موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الاثنين، 15 سبتمبر 2014

هل تسلح تركيا حزب العمال الكردستاني؟!

وجهات نظر
محمد زاهد غُل
هذا سؤال كان قبل أشهر قليلة من المحرمات الحوارية وليس المحرمات السياسية فقط، فحزب العمال الكردستاني جرَّد سيفه على الدولة التركية منذ 30 عاماً، وقتل من الشعب التركي عشرات الآلاف، وأهدر عشرات المليارات المالية من الخزينة التركية وهي تعالج جرائمه، فأضعف الاقتصاد التركي وهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي لعقود متوالية، فاستحق حزب العمال الكردستاني بجدارة أن يصنف أخطر حركة إرهابية في التاريخ التركي الحديث والمعاصر.

ولكن جنوح قائد حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان المسجون في جزيرة إمرلي التركية منذ عام 1999 إلى التصالح، وموافقته على الحل السلمي للمسألة الكردية في تركيا، أعطى آمالاً كبيرة للتوصل إلى حل سلمي، كانت نقطة اللقاء فيها أنها وجدت حزباً سياسياً في تركيا يملك الجرأة في إخبار الشعب التركي الجريح من الإرهاب الكردي، أنه يسعى ويوافق على إيجاد حل سلمي للمسألة الكردية، بل أنه يؤمن بالحل السلمي لصراع استمر عقوداً من القتال والقتل والهدر الاقتصادي، شريطة ألا تؤدي أي حلول سلمية إلى انفصال جزء من الأراضي التركية إلى دولة كردية مستقلة، لأن وحدة الأراضي التركية هي المكسب الأكبر الذي حققته فكرة الجمهورية التركية منذ تأسيسها عام 1923.
كان مبدأ وقف العمليات الإرهابية من قبل حزب العمال الكردستاني من الشروط الأساسية لبدأ الحوار السلمي بين الأكراد والحكومة التركية، وأن تكون المباحثات غير المباشرة مع حزب العمال الكردستاني عبر حزب الشعوب الديمقراطي، وهو حزب سياسي تركي له نوابه في البرلمان التركي،وقبل نحو عام ونصف تمت الموافقة على القضايا الأساسية والخطوط العامة التي يتم الحوار الحالي على أساسها، والتي كان يقودها رئيس الوزراء التركي السابق السيد رجب طيب أردوغان، ومدير المخابرات الوطنية هاكان فيدان، وبالرغم من كل الصعوبات والمعيقات التي وضعتها الأحزاب التركية إلا أن الحكومة التركية المشكلة من حزب العدالة والتنمية واصلت العملية السلمية، ورفضت مزاعم المعارضة التركية وبالأخص من حزب الحركة القومية الذي يتهم الحكومة التركية بتقديم تنازلات لحركات إرهابية على حساب المصالح القومية للشعب التركي.
وفي الأيام المصيرية للشعب التركي في تغيير البنية السياسية للجمهورية التركية في هذه الأيام، بداية على مستوى منصب رئيس الجمهورية ليصبح السيد أردوغان رئيساً للجمهورية بتاريخ 28/8/2014، وتغيير رئيس حزب العدالة والتنمية بتاريخ 27/8/2014، ورئيس الحكومة التركية برئاسة أحمد داود اغلو بتاريخ 6/9/2014، دخلت المصالحة الوطنية في مرحلة جديدة يرى البعض بأنها عرضة للتغيير أو التناول المختلف، وبالأخص لدى حكومة داود اغلو الذي قد يكون له رؤى مختلفة في مشروع المصالحة الوطنية، بالرغم من كونه أكد في خطاب تشكيل الحكومة والذي قدمه للبرلمان التركي لنيل الثقة قبل أيام، أكد على جعل المصالحة الوطنية منأهم أولويات حكومته. إن كل التكهنات بتغيير موقف الحكومة التركية الجديدة من المصالحة الوطنية لا تقوم على أسس قوية، لأن مشروع الحكومة الجديد في كل القضايا الشائكة والأساسية سوف يتم معالجتها من قبل حكومة العدالة والتنمية، والتي يرأس حزبها رئيس الحكومة داود اغلو، ولذلك ليس من المتوقع أن يغير حزب العدالة والتنمية سياسته السابقة خلال أيام وأسابيع ولا شهور، فتغيير الحكومة بسبب انتخاب رئيس الوزراء السابق أردوغان لرئاسة الجمهورية لا يغير من برنامج الحكومة لأنها مشكلة من نفس الحزب ومن نفس الوزراء في الغالب، ولذلك فإن رؤية الحكومة الحالية ستواصل سياسة الحكومة السابقة، مع بصمات جديدة فقط، أو بنكهة جديدة.


