراءات القبول
والفحوصات في النصف الاول من شهر اب 1968 ، وبدأنا بالالتحاق بالكلية في صباح يوم
14 /9/1968 . غالبية الطلاب كانوا ممن تقدم للكلية قبل وصول البعث الى السلطة ،
الا ان حزب البعث اضاف للدورة حوالي 50-60 طالباً، فيهم بعض من اخوان واقارب بعض
المسؤولين، مثل حسن ندا، اخو زوجة الرئيس احمد حسن البكر ، محمد ياسين رمضان اخو
طه ياسين رمضان، خضر علي نصار العامري ، اخو حسن علي العامري عضو القيادة القطرية
واحد الوزراء ، مزاحم عمر العلي ، اخو عضو القيادة القطرية وزير الاعلام صلاح عمر
العلي. مع ابناء ضباط كبار كانو ما زالوا في الخدمة مثل صارم بن اللواء شكيب
الفضلي ، وهيثم بن اللواء احمد حسن بكر (تشابه اسماء مع الرئيس احمد حسن البكر)
وغيرهم ، وثلاث او اربعة من البعثيين من الكبار بالعمر بمقاييس اعمار طلاب الكلية
، منهم عادل مزيد الدبوس ، واخر اسمه نبيل، للاسف لا اتذكر بقية الاسم من اهالي
البصرة ، شاء الحظ ان يكونوا جميعا من زملاء نفس القاعة، كانوا للامانة جميعا
مؤدبين ، ودودين لم يستغل اي منهم موضوع قرابته لا في تعامله مع الضباط ولا مع
الطلاب.
نُسبت للفصيل
الاول في سرية المثنى بن حارث الشيباني، بامرة الملازم الاول (اللواء الركن
المتقاعد الان) نبيل خليل سعيد (وهو ضابط مميز بخصائص استثنائية كما ساتكلم عن ذلك
فيما بعد) ، ولم يكن التنسيب للسرايا او الفصائل مبني على قاعدة بل جاء الضابط الى
الطابور المصطف ، ليقولوا من هنا الى هنا سرية المثنى ، ومن هنا الى هنا الفصيل
الاول وهكذا. كذلك الحال بالنسبة للحضائر ، فكان نصيبي ان اكون من افراد الحضيرة
الرابعة ، وان اخذ الرقم 9355 (رقم الطالب يعني تسلسله في قائمة طلاب الكلية العسكرية
منذ بدء انشائها) ، خصص لكل فصيل قاعة من القاعات الاربع في بناية سرية المثنى،
وكان اعداد الفصائل اكبر من اعداد الاسرة الموجودة في القاعات الخاصة بكل فصيل ،
خصصت القاعة الرابعة لضم الحضيرة الرابعة من كل فصيل ، فهي قاعة مختلطة.
جرت الكثير من
الاستثناءات في الدورة 48 لتغدو استثنائية فعلا ، فقد تقلصت السنة الدراسية الى 6
اشهر ، والغيت فيها العطل الرسمية التي كان يتمتع بها طلاب الدورات الاخرى ، عطلة
نصف السنة والعطلة الصيفية ،اتذكر اننا ما ان انتهينا من اداء الامتحانات النهائية
في الدروس النظرية للصف الاول حتى باشرنا في اليوم التالي السنة الدراسية الجديدة
، وتكرر الامر في الانتقال من الصف الثاني الى الصف المتقدم اي الثالث ، والصفوف
او السنوات الدراسية تسمى عادة مستجد ، ومتوسط ، ومتقدم .
شمل اجراء الغاء
العطلة دورة المتوسط اي الدورة 47 . وكانت الدورة 46 في بداية سنتها الاخيرة
وتتهيأ للتخرج . من
الاستثناءات الاخرى التي تمت خلال الدورة 48 ، انه تم توزيع الطلاب على صنوف
الاسلحة في الصف المتقدم ، وكان هذا التصنيف يتم عادة بعد التخرج ، ولعلها خطوة
علمية وعملية لان المرحلتين المستجدة والمتوسطة كانت كافية لتدريبات المشاة
الاساسية وتعلم اساسيات العلوم العسكرية ، ولم تؤثر هذه التوزيعات على المنهج
الدراسي النظري الذي كان يتلو مرحلة التدريب الصباحية على الاسلحة .
