وجهات نظر
طارق الهاشمي
المالكي لا يتعلم، لأنه لايريد أن يتعلم، وهو ليس جديرا بالعلم...
بعد مرور مايزيد على سبع سنوات وهو في السلطة.. الرجل هو هو كما عرفه العراقيون لأول مرة كرئيس وزراء جمهورية العراق عام 2006، عندما يتحقق إنجاز ما، قدراً، فإنه ينسب هذا الإنجاز لنفسه حصراً، أما في حالة الفشل، وما أكثره، فإنه لا يكتفي بإعلان البراءة بل لا يتردد في إلصاق التهم بالآخرين، وهكذا يتهافت المالكي، جاهداً، في عرض نفسه للشعب العراقي أنه على الدوام رجل معقود على ناصيته النجاح والخير! وفي هذا المجال لا يضارعه أحد من شركائه الفاشلين! والمشكلة ليست فيه بل في شركائه!! هكذا يدَّعي....
خطاب دأب عليه المالكي منذ أن اختطف قدر العراق وبات يديره بطريقة (كرسته وعمل – أو تسليم مفتاح) كما يحلو للبعض أن يتندَّر، وهم في ذلك صادقون ومنصفون.
حادثة الهجوم على سجني أبو غريب والتاجي قبل أيام لم تكن استثناء، إذ خرج المالكي في برنامج لقناة العراقية الفضائية ورغم كونها القناة الرسمية للدولة فإنها باتت وسيلة لترويج أكاذيبه وتلميع صورته، خرج يكيل الاتهامات للجميع يوزعها يمنة ويسرة، بدءاً بشركائه في العملية السياسية.. يدعي أنهم يتآمرون على إفشاله، ومرورا بأجهزته الأمنية حد اتهامها بالتقصير وسوء التقدير والإدارة، وفي هذه الحادثة أقال مدير عام السجون، وقدمه للتحقيق مع رئيس أركان فرقة عسكرية وآمر فوج، أما هو فدائما فوق الشبهات رغم أنه القائد العام للقوات المسلحة، ورئيس وزراء، ووزير داخلية، ووزير دفاع، ورئيس لجهاز المخابرات... وهي المناصب التي اغتصب بعضها من ائتلاف العراقية والبعض الآخر من التحالف الشيعي واحتكرها لنفسه، يتعامل المالكي في خروقات أمنية كهذه بتشكيل لجنة تحقيق بهدف تكييف القرار بحيث يتحمل القصور بضعة مسؤولين لا أكثر، باعتبارهم كبش فداء، ثم يغلق الملف، بانتظار كارثة أخرى، ويتكرر نفس السيناريو الممل.
كم كان جميلا لو كان رئيس وزراء العراق رجل دولة يتحلى بالشجاعة والشعور العالي بالمسؤولية وفي حوادث كارثية من هذا الطراز يخرج للشعب العراقي المفجوع بخطاب مقتضب يتحمل فيه مسؤولية ماحصل شخصيا، يعبر عن تعاطفه مع عوائل الضحايا ويعرب عن أسفه ثم يعلن تقديم استقالته ويرحل، كم كان سيكبر في عيون العراقيين لو تصرف رئيس وزراء العراق بهذه الطريقة، ولكن يبدو أنه أي المالكي ليس جديرا بهذا الفضل، بل إن قدره أن تبقى نظرة الشعب العراقي إليه نظرة ازدراء واحتقار!
لا نتوقع أن يتصرف المالكي كرجل دولة، ذلك أن (رئيس وزرائنا) مهووس حد الهستيريا بالسلطة وقد وصلت إليه بالصدفة وهو يعلم أنه غير جدير بها وكان يحلم بالأقل منها بكثير....فكيف يتخلى عنها طواعية ؟ هذا لن يحصل، وتأكيدا لذلك أطلق مقولته الشهيرة (ماننطيها)؟!! بالتالي المقارنة مع الآخرين لا تستقيم وتبقى مجرد حلم.
المالكي رئيس وزراء، يمثل رأس السلطة التنفيذية والمسؤول الأول فيها، ورغم ذلك لم يتحل يوما بالشجاعة ويعترف بمسؤوليته عن الانحطاط الكبير في أداء حكومة تصفها التقارير الدورية للأمم المتحدة بأنها فاشلة، فاسدة، ظالمة.
