موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الاثنين، 15 سبتمبر 2014

جبل الضيم والظلم لا تزيله النوايا الحسنة لوحدها

وجهات نظر
نزار السامرائي
لم تمض إلا ساعة أو بعض ساعة على التعهد الذي قطعه حيدر العبادي رئيس الحكومة الجديدة على نفسه وأمام مؤتمر منقول على الفضائيات مباشرة، عن وقف قصف المدن العراقية، إلا وكانت مدينة الفلوجة المحاصرة منذ نحو سنة من زمن نوري المالكي المعزول، تاريخياً وأخلاقياً، تتعرض لهجوم واسع من محاور عدة بهدف احتلالها، وكأن حيدر العبادي أراد تدشين عهده بمخادعة حربية من أجل تخدير المقاتلين وذلك بالاعتماد على كلمة شخص منحدر من مدرسة نوري المالكي فكريا ومذهبيا وسياسيا، وبالتالي فإن المراهنة عليه ليست أكثر من مراهنة على سراب بقيعة إذا جاءه العراقي لم يجده شيئا.
فهل يؤتمن من يعد ويخلف وعده؟ وما هو الموقف الأخلاقي والشرعي والقانوني من الذين ينقضون عهودهم في كل مرة؟

ربما سيقول العبادي بأنه تسلم مهام منصبه كرئيس للوزراء للتو، وهناك ملفات في غاية الأهمية ما زال المالكي ممسكا بها ولا يريد أن يسلم مفاتيحها لخليفته، مثل سلطات القائد العام للقوات المسلحة، وربما سيميل بعض من تورط في المشاركة بحكومته إلى تصديق ما قال العبادي ليس عن قناعة بصدقه، وإنما نتيجة ضغط الظرف الراهن الذي تفرضه التوازنات القلقة سياسيا واجتماعيا وأمنيا والتي أوجدتها العملية السياسية التي فرضها المحتلون الأمريكيون منذ عام 2003، فتركوا العراق من دون هوية بعد أن كانت دولة مهابة إقليميا ودوليا، تركوه من دون لون أو طعم أو رائحة، ولكن هل يليق برئيس وزراء جديد خرج من بين كل هذا الركام من الأزمات المتناسلة بسبب التحالف الذي ينتمي إليه وكان قائدا فيه، أن يطلق وعدا من دون أن يمتلك القدرة على وضعه موضع التنفيذ الفوري؟ وهل كان مضطرا لمخادعة سياسية أو عسكرية بهذا المستوى الذي يمكن أن يفقده ما تبقى من مصداقيته المجروحة أصلا بحكم كونه عضوا في الهيئة القيادية لحزب الدعوة الحاكم؟
هناك جبل من عدم الثقة يميز العلاقة بين الطبقة الحاكمة، بمن فيهم من يطرح نفسه ممثلا للسنة، وبين المحافظات التي ما تزال تدفع الكواكب من الضحايا تلو الضحايا، ثم يراد منها مرة أخرى أن تدفع المزيد من الدماء في معركة ليست معركتها ولا تخصها لا من قريب ولا من بعيد، بل هي معركة الولايات المتحدة ضد ما تسميه بالإرهاب الذي بات يشكل خطرا على أمنها القومي، في حين أن الولايات المتحدة التي كرست العملية السياسية القائمة في العراقي وثبتت نوري المالكي على كرسي القيادة في العراق لثماني سنين في أعلى درجات المرارة، لم ترفع صوتها ولو على استحياء في شجب وإدانة جرائم القتل والتهجير على الهوية التي تعرض لها سنة العراق، مما يمكن اعتباره جرائم حرب مكتملة الأركان، ولم تفعل الإدارة الأمريكية لا في الولاية الأولى للرئيس باراك حسين أوباما، ولا في ولايته الثانية شيئا لوقف المالكي عند حد القمع الذي وصل إليه بجدارة وبقوة الإسناد الأمريكي الإيراني المشترك، وقد تأكد خطل من راهن على التصريحات التي صدرت من مسؤولين حاليين وسابقين في واشنطن من أنه لا ينبغي للولايات المتحدة أن تتحول إلى قوة جوية لصالح فريق عراقي على حساب فريق، فقد بدأت الطائرات الأمريكية بتقديم الدعم المباشر مما تم تفسيره على أنه محاولة لدعم بقاء المالكي في ولاية ثالثة لولا تدافع الأحداث على خلاف كل التوقعات.
وكان الموقف الأمريكي في غاية القلق والتردد والترقب، لولا وقوع أحداث التاسع من حزيران الماضي والتي قلبت المعادلات والموازنات المحلية والإقليمية والدولية، فواشنطن التي كانت تحسب ثقل النفوذ الإيراني في العراق بعناية شديدة، ما كانت ترغب بتسخين النزاع مع طهران في وقت بدأ التفاهم الغربي مع إيران بشأن البرنامج النووي الإيراني في أحسن أحواله، ولكن سقوط نحو نصف مساحة العراق تحت قبضة تنظيم الدولة الإسلامية جاء بمثابة ضربة مطرقة حديدية على رأس الرئيس أوباما المتردد دفعه رويدا رويدا نحو تورط بصورة ما في المشهد العراقي، ليس دفاعا عن السنة أو محاولة لوقف عمليات التطهير التي يتعرضون لها في مدنهم ومحافظاتهم ووظائفهم، وإنما دفاعا عن حليف جديد برز على الساحة ليختزل أدوار حلفاء الأمس في المنطقة، فأمريكا لم تتحرك عندما أطبقت الدولة الإسلامية على الموصل أو تكريت وأجزاء واسعة من المحافظات الست المنتفضة، وإنما تحركت بثقل استثنائي عندما اقتربت قوات الدولة الإسلامية من أربيل من دون أن تشكل خطرا عليها، بل اقتصر حراكها العسكري على سهل نينوى وغيرها من المدن الواقعة خارج الخط الأزرق، وهذه المناطق لم تكن في أي يوم من الأيام جزءً من كردستان الطبيعية.
وفي الوقت الذي كانت جرائم المليشيات الطائفية المرتبطة بإيران وبحكومة المالكي التي تمارس القتل على الهوية تملأ الآفاق، وفي الوقت الذي كانت قوات الحكومة ترتكب جرائم قتل المعتقلين أثناء نقلهم إلى معسكرات اعتقال أخرى، ضمن خطة معدة مسبقا لتصفيتهم، وفي الوقت الذي تم فيه كشف جرائم قوات حكومة المالكي وبأوامر منهجية منه في تعذيب السجناء وعمليات الاغتصاب الجنسي غير المسبوقة والتي تمارس مع الرجال والنساء على حد سواء، كانت الإدارات الأمريكية تحتضن حكومة المالكي وتقدم لها الدعم العسكري والتأييد السياسي في المحافل الدولية وفي اجتماعات المنظمات الحقوقية والإنسانية، لأن واشنطن كانت ترى في أية إدانة للحكومات التي تعاقبت على السلطة في عراق الاحتلال الأمريكي، طعنا بسمعة أمريكا نفسها لأنها هي التي جاءت بهذه الوجوه القبيحة إلى الحكم، الذي تحول إلى أسوأ نظم التمييز العنصري على أسس طائفية وعرقية.

الولايات المتحدة المعنية أولا وأخيرا بأمنها القومي، تريد مرتزقة يقاتلون نيابة عنها حتى من دون أن تتحمل تكاليف الحرب الجديدة، والولايات المتحدة التي أدخلت العراق في هذا النفق المظلم، وتريد أن تستدرج دولا عربية أخرى إلى صفها في حرب مفتوحة من حيث الزمان والمكان، لم تتوصل إلى حقيقة أن الظلم والتمييز والتهميش الذي تعرض له السنة في العراق، هو الذي أوجد حاضنة لكل الأصوات العالية المطالبة برفع الظلم وأوجد البيئة المساعدة على نمو التيارات المتطرفة، وأمريكا واهمة تماما إن ظنت أنها قادرة على كسب الحرب لمجرد تحشيد تحالف دولي من أربعين دولة أو أكثر من ذلك، لأن الطرف الذي سيتعرض لمزيد من الظلم سيتحرك دفاعا عن وجوده ومصيره، وتجربة أمريكا نفسها في العراق وقبل ذلك في فيتنام يجب أن تزودها بالخبرة الكافية واللازمة بما يحول بينها وبين التورط في مأزق قد يستمر لنصف قرن على الأقل لأن العدو الذي تريد شن الحرب عليه مباشرة أو بالنيابة، عدو من طراز لم يسبق لأمريكا أن تعاملت معه بصورة جدية.

هناك تعليق واحد:

Ishtar Babel يقول...

فعلا وكما يقال بالعامية( الطرق يفك اللحيم)..
زيادة العنف والحشد ضد السنة سيخلق اكثر تطرفا وعنفا سياسيا

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..