نُسبت لصنف المدفعية ، دون ان
استخدم واسطة او التماس لانني بالاساس كنت من محبي صنف المشاة او هندسة الميدان ،
واعرف ان الدبابات او الدروع ستكون حصة البعثيين واقاربهم ، باستثناء خضر علي نصار
لانه أُرسل للتدريب في كلية سانت هيرس البريطانية بعد التخرج مباشرة ، رغم ان مثل
هذه الارساليات كانت تتم عادة للطلاب الاوائل في كل سرية ولم يكن خضر مميزا ، او الاول
على دورتنا بل كان الطالب خالد علي المولى من طلاب الفصيل الثالث في سرية المثنى
بن حارث الشيباني هو الاول ، لكنه لم يكن من البعثيين . يقال انه أُعدم فيما بعد
بدسيسة من احد خريجي الدورة ، لعضويته في تنظيم سري مضاد للنظام ، ولا استبعد ذلك
من هذا الدساس ، لانه كان وصوليا بطبعه ، ولربما لاسباب خاصة اراد ان يثبت نفسه في
مديرية الاستخبارات العسكرية ، او ان يُثبت للحزب اخلاصه ، مع انه كان من اوائل
المنهزمين من الجيش عند الاحتلال . وصادف ان اتصل بي عام 2006 عن طريق محطة
التلفزيون التي كنت اظهر بها ، سالته اين انت الان فقال انه في احد الدول
الاسكندنافية جاء يطلب اللجوء السياسي معبرا عن خوفه في ان يرفضوه ، واحتمال ان
يضطر للمجئ الى لندن ، او اذا كنت استطيع ان اقدم له شهادة تساعد على قبوله ، قلت
له في حينها : رغم كل شئ انا مستعد لمساعدتك في اي حاجة تطلبها كزميل ، لكن اليس
من الانصاف ان تبقى في العراق ، انت اخر واحد يحق له ان يهرب من العراق فانت بعثي
، واذكرك كم كنت تتنافخ في الكلية بذلك ، ومثلك الان يجب ان يكون قائدا في صفوف
المقاومة لا ان يهرب . قال : بس انا حياتي في خطر ، قلت له : نحن عسكر مهنتنا
الدفاع عن الوطن ، لماذا اذا دخلت الكلية العسكرية اذا كنت تخاف الموت ساعة الشدة . ظل يتواصل معي بين فترة واخرى وانقطع بعد
ان حصل على حق اللجوء على ما يبدو ، وما عاد يحتاجني . فهمت انه هرب اول ما اتيحت له الفرصة الى
الاردن ثم الى حيث هو الان ، مع انه شارك في ترديد قسم التخرج ( اقسم بالله العظيم
، وبكتابه الكريم ، وبشرفي ومقدساتي ، ان اكون وفيا مخلصا في الدفاع عن وطني
..........، واقسم بالله العظيم ، وبكتابه الكريم وبشرفي ومقدساتي ان اكون وفيا
مخلصا لمبادئ ثورة 17-30 تمور وان ادافع عن مبادئ حزب البعث .....) وقضى خدمته
العسكرية في مديرية الاستخبارات العسكرية ، التي لم ينسب اليها الا من كان بعثيا
موثوق بولائه .
وبمناسبة الحديث
عن القسم . هذا القسم
ردده كل خريجي الكلية العسكرية اعتبارا من خريجي الدورة 46 فصاعدا ، لذلك اقولها
صراحة ان كل من عاد للخدمة للجيش بتشكيلته الجديدة فانه يشكل حالة انتهازية مفرغة
من القيم والاخلاق.
تشهد وثائق
طبابة الكلية العسكرية ، ان كانت ما زالت سليمة ، لي اني والمرحوم النقيب الشهيد
عماد فالح البلداوي تهربنا من الاشتراك في استعراض التخرج يوم 30/5 باجازات مرضية
بحجة الاسهال ، تهربا من ترديد القسم .فقد اخبرت عماد باني ساتهرب من الاستعراض
لاني لا اريد ان اقسم بالولاء لحزب البعث وانا ولائي لمجموعة اخرى وذهبت في ليلة
التخرج للطبابة متحججا بالزكام والصداع الا ان الطبيب الخفر رفض اعطائي اجازة
مرضية ، وقال ان الاجازات ممنوعة في يوم الاستعراض .الا ان الممرض الذي كان في
غرفة الطبيب تبعني الى خارج المستوصف ليقول لي اذا كنت لاتريد المشاركة في
الاستعراض ، فان الاجازات المرضية ممنوعة الا بحالة واحدة وهي ان تدعي ان عندك
اسهال حاد ، تعال غدا صباحا وسياتي طبيب اخر لا يعرف بمجيئك اليوم وستحصل على
الاجازة .
عندما عدت في
صباح اليوم التالي قبل الاستعراض بساعتين حصلت على الاعفاء المطلوب ، اخبرت عماد
فذهب هو الاخر ليحصل على نفس الاعفاء . وهكذا تجاوزنا القسم دون ان ينتبه احدا
لنوايانا والاسباب الحقيقية لتخلفنا ، رغم انها ساعات من احلى ساعات العمر حفلات
التخرج تلك.
الاستثناء الاخر
في الدورة 48 ، كان بداية دخول الاسلحة الفرنسية في منظومة تسليح الجيش العراقي ،
واضيف للمنهج الدراسي تعليم اللغة الفرنسية لتصبح الخيار الثاني مع الروسية ، وتم
احضار مدرسين فرنسيين لهذه الغاية ، الا اننا لم نستفد منهما بالحقيقة بالشكل
المطلوب ، فقد كان من الاخطاء الشائعة في الكلية التركيز على التدريب العملي مقابل
اهمال الدروس النظرية التي تتحول بعض الاحيان الى ساعات استراحة او النوم والكسل
بسبب التعب من التدريب العملي ، وحسب اهمية الدروس النظرية ، وشخصية الضابط المعلم
، وكنا نعتقد خطأ بعدم اهمية اللغات الاجنبية .
وكان ان اصابتني
اكبر عقوبة في الكلية حرمان اذن لمدة اربع اسابيع لان مدرس الفرنسية قدم اسمي الى
امر الكلية للنوم في الصف ، وكنت عادة اضع القلم بيدي واتظاهر بالكتابة في حين
اتكأ على يدي اليسرى للنوم ويبدو ان المدرس وجه سؤالا لي ، فعرف بنومي الذي كان
يتصوره اجتهاد ومتابعة مني .
كان الطالب
الوحيد الذي اهتم بدروس الفرنسية في دورتنا هو صارم شكيب الفضلي ، واعتقد انه تعلم
الكثير من اساسياتها، نُسب لصنف الكيمياوي ، اعتقد ان ذلك كان برغبته ، بحكم موقع
والده اللواء شكيب الفضلي ، احد الضباط الكبار بالجيش، سمعت انه بطريقة او اخرى
تمكن من اكمال دراسته ونال الماجستير او الدكتوراة في الكيمياء .
حول التنسيب
للصنوف كنت احب صنوف الاشتباك القريب ( الدروع ، المشاة ، هندسة الميدان) وكما
ذكرت في اعلاه ، اعرف ان الدبابات كانت حكرا على الطلاب الحزبيين ، فلم افكر بها ،
لكن الصدمة فاجأتني ان أُنَسب لصنف المدفعية ، لاني من خريجي الفرع العلمي في
الثانوية العامة ، ورغم ان الصنف كان مرغوباً جدا عند الكثير من الطلاب .
استثمرت اجتماع
امر الكلية العقيد الركن داود الجنابي بدورتنا ليتكلم عن التوزيعات التي حصلت
بالصنوف ، طلبت الاذن بالحديث مستغلا الفرصة : واشتكيت له تنسيبي للمدفعية ورجوته
ان ينقلني لصنف المشاة . ابدى كل من كان موجود في القاعة استغرابه ملتفتا لي بدهشة
لانهم يعتقدون ان خياري كان جنونا ، فالمدفعية من الصنوف المرغوبة جدا ، حتى امر
الكلية العقيد داود الجنابي سالني مستغربا ، فقلت له "انتم علمتونا ان المشاة
سيد الصنوف واحب ان اكون في خانة السادة ، ثم تيمنا بك وانت الضابط الناجح وصنفك
مشاة"، فضحك وقال: انت منقول للمشاة .
كان موعد تخرجنا
الطبيعي هو يوم 17 تموز / يوليو 1970 ،
الا ان اشاعة قوية بدات تنتشر في الاسبوع الاول او الثاني من شهر مايس / مايو ،
وفعلا بدأت الاستعدادات للتدريب على حفل التخرج ، وتم تبليغنا بذلك اي كنا قد
كسبنا 47 يوما على الموعد المقرر ، فهمنا فيما بعد ان سبب التسريع كان زيارة
الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي لبغداد ، وان الحزب كان كان يطمح للتاثير به
وكسبه فهو يحمل توجهات قومية متذبذبة بين البعث والناصرية . حتى ان الرئيس البكر
سمى الدورة في خطابه في احتفال التخرج باسم دورة معمر القذافي .
