موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأحد، 14 يوليو 2013

"ضمير" في إجازة دائمة!

وجهات نظر
علي الكاش
في مؤتمر من أجل الحرية الذي عقد في باريس برعاية الرئيسة الايرانية المنتخبة مريم رجوي يوم 20 حزيران الماضي، بحضور اكثر من (100) ألف شخص يمثلون خمس قارات. ذكر السيد طاهر بومدرا في كلمته جملة خطيرة. وبومدرا إستاذ جامعي شغل كرسي القانون في جامعة كنستانتين في الجزائر لعقد من الزمن قبل أن يتفرغ لرئاسة قسم الشؤون القانونية ويصبح نائبا للأمين العام للجامعة الأفريقية عام 1991.


ينتمي بومدرا إلى أسرة جزائرية مناضلة قاومت الإستعمار الفرنسي وقدمت تضحيات جسيمة في مسيرة التحرر من الإستعمار الغاشم الذي حاول مسخ عروبة الجزائر. فقد إستشهد أبوه وعمه وعدد آخر من افراد  أسرته دفاعا عن حياض الوطن، فتأصلت جذوة مقارعة الظلم والإستعباد عند العائلة المجاهدة. إنتقل بومدرا إلى العراق للعمل تحت مظلة الأمم المتحدة (يونامي) وهو يحمل كماً هائلاً من العروبة والوطنية والشعور القومي علاوة على الثقافة الواسعة، فتولى مسؤولية قسم حقوق الإنسان فيها. وبعدها شغل منصب المستشار الخاص ليونامي حيث كلف بملف اللاجئين الإيرانيين في مخيم أشرف لمدة عامين تقريبا، إنتهت بإستقالته من الوكالة إحتجاجا على تصرفات ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، الثعلب الأممي مارتن كوبلر، وعدم نزاهته في التعامل مع قضية الأشرفيين إضافة إلى تضليله الرأي العام بشأن مخيم ليبرتي والعراق بشكل عام.
أصدر بومدرا كتابا وثائقيا مهما بعنوان (قصة أشرف المكتومة) تحدث فيه عن تجربته المريرة في العراق سيما بخصوص معسكر أشرف، نشرته دار (New Generation) وفضح فيه تآمر كوبلر ضد اللاجئين الإيرانيين في مخيم أشرف، مؤكداً ولاء كوبلر المطلق لنظام الملالي الحاكم في إيران وربيبهم نوري المالكي من خلال لقاءات كوبلر بالسفير الإيراني في بغداد وتزويده بأدق المعلومات عن أحوال الأشرفيين وأخذ التوجيهات منه في كل شاردة وواردة تخصهم. وكان بومدرة شاهد عيان على تلك المقابلات حيث حضرها بنفسه ودوٌن ملاحظاته التي تضمنها كتابه المذكور.
وكذلك فضح لعبة كوبلر وتضليله الرأي العام بنقل الأشرفيين من مخيم أشرف إلى ليبرتي بإعتباره مخيم مريح وواسع ويوفر لهم أمان وإستقرار أكثر من أشرف، علاوة على إمكانية توفير الخدمات الأخرى لسكانه على حد زعمه. وقد تبين كذبه لاحقا من خلال القصف الإرهابي الذي تعرض له المخيم على أيدي الحرس الثوري الإيراني وميليشيات الولي الكريه في بغداد. إضافة إلى صغر حجم المخيم وإفتقاره إلى أدنى متطلبات معيشة البشر. فالسجن، أي سجن، أرحم بكثير من ليبرتي الذي يتناقض أسمه مع وضعه الحقيقي تماما.
تحدث بومدرا في كتابه عن الهجومين الغادرين اللذين تعرض لهما مخيم اشرف عامي 2009 و2011 ووثق الكثير من الأحداث بصورة دقيقة ومنصفة. ويمكن الإطلاع على كتابه في الموقع( amazon.de ).
سبق للسيد بومدرا أن مثل أمام الكونغرس الأمريكي، وأدلى بشهادته حول طريقة عمل اليونامي في العراق، حيث قال "أؤكد أمامكم بأن يونامي لا تعمل اطلاقاً بشكل مستقل. خصوصا في المواضيع ذات الصلة بمخيم أشرف. فإتخاذ القرارات بشأن المخيم وسكانه، تتم في مكتب رئاسة الوزراء العراقي، وفي بعض الأحيان في السفارة الايرانية ببغداد". كما أشار إلى مصاحبته لكوبلر في خمسة لقاءات مع السفير الإيراني (حسن دانائي فر) لمناقشة أوضاع الأشرفيين. ومن المعروف أن هذا الدانائي من ضباط الحرس الثوري الإيراني، هو ومواطنه الجنرال قاسم سليماني الحاكمين الفعليين  في العراق الجديد.
في الكلمة التي ألقاها بومدرا في ذلك الحشد الهائل في باريس أشار إلى الدور المخزي الذي نهجه كوبلر ضد الأشرفيين بما يتنافى وطبيعه عمله، بل ومعايير النزاهة التي يفترض أن تتوفر في مسؤول أممي يتحكم بمصير الآلاف من اللاجئين. وختم بومدرا كلمته بجملة خطيرة وهي "إن ممثلية الأمم المتحدة في العراق كانت متورطة في أعمال العنف الطائفية التي جرت في العراق"! وقد اسرع الاستاذ مصطفى كامل مدير موقع (وجهات نظر) بتدوينها حرفيا في دفتر ملاحظاته لقاء اهميتها ولغرض مناقشتها لاحقاً مع السيد بومدرا والحضور من العراقيين.
في اليوم التالي إلتقينا بالسيد بومدرا، فتحدث عن كتابه الصادر وطبيعة عمله السابق في العراق، موضحا موقفه الصريح من كوبلر، ومبينا سبب إستقالته. ولكن الذي كان يهمنا أكثر هي الجملة التي تحدث عنها بشأن تورط الأمم المتحدة في أعمال العنف الطائفية. وسألناه حينها: هل وردت هذه الجملة الخطيرة في كتابك (قصة أشرف المكتومة) أو تفاصيل عنها؟ فأجاب: كلا ليس كل ما يًحدث يُكتب عنه! قلنا: هذا صحيح ولكننا نظن إن هذه النقطة خطيرة جدا! وتهم الرأي العام العالمي والعراقيين بشكل خاص. ولابد من تسليط الضوء عليها لتتوضح أكثر، سيما إنك أعلنتها بصراحة في التجمع ولم يبقً في الأمر أسرار. فالمسألة تتعلق بنزاهة الأمم المتحدة وعمل موظفيها في العراق. علاوة على إنها تعزز ما جاء في كلمة الجنرال جورج كيسي حول تفجيرات سامراء التي كانت وراء الحرب الأهلية وراح ضحيتها الآلاف من العراقيين الأبرياء.

الدجال مارتن كوبلر
ذكر بومدرا بأن كوبلر لم يتعامل مع الأطراف السياسية المتنازعة بعدالة لغرض تسوية المنازعات الطائفية بل كان يتبنى مواقف الحكومة الطائفية. ولم ينقل الصورة الحقيقية لوضع أهل السنة وما يتعرضون إليه من إقصاء وتهميش وقتل من قبل الميليشيات الشيعية. فكان طرفا في الصراع الطائفي لصالح الحكومة الطائفية وساعد على تغطية جرائمها، وعدم نقل الصورة الصحيحة عن الأوضاع في العراق وطائفية الحكومة ودعمها للميليشيات الإجرامية. لذلك فإن التغطية على الجهة التي تقف وراء العنف الطائفي يعني الإنحياز لجانبها.
وهو نفس ما عبر عنه العلامة الدكتور عبدالملك السعدي خلال لقائه بكوبلر بقوله "لم يبق شيء خافِ عن أحد عما يجري في العراق، فالحكومة الحالية موجَّهة من قـِبل إيران وتعمل على أساس تنفيذرغبة إيران ومخطَّطاتها في العراق. المحتل سلّم العراق على طبق من ذهب إلى إيرانالتي تقوم بتغذية التفرقة بالحكم الطائفي. ان الحكومة العراقية الحالية نهجت منهج الضغط والاضطهاد على طائفة مُعيَّنة، وذلك بالتهميش والاعتقالات بقوانين جائرة وأساليب ظالمة متنوعة مما يتنافى وحقوق الإنسان. كذلك عدم التوازن في المؤسَّسات المدنية والعسكريةوغير ذلك سعيا لإلغاء هذه الطائفة ونشر طائفة أخرى على حسابها. ونحن لدينا عتاب على الأمم المتحدة على سكوتهم على هذا كله وعلى ما يجري من ظلم على الشعب العراقي، ونُحمِّلهم المسؤولية، فنطلب منكم أن تنقلوا هذه الصورة للمجتمع الدولي، والصورة واضحة على القاصي والداني والصغير والكبير، والمفروض على الأمم المتحدة أن تتدخل لأجل إنقاذ أبناء الشعب العراقي من سطوة هؤلاء وسطوة إيران التي أصبحت هي المحتلة وليس أمريكا، وعلى الأمم المتحدة أن تضغط على الحكومة العراقية لتحقيق وتنفيذ مطالب العراقيين المتظاهرين".
وأبلغنا بومدرا ان كوبلر كان ينقل للمالكي أحاديثه مع الأطراف (السنية) ويحرضه عليهم. وهذا تصرف لا أخلاقي فضلاً عن كونه لا ينسجم وطبيعة عمله ممثلاً للأمين العام للأمم المتحدة في العراق!
من المؤسف إن الوقت لم يسعفنا لقرب موعد مغادرتنا. فقد كانت فرصة طيبة للحصول على معلومات مهمة من هذا الخبير الدولي الذي صاحب الثعلب كوبلر في أحلك الظروف، ونقل الحقيقة بحذافيرها للرأي العام الدولي. كان في جعبته الكثير مما لم يتحدث عنه في كتابه. ونتمنى أن يكمل مشواره البحثي في كتاب لاحق.
إنتهى اللقاء بقولنا له يبدو إن (يونامي) أصبحت (يو إنمي ـ أي أنت عدو باللغة الإنكليزية).
ماهي طبيعة عمل (يونامي) في العراق؟
من المعروف أن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ذات طابع سياسي إستشاري  يرأسها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بغية تقديم المشورة حول القضايا السياسية والإقتصادية في البلد ومنها تنظيم الإنتخابات والإشراف على مسرتها ونزاهتها، وتنظيم التعداد السكاني والتخطيط والإدارة لمؤسسات الدولة وتعزيز الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، والإصلاحات القانونية وغيرها. وقد شُكلت البعثة بموجب قرار مجلس الأمن الدولي (رقم 1500 لعام 2003) بناءً على موافقة وطلب الحكومة العراقية. وقد أنيطت بها مهمات إضافية بموجب (القرار 1770 لعام 2007). ومدد مجلس الأمن فعالية القرار 2061 الذي تم اعتماده في 25 تموز/ 2012 ولغاية 31 تموز/ 2013.
من تلك المهام، أن تقدم البعثة المشورة والمساعدة لحكومة العراق ومجلس النواب للنهوض بالحوار السياسي والمصالحة الوطنية. وتقديم التوصيات في مجال مراجعة الدستور وتنفيذ الأحكام الدستورية إضافة إلى تبني وتطوير عملية تسوية الحدود الداخلية المتنازع عليها، وتيسير الحوار الإقليمي بما في ذلك المسائل المتعلقة بالحدود والأمن والطاقة واللاجئين. والتنسيق مع حكومة العراق لإيصال المساعدات الإنسانية للاجئين،وتأمين العودة الطوعية الآمنة والمنظمة لهم وللأشخاص النازحين بصورة ملائمة.
إذن يُستشف من هذه المعلومات إن الممثلية الأممية في العراق لها مهمام جسيمة تتعلق بأمن الدولة والخطوط السياسية والإقتصادية العامة، وطالما إن عملها مرهون بموافقة الحكومة العراقية فقد عُرف السبب الكامن وراء تمسك حكومة المالكي بمارتن كوبلر وتأسفها على رحيله. وإلا فإن أي حكومة وطنية نزيهة كان قد إستغنت عن كوبلر ورهطه الأممي القذر. ولكن كما يقول المثل شبيه الشيء منجذبا إليه. ومن خلال إستعراض المهام الإستشارية للوكالة نلاحظ إنها لم تنهض بأي منها! ولم تأخذ الحكومة بأي من التوصيات الأممية ولا عملت بموجبها.
فما الفائدة من وجود الوكالة ؟ يبدو انها للتغطية على جرائم الحكومة العراقية ضد شعبها وضد الأشرفيين فقط!
صرح مارتن كوبلر من المنطقة الخضراء التي يتحصن بها مع جرذان الحكومة والبرلمان العراقي بمناسبة إختتام مهمته القذرة في العراق، وقبل مغادرته مودعا ببكاء تماسيح حكومة المالكي والملالي "ما يزال هناك الكثير مما يجب القيام به ‏بخصوص القوانين في قطاع الطاقة وتوزيع موارد النفط والصراع على المناطق المتنازع عليها شمال ‏البلاد، رغم التقدم الطفيف في اوضاع البلاد خلال العاميين الماضيين" داعيا الى إجراء اصلاحات اقتصادية وتطوير الفدرالية السياسية والمالية.‏ إذن ما زال هناك الكثير! حسنا طالما هناك الكثير بإعترافك. فما الذي كنت تعمله طوال سنوات وجودك في العراق؟ ولماذا نقلت صورة سرابية عن العراق والوضع في  ليبرتي تخالف الواقع تماما؟
وإدعاءك بأنك "قلق جدا بعد نهاية ‏العامين التي قضيتها، بسبب تصاعد الطائفية وزيادة العنف". يحتاج إلى وقفة يتصبب منها العرق! لأن هذا التصريح يفند جميع التقارير التي رفعتها للأمم المتحدة حول تحسن الأوضاع في العراق، وجدية الحكومة في حسم الملفات العالقة ومنها ملف ليبرتي. ولم تشر في التقارير السابقة مطلقا إلى تزايد حدة العنف الطائفي في العراق! لماذا يا ترى؟
يوجد الكثير من العمل في العراق يا كوبلر، لأنك لم تؤدِ واجبك بشكل حيادي ونزيه، ولم تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام بالعراق أو بحل معضلة الأشرفيين على أقل تقدير، بل رجعت بهما إلى الخلف خطوات، واعطيت إنطباعا سلبيا عن الأمم المتحدة وعمل (يونامي) في العراق. لم تكن يا كوبلر موظفا لدى الأمم المتحدة، بل موظفا في حكومة المالكي، وخدماتك معارة لنظام الملالي في إيران.
لا تنس أبدا بأن الرشاوى التي قُدمت لك من نظام الملالي والمالكي لكي تقف إلى جانبهما، إنما هي مغموسة بدماء العراقيين والأشرفيين على حد سواء، وستكون سما زعافا يهرش أمعاءك أنت وكل من يقترب منها.
وأنت تغادر العراق تقبل من العراقيين والأشرفيين هذه الكلمة الوداعية "الى الكونغو وبعدها إلى جهنم وبئس المصير"، أنت ومن ليس له ضمير.


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..