وجهات نظر
مهند الحسيني
تسعى سلطة الإحتلال الطائفية فى العراق لإصدار قانون تجريم حزب البعث، إستكمالاً لقرار المحتل بإجتثاث البعث وما تبعه بقانون المساءلة والعدالة للتسويف والتهرب من إعادة الحقوق المشروعة لمن شملوا بقرار الإجتثاث الجائر، حيث لم تتم أية مساءلة ولم تتحقق أية عدالة، فالمساءلة لتحقيق العدالة يجب أن لا تحدد للتقصي عن أحداث حصلت في فترة زمنية محددة وبشكل إنتقائى للإنتقام من الخصوم السياسيين، بل قانون للدولة لمحاسبة كافة الإنتهاكات والتجاوزات ومنها الإنتهاكات الخطيرة لفترة ما بعد الإحتلال، حيث لا زالت الطغمة الحاكمة تشعر بأنها مهددة من قبل حزب البعث لإحتفاظه بسجل تأريخها الأسود فى تعاملها مع القضايا الوطنية، وفشلها فى الحكم كبديل لنظام حزب البعث، ولم تستطع رغم كل إجراءاتها القمعية الدموية بهدف تصفية البعثيين، فى عزل البعث عن جماهيره الواسعة.
يسعى قانون تجريم البعث الى تجريمه فكراً وإنتماءً وتنظيماً، والذي سيعرض الأحزاب والحركات التي تتبنى الفكر القومي التقدمي الوحدوي للملاحقة.
ان ما يدعو للإستغراب أن الذي يسعى لتجريم البعث هو وأسياده حلفاء للنظام السوري الذي يحكم بإسم البعث!
ان النهج الطائفي القمعي المحموم لتصفية حزب البعث له دوافع ونوايا انتقامية بسبب تصدي البعث لمشروع خميني الطائفي الذي سعى ولا يزال لتأجيج الفتنة الطائفية لخدمة مأربه التوسعية الفارسية، تحت شعار تصدير الثورة الاسلامية .....
لم يشهد الشعب العراقي الطائفية رغم تنوع إنتماءاته العرقية والدينية والمذهبية، والذي تصاهر بالدم والعرق والنسب، بل انه قاوم، تأريخيا، الفتنة الطائفية التي حاول البويهيون والصفويون الفرس زرعها، وتم ممارستها من قبلهم بابشع الصور ،اثناء إحتلالهما للعراق قبل عدة قرون، والان يتعرض العراق والأمة العربية لهجمة فارسية جديدة مغلفة بلباس مذهبي زائف.
في الثمانينيات من القرن الماضي، جرَّمت دولة العراق الوطنية الاحزاب الطائفية ومنها حزب الدعوة ، بسبب عمالتها للعدو الايراني ومشاركتها حربه على العراق، حيث قاتلت الجيش العراقي وأمعنت في قتل وتعذيب الاسرى العراقيين خلافا للشرع الاسلامي والقوانين الدولية ،وكانت مشاركة حزب الدعوة وفق مبادئه التي دعت (بوجوب الجهاد ضد نظام البعث ) الذي تم وصفه باعتباره (ممثلاً لقوى الكفر ضد مشروع الاسلام بقيادة الولي الفقيه خميني التي كانت الدعوة تؤمن بوجوب الانقياد لأوامره من وجهة نظر شرعية).
انهم متهمون من قبل الشعب العراقي بإرتكاب جرائم الخيانة العظمى، لتحالفهم مع العدو الإيراني وتكرار عمالتهم بتحالفهم مع المحتل الامريكي ،فهم يسعون للإفلات من المساءلة وتطبيق العدالة بحقهم من خلال سعيهم الخائب لتجريم البعث، الذي تحتفظ ذاكرته وذاكرة الشعب العراقي كله بملفاتهم المخزية في العمالة والاجرام والخيانة .
لقد تسللوا الى السلطة بمساعدة المحتل بزعم تمثيلهم للطائفة الشيعية والشيعة العرب منهم براء .
أمعن العملاء الطائفيون ومنذ احتلال العراق في الاجرام والعمالة وعاثوا في العراق فسادا، وفشلوا فشلاً ذريعاً في ادارة الدولة، حيث ان عقيدتهم الطائفية وبوجوب الانقياد لأوامر الولي الفقيه، تجعلهم تابعين لمخططات ايران التوسعية، وتتناقض مع مصالح العراق الوطنية، وغير مؤهلين لقيادة الدولة وتمثيلهم للشعب وتحقيق طموحاته في وحدته الوطنية وتحقيق الاستقلال والتنمية .
التجريم يجب ان يطال الاحزاب الطائفية بانواعها كافة ،لانها بحكم تكوينها لا يمكن ان تكون احزاباً جامعة وممثلة للشعب، فهي بحكم عقائدها الطائفية ومشاريعها للتحكم بالسلطة [كما اختبرت] تؤجج الفتن الطائفية وتتلاعب بعقول وعواطف البسطاء بإسم الدين والمذهب ، وهذا النهج سيؤدي حتماً الى جريمة تفتيت النسيج الوطني للمجتمع ،والى التشتت و الانقسام بما يفرط بوحدة الشعب والوطن .
المطلوب وضع قوانين للأحزاب للتنافس والعمل على أسس برامجها السياسية والاقتصادية و الاجتماعية وليس على أسس الانتماء العرقي او المذهبي .
من يتبجح بالديمقراطية يجب ان يفهم انها ليست عملية إجراء إنتخابات فقط لغرض الوصول الى السلطة وبعدها لا تخضع السلطة للمساءلة، إن العملية الديمقراطية هي عملية إنشاء مؤسسات ديمقراطية متكاملة وشفافة ،وعملية وعي ديمقراطي حضاري .
إذا لم يقم حزب البعث نظاماً ديمقراطياً على الوصف الغربي الشائع، والذي على أساسه صممت العملية السياسية المشبوهة، فبالتأكيد ان الشعب العراقي لا يستحق هذا البديل الطائفي الذي اضافة الى انتهاكاته الخطيرة بحق الشعب العراقي، لم يستطع تحقيق الديمقراطية الموعودة او التنمية او الوحدة الوطنية، لأن هذه الطغمة المتسلطة تتأصل فيها روح الإنتقام والتبعية والجهل والتخلف والفساد .
لقد آن الأوان لإجراء تغيير حقيقي شامل، وإقامة نظام وطني عراقي مستقل، يسود في ظله القانون، ويتساوى جميع الافراد في الحقوق والواجبات، بغض النظر عن انتماإتهم العرقية او الدينية او المذهبية ،وفي حالة المساواة وسيادة القانون والعدالة ،عندئذ تسقط مشاريع الغرب وإيران وإسرائيل لتفتيت دولة العراق وتدميرها، والتي تدعو لإقامة الأقاليم والكيانات والتكتلات الانفصالية، بحجة ضمان حقوق التنوعات العرقية والدينية والمذهبية، لإستحالة عيشهم المشترك في وطن موحد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق