موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الخميس، 23 يونيو 2011

أم القرى...

يعرف الجميع ان (أم القرى) لفظة يقصد بها مكة المكرمة، وقد وردت في القرآن الكريم مرتين، الأولى في سورة الأنعام الآية 92، والثانية في سورة الشورى الآية 7.
ولكن العقل الفارسي تفتق عن (أم قرى) أخرى، جديدة، لم يعرف لها التاريخ مثيلاً من قبل.
تعالوا نتعرف على (أم القرى) الفارسية.

(أم القرى) الفارسية، نظرية جديدة ابتدعها سياسي وفيزيائي ايراني، مهم وخطير للغاية، ربما لا ينتبه اليه كثيرون، انه محمد جواد لاريجاني، شقيق رئيس البرلمان الايراني، علي أردشير لاريجاني.
ومحمد جواد لاريجاني هو أحد أبرز خبراء إيران في مجال الفيزياء، وهو رئيس مؤسسة دراسات العلوم. تولى منصب مساعد وزير الخارجية لعدة سنين في عهد خميني، وأقيل من مهامه بعد دعوته إلى قيام علاقات مع الولايات المتحدة.
وخلافاً لشقيقه الأصغر علي لاريجاني، رئيس البرلمان الإيراني حالياً، فإن جواد لاريجاني، الذي يحمل شهادة الدكتوراة في الفيزياء من إحدى الجامعات الأمريكية المعروفة، معجب بالمجتمع الأمريكي وثقافته، ويجيد اللغة الإنجليزية على نحو ممتاز.
وحين ظهرت مشكلة في إعلان رئاسته الوفد الإيراني في مباحثات بغداد مع الولايات المتحدة حول الأمن في العراق عام 2005 ارتبكت القيادة الإيرانية لأيام عدة، إذ إن قيادة الحرس الثوري، المعنية بشأن العراق، كانت تعتبر إيفاد رجل مثل محمد جواد لاريجاني، المعروف بتوجهاته الليبرالية، وعلاقاته الوثيقة مع الأوساط الإعلامية والجامعية ومراكز الأبحاث المتخصصة بشؤون الشرق الأوسط في الولايات المتحدة ، سوف يحرج القيادة الإيرانية لعدة أسباب، وقد يشكل تفاوض لاريجاني مع الأمريكيين علناً،  خطراً على مصالح قيادة الحرس الثوري، ودعماً غير مباشر للأطراف الإصلاحية والليبرالية الإيرانية الداعية إلى المصالحة مع الولايات المتحدة، وسيفضح السياسة الإيرانية التي تقيم أصلا علاقات سرية مع الولايات المتحدة، مما أدى إلى اتخاذ المرشد علي خامنئي، بعد اجتماع مع أحمدي نجاد، قراراً برفض إيفاد محمد جواد لاريجاني للتفاوض، لما ينطوي عليه ذلك من مخاطر . 

تتسم شخصية محمد جواد لاريجاني بمزجها بين الجوانب الثقافية القومية والمذهبية والبراغماتية السياسية، وربما كان مرد ذلك الخلفية العائلية والعلمية والتربوية له .
ورغم طغيان جانب الخبرة السياسية على شخصية لاريجاني لم تخل حياته في الجانب الثقافي من الإثارة والجذب، فبالإضافة إلى أنه واحد من مثقفي إيران البارزين، كان له من الأطروحات الثقافية ما أثار الكثير من الجدل والإشكاليات والاجتهادات السياسية والمذهبية داخل إيران خاصة، نذكر منها أطروحته الموسومة بنظرية "أم القرى" وهي محاولة لبناء نظرية مذهبية وفق رؤية صفوية خالصة تسهم في صياغة العلاقات المتبادلة بين إيران والعالم العربي خصوصاً والإسلامي عموماً، مفترضا أن إيران مركز العالم الإسلامي سياسياً ومذهبياً، إذ يملك هذا المركز مقاليد الوصاية والقيادة لمسلمي العالم جميعهم . 
وقد أطّر لاريجاني نظريته لتكون القاعدة التي يوفر لها المذهب الشيعي غطاءً دينياً وشرعياً، بما يجعل منها النظرية الموجِّهة لإيران وسلوكها الخارجي في العالم الإسلامي المحيط بها، على اعتبار أن الأقطار العربية ستصبح بمثابة المقاطعات التي ستدين للولي الفقيه "ولي أمر المسلمين" القاطن في طهران، بالسمع والطاعة .

وحيث تصدر بين الحين والآخر كتابات تستغرب المواقف السلبية التي تنتهجها إيران إزاء قضايا العالم الاسلامي، وخاصة في أفغانستان والعراق، حيث تعاونت إيران مع الولايات المتحدة وسهّلت لها احتلال هذين البلدين.
لكن الحيرة سرعان ما تزول عند مطالعة النظريات الإيرانية، التي تقدم تصورات لدور إيران ومكانتها، وضرورة قيادتها للعالم الإسلامي دون غيرها من الدول، باعتبارها دولة الإسلام الصحيح وولاية الفقيه.
وتعتبر "نظرية أم القرى" إحدى النظريات التي تحكم مسار السياسة الخارجية لإيران، وتفسر بما لا يدع مجالا للشك، مواقف إيران السلبية تجاه العالم الإسلامي .
و"نظرية أم القرى" صاغها وأطّر لها محمد جواد لاريجاني، وقدّمها إلى القارئ العربي: د.لبيب المنور، في الكتاب الصادر في العام 2008، عن مركز الدراسات العلمية في مكة المكرمة



ولبيان حقيقة لاريجاني وأهم ما تضمنته "نظرية أم القرى" بحسب ما أطّره مخترعها، اضغط هنا.
أو في حال عدم ظهور الصفحة، إقرأ النص هنا:
إيران أم القرى كما صاغها محمد جواد لاريجاني في كتابه “مقولات في الاستراتيجية الوطنية”
تمهيد:
تصدر بين الحين والآخر كتابات تستغرب المواقف السلبية التي تنتهجها إيران إزاء قضايا المسلمين وخاصة في أفغانستان والعراق، حيث تعاونت إيران مع الولايات المتحدة وسهّلت لها احتلال هذين البلدين.
لكن الحيرة سرعان ما تزول عند مطالعة النظريات الإيرانية، المستمدة من المذهب الشيعي، والتي تقدم تصورات لدور إيران ومكانتها، وضرورة قيادتها للعالم الإسلامي دون غيرها من الدول، باعتبارها دولة الإسلام الصحيح وولاية الفقيه.
وتعتبر “نظرية أم القرى” إحدى النظريات التي تحكم مسار السياسة الخارجية لإيران، وتفسر بما لا يدع مجالا للشك، مواقف إيران السلبية تجاه العالم الإسلامي (السني) وليس آخرها خذلان المسلمين في غزة.
و”نظرية أم القرى الشيعية” صاغها وأطّر لها محمد جواد لاريجاني، وقدّمها إلى القارئ العربي: د.لبيب المنور، في الكتاب الصادر مؤخرا (1429 هـ / 2008 م) عن مركز الدراسات العلمية في مكة المكرمة. 
وقد قدمنا ملخص للنظرية من مواضع عديدة من الكتاب، مع حذف معظم الهوامش التي أضافها المحقق، بغية الاختصار، وثمة ما يشار إليه، وهو أن مبادرة مركز الدراسات العلمية بقراءة الفكر السياسي الإيراني المعاصر، وتقديمه للقارئ العربيتعد خطوة رائدة، ، في وقت تزداد الحاجة فيه لمعرفة هذا الفكر، لتجلية الكثير من الغموض والارتياب لكن تحتاج لمزيد من الجهد في دقة الترجمة والتعليق. 
وتعد نظرية أم القري إحدى النظريات التي طرحت لتشكيل سياسة إيران الخارجية كما سيتضح لاحقا من خلال تعليقات المترجم. 
كما تكشف هذه النظرية عن عدم اعتراف إيــران بسائر الدول العربية والإسلامية، وســعيها للإستيلاء علــيها باسم وحدة العالم الإسلامي. الراصد

تعريف بالمؤلف:
محمد لاريجاني هو أحد أبرز خبراء إيران في مجال الفيزياء، وهو رئيس مؤسسة دراسات العلوم. تولى منصب مساعد وزير الخارجية لعدة سنين في عهد الخميني، وقد أقيل من مهامه بعد دعوته إلى قيام علاقات مع الولايات المتحدة، وخلافاً لشقيقه الأصغر علي لاريجاني – رئيس البرلمان الإيراني حالياً – فإن جواد لاريجاني ـ الذي يحمل شهادة الدكتوراة في الفيزياء من إحدى الجامعات الأمريكية المعروفة ـ معجب بالمجتمع الأمريكي وثقافته، ويجيد اللغة الإنجليزية بدرجة ممتازة، وحين ظهرت مشكلة في وضوح رئاسته الوفد الإيراني في مباحثات بغداد مع الولايات المتحدة الأمريكية حول الأمن في العراق عام 2005 ارتبكت القيادة الإيرانية لأيام عدة؛ إذ إن قيادة الحرس الثوري المعنية بشأن العراق كانت تعتبر إيفاد رجل مثل محمد جواد لاريجاني ـ المعروف بتوجهاته الليبرالية، وعلاقاته الوثيقة مع الأوساط الإعلامية والجامعية ومراكز الأبحاث المتخصصة بشؤون الشرق الأوسط في الولايات المتحدة ـ سوف يحرج القيادة الإيرانية لعدة أسباب؛ إذ لا يخفي لاريجاني إعجابه الشديد بالمجتمع الأمريكي؛ فالتفاوض مع الأمريكيين علناً سوف يُشكل خطراً على مصالحها، ودعماً غير مباشر للأطراف الإصلاحية والليبرالية الداعية إلى المصالحة مع الولايات المتحدة، وسوف يفضح السياسة الإيرانية التي تقيم أصلا علاقات سرية مع الولايات المتحدة من خلال المفاوضات العلنية التي سيقودها لاريجاني علناً، مما أدى إلى اتخاذ المرشد علي خامنئي ـ بعد اجتماع مع أحمدي نجاد ـ قراراً برفض إيفاد محمد جواد لاريجاني للتفاوض ؛ لما ينطوي عليه ذلك من مخاطر . 
تتسم شخصية محمد جواد لاريجاني بمزجها بين الجوانب الثقافية القومية والمذهبية الشيعية والبراغماتية السياسية وربما كان مرد ذلك الخلفية العائلية والعلمية والتربوية له .
ورغم طغيان جانب الخبرة السياسية على شخصية لاريجاني لم تخل حياته في الجانب الثقافي من الإثارة والجذب؛ فبالإضافة إلى أنه واحد من مثقفي إيران البارزين، كان له من الأطروحات الثقافية ما أثار الكثير من الجدل والإشكاليات والاجتهادات السياسية والمذهبية داخل إيران خاصة، نذكر منها أطروحته الموسومة بنظرية “أم القرى“، وهي محاولة لبناء نظرية مذهبية وفق رؤية شيعية خالصة تسهم في صياغة العلاقات المتبادلة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والعالم العربي خصوصاً والإسلامي عموماً، مفترضا أن إيران مركز العالم الإسلامي سياسياً ومذهبياً؛ إذ يملك هذا المركز مقاليد الوصاية والقيادة لمسلمي العالم جميعهم . 
وقد أطّر لاريجاني نظريته لتكون القاعدة التي يوفر لها المذهب الشيعي غطاءً دينيا وشرعيا، مما يجعل منها النظرية الموجهة لإيران وسلوكها الخارجي في العالم الإسلامي المحيط بها، على اعتبار أن دول العالم العربي ستصبح بمثابة المقاطعات التي ستدين لولي الفقيه الشيعي “ولي أمر المسلمين” القاطن في طهران بالسمع والطاعة . 
وفيما يخص لاريجاني يهمنا أن نذكر بعض مواقعه المؤثرة التي شغلها ـ سابقاً ـ في وزارة الخارجية الإيرانية أثناء سنوات الحرب العراقية الإيرانية، في الفترة التي سبقت موافقة إيران على القرار رقم (598) الذي كان له دور مهم في دفع رفسنجاني لقبوله، حيث أٌوقف بموجبه إطلاق النار بين العراق وإيران، مما أدى إلى عدّ لاريجاني رجل الظل الذي كان يقود الفريق الخاص الذي اعتمد عليه الرئيس هاشمي رفسنجاني بعد الحرب في بناء سياسته في الحقلين الاقتصادي والسياسي . 
شغل لاريجاني ـ بالإضافة إلى ذالك ـ عددا من المواقع المُهمة؛ فقد كان عضوا ومستشارا في مجلس الأمن القومي الإيراني، ليصبح أحد أهم العقول التي صاغت السياسة الخارجية التي تعتمدها الجمهورية الإسلامية اليوم، والتي أثرت في توجهها وبلورة رؤيتها الإستراتيجية تجاه المنطقة والعالم. كما شغل عدة مناصب أخرى لا تقل أهمية عما سبق ؛ كموقعه في مجلس الشورى الإسلامي إذ كان نائبا عن العاصمةطهران، ومديرا لمركز الدراسات الإستراتيجية التابع لمجلس الشورى، الذي كان يقترح لأعضائه السياسات والتصورات الإستراتيجية على صعيد السياسة الخارجية . 
لقيت تحليلات لاريجاني خارج إيران المزيد من الاهتمام في المحافل ومراكز الأبحاث وصناعة القرار الغربية؛ لكونها تسهم في صياغة السياسة الخارجية الإيرانية في كثير من الأحيان، إذ إن لاريجاني لم يخرج من دائرة الفعل السياسي، وفي كثير من الأحيان يتم تبادل اسمه لشغل موقع وزير الخارجية، أو حتى تكليفه بإدارة الملف النووي، لكن شغل أخيه علي لاريجاني لهذا المنصب ومناصب أخرى أدى إلى استبعاده مرة أخرى .

وفيما يلي بيان بأهم ما تضمنته “نظرية أم القرى الشيعية” بحسب ما أطّره لاريجاني: 
السياسة والمسؤولية الشرعية (ص 30-40)
لقد كان لسماحة الإمام الخميني ـ قدس سره الشريف ـ أيضاً تأملات كثيرة في موضوع الحكومة وفي أمر (الواجب) و(العمل الفردي)، إذ يلحظ في آراء سماحته أسلوب خاص في التلفيق بين هذين الأمرين؛ فهو من ناحية يعتبر أن (القيام بالواجب) توفيق أساسي وفوز عظيم، بعد ذالك يجد من قاعدة المشرع المقدس أن تأسيس الحكومة الصالحة ومن ثم المحافظة عليها ورعايتها تعد من أعلى الواجبات؛ لهذا يمكن القول إن العقيدة السياسية لهذا العظيم ـ بعيدا عن خطر الاضطراب والسقوط في ورطة المصالح السياسية ـ ممكنة فقط عن طريق إدخال عنصر الشرع .
ربما يكون توجه سماحته إلى الحكم المتعالي هو مصدر هذا الأمر، لأن الحكماء بعد صدر المتألهين قد سعوا لأن يثبتوا فكرهم من خلال ثلاثة أركان: يتمثل ركن منها في عقيدة أرسطو، وإذا كان التصوف محضاً فإن سقراط أكثر جاذبية بوصفه ركنا، وفي الوسط فإن القرآن يمكن أن يفتح الطريق لكلا الاثنين . 
لهذا فإننا إذا كنا متشددين في الاستيعاب الفلسفي ربما لن نستطيع أن ننسب بحث السياسة المحض إلى أصحاب الحكمة المتعالية، لكن هذا الأمر لا يقلل بأي حال من الأحوال من قيمة العمل؛ لأن التصوف والاعتقادات الدينية لهذه المجموعة من الحكماء جميعها قائمة على البناء المعرفي. بالرغم من أن هذا النوع من المعرفة يتمايز مع المعرفة الفلسفية المحضة، إلا أنه يوجد على الدوام مكان لسؤال فلسفي مهم، وهو: هل يمكن تقديم نظرية فلسفية تتضمن تصورا منطقيا لهيكل الحكومة وجوهر (العمل السياسي) ؟ يجب القول إن الفلسفة السياسية المعاصرة تتمايز بهذا السؤال عن تجربتها .

ملاحظات :
(أ‌) الفكر السياسي القائم على الواجب (براكسيس) ليس أمراً مصلحيا بل يشمل كافة شؤون الحياة الفردية والاجتماعية للإنسان. بعبارة أخرى يغير الفرد السياسة من (مهنة) مختصة بساعات عمل إداري إلى فضاء للتنفيس الإنساني، أي الشخص بمهنته وتنزهه وزواجه وكل هذه الأمور و… تصبح جميعها سياسة. وإذا كان هذا الواجب ينبع من مصدر (الشرع) (الإسلام) ففي هذه الحالة يتحد الدين والسياسة . أنتم تلاحظون أن الدين في الواقع يضم كافة نواحي الحياة؛ أي الجو الكامل (الروح) (الإنسانية)، وإذا لم تكن السياسة الإسلامية قائمة على (الواجب) فلن تعد السياسة والديانة متحدتين .

(ب‌) ورد في الأخبار عن الأئمة المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين) إشارات كثيرة تؤيد بنحو ما هذا الاعتقاد؛ مثلا في رسالة إلى حضرة الرضا ـ عليه السلام ـ فإنه يعتبر الولاية ركنا، ودون هذا الركن تعد الزكاة والصلاة والصيام … غير تامة. أو في حديث آخر عن الإمام الباقر (ع) فهو يضع للإسلام قاعدة (أو في رواية أخرى خمس قواعد)، والولاية تسمو عليها جميعها، على نحو يبدو الإسلام دونها غير تام .
(ج) لا يمكن لأي مسلم أو حكومة إسلامية أن تكون معارضة لعالم البحث والفرض، ولكن النقطة الأساسية تكمن في أن أهم واجب شرعي لنا هو بذل الجهد لتثبيت الحكومة الإسلامية ومن ثم المحافظة عليها. وهذا الفكر من الناحية العملية يمكن أن يكون (مكلفا جداً)، فمثلا إذا قامت حكومة فاسدة في بلاد المسلمين فمن الواجب بذل الجهد من أجل القضاء على هذه الحكومة . 
يمكن للإنسان بسهولة أن يؤدي العبادات من الفروض، وحتى المستحبات، أن يصلي قيام الليل، أن يعتكف، أن يؤدي مناسك الحج كل عام، وأن يقيم مجالس عزاء سيد الشهداء، و… لكنه لا يسعى إلى استقرار حكومة الحق. الحكومة الجائزة لا تتدخل في عبادات الإنسان ما دام لا يشكل خطرا على الحكومة، وبمحض أنه وضع رجله في هذا الوادي يتعرض للسجن، ويتعرض للتعذيب وللإعدام والإبعاد من البلد، و…! إذن الاختلاف بين العقيدتين كبير جداً، ويظهر في كل عمله .

(د) يعتبر سماحة الإمام المحافظة على النظام الشرعي بعد استقراره من أهم الواجبات، وهذا من الأصول التي تشتمل عليها النتائج. ويمكن أن تبنى هذه القضية على أساس قوي، وقد أسميتها قبل عدة سنوات بـ (نظرية أم القرى)، وسأبحث فيها في المكان المخصص لها بالتفصيل .
لب الموضوع في نظرية “أم القرى” أنه إذا أصبحت دولة من بين البلاد الإسلامية أم القرى، دار الإسلام على نحو تعد فيه هزيمتها أو انتصارها هزيمة أو انتصارا للإسلام كله، فإن الحفاظ عليها يأخذ أولوية على أي أمر أخر، حتى إنه في حال الضرورة يمكن تعطيل الأحكام الأولية، وقس على هذا . 
ومما لا شك فيه أن الحفاظ هنا يقصد به المعنى الكامل للكلمة، إذ لا يقتصر على الحفاظ على حيز الدولة الجغرافي، بل يتعدى ذلك إلى النظام الحكومي الكامل الذي يشمل على السيادة والنظام الحكومي الخاص، ولهذا السبب أصبح هذا النظام أم القرى . 
حقيقة الأمر أن الحكومة مثل الإنسان لديها أساس خارجي، ومادي، وجوهر معنوي. والحفاظ على النظام يعني الحفاظ على كلا الاثنين، وليس فقط السيادة والعرق والجنسية واللغة وأمثالها.
وهذا الأساس ـ نظرية أم القرى ـ مؤثر في الكثير من الأمور الهامة والحساسة، ويمكن للسياسي أن يشخص خطوته الأخرى ويخطوها. وبالطبع عندما طرحت هذا الرأي في ذلك الوقت، قام البعض بهجوم شديد عليه، واعتبروه معادلاًً للبراغماتية الكاملة في العمل السياسي. هم يقولون: يجب على المسلم أن يكون شجاعا وحرا، ولسانه مثل سيفه، يسعى في طريق الحق، ويجب أن يكون شمسا على الظلم وفقدان العدالة، ومدافعا عن المظلوم. والحكومة الإسلامية يجب أن تقوم بهذا الشيء نفسه، لكنها أسرع في المقياس . 
لماذا تقومون (بالمحاسبة) هذا الأمر يجركم إلى التردد على سلاطين الجور والكفر، ويوقعكم في (الفكر بالمصلحة)، وأخيراً في غور البراغماتية! الأصل الصرخة لأجل الحق والدفاع عنه. 
نقول في الجواب عن ذلك: (الدفاع عن الحق) هو هدف فقط، لكن أي دفاع أفضل من المحافظة على قاعدة الحق؟ نحن نقبل بكافة المواضيع التي قالها المسلم حول الغليان الثوري، لكن هذا الغليان لا يمكن أن يكون أصيلا في نفسه؛ أي إنه لهدف وهو الدفاع عن الحق. صحيح أنه في بعض الوقت من أجل المحافظة على أم القرى يجب أن يكون هناك تصرف معتدل مع بعض الدول على الرغم من فسادها وجورها، لكن من أجل المحافظة على أم القرى يمكن شرب كأس السم ؟ 
خلاصة القول أن أم القرى ما دامت في هذا الشأن فإن المحافظة عليها هي أولوية على كافة الأمور. طبعاً (شأن أم القرى) يستدعي لوازم وضرورات لا نغفل عنها .
بعبارة أخرى: الدعايات، وإصدار البيانات وإذاعتها من وسائل الإعلام لا يمكن أن تكون وحدها مظهرا للحكومة. بالطبع إن ذلك عمل الحكومة. من واجبنا أن نشكل الحكومة الإسلامية، ومن واجبنا أيضاً بذل الجهود من أجل تحقيق كافة الشؤون اللازمة وتهيئة كل المستلزمات؛ لهذا فإن حركات الحكومة لا يمكن أن تبرر فقط من معيار (اتخاذ القرار) و(الدعاية)، ويجب في جميع الاتجاهات ملاحظة حركات الدولة .

جدية أمر السياسة (ص 43)
اليوم، وبينما الثورة الإسلامية، أسقطت حكومة الجور والفساد في إيران، وحلت محلها الحكومة الإسلامية. وطبقاً لرؤية سماحة الإمام الخميني ـ قدس سره الشريف ـ فإن الواجب الرئيسي لكل فرد مسلم في الدرجة الأولى هو المحافظة على إيران الإسلامية، إيران التي هي دون أدنى شك أم القرى في العالم الإسلامي. لهذا لدينا سؤال أساسي أمام أنفسنا: كيف يجب إدارة إيران الإسلامية ؟

(ص 58)
كل سياسة (policy) خاصة تحتاج إلى طرح علمي لتحقيقها، وهذا الطرح نفسه يحتاج إلى فن، ويكمن هذا الفن في اختيار طريق صحيح ومناسب يصمم بنجاح من بين طرق متعددة، ومن ثم يتحقق بالاستخدام المناسب للقوى والإمكانيات . 
ويلزم هنا الذكاء والفطنة ! من الممكن أن يكون لدينا وزارة خارجية طويلة وعريضة ومئات الدبلوماسيين النشطين، لكن لا يملك أي منهم أن يكون مدبراً في العلاقات الخارجية للنظام . تعني (الحكومة) للبعض مجموعة من الأفراد بألقاب خاصة، فأنت مثلاً تضع مئتي شخص في مكان، وتعطي كل واحد منهم لقباً، أحدهم رئيس، وآخر وزير، وآخر مدير عام، وقس على هذا، وتقول إننا شكلنا حكومة !

هوية الاستراتيجية الوطنية (ص 67-79) 
من المهم جداً للسياسي أن يعرف أولاً ما يريده، وثانياً أن يقدر على الأمور التي يريدها ! السياسي الذي يريد أن يدير الدولة يواجه عدداً وافراً من القضايا المرتبطة المبهمة، وكل حزمة من القضايا مرتبطة بمصالح سياسية أو اقتصادية لمجموعة. إذن، من أين يجب أن يبدأ السياسي؟ ولأي من القضايا يعطي الأولوية ؟ ولأي حد يدفع ثمن كل قضية ؟ بعض السياسيين يتصرفون بشكل وكأنهم أول مراجعين؛ يقومون أولاً بطرح قضاياهم وتوضع في بداية جداول أعمالهم، ثم يتواصل هذا الأمر ما دام أنه لا يواجه بحواجز أو مجموعات منافسة . 
وهكذا يكون السياسي؛ فهو أولاً : بدلا من أن يقوم بتوجيه الأمور يسجن من قبل حركة الأعمال ويسير مرافقاً لها .
ثانياً: مثل هذا السياسي يقوم في بداية العمل بإرضاء الجميع! لكن مدة لا يرضى عنه الجميع ! لأنهم يرون منه ـ على الأقل ـ لمدة دورة واحدة تصرفات متلونة ومتذبذبة .
ثالثاً: أكبر ضرر وخسارة توجه للدولة من قبل السياسي أنه يباشر في حل قضاياه بدلا من حل قضايا الدولة، هذا إذا تفنن واستطاع أن يحلها !
(السياسي) ليس دلاّلا ولا (مهييء أعمال) . السياسي يعنى بتدبير أمور الدولة وإدارة الدولة بمعناها الإداري؛ لذلك يجب عليه أن يعلم بالدرجة الأولى الأمر أو الأمور المحورية بحكم كونه المصدر لقضايا الدولة، ومن ثم يسعى إلى حل الفروع بالرجوع إلى الأصول. 
ومن ناحية أخرى تستوجب الأعمال الرئيسية للدولة أن تتمركز الإمكانيات بنحو معين ولمدة طويلة نسبياً للقيام بالأمور الإدارية، وأن تتابع بشكل مستمر حتى يكون هناك احتمال لأن تصل إلى نتيجة. وإذا تقرر أن يكون العمل كل يوم بالوتيرة نفسها (للمجموعة النشطة)، فمن المؤكد أنه لن يستطيع القيام بعمل رئيس أو أساسي. (الإستراتيجية الوطنية) هي إطار يجب على رجل السياسة أن يستعين بها لتحديد أولوياته، وأن يقوم بتوجيه وتعبئة إمكانيات الدولة لتحقيق أهدافها .
(الإستراتيجية الوطنية) ليست برنامجاً خيالياً، بل يجب تصميمها مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع القائم، والذي هو نفسه حاصل نتاجات متنوعة، وأوضاع سابقة ومستقبلية، وهيكل القوة الكلية للنظام، وليست قوة السياسي! يوجد هنا نقطة دقيقة: إن السياسيين ـ في الغالب ـ يشتبهون في قوتهم مع قوة النظام: من الممكن أن يكون أمام السياسي مجموعات معارضة متعددة، بحيث تحول كل واحدة منها بينه وبين أن يقوم ببعض متطلباته، لكن (الإستراتيجية الوطنية) يجب أن تكون فوق (إستراتيجية السياسي)؛ ولهذا السبب هذه هي حالة (الوطنية) بشكل دقيق .
من الممكن أن يكون للسياسي دور أساسي في تحديد وتقديم الإستراتيجية الوطنية، لكن في أية حال يجب على الإستراتيجية الوطنية أن لا تتغير بقوة أو ضعف، أو ذهاب أو بقاء سياسي؛ ولهذا نحن نحتاج إلى آلية ميتافيزيقية لاتخاذ القرارات العادية في الهيكل التنفيذي للدولة من أجل (تحديد الإستراتيجية الوطنية) .
يجب أن يكون لدينا نظام خاص يحتوي على الهيكل القانوني اللازم بدقة .

الأهداف المصيرية للنظام
من أجل تدوين وتصميم الإستراتيجية الوطنية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في العقد الثاني من حياتها المليئة بالفخر والعزة أرى أن هناك ثلاث قواعد أساسية تمثل المصدر لجميع القضايا المتعلقة بإستراتيجيتنا الوطنية:
الأولى : موقع إيران في العالم الإسلامي (إيران أم القرى) .
الثانية : الأمن الإيراني (الدفاع المؤثر) .
الثالثة : تعمير إيران (التنمية) .
وكل ركن من الأركان الثلاثة المذكورة يحتاج إلى أبحاث دقيقة، سنشير ـ إن شاء الله ـ إلى بعض منها في هذا الفصل والفصول القادمة، لكننا سنكتفي هنا ببيان النقاط التالية:
النقطة الأولى: إلى أي حد يجب علينا تحديد نطاق اهتماماتنا فيما يتعلق بموقع إيران في العالم الإسلامي؟ هل تشمل إستراتيجيتنا الوطنية حدودنا الجغرافية فقط، أم أنها تتعدى ذلك؟ هناك فكرتان متباينتان في هذا الخصوص: إحداهما تدعو إلى أن تكون مسؤوليتنا ـ بصفتنا حكومة إيران ـ محدودة بها، وفيما يتعلق بما وراء الحدود فعلينا أن نقوم فقط بتبليغ الإسلام، طبعاً إلى الحد الذي لا يجري فيه الصدام مع القوانين الدولية؛ يجب علينا أن نعمل فقط على إعمار إيران وأن نقويها. هذا نفسه أفضل دعاية للإسلام والثورة الإسلامية .
يقول مؤيدو هذه المجموعة أنه بمجرد أن نقلنا نطاق عملنا إلى أبعد من الحدود يجب علينا أن ندفع الثمن، لماذا ؟
والرأي الثاني هو أن إيران الإسلامية ليست إحدى الدول الإسلامية فحسب، فهذا تجاهل للوضع التاريخي للشعب الإيراني، وفي الحقيقة هو تنازل (الإنسان) إلى (الإقليم الجغرافي). 
والواقع أن إيران هي (أم القرى/ دار الإسلام). انتصار أو هزيمة إيران هما انتصار وهزيمة الإسلام. ومن ناحية أخرى، إيران هي مهد الإسلام الحقيقي والخالص.
هل تجد في أي مكان من العالم الإسلامي نموذجاً قابلا للمقارنة بهذا النموذج؟ هل هناك حكومة في أي مكان من العالم الإسلامي همها الأساسي فيها هو (الإسلام) ؟
إننا نحمل رسالة دينية ومسؤولية إسلامية بأن نحافظ على إيران بصفتها أم القرى . لا أن نتنازل عن إيران لمنطقة جغرافية، وبعد ذلك نجتهد في المحافظة عليها. إذا كان هناك تكاليف مالية لأم القرى فليس هذا مهماً. فهذه التكاليف من مقولة الإسلام نفسه . أليس انتصارنا انتصارا للإسلام ؟ إذن لماذا يجب أن نتحدث أساسا في المصاريف ؟ لذلك يجب أن يطرح الدفاع عن العالم الإسلامي في إستراتيجيتنا الوطنية كركن أساسي، ويجب أن يكون مد نظرنا قيادة العالم الإسلامي .
إنني أعرف الرأي الثاني بشكل صحيح؛ ولذالك وضعته أحد أركان الإستراتيجية الوطنية. ومن البديهي أن يرافق هذا الركن أثناء العمل آثار كبيرة سواء في داخل إيران أو في خارجها .

النقطة الثانية : الحكومة ـ وكما أشير سابقاً ـ ليست فقط مجموعة من الأشخاص بألقاب خاصة، بل لها هوية عاملة (functional) . في تحليل هذه الجهة نصل إلى مفهوم (الأمن)، لكنه في الدرجة الأولى عمل الحكومة! جذور الأمن المحافظة على النظام، فالنظام مثل (جسد) له كرامة مادية وكرامة معنوية أيضاً .
تظهر الكرامة المادية للنظام في الأرض الجغرافية والعرق واللغة وأمثالها . أما الكرامة المعنوية للنظام فتظهر في الدستور، وفي ( الفكر الحاكم) . وأي تهديد لـ (النظام) يمكن في الحقيقة أن يكون تهديداً لكل واحدة من الكرامتين : أحياناً يقوم عدو بهجوم عسكري ويحتل أراضي الدولة، هذا تهديد للكرامة المادية للنظام .
لكن ـ أحياناً ـ لا يشاهد هجوم لعدو، ولا يتحدث أحد عن الحدود والثغور، لكن يجري التعرض إلى الكرامة المعنوية للنظام .
في كلتا الحالتين نقول إنه قد تم التعرض لـ (النظام) . المحافظة على (الأمن الوطني) أو (أمن الدولة) يعني أننا أولاً: أزلنا أي تهديد بالقوة على كينونة النظام، أو بدلناه بتهديد بالقوة .
ثانياً: أننا نقلنا التهديدات بالقوة أيضاً من المستقبل القريب إلى أوقات احتمالية بعيدة جداً . 
ثالثاً: لمواجهة التهديدات بالقوة (البعيدة) قمنا أيضاً بإعداد التحضيرات اللازمة. وفيما يتعلق بغير الأمن الداخلي، فإن السياسة الدفاعية والسياسة الخارجية التي تبعد الخطر الأساسي عن الأمن الوطني سيتم بحثها في فصول مستقلة إن شاء الله .

النقطة الثالثة : (التنمية الوطنية)، وخاصة التنمية الاقتصادية التي طرحتها الحكومة من جهتين: الأولى من جهة أن الأزمة الاقتصادية طوال التاريخ أصبحت منشأ التطورات الرئيسية للحكومات. قام أرسطو في كتاب السياسة من خلال عدة فصول ببحث (الثورات)، والأزمة الاقتصادية تعد من أحد العوامل الهامة لها. لكن يعتبر الباحثون في العلوم السياسية اليوم أن الأزمة الاقتصادية وحدها هي العامل الرئيسي في التطورات السياسية والحركات الاجتماعية. أما الماركسيون والرأسماليون فهم متوحدون في هذا الطريق.
من ناحية أخرى، يجب على (التنمية الوطنية) أن تهيئ الطريق لتحقيق الأهداف المثالية للنظام، أي بصرف النظر عن الأمن الوطني الذي يكمن في الأزمة الناشئة من مشاكل التنمية، يجب على النظام أن يستطيع التحرك نحو أهدافه المثالية .

نظرية أم القرى (ص 81-113)1- موضوع البحث :
عندما تقع مسؤولية إدارة دولة على عاتق شخص بصورة جدية، فإن أحد الأسئلة الأولى المطروحة هو: هل نطاق مسؤوليتنا محصور بالحدود الجغرافية لإيران، أم أنه يشمل العالم الإسلامي كله ؟ ([1]).
من الممكن في بداية هذا السؤال القبول برسالة (الوطنية) أو بردها، لكن الأمر ليس كذالك، والقضية هي الرأي في الوطنية .
ومن أجل التدقيق أكثر في المبحث في البداية نقوم ببحث (رسالة) في شأن الحكومة باسم (رسالة حكومة الإسلام العملية)، ومن خلال نقدها نصل إلى مذهب (الحكومة الإسلامية على أساس المسؤولية) ـ وهي نظرية أم القرى نفسها. نستطيع أن نوضح (رسالة حكومة الإسلام العملية) عن طريق الخصائص التالية :
(أ)- لقد تم تقسيم عالم اليوم إلى دول صغيرة وكبيرة، مع حدود جغرافية وحقوق وطنية خاصة. هذا التقسيم ليس له أي أساس عقلي، وليس عادلا، بل كان نتاج مسيرة تاريخية مليئة بالظلم والجور والافتراء وحشد الجيوش وتنفيذ المذابح ومختلف أشكال التآمر والتواطؤ . وقد عانى العالم الإسلامي من التمزق في هذه المسيرة، وحوصرت الشعوب الإسلامية في وسط هذه الحدود . أننا نقبل بالتقسيمات الحدودية مجبرين؛ لأن رفضها يعني أن حروبا واسعة ستقوم بين المسلمين والكفار، وأيضا بين المسلمين أنفسهم، ولن يكون لها آية فائدة أخرى سوى إزهاق الأرواح وإتلاف الإمكانات .
(ب)- إن القبول بالتقسيمات الحدودية للجغرافيا القائمة لها آثار داخلية وخارجية علينا، ولها اثر بالغ على عمل الحكومة .
وان أول واهم نتيجة لهذا القبول هو أن نطاق مشروعية حكم النظام يتحدد في الحدود الجغرافية . كما أن إمكانيات الدولة يجب أن تستخدم بشكل منحصر لمصالح شعب هذه الأرض ذات الحدود المعروفة. وان أي استخدام لها في خارج الحدود يجب أن تكون بصورة مباشرة لمصالح الموجودين داخل الحدود !
(ج)- من واجب الحكومة التنمية والأعمار والحركة نحو بناء مجتمع (صحيح) و (مثالي)، ويجب أن تنفق جميع الإمكانيات في هذا المجال . 
من الممكن أن يكون في جوارنا دول أخرى سكانها مسلمون ويعانون من فقر شديد، نحن شركاء في الإحساس بألم هذا الشعب، لكن لا يمكننا أن نعتبر فقر ذلك الشعب مثل فقرنا من ناحية صرف الإمكانيات لإزالة هذا الفقر . الأمور التي يمكن أن تساعد فيها الدولة يجب أن تكون بصورة مباشرة في جهة مصالح الدولة، أو يجب أن ترضى الأغلبية العظمى من الشعب !
(د)- هنا يبرز هذا السؤال، وهو انه بهذا الشكل ما هو وجه صفة (الإسلامي) للنظام ؟ يقول المؤيدون لهذه الرسالة : حكومتنا إسلامية بعدة أدلة هي :

أولا : انه يستطيع أن يكون لنا ولاية الفقيه، وان يكون على رأس الأمور ولي الفقيه .
ثانيا : نحن في دولتنا نجري كافة القوانين والأحكام الإسلامية، ابتداءً من القضاء وحتى الأمور الاقتصادية والاجتماعية وأمثالها .
ثالثاً : نحن في المحافل الدولية على الدوام سنكون المدافعين عن الإسلام والمسلمين . لكن في كيفية التنفيذ فان مصالح الجمهورية الإسلامية ستكون لها الأولوية . نحن لا نعتبر أنفسنا مسؤولين عن إزالة المشاكل السياسية الاقتصادية والاجتماعية لجميع المسلمين والعالم، بل أننا شقيق طيب القلب عطوف وحنون، نقوم قدر الإمكان بالمساعدة ! إننا نعتقد أن بناء وتعمير إيران يعتبر أفضل دعاية للإسلام؛ لذالك فإننا قد ركزنا همنا وجهدنا على هذه القضية .

2-مفهوم أم القرى ونقد البراغماتية :
لقد سعيت كل استطاعتي أن أبين منطق (حكومة الإسلام العملية) بشكل منصف، وأعتقد أنني قمت بإظهار بعض الأمور على أفضل مما هي؛ لأنني أظن أن الخصم غير السوي وسيء الحظ لا يملك لياقة الاصطدام !
النقطة الرئيسية والمحورية التي قد تم بيانها في نقد النظرة البراغماتية هي: ما هو واجبنا في العالم الإسلامي، وهل قبولنا بالحدود الجغرافية يمكن أن يكون له تأثير أم لا؟ إننا نسعى أن نبحث هذا الموضوع من مختلف الجوانب إن شاء الله تعالى .

(أ‌) أول شيء يجب الانتباه له هو إن (الإسلام) له امة واحدة . أي عندما نقول العالم الإسلامي فإننا نقصد جموع المسلمين، ولا نقصد أماكن إقامتهم، مثلما نقول عالم الأكراد، أو الأرمن، وغيره . بل إن العالم الإسلامي (امة) واحدة، و(الأمة) ناس لديهم انسجام وجهة وحركة، مع التوجيه نحو هدف واحد .
وفي الواقع فان لب الولاية (ولاية الفقيه) هذا هو ولا غير؛ حيث يوجد أسلوبان متقابلان (في زمن غيبة الإمام المعصوم) بصورة كاملة، وهما عبارة عن: (رأي أغلبية الشعب) ، و(الوصاية) ولي الشخص ينتخب ما بعده وينصبه . وفي الأسلوب الآخر: الأمة يجب أن تقدم رأيها، والأغلبية تدل على النتيجة النهائية . ويوجد لكلا الأسلوبين (في فترة الغيبة) إشكالات رئيسية، لكننا حاليا ليس لنا شأن بأسلوب اختيار الولي والحديث في أساس القضية: الولي له مسؤولية بالنسبة لكافة الأمة، وكذالك الأمة مجتمعة عليها واجبات تجاه الولي .

(ب‌) الآن نستطيع أن نبين مفهوم (أم القرى) بوضوح نسبي: دولة (أم القرى) تصبح العالم الإسلامي، والتي لها قيادة، وهي في الحقيقة تكون لائقة لقيادة كل الأمة) .
تلاحظون أنه من أجل إيجاد أم القرى فليس مطروحاً الموقع الاستراتيجي والسكان والجنس، وأمثال ذلك، بل المعيار هو في الولاية. بعبارة أخرى إذا ادعت دولة بأنها (أم القرى) فيجب عليها أن ترفع مستوى قادتها إلى أبعد من حدودها الجغرافية، وأن تجعلها منتخبة لكل الأمة ! كذالك تلاحظون أنه في هذا المفهوم الذي قدمناه لإيجاد أم القرى، هذه الصفة لا يمكن أن تكون (إرثاً) لأي قوم، بل انه من الممكن أن يكون قوم صاحب أم القرى (الإسلام) لمدة ما، وبعد مدة يسقط عنه هذا الموضوع .

(ج) بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران والقيادة الحقة للإمام الخميني ـ قدس سره الشريف ـ أصبحت إيران أم القرى دار الإسلام، وأصبح عليها واجب أن تقود العالم الإسلامي، وعلى الأمة واجب ولايتها، أي أن إيران أصبحت لها القيادة لكل الأمة . بناءً على ذالك فان الإمام ـ رحمه الله عليه ـ كان له مقامان في نفس الوقت: الأول مقام القيادة القانونية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي تم تعريفها طبقاً للدستور، وقد حددت واجباتاتها وصلاحياتها. والمقام الآخر ولاية العالم الإسلامي التي قد أقرها الواجب الشرعي، والآن نسأل: إن طبيعة هذين المقامين تقتضي نوعين مختلفين من العمل، فما الواجب عمله ؟ 
بعبارة أخرى انه إذا شوهد تعارض بين مصالح حكومة أم القرى وولاية العالم الإسلامي فمن الذي سيكون فداء للآخر؟ نظرية أم القرى قد عرضت في الواقع الجواب على هذا السؤال: (دائما مصالح الأمة لها الأولوية، أليس وجود أم القرى التي على جميع الأمة الحفاظ عليها ـ وليس فقط شعب أم القرى ـ واجبا ) .

(د) الأساس المذكور أعلاه يدل جيدا على علاقة النمو والتكامل بين أم القرى والعالم الإسلامي: إذا وقع هجوم على الإسلام من أي مكان في العالم أو جرى الاعتداء على حقوق المسلمين فان أم القرى ترعد وتزمجر وتنهض للدفاع، ومن المؤكد أن الحكومات الجائرة والكافرة لن تتحمل ذلك، وستتهيأ لإزالة هذه (الشعرة من الأنف)؛ لذالك تستهدف حياة النظام . 
في مثل هذا الوضع فان على كل الأمة الإسلامية واجب الدفاع، وليس فقط شعب أم القرى! ومن ناحية أخرى كلما أظهرت الأمة الإسلامية استعدادا أكثر للدفاع عن حياة أم القرى فان الحكومات ونماريد الكفر سيلتزمون ضبط النفس في الهجوم عليها، لأنها تحسب حسابا لأمة عظيمة (مليارات) وليس لعدة ملايين من السكان، وسيكون لأم القرى دور أكبر في الدفاع عن حقوق المسلمين .

2- خلاصة البحث :
(أ) ـ حسبما ذكرنا فإننا نستطيع أن نلخص نظرية أم القرى على النحو التالي :
(1) العالم الإسلامي امة واحدة .
(2) أساس وحدة الأمة (قيادتها) .
(3) قيادة العالم الإسلامي تقوم على أساس ولاية الفقيه :
أي أن الأقرب إلى نبي الإسلام الأكرم هو اقرب في العلم والتقوى و.. سيكون خليفة زمان النبي صلى الله عليه وسلم . وقد اعتبرت إيران نفسها حسب وجهة نظر الخميني نقطة البداية، وقاعدة الانطلاق نحو تحقيق الوحدة الإسلامية . 
(4) عندما تقوم حكومة في إحدى بلاد الإسلام ويكون لدى قيادتها الأهلية لقيادة الأمة ــ في هذه الحالة ــ تصبح أم القرى دار الإسلام .
(5) إذا قامت دولة أم القرى ففي هذه الحالة من واجب القيادة أن تلاحظ مصالح كل الأمة، ومن ناحية أخرى فان المحافظة على كل الأمة هو فريضة ولها أولوية على أي أمر آخر.

الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد الثورة سواء أكانت في زمن قيادة الإمام الخميني ـ قدس سره الشريف ـ الذي كان شمس البشرية أو في الوقت الحاضر الذي هو تحت ولي الأمر سماحة آية الله خامنئي ـ دامت بركاته الشريفة ـ هي بدون شك أم القرى دار الإسلام. ومع الانتباه الدقيق إلى هذا المعنى ستكون الأمة الإسلامية أظهر من الشمس. والآن نقول: إن المحافظة على مكانة أم القرى هو من (الأهداف الوطنية)، والسعي من أجل هذا الهدف سيكون أيضا جزءا من استراتيجينا الوطنية .
4 -النقطة الأساسية :
الإشكال الأساسي في (نظرية الحكومة الإسلامية العملية) هو في المفهوم (الإسلامي) . 
من الممكن للإنسان أن يرى دولة مثل سويسرا، حيث أن كل شيء فيها مرتب ونظيف ومنظم، وأن الناس هناك مشغولون في أعمال جدية بهدوء ونظام ، وقس على هذا . بعد ذالك يقول ذلك الإنسان لنفسه : لو أن هذه الدولة تنفذ الأحكام الإسلامية؛ أي أنها لا تحتوي مظاهر الفساد والسفور (عدم لبس الحجاب الشرعي )، وتقوم المدارس بتدريس الإسلام ومقدساته، والفقهاء يشرفون على تنفيذ الأحكام و.. في هذه الحالة تصبح هذه الدولة دولة إسلامية نموذجية! باعتقادي أن لب النظرية المذكورة هكذا دولة، في الوقت الذي يكون فيه معيار إسلامية المجتمع ـ وحتى الفرد ـ هو في (الولاية) . 
أقول بصراحة أكثر : من الممكن أن يوجد في دولة ما مشاكل ونقص وقلة موارد، لكن يكون فيها نظام الولاية صحيحا، فمن المسلم به انه يوجد في هذه الدولة نظام إسلامي حقيقي . الإعمار والأنظمة والمحافظة على الظواهر الشرعية كلها أمور فرعية . نظرية أم القرى قائمة تماما على فكر (الولاية) الإسلامية الحقيقية . تلاحظون أنه إذا تم تجاهل هذا الأمر فإننا لن نستطيع أن نورد أية إشكالية على النظرية العملية للحكومة . وإذا تم اخذ الأصل بالاعتبار فان النظرية كلها ستدمر .

5 -إزالة بعض من سوء التعابير
(أ) في العام 1363 هجري شمسي (يعادل 1987م) بينت نظرية أم القرى، وعلى الفور تابعت واستنتجت أبعادها العملية : (عندما ننظر خارج حدودنا فإن غرضنا لا يتعدى مقولتين : تصدير الثورة، والمحافظة على أم القرى . وإذا حدث تزاحم في مرحلة ما فإن الأولوية هي المحافظة على أم القرى) .
جمع من المفكرين اعتبروا أن هذا الفكر ما هو إلا معادل للبراغماتية، ووجهوا له حملات كثيرة . من بينهم مهدي هاشمي في صحيفة صبح ازادكان (صباح الأحرار) كتب حوالي خمسة وثلاثين مقالا في رد هذه النظرية!َ خطأ هؤلاء السادة الأساسي أنهم لم ينتبهوا لمفهوم (أم القرى) في معناه الشفاف القائم على أساس الولاية الإسلامية الحقة، بل إنهم اعتبروها مرادفة للأهمية الإستراتيجية وأمثالها . لذلك؛ فان المحافظة على أم القرى معادل للمفهوم العرفي للمحافظة على الدولة . في هذه الحالة لم يجدوا مكانا للرسالة الإسلامية للثورة والنضال ضد الكفر وسلطة الأجانب وأمثالها .

(ب) طبقاً لنظرية أم القرى فإن تصدير الثورة والدفاع عن الأمة الإسلامية ـ والتي هي امة واحدة ـ مرتبطة بأساس كرامة أم القرى. إذا تعرضت كرامة وجود أم القرى للخطر فكل شيء نفديه بها ! الكل يعلم أنه في السياسة العملية يوجد آفات كثيرة من بينها (إثارة الأجواء) وخاصة إذا كانت هذه الإثارة يرافقها تحريك العواطف والإحساسات لدى الناس في أمور يوجد عنها في الأذهان تجارب سيئة جدا . لقد كان الرأي العام المرافق عنصرا أساسيا في نظام اتخاذ القرارات، وخاصة انه نظرا لنظام الاتصالات الجديد فان هذا الموضوع أصبح يحظى بالدور الأساس .
يصنع السياسي الرأي العام في الأنظمة الديمقراطية من جهة، وعند اللزوم يركب على موجته من جهة أخرى. ولأنه في الغالب ليس هناك تقيد في الأسس والمدرسة الفكرية، فربما يتم اتخاذ القرار في المعادلات بشكل أكثر راحة، لكن في النظام الإسلامي أول تقيد للسياسي هو العمل في نطاق الإسلام، سواء أكان الجميع موافقين أم كانوا معارضين ! لهذا فان قضية الرأي العام تحظى بمكانة معقدة أكثر بكثير .
ملاحظة حول الرأي العام والساسة الخارجية: هذا الموضوع يحتاج إلى بحث شامل وتفصيلي، وهنا أكتفي بالإشارة لتوجيه ذوي الرغبة: فقد قام في نصف القرن الماضي باحثون عديدون بالبحث في مختلف جوانب هذا الموضوع ودوره في مسيرة اتخاذ القرار، وعلى رأسهم العالم المعروف اسبروت ( sprout ) وتلامذته . لكن هذه التحقيقات ليست بداية جيدة للبحث في هذه القضية في المجتمع الإسلامي، وكذلك ليست قابلة للاستفادة مباشرة في النظام الإسلامي. ومن اجل بحث دور الرأي العام يجب أن نبدأ من أربعة أركان أساسية :

الأول : الولاية المطلقة للفقيه، فولي الفقيه لديه نوعان من الولاية: ولاية الإرشاد، وولاية الأمر. وفي ولاية الإرشاد فانه كما يجذب القلوب المتعددة بقوته وعلمه وتفوقه في النظرة، يجلب أيضا توجه الأمة للقضايا الهامة للإسلام والأمة الإسلامية. وإطلاق الولاية والإمكانيات التي وضعها الشارع في هذا الأمر تحت تصرفه كلها وسائل (أدوات) عمله.
الثاني : إن أصالة المعرفة في النظرة الإلهية والإسلام والأديان الإلهية جميعها وضعت المعرفة والبصيرة نقطة البداية للمسيرة الكمالية للإنسان. هذا الأمر يظهر بصورة كاملة في طاعة الإمام، وفي انتخابه، وفي التصرف معه. لا قيمة لأية طاعة دون ركن المعرفة، وجميع العبادات توزن بميزان المعرفة . ومن ناحية أخرى فان العمل السياسي في النظام الإسلامي هو بالذات عمل عبادي؛ لذالك لا يمكنه أن يكون خاليا من هذا الأمر.
الثالث : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وهو من الأركان الاجتماعية والأنشطة الاجتماعية السياسية في النظام الإسلامي.
الرابع : المحافظة على مصالح أم القرى: خاصة بالتنسيق مع ولي الفقيه، وكذلك المحافظة على الأسرار العامة للأمة الإسلامية .
كما أنكم تلاحظون انه في النظام الإسلامي فان علاقة الرأي العام وأصل توجيه وإدارة النظام لها رشد وتكامل خاص . باعتقادي أن هناك افقأ جديدا في علم السياسة يحتاج إلى أبحاث دقيقة في مختلف الأبعاد حتى يمكن عرضها بصورة هيكل منطقي .

——————————————————————————–
([1]) ـ النظريات التي ظهرت لتجسيد ذلك: برزت في إيران نظريات حول حدود سلطة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الخارجية، وكيفية بناء إمبراطورية تكون بمثابة المركز والمرجع، حيث منحت هذه النظريات دولة القلب المذهبي “إيران” صلاحيات وسلطات خارج حدودها على اعتبار أنها دولة الإسلام الحقيقي التي تجسد نواة العالم الإسلامي ومركزه القيادي، إذ ظهرت هناك ثلاث نظريات، أولاً : نظرية القومية الإسلامية، ثانياً : تصدير الثورة الشيعية بشكل مطلق وغير مقيد، ثالثاً : نظرية “أم القرى” . 
بالنسبة لنظرية القومية الإسلامية فقد وضعها مهدي بازركان، حيث أكد على أن هناك طموحات كثيرة للأمة الإسلامية بعد تشكيل الحكومة الإسلامية في إيران، في وقت يشهد فيه العالم الإسلامي عصر غيبة المهدي، على اعتبار أن الجميع يقبل فكرة المهدي المنتظر من أجل تحقيق العدل والحرية، أما في زمن غيبة المهدي فيجب على الحكومة الإسلامية في إيران توجيه وتوظيف مختلف الثورات في العالم والسياسات المختلفة الأشكال من أجل تحقيق الأهداف القومية، والتي تصب في النهاية لخدمة إيران، ولكن من خلال التوسل بالإسلام . 
في حين أن نظرية تصدير الثورة بشكل مطلق وإطلاق العنان لتحقيق ذلك، يعتبر أحد أهم وظائف الدولة الإسلامية لإيران، والهدف من ذالك هو خدمة المظلومين والمسلمين في كافة أرجاء المعمورة، ومن هنا فإن نصرتهم تعتبر واجباً، وبالمقابل فإن تصدير الثورة يعتبر أحد أهم الأسس الأصلية والمبدئية لإيران، حيث يجب أن لا يكون هناك قيود أمام تحقيق هذا الهدف؛ لأن الغاية النهائية تتجسد في إقامة الحكومة العالمية العادلة . 
أما النظرية الثالثة فهي تتمثل بنظرية أم القرى، ودولة أم القرى حسب هذا التصور تعني أن إيران هي نواة مركز الإسلام العالمي، وبالتالي فهي تمثل الدولة القائدة التي تفرز زعيما تكون له السلطة والصلاحية والولاية على الأمة الإسلامية جمعاء، على اعتبار أن الدين والعقلانية والوجدانية تقتضي تشكيل امة إسلامية واحدة، واختيار حكومة لتمثيل هذه الأمة، استنادا إلى التجربة التاريخية للدولة الإسلامية، والتي وصلت إلى أوج تقدمها وتفوقها وتمدنها بفضل ذلك . وعلى هذا الأساس ليس من مصلحة الأمة الإسلامية أن يطول التفرق؛ لان الأصل هو الوحدة . وهذا هدف سيتحقق حسب نظرية أم القرى من خلال جملة من المراحل : 
المرحلة الأولى: ضرورة بروز الوعي والاهتمام بهدف إحياء الإسلام (الشيعي) على اعتبار انه هو السبيل الوحيد لحياة الإنسان والجماعة . 
المرحلة الثانية: السعي وبذل الجهود لإقامة الحكومات الإسلامية في الدول المختلفة، وهذا سوف يكون من خلال الدور المحوري للشعوب في تشكيل هذه الحكومات، وتوظيف مختلف الوسائل والطرق سواء كانت انتخابات، استفتاءات . . . ، وفي بعض الأحيان قد تؤدي النهضة، وثورة الشعوب (الانتفاضات) والخروج إلى الشوارع إلى هذه النتيجة، ولا ضير في ذلك إذا كان يحقق الهدف المنشود منه، وهو إقامة الحكومة الإسلامية في النهاية . 
المرحلة الثالثة: في الوقت الذي تستطيع فيه الشعوب تحقيق الأهداف سالفة الذكر، وبالتالي تشكيل الحكومات الإسلامية، يجب عليها التوجه بعدها نحو خطوة تكوين حكومة إسلامية واحدة لغرض جمع الأمة الإسلامية وتوحيدها تحت قيادة دولة أم القرى.
ومن هنا فإن نظرية “أم القرى” تعتبر انه في حالة إقامة دولة “أم القرى” فان إيران ستمثل دار الإسلام ومركزه، وهذا الأمر يعتبر تعزيزا للإسلام وتقوية لشوكته، لذالك يجب على الأمة الإسلامية جمعاء أن تحافظ على دولة “أم القرى” على اعتبارا أنها مركز للإسلام، وبالتالي فإن انتصار دولة “أم القرى” وعزتها يعتبر انتصارا للأمة الإسلامية جمعاء، أما هزيمتها أو انهيارها فيعتبر انهزاما لكل الأمة الإسلامية، والحفاظ عليها معناه أيضا الحفاظ على النظام الكامل للحكومة الإسلامية، والذي يشمل كل أراضي الدولة الإسلامية الواحدة، والتي بسببها تشكلت دولة أم القرىالتي ستقود هذه الأمة … تم بحثه منفصلا في كتاب إيران والإمبراطورية الشيعية الموعودة (المحرر).

………………………………………….. ..
المصدر: مجلة الراصد الإلكترونية -دراسات / العدد الثامن والستون صفر 1430 هـ .
………………………………………….. ..





ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..