سجل المالكي في الفشل لايضارعه فيه أحد، ويسعنا في هذا المجال أن نكتب المجلدات، لكن نسأل عن بعض القضايا المحددة التي لايختلف اثنان أنه المسؤول الحصري عنها:
- لو لم يكن المالكي القائد العام للقوات المسلحة لما وجهت إليه تهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية في مجزرة الحويجة؟
- لو لم يعمل المالكي استغلالا لنفوذه في تسييس القضاء لما وجه الاتهام الحصري إليه في استهداف سبعة من قيادات العرب السنة بناءً على قضايا مفبركة؟
- لو لم يتدخل المالكي في قضايا النزاهة، من جانب، والقضاء، من جهة أخرى، ماكان بإمكان وزير التجارة السابق القيادي في حزبه حزب الدعوة عبد الفلاح السوداني أن يفلت من القضاء بعد أن تأكد تورطه في جرائم فساد هائلة؟
- لو لم يكن المالكي رئيسا للوزراء لما تجرأ أحد أن يتهمه بأنه يتحمل لوحده الاحتقان السياسي عندما يرفض، وبعناد، الاستجابة لمطالب مشروعة تقدمت بها ساحات الاعتصام منذ سبعة أشهر؟
- لو لم يكن المالكي قابضاً على السياسة الخارجية للعراق لما اتهمه أحد بأنه فرط بسيادة العراق ومكَّن لإيران أن تُحوِّل بلداً قوياً عزيزاً كالعراق إلى تابع ذليل لدولة ولاية الفقيه؟
- بل من غير المالكي، وهو يحصر إدارة الملف الأمني بيده، مسؤول عن الخروقات الأمنية المتكررة حيث تتواصل الهجمات ودون رحمة على المواطنين ومرافق الدولة بالسيارات المفخخة والأحزمة والعبوات الناسفة، يترافق ذلك مع عمليات هروب جماعي تكررت في سجون الرصافة والبصرة وأبو غريب والتاجي والموصل لمسجونين البعض منهم يوصف بأنه خطر للغاية والغالبية أبرياء أخذوا بالشبهة لمجرد أنهم من السنة العرب؟
رغم ذلك هو لايخجل من الكذب بادعائه الحرص على الأمن ويتبجح بتحقيقه نجاحات زائفة.
المالكي يريدنا أن نصدق أنه غير مسؤول عن الهروب الجماعي من سجني أبو غريب والتاجي، أنه بريء منه (!) رغم أنه القائد العام للقوات المسلحة، ويصر حتى اللحظة على إدارة الملف الأمني لوحده دون شريك. رغم علم الجميع بأن الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة تخضع له مباشرة، في التجنيد والتدريب والتأهيل والتجهيز والتسليح.
ميزانية هائلة أنفقت على مدى سنوات على قوات مسلحة بلغ عديدها مليون ومائتا ألف فرد، ورغم ذلك تعجز قوات بهذا الحجم عن توفير الحماية للسجون بل أن تتصدى لتسعة مهاجمين شجعان؟
لاندري كيف يكون الفشل؟
المالكي وفي معرض تعليق القصور على الآخرين اعترف وبزلة لسان بأن سجاني أبو غريب هم من ميليشيات جيش المهدي؟ السؤال: من سمح لهذه الميليشيات بأن تنخرط في الأجهزة الأمنية وتكلف بإدارة مرفق أمني هام؟
لا أحد بالطبع غير المالكي.
اعترف المالكي أخيرا ورغم مكابرته وغطرسته، أن جزءاً كبيراً من أجهزته الأمنية هم أفراد ميليشيات أحزاب شيعية، وهذه مخالفة صريحة للدستور، والمالكي في هذه الحالة لايليق به أن يكون قائدا عاماً لقوات مسلحة نظامية لبلد عريق، بل هو فعليا لا يزيد على كونه زعيم عصابة.
وهذه الخلاصة تبدو منطقية عندما يلوِّح المالكي بالمليشيات الشيعية ويهدد بها العرب السنة ويطلق العنان لعصابات البطاط والعصائب وحزب الله وجبهة الحق في بغداد لإكمال حملة التطهير الطائفي التي عُلِّقت منذ عام 2007.
المالكي رغم أنه يتقلد منصب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، ورغم ماينطوي عليه المنصبان من مهام وصلاحيات فإنه اعتاد أن ينأى بنفسه عن أي قصور أو خلل؟ بل يرفض المالكي حتى الامتثال لاستجواب مجلس النواب ورقابته!
لايقتصر الأمر على الأمن، بل حتى القصور في الخدمات علَّقها مؤخرا على شماعة نوابه، الشهرستاني والمطلك، وهو سيفعل الشيء ذاته في المستقبل ولا تفسير لذلك سوى أن يكون المالكي من المعصومين.. ولا نظنه سوى موظف فاشل لايليق بالوظيفة العامة لكنه مع ذلك سيتمسك بها حتى يتوحَّد الشعب العراقي ويصرخ بوجهه: ارحل.
ملاحظة:
نشر المقال هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق