وجهات نظر
جاسم الشمري
وأخيراً صوت
مجلس النواب في العراق، على الكابينة الوزارية، التي تقدم بها الرئيس المكلف حيدر
العبادي، وبذلك تُطوى صفحة جديدة من صفحات كتاب التاريخ العراقي الحديث، الذي كُتب
– وما زال يكتب – بالدم، ونُقش بالخراب، وطُرز بجماجم العراقيين، وأطُر بالذل
والهوان والبغض.
العبادي، الذي
قرأ منهاجاً وزارياً مطولاً، لم يتطرق لمطالب المحافظات المنتفضة، وركز في منهاجه
على ما أسماها محاربة الإرهاب، وتحدث عن "خطة إستراتيجية شاملة تمتد إلى عام
2018، وتمس كل القطاعات، وتصاغ على أيدي خبراء ومستشارين"، متعهداً بـ"تفعيل
الإدارة اللامركزية على المستويين الإداري والاقتصادي، وإعادة رسم العلاقة بين مؤسسات
الدولة، والانطلاق بثورة إدارية لإعادة بناء مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية ونظام
خدمة كفوء وتطبيق الحكومة الإلكترونية، وتعظيم الموارد المالية والاستخدام الأمثل لها
ونظام الموازنة العامة".
أخبار وتصريحات
وتوقعات وآمال كلها تتعلق بمرحلة ما بعد تشكيل حكومة حيدر العبادي، والسؤال هنا ما
هو المطلوب من هذه الحكومة، وهل فعلاً ستكون هي سفينة النجاة، التي ينتظرها
العراقيون في هذه المرحلة؟!
إن من أهم
الواجبات المناطة بهذه الحكومة، أن تعمل على تحقيق الآتي:-
- عدم استخدام
ذريعة مكافحة الإرهاب؛ لقتل المدنيين، وقصف المدن بالطائرات والبراميل المتفجرة
والمدفعية الثقيلة في المحافظات الثائرة، وأيضاً استمرار الاعتقالات العشوائية،
والتهجير الطائفي الممنهج، الذي تمارسه المليشيات المدعومة من أطراف حكومية معروفة
للعبادي وغيره.
وللتاريخ فان
الطائرات الحكومية كانت في ساعة قراءة العبادي لخطابه أمام مجلس النواب تضرب
المدنيين العزل في الفلوجة والموصل وتكريت بالبراميل المتفجرة، وهذا استخفاف
بالبرلمانيين الذين يمثلون أبناء هذه المحافظات، قبل الاستخفاف بحياة المواطنين
العزل!
- تجميد مهزلة
الحشد الشعبي، ومنع حالة القتال العراقي – العراقي، الذي اُلبس ثوب (الجهاد
الكفائي)، وكل هذه الأفعال من الينابيع الدفاقة في تغذية الفتنة الداخلية بين
العراقيين، وهذا ما لم يحصل، حيث أكد العبادي في كلمته أمام البرلمان ضرورة دعم
تجربة الحشد الشعبي، على أن تكون تابعة للأجهزة الأمنية، وهذا حشد رسمي، وتبني
حكومي للإرهاب!
- تنقية صفوف
القوات الأمنية من المليشيات المعروفة للعبادي قبل غيره، وتسليم قيادة القوات
الأمنية في الجيش والشرطة والمخابرات والاستخبارات لقادة مهنيين.
- تنفيذ مطالب
جماهير المناطق المنتفضة، وعدم إتباع
سياسة المالكي الدموية، التي أحرقت الأخضر واليابس، وصارت فيها الدولة مصدراً
للإرهاب، والرعب، وليس خيمة للأمن والطمأنينة.
إن من أهم
واجبات الحكومات، التي تريد أن تكون لكل الشعب، أن تنأى بنفسها عن الطائفية
والحزبية والضغوطات الخارجية، وأن يكون هدفها هو حماية أرواح المواطنين، وإنصافهم،
وتطبيق القانون على كافة فئات الشعب، وإصلاح المنظومة الأمنية والسياسية والخدمية
والاقتصادية.
فهل العبادي
سيكون قادراً على تنفيذ هذا الأمر؟
الواقع السياسي،
ولعبة تبادل الأدوار، التي تمت قبل يومين، ربما تجعلنا نصل إلى بعض خيوط الإجابة،
فرئيس الحكومة السابقة، نوري المالكي، الذي خرب ودمر البلاد، تسنم اليوم منصب
النائب الأول لرئيس الجمهورية، وهذا مؤشر خطير؛ وعليه، لا أعتقد أن العبادي سينفذ
شيئاً ملموساً على الأرض؛ لأن المالكي سيبقى له هيمنة كبيرة على العبادي؛ باعتباره
أميناً عاماً لحزب الدعوة الإسلامية، والعبادي عضو في هذا الحزب، وبالتالي ستبقى
إدارة البلاد ظاهرياً بيد العبادي، وخلف الستار بيد المالكي، والدليل، استمرار ذات
النهج في التعاطي مع ملف الثورة الشعبية، وبهذا فلا أظن أن الأمر يتعلق بتشكيل
الحكومة، ولكن القضية تتعلق بماذا ستقدمه الحكومة لجميع العراقيين، وأظن أن نسبة
النجاح أقل بكثير من نسبة الفشل، وهذا ما سيلمسه العالم قريباً.
هناك 3 تعليقات:
أعجبني العنوان والمقال
قلناها سابقا المشهد كله مسرحية بسيناريوا ممجوج وضحل وأي واحد يستطيع ان يستشف ان المالكي لا يزال يحكم من خلف الكواليس والجيش لا يزال بقبضته والأمريكان يعلمون ذلك لانهم هم وضعوا هذه المسرحية فقط الضحك كان على "البعورة" من حكام العرب والذين صدقوا ان تغيرا جرى ،
يبدو ان وزارتي الدفاع والداخلية بقيتافي يد المالكي وبقي هو المسيطر على مراكز القوة في حكومة العبادي وهكذا اصبحت الاطراف التي تتظاهر بالخلافات بينهما متفقة تماما على تسيير الامور في فترة العبادي
والمشكلة ان الوجوه هي نفسها والاهداف لم تتغير والاتفاقات والضحايا كذلك
إرسال تعليق