موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

حكومة حيدر العبادي.. تحديات ما بعد التشكيل

وجهات نظر
نزار السامرائي
بعد مرور أقل من 48 ساعة، من الإعلان عن تشكيل حكومة حيدر العبادي، وصل جون كيري وزير الخارجية الأمريكي إلى بغداد في مستهل جولة شرق أوسطية، بهدف حشد الجهود لإقامة تحالف دولي جديد هو الثالث من نوعه الذي تسعى إلى الولايات المتحدة لأقامته منذ إقامة أول تحالف دولي وراءها عام 1990 تحت لافتة إخراج العراق من الكويت، والثاني الذي قادته الولايات المتحدة أيضا لغزو العراق عام 2003 ثم احتلاله.

ويأتي التحالف الثالث الحالي على الساحة العراقية أيضا،وربما بسببها بعد أحداث التاسع من حزيران الماضي، وما أعقبها من تمدد لتنظيم الدولة الإسلامية على مناطق لم يظن أي من خبراء شؤون التنظيم، أنه سيكون قادرا على تحقيقه بتلك السرعة الخاطفة، كما أن أحدا لم يكن ليتوقع حجم الانهيار المدوي للقوات التي أخلت مواضعها الدفاعية ومعسكراتها السابقة في الموصل وسهل نينوى على عجل لا تلوي على شيء، وتركت في تلك المعسكرات والمواضع كميات هائلة من السلاح والعتاد الحربي وهو من أحدث ما أنتجته مصانع السلاح الأمريكية مما أثار مخاوف لدى الإدارة الأمريكية من احتمال وقوعه لدى قوى معادية لها.
ومع أن كيري كان موجودا في كل قاعات الاجتماعات الكبرى والصغرى التي كانت مشغلة بتفصيل شكل الحكومة، سواء باسمه أو بظل بلاده كبلدوزرات هدفها إزاحة العراقيل التي تحركت لدى بعض الأطراف التي ظلت تراهن على ولاية ثالثة لنوري المالكي، ولما كانت الآمال تتهاوى تباعا في البورصة السياسية فلمعت أسماء وسقطت أخرى، حينذاك دخلت واشنطن بكل ثقلها وتحولت إلى قابلة مأذنة لتوليد الحكومة بعد مخاض طويل أوشك أن يطبق على أعصاب رئيس الوزراء المكلف من احتمال إفلات الفرصة منه، ورئيس الوزراء المنصرف لذي ظل يلم بالعودة إلى المنطقة الخضراء لولاية ثالثة وأتباعهما، فجاءتحكومة حيدر العبادي بولادة قيصرية بعد ضغوط غير مسبوقة مارستها الحكومة الأمريكية على أطراف العملية السياسية، من أن واشنطن لن تحمي عرش بغداد من السقوط تحت قبضة تنظيم الدولة الإسلامية ما لم يتم تشكيل حكومة تمثل جميع مكونات الشعب العراقي كما أعلن عن ذلك الرئيس أوباما وغيره من كبار المسؤولين الأمريكيين، ولكن غباء المالكي وتعطشه للسلطة منعه من التقاط الرسالة وفهم مغازيها.
ولو أن أمريكا لم تقف تلك الوقفة من وراء الستار بل على المكشوف أيضا، لما كان ممكننا من دونها أن ترى هذه الحكومة النور، فقد لاحظ مراقبو المشهد العراقي أن التأثير الخارجي إقليميا ودوليا في تقرير ما يجب للعراقومالايجبله من خيارات سياسية وأمنية، لا يتخذ في العراق بل بأيد خارجية حتى بدا وكأن العراق تحوّل إلى كرة تتقاذفها أقدام اللاعبين الكبار والصغار ثم أصبح السؤال المطروح هو من يصنع القرار السياسي؟ أمريكا؟ إيران؟ أم أن الأمر هو حصيلة توافقات بينهما تحت الطاولة لمقايضة ملفات بملفات وقضايا بقضايا؟ ومع أن جوابا قاطعا عن مثل هذه التساؤلات لا يمكن الوصول إليه بسبب سرعة انتقال الرمال المتحركة من أماكنها، إلا أن المراقب المتتبع لطبيعة التضاريس السياسية سريعة التقلب في المنطقة عموما وفي العراق خصوصا، بإمكانه القول من دون تردد إن إيران خسرت جزءً من الجولة الأخيرة، وبالتالي فإنها لن تقّر بالهزيمة بهذه السهولة، ولهذا ستحاول مناكفة من تصدى لشروطها في إشغال المناصب الأمنية وخاصة وزارة الدفاع ووزارة الداخلية، وهما المنصبان اللذان اشترطت هادي العامري قائد فيلق بدر المؤمن بولاية الفقيه لواحد منهما.
الولايات المتحدة لم ترفض هادي العامري من أجل عيون الأمهات العراقيات اللاتي قتل أزواجهن أو آباؤهن أو أبناؤهن أو إخوانهن، على يد عناصر مليشيا بدر منذ أيام الحرب العراقية الإيرانية في عقد الثمانينات من القرن الماضي، ثم بعد ذلك وما تزال حتى اليوم ترتكب من الجرائم ما تفتخر به المليشيات الطائفية المرتبطة بإيران، بل لأن أمريكا لم تقبل بأن ترهن آخر حلقات التكنولوجيا الحربية التي تمتلكها– وهي على وشك الدخول في حرب في الساحة العراقية- بيد شخص غير مؤتمن على شيء أبدا، لأن من باع وطنه لا يمكن أن يترك للآخرين هامشا مناسبا للثقة به، فهل نتوقع أن قائدا أمريكيا يمكن أن يجلس بخشوع أمام العامري ويتلقى منه التعليمات العسكرية كما فعل جنرالات المالكي لتلقي التعليمات من قائد فيلق القدس الإرهابي، خاصة إذا أصبح وزيرا للدفاع؟
وإذا تطلب الحال تحركا ما تجاه إيران حتى ولو من باب دفع خطر محتمل من (داعش) من داخل إيران فهل يستطيع العامري مخالفة ما تمليه معتقداته الدينية ثم يقف ضد إيران؟ للأسف الشديد لا أحد يفهم ماذا تعني القناعة بولاية الفقيه، ولكن واثق البطاط هو أفضل من أعطاها وصفها الدقيق عندما قال بالحرف (إذا وقعت الحرب بين العراق ودولة الولي الفقيه فإنني سأقاتل إلى جانب إيران)، هذا تلخيص شديد لقناعات كل من يؤمن بولاية الفقيه، ولدينا عليها أدلة قاطعة في لبنان عبر المعارك التي يخوضها حزب حسن نصر الله حتى لو ألحقت ضررا جسيما بالمصلحة الوطنية اللبنانية، وكذلك ما يفعله الحوثيون في اليمن وما تفعله المليشيات الشيعية في العراق إذ تقاتل نيابة عن إيران في معارك لا مصلحة لها هي أصلا بها.
حكومة حيدر العبادي جاءت خالية من أهم منصبين وهما الدفاع والداخلية على الرغم من أن أزمة العراق منذ عام 2003 وإلى زمن غير منظور هي أزمة الأمن والاستقرار المفقودين، ويسحبان وراءهما كل الأزمات المتناسلة التي عاشها العراق وخاصة إقامة دولة المؤسسات والقانون واحترام السلطة القضائية.

حكومة العبادي أصبحت أمرا واقعا في إطار العملية السياسية التي تضاعفت فتوقها ويحاول الأمريكيون الذين صمموها لأول مرة رتق ما يمكن رتقه منها، وأصبح المالكي جزءً من الماضي لأكثر التجارب سوداوية ومأساوية، وكما أن المالكي يجب إلا يفلت من العقاب لما ارتكبه من جرائم دم وهدر للمال العام وفساد مالي وإداري، فإن مطالب المحافظات الست المنتفضة تبقى شاقولا معتمدا من قبل القوى التي خاضت غمار الدفاع عن حقها في العيش الكريم على قدم المساواة مع بقية المكونات من دون تهميش أو إقصاء، ووقف عمليات القتل بالجملة والتهجير التي تتعرض لها مناطق السنة في كثير من المناطق العراقية، ومن يظن أنه قادر على قيادة العراق بمجذاف واحد فإنه واهم وهما كبيرا ومآله إلى ما آل إليه المالكي فمياه العراق بحر هادر لا يؤتمن الإبحار فيها في كل الأوقات، كما أن ساحة اختبار النوايا الأولى هي ساحة الفلوجة والمدن المحاصرة وما تزال تتعرض للقصف الهمجي بالبراميل المتفجرة، ومن يقفز فوق هذه الحقيقة فإنه يقفز من شاهق من دون مظلة، فتهوي به الريح في وادٍ سحيق ووحده من يتحمل مسؤولية مصيره المعتم.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

صور نادرة للزعيم الذي أعدمته أمريكا
http://arabic.arabia.msn.com/news-gallery/news-gallery-detail/5650/صور-نادرة-للزعيم-الذي-أعدمته-أمريكا/#صدام-في-قفص-الإتهام

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..