موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأحد، 21 يوليو 2013

لغتنا العربية المقدسة

وجهات نظر
سامي عباس
اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، الذي تضمن آيات عديدة تؤكد أن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن على نبيه العربي الأمين محمد صلى الله عليه وآله وسلم بلسان عربي، {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} يوسف/2 ،{وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ} الرعد/37 ، {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} طه/113،{قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} الزمر 28،{كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} فصلت/3، {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} الشورى/7، {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} الزخرف/3 ، {وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ} الأحقاف/12، والله سبحانه وتعالى حفظ هذا الكتاب ، حيث يقول فيه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر/9 ، وهناك آيات أخرى تؤكد هذه المعاني.


إذاً اللغة العربية محفوظة بحفظ القرآن الكريم، إضافة إلى أنها تحوي على سر بقائها، وهو أن من غير العرب وغير المسلمين أتقنوا اللغة العربية وأصبحوا من جهابذتها، وألفو القواميس أمثال (اللغوي مجد الدين أبي طاهر محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر الشيرازي الفيروز آبادي  المتوفى سنة 816 ﻫ)، الذي ألف القاموس المحيط، وهو المعجم الذي طار صيته في كل مكان، وشاع ذكره على كل لسان، حتى كادت كلمة (القاموس) تحل محل (معجم).
لغتنا العربية تحوي على أكثر من 15 مليون مفردة، وهي بذلك من أغزر اللغات الحية في مفرداتها  لكن ما يجري لهذه اللغة من تلويث لها وخاصة في وقتنا الراهن، حيث البعض من الذين يظهرون على الفضائيات، أو من خلال ظهورهم في المؤتمرات، أو شريحة الشباب (ذكوراً وإناثاً)، فإنهم يتلفظون بكلمات أجنبية وخاصة الإنجليزية أو الفرنسية، معتقدين أنهم يوحون إلى المتلقي بأنهم ذوو ثقافة عامة، وهذا بيت الداء الذي نقع فيه الآن.
هناك الكثير من المفارقات التي تحدث في حياتنا اليومية للذين (يلوّثون) لغتنا العربية، وأورد على سبيل المثال لا الحصر، حيث لدي صديق يلوّث اللغة العربية حينما يتحدث بها بمفردات أجنبية، واعتقدتُ أنه يجيد هذه اللغة الأجنبية، ومرة صادفنا شخص أجنبي يتحدث بلغته الأم التي صديقي يستخدم بعض مفرداتها، وعندها طلبتُ من صديقي أن يحاور هذا الأجنبي، وإذا به  كالأصم ، وقد تبين أنه يحفظ بعض مفردات هذه اللغة الأجنبية ليس إلا ! ، وأصبح في موقف لايُحسد عليه ، وقد نصحته في حينه أن لايستخدم مستقبلا في حديثه هذه المفردات لأنك تكفر في لغتنا العربية .
قصة أخرى ذات معانِ ، وهي أن لي أحد الشباب من أقربائي ، ذهب إلى الهند ليدخل معهدا لتعليم اللغة الإنجليزية ، وفعلا حصل على مايصبو إليه ، لكنه أخبرني أن الأستاذ المحاضر نصحه أن يتعلم هذه اللغة ، أي الإنجليزية ويجيدها شرط أن لايتحدث بها في البيت ! .
بالمقابل هناك حالات مناقضة لما أوردناه آنفاً ، حيث أن هناك  أشخاص  يجيدون التحدث والكتابة بلغة أجنبية أو أكثر، لكنهم لايتحدثون بها إلا عند الضرورة ، ولي مثال في هذا الحال ، حيث صديقي حاصل على شهادة دكتوراه باللغة الإنجليزية ، وله كتب عديدة مترجمة ، لكنه لم أسمع منه في يوم من الأيام أن لوّث كلامه بأية مفردة أجنبية .
 مثال آخر للذين يتمسكون بلغتهم الأم ، اللغة العربية ، هو كنتُ في فرنسا بسبب الدراسة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون ، وظهرت الفنانة الكبيرة فيروز في برنامج تلفزيوني ، وأراد منها مقدم البرنامج أن تتحدث باللغة الفرنسية التي تجيدها ، إلا أنها رفضت  ذلك رفضاً قاطعاً .
أما فيما يخص تلويث لغتنا العربية المقدسة من ناحية الكتابة، فقد برزت ظاهرة في الأشهر الأخيرة، ألا وهي كتابة أحرف غير عربية في بعض النصوص التي ترد عبر بريد الشبكة العنكبوتية، أو ضمن النصوص التي ترد عبر الهواتف الذكية، ومثال ذلك هو أن حرف الكاف في بعض هذه النصوص يُكتب (گ) !، وكل العجب لكتابة مثل هذا الحرف بهذه الطريقة، وكأن الذي كتبه حامل بيده خنجر يطعن جسد لغتنا العربية المقدسة في مواضع عديدة.  
أما فيما يتعلق بالفضائيات العربية، فالحديث عنهن كثير، ولكن أورد مثالاً لعلّه يعطي بعض التصور، وهو أن العديد من هذه الفضائيات تكتب الكلمة الأجنبية تحت كلمة الأخبار ! ، ولا أعرف سبب ذلك، وكذلك يكتبون كلمات أجنبية لبعض البرامج التي يقدمونها، فهل هذا يعني أن هذه القناة يشاهدها الأجانب ؟ ، أم هي عدوى تنتقل من فضائية إلى أخرى !، فبكل تأكيد هذا تشويه للغة العربية وعدم احترام قدستها. 

