انتشر على موقع الفيس بوك وعدد كبير جداً من المواقع الاخبارية والاجتماعية والمنتديات، خلال الأسابيع الماضية، نبأ يقول ان "العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز عرض على مؤسس موقع الفيس بوك، زوكير بيرغ، شراء الموقع".
ويفصِّل الخبر في عرض تفاصيل هذه الصفقة المذهلة، فيقول أنّ "الملك عبد الله عرض مبلغ 150 مليار دولار لشراء موقع فيس بوك، و أنّه "يريد شراء الموقع من أجل إغلاقه بعد مساهمته الكبيرة في إشعال عدد من الثّورات في دول عربيّة".
ونقلت تلك المواقع الخبر عن موقع أمريكي شهير، هو: داون وايرز.
وسعى كثيرون الى تنظيم حملات مضادة للمسعى السعودي، حيث رفع بعضهم شعارات من قبيل "لا تبع فيس بوك يا زوكير بيرغ .. الحريّة ليست للبيع" و "يجب علينا الآن أن نهاجر إلى موقع آخر" و "سيتحوّل الفيس بوك إلى موقع إسلامي" وغيرها من الشعارات الرنانة.
لا بل ان البعض غالى في ترويج الخبر، زاعماً ان زوكير بيرغ ينوي بيع الفيس بوك، لينشئ موقعاً اخر لينافس بذلك الفيس بوك السعودي.
وقد سقط الملايين من رواد الموقع الشهير، والانترنت عموما ضحية هذا الخبر الهزلي، الذي نشره الموقع الأمريكي الشهير.
ولم تنطلِ الخدعة على رواد مواقع التواصل الاجتماعي والشبكة الدولية من عوام القراء، أو كتاب المدونات فحسب، بل انطلت ايضا، على عدد من المواقع الاخبارية ايضا.
ولم يكلِّف متداولو الخبر أنفسهم عناء التوجه لزيارة الموقع الامريكي الذي ابتدع الخبر، وقراءة السطرين الأخيرين في المقال، واللتين تُفيدان بأنّه "تمت كتابة هذا المقال من أجل إضحاك زوّار الموقع".
وبالطبع فقد ساهم في انتشار هذه الخدعة، إحجام الرياض عن التعاطي مع الخبر، نفياً، بالطبع، حيث فضَّلت، لأسباب غير مرئية، تجاهله تماماً.
سقت هذه القصة لأضرب مثلاً واحداً فقط على الترويج الاعلامي الزائف، وطريقة نشر الإشاعات.
وأذكر اننا، كنا ندرس في مرحلة الماجستير، مادة عن الترويج الاعلامي، وسعى استاذ المادة الى ضرب مثل واقعي على ذلك، فطلب من 10 من الحاضرين مغادرة القاعة، وروى للمتبقين خبراً يحتوي على جميع عناصر الخبر الصحفي التقليدي المعروفة من زمان ومكان وتفاصيل وأرقام.
وطلب من أحد الطلاب العشرة دخول القاعة، بينما طلب من أحد الذين بقوا في داخلها رواية الخبر الى القادم الجديد، ونحن شهود، ففعل صاحبنا بقدر كبير من الدقة، ثم طلب من طالب ثاني الدخول، بينما طلب من الاول رواية الخبر لصاحبه، وفعل بدقة أقل، واستمرت القصة على هذا المنوال، لنشهد نحن الطلبة المتبقين، كيفية تحول الخبر، الى قصة أخرى لا علاقة لها بالخبر الاول، علماً ان من قاموا بنقل الخبر، طلاب في مرحلة الماجستير، وبعضهم يمارس عملاً اعلامياً او سياسياً، او غيره، ويعرفون ان الغرض من هذه التجربة العملية هو بيان التحريف في نقل الأخبار والمعلومات.
والان نتساءل: ماهو مقدار الاخبار الكاذبة في هذا الفضاء الاعلامي الهائل الذي يحيط بنا، مع وجود أكثر من 8 مليارات صفحة على شبكة الانترنت، بحسب تقديرات موقع غوغل؟
ومن هنا تأتي أهمية تحري الدقة في نقل الروايات والأخبار، وتحليل المعلومات، وصولا الى صورة أقرب الى الحقيقة، في أقل تقدير، وهي مهمة نسعى اليها، كما يحرص عليها كل الحرص، غار عشتار، الذي يرفع شعاره الشهير "احتلال الأرض يبدأ من احتلال العقل، واحتلال العقلل يبدأ من احتلال اللغة".
هناك 4 تعليقات:
مقال يستحق النشر فعلا - تحليل موفق
المرابط العراقي
ومن سيشتري تويتر وغيره من المواقع الاجتماعية. أعتقد أن غلق الموقع سيؤدي إلى نتائج عكسية تماما.
يبدو ان السيد ابو شيماء لم ينتبه الى مغزى نشر الموضوع، وسقط في نفس الفخ، وهو التضليل الاعلامي، وقراءة جزء من الخبر دون الاسترسال مع السطور التالية.
فالملك عبدالله ياسيدي لا ينوي شراء الموقع، حيث الخبر كاذب اصلا، ولكنه لقي حيزا كبيرا من الانتشار.
والمغزى من نشر هذا الموضوع هو فضح طرق التضليل الاعلامي الذي يسقط البعض في حبائلها، ويبدو انك بحاجة الى اعادة قراءة الموضوع حتى النهاية.
مع خالص التقدير.
استاذنا العزيز مصطفى كامل. التحية و السلام ، المقال كالعادة رائع و يحمل فكرة هامة تضعنا على المسافة الفاصلة بين حكمتين الاولى تقول الجواب باين من عنوانه و الثانية تقول الشيطان في التفاصيل. علمتنا التجربة و الحياة أن الوصول للحقيقة يحتاج كلا المعلومة و التحليل. لو قدر و أفترضنا أن حاكماً فكر في شراء أي موقع من مواقع التواصل الاجتماعي أو محركات البحث الشهيرة فلا أظنه سيسعى لغلق الموقع لأنه سيستفيد من تشيغله و إدارته بأكثر من غلقه فبالاضافة للاعلانات و أعمال الدعاية و نشر مواضيع مدفوعة الاجر تعتبر هذه المواقع كنز للمعلومات الإستخبارية لا مثيل له و وسيلة لجمع المعلومات لذلك أستطيع أن أطمئن الاخوان أن لن يكون هناك من سيسعى لغلق هذه المواقع في حال تم بيعها و شرائها. ربما يكون وراء إنتشار الخبر هدف مقصود ضد السعودية أو ضد المسلمين بشكل عام و ليس مجرد الدعابة التي كانت المحرك في البداية فقط. حبي و تقديري و إعتزازي للجميع
إرسال تعليق