وجهات نظر
جاسم الشمري
الإرهاب تلك الكلمة المليئة بالزيف والتزوير للوقائع؛ لأنها صارت في مفهوم العديد من السياسيين الحجة الجاهزة للقتل والظلم في العديد من دول العالم، فباسم القضاء على الإرهاب وجدنا الجرائم ترتكب في أفغانستان والعراق وغيرهما من بقاع الأرض، حتى أن النظام السوري يستخدم مصطلح "الإرهابيين" في توصيفه لمقاتلي الجيش الحر؛ وهكذا تستمر الدول في استخدام هذا المصطلح لتحقيق أهدافها المعلنة وغير المعلنة.
مصطلح "القضاء على الإرهاب" استخدمته القوات الأمريكية في توصيفها للمقاومة العراقية، ومن بعدها استخدمته الحكومات المتوالية على حكم المنطقة الخضراء لوصف كل من يخالفها في داخل العراق وخارجه.
الإرهاب الحقيقي المقصود به أذية الآخرين وظلمهم، هذا الإرهاب كلنا ضده، ومن يقف مع هذا الإرهاب فهو إرهابي، وهذا لا خلاف عليه، لكن المؤسف أن يتم استخدام ذريعة الإرهاب وسيلة لتنفيذ إرهاب قانوني، أو رسمي ضد أصحاب المطالب القانونية والدستورية والشرعية!
إن محاولة بعض السياسيين والإعلاميين والصحفيين وغيرهم الباس ثوب الإرهاب لكل من يطالب بحقه، فهذا هو الإرهاب الفكري والقانوني، وإرهاب الظلمة الذين لا يعرفون إلا لغة القتل والاعتقالات والاغتيالات والكذب والتزوير.
العراقيون بعد عام 2003، جربوا كافة أنواع الإرهاب الأجنبي المتمثل بالقوات الأمريكية والبريطانية المحتلة، والمحلي المتمثل بالأجهزة الأمنية الحكومية المختلفة، والمليشيات التابعة لبعض الأحزاب المشاركة في السلطة، وغير المشاركة فيها.
والغريب أن الوضع الأمني العراقي في حالة مزرية، والعراق اليوم من أكثر دول العالم بعد سوريا تقع فيه جرائم القتل، وكانت حصيلة القتلى أكثر من (1000) قتيل في شهر أيار/ مايس 2013، بحسب ما ذكرت الأمم المتحدة، فيما كانت حصيلة الشهر الماضي، حزيران، قرابة الـ(800) قتيل.
ورغم عجز حكومة المالكي الواضح في إدارة المركب العراقي، وخصوصاً الملف الأمني نجدها تكابر، ولا تعترف بضعفها، بل على العكس من ذلك يؤكد رئيسها الحالي نوري المالكي يوم 29/6/2013، في كلمة له خلال احتفالية مركزية أقيمت ببغداد لمناسبة خروج العراق من أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة: (استعداد العراق لوضع كافة إمكانياته تحت تصرّف دول العالم في مجال مكافحة الإرهاب والتطرّف)!
وعلى العكس تماماً من تصريح المالكي نجد أن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، تعرض على الحكومة العراقية التعاون المشترك بين البلدين في مواجهة "إرهاب" المنطقة، وذلك بعد يومين من خروج العراق من تحت طائلة الفصل السابع.
وفي هذا الملف نقل نائب وزير الخارجية الأمريكي بيل بيرنز بعد لقائه المالكي عن أوباما دعوته إلى: "المزيد من التشاور والتعاون بين العراق والولايات المتحدة حول مختلف الأزمات التي تمر بها المنطقة، مجدداً وقوف الولايات المتحدة إلى جانب العراق في محاربة الإرهاب"!
في ظل هذين التصريحين المتناقضين نصدق من المالكي، أم الأمريكان؟!
مما لا شك فيه أن الكفة تميل إلى الطرف الأمريكي؛ لأن الواقع العراقي يؤكد استمرار القتل والإرهاب في العراق، وقبل يومين، وتحديدياً في يوم 29/6/2013، أكد تقرير أصدره مكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة للمفوّض السامي لحقوق الإنسان، أن أوضاع حقوق الإنسان العراقي شهدت "تراجعاً مثيراً للقلق" سنة 2012 المنصرمة، بعد "تزايد أعمال العنف" التي أوقعت نحو (14) ألف ضحية في هذا العام لوحده.
على حكومة المالكي، وقبل أن تتحدث عن خبرتها وإمكانياتها في مكافحة الإرهاب، أن تقضي على الإرهاب الرسمي الذي تمارسه قواتها الأمنية، وخصوصاً قوات سوات التابعة لرئيس الحكومة الحالية، وكذلك ايقاف الإرهاب غير الرسمي الذي تقوم به المليشيات المختلفة والمتواجدة في الشارع العراقي، وخصوصاً ما تسمى عصائب الحق، وجيش المختار وغيرها من المجاميع الإرهابية العاملة في بلاد الرافدين بعلم الحكومة ومباركتها!
وعليها أيضاً أن تحفظ أرواح المدنيين العزل من طيش واستهتار وإرهاب هذه المجاميع الإجرامية، وكذلك تنقية القوات المسلحة من عناصر المليشيات التي تنفذ جرائمها ضد العراقيين باسم القانون، وتحت ذريعة مكافحة الإرهاب!
عموماً نحن لا ندري عن أي إرهاب تتحدث حكومة المالكي، وأي إرهاب تريد القضاء عليه، والقتل يحصد في كل يوم العشرات من الأبرياء في عموم البلاد؟! الأولى بها أن تعمل على إنهاء ما تسميه "الإرهاب" في داخل البلاد قبل أن تحاول تصدير (إمكانياتها لدول العالم في مجال مكافحة الإرهاب والتطرّف)؟!
فعلاً، شر البلية ما يضحك!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق