وجهات نظر
علي البياتي
بعد الحرب العالمية الثانية وكبديل عن عصبة الامم، المنحلة، تشكلت هيئة الامم المتحدة وأداتها الرادعة مجلس الأمن، وقد أصبحت علامات الحرب الباردة بين القطبين السوفيتي والدول السائرة في ركابه والأمريكي وحلفائه، أنها لاتتفق على أية مسألة تطرح في منبر الامم المتحدة أو مجلس الأمن إلا وتكون وجهات النظر متضاددة بين الخصمين في العديد من المسائل الدولية وطيلة عشرات الأعوام، وقد ندر ان اتفقوا في حل أزمة أو معضلة في الساحة الدولية ولكن إلا في مسألة واحدة وهي الاعتراف بإسرائيل حيث تسابق الخصمان، أيهما قبل الآخر يعترف، وقد فاز السوفيت بالسبق رغم ولادة الوليد الحرام في رحم الإمبريالية كما كان السوفيت يسمون الغرب، وكأن حاملة الاشتراكية لاتتفق مع الإمبريالية إلا فيما يضر العرب!
والآن يعيد التاريخ نفسه ولكن بأسماء مختلفة لنفس الدول حيث روسيا الاتحادية تتفق مع امريكا، دون إعلان، في تدمير دولة عربية وبما يضر أيضاً حاضر العرب ومستقبلهم، وذلك بجعل ارض سوريا منطقة قتل لكل من يجاهد ضد الدولتين ودون إراقة دم أي فرد من الطرفين، والثمن يدفعه الشعب بكل أطيافه وتدمير كيان دولة عريقة ورقم مؤثر في معادلة الشرق الأوسط، بل ومطية الطرفين ايران تسابقهم كأداة للتدمير وباسم الطاهرة زينب وهي بريئة من ادعائهم، وصدق القائل (الكفر أمة واحدة) وما إعلان فيلاديمير بوتين من لندن عاصمة الغرب بتسليح نظام سوريا الا إبراز لاتفاق روسيا مع الغرب على تدمير العرب.
وكما أعلن باراك اوباما بأن النظام السوري قد تجاوز الخط الاحمر بعد ثبوت استعماله الاسلحة الكيمياوية ضد المناطق الآهلة بالسكان المدنيين, ولكن لم يكن جديا في اتخاذ اي اجراء لمنع تكرار تلك الغارات الوحشية على التكتلات البشرية, فهل كان تصريحه مجرد ذر الرماد في العيون وإعطاء زخم من معنويات، نظريا وليس عملياً، لكي لاتنقطع عملية تدفق مزيد من المقاتلين الى ساحات القتال من جميع انحاء العالم، ولكي يتم ابادتهم بالاسلحة الروسية الحديثة التي يتم تجهيزها للنظام السوري بتمويل الحكومة العراقية لصفقات هذه الاسلحة، وكما ثبت من مصدر روسي موثوق وقريب من زيارة الوفد العراقي برئاسة نوري المالكي الاخيرة الى روسيا عن مرافقة ضابط سوري برتبة عالية مع الوفد العراقي لتثبيت الاسلحة المطلوبة للنظام السوري في حربها ضد شعبه، وبمعرفة الجانب الروسي المؤكد وغض النظر مادام هناك من يدفع الفاتورة لتسليح آخر حليف متبقي لهم في الدول العربية، حيث لايتمكن النظام السوري من دفع الفواتير لمنع البنوك العالمية من تحريك المودوعات السورية.
والان لنأت على حل هذه الاحجية: العالم الغربي يهدد ويقاطع النظام السوري من جانب ومن الجانب الاخر روسيا تتوعد وتتدخل فعلياً، حيث وردت اخبار مؤكدة على وصول اطقم عسكرية روسية لتشغيل واستعمال الاسلحة الجديدة الموردة للنظام ولكن شرط عدم الاشتراك في مواقع المواجهة المباشرة لكي لا يقع اسرى روس بيد المناهضين للنظام، وبالمقابل لا يفِ الغرب بأي تعهد لمنع النظام من الإيغال في تدمير المدن على ساكنيها، مع شحن (آلة) تشجيع المقاتلين للوصول الى سوريا.
المحصلة هناك اتفاق مؤكد بين الغرب والشرق على هذا السيناريو، وايهم يقتل الاخر من المقاتلين ضد النظام والمقاتلين مع النظام من جنودها او الحرس الايراني او مليشيات حزب الشيطان او التنظيمات الطائفية العراقية يصب في صالح احد الطرفين، أليست هذه المعادلة مقبولة بل مطلوبة من امريكا وحلفائها، كما هي مقبولة من روسيا، ولكلٍ سبب ربما يتناقض مع الاخر ولكن مطلوبٌ القضاء على العدو في اراضي ومدن الغير بدلا من أن يهاجم الشيشان المدن الروسية او الناقمين على امريكا، لجرائمها ضد شعوبهم، المدن الغربية.
كل هذا يجعلنا ان نستنتج لا امل في وقف هذا القتال في القريب المنظور ونظرية (لاغالب حاسم ولا مغلوب) في الافق، مادام النظام السوري والقوات الاجنبية تواصل دعمه، وما زال الذين تهزهم فظائع النظام ضد شعبه وغيرتهم على بني قومهم ودينهم يتدفقون الى سوريا الى ماشاء الله.
وما الدس بين المقاومين لهمجية النظام وغاراته الوحشية وبث الفتنة بينهم إلا لتمديد عمر النظام الآيل للسقوط الحتمي، وذلك لقتل أكبر عدد من أعداء الكفر والإجهاز على ما تبقى من الوطن السوري!
والله أكبر على الظالم والكافر..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق