ملاحظتان تمهيديتان من الناشر: مهم جداً هذا المقال، ولكن لابد من الإشارة إلى مسألتين: 1- يورد الكاتب كلمة الشيعة فيه مطلقة، أحياناً، بدون توضيح، والمقصود بها أينما وردت من غير تخصيص، التشيع الصفوي الفارسي، وهذا ليس استنتاجاً منا، ولكن لأن كل المقال يقوم على ذلك، وحتى يكون الكلام دقيقاً جداً ويؤدي الغرض المقصود منه، وجب التنويه ابتداءً.. 2- ان هذا المقال يطرح أفكاراً مفتوحة للنقاش، ونحن إذ ننشره في وجهات نظر، نقدمه على أساس انه مادة للنقاش، ونرجو ان يكون النقاش بشأن ماورد فيه مفيداً للجميع. مع التقدير.
العقائد السياسية الشخصية ومعضلة إدارة الحكم في الدولة
وجهات نظر خضر عباس تُثار في العراق منذ العام 2003 معضلة قدرة العراقيين على بناء دولتهم، اذ انتقلوا من اخفاق الى اخر، وفي امور يدرك اي عاقل ان ادارتها لا تحتاج الى جهد جهيد للتعامل معها. وكل ذلك يمكن ايجاد عذر لتفسيره، الا ان اتجاه البعض لاعادة انتخاب من وقع في فشل خلال السنوات السابقة وبشكل متكرر في قضايا ادارة الدولة، حتى صار وجوده جزءا من المعضلة، هذا الامر يطرح الحاجة للبحث في هذا الموضوع بشكل جدي. بمعنى اننا هنا امام معضلة العصبية للانتماء، وعدم التسامح في الاختلاف في الانتماءات. وبقصد ايجاد تصور مقبول عن هذا الموضوع، سنتناول واحدة من ابرز القضايا المسكوت عنها، والتي لا يدرك اغلب العرب تاثيرها بين حياتهم، الا وهي عقيدة حرمة دماء واموال واعراض المسلمين العرب لدى الفرس، حتى استطاعوا الادعاء انها عقيدة شيعية، بل وزادوا عليها دفع المسلمين للفساد للتعجيل بظهور المهدي (تسمية يطلقها بعض الشيعة على محمد بن الحسن العسكري؛ وهو من نسل الامام الحسين بن علي عليه السلام من زوجته شهربانو بنت كسرى- ومن اسمائه خسرو مجوس، ينظر: حسين النوري الطبرسي، النجم الثاقب في احوال الامام الحجة الغائب، 1/ 185، وكذلك من اسمائه رويز بابا، ينظر: علي اليزدي الحائري، الزام الناصب في اثبات الحجة الغائب، 1/ 427). لقد كان في تصوري سابقا ان الرد على ادعاءات أتباع اعتقاد ارضي إنما هو عبث، لأنك ستجعل منه شيئا له وجود فيما هي ادعاءات بشرية تباع وتشترى، وتحلل وتحرم استنادا لهوى، وما زلت عند تصوري هذا، الا ان ما يدفع للكتابة هو عدم دراية شرائح واسعة من المسلمين بالاتي: -لاسباب انتشار التشيع بصيغته الفارسية، والذي يقوم على حب الانسان الشرقي لمسألتين: فقر العقل وحب الشهوة، وهما مما يتغذى عليهما التشيع بصورته الفارسية، فإعمال العقل يبطل التشيع بهذه الصورة، وحب الشهوة يوفر لها هذا التشيع كل زينة ويتسامح لها. -ولاسباب مناصرته امريكيا، فامريكا وجدت في الشيعية الفارسية الصديق المخلص القادر على هدم الاسلام واشغال المسلمين بعيدا عنها. -ولاسباب اتجاه الشيعة لقتل المسلمين، وهو مما سنذكره في ادناه. الغيبة والانتظار لقد تمايز البعض تحت عنوان الولاء، تحت ستار الغيبة، وقال ان هناك اماما قد غاب، بمعنى انه ولد ولم يمت لكنه غاب وهم بانتظاره، وهذا الامام فيما يدعونه يعود لنسب الامام علي، من ذرية الامام الحسين، وتم الاختلاف بشأن شخصه في اكثر من مناسبة، واتجه التيار السياسي الى تعديل مسار الامامة بين ذرية الامام علي في اكثر من موقف حتى انتهى التيار الشيعي الفارسي الى ايصالها في شخص المهدي ابن الحسن العسكري. والغيبة كفكرة فيها أربع مسائل: -انه شخص حي اختفى بقدرات ربانية، تفوق ما لدى البشر من قدرات، بمعنى ان له قدرات تفوق ما للبشر من قدرات تقليدية. -ان الغائب سيعود، وهو ينتظر ممن يعتنقون بولائهم له ان يمهدوا لعودته وظهوره. -ان العودة لن تتحقق الا اذا سلك لها الدروب، والدروب التي تساعد على ظهوره هي الفساد في الارض، كونه مصلح بعد فساد. -وفكرة المهدي ترتبط بفكرة مهمة في الحياة السياسية، الا وهي فكرة وجود وكيل للرب الاله يساعد من يقره على تعديل الدين السماوي، بمعنى ان الدين الاسلامي وبشهادة الخالق نزل مكتملا وفيه من كل شيء علما واحكاما، وبقصد تعديله من المغرضين فان الامر بحاجة الى شخص يرتبط بالخالق او هكذا يتم تبريره (بابا او امام،..) يمكنه ان يمتلك سلطات ونفوذ واسعين، يمكنه من خلالهما فرض تغيير في اصل الدين، بما يمكن معه من تغيير الدين من كونه سماوياً الى دين ارضي، يشرع فيه ويحلل ويحرم ما يشاء، او بالاحرى هو اقرب للهوى منه الى ما يريد الخالق، وزرعت هذه الفكرة بين المسلمين بواسطة الفرس بعد خسارتهم مملكتهم في صدر العهد الاسلامي. وطالما ان فكرة الامامة كانت وسيلة ناجعة لتحقيق الغايات الاولى لتلك السياسة استنادا لمبدأ (ان قولي انما هو قول ابي، وان قول ابي انما هو قول جدي،.. وقول جدي انما هو قول علي بن ابي طالب، وقول علي بن ابي طالب انما هو قول الرسول الاعظم، وقول الرسول انما هو قول الخالق)، الا ان استمرار الخلاف بشأن تولي قيادة فكرة مغرية ماليا وسياسيا ومداعبة للشهوات جعلت روادها في حينه الى قطعها بفكرة اكثر منها اغراءاً من حيث المال والسياسة والشهوة، كونها تحيل الامر الى شخص لن يظهر، ولتجري باسمه كل الاعمال المتعلقة بالدين الارضي. ولقد عاش المتشيعون للامام علي ومن بعده للامام الحسين، ومن بعده للائمة الاخرين فكرة انتظار الامام الغائب. وفي هذا الانتظار لم يدعّوا انهم اصحاب حكم او يرغبون به، فالتنظيرات الاولى كانت تقول ان الحكم غير جائز في ظل وجود الافضل، والامام المهدي ما دام هو موجود فلا يجوز الحكم لغيره. وهذا الامر دفع باغلب الشيعة للعزوف عن الحكم، او طلبه او التقرب منه، الا ان بدايات التحول في التشيع هو بتحول بلاد فارس من المذاهب السنية الى التشيع في العهد الصفوي؛ الا ان هذا التحول كان نسبيا وليس مطلقا. ومن تاريخ انتهاء العهد الصفوي في بلاد فارس او ما صار يطلق عليها بايران لاحقا، التي تعاقب على حكمها القاجار (التركمان) والاذريين (الاتراك)، حتى العهد البهلوي عام 1935 عندما حكمها الفرس، نقول انه خلال هذه المدة لم يكن الحكم مطلوبا شيعيا انما كان عبارة عن طلب سياسي من قبل بعض الطامحين اليه. ولم يخالف هذا الراي الا فرقة الزيدية (جماعة زين العابدين بن علي) في اليمن، التي قالت بجواز ان يتولى الامر (الحكم) الافضل. ولم يحدث تحول عام في الذهنية الشيعية الا مع قدوم الخميني للحكم في ايران، والذي عدل في فكرة الحكم والامامة ودفعها لقبول بعض طروحات الزيدية، وجوزوا حكم غير الامام المهدي، بمعنى انه عدل في النظرية العامة لأصل الدين الجديد من القول بالتعلق بالمال والشهوة الى التعلق بهما وبالسياسة، وجعل الامر كله بيد الولي الفقيه، ليجيز او لينهي في امور العباد ليس وفقا لاصل الدين الاسلامي انما لما يتماشى وحاجيات الشعب. السياسة لدى المهدويين لا يحظى الاعتقاد بالمهدوية لدى الشيعة بالكثير من الاختلاف، فالغالبية العظمى تعتقد انه غاب، وكل من يعتقد بذلك يعتقد انه سيظهر، والكل تعتقد ان السنة يناصبونه العداء وانه يناصب السنة العداء، والكل تعتقد ان دماء واموال واعراض السنة انما هي غير محرمة في ممارسات الشيعة، والبعض يجعلها تقع في صلب عقائدهم. وهذا الامر لم يبدأ مع بدايات التشيع انما تطور في المرحلة التي وصل فيها اسماعيل الصفوي للحكم في بلاد فارس وصولا لعالم اليوم. والشيعة في الغالب يعتقدون انه لا حكم الا للمهدي، والاغلبية تعتقد ان الافساد طريق لظهور المهدي الغائب. كما اختلفوا في شخص المهدي، فمنهم (السبأية) من قال ان المهدي انما هو علي ابن ابي طالب، ومنهم (الكيسانية) من قالت انه محمد بن علي، ومنهم (عبد الله بن الحسن) من قال انه محمد بن عبد الله بن الحسن الذي اطلق عليه لقب النفس الزكية، و(العباسيون) قالوا انه سيظهر منهم فلقبوا امراءهم بـ(المهدي والهادي والرشيد،..)، واستمر الحال بفعل روايات تتفق اغلب المصادر انها من روايات من اليهود نسبوها للرسول الاعظم عليه الصلاة والسلام، بقصد اضعاف الدين، حتى وجد فيها الفرس وسيلة لهدم الدين ثأرا مما يقولوه بهدم العرب المسلمين لامبراطوريتهم المجوسية، فاضافوا عليها ثقافتهم، مما يمكنهم بها من سحب الدين من العرب، او في اقل تقدير سحب الناس من سيطرة الاسلام الى سيطرة الفرس، فاخترع له الروايات ونسبوها لاهل البيت العلوي، ومما ساعد على انتشارها منذ نهاية الدولة العربية-الاسلامية حتى اليوم هو انشغال الناس عن الدين، بين الفقر السلوكي والمالي والعلمي، ثم اضيف لها اخطر ما يمكن به هدم الدين السماوي والتأسيس لاخر ارضي جديد الا وهو جعل الاعتقاد بإمامة المهدي وبغيبته اصل من اصول الدين من ينكرها كافر يباح دمه، رغم ان لا اصل قراني على ذلك، انما هو اصل بشري، بمعنى ان الناس صاروا يعبدون افكار اناس غيرهم وليس عبادة الخالق. وهذا الامر يدفعنا الى مقارنة ما يقدم من اعتقادات بالسياسة، بوصفها اداة للمكر والمصالح وليس اداة لتقديم الاخلاق، بل وتمادى البعض في التقدم بطرح الاسئلة ليقول: هل اصبح الشيعة الفرس اسوأ من اليهود؟ ان اليهود انما لعنهم الخالق لأنهم قاموا ببعض الافعال مما لم يرتضيها سبحانه، ومنها عملهم يوم السبت، وقتلهم الانبياء، وتحليلهم لبعض ما حرم الخالق وتحريمهم لبعض ما احله لهم. واذا ما اتينا الى الاسلام نرى فيه دين تسامح الى حد بعيد، وانه يضع عصمة لدماء المسلمين واموالهم واعراضهم، واذا كانت الاموال والاعراض معصومة عصمة مطلقة فان الدماء غير جائز استباحتها الا في حالة الحق، والذي يتحدد بالاتي: القصاص في القتل العمد، وتعمد الاجهار في الكفر والردة عن الاسلام، وما عداهما ففيه اختلاف الا ان الاغلب هو ترك العقاب للاخرة وليس لعقاب دنيوي. اما اذا ما اتينا الى الشيعة فان الاصل في التشيع ليس الدين انما هو المناصرة لأهل بيت النبوة عليهم وعلى الرسول الاعظم افضل الصلاة والتسليم، الا انه انتهى بفعل تأثير فارسي الى خلق دين جديد، يحلل ما حرم الخالق ويحرم ما حلل، والاكثر منه انه يعترض على الخالق في عدم اعتماد القران الكريم كمصدر للتشريع عندما يقول انه حمال اوجه، وانه لهذا الامر عرضة للاختلاف في تفسيره؛ وان الاصل انما هو العقل (وتم اغفال ان البشر انما هو عقل وشهوة واغلب البشر يميل لشهوته على حساب عقله؛ فكيف ونحن نتعامل مع ملايين من البشر التي لا تفقه التمييز بين المادي وغير المادي وليس التمييز بين الافكار بحكم الجهل؟) وليس النصوص القرانية، والاخطر ان العقائد تقوم على اساس روايات يتم تناقلها لمن اسس لهذا الدين الجديد وليس على اساس عقلي يمكن ان يعاد قراءته من جديد ليتم اكتشاف الحقيقة، ومعرفة اين الدين (وكأن الامر صنعة يهودية لا يفشى سرها للغير حتى لا يدخلوا مع من صنعها الجنة) ويتم تلقين الاجيال الشابة من الصغر على هذه الروايات بوصفها العقائد دون الحوار، كما يتم تلقين الاجيال منذ الصغر ان قراءة القران وفهمه محرمة الا من خلال اقوال ما قالوا عنه انهم الائمة الاحد عشر. والادهى ان من يقول بالغيبة ينسى ان الخالق اخذ روح اعز الخلق اليه الا وهو النبي الاعظم عليه الصلاة والسلام، فكيف بروح من دونه؟. وصرنا نجد من بين الشيعة من ينكر القران بأكمله بقوله ان نسخة القران الحق كانت لدى فاطمة الزهراء رضي الله عنها وعلى ابيها افضل الصلاة والتسليم، وان ما موجود انما هو نسخة عثمان بن عفان رضي الخالق عنه، ونسى هؤلاء ان الخالق يحلف بعزته انه للقران لحافظ، ونسى هؤلاء ان علي بن ابي طالب عليه كرم الله وجهه هو وابناءه انما جاءوا بعد عثمان فكيف رضوا ان لا يقدموا لامتهم النسخة الحقيقية للقرآن؟ أمثل هؤلاء يرفضون ان تدخل الامة الجنة؟ ام هم يدعون الى ان يعم الفساد من بعدهم؟ وبعد العام 2003 وتولي الشيعة الحكم في العراق، فان الملاحظ هو الممارسات الاتية: -اجماع الشيعة ان الحكم للشيعة لا لغيرهم على فساد ما موجود منهم وعدم كفاءته وعدم درايته من السياسة غير لغة الدم والسرقة، ولا يمكن التصويت لغيرهم. -ان فساد السياسيين الشيعة انما تقتضيه متطلبات ظهور المهدي. -ان اوجه الفساد التي على الحكام الشيعة القيام بها هي ما تعلق بتحليل ابرز ثلاث محرمات وصى بها الرسول الاعظم عليه افضل الصلاة والتسليم، الا وهي: جواز التعرض لدماء واموال واعراض غير الشيعة، وبضمنهم المسلمين السنة. -ان اعادة انتخاب ذات الوجوه على علاتها مما تنكر الانسانية وليس الشريعة الالهية اعمالها انما يدل على تفويض شيعي شعبي لممارساتها، كون من لم يقتل ولم يسرق ولم ينتهك عرض مسلم انما فوض الامر لمن تلطخت يداه بهذه الانتهاكات، وهذا مما يسمى في السياسة والقانون بالتفويض، وهو اخطر من التوكيل درجة، كونه يفوض سياسييه عنه باداء دينه البشري، الذي استمر النسج فيه وعليه لقرون عدة حتى صار ذو غلاف وجدران للحماية يمكن ان يبقى في المحيط الذي يعيش فيه؛ كونه يحاكي الفقر العقلي والشهوة البشرية والحقد الفارسي. ان اصل الاعتقادات الشيعية، في اصلها الفارسي، اذن تدور حول مجموعات من الانتهازية التي رأت ان تستولي على مشاعر بسطاء الناس في حبهم العاطفي لاهل بيت النبوة عليهم وعلى نبينا الاعظم افضل الصلاة والتسليم، ثم تم تغليف تلك الممارسات الانتهازية بتفسيرات بسيطة لمعنى الدين، كونها تحاكي العقل البسيط الامي، وجعلوا ما يقولونه هو القران، بمعنى عصمة الرأي، حتى لا يتحقق الشيعي من امره في شيء. بمعنى ان الانتهازيين اشتروا طاعة الشيعة بالتقية عليهم قبل غيرهم. وما يلحظ ان اغلب معتنقي تلك الاعتقادات كانوا يميلون الى فقراء الناس فكرا ومالا، واكثرهم حبا للشهوة، ممن لا يقرأ ولا يكتب ولا يتفكر في دينه، انما يتعامل مع الجاهز، حتى استولوا عليهم، ثم بدأوا في مرحلة لاحقة في تزييف الدين وتقديم ما يلبي الشهوة ويسمح بها، تحت ستار ان رجال الدين سيعصمون الناس اتباعهم من عقاب الخالق، بمعنى ان ممارسة الشهوة تمحوها نصرة التشيع، فكان من ممارساتهم الاتي: -دعوا الى زيارة قبور اولياء صالحين، ثم جعلوا من تلك الزيارات ما يعادل عبادة بل وأهم من الحج، ونسوا ان هناك فروقاً بين السعي للخالق والسعي للعباد، -ثم سمحوا بدمج الصلاة ثم بتركها، -ثم سمحوا بترك الزكاة واستقروا بدلا عنه بالخمس الذي يمكنه وفقا لتفسيرات البسطاء ان يمحي غضب الخالق، في حين ان اصل الخمس ليس على الارباح انما على غنائم المعارك من غير المسلمين ممن يظهر العداء منهم، وقد تكونت من الخمس امبراطوريات مالية لمنتفعين كثر، -ثم سمح بانتهاك الاعراض عندما رُخِّصت المرأة بالمتعة، ونسي ان اصل الزواج انما هو الاسرة المستقرة واستمرار النسل وليس الشهوة الحيوانية.. وهكذا نجد عشرات الممارسات التي شذت عن فطرة الدين السماوي بل اصبحت هي بحد ذاتها ديناً جديداً، ديناً بشرياً خلاف الدين السماوي الذي انزله الخالق على البشر، ديناً يأخذ من بسطاء الناس فطرتهم وعدم وعيهم وطلبهم للحرام فيتم ترخيصه من قبل مجموعات انتهازية، لا هم لها بالدين انما همها هو السيادة على الناس بجهلهم؛ ثم يقايضوا ذلك زيفا بأن من يقلدوه يمكنه بحظوة ال النبي عليهم وعلى النبي الاعظم افضل الصلاة والسلام ان يمحوه؛ في تناسٍ خطرٍ لسنن الانبياء، ومنهم ابراهيم عليه الصلاة والسلام عند مخاطبته ربه: ومن ذريتي، فيجيبه الرب العظيم: لا ينال عهدي الظالمين، ومنهم ايضا نوح وابنه، وغيرهما، بل ومع النبي الاعظم نفسه عندما لم يعر اهتماما لعمه لا لكونه لم يعرف الخالق انما لكونه اشرك به فحسب. ووجه الخطورة في الامر هنا ان من تولى زمام ادارة بسطاء الناس انما دفعهم إلى تكفير من لا يعتقد ان ما اطلقوه من دين انما لا يحتمل الخلاف انما هو نشاز بحد ذاته، فالعبادات اقرت في زمن النبي الاعظم عليه الصلاة والسلام، ولا مجال للاجتهاد بعبادات اخرى مضافة، تقوم على اساس هدم بنية الانسان، وتاخذ من ماله وعرضه الكثير. ولو كان الامر ان يترك الاختلاف الى الخالق ليحكم بين المسلمين والبشر فيما استقروا عليه من اعتقادات لكان امرا مقبولا، الا ان الذي حصل ان هناك ليس تكفير (اللعن للمخالفين لاعتقادات الشيعة والبراءة منهم) فحسب انما هناك دعوات صريحة في كتب العقائد تدعو الى سفح اعراض ودماء واموال المسلمين، فمما يقوله يوسف البحراني ان من انكر الامامة عُدَّ من المرتدين؛ اي ان دمه مهدور كما ان ماله وعرضه مهدور، ويمكن للشيعي ان ياخذ مال الناصبي ويخمِّس منه (يوسف البحراني، الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب، ص257). وهذا الامر نجد تطبيقاته صريحة في العراق وفي سوريا، وتجاه السنة في ايران اليوم. السياسة وبناء الدولة الوطنية ان بناء الدولة يحتاج الى السياسة، فالسياسة بمعنى التدبر تحتاج الى دراية واسعة بفن ادارة: الدولة والمجتمع والارض والموارد والسكان، وهذا التدبر هو الاساس في بناء الدولة، اي ان يكون هناك هدف حاضر لدى من يتولى السياسة. ولا تكون السياسة باستحضار العنف والدم والفساد والافساد، انما هذه هي ادوات المفلس وليس ادوات السياسي. فالسياسي يسعى للبناء وليس للهدم، فمعاول الهدم كثيرا وسهلة في عملها، ومعاول البناء امامها درب شاق. كما ان تفويض الدولة باستخدام العنف ليس مطلق لذاته انما هو للردع، وما يحصل في العراق وسوريا انما هو استخدام العنف للابادة ضد الانتماء العربي والاعتقاد السني. وان مما اشاعه ميكافللي في كتابه الامير ان السياسة هي فن الممكن، اي ان كل شيء جائز، ولا اخلاق تعمل في ظلها السياسة الا ان كانت الاخلاق اداة من الادوات التي تستخدمها السياسة. وعليه، صار اغلب السياسيين لا يفهم من السياسة غير لغة الافساد، مصحوبة بالعنف، مبعث ذلك ان من يشتري الفساد كثر، ومن يشتري بناء دولة العدل الاجتماعي محدودين. بمعنى اننا اصبحنا هنا امام الاتي: ان السياسة بمعنى ادارة الحكم تقابلت مع السياسة بوصفها اداة فساد وعنف ترهب المدنيين وتبعدهم عما يفكر فيه السياسيون، وهذا الامر هو ديدن الماسونية العالمية في خلقها لطبقات الحكام، وعزلهم عن المدنيين، ليستمر الحكام في تنفيذ ما يريدوه من المدنيين مقابل استمرارهم في الطاعة. ان ادارة الحكم تحتاج الى لغة سياسية خاصة، فادارة الحكم هي ادارة من خلال برنامج سياسي محدود، بشرط ان يحظى هذا البرنامج بقبول المجتمع او اغلبية اعضائه، وان لا يعارضه مجموعة على اسس تمايزية (قومية او دينية) على نحو يندفعوا الى استخدام العنف ضد ذلك المشروع. وعلى ضوء ذلك، ان هناك علاقة بين: السياسة ومصالح البلاد الوطنية، فالدولة انما هي مصالح: محلية ووطنية ودولية، والسياسة انما هي ادارة موارد وادارة اختلاف داخلي، بقصد تحقق تلك المصالح، وطالما هي كذلك، اذن السياسة هي وسيلة لبناء الدولة، وليس الدولة هي وسيلة لبناء السياسة. واذا ما نظرنا الى هذه المعادلة في تقييم اداء الحكم في العراق منذ العام 2005، نرى ان الهدف الحاضر لم يكن سوى الوصول للحكم، وليس لبناء الدولة، ودليلنا في ذلك ان ما من فعل قام به نظام الحكم في العراق منذ العام 2005 ينطوي على بناء الدولة او يساعد عليه. ان استمرار الطرق على وجود اختلاف في العقائد تسبب بحصول بعض التمزق في نسيج المجتمع العراقي، والدفع به نحو احتضان المشاريع الفئوية، بعد نحو عدة عقود من الحكم المدني. ونجح من طرق هذا الباب كونه رمى بالفئوية في احضان العمل السياسي. وكونه قبل ذلك حرف قوة الفئوية من اتجاهها العربي نحو الاتجاه الايراني؛ بمعنى انه تم تعميق فجوة التعايش بين العراقيين. السياسة والسلم الاهلي المسالة في اعلاه، تدفعنا للخوض في نقاش نقطة خطرة في المحيط العراقي، الا وهي مسالة السلم الاهلي، والبعض من القانونيين يسميها حفظ النظام العام، مما يعتبر من صلب مهام الحكومة، في اطار ادارة الدولة، كون السلم الاهلي او النظام العام يتطلب محافظة نظام الحكم على مصالح المجتمع وليس التعارض مع مصالح المجتمع. وعودة للشأن العراقي، يلاحظ ان العراق يتألف من فئات عدة، بينها تعارضات مصلحية وليس تعارضات وجودية، فالاختلاف العرقي انما هو بدعة بشرية، كون كل البشر لآدم، عليه والسلام، وكون كل البشر انطلقوا من ارض واحدة وما حدث من اختلاف ألسن انما هو بإرادة الخالق، وكل حركة البشر اللاحقة بين الارض انما استدعته ضرورة البقاء، كما ان الاعراق في العراق متصاهرة منذ القدم. اما الاختلاف في التفسير المذهبي فهو الآخر بدعة بشرية، فما بالنا نختلف ونتقاتل على تفسير يدعو الخالق الى رد الاختلاف فيه اليه، وانه سيعلمنا بتفصيله في الاخرة؟ اذن، لا اختلاف حقيقي بيننا كبشر نسكن ارض العراق، والاختلاف مصطنع لكي لا يستمر التعايش السلمي بين سكان العراق. وهنا تظهر السياسة مرة اخرى، فالسياسة وسيلة لادارة دولة، وادارة الدولة تتطلب رعاية المصالح المختلفة وتحقيق السلم الاهلي. الا انه في حالة العراق، صارت السياسة وسيلة لتحقيق نقض للغايتين المطلوب منها اداءهما، فلماذا؟ ان تفسير ذلك يسير، فالسياسي لكي يكون سياسياً يفترض به ان يكون لديه مشروع سياسي، وهذا المشروع يقوم لا على اللعب على المصالح الوطنية والسلم الاهلي، ولا على توفير الخدمات، فهما واجب عليه، وليس حق عليه يمكنه التنازل عنها، الا ان سياسيي العراق انطلقوا من ارضية رخوة الا وهي عدم توافر الشرعية والمشروعية لهم ولتصرفهم، لهذا اتجهوا الى ما يمكن به الحصول على الشرعية والمشروعية، واذا كان سياسيي الكرد قد اسسوا لشرعية وجودهم منذ العام 1992 بتاسيس اقليمهم الفعلي، فان غيرهم وقع في مأزق، وعلى الصعيد السني مارس البعض سياسة حرق الارض بغيره من السنة طلبا للتفرد على الارض، وليكون ممثلا وحيدا عن العرب السنة، وحقق بعضا من النجاحات حتى تصادم مع مشروع تديره ايران لا يعترف بكونه صفّى الغرماء الاشد خطورة انما بكونه من النواصب الذين تحل دماءهم واعراضهم واموالهم، وعندما رجعوا الى ساحاتهم وقواعدهم وجدوها بافعالهم خاوية. اما الشيعة، فكانت ايران تعد العدة لهم منذ الثمانينات، فأعدوا عدة لقوى سياسية لا تعرف الا الدم والفساد، ولا مجال لغيرهما خدمة لا لهدف بناء دولة انما لهدف ظهور الغائب، وهو هدف ينطوي ضمنا على إضعاف العراق وإلحاقه بايران التي يدرك سياسيوها ان الهدف ليس الظهور انما رد الاعتبار لما جرى في العقد الثاني من الهجرة النبوية الشريفة المتمثل بهدم العرب لامبراطوريتهم المجوسية. الا ان ما وجده هؤلاء هو ان هناك طبقة وسطى لم تعد تعر اهتماما بالتمسك بالاعتقادات التي تدعو اليها ايران، وانهم من اركان التشيع العربي، فكان الامر بنظرها يحتاج الى هزة عنيفة تبرر صعودهم الى قمة الهرم السياسي، فأشاعوا القتل بين العراقيين بمختلف مكوناتهم، كونهم من مسك بيد الحكم والسلطة، وكونهم من نشر الميليشيات قبل غيرهم، فأصبحت السياسة وسيلة تقسيم اولا، ثم وسيلة مكافأة وعقاب، فبدأوا يشجعون كل من ينتمي للشيعة على حملة اصطفاف قوية في الشارع العراقي، فمنحوا امتيازات، وتم التغطية على اي ممارسة يقومون بها طالما انهم شيعة، فهذا الوصف لذاته وسيلة للتبرئة، واقل ما يطلق للبراءة من الفعل: التمهيد لظهور المهدي. وصارت الاموال والسلطة تعطى بغير رقيب. ان مقتضيات السياسة هو انه يتم ممارستها على اساس برنامج، اما ان يتم تنفيذها على اساس كونها وسيلة عقاب لكل من لا ينتمي للفئة الحاكمة واعتقاداتها، فهذه المسألة صارت تهدد استمرار التعايش السلمي، كونها لا تقتصر على حرمان من وظائف فحسب، انما تمتد لتشمل الدماء والاعراض والاموال، فكلها صارت حلال او في حلٍ من الملاحقة القانونية طالما ان مرتكبها شيعي، وطالما انها اصابت غيره. والامر هنا يدعو للسؤال: لماذا؟ المهدوية بين السياسة والحكم ان قراءة التاريخ تبين ان الاعتقادات الشيعية هي من عملت على تفكيك دولة الاسلام، فالمسلمين وان كانوا قد اتجهوا نحو الظلم بعد عهد ولاية علي بن ابي طالب رضي الله عنه، الا ان الامر لم يكد يحوي مفارقة، فالظلم انما هو ظلم الحكم وليس ادارة الرعية، فالاسلام خلال العقود اللاحقة انتشر بين بني آدم، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا من الجزيرة العربية، والحال استمر حتى القرن الثالث الهجري تقريبا لتبدأ فتن العقائد البشرية، بمعنى ان الظلم كان نسبيا، الا ان الاعتقادات الشيعية لدى الاثني عشرية تحديدا تقوم على اساس هدم اركان دولة الاسلام، كون كتب الاعتقادات الشيعية تدعو الى قتل المسلمين العرب باعتبار ذلك من متطلبات ظهور الامام الغائب (والغريب في الامر هو قتله للعرب؛ على نحو يعيد للاذهان عقائد فارسية مضمرة تقول: ان الفرس ينتظرون رجلا ينتقم لهم من العرب بعد تحطيم امبراطوريتهم؛ والاكثر غرابة هو ان العقائد الشيعية تكافئ الاعتقادات والخرافات الفارسية باستثناء انها غلفت باعتقادات دينية لتكون لها قبولا بين فقراء الناس فكرا وسلوكا)، فالامام الغائب عند ظهوره سيدفع بالارض نحو العدل بعد افسادها، وهذا الامر لا يتحقق بظهوره منطقا وعقلا، كون الانبياء انفسهم احتاجوا الى عقود حتى حققوا تقدما في الدعوة لعبادة الخالق، فكيف والارض فيها جور وفساد؟ ولهذا يقتضي الحال من الشيعة قتل كل من على الارض من غيرهم حتى يبقى الشيعة فقط ليدينوا، في لحظة الظهور، بالولاء والطاعة للمهدي؛ كون تصرفاتهم كانت نوعاً من التقية تمارس للتعجيل بالظهور. ان الشيعة الاثني عشرية انتقلوا في تدارك السياسة والعمل بها من خلال: -لفظ وانكار الشورى واعتماد ولاية الفقيه، التي تجعل الحكم بيد رجال حريصين على استمرار الاعتقاد وما يسمى بالدين، فهم وكلاء الرب على الارض. -ان الشيعة الامامية انتقلوا من القول بأن الوراثة عمودية للامامة الى القول بالاثني عشرية بعد وفاة الحسن العسكري، ومنذ ذلك الوقت يتربع رجالات العقائد على قمة الهرم السياسي والاقتصادي والاجتماعي للشيعة، دون الظهور العلني لطلب الحكم، كونه يعني نقض الغيبة والمهدوية (لا حكم في ظل وجود المهدي) الى ان جاء الخميني وعدل على هذه الرؤية وقال بجواز ان يتولى الفقيه ولاية الامر في عهد الغيبة. -اصبح الاعتقاد الشيعي ديناٍ بحد ذاته، بل وقومية مغلقة. فأما كونه دين، (ففي رواية عن علي بن ابي طالب، فيما رواه عبد الله بن سلمان عن ابي عبد الله: سألت الامام عما فوض الله الى الامام كما فوض الى سليمان بن داود؟، قال: نعم، ذلك ان رجلا سأله مسألة فأجابه فيها، وسأله اخر عنها فاجابه بغير جواب الاول، ثم سأله اخر فاجابه بغير جواب الاولين، وقال: هذا عطاؤنا فامنن أو أعط بغير حساب" محمد بن يعقوب الكليني، اصول الكافي، 1/ 438)، واما كونه قومية مغلقة فانه يعامل التشيع ليس كونه اعتقاد يمكن ان يدين به الشخص او ينكره او بنظم اليه او يتركه وفقا لقناعات وحجج معينة انما هي تسري مسرى الدم وتنتقل بالوراثة. -ان المسلمين لدى الشيعة كفار اموالهم ودمائهم واعراضهم حلال استباحتها. وينسب الى جعفر الصادق قوله: "ما خالف العامة ففيه الرشاد" (محمد بن يعقوب الكليني، اصول الكافي، 1 / 68)، وهذا يفيد ان اي حق في فكر وسلوك المسلمين مرفوض شرعا لدى الشيعة، ومثاله ما ذهب اليه (ابو جفعر الطوسي، الاستبصار، 3 / 142) : "اما ما رواه محمد بن احمد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي بن ابي طالب قال: حرم رسول الله لحوم الحمير ونكاح المتعة، فالوجه في الرواية ان نحملها على التقية لانها موافقة لمذاهب العامة". وهنا توجد قاعدة عامة في دين الشيعة الا وهي، كما نقل عن الباقر: "ان تسعة اعشار الدين هو التقية، ولا دين لمن لا تقية له" (محمد بن يعقوب الكليني، اصول الكافي، 2/ 217). -ان الخمس في عصر الغيبة انما هي اموال تغذّي مجموعات انتهازية متسترة بغطاء اهل بيت النبوة عليهم السلام، ولا يصل منها للمهدي شيء، حتى بنت امبراطوريات مالية لن ينسحب اصحابها من توليد كل الظروف لجعل الاخرين يخضعون لهم. كما ان الملاحظ ان اغلب اموال الخمس يتم تصديرها لايران وليس إنفاقها في مناطق العرب. -يرى الشيعة ان حماة الدين هم الفرس، فمما يقوله علي الكوراني (عصر الظهور، ص20، ص197، ص206، ص211،) "ان انصار الامام الايرانيون تقوم دولتهم قبله بمدة ويخوضون حربا طويلة وينتصرون فيها،.. الرجل الموعود،.. عن الامام الكاظم قال رجل من قم، يدعو الناس الى الحق، يجتمع معه قلوبهم كزبر الحديد، لا يملون من الحرب ولا يجبنون،.. وفي تفسير قوله تعالى (بعثنا عليكم عبادا لنا..) ان الامام الصادق قرأ الاية فقال: هم اهل قم،.. ان بداية حركة الممهدون هي على يد رجل من قم، يدخلون في حرب طويلة وتكون حركتهم بداية أمر المهدي، ثم يقومون بتسليم الراية الى الامام المهدي". -كما يرى الشيعة ان قتل المسلمين على مسمى ابو بكر وعمر وعائشة ركن من اركان الايمان، اذ يقول علي الكوراني (عصر الظهور، ص26) :"ان المهدي حين يظهر يحيي الخالق له اعداءه واولهم ابو بكر وعمر وبناتهما عائشة وحفص لينتقم منهم بان يعذبهم ثم يصلبهم". -إلحاق العراق بايران، اذ يقول علي الكوراني (عصر الظهور، ص179، ص182) : "دخول المهدي الى العراق وتحريره من بقايا قوات السفياني (نسبة الى قريش والمراد به العرب) ومن مجموعات الخوارج المتعددة، واتخاذه قاعدة لدولته،.. والكتاب الذي معه هو العهد المعهود اليه من رسول الله باملائه وخط علي بن ابي طالب وفيه ورد: اقتل ثم اقتل ولا تستتيبن أحدا" -وفي كتاب (محمد باقر المجلسي، بحار الانوار، 52/ 339) : "اذا قام القائم،.. لم يبق مسجد على الارض له شرف الا هدمها وجعلها جماء". وعن هذا الدين البشري يقول الامير نصر بن سيار والي خراسان في العهد الاموي:
قوم يدينون دينا ما سمعت به عن الرسول ولا جاءت به الكتب إن كنت تسألني عن أصل دينهم فإن دينهم ان تقتل العرب المهدويون ومستقبل العراقمما تقدم، ان العراق اليوم على مفترق طرق، بين عدة خيارات، بسبب سياسات دين اسس له على امتداد نحو ستة قرون ماضية، واستغل ما وقع به العراق، وربما تم الاتفاق على ذلك مع الولايات المتحدة، وهو ما نراه الأصوب. ان استمرار العراق اليوم بذات النهج الذي تديره اقطاب الحكومة والقوى المسيطرة عليها بكونها سياسات لا تدين بولاء للدولة ولا يحكمها اسس دين سماوي انما يحكمها عصبية هي اقرب لعصائب الفرس القومية، وهذه السياسات صارت تجعل العراق امام خيارات ضيقة، والخيارات التي تجابه العراق كدولة هي: -التفكيك الدموي، بمعنى ان يتم استخدام القتل المحدود او العام لمحاولة فرض الهيمنة على ارض العراق، وصولا الى اكبر مساحة منه قبل ان يستفيق العرب على هذه الحقيقة، اي حقيقة ان قتل العرب واستباحة اموالهم واعراضهم انما هو دين من يتولى الحكم في العراق، بارادة وتدبير من ايران. -التفكيك اللين، وهو امر لا يتحقق في منظورنا الا بتدخل المجتمع الدولي، كون رواد الحكم الحالي لن يقبلوا بأن ينفذ العرب بدمائهم واعراضهم واموالهم في دولة مستقلة لا يستطيعون الفساد فيها؛ ولننظر الى استماتتهم في سبيل عدم تحقق مشروع فيدرالية في مناطق العرب السنة. -الفيدرالية الدموية، ومعناه ان يتم اللجوء للقتل حتى يصحى العرب فيطالبوا باقليم يفرضوه على اعدائهم في الحكم بالدم. -الفيدرالية اللينية، وهي تفيد ان يتدخل المجتمع الدولي ليسمح بفدرلة العراق دون مزيد من الدماء.
وهذه الخيارات التي تجابه العراق اليوم، مبعثها اعتناق رؤية تقوم على اساس الافساد في الارض العراقية، وانهاء وجود غير اصحاب الدين الجديد فيها.
ملاحظتان تمهيديتان من الناشر:
مهم جداً هذا المقال، ولكن لابد من الإشارة إلى مسألتين:
1- يورد الكاتب كلمة الشيعة فيه مطلقة، أحياناً، بدون توضيح، والمقصود بها أينما وردت من غير تخصيص، التشيع الصفوي الفارسي، وهذا ليس استنتاجاً منا، ولكن لأن كل المقال يقوم على ذلك، وحتى يكون الكلام دقيقاً جداً ويؤدي الغرض المقصود منه، وجب التنويه ابتداءً..
2- ان هذا المقال يطرح أفكاراً مفتوحة للنقاش، ونحن إذ ننشره في وجهات نظر، نقدمه على أساس انه مادة للنقاش، ونرجو ان يكون النقاش بشأن ماورد فيه مفيداً للجميع.
مع التقدير.
العقائد السياسية الشخصية ومعضلة إدارة الحكم في الدولة
وجهات نظر
خضر عباس
تُثار في العراق منذ العام 2003 معضلة قدرة العراقيين على بناء دولتهم، اذ انتقلوا من اخفاق الى اخر، وفي امور يدرك اي عاقل ان ادارتها لا تحتاج الى جهد جهيد للتعامل معها.
وكل ذلك يمكن ايجاد عذر لتفسيره، الا ان اتجاه البعض لاعادة انتخاب من وقع في فشل خلال السنوات السابقة وبشكل متكرر في قضايا ادارة الدولة، حتى صار وجوده جزءا من المعضلة، هذا الامر يطرح الحاجة للبحث في هذا الموضوع بشكل جدي. بمعنى اننا هنا امام معضلة العصبية للانتماء، وعدم التسامح في الاختلاف في الانتماءات.
وبقصد ايجاد تصور مقبول عن هذا الموضوع، سنتناول واحدة من ابرز القضايا المسكوت عنها، والتي لا يدرك اغلب العرب تاثيرها بين حياتهم، الا وهي عقيدة حرمة دماء واموال واعراض المسلمين العرب لدى الفرس، حتى استطاعوا الادعاء انها عقيدة شيعية، بل وزادوا عليها دفع المسلمين للفساد للتعجيل بظهور المهدي (تسمية يطلقها بعض الشيعة على محمد بن الحسن العسكري؛ وهو من نسل الامام الحسين بن علي عليه السلام من زوجته شهربانو بنت كسرى- ومن اسمائه خسرو مجوس، ينظر: حسين النوري الطبرسي، النجم الثاقب في احوال الامام الحجة الغائب، 1/ 185، وكذلك من اسمائه رويز بابا، ينظر: علي اليزدي الحائري، الزام الناصب في اثبات الحجة الغائب، 1/ 427).
لقد كان في تصوري سابقا ان الرد على ادعاءات أتباع اعتقاد ارضي إنما هو عبث، لأنك ستجعل منه شيئا له وجود فيما هي ادعاءات بشرية تباع وتشترى، وتحلل وتحرم استنادا لهوى، وما زلت عند تصوري هذا، الا ان ما يدفع للكتابة هو عدم دراية شرائح واسعة من المسلمين بالاتي:
-لاسباب انتشار التشيع بصيغته الفارسية، والذي يقوم على حب الانسان الشرقي لمسألتين: فقر العقل وحب الشهوة، وهما مما يتغذى عليهما التشيع بصورته الفارسية، فإعمال العقل يبطل التشيع بهذه الصورة، وحب الشهوة يوفر لها هذا التشيع كل زينة ويتسامح لها.
-ولاسباب مناصرته امريكيا، فامريكا وجدت في الشيعية الفارسية الصديق المخلص القادر على هدم الاسلام واشغال المسلمين بعيدا عنها.
-ولاسباب اتجاه الشيعة لقتل المسلمين، وهو مما سنذكره في ادناه.
الغيبة والانتظار
لقد تمايز البعض تحت عنوان الولاء، تحت ستار الغيبة، وقال ان هناك اماما قد غاب، بمعنى انه ولد ولم يمت لكنه غاب وهم بانتظاره، وهذا الامام فيما يدعونه يعود لنسب الامام علي، من ذرية الامام الحسين، وتم الاختلاف بشأن شخصه في اكثر من مناسبة، واتجه التيار السياسي الى تعديل مسار الامامة بين ذرية الامام علي في اكثر من موقف حتى انتهى التيار الشيعي الفارسي الى ايصالها في شخص المهدي ابن الحسن العسكري.
والغيبة كفكرة فيها أربع مسائل:
-انه شخص حي اختفى بقدرات ربانية، تفوق ما لدى البشر من قدرات، بمعنى ان له قدرات تفوق ما للبشر من قدرات تقليدية.
-ان الغائب سيعود، وهو ينتظر ممن يعتنقون بولائهم له ان يمهدوا لعودته وظهوره.
-ان العودة لن تتحقق الا اذا سلك لها الدروب، والدروب التي تساعد على ظهوره هي الفساد في الارض، كونه مصلح بعد فساد.
-وفكرة المهدي ترتبط بفكرة مهمة في الحياة السياسية، الا وهي فكرة وجود وكيل للرب الاله يساعد من يقره على تعديل الدين السماوي، بمعنى ان الدين الاسلامي وبشهادة الخالق نزل مكتملا وفيه من كل شيء علما واحكاما، وبقصد تعديله من المغرضين فان الامر بحاجة الى شخص يرتبط بالخالق او هكذا يتم تبريره (بابا او امام،..) يمكنه ان يمتلك سلطات ونفوذ واسعين، يمكنه من خلالهما فرض تغيير في اصل الدين، بما يمكن معه من تغيير الدين من كونه سماوياً الى دين ارضي، يشرع فيه ويحلل ويحرم ما يشاء، او بالاحرى هو اقرب للهوى منه الى ما يريد الخالق، وزرعت هذه الفكرة بين المسلمين بواسطة الفرس بعد خسارتهم مملكتهم في صدر العهد الاسلامي. وطالما ان فكرة الامامة كانت وسيلة ناجعة لتحقيق الغايات الاولى لتلك السياسة استنادا لمبدأ (ان قولي انما هو قول ابي، وان قول ابي انما هو قول جدي،.. وقول جدي انما هو قول علي بن ابي طالب، وقول علي بن ابي طالب انما هو قول الرسول الاعظم، وقول الرسول انما هو قول الخالق)، الا ان استمرار الخلاف بشأن تولي قيادة فكرة مغرية ماليا وسياسيا ومداعبة للشهوات جعلت روادها في حينه الى قطعها بفكرة اكثر منها اغراءاً من حيث المال والسياسة والشهوة، كونها تحيل الامر الى شخص لن يظهر، ولتجري باسمه كل الاعمال المتعلقة بالدين الارضي.
ولقد عاش المتشيعون للامام علي ومن بعده للامام الحسين، ومن بعده للائمة الاخرين فكرة انتظار الامام الغائب. وفي هذا الانتظار لم يدعّوا انهم اصحاب حكم او يرغبون به، فالتنظيرات الاولى كانت تقول ان الحكم غير جائز في ظل وجود الافضل، والامام المهدي ما دام هو موجود فلا يجوز الحكم لغيره. وهذا الامر دفع باغلب الشيعة للعزوف عن الحكم، او طلبه او التقرب منه، الا ان بدايات التحول في التشيع هو بتحول بلاد فارس من المذاهب السنية الى التشيع في العهد الصفوي؛ الا ان هذا التحول كان نسبيا وليس مطلقا. ومن تاريخ انتهاء العهد الصفوي في بلاد فارس او ما صار يطلق عليها بايران لاحقا، التي تعاقب على حكمها القاجار (التركمان) والاذريين (الاتراك)، حتى العهد البهلوي عام 1935 عندما حكمها الفرس، نقول انه خلال هذه المدة لم يكن الحكم مطلوبا شيعيا انما كان عبارة عن طلب سياسي من قبل بعض الطامحين اليه.
ولم يخالف هذا الراي الا فرقة الزيدية (جماعة زين العابدين بن علي) في اليمن، التي قالت بجواز ان يتولى الامر (الحكم) الافضل.
ولم يحدث تحول عام في الذهنية الشيعية الا مع قدوم الخميني للحكم في ايران، والذي عدل في فكرة الحكم والامامة ودفعها لقبول بعض طروحات الزيدية، وجوزوا حكم غير الامام المهدي، بمعنى انه عدل في النظرية العامة لأصل الدين الجديد من القول بالتعلق بالمال والشهوة الى التعلق بهما وبالسياسة، وجعل الامر كله بيد الولي الفقيه، ليجيز او لينهي في امور العباد ليس وفقا لاصل الدين الاسلامي انما لما يتماشى وحاجيات الشعب.
السياسة لدى المهدويين
لا يحظى الاعتقاد بالمهدوية لدى الشيعة بالكثير من الاختلاف، فالغالبية العظمى تعتقد انه غاب، وكل من يعتقد بذلك يعتقد انه سيظهر، والكل تعتقد ان السنة يناصبونه العداء وانه يناصب السنة العداء، والكل تعتقد ان دماء واموال واعراض السنة انما هي غير محرمة في ممارسات الشيعة، والبعض يجعلها تقع في صلب عقائدهم. وهذا الامر لم يبدأ مع بدايات التشيع انما تطور في المرحلة التي وصل فيها اسماعيل الصفوي للحكم في بلاد فارس وصولا لعالم اليوم.
والشيعة في الغالب يعتقدون انه لا حكم الا للمهدي، والاغلبية تعتقد ان الافساد طريق لظهور المهدي الغائب. كما اختلفوا في شخص المهدي، فمنهم (السبأية) من قال ان المهدي انما هو علي ابن ابي طالب، ومنهم (الكيسانية) من قالت انه محمد بن علي، ومنهم (عبد الله بن الحسن) من قال انه محمد بن عبد الله بن الحسن الذي اطلق عليه لقب النفس الزكية، و(العباسيون) قالوا انه سيظهر منهم فلقبوا امراءهم بـ(المهدي والهادي والرشيد،..)، واستمر الحال بفعل روايات تتفق اغلب المصادر انها من روايات من اليهود نسبوها للرسول الاعظم عليه الصلاة والسلام، بقصد اضعاف الدين، حتى وجد فيها الفرس وسيلة لهدم الدين ثأرا مما يقولوه بهدم العرب المسلمين لامبراطوريتهم المجوسية، فاضافوا عليها ثقافتهم، مما يمكنهم بها من سحب الدين من العرب، او في اقل تقدير سحب الناس من سيطرة الاسلام الى سيطرة الفرس، فاخترع له الروايات ونسبوها لاهل البيت العلوي، ومما ساعد على انتشارها منذ نهاية الدولة العربية-الاسلامية حتى اليوم هو انشغال الناس عن الدين، بين الفقر السلوكي والمالي والعلمي، ثم اضيف لها اخطر ما يمكن به هدم الدين السماوي والتأسيس لاخر ارضي جديد الا وهو جعل الاعتقاد بإمامة المهدي وبغيبته اصل من اصول الدين من ينكرها كافر يباح دمه، رغم ان لا اصل قراني على ذلك، انما هو اصل بشري، بمعنى ان الناس صاروا يعبدون افكار اناس غيرهم وليس عبادة الخالق.
وهذا الامر يدفعنا الى مقارنة ما يقدم من اعتقادات بالسياسة، بوصفها اداة للمكر والمصالح وليس اداة لتقديم الاخلاق، بل وتمادى البعض في التقدم بطرح الاسئلة ليقول: هل اصبح الشيعة الفرس اسوأ من اليهود؟
ان اليهود انما لعنهم الخالق لأنهم قاموا ببعض الافعال مما لم يرتضيها سبحانه، ومنها عملهم يوم السبت، وقتلهم الانبياء، وتحليلهم لبعض ما حرم الخالق وتحريمهم لبعض ما احله لهم.
واذا ما اتينا الى الاسلام نرى فيه دين تسامح الى حد بعيد، وانه يضع عصمة لدماء المسلمين واموالهم واعراضهم، واذا كانت الاموال والاعراض معصومة عصمة مطلقة فان الدماء غير جائز استباحتها الا في حالة الحق، والذي يتحدد بالاتي: القصاص في القتل العمد، وتعمد الاجهار في الكفر والردة عن الاسلام، وما عداهما ففيه اختلاف الا ان الاغلب هو ترك العقاب للاخرة وليس لعقاب دنيوي.
اما اذا ما اتينا الى الشيعة فان الاصل في التشيع ليس الدين انما هو المناصرة لأهل بيت النبوة عليهم وعلى الرسول الاعظم افضل الصلاة والتسليم، الا انه انتهى بفعل تأثير فارسي الى خلق دين جديد، يحلل ما حرم الخالق ويحرم ما حلل، والاكثر منه انه يعترض على الخالق في عدم اعتماد القران الكريم كمصدر للتشريع عندما يقول انه حمال اوجه، وانه لهذا الامر عرضة للاختلاف في تفسيره؛ وان الاصل انما هو العقل (وتم اغفال ان البشر انما هو عقل وشهوة واغلب البشر يميل لشهوته على حساب عقله؛ فكيف ونحن نتعامل مع ملايين من البشر التي لا تفقه التمييز بين المادي وغير المادي وليس التمييز بين الافكار بحكم الجهل؟) وليس النصوص القرانية، والاخطر ان العقائد تقوم على اساس روايات يتم تناقلها لمن اسس لهذا الدين الجديد وليس على اساس عقلي يمكن ان يعاد قراءته من جديد ليتم اكتشاف الحقيقة، ومعرفة اين الدين (وكأن الامر صنعة يهودية لا يفشى سرها للغير حتى لا يدخلوا مع من صنعها الجنة) ويتم تلقين الاجيال الشابة من الصغر على هذه الروايات بوصفها العقائد دون الحوار، كما يتم تلقين الاجيال منذ الصغر ان قراءة القران وفهمه محرمة الا من خلال اقوال ما قالوا عنه انهم الائمة الاحد عشر.
والادهى ان من يقول بالغيبة ينسى ان الخالق اخذ روح اعز الخلق اليه الا وهو النبي الاعظم عليه الصلاة والسلام، فكيف بروح من دونه؟. وصرنا نجد من بين الشيعة من ينكر القران بأكمله بقوله ان نسخة القران الحق كانت لدى فاطمة الزهراء رضي الله عنها وعلى ابيها افضل الصلاة والتسليم، وان ما موجود انما هو نسخة عثمان بن عفان رضي الخالق عنه، ونسى هؤلاء ان الخالق يحلف بعزته انه للقران لحافظ، ونسى هؤلاء ان علي بن ابي طالب عليه كرم الله وجهه هو وابناءه انما جاءوا بعد عثمان فكيف رضوا ان لا يقدموا لامتهم النسخة الحقيقية للقرآن؟ أمثل هؤلاء يرفضون ان تدخل الامة الجنة؟ ام هم يدعون الى ان يعم الفساد من بعدهم؟
وبعد العام 2003 وتولي الشيعة الحكم في العراق، فان الملاحظ هو الممارسات الاتية:
-اجماع الشيعة ان الحكم للشيعة لا لغيرهم على فساد ما موجود منهم وعدم كفاءته وعدم درايته من السياسة غير لغة الدم والسرقة، ولا يمكن التصويت لغيرهم.
-ان فساد السياسيين الشيعة انما تقتضيه متطلبات ظهور المهدي.
-ان اوجه الفساد التي على الحكام الشيعة القيام بها هي ما تعلق بتحليل ابرز ثلاث محرمات وصى بها الرسول الاعظم عليه افضل الصلاة والتسليم، الا وهي: جواز التعرض لدماء واموال واعراض غير الشيعة، وبضمنهم المسلمين السنة.
-ان اعادة انتخاب ذات الوجوه على علاتها مما تنكر الانسانية وليس الشريعة الالهية اعمالها انما يدل على تفويض شيعي شعبي لممارساتها، كون من لم يقتل ولم يسرق ولم ينتهك عرض مسلم انما فوض الامر لمن تلطخت يداه بهذه الانتهاكات، وهذا مما يسمى في السياسة والقانون بالتفويض، وهو اخطر من التوكيل درجة، كونه يفوض سياسييه عنه باداء دينه البشري، الذي استمر النسج فيه وعليه لقرون عدة حتى صار ذو غلاف وجدران للحماية يمكن ان يبقى في المحيط الذي يعيش فيه؛ كونه يحاكي الفقر العقلي والشهوة البشرية والحقد الفارسي.
ان اصل الاعتقادات الشيعية، في اصلها الفارسي، اذن تدور حول مجموعات من الانتهازية التي رأت ان تستولي على مشاعر بسطاء الناس في حبهم العاطفي لاهل بيت النبوة عليهم وعلى نبينا الاعظم افضل الصلاة والتسليم، ثم تم تغليف تلك الممارسات الانتهازية بتفسيرات بسيطة لمعنى الدين، كونها تحاكي العقل البسيط الامي، وجعلوا ما يقولونه هو القران، بمعنى عصمة الرأي، حتى لا يتحقق الشيعي من امره في شيء. بمعنى ان الانتهازيين اشتروا طاعة الشيعة بالتقية عليهم قبل غيرهم.
وما يلحظ ان اغلب معتنقي تلك الاعتقادات كانوا يميلون الى فقراء الناس فكرا ومالا، واكثرهم حبا للشهوة، ممن لا يقرأ ولا يكتب ولا يتفكر في دينه، انما يتعامل مع الجاهز، حتى استولوا عليهم، ثم بدأوا في مرحلة لاحقة في تزييف الدين وتقديم ما يلبي الشهوة ويسمح بها، تحت ستار ان رجال الدين سيعصمون الناس اتباعهم من عقاب الخالق، بمعنى ان ممارسة الشهوة تمحوها نصرة التشيع، فكان من ممارساتهم الاتي:
-دعوا الى زيارة قبور اولياء صالحين، ثم جعلوا من تلك الزيارات ما يعادل عبادة بل وأهم من الحج، ونسوا ان هناك فروقاً بين السعي للخالق والسعي للعباد،
-ثم سمحوا بدمج الصلاة ثم بتركها،
-ثم سمحوا بترك الزكاة واستقروا بدلا عنه بالخمس الذي يمكنه وفقا لتفسيرات البسطاء ان يمحي غضب الخالق، في حين ان اصل الخمس ليس على الارباح انما على غنائم المعارك من غير المسلمين ممن يظهر العداء منهم، وقد تكونت من الخمس امبراطوريات مالية لمنتفعين كثر،
-ثم سمح بانتهاك الاعراض عندما رُخِّصت المرأة بالمتعة، ونسي ان اصل الزواج انما هو الاسرة المستقرة واستمرار النسل وليس الشهوة الحيوانية..
وهكذا نجد عشرات الممارسات التي شذت عن فطرة الدين السماوي بل اصبحت هي بحد ذاتها ديناً جديداً، ديناً بشرياً خلاف الدين السماوي الذي انزله الخالق على البشر، ديناً يأخذ من بسطاء الناس فطرتهم وعدم وعيهم وطلبهم للحرام فيتم ترخيصه من قبل مجموعات انتهازية، لا هم لها بالدين انما همها هو السيادة على الناس بجهلهم؛ ثم يقايضوا ذلك زيفا بأن من يقلدوه يمكنه بحظوة ال النبي عليهم وعلى النبي الاعظم افضل الصلاة والسلام ان يمحوه؛ في تناسٍ خطرٍ لسنن الانبياء، ومنهم ابراهيم عليه الصلاة والسلام عند مخاطبته ربه: ومن ذريتي، فيجيبه الرب العظيم: لا ينال عهدي الظالمين، ومنهم ايضا نوح وابنه، وغيرهما، بل ومع النبي الاعظم نفسه عندما لم يعر اهتماما لعمه لا لكونه لم يعرف الخالق انما لكونه اشرك به فحسب.
ووجه الخطورة في الامر هنا ان من تولى زمام ادارة بسطاء الناس انما دفعهم إلى تكفير من لا يعتقد ان ما اطلقوه من دين انما لا يحتمل الخلاف انما هو نشاز بحد ذاته، فالعبادات اقرت في زمن النبي الاعظم عليه الصلاة والسلام، ولا مجال للاجتهاد بعبادات اخرى مضافة، تقوم على اساس هدم بنية الانسان، وتاخذ من ماله وعرضه الكثير. ولو كان الامر ان يترك الاختلاف الى الخالق ليحكم بين المسلمين والبشر فيما استقروا عليه من اعتقادات لكان امرا مقبولا، الا ان الذي حصل ان هناك ليس تكفير (اللعن للمخالفين لاعتقادات الشيعة والبراءة منهم) فحسب انما هناك دعوات صريحة في كتب العقائد تدعو الى سفح اعراض ودماء واموال المسلمين، فمما يقوله يوسف البحراني ان من انكر الامامة عُدَّ من المرتدين؛ اي ان دمه مهدور كما ان ماله وعرضه مهدور، ويمكن للشيعي ان ياخذ مال الناصبي ويخمِّس منه (يوسف البحراني، الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب، ص257). وهذا الامر نجد تطبيقاته صريحة في العراق وفي سوريا، وتجاه السنة في ايران اليوم.
السياسة وبناء الدولة الوطنية
ان بناء الدولة يحتاج الى السياسة، فالسياسة بمعنى التدبر تحتاج الى دراية واسعة بفن ادارة: الدولة والمجتمع والارض والموارد والسكان، وهذا التدبر هو الاساس في بناء الدولة، اي ان يكون هناك هدف حاضر لدى من يتولى السياسة.
ولا تكون السياسة باستحضار العنف والدم والفساد والافساد، انما هذه هي ادوات المفلس وليس ادوات السياسي. فالسياسي يسعى للبناء وليس للهدم، فمعاول الهدم كثيرا وسهلة في عملها، ومعاول البناء امامها درب شاق. كما ان تفويض الدولة باستخدام العنف ليس مطلق لذاته انما هو للردع، وما يحصل في العراق وسوريا انما هو استخدام العنف للابادة ضد الانتماء العربي والاعتقاد السني.
وان مما اشاعه ميكافللي في كتابه الامير ان السياسة هي فن الممكن، اي ان كل شيء جائز، ولا اخلاق تعمل في ظلها السياسة الا ان كانت الاخلاق اداة من الادوات التي تستخدمها السياسة.
وعليه، صار اغلب السياسيين لا يفهم من السياسة غير لغة الافساد، مصحوبة بالعنف، مبعث ذلك ان من يشتري الفساد كثر، ومن يشتري بناء دولة العدل الاجتماعي محدودين. بمعنى اننا اصبحنا هنا امام الاتي: ان السياسة بمعنى ادارة الحكم تقابلت مع السياسة بوصفها اداة فساد وعنف ترهب المدنيين وتبعدهم عما يفكر فيه السياسيون، وهذا الامر هو ديدن الماسونية العالمية في خلقها لطبقات الحكام، وعزلهم عن المدنيين، ليستمر الحكام في تنفيذ ما يريدوه من المدنيين مقابل استمرارهم في الطاعة.
ان ادارة الحكم تحتاج الى لغة سياسية خاصة، فادارة الحكم هي ادارة من خلال برنامج سياسي محدود، بشرط ان يحظى هذا البرنامج بقبول المجتمع او اغلبية اعضائه، وان لا يعارضه مجموعة على اسس تمايزية (قومية او دينية) على نحو يندفعوا الى استخدام العنف ضد ذلك المشروع.
وعلى ضوء ذلك، ان هناك علاقة بين: السياسة ومصالح البلاد الوطنية، فالدولة انما هي مصالح: محلية ووطنية ودولية، والسياسة انما هي ادارة موارد وادارة اختلاف داخلي، بقصد تحقق تلك المصالح، وطالما هي كذلك، اذن السياسة هي وسيلة لبناء الدولة، وليس الدولة هي وسيلة لبناء السياسة. واذا ما نظرنا الى هذه المعادلة في تقييم اداء الحكم في العراق منذ العام 2005، نرى ان الهدف الحاضر لم يكن سوى الوصول للحكم، وليس لبناء الدولة، ودليلنا في ذلك ان ما من فعل قام به نظام الحكم في العراق منذ العام 2005 ينطوي على بناء الدولة او يساعد عليه.
ان استمرار الطرق على وجود اختلاف في العقائد تسبب بحصول بعض التمزق في نسيج المجتمع العراقي، والدفع به نحو احتضان المشاريع الفئوية، بعد نحو عدة عقود من الحكم المدني. ونجح من طرق هذا الباب كونه رمى بالفئوية في احضان العمل السياسي. وكونه قبل ذلك حرف قوة الفئوية من اتجاهها العربي نحو الاتجاه الايراني؛ بمعنى انه تم تعميق فجوة التعايش بين العراقيين.
السياسة والسلم الاهلي
المسالة في اعلاه، تدفعنا للخوض في نقاش نقطة خطرة في المحيط العراقي، الا وهي مسالة السلم الاهلي، والبعض من القانونيين يسميها حفظ النظام العام، مما يعتبر من صلب مهام الحكومة، في اطار ادارة الدولة، كون السلم الاهلي او النظام العام يتطلب محافظة نظام الحكم على مصالح المجتمع وليس التعارض مع مصالح المجتمع.
وعودة للشأن العراقي، يلاحظ ان العراق يتألف من فئات عدة، بينها تعارضات مصلحية وليس تعارضات وجودية، فالاختلاف العرقي انما هو بدعة بشرية، كون كل البشر لآدم، عليه والسلام، وكون كل البشر انطلقوا من ارض واحدة وما حدث من اختلاف ألسن انما هو بإرادة الخالق، وكل حركة البشر اللاحقة بين الارض انما استدعته ضرورة البقاء، كما ان الاعراق في العراق متصاهرة منذ القدم. اما الاختلاف في التفسير المذهبي فهو الآخر بدعة بشرية، فما بالنا نختلف ونتقاتل على تفسير يدعو الخالق الى رد الاختلاف فيه اليه، وانه سيعلمنا بتفصيله في الاخرة؟
اذن، لا اختلاف حقيقي بيننا كبشر نسكن ارض العراق، والاختلاف مصطنع لكي لا يستمر التعايش السلمي بين سكان العراق. وهنا تظهر السياسة مرة اخرى، فالسياسة وسيلة لادارة دولة، وادارة الدولة تتطلب رعاية المصالح المختلفة وتحقيق السلم الاهلي. الا انه في حالة العراق، صارت السياسة وسيلة لتحقيق نقض للغايتين المطلوب منها اداءهما، فلماذا؟
ان تفسير ذلك يسير، فالسياسي لكي يكون سياسياً يفترض به ان يكون لديه مشروع سياسي، وهذا المشروع يقوم لا على اللعب على المصالح الوطنية والسلم الاهلي، ولا على توفير الخدمات، فهما واجب عليه، وليس حق عليه يمكنه التنازل عنها، الا ان سياسيي العراق انطلقوا من ارضية رخوة الا وهي عدم توافر الشرعية والمشروعية لهم ولتصرفهم، لهذا اتجهوا الى ما يمكن به الحصول على الشرعية والمشروعية، واذا كان سياسيي الكرد قد اسسوا لشرعية وجودهم منذ العام 1992 بتاسيس اقليمهم الفعلي، فان غيرهم وقع في مأزق، وعلى الصعيد السني مارس البعض سياسة حرق الارض بغيره من السنة طلبا للتفرد على الارض، وليكون ممثلا وحيدا عن العرب السنة، وحقق بعضا من النجاحات حتى تصادم مع مشروع تديره ايران لا يعترف بكونه صفّى الغرماء الاشد خطورة انما بكونه من النواصب الذين تحل دماءهم واعراضهم واموالهم، وعندما رجعوا الى ساحاتهم وقواعدهم وجدوها بافعالهم خاوية.
اما الشيعة، فكانت ايران تعد العدة لهم منذ الثمانينات، فأعدوا عدة لقوى سياسية لا تعرف الا الدم والفساد، ولا مجال لغيرهما خدمة لا لهدف بناء دولة انما لهدف ظهور الغائب، وهو هدف ينطوي ضمنا على إضعاف العراق وإلحاقه بايران التي يدرك سياسيوها ان الهدف ليس الظهور انما رد الاعتبار لما جرى في العقد الثاني من الهجرة النبوية الشريفة المتمثل بهدم العرب لامبراطوريتهم المجوسية. الا ان ما وجده هؤلاء هو ان هناك طبقة وسطى لم تعد تعر اهتماما بالتمسك بالاعتقادات التي تدعو اليها ايران، وانهم من اركان التشيع العربي، فكان الامر بنظرها يحتاج الى هزة عنيفة تبرر صعودهم الى قمة الهرم السياسي، فأشاعوا القتل بين العراقيين بمختلف مكوناتهم، كونهم من مسك بيد الحكم والسلطة، وكونهم من نشر الميليشيات قبل غيرهم، فأصبحت السياسة وسيلة تقسيم اولا، ثم وسيلة مكافأة وعقاب، فبدأوا يشجعون كل من ينتمي للشيعة على حملة اصطفاف قوية في الشارع العراقي، فمنحوا امتيازات، وتم التغطية على اي ممارسة يقومون بها طالما انهم شيعة، فهذا الوصف لذاته وسيلة للتبرئة، واقل ما يطلق للبراءة من الفعل: التمهيد لظهور المهدي. وصارت الاموال والسلطة تعطى بغير رقيب.
ان مقتضيات السياسة هو انه يتم ممارستها على اساس برنامج، اما ان يتم تنفيذها على اساس كونها وسيلة عقاب لكل من لا ينتمي للفئة الحاكمة واعتقاداتها، فهذه المسألة صارت تهدد استمرار التعايش السلمي، كونها لا تقتصر على حرمان من وظائف فحسب، انما تمتد لتشمل الدماء والاعراض والاموال، فكلها صارت حلال او في حلٍ من الملاحقة القانونية طالما ان مرتكبها شيعي، وطالما انها اصابت غيره. والامر هنا يدعو للسؤال: لماذا؟
المهدوية بين السياسة والحكم
ان قراءة التاريخ تبين ان الاعتقادات الشيعية هي من عملت على تفكيك دولة الاسلام، فالمسلمين وان كانوا قد اتجهوا نحو الظلم بعد عهد ولاية علي بن ابي طالب رضي الله عنه، الا ان الامر لم يكد يحوي مفارقة، فالظلم انما هو ظلم الحكم وليس ادارة الرعية، فالاسلام خلال العقود اللاحقة انتشر بين بني آدم، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا من الجزيرة العربية، والحال استمر حتى القرن الثالث الهجري تقريبا لتبدأ فتن العقائد البشرية، بمعنى ان الظلم كان نسبيا، الا ان الاعتقادات الشيعية لدى الاثني عشرية تحديدا تقوم على اساس هدم اركان دولة الاسلام، كون كتب الاعتقادات الشيعية تدعو الى قتل المسلمين العرب باعتبار ذلك من متطلبات ظهور الامام الغائب (والغريب في الامر هو قتله للعرب؛ على نحو يعيد للاذهان عقائد فارسية مضمرة تقول: ان الفرس ينتظرون رجلا ينتقم لهم من العرب بعد تحطيم امبراطوريتهم؛ والاكثر غرابة هو ان العقائد الشيعية تكافئ الاعتقادات والخرافات الفارسية باستثناء انها غلفت باعتقادات دينية لتكون لها قبولا بين فقراء الناس فكرا وسلوكا)، فالامام الغائب عند ظهوره سيدفع بالارض نحو العدل بعد افسادها، وهذا الامر لا يتحقق بظهوره منطقا وعقلا، كون الانبياء انفسهم احتاجوا الى عقود حتى حققوا تقدما في الدعوة لعبادة الخالق، فكيف والارض فيها جور وفساد؟ ولهذا يقتضي الحال من الشيعة قتل كل من على الارض من غيرهم حتى يبقى الشيعة فقط ليدينوا، في لحظة الظهور، بالولاء والطاعة للمهدي؛ كون تصرفاتهم كانت نوعاً من التقية تمارس للتعجيل بالظهور.
ان الشيعة الاثني عشرية انتقلوا في تدارك السياسة والعمل بها من خلال:
-لفظ وانكار الشورى واعتماد ولاية الفقيه، التي تجعل الحكم بيد رجال حريصين على استمرار الاعتقاد وما يسمى بالدين، فهم وكلاء الرب على الارض.
-ان الشيعة الامامية انتقلوا من القول بأن الوراثة عمودية للامامة الى القول بالاثني عشرية بعد وفاة الحسن العسكري، ومنذ ذلك الوقت يتربع رجالات العقائد على قمة الهرم السياسي والاقتصادي والاجتماعي للشيعة، دون الظهور العلني لطلب الحكم، كونه يعني نقض الغيبة والمهدوية (لا حكم في ظل وجود المهدي) الى ان جاء الخميني وعدل على هذه الرؤية وقال بجواز ان يتولى الفقيه ولاية الامر في عهد الغيبة.
-اصبح الاعتقاد الشيعي ديناٍ بحد ذاته، بل وقومية مغلقة. فأما كونه دين، (ففي رواية عن علي بن ابي طالب، فيما رواه عبد الله بن سلمان عن ابي عبد الله: سألت الامام عما فوض الله الى الامام كما فوض الى سليمان بن داود؟، قال: نعم، ذلك ان رجلا سأله مسألة فأجابه فيها، وسأله اخر عنها فاجابه بغير جواب الاول، ثم سأله اخر فاجابه بغير جواب الاولين، وقال: هذا عطاؤنا فامنن أو أعط بغير حساب" محمد بن يعقوب الكليني، اصول الكافي، 1/ 438)، واما كونه قومية مغلقة فانه يعامل التشيع ليس كونه اعتقاد يمكن ان يدين به الشخص او ينكره او بنظم اليه او يتركه وفقا لقناعات وحجج معينة انما هي تسري مسرى الدم وتنتقل بالوراثة.
-ان المسلمين لدى الشيعة كفار اموالهم ودمائهم واعراضهم حلال استباحتها. وينسب الى جعفر الصادق قوله: "ما خالف العامة ففيه الرشاد" (محمد بن يعقوب الكليني، اصول الكافي، 1 / 68)، وهذا يفيد ان اي حق في فكر وسلوك المسلمين مرفوض شرعا لدى الشيعة، ومثاله ما ذهب اليه (ابو جفعر الطوسي، الاستبصار، 3 / 142) : "اما ما رواه محمد بن احمد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي بن ابي طالب قال: حرم رسول الله لحوم الحمير ونكاح المتعة، فالوجه في الرواية ان نحملها على التقية لانها موافقة لمذاهب العامة". وهنا توجد قاعدة عامة في دين الشيعة الا وهي، كما نقل عن الباقر: "ان تسعة اعشار الدين هو التقية، ولا دين لمن لا تقية له" (محمد بن يعقوب الكليني، اصول الكافي، 2/ 217).
-ان الخمس في عصر الغيبة انما هي اموال تغذّي مجموعات انتهازية متسترة بغطاء اهل بيت النبوة عليهم السلام، ولا يصل منها للمهدي شيء، حتى بنت امبراطوريات مالية لن ينسحب اصحابها من توليد كل الظروف لجعل الاخرين يخضعون لهم. كما ان الملاحظ ان اغلب اموال الخمس يتم تصديرها لايران وليس إنفاقها في مناطق العرب.
-يرى الشيعة ان حماة الدين هم الفرس، فمما يقوله علي الكوراني (عصر الظهور، ص20، ص197، ص206، ص211،) "ان انصار الامام الايرانيون تقوم دولتهم قبله بمدة ويخوضون حربا طويلة وينتصرون فيها،.. الرجل الموعود،.. عن الامام الكاظم قال رجل من قم، يدعو الناس الى الحق، يجتمع معه قلوبهم كزبر الحديد، لا يملون من الحرب ولا يجبنون،.. وفي تفسير قوله تعالى (بعثنا عليكم عبادا لنا..) ان الامام الصادق قرأ الاية فقال: هم اهل قم،.. ان بداية حركة الممهدون هي على يد رجل من قم، يدخلون في حرب طويلة وتكون حركتهم بداية أمر المهدي، ثم يقومون بتسليم الراية الى الامام المهدي".
-كما يرى الشيعة ان قتل المسلمين على مسمى ابو بكر وعمر وعائشة ركن من اركان الايمان، اذ يقول علي الكوراني (عصر الظهور، ص26) :"ان المهدي حين يظهر يحيي الخالق له اعداءه واولهم ابو بكر وعمر وبناتهما عائشة وحفص لينتقم منهم بان يعذبهم ثم يصلبهم".
-إلحاق العراق بايران، اذ يقول علي الكوراني (عصر الظهور، ص179، ص182) : "دخول المهدي الى العراق وتحريره من بقايا قوات السفياني (نسبة الى قريش والمراد به العرب) ومن مجموعات الخوارج المتعددة، واتخاذه قاعدة لدولته،.. والكتاب الذي معه هو العهد المعهود اليه من رسول الله باملائه وخط علي بن ابي طالب وفيه ورد: اقتل ثم اقتل ولا تستتيبن أحدا"
-وفي كتاب (محمد باقر المجلسي، بحار الانوار، 52/ 339) : "اذا قام القائم،.. لم يبق مسجد على الارض له شرف الا هدمها وجعلها جماء".
وعن هذا الدين البشري يقول الامير نصر بن سيار والي خراسان في العهد الاموي:
قوم يدينون دينا ما سمعت به عن الرسول ولا جاءت به الكتب
إن كنت تسألني عن أصل دينهم فإن دينهم ان تقتل العرب
مما تقدم، ان العراق اليوم على مفترق طرق، بين عدة خيارات، بسبب سياسات دين اسس له على امتداد نحو ستة قرون ماضية، واستغل ما وقع به العراق، وربما تم الاتفاق على ذلك مع الولايات المتحدة، وهو ما نراه الأصوب.
ان استمرار العراق اليوم بذات النهج الذي تديره اقطاب الحكومة والقوى المسيطرة عليها بكونها سياسات لا تدين بولاء للدولة ولا يحكمها اسس دين سماوي انما يحكمها عصبية هي اقرب لعصائب الفرس القومية، وهذه السياسات صارت تجعل العراق امام خيارات ضيقة، والخيارات التي تجابه العراق كدولة هي:
-التفكيك الدموي، بمعنى ان يتم استخدام القتل المحدود او العام لمحاولة فرض الهيمنة على ارض العراق، وصولا الى اكبر مساحة منه قبل ان يستفيق العرب على هذه الحقيقة، اي حقيقة ان قتل العرب واستباحة اموالهم واعراضهم انما هو دين من يتولى الحكم في العراق، بارادة وتدبير من ايران.
-التفكيك اللين، وهو امر لا يتحقق في منظورنا الا بتدخل المجتمع الدولي، كون رواد الحكم الحالي لن يقبلوا بأن ينفذ العرب بدمائهم واعراضهم واموالهم في دولة مستقلة لا يستطيعون الفساد فيها؛ ولننظر الى استماتتهم في سبيل عدم تحقق مشروع فيدرالية في مناطق العرب السنة.
-الفيدرالية الدموية، ومعناه ان يتم اللجوء للقتل حتى يصحى العرب فيطالبوا باقليم يفرضوه على اعدائهم في الحكم بالدم.
-الفيدرالية اللينية، وهي تفيد ان يتدخل المجتمع الدولي ليسمح بفدرلة العراق دون مزيد من الدماء.
وهذه الخيارات التي تجابه العراق اليوم، مبعثها اعتناق رؤية تقوم على اساس الافساد في الارض العراقية، وانهاء وجود غير اصحاب الدين الجديد فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق