موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

تناحر الأديان.. من وحي رسالة الكترونية 1

القس لوسيان جميل
المقدمة: قرائي الأعزاء! الرسالة الالكترونية التي استلمتها والتي سوف يكون هذا المقال من وحيها، كان كاتبها، او مرسلها، يبدي ألمه واستغرابه من ظاهرة تناحر أهل الأديان وكراهية بعضهم لبعض وعداء بعضهم لبعض، على الرغم من تصريحاتهم جميعا أنهم يؤمنون باله واحد، في حين يلاحظ كاتب الرسالة أن البوذية تشكل الاستثناء الوحيد في هذا المجال، حيث هناك آلاف من الكتب المقدسة والمزارات البوذية، لكن الجميع يعيشون بمحبة وسلام مع بعضهم البعض. علما بأنها المرة الثانية التي استلم هذه الرسالة عينها، ولكن هذه المرة كانت باللغة العربية، في حين كانت الرسالة الأولى مكتوبة بالانكليزية.
 
وبما ان الرسالة جذبت انتباهي، ليس بما تحويه من ايجابيات، بل بما كان فيها من دس ومغالطات ونقص في دقة الحكم على الأديان، قررت أن اكتب ثلاث مقالات معمقة حول حقيقة هذه الرسالة، من اجل وضع الأمور في نصابها الحقيقي، تاركا الحديث عن ظاهرة البوذية لمقال ثالث، إن شاء الله.
تحليل لمحتوى الرسالة المذكورة: بعد كل هذه الفترة التي قضيناها، نحن الكتاب، في تفنيد مغالطات المحتلين وأكاذيبهم، ورفع الغشاوة عن عيون أبناء الشعب البسيط من اجل حمايتهم من التضليل بقدر المستطاع، فقد اكتسبنا خبرة ثمينة في تمييز الغث من السمين، فيما يقال وفيما يكتب, حول شؤون المحتل والمحتلين. لذلك أسرعنا في كتابة هذا المقال الذي يهدف الى فرز الحنطة الجيدة عن الزؤان.                        
   أما بعد مقدمة الفقرة أعلاه فنقول: نعم إن ما يحدث للأديان مؤلم حقا، غير ان من اعتاد على التفكير والتحليل والتأمل بمثل هذه الأمور بعلمية كافية لا يستغرب من هذا الانقسام، حتى وان كان يرفضه في السر والعلن. وعليه فان ما سنقوله بشأن ظاهرة الانقسام المذكورة، سوف يستند إلى التحليل العلمي لهذه الظاهرة الدينية الاجتماعية، وحينئذ سوف يتحقق المثل الذي يقول: إذا عرف السبب بطل العجب، وحينئذ أيضا لن يتمكن احد من الاصطياد في الماء العكر، ولن يستطيع أحد أن يدس السم في العسل، ولا ان يقول كلاما ظاهره حق وباطنه باطل. ومن هنا، وكمحللين للظواهر الاجتماعية، لن ننساق وراء المهرجين المنادين بالسلم والتمدن والمحبة المزيفة، وسيكون لنا كلام يعطي لكل بعد من أبعاد الظاهرة المذكورة حقها، وحينئذ ايضا نفهم حقيقة الرياء الذي نجده في كثير من الدعوات السلمية ودعوات المصالحة التي ينادي بها بعض رجال الدين، مسلمين ومسيحيين، وتطالب بها منظمات المجتمع المدني المزعومة.  
   ومن يدري! فقد يقال لنا: ترى لماذا لا تشاركون المروجين لمثل هذه الظواهر المؤلمة استنتاجاتهم ودعوتهم السلمية، انتم الذين تقولون إنكم طلاب سلم ولستم طلاب حرب؟ أما جوابنا فواضح: اننا لا نشارك في مثل هذه الدعوات السلمية، لأنها دعوات مرائية وخبيثة تظهر وجها وتبطن الوجه الآخر الخبيث، وبذلك تعمل على شيطنة المقاومة والمقاومين، ليس في العراق وحده بل في العالم العربي كله.
حقيقة الدعوات السلمية والمدنية في زماننا: قبل ان ندخل في تفاصيل هذه الفقرة حري بنا ان نميز بين أشكال الداعين الى السلام، لكي نستطيع ان نحكم الحكم الصحيح على جميع أشكال الدعوات السلمية هذه ولا نقع في فخاخ المضللين. ولكي  يكون ما نكتبه واضحا سوف نلجأ الى ترقيم بعض أشكال الدعوات السلمية التي نجدها في مجتمعنا العراقي وفي المجتمعات العربية التي تخضع لمسيرة اجتماعية مماثلة.
1 -  الدعوات السلمية الصادرة عن بسطاء الناس: من يدرس عقلية الشعوب البسيطة سوف يكتشف ان هذه الشعوب، وعلى قدر وعيها الاجتماعي، لا تقوم خياراتها على مبادئ فكرية، ولا حتى على مبادئ أخلاقية، وإنما تقوم على المصلحة الآنية المباشرة. لذلك تأتي رغبة هذه الشعوب بالسلام عن مصلحة مادية: خوفا على الأرواح والممتلكات وطمعا بفائدة مادية تحصل عليها جراء السلام، كما حدث عندنا في العراق عندما جوع الأعداء شعبنا العراقي ومن بعد ذلك أخذوا منه كل ما يريدون بحجة الخلاص من الجوع والحرمان، دون الالتفات الى الضرر الناتج للعراق بسبب موقفهم هذا. وهكذا نرى هؤلاء الناس وكأن لسان حالهم يقول: أنا ! وليكن من بعدي الطوفان.
2 المضللون بوهم السلام كثابت: الجماعات الثانية التي تشدد على ثابت السلام نراها بين الذين يعتقدون أن المبادئ الأخلاقية السليمة تدعوا الناس إلى السلام، دون قيد أو شرط، سواء كان هؤلاء الناس ظالمين أم مظلومين. غير أن هذه الفئة المسالمة المؤدلجة بأيديولوجية  الوهم تجهل أن دعوتها أقوياء العالم إلى السلام لا تؤثر قليلا أو كثيرا في هؤلاء الأقوياء،  ولا تزحزحهم عن أهدافهم الشريرة وعدوانهم قيد أنملة. أما خيارات مثل هؤلاء المسالمين فتستند الى وهم ناتج عن حالة نفسية معينة، في اغلب الأحيان، او عن حالة صوفية سطحية لا دخل لها بالسلام أصلا، أو عن فهم لاهوتي خاطئ ومؤدلج للدين، الأمر الذي يظهر عند المسيحيين خاصة. وهكذا يتحول الإيمان عند هؤلاء المتصوفة المزعومين الى ما سماه كارل ماركس بأفيون الشعوب، هذا القول الذي لا يصح في الحقيقة إلا على هذا الطراز من الداعين الى السلام، من الذين تصبح الدعوة الى السلام المطلق عندهم، من الثوابت التي لا تمس.
3 – حالة المظلَلَين السلمية: ويقينا أننا عندما نتكلم عن المضلَلَين هنا نقصد بهم من ليس تمسكهم بالدعوة الى السلام حالة ذاتية ناتجة عن أي مسبب داخلي، لكننا نعني بالمضللين هنا من يقع عليهم التضليل الخبيث المصطنع بدهاء، من قبل جهات سياسية سيئة النية والقصد، او من قبل جهات دينية تضع نفسها، من حيث تدري ومن حيث لا تدري، الى جانب المعتدين الدوليين. أما هؤلاء المضللين ( بفتح اللام ) فنراهم يتفانون في مدح السلام كالببغاوات، وكأن السلام وفي كل حالاته قضية هامة وخاصة عندهم. وهكذا لا يقع هؤلاء المضللون في حبائل التضليل الخبيث فقط لكنهم يقعون ضحية لما يسمى، في علم النفس، بآلية الحيل الدفاعية، وأسميه شخصيا بالوهم الأنثروبولوجي أيضا، هذا الوهم الذي قد نكتب عنه مقالا خاصا في يوم من الأيام.
4 – حالة ضحايا أقوياء العالم: إن هذه الحالة تحدث في أيامنا بشكل مكثف، ولاسيما عندما تكون هناك حرب باردة او حارة بين الامبرياليين المعتدين وبين الشعوب الضعيفة. ففي هذه الحالة يستخدم الامبرياليون الأشرار الإعلام المضلل بشكل ملحوظ ، من اجل تيئيس الضعفاء من قدرتهم على المقاومة، كما يستعملون الوسائل التي بدأ العالم يسميهـا بالشيطنة Diabolisation ، من اجل النيل من عناصر القوة عند الخصم، حيث تطال الشيطنة كل شيء نبيل عند الضعفاء، بما في ذلك تضحية الضعفاء بحياتهم وحتى بسلامتهم الشخصية والوطنية، في سبيل النصر على الظالمين. اما المظللين ( بكسر اللام ) انفسهم فيشكلون فوجا كبيرا من علماء النفس ودهاقنة المخابرات الخبثاء والسياسيين الكبار وفوج من المنتفعين من السياسة من الذين يقدمون خدماتهم للمحتلين لقاء ما يدفع لهم من أجر. ويقينا أننا لا نخطئ إذا حسبنا جماعات " المجتمع المدني " من بين هؤلاء المضللين اللذين يخدمون أهداف المحتلين العدوانية.
   وهنا! نقولها مرة أخرى، يحاول المضللون السياسيون وأذنابهم ان يقنعوا المعتدى عليهم بأن طريق السلام هو الأفضل لهم وللعالم، مع أننا نعرف أن المحتلين في العراق وفي فلسطين مثلا، سدوا كل الطرق، العنيفة منها والسلمية، بوجه الذين لا يطلبون غير حقهم الطبيعي والشرعي: السيادة الكاملة والتخلص الكامل من الاحتلال في العراق وفي فلسطين. ثم الم يكن إصرار النازيين في البيت الأبيض، والذي يسميه العراقيون بالبيت الأسود، على احتلال العراق، على الرغم من المظاهرات الحاشدة التي خرجت في كل أنحاء العالم لردع العدوان، دليلا كافيا على أن المعتدين أقوياء العالم لا يفهمون غير لغة القوة، وأن لا شيء آخر يردعهم غير القوة؟ حقا! يبدو أن العنف والقوة قدر لا مفر منه امام الضعفاء ماديا، ما دام عالم الأقوياء لا يثق إلا بالقوة الغاشمة ولا يعرف شريعة غير شريعة الغاب.
   أما أن المضللين السياسيين وأتباعهم بكلل صنوفهم الدينية والمدنية، ومنهم رجال كنيسة وما يسمى بمنظمات المجتمع المدني المخادعة، يأتون الآن وينادون بالسلام والمصالحة، بعد ان أطبق المحتل أنيابه على العراق وغير العراق، فتلك لعمري أقصى خدمة يقدمها هؤلاء المضللين للمعتدين المحتلين، بدعوة من وقع عليهم الاحتلال الى السكينة والسلام، هذا السلام الذي هو أقصى أمنيات المحتلين في زمن النهايات، أي في الزمن الذي فيه يعتقد المجرمون أنهم أنجزوا مهمة عدوانهم، ولم يبقى لهم سوى ان يتمتعوا بثمار عدوانهم، دون ان يقلق راحتهم أحد، هذا الزمن المعروف عند كل المعتدين في العالم، من الذين يحاولون بعد انجاز الجريمة ان يخلعوا ثوب الذئاب ويلبسوا ثوب الحملان؟ فهل سوف ينجحون في ذلك؟ ان تحليلنا للأمور يقول: ما كل مرة تسلم الجرة.
5 – طوبى لفاعلي السلام فانهم بنو الله يدعون: هذه العبارة قارئي العزيز مستلة مما يسمى موعظة يسوع على الجبل. ففي هذه الموعظة على الجبل تطويبات عديدة متماثلة من حيث انها تمدح الفضائل الانسانية التي تجعل مجتمع العالم مجتمعا انسانيا سعيدا، ومنها التطويبة التي تقول: طوبى لفاعلي السلام فانهم بني الله يدعون.  فاذا كان السيد المسيح يقول هذا الكلام الرائع، واذا كانت انسانية الانسان، قبل ان يفسدها المفسدون تقول كذلك ايضا، فمعنى ذلك ان هذه المقولة هي حقا صحيحة ولا غبار عليها. غير اننا هنا نردف ونقول: نعم طوبى لفاعلي السلام فانهم بنو الله يدعون، ولكن لن يكون ابناء الله حقا، اولئك الجبناء الذين يدعون الى الاستسلام للقدر وللقوة الغاشمة الشريرة، ولن يكون ابنا لله من يشبه ذلك الجنرال الذي دمر مدينة وارشو في الحرب العالمية، ثم ابرق الى رؤسائه قائلا: السلام يخيم على مدينة وارشو. فذلك الجنرال بالحقيقة، لم يعمل ولم يحقق السلام، وانما حقق الخراب حسب، ولذلك نقول بان ذلك الجنرال وأمثاله لا يستحقون التطويب والتمجيد، بل الزجر والاحتقار.
   من هنا نقول ان من يريد السلام حقا لا يفرضه على الآخرين، بل يعمل به هو نفسه اولا،  لكي يغري الآخرين على طلب السلام، الأمر الذي لم يفعله السيد بوش ولا السيد بلير ولا غيرهم من الكبار والصغار الذين اعتدوا على العراق، وأحلوا الفوضى فيه عوضا عن السلام، مما لم يؤثر على السلام في العراق وحده، بل أثر سلبا على السلام في مناطقنا العربية كلها، وفي العالم بأسره. وعليه فان المتأمل بما يجري اليوم في مناطقنا جراء اعتماد الأشرار العالميين على القوة الغاشمة، وجراء تمسكهم بمصالحم قبل تمسكهم بقوانين السلام وأخلاقياته، يفهم ان ما يجري انما يجري بحسب المقولة التي تقول: اذا اردت السلام فأعدد للحرب، في حين ان السلام  الحقيقي لا يقوم الا على مقولة أخرى تقول: اذا اردت السلام فأعدد للسلام الحقيقي، وليس فقط للسلام المبني على توازن القوى، هذا السلام الحقيقي الذي يقوم على الحق والعدل بين ابناء الوطن الواحد وبين الدول والشعوب.
يتبع...


رسالة ماجستير!

في زمن الجهالة المركبة والتجهيل المتعمَّد يمضي التعليم العالي في العراق الى مهاوي عميقة، وهذه واحدة من النماذج الصارخة في هذا الصدد.




وهذا هو (المجاهد) صاحب الرسالة


المداخل (الخلفية) للهيمنة الكونية 1

 صلاح المختار
في هذا المقال سأخرج قليلا عن مجالي التقليدي ، رغم انني اكتبه من اجل ( مجالي )  لان المطلوب هو تسليط الاضواء ، بكافة الوانها ودرجات اطياف الالوان ، على مسرح العمليات الاكبر والحقيقي وليس فقط على معركة صاخبة ربما تكون وسيلة ابعاد نظرنا عن المعركة الاخطر ، من اجل معرفة حقيقة المعارك الحالية والسابقة والمستقبلية والاهداف المخفية لها والوسائل التمويهية المستخدمة لاخفاء تلك الاهداف ، فما لم نعرف حقيقة ما يخفيه العدو او  الاعداء المشتركين ، او يقولوه ولكن بصورة مموهة او مبتورة او ناقصة او ملغزة ، فسوف نبقى نتخبط في دياجير ظلام مفروض ومتعمد ومن ثم سنخسر حتى المعارك التي نضمن الانتصار فيها .
 
ان ام معاركنا الحالية التي ابتدأت في حرب عام 1991 ، وكل معارك العالم الاساسية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي هي ، في المقام الاول ، معارك مخابرات بمعناها الاوسع ، والذي تستخدم في اللغة الانكليزية كلمة ذكاء  Intelligence  لوصفها ليس بمعناها الفني الضيق اي العمل الامني  Security  ، لان معركتنا تحدد مساراتها ونتائجها امكانية كل طرف على التفوق على الاخرين بالمعلومات اساسا ، ومرة اخرى لابد من التوضيح : ليس المعلومات بمعناها الامني ، اي تجميع معلومات عن افراد او امم بشكل عام لكشف اسرارها ، بل المعلومات كمنظومة جبارة لاعادة تشكيل ادمغتنا فتتغير طرق تفكيرنا وخياراتنا عبر غسيل جماعي لادمغة الناس على مستوى الكرة الارضية ،  ويلعب ابتكار وسائل سرية او مموهة لتدمير الخصم نفسيا وثقافيا وتربويا دورا حاسما قبل الاقدام على تدميره عسكريا ، وربما يكفي التدمير النفسي والفكري والتربوي لتحقيق النصر بلا استخدام القوة العسكرية مثلما حصل في اوربا الشرقية  .
في اللحظة التي تزرع فيها الشك والاضطراب والتناقض وعدم اليقين بمعتقدات وقيم العدو ، شعبا او فئة او فردا ، تبدأ رحلة انتصارك وهزيمته ، فحروب عصرنا هي حروب معتقدات يمثل كل منها مصالح معينة معروفة ، وبما ان المعتقدات ثمرة تربية واعداد الاف السنين ، وعلى الاقل مئات السنين ، والفرد ما ان يلد حتى يبدا بتلقي دروس عملية تزرع مفاهيمه وقيمه ونوازعه الاجتماعية والفكرية وتحدد ميوله النفسية ...الخ ، لذلك فان الانتصار الساحق وبأقل الاثمان مشروط بمعرفة بنية وعي الطرف الاخر المنبثق من منظومة قيمية ومعتقدية وتحديد طرق التأثير عليه وفيه ، وهنا تبرز قيمة ودور الذكاء .
                                                                      أيهما اهم الايديولوجيا ام الهوية ؟
لنبدأ من فكرة لابد من تسليط الاضواء عليها لانها تكاد ان تكون مهملة مع انها حيوية في فهم خصائص صراعنا الحالي ، وهي ان الصراع الامريكي السوفيتي كان صراع قوتين متناقضتين ايديولوجيا ، والتناقض الايديولوجي هذا هو تناقض ايديولوجيات دنيوية صرفة ، فالراسمالية نظام اقتصادي اجتماعي مناقض لنظام اخر هو الاخر نظام اقتصادي اجتماعي ، اي النظام الاشتراكي ( الشيوعي ) ، ورغم ان النظام الثاني كان يضفي على نفسه صفات اخلاقية معروفة كانهاء الظلم والاستغلال ، الا ان هذه الايديولوجية عمرها قصير جدا وبدا في نهاية القرن التاسع عشر ، وهي لذلك عبارة عن موجة فكرية كان يمكن ان تكتسب بعض عناصر الديمومة والرسوخ لو ان النظم الشيوعية في اوربا الشرقية مثلتها حقا ولم تنحرف عنها .
ان ما يدوم ويترسخ في وجدان الناس وضمائرهم لعدة عقود يتحول بمرور الزمن الى منظومات قيم وتقاليد متوارثة ، واكتمال هذا التراكم الكمي للقيم وتحوله الى نقلة نوعية في وعي الناس يحتاج لمئات بل لالاف السنين ، وعندما تتحقق النقلة النوعية في بنية الوعي الاجتماعي يصبح طبيعة ثانية من المستحيل تغييرها بقرار سلطوي حتى لو استخدمت اشد شكال العنف المادي . والقيم والتقاليد ( الشيوعية ) في نظم اوربا الشرقية لم تمر عليها سوى سبعة عقود تقريبا وهي فترة كافية لخلق موجة توتر وعي جديد طاغية لكنها ليست كافية لبلورة تقاليد نفسية وقيمية متوارثة جيلا بعد جيل ، بتعبير اخر انه كان وعيا طارئا وانيا ولم يكن وعيا متبلورا ومتجذرا ، الامر الذي جعل الفساد يضرب احزاب وانظمة اوربا الشرقية ويبعدها عن العقيدة الماركسية – اللينينية ، وكانت النتجية تقوضها من الداخل بعد مناوشات وصراعات معروفة .
ولعل المثال الاكثر بؤسا لحقيقة ان الطبيب حينما يبدأ بعلاج انسان ثم يتوقف في منتصف الطريق فان المرض يستفحل ويصبح قاتلا ، وهذا ما رأيناه في مصير اغلب الاحزاب الشيوعية العربية المأساوي ، فهذه الاحزاب التي كانت طليعة الصدام مع الاستعمار القديم والامبريالية الامريكية والاداة الاكثر صلابة وطاعة للمخابرات السوفيتية انتقلت بلا تردد وبدون مرحلة انتقالية طويلة يعاد فيها تشكيل الوعي الانساني الى خدمة المخابرات الامريكية مباشرة وصارت من دعاة العولمة واللبرلة والطائفية والقبلية ...الخ لان الوعي الطائفي والديني والقبلي متكون ومتبلور واقدم من ثقافة ماركسية لقنوا اياها خلال بضعة اعوام ، وطلقت ( طلاقا بائنا ) عقيدتها ، واصبح قسما كبير جدا من المناضلين الشيوعيين العرب اداوت للاحتلال الامريكي ، كما حصل للحزب الشيوعي العراقي الذي تميز اغلب مثقفوه بعد الاحتلال باصابتهم بجرثومة الامركة تماما كما اصابتهم فورة التمركس   ورأينا اشدهم تطرفا عندما كان شيوعيا اشدهم تطرفا في دعم وتبرير غزوات امريكا التي كانت امبريالية واستعمارية واصبح انتماءه الطائفي والعرقي محركا لا يقاوم !
ان جذر هذه المأساة لايكمن في المصالح الانانية والنزعات الانتهازية ، فتلك ليست سوى مظهر لازمة اعمق هي ازمة بنية وعيهم الاجتماعي ، فبنية وعي هؤلاء الماركسي كان مجرد قشرة خارجية تخفي تحتها كافة اشكال القيم والعقائد والمؤثرات السابقة للوطنية والامة من طائفية وعرقية ومناطقية وقبلية ...الخ .
       اذن في الصراع الشيوعي الرأسمالي كانت امريكا تواجه انظمة شيوعية ليس لديها قيم وتقاليد راسخة وعقيدة راسخة ومتكونة بنيويا وهي حقيقة اثبتها واقع الحال ، اما الان وبعد التخلص من العقبة السوفيتية وتحول الشوعية  الصينية الى نظام طغى عليه مفهوم المصلحة القومية ، فان امريكا تواجه عالما اخرا لا تستطيع السيطرة عليه وتحقيق حلمها الاعز والاقدم وهو امركة العالم لانها بمواجهة عالم متكون القيم والتقاليد وهو محصن ذاتيا ضد الغزوات الفكرية والنفسية حتى لو كان مكشوفا عسكريا واقتصاديا وامنيا ، فالامركة مستحيلة الا اذا غيرت التكوينات النفسية والثقافية والقيمية في العالم خصوصا في اممه العريقة ذات الحضارات القديمة والراسخة القيم والتقاليد والعقائد الدينية ، مثل الامم العربية والصينية والفارسية ، وغيرها وعراقة تلك الامم المتمثلة بهويتها القومية مستقلة عن شعوبها لانها بنية وعي هذه الشعوب ولذلك فمعركة الامركة ليست مثل معركة دحر نظام طارئ زمنيا كالنظام الشيوعي بل هي اصعب بكثير واخطر اكثر .
ان تقاليد وقيم وثقافات العالم الاكثر تغلغلا ورسوخا في نفوس الناس قومية ودينية ، فالتربية الدينية مقدسة ولا تمس ومن يمسها يحكم على نفسه بالعزلة والادانة ، والتربية القومية مقدسة ايضا وهي تضع قيم الوطنية مقابل الخيانة وتميز بقوة وحزم بين قدسية الوطنية وعار الخيانة ، والشعوب توارثت تلك التربية الدينية والقومية مئات والاف السنين ، ولهذا فان امريكا تواجه عقبات اخطر بكثير من التحدي الشيوعي السابق فهي تواجه الانسان بجمعيته الواعية واللاواعية ممثلة بالامة والقومية والدين ، ولا تواجه فقط نظما يمكن اسقاطها ولكن اسقاطها لا يزيل عقبة المكونات العقائدية والنفسية الراسخة بعكس نظم اوربا الشرقية التي ما ان انهار النظام الشيوعي حتى ارتدت الى عصر الانحلال وتفكك الهوية والسبب انها شعوب بلا حضارات قديمة توفر لها الهوية المتجذرة .
ومما يزيد ازمة امريكا الكونية منذ انهار الاتحاد السوفيتي هي انها تواجه مشكلة اساسية تحبط مسعاها لامركة العالم وهي انها ليست امة بل امة في طور النشوء والتكون وعمرها اقل من 300 عام ، لذلك فانها بلا هوية تمنحها عقيدة او عقائد راسخة وتوفر لها مكونات نفسية وثقافية مشتركة ، ومكوناتها البشرية مازالت تحتفظ باصولها القومية والدينية والثقافية والفكرية والقيمية رغم التناقضات الهائلة بين تلك المكونات ، واصل تماسك امريكا الرئيس وربما الوحيد  هو سلسلة  رشوات الرخاء والفرص في شركة كبرى تجتذب من ليس لديه فرص عمل فينخرط فيها ويندمج بدوامة وعيها التجاري الصرف . لذلك فان ابناء تلك ( الدولة ) ما ان يواجهوا مصاعب الموت وعذابات معاناة الفقر وزوال الرخاء والاستهلاك حتى ينقلبوا على (امتهم ) ويبدأوا بالهجرة منها بنفس الحماس الذي اجبرهم على الهجرة اليها .
امريكا هي بالضبط الشركة العملاقة الغنية والمتقدمة الوسائل على غيرها ، لكنها المفككة داخليا والمجمعة او للدقة الملصوقة بغراء مصلحي فقط ، لذلك فانها وهي تواجه امما وشعوبا متماسكة ومتكونة نفسيا وقيميا وثقافيا واجتماعيا منذ مئات والاف السنين ويصعب اخضاعها بالقوة تقف امام تحد لم يسبق لها مواجهة مثله ، وتجربة العراق شاهد على ذلك اذ رغم تدمير العراق ونسف مقومات الحياة الانسانية فيه فان الانسان العراقي الاصيل مازال انسانا عراقيا ويقاوم من اجل قيمه وعقائده وهويته ، وحاله لو اصاب امريكا 1% منه لتفككت خلال اقل من عام ، اذن امريكا هذه تواجه مأزقا خطيرا جدا وهو انها تقاتل شعوبا متكونة ومحصنة بهوية وليس بمصالح شكرة تجارية ، لهذا عليها العثور على حل فعال لمأزقها .
ماذا على امريكا ان تفعل من اجل الانتصار على الانسان المعتق والمعجون بمكونات العقائد البنيوية ؟ عليها لاجل الانتصار في معركة القيم والعقائد الدينية والقومية ان تحطم تلك القيم والعقائد اولا وقبل كل شيء لانها القلعة الحصينة لتلك الشعوب ، لذلك يجب ان تستخدم اسلحة من نوع اخر مختلف تماما عن اسلحة حروبها مع الشيوعية ، وان تتوقع فترات زمنية طويلة نسبيا لتحقيق بعض الاهداف ، واول ما يجب ان تستهدفه امريكا هو منظومة القيم والعقائد الراسخة لانها تشكل حصون الانسان الاكثر قوة ومقاومة للغزو الفكري والنفسي، فاذا حطمت الحصون النفسية والعقائدية والقيمية للشعوب المستهدفة فان غزوها يصبح ممكنا .
        ماهي الاسلحة الجديدة التي يجب ان تنجح في تحييد الدين وقيمه وقدسيته ؟ وما هي الاسلحة التي تستطيع القضاء على ، او اضعاف فكرة ان الخيانة الوطنية عار وشنار وجعلها مجرد وجهة نظر في عصر الانفلات القيمي ؟ الجواب السهل هو تغيير قناعات الناس الدينية والقومية . ولئن كان الجواب سهلا فان امكانية تطبيقه تبدو صعبة ان لم تكن مستحيلة ، وهنا تبدا رحلة استخدام الطرق الخلفية للوصول الى الهدف الستراتيجي الامريكي – الصهيوني – الايراني المشترك . وهنا يطرح سؤال منطقي وهو : ما هي الطرق الخلفية التي تستخدمها امريكا لتحقيق النجاح في اضعاف القيم الدينية والقومية بصفتها اهم العقبات التي تمنع هيمنتها على العالم ؟
يتبع  ...

ماذا تعرف عن سنان الشبيبي؟

حتى لاتضيع الحقائق في زحام الاخبار المتوالية يوميا، وحتى لاتلبس الذئاب ثياب الحملان، نود تقديم بعض الإيضاحات عن شخصية يتم تناولها في الاعلام كثيراً هذه الايام.
 انه سنان الشبيبي، المسمى محافظ البنك المركزي العراق منذ احتلال العراق عام 2003.
 
عمل سنان الشبيبي قبل الاحتلال الاميركي للعراق ولسنوات كثيرة قبل ذلك بوظيفة في مقر الامم المتحدة في جنيف وتحديدا في الدائرة الخاصة بمؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتمنية (الأونكتاد) وهي وظيفة تعتبر عالية المستوى لم يحصل عليها الا من خلال الدعم الذي كانت تقدمه حكومة النظام الوطني، لمن يرشح لمثل هده الوظائف من العراقيين... كما حصل مع شخص آخر هو د.علاء العلوان الذي كان مدللا من خلال الدعم الذي قدمته حكومة البعث ليتبوأ اهم المناصب في منظمة الصحة العالمية في مقرها في جنيف او مقراتها الاخرى في عمان والقاهرة لكنه تنكر لذلك مع وصول طلائع الاحتلال للعراق وآثر ان يعمل عميلا من خلال قبوله تبوء المناصب الوزارية ابتداءً بمنصب وزير التربية ثم الصحة الى ان شبع وعاد ثانية الى جنيف لتكافأه اميركا على عمالته باعادته الى منظمة الصحة العالمية وبمنصب اعلى.
 نعود  الى الشبيبي، اذن كان موظفا دوليا وبدعم من حكومة العراق الوطنية لكن، كان (وطنيا جدا) ففي قمة مأساة اطفال العراق وشعبه عامة جراء الحصار الظالم الذ فرض على العراق كان الشبيبي من اوائل الاشخاص الذي توجهوا صوب قبلة العملاء، واشنطن، ليقدم هنالك تقريره ومعلوماته الاقتصادية بما يساعد واشنطن لتضع السياسات المناسبة لإدامة الحصار على شعب العراق وعمل المزيد لايذائه.
وبعد الاحتلال كان من اوائل الواصلين للحصول على مكافاة اسياده فكان تعيينه محافظا للبنك المركزي، بدعم من اللص الدولي الشهير أحمد الجلبي.
الان ينقلب السحر على الساحر، فبعد خدمة طويلة ضمن حكومة العملاء هاهم رفاق الامس ينقلبون عليه، ويطردونه ويطاردونه، فيعود ثانية الى حيث كان، الى جنيف، ورغم قوله ان سيعود للدفاع عن نفسه لكنه آثر ان يوكل أحد جوقة العملاء (وائل عبد اللطيف) محامياً عنه ربما لأنه يعرف ان العصابة المجرمة، التي آثر في وقت من الأوقات ان يعمل معها متنكرا لوطنه ولأصحاب الفضل عليه، يعرف جيدا ان هذه العصابة لن تتركه سالماً فقد ذبلت اوراقه وحان وقت تساقطها ليكون خريف عام 2012 خريفاً لمسيرته في خدمة هؤلاء!

الثلاثاء، 30 أكتوبر 2012

خفيف على حكومة المالكي ثقيل جداً على العراقيين

 علي الكاش
أثارت الزيارة المرتقبة للرئيس الإيراني أحمد نجادي  للعراق الكثير من ردود الفعل بشأنها بين مؤيد ومعارض. وهذا موقف طبيعي بسبب إختلاف الرؤي للجارة اللدود من جهة و العملية السياسية الجارية في العراق من جهة أخرى. إضافة إلى العامل المذهبي الذي مازال يعصف بالبلد فما زال معظم شيعة العراق ينظرون لإيران نظرة فخر وإعتزاز بسبب تشيعها فقط.  لكن القوى الوطنية بأكملها رفضت الزيارة إنطلاقا من المواقف السلبية التي إتخذتها جارة السوء تجاه العراق منذ بداية الغزو ولحد اليوم، والتي تفاقمت تدريجيا بتوافق إيراني- أمريكي، ملموس شعبيا وغير معلن رسميا.


 
 فالقوى الوطنية تحمل إيران المسئولية  المباشرة بعد قوات الغزو الأمريكي عن الدمار والخراب الذي لحق بالعراق وهي محقة في ذلك كل الحق. لا
تجلى الموقف الوطني في أروع صوره من خلال تعبئة التظاهرات الشعبية ورفع اللافتات التي تندد بالزيارة. على العكس من القوى الوطنية، نجد أن الحكومة العميلة والأحزاب العراقية اليتيمة التي تفقست في إيران وتسلمت الحكم من الغزاة بتفاهم امريكي- إيراني مسبق إضافة إلى المخدعوين بوصاية إيران على البلد. فهم في موقف الترحيب بالرئيس نجادي. وهذا أيضا موقف مألوف فمعظم النواب والوزراء هم أما من الإيرانيين أو التبعية الإيرانية أو يتنفسون من منخر الولي الفقيه في طهران. كما ان الأصنام الأربعة في الحوزة يعزفون على أوتار حفظ المذهب ونصرته.
ويلاحظ إن توقيت الزيارة والتي سبقتها زيارات معلنة كزيارة وزير الدفاع الإيراني وقائد القوة البحرية، جاءت كنتيجة حتمية لظروف دولية، اقليمة، وداخلية. فمن الناحية الدولية طالبت دول الإتحاد الأوربي بتشديد الحظر الإقتصادي على إيران لرفضها المتكرر التعاون بشأن غلق ملفها النووي وقد عبر الرئيسان الألماني والفرنسي صراحة بأنهما لن يقبلا حيازة النظام الإيراني للسلاح النووي. كما إن الحظر على استيراد النفط الإيراني من قبل الدول الأوربية بدأ يظهر مفعوله من خلال تردي ميزان المدفوعات الإيراني، علاوة على قرب إنتهاء فترة السماح التي منحها الإتحاد الأوربي لبعض أعضائه كاليونان واسبانيا للبحث عن بديل للنفط الإيراني.
 وزادت الولايات المتحدة من ضغوطها الإقتصادية والعسكرية على النظام الإيراني من خلال منع الشركات العملاقة من التعامل مع البنك المركزي الإيراني ومراقبتها بدقة. إضافة إلى الضغط على الإتحاد الأوربي لتشديد الخناق على الإقتصاد الإيراني بإتخاذ إجرات إضافية. وفعلا بدأ البنك المركزي يفقد من سيولته النقدية ويستعين بإحتياطاته النقدية مما أثار الهلع في صفوف التجار والبنوك الأهلية.
وكثفت الولايات المتحدة من جودها العسكري البحري والبري في المناطق الإستراتيجية التي تهدد أمن إيران سيما منطقة الخليج. وأشارت تقارير سرية إلى نية الإدارة الأمريكية بإنزال قوات إضافية في العراق وافغانستان. وقد اعتبرها بعض المحللين العسكرين إستعداد لضربة إستباقية توجه للنظام الإيراني وإرباكها من خلال فتح عدة جبهات قتالية. كما أن هناك إلحاح امريكي على بريطانيا وتركيا لفتح المطارات العسكرية أمام الطيران الامريكي في حال توجيه ضربة قادمة.
ويلاحظ ان العلاقات التركية الإيرانية متعكرة حاليا بسبب الوجود الإيراني الكثيف في العراق والذي يهدد أمن تركيا. وهذا مما يطمئن الولايات المتحدة بوقوف تركيا إلى جانبها. علاوة على محاولات إيران للتحرك على شيعة تركيا، مثلما فعلت مع دول المنطقة وافريقيا لإشعال الفتنة الطائفية. ولاشك إن الباب الطائفي من شأنه أن يفتح نار جهنم على تركيا ويعقم محاولاتها المستميته للإنضمام إلى الإتحاد الاوربي. فباب مذابح الأرمن لم يغلق بعد، لكي تفتح باب الشيعة! في وقت تتشبث تركيا بعلمانيتها كعربون تقدمه للإتحاد الأوربي عن حُسن سياستها الداخلية. لذلك من المتوقع أن تقف تركيا بكل ثقلها مع  أي عمل حربي يستهدف إيران، حتى لو لم تعلن نواياها تلك.
بالإضافة إلى ذلك، أدركت حكومة نجادي تذبذب الموقف الروسي الذي أخذ منحى آخر بالحديث عن إستعداد الرئيس السوري للتنازل عن الحكم سلميا مع تأمين خروجه، ومناقشة مرحلة ما بعد الأسد. والموقفان الروسي والصيني لا يعول عليهما كثيرا عندما تشتد المواجهة سواء في الأمم المتحدة أو خارجها. وهذا ما تفهمه حكومة طهران جيدا، ودرس العراق ليس ببعيد. كما إن الظروف الدولية اربكت اللاعب الإيراني ولم يحسب حسابها بشكل دقيق ومنها رفع اسم منظمة مجاهدي خلق من قائمة الإرهاب متزامنا بضغط امريكي لإدخال حزب الله بدلا عنها. وبلا شك ان الولايات المتحدة لم تؤدِ هذه الحركة المزدوجة وبهذا التزامن اعتباطا! فقد شلت أحد اقوى أذرع إيرن(حزب الله) في المنطقة، والذي يعاني هو الآخر من بروز ملامح حرب أهلية قادمة في لبنان تجعله يدفع ثمنا باهضا بسبب تبعيته الذليلة  للنظامين الإيراني والسوري.
على الصعيد الإقليمي فأن ايران تجد نفسها في موقف صعب بوقوفها مع الرئيس السوري ضد شعبه فدعمها للرئيس بشار الأسد ماليا وتسليحيا وبشريا مرفوض دوليا واقليميا وداخليا. سيما انها تمتطي حكومة المالكي لتمرير السلاح والمقاتلين للنظام السوري ليفتك به شعبه. كما ان الرئيس الأسد رغم قوة موقفه حاليا بسبب الدعم المباشر من ايران والعراق وحزب الله. إلا أن كل المؤشرات تدل بأن خريف حكمه قريب وبدأت اوراقه تتساقط بكثافة. فرحيل الأسد يمكن تأجيله لكن لا يمكن إلغائه. كما قد كُشفت مسرحية تفتيش حكومة المالكي لطائرة ايرانية يتيمة خلال رحلتها الى دمشق وتبين خلوها من الأسلحة! ولم يكن هذا الأمر لغز على المراقبين. فالكل يعرف ان حكومة المالكي كلعبة العرائس تحركها حكومة نجادي. وأن التفتيش تم بتنسيق مسبق بين الطرفين. مما جعل الولايات المتحدة ترفع العصا بوجه المالكي. وتشديد الضغط على المالكي من شأنه أن يشل يد نجادي لدعم الرئيس السوري.
ويبدو أن حكومة نجادي لم تتوقع أن يكون الجيش السوري الحر بهذه القوة! ولا بشار الأسد بهذا الضعف! فقد راهنت على الحصان الخاسر متوقعة إنه سيحسم السباق من أول جولة. وإذا بها جولات فر وكر استغرقت فترة طويلة. ومع كل الزخم والإسناد الحربي منها ومن عملائها في العراق ولبنان للأسد لم يتمكن من حسم المعركة! فكيف سيكون موقفه بدونهم؟ لذا وبخ الخامنئي الجنرال سليماني لعدم تمكنه من حسم المعركة لصالح الأسد.
ويلاحظ ان فقدان إيران لبراثنها في سوريا ولبنان من شأنه أن يقوض قوة إفتراسها في المنطقة. كما ان كشف الأسلحة الإيرانية التي تهرب الى شيعة القطيف لزعزعة الوضع الأمني في السعوية أثار قلق دول الخليج العربي. فهي اذا غضت النظر عن التبشير الطائفي وسكتت عنه لسبب أو آخر! فإنها لابد أن تترجم مخاوفها الأمنية بخطوات جادة لوقف خطط الفقيه لزعزعة أمنها الداخلي سواء بشكل إنفرادي أو من خلال مجلس التعاون الخليجي. الأمن الوطني لدول الخليج خط أحمر لا يُسمح بتجاوزه مطلقا.
كما إن الأسلحة التي وصلت القطيف هي رسالة واضحة لدول المنطقة بأن الذي يوصل السلاح الى افريقيا يسهل عليه ايصالها إلى القطيف. وان كُشفت عملية تهريب السلاح إلى القطيف. فالله أعلم  كم سبقتها من عمليات تهريب سواء للقطيف أو للخلايا النائمة في دول الخليج.. وما أكثرها!
ويلاحظ إن كشف الخلايا التجسسية في الكويت واليمن والسعودية ودول خليجية أخرى لم تجرأ على كشفها للرأي العام، قد أجج نيران الغضب العربي وأوقع حكومة نجادي بورطة جديدة فقد زرع الخوف في دول المنطقة مما يجعلها تفتح يديها للترحيب بقوات امريكية تؤمنها من شر وبلطجة الجمهورية الإسلامية.
كذلك نبهت  الأوضاع الأقليمية المتأججة الخامنئي بأن التهديد الامريكي الأوربي أمس جديا وليس إعلاميا كالسابق. لذلك طلب من الحرس الثوري وقف نشاطاته في افريقيا وامريكا اللاتينية، والتركيز على الدول المجاورة(دول الخليج العربي) والخاضعة لسلطانه كالعراق وسوريا ولبنان. ونشر تصريح خامنئي أثار زوبعة دولية، حيث كشفت مخططات الولي الفقيه وطموحاته التوسعية التي تعدت حدود الخارطة الأقليمية ممتدة إلى امريكا اللاتينية وأفريقيا!
على الصعيد الداخلي فقد اشتدت المعارضة الشعبية داخل ايران بسبب تردي الأوضاع الإقتصادية والسياسية والإجتماعية. فالعملة الإيرانية تتدهور يوما بعد آخر ولولا عكاز البنوك العراقية لسقطت العملة الإيرانية منذ أشهر! كما إن الشعب الإيراني لم يعد يتقبل أن تُصرف المليارات من خزينة الدولة على سوريا(5 بلايين) واليمن ولبنان ومصر وبقية الدول الأفريقية وامريكا اللاتينية بحجة التبشير المذهبي. لا يقبل أي شعب أن يتضور جوعا ليُتخم معدة شعب آخر لا يشترك معه بأية خاصية. كما ان الشعب الإيراني بدأ يستوعب فكرة إحترام إرادة الشعوب في تقرير مصيرها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. لا توجد دولة في العالم لم تحشر إيران أنفها في شؤونها الداخلية سرا أو علنا إلا ما ندر. ولا توجد دولة في العالم تتدخل بشؤون ايران الداخلية. معادلة غير مقبولة على جميع الأصعُد.
الشعوب مهما كانت درجة تطورها فإنها واعية لما ينفعها وما يضرها. وهي ليست قاصرة لتكون تحت وصاية الخامنئي. كما إنه ليس لولاية الفقية إية صفات مميزة تتجعلها تتولى مهمة الوصاية على غيرها من الأمم، بل على العكس فهي نموذج للنظام العنصري والمذهبي المستبد على الصعيدين الداخلي والخارجي. الشعب الإيراني طالب حكومته مرارا وتكرارا أن تترك بقية الشعوب في حالها، وتنصرف لخدمة شعبها. فهو الأولى برعايتها وإهتمامها.
كما ان سياسة الإقصاء العنصري والطائفي التي يتبعها النظام الإيراني الحاكم زاد من ارتفاع موجة الغضب الشعبي. فالأكراد والبلوش رغم مساهمتهم بسقوط الشاه وإنجاح ثورة الخميني، لكنهم خرجوا بخفي حنين. بل طالهم الظلم والتعسف الحكومي مما جعلهم يتوجهون للمقاومة المسلحة لإنتزاع حقوقهم كاملة.
كما ان عرب الأحوازيعانون الويلات تلو الويلات من نظام الملالي، الذي يعيش على ثروات أراضيهم ويتنكر لأبسط حقوقهم الإنسانية. فلم يتعامل نظام الملالي منذ ثورة الخميني ولحد الآن مع عرب الأحواز كمواطنين لهم حقوق في وطنهم. وهذه لطخة عار في جبين الملالي تطغي على الختم الحراري المزيف في جباههم. لقد دفع عرب الأحواز وما يزالون ضريبة دماء باهظة قلما دفعت شعوب المنطقة مثلها. يقابل ذلك تعتيم اعلامي دولي وعربي عن قضيتهم المصيرية لا يمكن تبريره أو قبوله. وما تزال موجات اعدام الأحوازيين تتصاعد بحدة نتيجة للصمت الدولي والعربي الذي يشجع النظام على الإستمرار بجرائمه. فلا الأمم المتحدة من منظور انساني ودولي تتنبه لمحنتهم. ولا الجامعة العربية تناقش في مؤتمراتها قضيتهم كعرب. ولا منظمة المؤتمر الإسلامي تحتضن قضيتهم كمسلمين. ومع كل هذه الغيوم القاتمة فإن منظمة حزم بدأت شمسها بالشروق وتتصاعد يوما بعد آخر مبشرة بمستقبل واعد.
كما يعاني السنة في ايران والذين يزيد تعدادهم عن عشرة ملايين نسمة من مظلومية فادحة، فالنظام الحاكم يتعامل معهم كأعداء، وليس كمواطنين لهم حقوق ثابتة في وطنهم. وهم لا حول لهم ولا قوة في مواجهة النظام التعسفي حالهم حال سنة العراق المهمشين. لقد أثبت النظامين الطائفيين الإيراني والعراقي بأنهما يرفضان بقية الشرائح الوطنية. ويرفضان حتى فكرة التعايش السلمي معهم. ولكون السنة يمثلون نسبة غير قليلة من السكان في إيران فإن تكاتفهم مع بقية فصائل المعارضة سيهدد النظام الحاكم المستبد. وفعلا بدأ صوتهم وصوت عرب الأحواز يُسمع ويَعلو في المنابر الدولية.
لا يمكن مناقشة الوضع الداخلي الإيراني دون المرور بقضية مجاهدي خلق، وبشكل خاص اللاجئين منهم في معسكر ليبرتي(سجن ليبرتي) في العراق وفقا للإتفاقيات الدولية ذات العلاقة. فقد وُجهت ضربة قاضية للنظام الإيراني بشطب إسم المنظمة من قائمة الإرهاب. ضربة أفقدته توازنه فترنح مستندا على حبال المالكي عسى أن يسعفه بالإنتقام من سكان ليبرتي ويشفي غليل نجادي ويعوضه عن هزيمته النكراء. فالمكسب الذي حققه مجاهدو خلق رغم انه تأخر كثيرا في ولادته، لكن مع هذا عزز من رصيدهم دوليا وداخليا، وقلل من رصيد النظام الحاكم في طهران.
ولم يستفق النظام الإيراني بعد صدمنه فإذا بضربة ثانية توجه له من خلال تصميم الولايات المتحدة على إدخال حزب الله ضمن قائمة الإرهاب الدولي. وهي خطوة جاءت متأخرة لكنها ضرورية بل حتمية. فكلنا يعلم بان القزم اللبناني المعمم(حسن نصر الله) هو واحد من أذرع الأخطبوط الإيراني في المنطقة. وان قطع هذا الذراع سيعود بالخير على شعوب لبنان وسوريا وفلسطين والعرب عموما. فقد نذر هذا الحزب نفسه لتنفيذ أجندة خامنئي ونشر فروع حزبه المتفرس في معظم الدول العربية ليزعزع أمنها بإثارة الفتن، بعض فروع حزب الله معلنة وتعمل بحرية وأخرى تعمل بسرية، ومهما تعددت هوية هذه الأحزاب الضالة فإنها تصب في مصلحة إيران وليس لأوطانها. فهي أشبه بقنابل موقوته تفجيرها مرهون بإرادة الخامنئي.
زيارة نجادي للحديقة الخلفية لبلاده مهما يعلن عنها، فإنها ستتم في دهاليز المنطقة الخضراء ولا يكشف المستور منها. الرئيس نجادي سوف لا يجتمع برئيس دولة ورئيس حكومة ومسؤولين عراقيين، وإنما بمجموعه من أقزامه. وسوف لا يناقش معهم العلاقات الثنائية وإنما يملي عليهم أوامره وتوجيهاته. لذلك فزيارته مرفوضة شعبيا وان رُحب بها حكوميا!
في زيارات الطالباني والمالكي لطهران كانوا يُستقبلون من قبل وزراء وليس بمستوى مناصبهم خلافا للتقاليد الدبلوماسبة! ولم يرفع العلم العراق خلفهم في القصر الرئاسي خلال الإستقبال الرسمي خلافا لكل البروتوكولات الدولية. فهل يجرأ الطالباني والمالكي على إتخاذ خطوة مماثلة مع الرئيس نجادي؟ علما إن (المقابلة بالمثل) مبدأ معمول به في العلاقات الدولية. سنترقب الموقف! رغم معرفتنا الأكيدة بالنتيجة.


الأحد، 28 أكتوبر 2012

الراوي يتحدث عن دور إيران المخاتل في تسهيل العدوان الأميركي على العراق 2

* للاطلاع على الحلقة الأولى يرجى الضغط هنا
في الحلقة الثانية من حواره مع قناة روسيا اليوم يتحدث الدبلوماسي الوطني العراقي، أستاذي الدكتور عبدالستار الراوي، عن الاستعدادات الإيرانية للمشاركة في العدوان الأمريكي على العراق، ويؤكد، استناداً الى خبرته الميدانية حيث كان حينها سفيراً لجمهورية العراق لدى طهران، إن جزءا من المخصصات المالية الأمريكية التي أدرجت فيما سمي بقانون تحرير العراق والمقدرة بـ 98 مليون دولار ذهبت عبر دكاكين العملاء التي أطلق عليها مكاتب المعارضة العراقية في طهران، لتجهيز فيلق بدر الإيراني الذي تحرك فريق منه باتجاه الحدود العراقية ليدخلها تزامنا مع غزو القوات الأمريكية العراق.



كما يدور الحديث عن التوغل الاستخباراتى الإيراني داخل العراق تحت غطاء الجمعيات الخيرية والشركات الاستثمارية وغيرها.
للاطلاع على التسجيل الكامل للحلقة الثانية يرجى الضغط هنا.


السبت، 27 أكتوبر 2012

النصّابون في الفيس بوك!

النصّابون موجودون في كل مكان، ومنهم أولئك الموجودون في الفيس بوك ...
وإليكم هذه القصة..

وردني طلب تواصل وصداقة من شخص باكستاني على الفيس بوك، وقد لبيت الطلب، ولكنني فوجئت بطلبه الحديث معي.
فقلت له: تفضل
لأفاجأ برده وهو يطلب مني مبلغ 2000 روبية!
وهذه صورة للمحادثة بيني وبينه


أحذركم من هذا الشخص ومن امثاله، وهذه صفحة النصاب الباكستاني على الفيس بوك


الجمعة، 26 أكتوبر 2012

تهنئة من رحاب الله الطاهرة


مع الإطلالة الميمونة لعيد الأضحى المبارك أتقدم لكم جميعاً أحبتي الكرام، وأنا في رحاب الله الطاهرة متشرفاً بجوار بيت الله العتيق، بأصدق مشاعر الود وأخلص الأمنيات بأن يمتَّعكم الله بفيض بركاته، ويمنَّ عليكم، وعلى من تحبون، بموفور الصحة والسلامة والعافية.
متمنياً على الله الكريم في هذا اليوم المبارك، أن يمنَّ على أمتنا العربية بالحرية والنصر ويمدَّها بأسباب الكرامة والرفعة، وأن يعيد هذه المناسبة  على الأمة وقد فكَّ أسرها من قيود الاحتلال المجرم وعملائه الأراذل، على يد مقاومي الأمة الأبطال، عنوان الفخار الأرفع ورمز الفداء الأبرز في عصرنا الحديث.


مُستذكراً، في هذا اليوم العظيم، شهداء العراق والأمة العربية الأفذاذ، وفي مقدمتهم شهيد الحج الأكبر، خالد الذكر البطل الرمز المجاهد صدام حسين، ووقفته الشامخة ضد قوى الظلم والطغيان، وهو يرتقي إلى عالم الخلود في صبيحة يوم الله المبارك هذا قبل ستة اعوام، داعياً المولى القدير أن يتغمدَّه، وكل الشهداء برحمته ويجمعنا بهم في علياء جِنانه.
كما أسأله سبحانه ان يفكَّ أسر المأسورين ويعيدهم إلى أهليهم سالمين.

 انه سميعٌ مجيبٌ قدير...

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

جامعات إيرانية في الخليج العربي!

اعلان لفرع دبي من جامعة آزاد الاسلامية
الجامعات الايرانية التي باتت تنتشر في غير واحد من أقطارنا العربية وسيلة جديدة لاختراق عقولنا ومجتمعاتنا وشبابنا..
وليس جديداً ان ايران، بدهاء فارسي عجيب، بارعة في اختراق مجتمعاتنا، وخاصة في المفاصل الهشة او المناطق الرخوة التي يسهل الاختراق من خلالها، وهناك كثير جدا من هذه المناطق الرخوة، في أقطارنا العربية، بكل أسف.






جامعات إيرانية في الخليج!


محمد بن صقر السلمي

قبل بضعة أيام نشر موقع إيراني شهير خبرا مفاده أن حسن قشقاوي، مساعد وزيرالخارجية الإيراني للشؤون القنصلية قام بتفقد الجامعات الإيرانية بمدينة دبي بدولة الامارات العربية المتحدة وقد شكر قشقاوي المسؤولين في هذه الجامعات على نشاطهم في المجالين العلمي والثقافي وطالبهم بالمزيد، كما التقى قشاوي ببعض طلاب هذه الجامعات. قشقاوي كان في زيارة للامارات للمشاركة في الاجتماع السابع للجنة القنصلية المشتركة بين ايران والامارات.
وجود جامعات إيرانية في الامارات معلومة جديدة لم أسمع أو اقرأ عنها من قبل. نقلت الخبر كما هو على صفحتي في “تويتر” و ذيلته بسؤال عن عدد الجامعات الإيرانية في دولة الامارات، لعلي أجد الإجابة عند أحد الأصدقاء.
كان التفاعل مع الخبر مثيراً جداً، فهناك من شكك في دقة المعلومة وآخرون قاموا بنفي الخبر جملة وتفصيلا وصنف ثالث طالب بمزيد من التفاصيل والأدلة، بينما تقبل البعض المعلومة وأعاد تدوير التغريدة دون تعليق.
الأهم في ذلك كله أنني لم أتلق أي رد من الأصدقاء يؤكد صحة الخبر اطلاقا. لم أشك مطلقا في دقة المعلومة ولكن فضولي قادني إلى البحث في المواقع العربية بداية فلم أجد ضالتي ثم انتقلت إلى البحث باللغة الفارسية وهنا كانت المفاجأة.
بعد قليل من البحث وجدت أن عدد الجامعات الإيرانية في دبي قد بلغ حتى عام 2007 أربع جامعات وكلية وجميعها في قرية المعرفة في دبي (Dubai Knowledge Village).
وبشكل أكثر تفصيلاً، اتضح أن الجامعات الإيرانية في دبي هي عبارة عن فروع لجامعات في مدن إيرانية بعضها حكومية وأخرى أهلية. الجامعات الإيرانية في دبي هي: الجامعة الإسلامية الحرة، وهي أول جامعة إيرانية في دبي وتم افتتاحها في عام 2004، وهناك جامعة شيراز، وجامعة شهيد بهشتي وجامعة پيام نور وأخيرا كلية علوم الحديث. يدرّس في هذه الجامعات تخصصات عدة من بينها القانون والمحاسبة والرياضيات والحاسب الآلي وإدارة الأعمال بالإضافة إلى التخصصات الدينية والعلوم الشرعية، وتستخدم اللغات العربية والفارسية والانجليزية في كثير من هذه التخصصات وتمنح هذه الجامعات مختلف الدرجات العلمية (البكالوريوس والماجستير والدكتوراه).
وفي شهر يوليو الماضي، ووفقا لما نشرته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، اعترفت وزارة التعليم في دولة الامارات بإثني عشر تخصصا تدرسها الجامعة الحرة في مراحل تعليمية مختلفة. والحقيقة ليس لدي معلومة دقيقة حول مدى اعتراف وزارة التعليم الإماراتية بالجامعات الإيرانية الأخرى من عدمه.



جامعة بيام نور في دبي

لاحقا أردت أن أتعمق قليلا في البحث فأردت أن أرى ما إذا كانت هذه الجامعات الإيرانية محصورة في الامارات فقط أو أن هناك فروعا لجامعات أخرى في دول الجوار. اتضح أن هناك فروعا لجامعات إيرانية في اكثر من عشر دول عربية واسلامية وأجنبية، فبالإضافة إلى الامارات، هناك جامعة واحدة في سوريا وهي فرع لجامعة تربيت مدرس واطلق عليها اسم جامعة الفارابي، و حالياً هناك طلبان من جامعتي امير كبير و جامعة شيراز الحكوميتين لفتح فروع لهما في سوريا أيضاً، أما في ما يتعلق بالجامعات الإيرانية في لبنان فهناك فرع للجامعة الإسلامية الحرة وقريبا سيتم افتتاح فرع لجامعة طهران، ونجد فرعا لجامعة پيام وآخر لجامعة الفردوسي في افغانستان، بالإضافة إلى فروع لعدة جامعات في دول مثل باكستان، جزر القمر، تنزانيا، فنزويلا، طاجكستان وزنجبار، بعضها فتحت أبوابها للطلاب وأخرى قيد الافتتاح.
لماذا افتتحت إيران هذه الجامعات في الخارج؟
وفقا لتصريح لوزير التعليم العالي الإيراني حول الموضوع، فإن طهران ترى أن افتتاح مثل هذه الجامعات يعود بالنفع عليها من جانبين أثنين، أحدهما، تنمية الاعتماد على النفس بين الأساتذة الجامعيين في إيران وبالتالي الاحتكاك بالبيئة التعليمية الأجنبية والغربية على وجه الخصوص.
ثانيا، يرى الوزير أن هذه الفروع هي بمثابة فرصة عظيمة لتعريف العالم بقدرات إيران العلمية والفنية والبحثية كما أن ذلك ينعكس إيجابا على رفع مراكز الجامعات الإيرانية في الترتيب العالمي ويساهم في الوقت ذاته في تسريع عجلة النمو والتقدم في البلاد.
أضف إلى ذلك، أن تواجد جامعات إيران في الخارج، والحديث لا يزال للمسؤول الإيراني، تقدم انطباعا ومثالا حيا للنموذج الإسلامي والثقافي للبلاد وهي بمثابة سفير حضاري وثقافي لإيران المسالمة و المهتمة بالعلم والمعرفة مما يؤثر بشكل إيجابي على صورة إيران السياسية والعلمية في الخارج، على حد قول الوزير.
شخصياً، لا أعترض مطلقا على افتتاح مثل هذه الجامعات خاصة إذا كان الهدف منها اكاديمي بحت ويخدم الجانب الإيراني والبلد المضيف على حد سواء، كما أنني لن أناقش موضوع نشاطات هذه الجامعات بعيدا عن المجال الأكاديمي الصرف.
لكن الأهم من وجهة نظري الشخصية هو هل تقبل إيران أن تقوم إحدى دول الخليج العربي بافتتاح فرع لها في طهران أو في إحدى المدن الإيرانية الأخرى بخاصة تلك التي يشكل فيها العرب الأغلبية السكانية؟ وإن كانت الإجابة بنعم، رغم أنني أشك في ذلك كثيرا، فهل ستتخذ جامعاتنا الخليجية مثل هذه الخطوة في القريب العاجل؟.. شخصياً، أتمنى ذلك.

جامعة شيراز
ملاحظة:
نشر المقال هنا.


الاثنين، 22 أكتوبر 2012

قراءات في طريق الجحيم 4

هنا قراءة جديدة للعميد الركن أحمد العباسي، لكتاب المرتد وفيق عبجل، طريق الجحيم، وفيها نطلع على جوانب مخفية من تحركاته الخيانية قبل هروبه، وغير ذلك.





قراءة في كتاب وفيق عبجل، طريق الجحيم (4)
شهادة لتاريخ جيش العراق وشعبه

العميد الركن استخبارات
أحمد العباسي
قد يرد الى المُخيلة المَريضة لـــــــ (وفيق عبجل) أن أجهزة المخابرات العالمية التي سـَـــعــتْ لتخريب العراق، ستصنع تِمثالاً لهُ وسطَ مَقراتها تثميناً لدورهِ الكبير في تدمير العراق وتقسيمهِ ولتقديمهِ الحُججْ لقِوى الشر بإحتلال العراق واستباحة حُرماتهِ ! ولكنه نسي ان هؤلاء الأشرار لا عهدَ ولا ضميرَ ولا كرامة لهم ولا وفاء بأي عهد، وهم أسقطَ الناس خُلقاً على وجه الارض! لأنهم لو كانوا أشخاصاً جيدين لكانوا فكّروا،على الاقل، بتحسين حالة العراق ولو بنسبة قليلة جداً، ولبذلوا كل جهودهم من أجل إبعاد الاذى عن الشعب العراقي عموماً، ولما سَمحوا لشذاذ الآفاق بأن يكونوا حكاماً عليهِ!!! طبعا انا هنا لا أتحدث عن الشعوب الغربية ولكنني اتحدث عن الحكومات المتحكمة بتلك الشعوب.
يقول الكاتب البريطاني الأصل والأمريكي الجنسية (أندرو كوبكورن) في كتابهِالمعنون (صدام حسين الخارج من تحت الرماد)
واصفاً (وفيق عبجل) وفي الصفحة رقم (194) من كتابه:
[انشق عن النظام العراقي عام 1995 ثم لجأ إلى الأردن في أعقاب "عاصفة الصحراء" ومن ثم حُمِلَ بطائرة عسكرية أمريكية من عمّان إلى قاعدة إنجرليك الأمريكية في تركيا ليفضي بجميع أسرار الدولة العراقية العسكرية والمدنية وخصوصاًتلك المُتعلقة بالأسلحة البيولوجية].
إذن هذه شهادة ((دكتوراه مع مرتبة الشرف) في عمالة وجاسوسية وفيق، ومن الراعي الأول للعملاء والخونة، أمريكا الشر، استحقّها وفيق بجدارة، حيثُ تصِفهُ الفقرة أعلاه بكل دقة مثلما وصفناه، وهو يُعرّضْ الأمن الوطني العراقي للخطر.
وأنني أتساءل: بعدَ الاطلاع على هذهِ الشهادة من كاتب على اتصال بدوائر الشر والحقد ومطلع على تاريخ عملاء أمريكا، فهل ممكن أن يُصدّقهُ احد عندما يَصف نفسهُ بـــ(الوطني العسكري)؟!!!! وان كل ما يُقال عنهُ من كونهِ عميل للأمريكان وخيانته الكبرى للوطن هي لتشويه سمعته وان لا صحة لذلك كما يصف نفسه؟!
وأيضاً، بعدَ الاطلاع على هذهِ الشهادة فهل ممكن أن يُصدّقهُ احد عندما يصف نفسهُ مُدافعاً عن العراق مُعارضاً لقرارات بريمر سيئة الصيت وهو الذي عَمِلَ تحتَ ظله كمستشار لادلاء الخيانة؟؟!!!
وهل يوجد سقوط في مستنقع اكبر من السقوط في مستنقع الخيانة العظمى للوطن؟!!
ولكن السؤال الاهم: هل يستطيع عميل، باع وطنهُ وشعبهُ، أن يكون مُعارضاً لقرارات أسيادهِ الذين منحوه جنسية وشقة في لندن وكميات من الجنيه الاسترليني والاخرين الذين منحوه تومانات ايرانية وأمروا أذنابهم في دار القبس أن يمنحوه دنانير كويتية؟ هل يستطيع مثل هكذا شخص أن يفتح فمهُ بـــــــحرف إعتراضي واحد، من غير موافقتهم لإكمال دوره المرسوم بدقة لتفتيت العراق وتشويه سمعة قادته الشجعان؟!
من المعروف أن جوقة العملاء التي تحكم العراق اليوم وقبلها التي شاركت في مؤتمر بيع العراق وتقسيمه في (مؤتمر لندن 2002) لا تثق مُطلقاً بأية شخصية عراقية، عسكرية كانت أو مدنية، خرجت لصفوف المعارضة بعد أن كانت لوقت طويل محسوبة كجزء من النظام الوطني الشرعي ومُتهمة بالضلوع بجرائم بحق العراقيين ((كما تقول تلك الجوقة))!! إلا أن (وفيق عبجل) أستـُـقبِلَ مِنْ قبل ما يسمى بالمعارضة!! ورُحـِّـبَ بهِ ترحيباً رسمياً!! كما وصف هــــــــو وليس أحد آخر، طريقة هروبهِ في كتاب التلفيق الأول!!! بالإضافة إلى حضورهِ لــذلك المؤتمر الذي كان أشبه ببركة مياه آسنة!  فكانت ما تسمى بالمعارضة العراقية تضع مئات من علامات الاستفهام حول الشخص الهارب من العراق والمُلتحق بركبها المُخزي ولا تعطيهُ أية ثقة مُطلقاً، وذلك خوفاً ورعباً من كون الشخص القادم اليهم أن يكون (عميلاً) للمخابرات العراقية البطلة فينجح في إختراق صفوفهم؛ إلا أن ما حدثَ مع وفيق عبجل يختلف تماماً !! ويُعتبر أمراً مُحيراً !! كونهُ اكبر رتبة عسكرية عراقية خانت الوطن والشعب!! وباعت أسرار الوطن العسكرية والمدنية...... وتقدمت صفوف العملاء الساعية لاحتلال العراق وتقسيمهِ بكل ثقة بخزيها وعارها!! فبالرغم من معرفتهم وثقتهم أن وفيق عبجل لم يهرب من العراق لأسباب تتعلق بمعارضة النظام الوطني الشرعي ولا لأسباب كاذبة كانت تدعيها تلك الجوقة من اضطهاد طائفي أو قومي، لأن وفيق كان يحظى برعاية القيادة وهو محل ثقة حسين كامل!! لا بل كان صنوه المدلل!! وتلك الجوقة تعرف جيداً ان هروبهُ كان بسبب طردهِ من موقعهِ الذي ظل يحلم بالوصولِ إليهِ وطُـــرِدَ منهُ، بعد أن اكتشف من إنخدعَ بهِ، من أصدقاء وقيادة، معدنهِ الرديء الذي ظهر للعيان، واضحاً وجلياً في خلال 35 يوماً من توليه منصب مدير الاستخبارات العسكرية وكالةً في غفلة من الزمن؛ والسؤال الذي يطرح نفسهُ بقوة الان: كيف وثقتْ تلك الجوقة من العملاء والسماسرة، الذين كانوا ومازالوا يعتشاون على مساعدات وفتات موائد أجهزة المخابرات العالمية بوفيق!! وأصبحَ جُزءاً منهم!! والمُنفذ للدور المرسوم لهُ بكل دقة متناهية؟!!
جواب هذا السؤال هو ما أجابت عليه، ووضحتهُ الفقرة أعلاه، من أن فُرِض وفيق على ما يسمى بالمعارضة كان من قبل المخابرات الأمريكية والبريطانية والاسرائيلية بعد أن افرغَ قيحهِ لهم، وأفشى بجميع أسرار العراق المدنية والعسكرية، وبدأ يسير في الدور المرسوم لهُ بتشويه سمعة قادة العراق واتهام وطنه بامتلاك الأسلحة المُحرّمة دولياً، وهو الادعاء الذي اتضح زيفه بعد الاحتلال عام 2003، ففتحت جوقة العملاء يدها لإستقبالهِ بأمر من "العم سام"، بالإضافة إلى الإيعاز بفسح المجال لهُ في كتابة ما يُطلب منهُ في صحيفة القبس الكويتية بعد أن وجدوهُ المنفّذ الحرفي لتوجيهاتهم كما كان المنفذ لتوجيهات حسين كامل أثناء خدمته في ظل النظام الوطني الشرعي.
وإلا لماذا وافقت ما يُسمى بأجنحة المعارضة العراقية على إستقبال وفيق عبجل في كانون اول- ديسمبر عام 1994 ورفضت ان تفعل ذلك مع حسين كامل في تموز - يوليو عام 1995؟!
أنني حقاً استغرب أن هناك أشخاصاً مثل وفيق يمتلكون كل هذه القدرة على اداء الحركات البهلوانية في حياتهم حتى بعد أن وصلوا إلى هذا العمر الفاني من غير التفكير للحظة واحده بلقاء الخالق العظيم، مهما طال عمرهم وتمتعوا بامتيازات العملاء؟!!!!
في الصفحتين (140 و 141) و تحت عنوان (تكليف الوحدة 888 باغتيال الطالباني) يقول وفيق عبجل:
((في يوم 12ايار – مايو1991 اتصل عبد حميد حمود سكرتير صدام طالبا حضوري إلى مكتبه في القصر الجمهوري....... وصل طارق عزيز ودخلنا سوية إلى مكتب صدام ورافقنا عبد حميد حيث تولى كتابة ما يدور خلال الاجتماع الذي قدم خلاله طارق عزيز سردا للمفاوضات التي تمت في نيسان –ابريل 91 مع وفد الجبهة الكردستانية برئاسة السيد الطالباني، وتوجه صدام إلي لإبداء رأيي فأشرت له أن معلوماتنا تؤكد وجود حالة من الصراع الخفي ........................ وأضفت أن الأكراد يريدون الاتفاق معنا على مشروع متطور عن قانون الحكم الذاتي لسنة 1970 إلا أنهم لم يجدوا منا ما يدعم جديتنا في تجسيد حالة الترحيب إلى مسألة جدية في اتفاق صحيح وان الطالباني سألني [بالله عليك هل انتم جديون معنا؟] فأجبته وهل تلاحظ غير الجدية لدينا ؟! وأظفت أني اعتقد بأن مسالة الأكراد ستأخذ بعدا إنسانيا وسياسيا خطيرا إن لم يتم احتواءها بطريقة صحيحة. فبدأ صدام الحديث مطولا عن القضية الكردية وموقف مصطفى البرزاني وعلاقته بأمريكا وإسرائيل ................. وتوجه إلي في حالة لم تكن مسبوقة بقوله: وما رأيك يا لواء وفيق في أن يجري التخلص من جلال؟ وقبل أن أجيب خطر في بالي سريعا ما قاله لي احد ضباط جهاز المخابرات من أنهم التقطوا رسالة لاسلكية قبل أربعة أيام وردت إلي من السيد جلال الطالباني وأرسلوها إلى جهاز الأمن الخاص وطلب قصي نائب مدير جهاز الأمن الخاص من المخابرات متابعة الموضوع, فأجبت صدام بأني اعتقد أن تصفية الطالباني لن تكون في صالحنا وعلينا أن لا نتوقع بأن نيشروان مصطفى وكوسرت سيتبعون خطاً مرناً معنا .... سكت قليلا ثم قال : هل تعتقد بأن الوحدة 888 مؤهلة للقيام بهذه المهمة ؟ .... فالتفت عزة الدوري الذي جاء متأخرا بقوله لقد أخطأنا في عدم إنهاء الأمر بهدوء عندما كان في بغداد , ويقصد إعطاءه جرعة سامه (غير الثاليوم) بطيئة التأثير , وعاد والتفت إلي (اعملوا ما يلزم لهذا الغرض وبالوحدة 888 ..... وبالطبع لم يكن صدام يعلم بأنني والسيد الطالباني قد وصلنا إلى حالة جيدة من التفاهم هدفها النهائي تخليص الشعب منه)).
التعليق:
يحاول وفيق عبجل في جُل كتابهِ المُلفّق هذا تضخيم دور سيدهُ جلال طالباني الذي اسماه هو (رئيس حزب عملاء إيران) والتقليل من شأن غريمهِ مسعود البرزاني والذي أطلق هو عليه أيضا تسمية (رئيس حزب سليلي الخيانة).
ان مفاوضات الحكومة المركزية مع الأحزاب الكردية كانت قد بدأت فعلياً بعد أن تمكن العراق من إعادة فرض الأمن  إلى المنطقة الشمالية عام 1991، فهربَ قادة تلك الأحزاب العملية إلى دول الجوار تاركين المُغرر بهم من أتباعهم، وبعد فترة من استقرار الوضع في شمال العراق أرسلت قيادات الأحزاب الكردية رسالة إلى الحكومة العراقية عن طريق وسطاء أكراد موالون للحكومة يطلبون فيها لقاء القيادة العراقية، وبعد أن درست القيادة العراقية مضمون الرسالة وافقت على طلب الحوار مع تلك الاحزاب، وعـــقِدتْ الاجتماعات في بغداد بمكتب وزير الداخلية، وقد تشكل الوفد العراقي من الشخصيات التالية:
السيد عزة إبراهيم نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، رئيساً للوفد
السيد طارق عزيز نائب رئيس مجلس الوزراء
المرحوم علي حسن المجيد وزير الداخلية
حسين كامل وزير الدفاع
الفريق الركن صابر عبد العزيز الدوري مدير جهاز المخابرات
السيد سبعاوي إبراهيم الحسن مدير الأمن العام
وقد كُـــلّفتْ الاستخبارات العسكرية بالإشراف على ضيافة الوفد الكردي، فكان دور "وفيق عبجل، وهو مدير الاستخبارات لـ 35 يوما فقط، هو [استقبال أعضاء الوفد الكردي المفاوض وإيصالهم إلى أماكن السكن التي كانت تحت مسؤولية مديرية الاستخبارات العسكرية العامة والإشراف على النواحي الإدارية اللازمة أثناء تواجدهم في بغداد] أي أن وفيق عبجل كان يشرف على ضيافة أعضاء الوفد ومتابعتهم إدارياً أثناء فترة الإقامة في بغداد، وهو لم يكن ضمن الوفد المفاوض لأن جميع أركان القيادة متواجدة وخصوصاً وزير الدفاع الذي يمثل الجيش، إلا أن إشراف وفيق على تلك الترتيبات والإداريات لم يدم طويلا إلا لأيام معدودة بسبب طرده من الاستخبارات العسكرية والقوات المسلحة بأمر الرئيس صدام حسين.
كانت القيادة السياسية العراقية هي صاحبة القرار الجدي في إنهاء هذا الملف الشائك الذي استنزف الدولة العراقية منذ تأسيسها ولحد هذا اليوم [ويعلم وفيق هذا جيدا]  وقد استغل جلال طالباني الموقف بالكامل وماطل بشكل كبير بالوقت، وقد كتب وفيق عبجل في تقاريره المحفوظة ضمن وثائق الاستخبارات والموجهة إلى الرئاسة والتي تقول [أن عدم جدية رئيس زمرة عملاء إيران جلال الطالباني في المفاوضات هي بسبب دعم القوات الأمريكية له والمتواجدة في شمال العراق بعد لقاء تم بينهُ وبين نائب وزير الخارجية الأمريكي الذي أتى خصيصاً لإيقاف عجلة المفاوضات..........]، وقد علق الرئيس صدام حسين على تقرير وفيق هذا بخط يده:[...... عدم ذكر هذه المسميات (عملاء إيران) مرة أخرى في تقاريركم كوننا بدأنا صفحة جديدة لإنهاء المشاكل العالقة معهم......]؛ وحقيقة الأمر فقد استغل جلال طالباني فترة المفاوضات التي جرت بين الحكومة العراقية والأحزاب الكردية بالمماطلة والتسويف لكسب الوقت لإعادة ترتيبات الخيانة بناءً على تعليمات الأمريكان حيث انه التقى مساعد وزير الخارجية الأمريكي، أدورد دجيرجيان الذي وجه لهُ أوامرهُ بعدم التوقيع على مذكرة الاتفاق النهائي التي وصلت مراحلها المتقدمة ففي خلال فترة المفاوضات وبعد ان قطعت شوطاً مُهماً، ووصلَ إلى الاستخبارات العسكرية تقرير عن مُهاجمة مجاميع مسلحة كردية لمحافظة دهوك وحرق جزء من بناية المحافظة، ولكن لم تتمكن هذه العناصر العميلة من احتلال مبنى المحافظة بالكامل بسبب صمود المحافظ عبد الوهاب الاتروشي وحمايتهِ وقتالهم قتالاً باسلاً دفاعاً عن المقر، إلا أن وفيق عبجل لم يتطرق إلى خيانة أسيادهِ وحمّل القيادة العراقية بتلفيقهِ تهمة عدم الجدية في حل الإشكالات مع الأحزاب الكردية زوراً وبهتانا وكعادتهِ!!!
 ويبدو أن وفيق خلال هذه الـــــــــــــ35 يوماً قد أجهد نفسهُ كثيراً في الاجتماعات!، حيثُ انهُ ذكر في كتابيهِ الكثير عن تلك الفترة (مرحلة المفاوضات) والتي تحتاج إلى سنة كاملة حتى يستطيع انجاز هذه الاجتماعات ويؤلف القصص البطولية لأسياده عنها!
تصوروا أن وفيق يقول للرئيس إن [الأكراد لم يلمسوا منا جدية للتوصل إلى اتفاق]!!! أما موضوع فكرة اغتيال طالباني واتهامهُ للسيد عزت الدوري بالقول ((لقد أخطأنا في عدم إنهاء الأمر بهدوء عندما كان في بغداد)) فهذا إدعاء كاذب يريدُ بهِ تضخيم دور سيده، وزيادة حظوتهِ لديهِ ليقول له (انه كان صاحب الفضل عليه في عدم اغتياله)، فالكاذب يتهم القيادة بالغدر ولم يكن الغدر من شيم السيد عزة الدوري ولا القيادة العراقية التي تربت على القيم العربية الأصيلة وليست مثل غيرها من الغادرين (وفيق وأسياده) الذين رفضوا التوقيع على ورقة الاتفاق النهائي لحين عودتهم، بعد أن طلبوا الذهاب إلى شمال العراق لشرح مضمون الاتفاق إلى قواعدهم الحزبية ومن ثم العودة إلى بغداد من جديد!!!
وما إن وصل أسياد وفيق إلى شمال العراق حتى بدأوا بعمليات اغتيال غادرة منظمة لمنتسبي الجيش وموظفي الدولة العراقية بقتل من يستطيعون قتلهُ منهم بعد ترتيب أوراقهم مُستغلين، بغدرهم المعروف، فترة المفاوضات لتسهيل تسلل المسلحين الهاربين إلى المحافظات الشمالية من جديد، وبناءً على هذا الموقف الغادر الجبان صدر أمر القيادة العراقية بسحب كافة منتسبي الجيش وموظفي الدولة من محافظات العراق الثلاث والعودة إلى حدود محافظة التأميم، لإيقاف نزيف الدماء التي سالت بفعل الغدر ونكث العهود بدفع من إيران الشر وأمريكا اللعينة.
وهنا يجب ان أقدم للقارىء الكريم شرحاً عن (وحدة الاستطلاع العميق 888) البطلة التي اتهمها وفيق بتنفيذ محاولة اغتيال جلال الكاذبة، حيثُ تشكلت في العام 1985 لإغراض عسكرية بحتة، وتألفت هذه الوحدة في ذلك العام من ثلاث سرايا سرية الكيان الصهيوني، سرية إيران، سرية تركيا، وبلغ تعدادها القتالي أكثر من 500 مقاتل انتخبوا من مقاتلي القوات الخاصة الأبطال وبعض ضباط الاستخبارات العسكرية، وكان ضباط ومقاتلي كل سرية من هذه السرايا مُلمّين ومُتمكّنين بلغة اختصاصهم بعد الدورات التي حصلوا عليها من قبل أساتذة في اللغات التركية والعبرية والفارسية، ولم تقُم هذهِ الوحدة بأية نشاطات باتجاه تركيا والعدو الصهيوني لانشغالنا بالحرب مع إيران، وعند تسلم الفريق الركن صابر عبد العزيز الدوري قيادة الاستخبارات العسكرية العامة غيّرَ من نمط وواجبات الوحدة 888 حيث ركـــّـــز على تدريب وتطوير مهارات الوحدة وتغير اختصاصات السرايا الثلاث، فأمر أن تكون كل سرية من هذه السرايا مسؤولة عن الاستطلاع العميق في احد قواطع العمليات (القاطع الجنوبي، القاطع الأوسط، القاطع الشمالي)  فأصبحت واجباتها متخصصة بالاستطلاع خلف خطوط العدو المجوسي الصفوي حصراً.
وكانت واجبات هذه الوحدة تتلخص في جمع المعلومات الميدانية عن العدو بعد الاندفاع داخل أراضيهِ وخلف خطوطهِ الدفاعية، واستطلاع ورصد تحركات العدو للمساعدة في جمع المعلومات التي تحتاجها الاستخبارات لتحليل نوايا العدو، وتهيئة مستلزمات قطع خطوط إمدادات العدو في فترات الهجوم والهجوم المُقابل، بواسطة وضع المُعرقلات في طرق المواصلات وتفجير الجسور وصنع الكمائن على خطوط مواصلات العدو لإعاقة تقدمها، ومتابعة عادات ونشاطات وتحركات العدو قبل الشروع بالهجوم، واختطاف الأسرى واستنطاقهم بعد أن تأخذ معها معدات فنية خاصة فتقوم بعد استنطاق الأسرى المُختطفين واستطلاع قاطع العمليات بنقل الموقف والمشاهدات بشكل مباشر إلى مديرية الاستخبارات العسكرية، فكان لهذا الوحدة البطلة الدور الكبير والمشرف في معارك النصر والتحرير الكبرى ضد العدو المجوسي الصفوي وكان دورها الأعظم في معركة الفاو عام 1988 حيث تمكن مقاتليها الإبطال من عبور شط العرب، سباحة، والوصول إلى طريق عبدان – احواز وبدأت بنقل المعلومات إلى مركز المعلومات عن أعداد ومعدات وتشكيلات العدو الإيراني، وأكدت للاستخبارات العسكرية إن خطة مخادعة العدو قد أمنت مُباغتة كاملة للقوات الإيرانية مما أدى إلى نجاح عملية تحرير الفاو من دنس المجوس الصفويين، فتحية لآمر الوحدة 888 ومنتسبيها الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم من اجل العراق وشعبه؛ وحتى وان صادرَ شخص مأفون دورهم البطولي واختزلهُ في نفسهِ، إلا أنهم سيبقونَ نبراساً في نظر الشرفاء من أبناء القوات المسلحة العراقية وعنوان ذلك النصر المبين بعد تظافرت جهودهم مع إخوتهم ضباط مديرية الاستخبارات العسكرية العامة والقوات المسلحة في دحر العدو المجوسي الصفوي وتأخير احتلالهم للعراق لخمسة عشر سنة كاملة.
إذن أن عمل الوحدة 888 في الحقيقة كان كما شرحناه أعلاه و لم يكن أبدا بذلك الوصف الذي وصفهُ وفيق عبجل مُحاولاً تشويه سُمعة (وحدة 888 البطلة)  كما حاول تشويه سمعة قادة الجيش العراقي الأبطال بدفع من أسياده، ولم تُكلف الوحدة 888 أبداً بعمليات اغتيال لأشخاص إطلاقا لأن عملها عسكري ميداني بحت، وليس لتنفيذ أوهام وتخيلات وفيق عبجل المريضة.
وبالمناسبة فإن الوحدة 888 هي ذات الوحدة التي كان مقرها في (بسماية) والتي شهدت حادثة وفيق الشهيرة التي حدثت أثناء مرحلة القصف الجوي الأمريكي عام 1991 بعد قصف المفاعل النووي هناك والتي جعلت وفيق يستيقظ خائفاً بل مَرعوباً، فخرجَ علينا بملابسهِ الداخلية وهو يصرخ!!! فسجل لهُ موقف لا يُنسى ولا يحسد عليه أمام ضباط الوحدة وجنودها!!
أما قولهُ بأن جهاز الأمن الخاص قد تسلم إشارة عن برقية خاصة من جلال طالباني إلى وفيق، فإنها لو حدثت لكان وفيق في عداد الأموات الان!! لأنه من المؤكد سيثبت انه من العملاء والخونة، والحمد لله الذي جعل الرئيس صدام حسين يكتشف حقيقتهُ ويطلع عليها القيادة العراقية وخصوصا أصدقاء وفيق الذين خُدِعوا به والذين كان يطعنهم من الخلف، فطرد من الاستخبارات العسكرية لأسباب سنأتي على ذكرها تفصيلا في حلقة قادمة.
في الصفحة (165) وتحت عنوان (السياسة ممنوعة) يقول وفيق عبجل
(( باستثناء الاستخبارات ووزير الدفاع ورئيس أركان الجيش فلا يحضر أي من قادة الجيش اجتماعات سياسية على مستوى الدولة إلا في حالات نادرة جدا وقد لا تكون موجودة إطلاقا)).
التعليق:
ارجوا التركيز على بداية الفقرة أعلاه، لقد قال وفيق (باستثناء الاستخبارات) ولم يقل (باستثناء مدير الاستخبارات)!! تماماً مثلما قال: وزير الدفاع ورئيس الأركان!! وهذا ليعطي مرونة في أكاذيبهِ التي نطقَ بها في سلة أكاذيبهِ المُلفقة والتي ادّعى فيها حضورهُ إجتماعات القيادة السياسية!! والحقيقة التي يعرفها الجميع وهي لم يحضر أي ضابط من مديرية الاستخبارات العسكرية العامة لاجتماعات القيادة العليا للجيش او اجتماعات القيادة السياسية سوى مدير الاستخبارات العسكرية العامة بوصفه عضو القيادة العامة للقوات المسلحة.
يتبجح وفيق دوماً بأن الرئيس صدام حسين قام بتكريمهِ بأنواط شجاعة ووسام الرافدين وعدة سيارات لدورهِ في الحرب، والجميع يعلم علم اليقين، خصوصاً من الذين شغلوا مناصب قريبة من أعضاء القيادة العامة وقادة الفيالق، أن الرئيس صدام حسين عندما يقرر تكريم تشكيل ما من تشكيلات القوات المسلحة أو من مديرية الاستخبارات العسكرية العامة او اية مؤسسة عسكرية كانت ام مدنية،  فانهُ يطلب رأي قائد التشكيل أو مدير الدائرة بنوع التكريم الذي يقترحهُ للعاملين تحت أمرتهِ من ضباط، و اذكّـــر مرة أخرى أن وفيق حصل على وسام الرافدين من الدرجة الثالثة ونوط شجاعة واحد فقط، وحصل ضباط معاونية إيران على نوطي شجاعة بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية أسوة ببقية معاوني مدير الاستخبارات وضباط المديرية، وذلك بعد أن طلب الرئيس صدام حسين رأي المدير العام وما يقترحهُ لتكريم الضباط العاملين تحت إمرتهِ ومن ضمنهم وفيق عبجل، وحصلنا على التكريم الذي اقترحه المدير العام حينها كونهُ المُطّلع على أعمال معينة قمنا بها، وقد طبّل وفيق وزمّر كعادتهِ بعد أن وصل أمر تكريمنا من قبل الرئيس بالقول [لم يهتم بنا ويقترح هكذا تكريم لنا سوى أخي المدير العام] وأمر أن نقوم بتكبير صورة المدير العام، الفريق الركن صابر عبدالعزيز، مع الرئيس صدام حسين التي التقطت بمناسبة تكريمهِ لانتهاء الحرب العراقية الإيرانية بسيف القادسية ووسام القادسية ووسام الرافدين من الدرجة الأولى وعدة أنواط شجاعة، وكان ذلك التكبير بحجم متر وتأطيرها بإطار جميل! وكتب عليها هدية المعاونية الخامسة للسيد المدير العام! وأخذها وفيق بيده! ليقدمها هدية للمدير العام! عرفاناً من معاونية إيران ضباطاً ومراتب على دورهِ القيادي الذي جعل نجم الاستخبارات يلمع من جديد! وهذه هي الحقيقة التي يتذكرها ضباط المديرية، إلا أن وفيق كعادتهِ في التملق والتلون كان يُضمر من الغيرة والحسد وحب الذات والخيانة ما يجعل أنفاسهُ المريضة تطغى على أحادثيه.
في الصفحات (257- 258) وتحت عنوان (كوكبة شهداء سامراء - محاولة اغتيال صدام؟!) يقول عبجل
((خلال عقد الثمانينات وفي ذروة ومرارة الحرب العراقية – الإيرانية كنت (وتكاد في كل مرة) اذهب إلى مزرعتنا قرب سامراء لتنفس الصعداء من ضغوط الحرب ومتابعاتها الاستخبارية المتعبة يفاجئني احد أبناء عمومتي في المجيء إلى المزرعة ولم أشاهده يوما إلا حاملا مسدسا معه............ ويعرض رغبته في المباراة بالرماية وباستثناء حالات معدودة فقد كان يسجل إصابات دقيقة ودقيقه جدا، وفي إحدى الرميات أصاب هدفا ما كنت أظن انه قادر عليه فأثنيت عليه وفوجئت بقوله (إذن تقر بصلاحيتي للعمليات الخاصة)........ وفي أواخر أغسطس 1988 وبينما كنت احزم حقائبي للسفر إلى جنيف للمشاركة في جولة المباحثات العراقية الإيرانية  جاء طلال ليبلغني أن أخاه رشيد اعتقل من المخابرات بطريقه قاسية ويطلب مني التدخل، بيد لم تكن أمامي سوى بضع ساعات، وبعد يومين من ذلك اتصلت من جنيف بأحد الأشخاص الذي يتردد إليهم طلال فابلغني أن طلال قد اعتقل هو الآخر وان عدد المعتقلين تجاوز المائة شخص)).
((بعد عودتي من جنيف وجدت أمامي قصة تشير إلى وجود محاولة لاغتيال صدام اعتقل جراءها أكثر من مائة شخص منهم عبدالله سلوم السامرائي عضو قيادة قومية وأمين سر قيادة قطر العراق ووزير إعلام سابق واحمد طه العزوز العضو القيادي في الحزب ... علي حسن عليان السامرائي عضو قيادي ومسؤول بغداد – الكرخ 1968 واللواء الركن داود الجنابي العميد الركن محمد صالح السامرائي الشخص المقرب لعدنان خيرالله واللواء الطيار الحكم حسن علي التكريتي معاون قائد القوة الجوية (اعتقل 14يوما) العميد الركن أسامة صبحي السامرائي اللواء عادل السامرائي العقيد استخبارات حامد عبد الكريم السامرائي العميد فكرت, رشيد إسماعيل السامرائي طلال إسماعيل السامرائي. ادعى العميد فكرت ورشيد إسماعيل باني أنا الذي أعددت خطة الانقلاب وأرسلتها إلى علي عليان ومن المحدد بموجب خطة الانقلاب أن أصبح وزيرا للأمن القومي وللحقيقة فإن الادعاء لم يكن صحيحا .....)).
((ولعدم ثبوت الأدلة ولصدور عفو عام بعد اجتياح الكويت تقرر اطلاق سراح كافة المعتقلين عدا أربعة جرى منهم جرى إعدامهم ... وقد اطلعت على الموقف الشجاع للمعتقلين وخاصة منهم علي حسن عليان ..... وبعد أشهر من اطلاق سراحهم وعقب حرب الكويت بدأت اتصالاتنا السياسية تأخذ مدى أوسع في سبيل خلاص الشعب)).
التعليق:
بعد إنتهاء الحرب العراقية الإيرانية كتب وفيق عبجل تقريرا سرياً بنسختين سلم احدهما للأستاذ (ج) مسؤول مراسلات الأجهزة الأمنية في مكتب سكرتير رئيس الجمهورية ونسخة أخرى إلى المكتب الخاص لمدير جهاز المخابرات،فاضل البراك، وقد ذكر وفيق في هذا التقرير مايلي:
[أن مجموعة من السوامرة ومن قدماء البعثيين يتحدثون عن الرئيس القائد بسوء وانهُ سَمِعَ من احد أبناء عمومتهِ ويدعى طلال إسماعيل السامرائي أن أخيهِ رشيد اتفق مع هؤلاء البعثيين ومنهم احمد طه العزوز وعلي عليان واللواء الركن داود الجنابي واللواء الحكم حسن علي والعميد الركن محمد صالح السامرائي والعميد الركن أسامة صبحي السامرائي واللواء عادل السامرائي والعقيد استخبارات حامد عبد الكريم السامرائي والعميد فكرت وهم يهيئون لمؤامرة لقلب نظام الحكم وقد أرسلوا طلال لمفاتحتي للانضمام إليهم وأريد أمركم لإدامة الاتصال بهؤلاء الخونة حتى نمسك بخيوط المؤامرة].
صدر أمر الرئيس إلى جهاز المخابرات باعتقال رشيد السامرائي وأخيه طلال، وبعدها صدر أمر آخر باعتقال مجموعتهم والتحقيق معهم حول هذه المؤامرة المزعومة بناءً على تقرير وفيق السري،  ولوجود أسماء لضباط برتب كبيرة وعدد من البعثيين القدماء فقد أمر الرئيس بتشكيل لجنة في مديرية الاستخبارات العسكرية العامة برئاسة اللواء الركن المرحوم طه عباس الاحبابي معاون مدير الاستخبارات العسكرية لشؤون الأمن العسكري للتحقيق معهم حول المؤامرة المزعومة!!! ولعدم ثبوت الأدلة ولعدم صحة معلومات التقرير، فقد كتبت اللجنة التحقيقية رأيها ببراءتهم وعدم ثبوت أي شيء ضدهم، وطلبت أمر الرئاسة بإطلاق سراحهم، لكن، لم تقتنع رئاسة الجمهورية برأي اللجنة التحقيقية في مديرية الاستخبارات العسكرية!! وردّتْ على كتاب اللجنة بأن تحقيقهم غير صحيح!!! وأمرت الرئاسة بنقل التحقيق من عهدة الاستخبارات العسكرية إلى مديرية الامن العامة!!! واجري التحقيق معهم هناك أيضا، ولم يثبت بحقهم شيء مما ذكره وفيق، وكان قراراهم مُشابهاً لقرار لجنة مديرية الاستخبارات العسكرية ولكن، لم تقتنع الرئاسة أيضا!!! فتم تحويل التحقيق إلى جهاز المخابرات هذه المرة!!! ومن الواضح أن السبب في تنقل التحقيقات بهذه الصورة هو كون كاتب التقرير (وفيق عبجل) والذي هو من الموثوقين من قبل حسين كامل!!! قد أولي لتقريرهِ المُلفّق اهتمام كبير!!! فهذهِ أول مرة تعترض الرئاسة على رأي عدة لجان تحقيقية قامت الرئاسة، نفسها، بتشكيلها!! وتقوم بتحويلها إلى عدة أجهزة أمنية!! وبعد عدة اشهر من التحقيقات أثبتت عدم صحة ادعاء كاتب التقرير، أطلق سراح جميع المعتقلين بأمر الرئيس صدام حسين شخصياً بعد أن قضوا ما يقارب السنة والنصف في السجن بناءً على وشاية وفيق عبجل، الذي كان هؤلاء البعثيين الأوائل يتهمونهُ ببراءتهِ من مدينة سامراء وعدم وفائهِ لها بالتنصل من مساعدة أبنائها، فأراد وفيق عبجل التخلص منهم وصبَّ حقدهُ الأسود عليهم بتقريره هذا لكن إرادة الله كانت أقوى منه.
وبعدها، وكما يقول الأستاذ (ج) كتب وفيق السامرائي، بعد أن أصبح مديراً للاستخبارات وكالة، تقريراً إلى الرئيس يطلب فيه الأمر [هل يبقى مُستمراً في معاملة المُعـقـتـلين في الاستخبارات بصورة جيدة من حيث الطعام والشراب كما كان يفعل المدير السابق أم يقوم بإجراءاتهِ الاعتيادية حيث أن المدير العام – كما كتب وفيق - لم يقم بإيداع اللواء الركن الطيار الحكم حسن علي في موقف الاستخبارات كباقي المعتقلين بل اسكنهُ في غرفة خاصة في مقر الاستخبارات]!!!!!! حتى ثبتت براءتهُ وصدر أمر الرئيس القائد بإطلاق سراحه، ومن الواضح جداً ان طريقة كتابة وفيق لتقريرهُ هذا غامزاً من جانبهِ إلى أن المدير العام السابق للإستخبارات كان مُتعاطفاً مع المُتهمين باستهداف الرئيس لعلمهِ ان اللواء الحكم كان صديقاً شخصياً للمدير العام، والرئيس يعرف ذلك!!!! فأراد الإيقاع بهما بالقول للرئيس صدام حسين غامزا لهُ أن المدير السابق لم ينفذ أمرك باعتقال اللواء الحكم حسن علي كما يتطلب الموقف!!!
هذا هو وفيق عبجل على حقيقتهِ، والذي اعترف في كتابهِ بأنه كتب سلسلة تقارير ضد قادة الجيش لهز ثقة الرئيس بقادته وخصوصاً مدير الاستخبارات الأقرب إليه!
أن وفيق عبجل يغالط  ويناقض نفسهِ في الفقرات أعلاه فمرة يقول ان من اعترف عليه في المؤامرة المزعومة كان غير صادق لعدم وجود وزارة للأمن الوطني في ذلك الوقت، وفي مكان اخر يقول استمرت اتصالاتنا السياسية بعد عام 1992!!  فأيهما اصح من أقواله؟ هل كان خائناً منذ ذلك الوقت أم زلة اللسان في اخر الفقرة والتي يقول فيها انه بدأ اتصالاته السرية في ذلك الوقت، العام 1992؟
قال لي احد الضباط الشجعان في المعاونية الفنية في مديرية الاستخبارات العسكرية العامة أن وفيق عبجل أثناء فترة التحقيق مع البعثيين من مدينة سامراء، الذين كتب عنهم وفيق تقريره الذي أدى إلى اعتقالهم من غير وجه حق، بأنه، وفيق، كانت تصلهُ خلال تلك الفترة اتصالات من أقاربهِ في مدينة سامراء يطلبون التحدث إليهِ وحال إبلاغهِ من قبل مأمور البدالة بأن (فلان) السامرائي يطلبك على الخط، يَجن جنونهُ ويبدأ بالصراخ الهستيري على مأمور البدالة قائلا [لا تحول لي أي مكالمة من سامراء ابلغهم باني لست سامرائياً أنا بريء من هذه المدينة الخائنة للرئيس القائد] ويغلق خط الهاتف في مَوقف مُضحك مُخزي للذي خان مدينتهُ وأهلهُ لإغراضهِ الشخصية.
وبالرغم من استشهادنا في الحلقات السابقة بمقال احمد الدليمي المعارض للنظام الوطني الشرعي وصديق وفيق عبجل في فترة هروبهِ من العراق، الا انهُ من المناسب هنا الاستشهاد بقصة اخرى رواها في مقالته تلك تحكي معدن وفيق والمنشورة في عدة مواقع في الانترنت حيث قال في إحدى نقاطه الاربع التي وصف فيها وفيق في مقاله رداً على قراءتي لكتب وفيق بعنوان:
تعقيبا على دراسة العميد الركن استخبارات, أضف أربعة نقاط هذا هو الطفيلي المنبوذ وفيق، فــُــيشير في النقطة الثالثة منها
[في عام 1997 وفي عمان (الأردن) وكنت في حي الشميساني جالساً في سيارتي انتظر احد الأصدقاء، وإذا بفتاة هزيلة متعبة تقصدني قالت (تسمح لي بسؤال) قلت لها (تفضلي) قالت (هل لك أن تدلني على مفوضية مساعدة شؤون اللاجئين؟) تأكد لي ومن خلال لهجتها أنها عراقية قلت لها (ماذا ترومين من الذهاب إليها؟) قالت بالحرف الواحد (لي خال نذل ورطنا وأصبحنا من اجله مشردين وأنا مريضة بالسرطان وأمراض أخرى ولعلهم يساعدوني في علاجي أو طلب لجوئي لأي دوله أتمكن فيها الحصول على علاجي) . قلت لها (أنا مستعد على إيصالك إلى المفوضية شرط أن اعرف من هو خالك) قالت (انه السافل وفيق السامرائي كان ضابط بالاستخبارات وهرب من العراق) قلت لها (أن أموره المادية جيده فهل من المعقول لا يمد يد العون لك والى أخته واعني أمك) قالت وبالحرف الواحد (والله .. إبليس ارحم منه).
هذا دليل آخر على حقيقة وفيق الذي جعل من عائلتهِ مُشردة في شوارع عمان من غير ان يمد يد العون لها وهو الذي يعيش في ترف العمالة والجاسوسية، من غير أن يفكر أصلا بأختهِ وعائلتها التي شُردت من العراق بسبب خيانته.
وما دمنا قد تطرقنا بالحديث عن معاونية الأمن العسكري في مديرية الاستخبارات العسكرية العامة فلا بد لنا من تسليط الضوء على هذه المعاونية المهمة التي يذكرها وفيق دوماً وزراً  وبهتاناً رغم انه كان يعمل في الخفاء بإعمال غير قانونية تصب في اختصاص هذهِ المعاونية تقرباً لحسين كامل.
ففي كل جيوش العالم هناك اختصاص للأمن العسكري يختص بأمن القوات المسلحة (امن الأشخاص – امن المعلومات والوثائق- امن المعدات) للحفاظ على امن القوات العسكرية ومنتسبيها وكان في الجيش العراقي وضمن هيكلية  مديرية الاستخبارات العسكرية العامة معاونية من ضمن المعاونيات الخمس تسمى (المعاونية الثانية – الأمن العسكري) وهي مسؤولة عن أمن القوات المسلحة ومنتسبيها ضد اختراق العدو وكان المعاون الثاني لشؤون الأمن العسكري آنذاك اللواء الركن المرحوم طه الاحبابي وهو من ضباط الجيش العراقي الشجعان الأكفاء ومن ثوار تموز ومن عائلة بعثية معروفة بوطنيتها، وهو معروف بأخلاقهِ العالية الرفيعة وخوفهِ من الله سبحانهُ وتعالى، ولم يؤشّر عليهِ طيلة عمله كمعاون لمدير الاستخبارات لشؤون الأمن العسكري بأنه ظلم احداً، وقد شغل اللواء الركن طه الاحبابي عدة مناصب منها مدير الشعبة السادسة (شعبة الملحقين العسكريين) ورئيس مجموعه امانة سر القيادة العامة للقوات المسلحة في مقر القيادة العامة للقوات المسلحة – في مبنى المجلس الوطني، فكل من عمل تحت إمرته يشهد له بالنزاهة والوطنية والعدل وكونه مثالاً للقائد للعسكري العراقي الغيور.
تتألف المعاونية الثانية لشؤون الأمن العسكري من ثلاث شعب: الشعبة الرابعة (شعبة أرشيف ومعلومات القوات المسلحة)، الشعبة الخامسة (شعبة متابعة النشاط الهدام في القوات المسلحة)، والشعبة السادسة (شعبة الملحقيين العسكريين)؛ وكان يتواجد في المعاونية الثانية قاضي تحقيق مُنسّبْ من وزارة العدل بعد موافقة الرئاسة على تنسيبه.
إستمرت هذه المعاونية بالعمل ضمن هيكلية مديرية الاستخبارات العسكرية العامة حتى منتصف العام 1990 حيثُ فصلت عن مديرية الاستخبارات العسكرية العامة بعد أن رفض رأي اللجنة التحقيقة المشكلة بأمر الرئاسة للتحقيق بتقرير وفيق  عبجل السري  بحق البعثيين في مدينة سامراء!!! ونُقِلتْ هذه المعاونية بجميع مَفاصلها وارتبطت بجهاز الأمن الخاص!!! لتنفصل مرة أخرى ولتكون كدائرة مستقلة في العام 1991 باسم مديرية الأمن العسكري يرأسها اللواء الركن طه عباس الاحبابي، وقد تعاقب على إدارتها الكثير من قادة وضباط الجيش العراقي ومنهم الفريق الركن حازم عبد الرزاق القائد العراقي قائد سلاح الصواريخ عام 1991 الذي حفر اسمه بأحرف النور الذي سآتي ذكره لاحقا، إلا أن وفيق بأكاذيبه المعروفة وطريقتهِ الخاصة بخلط الأوراق، يدّعي كلاماً غير هذا في معرض ردهِ الهابط على اللواء محمود شكر شاهين مفخرة الجيش العراقي، بأن هناك في مديرية الاستخبارات العسكرية معاونية سادسة لشؤون التحقيق؟! وجميع ضباط مديرية الاستخبارات العسكرية العامة يعرفون حق المعرفة أنهُ لا وجود لمثل هذه المعاونية وأنها من خيالات ذاكرة وفيق المريضة، وانه يذكرها تلفيقاً لأسبابهِ الخاصة التي سنذكرها لاحقا، وما يؤكد صحة عدم وجود معاونية لشؤون التحقيق باسم المعاونية السادسة رغم عدم اعترافنا بشهادة وفيق عبجل كونه ( .....) إلا أنه لا مانع من أن نـُـدينهُ ونفضح أكاذيبه من فمهِ ولسانهِ هذهِ المرة حيث قال في كتاب التلفيق الأول (حطام البوابة الشرقية) وفي الصفحة 205 منه وتحت عنوان الأجهزة الخاصة – مديرية الاستخبارات العسكرية العامة
((أعيد تقليصها عندما تقرر فصل الأمن العسكري منها خلال القصف الجوي واستحدثت له مديرية امن عسكري تجنبا لوجود الاستخبارات والأمن بيد مدير واحد لا يعرف ولاءه تماما وفي مطلع العام الحالي 1996 أعيد ربط الأمن العسكري بالاستخبارات بعد تعيين مدير لها من أقرباء صدام علما أنها مرتبطة برئاسة الجمهورية ...)).
إذن لا وجود لمعاونية سادسة لشؤون التحقيق في مديرية الاستخبارات العسكرية العامة وهذه المرة كان الكلام عن لسان الكذب والتضليل وفيق عبجل (من فمك أدينك واكشف كذبك) ولو كان هناك هكذا معاونية في الاستخبارات لكان وفيق قد اطلق لسانهُ حينها في كتب التلفيق لتمزيق الأمن الوطني العراقي إلا انهُ هذهِ المرة سقطَ في مُستنقع الكذب المَفضوح عندما قالَ في رده على اللواء الركن محمود شكر شاهين ان: هناك في مديرية الاستخبارات دائرة باسم المعاونية السادسة لشؤون التحقيق، والتي لا وجود لها اطلاقا.
يبدو ان وفيق عبجل وخلال عمله مع المخابرات العالمية، باختلاف أنواعها، اختلطت عليه المعلومات حيث يبدو انه سمع بمعاونية التحقيق اثناء استجوابه من  قبل معاونية التحقيق في احد مقرات أجهزة المخابرات التي يعمل لحسابها !!!
هذا هو وفيق عبجل لمن لا يعرفهُ الذي باع الأرض والعرض وأشياء أخرى كثيرة وسنستمر في تفنيد الكتاب الملفق هذا وسنذكر ان شاء الله ما خفي من قصته الحقيقة.

* أحد ضباط مديرية الاستخبارات العسكرية العامة




تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..