للاسف ان تلك الحفاوة وذلك
الاحتفال بمقدمه لم يؤت اكله ، فكان من مزاجيات المرحوم القذافي ان زود ايران
بالصواريخ التي ضربت بغداد خلال الحرب العراقية الايرانية ، كما قيل في حينها .
وناصب البعث العداء . ليطرح نفسه كصاحب رؤية مستقلة عن الطرفين.
القضية الاهم في
الحياة العسكرية من خلال تعايشي اليومي لمدة 18 شهرا مع تلك الاعداد الغفيرة من
الطلاب ، حيث شهدت 5 دورات ، اثنين قبلنا ، والتحاق دورتين اخرين خلال وجودنا ،
وعلى الاقل في دورتي ، لم ألحظ اي ظاهرة طائفية عند الطلاب ولا الهيئة التعليمة ،
سوى ظاهرة واحدة حاول من خلالها احد طلاب فصيلنا (ا.ع) ان يثيرها ضد الطلبة الشيعة
المصلين في جامع الكلية ، الا انه تم تاديبه وردعه بقوة ، كما عالج الملازم الاول
نبيل خليل سعيد امر الفصيل الاول في سرية المثنى بن حارث الشيباني الامر بحنكة
وحكمة ، ما جعل هذا الطالب يرتدع ، ويتخلى عن تصرفاته تلك .
تعايش الجميع
وقامت صداقات بين الكل دون اي اعتبارات للانتماءات الطائفية للطلاب . وكانت حالة
هذا الطالب استثنائية . سمعت انه تم اعدامه بعد تخرجه وهو برتبة ملازم اول لانه
نشط في بناء تنظيم سري لصالح الاخوان المسلمين .
كان المعيار
المفضل عند الجميع هو المهنية العسكرية وروح الاخوة والتعاون ، وتدريجيا اصبح
الولاء للحزب هو المعيار الاهم فالطالب العميد الركن (فيما بعد) خضر نصار ، مثلا ،
كان شيعيا ومع ذلك تبوأ اعلى المناصب دون ان يكون لانتمائه الطائفي اي تاثير على
ذلك كما هو الحال مع الكثيرين غيره ، في حين تم اعدام (أ.ع) الطائفي المتعب، لكني
وجدت ان بعض الطلاب الشيعة متحسسين ، ومنهم من يحاول البراءة بانتقاد المذهب او
شتم علمائه ليثب براءته التي لم يطلبها احد منه ، فهو حس داخلي بالاضطهاد او
التمايز ما كان له اساس على ارض الواقع..
من اغرب ما قرات ، كتاب صدر في اوائل التسعينات بعنوان (المعنويات في
الجيش العراقي) ، مؤلفه ضابط كان بعثيا بدرجة عضو فرقة، دخل كلية الاركان على هذا
الاساس، وتخرج منها ، ثم تم اسره او هو سلم نفسه خلال الحرب العراقية الايرانية ،
يتهم كل ضباط وقادة الجيش العراقي بالتعصب الطائفي ضد الشيعة، ولم يتوقف عند حد ان
بعض من يتهمهم كانوا من الشيعة. ولم يبرئ واحدا الا الطالب الذي ذكرت حالته اعلاه
(ا.ع) ، عندما التقيت بالمؤلف سألته كيف هذا وانا اعرف الكثير من الضباط المتهمين
بالطائفية براء منها ، وكيف يتهم الجميع و يبرئ (ا.ع) قال "نعم كان ، لكني عندما تعرفت عليه وتطورت
علاقتي به اصبحنا اصدقاء واعطيته كتاب نهج البلاغة فقرأه وغير سلوكه واعتذر عن
مواقفه السابقة ".
لايمكن الوثوق
بالرواية التي لاتختلف في طريقتها عن بقية روايات المؤلف ، في انه رأى الضابط
الفلاني يهمس باذن الاخر ليقول له هذا شيعي وذاك سني ، وعندما لا يسمع الهمس (الذي
يفترض انه لايُسمع ) فانه يفسر
نوايا الاخرين تفسيرات طائفية غير مقبولة من مخيلته. لم اعجب لتفسيراته لانه قالها
صراحة انه استلم ثمن كتابه من جهات طائفية . وهكذا هم من يروجون للطائفية لم
يكتبوا شيئا بقناعة منهم لكن مقابل ما يدفع لهم من اموال ، كما هو حال حسن عليوي
هندش مؤلف كتاب "الشيعة والدولة القومية" الذي زور الروايات وقلبها من
اجل ان يبرهن شيوع الطائفية بين صفوف الجيش العراقي، وقد كتبت عن ذلك وكشفت
بالوثائق زيف رواياته في كتابي "ساطع الحصري والخطاب الطائفي الجديد".
كلمة اخيرة
اقولها بحق ضباطنا الاشاوس من المعلمين في الكلية العسكرية ، ولا اتذكر كثيرا
اسماء الضباط المعلمين في سرية صلاح الدين كما لم احتك بهم . لكن الشهادة لله
وللتاريخ كان معلمو الفصائل الثلاث في سرية المثنى من افضل الضباط ، معرفة وخلقا ،
وطيبة تعاملوا معنا وشملونا برعايتهم ، كابناء لهم رغم ان فوارق العمر كبيرة.
كانوا قادة حقيقين ، ومربين مهنيين ، اثنان منهم الملازم الاول نبيل خليل سعيد ،
والملازم الاول عماد عبدالقادر من خريجي كلية سانت هيرس البريطانية ، وكان الملازم
محمد وهيب العزاوي خريج الكلية العسكرية العراقية نموذج للطيبة .
ولامر فصيلي الملازم الاول (اللواء
الركن المتقاعد) نبيل خليل سعيد الكثير من الافضال ، فعدا كونه المعلم الاول الذي
تعلمت على يديه المبادئ الاولية للعسكرية ، فقد خلَّصني من العقوبات في بداية
مرحلة المتوسط نهائيا ،وعقوباتي كلها كانت تتعلق بالتدخين ، باستثناء حالة واحدة
ذكرتها اعلاه وهي النوم بدرس الفرنسية.
لااتذكر السبب
الذي قدمني من اجله عريف الفصيل الطالب محمود فيزي الهزاع كمذنب لامر الفصيل
الملازم الاول نبيل خليل سعيد: الذي خاطبني موسى الحسيني: "ضجت منك والله ضجت
، حبر قلمي خلص من كتابة العقوبات ، غرفتي هم ضاجت منك، والتفت الى الملازم الاول
محمد وهيب العزاوي ، الذي يتقاسم المكتب معه ، ملازم اول محمد بالله ماضجت من موسى؟!"
، ثم قال لعريف محمود: "انا تعبت من موسى خذه وروح وما اريد اشوفه بعد بغرفتي".
ومرت المخالفة بدون عقوبة ، في طريق عودتنا الى قاعة الفصيل استثمرت الموضوع لاهدد
العريف محمود ، قلت له: شفت عريف محمود الملازم الاول نبيل وضوجته وتعبته ، دير
بالك تغلط علي يوم امام الطلاب ترى اضوجك واخليك مضحكة واهربك من الفصيل) كان بعض
الاحيان يستعمل مع بعض الطلاب كلمات غير لائقة مثل كلمة غبي ، او يصرخ بصوت عالي
عليهم – رغم انه للامانة رجل طيب وودود ،لا يلمس الانسان فيه اي توجهات خبيثة او
شريرة)، قال "مستحيل ، بس انت عليك ايضا ان تحترمني امام الطلاب"، قلت
"هذا واجب مفروض علي وحق"، قال "اتفقنا".
كان الملازم
الاول نبيل خليل سعيد شديد الضبط والانضباط ، صارم بدون قسوة ، كنا نحترمه وننفذ
اوامره دون خوف. يشعرك انه كان مميزا بين زملائه الضباط بكل شئ ، قيافته ، مشيته ،
طريقة خطابه مع الاخر وطرح اوامره .واني لافخر به معلما ، وواحدا من اصدقائي الان
على الفيس بوك.
كنت اتمنى لو
اصادف اخبارا عن اي من طلاب دورتي ، لكني عجزت للاسف حتى الان ، واعتقد ان
الغالبية منهم قد استشهد في سلسلة الحروب التي مر بها العراق ، فرحمة لارواح من
مات منهم ، وتحياتي لمن مازال على قيد الحياة.
تجنبا للملل
ساتوقف عند هذا الحد لأتابع في مناسبة اخرى مواصلة مثل هذه الذكريات .
هناك تعليقان (2):
السرد القصصي جميل مابه من ذكريات رائعة
وجهات نظر دائما يجد لنا الجديد
مذكرات لطيفة وممتعة بغض النظر عن دقتها وصدقيتها
إرسال تعليق