موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الاثنين، 1 يوليو 2013

الشرعية الدستورية والشرعية الثورية، لعبة كارتونية

وجهات نظر
عبد الكاظم العبودي
يبدو ان عالمنا العربي من أقصى شمال كردستان العراقية والخليج العربي الى موريتانيا والصحراء الغربية يلعب كله نفس اللعبة ، تحت خيمة سيرك امريكي واحد زائر لكل بلدان المنطقة بعنوان سموه " الديمقراطية"، وعلى قاعدة لا غالب ولا مغلوب، علينا ان نلعب، طالما اجتمع الجميع واتفقوا على اللعب تحت ظل السفارة الامريكية وفي ملعبها العربي، ويبدو ان رسل الديمقراطية الامريكية وشيوخ الكونغرس استلهموا جيدا من عالم ديزني قواعد اللعب والاصطراع في المنطقة وفق لعبة "توم وجيري".


متعة المشاهدة للاحداث الجارية منذ زمن انها قد تدفع المشاهد والمراقب منا الى الدهشة عندما يراها للوهلة الاولى ، لكن تكرار المشهد، وعلى كل محطات الثورات والانتفاضات والاحداث العربية، وباخبارها العاجلة، صار تكرارا بليدا يقتل فينا حتى الفضول لمعرفة ما ستؤول اليه الاحداث غدا.كما هو الحال الان في مصر وسوريا والعراق وغيرها.
نطفئ التلفاز ونركن رؤوسنا الى حبوب الاسيرين المهدئة لعلاج مسببات الصداع السياسي، وقد ينشغل بعضنا بالتحليل والتنظير، ولكنه سيخرج في كل مرة من دون معطيات وآفاق تستحق الرصيد الكافي للحفظ وللتجربة. وعندما نعود من كثير من توهيماتنا نجد أمامنا ذات اللعبة هي مطاردات توم وجيري مرة أخرى.
في العراق نرى المالكي، وهو يتمسك بالسلطة، ويدعي انها باتت ملك ابيه وحزبه وغوغائه، فقد وصلت اليه ، كما يدعي، وفق شرعية دستورية، وهو يتبجح في مجالسه الخاصة والعامة، مفتخرا بتاريخه الارهابي، ويصف نفسه وجماعته بالثوريين وانهم كانوا ولا زالوا من حملة السلاح . وكم نسب البعض لنفسه البطولات الفارغة خلال ما يسمى بـ "الانتفاضة الشعبانية" ؛ لذا فان سلطته، ووفق منطقهم، تمتلك الشرعية الثورية أيضا لاستلام السلطة وحكم العراق بالرصاص والموت واشلاء البشر.. وعلى شاكلتهم اليوم كثيرون في العراق كآل الحكيم وآل صولاغ وآل بدر والصدريين، وعصائب العميان ...الخ.وحتى آل طالبان وآل برزان، وآل بيات الجدد، هؤلاء وغيرهم ظلوا يذمون "الدكتاتوريات" التي حرمت شعبهم وطوائفهم حق التداول على السلطة، ولكنهم عندما وصلوا اليها بدبابة امريكية ربيع 2003 صارت الشرعية الدستورية اغنية لهم يسمعونها، عندما يطلبونها، من راديو " سوا" ببرنامج امريكي عنوانه ما يطلبه الانتهازيون .
واليوم اعلن "دكتاتور" صغير آخر اسمه مسعود البرزاني انقلابه المكشوف على تطلعات الشعب الكردي، فهو الآخر منقلب كالمالكي حتى على الشرعية الدستورية في الاقليم ، وبانقلاب دستوري مفضوح جرى تنفيذه منذ البارحة واعلن عنه صباح اليوم، وحجته، انه الأجدر بكردستان العراق، حاكما ورئيسا مؤبدا كسائر الدكتاتوريين الذين كان يذمهم، لانه حمل السلاح ضد "الدكتاتوريات" السابقة، ويعد نفسه من عداد الثوريين، فهو وريث الشرعية الثورية ايضا، حتى لو تبادل اعضاء برلمانه اللكمات ورمي قناني المياه الفارغة امام النقل التلفزي المباشر لكي يحصل على اغلبية تمكنه البقاء رئيسا، ولحليفه جلال الطالباني ترشيح من يراه رئيسا للعراق، انها فصل من فصول لعبة توم وجيري بمسرحها الكردي والعراقي.
لسنا بعيدين عن احداث مصر، كم تباكى الاخوان على الثورات والانتفاضات المصرية المغدورة، وندبوا حظهم العاثر من فشل العديد من الانقلابات التي دبروها من اجل الوصول الى الحكم، وقضائهم سنوات عجاف في السجون والمعتقلات المصرية والمنافي البعيدة ، فهم اليوم ، أحق بها، بحكم توجيهات المرشد وفتاواه، وهم الثوريون وحدهم في مصر، والديمقراطية التي كانوا يسمونها لعبة شيطانية، صارت حقا دستوريا للوصول الى الحكم، ومع هذا قبلوها وفازوا بها بشخص محمد مرسي قبل عام بعد ولادة عسيرة أشرف عليها عسكر حسني مبارك وزوار الفجر من السفارة الأمريكية، بعد طمأنة اسرائيل طبعا ، ولكن عندما وصلت جموع المتظاهرين مساء اليوم الى ابواب قصر الرئاسة في القاهرة ، مطالبة بتنحي الرئيس محمد مرسي لفشله في ادارة البلاد ، تمسك الاخوان بحقهم في الشرعية الثورية وهم يرفضون في الساحات مطلب جماهيري يتطلب اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة وإصلاح الدستور المعوق، وهكذا صار الحديث مرة اخرى عن تداخل وحقوق الشرعيات الدستورية والثورية للجماعة والتعصب لها ، كل على هواه ومواله ليعلوا صراخ الجميع بالتكبير وكأننا امام معركة من معارك الفتوحات الاسلامية.
والبارحة كنا ننظر الى احداث الأنبار والموصل وصلاح الدين وديالى والى رجالاتها وعذابات ساحات اعتصامها ، ننظر اليها كجزء من انتفاضة شعبنا الوطنية ونحن إذ نعلن دعمنا لها وفق الشرعية الثورية وحقوق الشعب العراقي المظلوم والمضطهد، والتي نرى في جماهيره المسحوقة بكل انواع القهر الإحتلالي والسلطوي والقمعي، لكن البعض كان ينظر الى مشهد بعض بهلوانات السيرك اللا وطني وهم يلعبون ويقفزون على كل الحبال الامريكية والإيرانية والمالكية ، لكسب أغلبيات زائفة في انتخابات المحافظات، فسكت البعض بانتظار نهاية مشاهد توم او جيري ، لكن المنتظر وكما كنا نتوقع ان الحسم النهائي بات لحفنة دولارات ديزني الامريكية عندما بدأت المساومات على شراء الاصوات المرجحة لصالح توم او لصالح جيري ليكون احدهما محافظا او عضوا في حكومة محلية، وربما يتطلع بها البعض الى حكومات اقاليم.
الغريب وسط كل هذا السيرك هناك من يتبجح بالشرعية الثورية أو الشرعية الدستورية.
سيسقط هذا السيرك بكل افانينه والاعيبه، بشرط ان ندين جميعا كل محاولات الانخراط في لعبة توم وجيري التي لا زالت تتم باخراج امريكي وصهيوني وايراني.
وحذار ان يحسب البعض توم على "الشيعة" أو جيري على "السُنة"؛ لان مملكة الحيوان بحكمتها وغريزتها التي تعلمتها من شرائع الغابة سترفض مثل هذا اللعب الوقح على الذقون، وستنتفض علينا تلك الكائنات غير المُستَحمَرة؛ لأننا نخطأ السبيل عن الشرعية الثورية بأوهام بدائلها من الشرعية الدستورية المزيفة.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..