رب سائل يقول ولكن تعلّم لغة أجنبية يقينا الضرر من ذلك المجتمع ، ونتعرف على علومهم ، وهذا صحيح ، حيث جاء في الحديث الشريف ( من تعلّم لغة الغير أَمِنَ شرهم) ، وفي رواية أخرى من تعلم لغة قوم أمن شرهم ) ، والتاريخ شاهد على ذلك وخاصة في عهد العباسيين الذين كان خلفاء بني العباس قد أوصواْ بتعلم لغات الروم والفرس وغيرها ، ليترجموا كتبهم العلمية والأدبية ، وقد استفادوا  وأفادوا آنئذ فائدة كبيرة .
في وطننا العربي ، دساتير كل الدول العربية تنص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية ، ولكن في الحياة العملية نجد أن لغتنا العربية وخاصة في دول الخليج العربي باستثناء المملكة العربية السعودية ، فلا تجد أثر للتخاطب في لغة القرآن الكريم، وهذه مفارقة أخرى ، لأن من يذهب من العرب إلى دولة أجنبية فإنه يضطر أن يتعلّم لغة ذلك البلد .
نعود إلى هذا التشويه الحاصل للغتنا العربية المقدسة ، ونشير إلى أن هناك دولتان في وطننا العربي قد انتبهتا إلى هذه الخطيئة ، وأقصد هنا العراق قبل احتلاله من قبل الأميركان عام 2003م ، حيث كان فيه ( قانون سلامة اللغة العربية ) ، وكان هناك إعمام من رئاسة الجمهورية آنذاك بأن يكون في كل دائرة رسمية ( مصحح لغوي)، يوقِّع على الكتب المرفوعة إلى دائرة رئاسة الجمهورية ،  بمعنى إذا  وقّع على الكتاب الذي سيرفع لرئاسة الجمهورية ، هذا يعني خلو الكتاب من الأخطاء النحوية ، والعراق الذي كان على مر التأريخ منارة للحضارة وفيه مدرستان الأول للحديث والأخرى للرأي، ولكن بعد احتلاله فقد استغلت إيران الوضع المتردي في العراق وبحجة زيارة أفواج من الإيرانيين  للعتبات المقدسة ، فقد عمدت على نشر اللغة الفارسية في  العراق ، وخاصة في المدن التي فيها مراقد الأئمة عليهم السلام.
بالمقابل، وجدير ذكره فإن النظام الإيراني حاول ويحاول إضعاف اللغة العربية ، وخاصة في الإقليم المغتصب الأحواز ، حيث  يقول المترجم والمفكر (كاظم برقنيسي)  أنه منذ عهد حكم رضا شاه وحتى الآن تتم محاولات للإستغناء عن الكلمات العربية، ومن ذلك ما قام به المجمع اللغوي في ثلاثينيات القرن الماضي من محاولة لصياغة مفردات فارسية لتحل محل المفردات العربية.
أما اليوم فالعربية الموجودة عربية "حوزوية فيها الكثير من العجمة"، وحالها لا يبشر بخير إذ رغم كونها تدرس للطلبة في الجامعات فإن مستوى التدريس منخفض حتى بالنسبة لطلبة الدكتوراه!. (فاطمة الصمادي- طهران 2007، تراجع العربية بإيران بعدما ظلت لقرون لغة رسمية) .
الدولة الأخرى هي سورية التي  لها اهتمام استثنائي باللغة العربية ، حيث تقوم بتدريس جميع العلوم باللغة العربية ، ولهذه اللغة يوم وطني تحتفل به ، وليس آخراً فإن دولة الإمارات العربية المتحدة ، قد أصدرت تشريعاً  مؤخراً يقضي المخاطبة بين الدوائر الرسمية وبين المواطنين والدوائر هذه باللغة العربية، وحبذا  لو تحذيان البحرين وقطر حذو الإمارات العربية المتحدة .
حسنٌ فعلت قناة العربية حينما خصصت لبرنامجها الأسبوعي (حوار العرب) موضوعاً عن اللغة العربية، فكان العنوان (اللغة العربية في خطر).
من المفارقات التي صادفتني حول لغتنا العربية المقدسة وقدرتها على استيعاب العلوم بما فيها النووية ، ولتأكيد ذلك شاهدت وعن طريق الصدفة قبل أكثر من سنتين برنامجاً من على فضائية ( المجد ) ، البرنامج كان لقاءاً مع أحد العلماء المصريين المختصين في البرنامج النووي ، وقد وجه له سؤال من مقدم البرنامج وهو ( كيف ترى تطوير البرامج النووية في الدول العربية ؟ ) ، وكان الجواب ليس مثل ما يتوقعه مقدم البرنامج ولا المشاهدين ، حيث قال ( عليهم تعلّم هذا العلم باللغة العربية ! ، لأن الفرنسيين والصينيين واليابانيين والكوريين، وغيرهم لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه من تقدم في هذا البرنامج إلا بلغتهم الأم) ! .  
وجدير ذكره، أن الكثير وخاصة الشباب ، لايدرك أن المسلم عليه أن لايتحدث باللغة العربية حتى بحرف واحد إذا كان في المكان  المخصص لقضاء حاجته ، لأن ذلك غير مسموح شرعاً ، ولذلك ، عندما تُطرقْ باب (المرحاض) فالذي فيها يقوم ب (التنحْنحْ)، لأنه غير مسموح له من الناحية الشرعية الحديث باللغة العربية.

مما تقدم فإن لغتنا العربية هي ليست في خطر فحسب، وإنما هي لغة القرآن الكريم وهي مقدسة، فلا يجوز تلويثها بمغردات أجنبية، ونطلق صرخة في هذا الشهر الفضيل، شهر رمضان المبارك،  للأنظمة العربية بضرورة الإهتمام بلغتنا العربية، وتشريع القوانين بما يحافظ على قدسيتها، وكذا الحال بالنسبة للدول الإسلامية وخاصة أندنوسيا، أكبر بلد إسلامي، والباكستان، وتركيا، وغيرها من البلدان الإسلامية، أن تصدر التشريعات للمحافظة على قدسية اللغة العربية، وللجامعة العربية، ومجمعات اللغة العربية، والأزهر الشريف، أن يتصدوا لهذه الظاهرة التي بينّاها آنفاً، وعلينا أن نأتمر بما أمرنا به رسولنا الكريم، حيث قال {أحبوا العرب لثلاث لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي}، رواه  الطبراني في الأوسط والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان، وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنه.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..