ولكن أخطر ما وقع بخصوص المسألة الكردية ما طرأ على القضية الكردية من تغيرات كبيرة على الأرض العراقية، بقيام تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية بإعلان الخلافة وتسميتها بالدولة الإسلامية، بعد سيطرته على مدينة الموصل وما حولها من المدن العراقية ذات الأغلبية السنية ذات القومية العربية، مع وجود حضور كردي وتركماني في الموصل وتلعفر وكركوك، وبالرغم مما وقع فيها من أحداث دامية ومؤلمة بما فيها خطف (46) دبلوماسياً تركيا منذ بداية الأزمة، إلا أن العالم الغربي لم يتحرك لمنع حركة الدولة الإسلامية الموصوفة باسم «داعش» إلا بعد أن تحركت داعش عسكرياً باتجاه أربيل ومصافي النفط فيها، ولذلك سعت أمريكا لصناعة تحالف دولي يقوم على مواجهة دولة داعش ووقف توسعها نحو إقليم كردستان شمال العراق، واستعدت العديد من الدول الأوروبية وفي مقدمتها ألمانيا بدعم الإقليم بالأسلحة اللازمة لمواجهة تقدم دولة داعش عليها.
في هذه اللحظات الحاسمة وجه السيد صلاح الدين دمرتاش رئيس حزب الشعوب الديمقراطي والذي خاض حملة الانتخابات الرئاسية السابقة، نداءً يدعو إلى تسليح عناصر حزب العمال الكردستاني لمواجهة دولة داعش، وبحجة حماية الوجود الكردي في شمال العراق وقرب الحدود التركية العراقية، وهذه الدعوة من قبل سياسي تركي تعتبر سابقة في الدولة التركية، فلو صدرت قبل سنوات قليلة لتعرض صاحبها إلى المحاكم والسجن المؤبد على أقل تقدير، ولكن ظروف الأزمة قد تخفض صوت المعارضة التركية لهذه الدعوة، فبالرغم من قسوتها على الشعب التركي، وبالرغم من أضرارها على المصالحة الوطنية أيضاً.
إن الحكومة التركية الجديد وامام هذه الدعوة الدميرتاشية أمام تحد حقيقي كبير، فالمصالحة الوطنية لم تصل إلى اتفاق نهائي بعد، والحكومة الجديد تسعى إلى مواصلة الحوار مع عبدالله أوجلان من أجل اتفاق ينهي العمل العسكري لعناصر حزب العمال الكردستاني، وما تم من قبل بترحيلهم إلى جبال شمال العراق كان اتفاقاً مرحلياً، لإخراج المقاتلين من الأراضي التركية، فهل يمكن للحكومة التركية الجديدة أن تقوم بالموافقة على تسليح حزب العمال الكردستاني بعد أن نزعت سلاحه عن طريق المفاوضات المضنية؟
وهل توافق الحكومة التركية على دعم مقاتلي حزب العمال الكردستاني بالسلاح الثقيل الذي يقاتلون فيه دولة داعش؟
هل تمثل دولة داعش خطراً على الدولة التركية أكثر من تمكين مقاتلي حزب العمال الكردستاني بالسلاح الثقيل؟
وكيف يمكن ومتى سحب هذا السلاح من مقاتلي حزب العمال الكردستاني على فرض تمكنهم من القضاء على دولة داعش؟
لقد وصف الرئيس الأمريكي أوباما القضاء عليها بالمستحيل، وأنها تمثل سرطاناً لا يمكن القضاء عليه في سنوات قليلة.
ما الذي يضمن للحكومة التركية أن لا يتم تهريب السلاح الذي يتم تزويد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمالي العراق إلى تركيا؟
وما الذي يضمن للحكومة التركية أن هذا السلاح لن يستخدم في علميات إرهابية يقتل فيها الشعب التركي؟
وما هي الضمانات التي تجعل حزب العمال الكردستاني لا يغير مواقفه من المصالحة الوطنية بعد تمكينه عسكرياً في شمال العراق؟
وما هي الضمانات الدولة التي سوف تقدم إلى تركيا بأن تسليح حزب العمال الكردستاني لن يتحول إلى مشروع دولة انفصالية؟ وقد امتلك الحزب السلاح والتأييد الدولي، والامتداد الجغرافي مع أكراد العراق وسوريا.
وما الذي يضمن أن لا تستغل بعض الدول المعادية لتركيا مثل حكومة الأسد إلى توتير الأوضاع داخل تركيا، من خلال عناصر غير مسيطر عليها من حزب العمال الكردستاني؟
إن مشروع تسليح حزب العمال الكردستاني خطوة خطرة لا ينبغي للحكومة التركية أن توافق عليها، مهما كان خطر دولة داعش، لأن خطرها على الدولة والشعب التركي أكبر وأكثر، بل إن كل مشروع التحالف الدولي ضد دولة داعش يجب أن يأخذ بالاعتبار حماية المخطوفين الأتراك في العراق، وكذلك مخاطر تأثير هذه الحرب التي يعد لها التحالف الدولي على تركيا.

ملاحظة:

نشر المقال هنا.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..