لا أريد أن أدخل طرفاً في ما يسمى (الصراع الطائفي في مصر) فأنا مع مصر كلها، بمسلميها وأقباطها،
كما ان المصريين أدرى بشؤونهم، وهم أقدر، وقد أزاحوا همَّ الفرعون الجاسوس، أن يزيحوا آثاره، وأن يمنعوا اندلاع حريق طائفي يتجاوز في آثاره المدمرة، حدود مصر الجغرافية إلى حدود مصر، وهي غير متناهية، في تأثيرها ومكانتها بين العرب والمسلمين، بعامة، بل والانسانية كلها، باعتبارها، والحضارات الرافدينية والاغريقية، أقدم مهد للحضارات البشرية المكتشفة حتى الآن.
ومع إنني اعتقد، انطلاقا من تجربتنا في العراق، أن ما يحدث اليوم في مصر، وقد حدث من قبل في السنوات الماضية، مفتعلٌ في قدر كبير منه، تحقيقاً لمخطط كبير يستهدف تقسيم الأقطار العربية، حتى بعد تجزأتها على نحو ما هو معروف في معاهدة سايكس بيكو، أقول مع اعتقادي بذلك، إلا أنني أريد أن أتساءل عن صحة ما قاله الأنبا دميان، الأسقف العام لكنيسة الأقباط الأرثوذكس في ألمانيا، من أنه "يتم إكراه المسيحي على دخول الإسلام أو القتل، وفي أفضل الأحوال يُسمح له بالعيش مع دفع الجزية، ومقدارها هو 75 % من دخل كل فرد".
الأنبا دميان خلال المقابلة التلفزيونية |
وأتساءل: هل صحيح ان "صلاة الجمعة في مصر تعادل إعلان حرب"؟ وأن المسلمين "الإرهابيون والمجرمون يدخلون المساجد ويخرجون منها مشحونين بالكراهية لقتل المسيحيين"؟ بحسب وصف هذا الأنبا.
وأتساءل: هل قام الجيش فعلا بقتل "أعداد كبيرة من المسيحيين بواسطة أسلحة متطورة خلال الاعتصام الأخير بماسبيرو، وإنه قد تم قتل مجموعات بأكملها من الأقباط"؟ كما تحدث نيافته.
وهل صحيح أن "مؤتمراً عُقِد في العام 1955 لممثلي الجامعة العربية، وكان أنور السادات سكرتيره العام، وقرر حينها إفراغ منطقة البحر المتوسط من المسيحيين"؟ وبالتالي هل صحيح أن مايحدث إزاءء الأقباط الان في مصر، وربما مسيحيي العراق، مرتبط بذلك المؤتمر تحديداً، وهو ليس إلا تنفيذ لمقرراته فحسب؟
أتساءل، وكلي لهفة لمعرفة الجواب، بعد أن هالني وأرعبني ورود تلك المزاعم، وأصفها بذلك حتى يثبت صدقها، في مقابلة للأنبا المذكور، مع محطة تلفزيونية ألمانية، يمكن الاستماع اليها ومشاهدتها، على الرابط التالي:
أتساءل هنا، ومعي كل من يصلهم الفيلم المبثوث في الرابط أعلاه وكل محبي مصر، عن صحة ما قيل، فإن ثبتت صحته، فالأمر خطير جداً، وان مسلمي مصر، أو العوام منهم في أقل تقدير، الذين يشكلون الغالبية الساحقة من سكانها، معتدون ظالمون مثيرون للفتنة، لا يرغبون بالعيش المُسالم مع أبناء جلدتهم، أقباط مصر، الذين اختاروا بمحض إرادتهم، ومن خلال الوراثة المحضة، ديناً آخراً.
وتبعاً لذلك فأنا أقف، بكل قوة، وراء الدعوة لحماية الأقباط في مصر، سواء بجهود محلية أو عربية أو دولية، فما يحدث ظلمٌ كبيرٌ، وهو خرقٌ للمتعارف عليه من القيم الانسانية التي يجب أن تسود في عالم البشر اليوم.
وإن لم يحدث هذا، فأنا أدعو، وبكل قوة، الى محاسبة هذا الأنبا، وأمثاله، المثيرون للفتنة، الداعون الى خرق السلم الأهلي ومبادئ التعايش المتسامح الذي يجب أن يسود مصر وكل مكان.
أعرف جيداً أن في مصر، مسلمون وأقباط، مثيرون للفتنة مُشعلون لنار التحريض، بل انهم، وبلا خجل وبلا كلل وبلا التزام بتعاليم المسيح عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم وكلاهما من منبع واحد، ينفخون حتى في رماد الفتن عبر التاريخ، ليُشعلوا حريقاً يعمَّ كل مكان.
أعرف جيداً أن في مصر، مسلمون وأقباط، مثيرون للفتنة مُشعلون لنار التحريض، بل انهم، وبلا خجل وبلا كلل وبلا التزام بتعاليم المسيح عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم وكلاهما من منبع واحد، ينفخون حتى في رماد الفتن عبر التاريخ، ليُشعلوا حريقاً يعمَّ كل مكان.
لكنني أعرف جيداً، أيضاً، ان ثمة تهويل مقصود لما يحدث في مصر، تقوده دوائر عدة، منها على صلة بنظام الفرعون المخلوع، ومنها على صلة بالكنيسة القبطية، ومنها على صلة برجال أعمال يعتقدون ان مصالحهم الشخصية تتحقق، فقط، في ظل أجواء الفتنة والصراع.
وقد أشرت الى هذا في مقالتي السابقة (قشرة موز).
ويستغل هؤلاء وأولئك، الأجواء الانتقالية السائدة في مصر الان، وهي اجواء قلقة غير مستقرة، وتبدو في بعض أوجهها سائبة، إلى حد ما، لاعتقادهم أن مثل هذه الأجواء كفيلة بتحقيق مآربهم.
وإذا كنا نفهم وقوف نظام الفرعون المخلوع وراء تلك الفتن والدعاوى، فإننا لا نفهم انخراط الكنيسة القبطية، وتحديداً جهات بعينها فيها، ولا وقوف طبقة رجال الأعمال الأقباط، وبعضهم تحديداً، وراء ذلك.
أقول لا نفهم وقوف الطرفين الاخيرين، كون ان مصالحهما لا تتحقق الا في ظل اجواء الأمن والاستقرار والسلم الأهلي، فالأقباط في مصر أقلية عددية، وكل الدوائر الكنسية تعرف انهم لن يتحولوا إلى أكثرية في يوم ما، ورأس المال جبان، كما هو معروف، يحتاج إلى استقرار وسلم لينمو ويزدهر.
ويخطئ من يظن: ان مصر التي لم تسجد، منذ أكثر من أربعة عشر قرناً، الا لله الواحد، تقبل القسمة على اثنين.
ولكننا لا نريد أن يُراق دم عزيز، وأن تُهدر فرص كثيرة، وان تتشتت جهود مخلصة، وأن يمضي وقت طوبل، حتى يتوصل المعنيون إلى هذه الحقيقة، ولكم في العراق عبرة يا أولي الألباب.
هناك تعليق واحد:
كل هذا كذب لم يحدث في مصر. اية جزية؟ والحكم في مصر مدني وربما تستوفي الضرائب من جميع المصريين وأكثرهم اصلا لايدفعونها ويتهربون منها. وقد قامت الثورة مؤخرا بالغاء ضريبة العقارات. الضرائب تشمل الجميع مسلمين وأقباط.
وأي مؤتمر هذا الذي عقد في 1955 من (ممثلي الدول العربية) ؟ لإفراغ المنطقة من المسيحيين؟ واتساءل إذن لماذا لم تفرغ على مدى اكثر من نصف قرن؟
صحيح كان هناك تفرقة في الوظائف بين المسلمين والأقباط في نظام مبارك، وفي بناء دور العبادة ايضا، ولكن ليس الأمر بالسوء الذي يصفه رجل الدين هذا، وربما تصحح حكومة مابعد مبارك كل التمييز.
المبالغات دس وتحضير للفتنة.
قارئ مصري
إرسال تعليق