هيفاء زنكنة
أعلنت اللجنة الوزارية المعنية بنظر طلبات المتظاهرين "المشروعة"، يوم 26 حزيران/ يونيو، عن اطلاقها سراح 7 آلاف محتجز بينهم 278 امرأة. ويتبادر فور قراءة الخبر بأن تلبية مطالب المعتصمين منذ 25 كانون الاول/ ديسمبر 2012، في خمس محافظات ومدن، جارية على قدم وساق، ولابد انهم يقيمون الاحتفالات، حاليا، فرحا بما انجزوه. وكيف لا وان مطلبهم الاول كان ولايزال هو اطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات، ظلما، اما بسبب قانون مكافحة الارهاب او تقارير المخبر السري، ناهيك عن التهم الكيدية وشهادات الزور.
غير ان المعتصمين لم يحتفلوا وقرارهم بمواصلة الاعتصامات، مهما كانت الظروف الجوية والأمنية، ثابت. اذ ان قراءة مجريات الاحداث و تلبية النظام لحقوق الناس لا يترك في النفوس غير مرارة الاستماع الى كذبة أخرى من اكاذيب النظام وغصة استهانته بالمواطنين. فالمعروف ان النظام يقوم، بين الفينة والاخرى، بالاعلان عن اطلاق سراح عدد من المعتقلين بضجة اعلامية تصاحبها خطب المسؤولين والعروض على شاشات التلفزيونات.
والحقيقة هي ان المعتقلين اما انهم كانوا اساسا رهائن عند النظام بتسمية "رهن التحقيق" الذي قد يستغرق سنوات طويلة أو يطلق سراحهم لعدة ايام ويعاد اعتقالهم ان لم ينفذوا بجلودهم هربا، او، وهذا هو الفعل الاكثر انتشارا، ان يتم اطلاق سراح عشرة، مثلا، واعتقال ثلاثين ليمروا بنفس دائرة العنف والاهانة والتعذيب التي مر بها من سبقهم.
ويلعب النظام لعبة تسويف ومناورات مع المعتصمين على عدة مستويات ليستفيد من عامل تمديد الوقت. مراهنا على تعب الناس من التظاهر والاعتصام بلا جدوى، وترويعهم من خلال اطلاق النار عليهم وارتكاب المجازر، كما في الفلوجة والحويجة، بالاضافة الى اعتقال وملاحقة قادة وناشطي الاعتصامات وتشويه سمعتهم واغتيال عدد منهم.
وتشكل مناورة اطلاق سراح النساء المعتقلات واحدة من اكثر عروض النظام فضحا للأكاذيب وازدواج المعاييرلا للنظام وحده، فحسب، ولكن لكل من يواليه ويناصره ايضا. اذ تحدث نوري المالكي، في الاسابيع الاولى من الاعتصامات عن مبالغات المتظاهرين أو "الفقاعة" كما اسماهم، مكذبا اقوالهم بوجود ما يقارب الخمسة آلاف معتقلة، متهما اياهم بالعمل وفق اجندات أجنبية، وكيف ان عدد النساء المعتقلات لايتجاوز اصابع اليد الواحدة.
ويبدو من تصريحات مسؤولي النظام الاعلامية ان اصابع يد المالكي تتكاثر يوميا، بلا حدود، بمباركة كل المشاركين بالعملية السياسية، كل حسب حصته. ففي 14 كانون الثاني/ يناير اعلن رئيس اللجنة المكلفة بمتابعة شؤون المتظاهرين عن المصادقة على اطلاق سراح 335 معتقلا بينهن تسع نساء. بعد ذلك، أعلن في 30 كانون الثاني/ يناير، عن موافقة نوري المالكي على طلب تتقدم به العشائر لشمول جميع النساء المعتقلات بدون استثناء بعفو خاص وإطلاق سراحهن. ثم أعلن في 3/2/2013 "إن عدد الذين تم الإفراج عنهم خلال الأسابيع الماضية تلبية لمطالب المتظاهرين بلغ ثلاثة آلاف معتقل. ونقلت جميع النساء المعتقلات إلى محافظاتهن".
ثم أعلن عن اطلاق سراح 168 معتقلة، وتلاها اطلاق سراح 32 معتقلة.
ثم أعلن عن اطلاق سراح 168 معتقلة، وتلاها اطلاق سراح 32 معتقلة.
بتاريخ 2013/04 /17، اصدرت ندى الجبوري، عضو البرلمان عن "القائمة العراقية"، بيانا ذكرت فيه بلهجة المحتفل اعلاميا:
"حضرنا الخميس الماضي إطلاق سراح 165 معتقلا ومعتقلة وتم الإعلان أن الأيام القادمة ستشهد إطلاق سراح ألف و150 معتقلا". ما لم تذكره النائبة في بيانها ان عدد المعتقلين في شهر نيسان ذاته، بلغ 894 مواطناً، بينهم امرأة واحدة، ضمن 108 حملة مداهمة معلنة، وفق الإحصائية الشهرية التي يعدها قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين. ما لم تذكره النائبة، ايضا، ان هذه الاعداد مبنية "على المعلن من بيانات وزارتي الداخلية والدفاع الحاليتين فقط؛ ولا يشمل الاعتقالات التي تقوم بها وزارة ما يسمى الأمن الوطني، ومكاتب ما يسمى مكافحة "الإرهاب، أو تلك التابعة لمكتب رئيس الحكومة الحالية، وهي اعتقالات نوعية يجري التكتم عليها عادة". ولا تشمل الاحصائية العديد من حالات القتل التي رافقت تلك الحملات.
"حضرنا الخميس الماضي إطلاق سراح 165 معتقلا ومعتقلة وتم الإعلان أن الأيام القادمة ستشهد إطلاق سراح ألف و150 معتقلا". ما لم تذكره النائبة في بيانها ان عدد المعتقلين في شهر نيسان ذاته، بلغ 894 مواطناً، بينهم امرأة واحدة، ضمن 108 حملة مداهمة معلنة، وفق الإحصائية الشهرية التي يعدها قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين. ما لم تذكره النائبة، ايضا، ان هذه الاعداد مبنية "على المعلن من بيانات وزارتي الداخلية والدفاع الحاليتين فقط؛ ولا يشمل الاعتقالات التي تقوم بها وزارة ما يسمى الأمن الوطني، ومكاتب ما يسمى مكافحة "الإرهاب، أو تلك التابعة لمكتب رئيس الحكومة الحالية، وهي اعتقالات نوعية يجري التكتم عليها عادة". ولا تشمل الاحصائية العديد من حالات القتل التي رافقت تلك الحملات.
ويتراوح موقف الوزراء والمسؤولين في النظام والنواب من قضية المعتقلات ما بين الأنكار التام والصمت وقلة تعترف بوجودهن. والمفارقة هي ان معظم النائبات، التي اصبحت نسبتهن الاعلى بين الدول العربية والعديد من الدول الاوربية، يتجاهلن ماساة المعتقلات. انهن قانعات، في حصيلة الأمر، بكونهن صدى لرؤساء كتلهن او احزابهن. بل وتصب احداهن وهي النائبة مها الدوري (التيار الصدري) جهدها لشن حملة لأزالة عمل فني من مدخل منطقة في بغداد.
وكان الادعاء العام قد اعترف، نهاية العام الماضي، بوجود 4 حالات اغتصاب لسجينات في الوقت الذي ترفض فيه وزارتا العدل وحقوق الانسان الاعتراف بذلك مناقضة بذلك تقارير المنظمات الحقوقية الدولية الموثقة لوجود حالات تعذيب واغتصاب ممنهج للنساء والرجال على حد سواء.
كما تواصل بعض القنوات التلفزيونية عرض شهادات لمعتقلات تم اطلاق سراحهن. يتحدثن فيها عن تفاصيل القاء القبض عليهن وتعريضهن للاهانة والتهديد والابتزاز والتعذيب . مما يدحض ادعاءات وزراء العدل والداخلية وحقوق الانسان ومسؤولي الاجهزة الامنية فضلا عن نوري المالكي. والملاحظ شيوع تبادل الاتهامات بين الوزارات حول التعامل مع ماساة المعتقلات. اذ ذكر بيان لوزارة العدل: "ان الوزارة غير مسؤولة عن تعرض سجينات للتعذيب والاغتصاب للحصول على الاعترافات … أن عمليات التحقيق معهن تجري في سجون تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية".
على الرغم من تراكم الادلة حول الممارسات اللا انسانية ضد المعتقلين، لم يحدث، اطلاقا، ان تم اعتقال جلاد او محقق او مسؤول واخضاعهم للمساءلة او تقديمهم للقضاء. الامر الذي يوفر العصمة للجلادين والمسؤولين ويوفر لهم غطاء الاستمرارية فيما يمارسون. واذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان محققي ومسؤولي هذه الوزارات قد تم تدريبهم من قبل القوات الامريكية، ذات السجل الهمجي السادي في معتقلات أبو غريب وبوكا والمطار وغيرها، لأدركنا نوعية المعاملة التي تتلقاها المعتقلة / الرهينة بانتظار إلقاء القبض على اقربائها من الرجال.
ان اعلان النظام الطائفي الفاسد اطلاق سراح وجبة جديدة من المعتقلات يثبت ان عدد النساء المعتقلات يكذب ادعاءات المالكي، وان مأساتهن وعوائلهن هي التي اطلقت شرارة انتفاضة ساحات العزة والكرامة وليست الاجندات الخارجي.
ملاحظة:
نشر المقال هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق