ضياء حسن
حاولت جهدي ان أتابع التفصيلات التي أحاطت بالعملية الانتخابية لاختيار رئيس جديد للولايات المتحدة الاميركية التي جرت مؤخراً، عبر متابعة حركة التغطيات الاخبارية لعدد من الفضائيات العربية والاجنبية التى يعنيها أمر هذه الانتخابات وجنَّدت لهذه المهمة جيشاً من المراسلين والمعلقين والمحلليين المتخصصين والمصورين، عرباً وغيرهم من الاجانب .
وأتاحت لي هذه المتابعة التي استغرقت ساعات طوال فرصة الاطلاع عن كثب على الكثير من الحقائق المتصلة بها من باب معرفة المزيد مما يطبخه اعداؤنا لنا كعراقيين وعرب قبلنا ام رفضنا , او بالدقة رفضه حكامنا بداية ليقبلوه في النتيجة كما كان يجرى دائما متوخين الاحاطة باكثر من شاهد انتخابي يتمثل في :
الاول :-الاحاطة ببرنامج المرشحين الديمقراطي باراك اوباما للفوز بفترة رئاسية ثانية والجمهوري ميت رومني في محاولته الثانية للاسترخاء على كرسي التنافس ليحظى بفرصة الحصول على موافقة ما يسمونه بحزب البيض الجمهوري ولكنه خسر فرصة خوض التنافس مع اوباما الاسود عام 2008 لان ربعه الجمهوريين اختاروا غيره لخوض معركة التنافس الاولى وفشلوا لان الراي العام الاميركي وخصوصا الفئة الاجتماعية المتوسطة والعمال والشباب والنساء كانوا ساخطين على سياسات بوش الجمهوري العدوانية التي امتدت لفترتية منناليتين بين عام 2000 وعام 2008 ولم يجن الاميركيون منها سوى الموت والاختنقات الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع نسب البطالة وتردي الرعاية الصحية والاجتماعية التي داهمتهم بسبب شنه الحرب العدوانية على العراق وشعبه وتصعيد الحرب العدوانية على افغانستان وان زجت فيها قوات مثلت عددا من الدول الاوربية تقودها واشنطن تحت راية الامم المتحدة تمويها !!
الثاني:- المفارقات الى سادت العملية الانتخابية , وما يهمنا الاشارة اليه , في المقدمة من ذلك هو ان التنافس بين المرشحين كان حادا جدا , وازداد مساره حدة مع ظهور النتائج الاولية , فقد ظلت اعصاب المتنافسين مشدودة وخصوصا رومني ومن كان مؤيدا له لان التقارب في نتائج فرز الاصوات التي حصل عليها المرشحان ظل سائدا طوال ساعات فرز الاصوات الذي بدا في وقت مبكر من مساء الثلاثاء السادس من تشرين الثاني الجاري واستمر في التعادل حتى وقت مسائي متاخر وكانت لوحة النتائج تؤشر بداية ارتفاع رصيد ميت على باراك باقترابه من الامساك بحدود المائتي نقطة بحسب مؤشر المجمع الانتخابي الذي تعداه بعد فترة وجيزة ليحط عند النقاط الثلاث بعد المائتين في حين كان رصيد باراك اقل من ذلك بثلاث عشرة نقطة ثم عاد التعادل .
وهنا وفي وقت متاخر من تلك الليلة بحسب توقيت شرق الولايات المتحدة بدا ميزان النقاط يتغير لصالح باراك بشكل سريع عنما بدات الولايات التي تمتلك حصة اكبر من النقاط التي وصفتها وسائل الاعلام الاميركية بانها لم تفصح مبكرا لمن ستعطي صوتها كما عبرت عن ذلك بقية الولايات التي كشفت عن ذلك وصار معروفا لمن ستصوت في وقت مبكر.
واستمر رصيد أوباما في التقدم حتى بلغ 275 نقطة، فأعلن عن فوز الديوقراطي الاسود أوباما على الجمهوري الابيض ميت, اي قبل اعلان النتائج النهائية لفرز الاصوات لان اعتبار الفائز ب 270 نقطة من مجموع النقاط المحتسبة للولايات المتحدة المختلفة يحسب فائزا فيها وا ن لم ينته الفرز بالكامل.
وعلى الرغم من ذلك استمر رصيد باراك بالارتفاع حتى وصل الى 303 نقطة في حين لم يزد رصيد ميت الا تلاث نقاط فقط على 203 فاصبح 206 نقطة !!
فاعتبر الفارق بين المتنافسين ليس اعتياديا بالنسبة لنتائج الانتخابات الرئاسية منذ الثلاثينات من القرن الماضي ويعزى ذلك كما اكدت ذلك تعليقات المحليين السياسيين الذين تولوا متابعة ظهور نتائج فرز الاصوات اولا باول في هذه الانتخابات المثيرة والاكثر حساسية ليس بين المرشحين ومؤيديهم حسب , بل بين التيارين الاميركيين اللذين يمسكان بمقود تحريك المنافسة الانتخابية التي عدت معركة ساخنة بين مصالح يريد الحزبان الحمهوري الذي يبدو ان نجمه قد بدا بالافول بين اوساط مختلفة من الاميركيين بسبب سياسة بوش الصغير العدوانية المتسلطة على الدول والشعوب من دون استثناء وبتفريط بالاصدقاء والحلفاء الذين تورطوا بدعم واشنطن حتى بمواقفها العدوانية فخسروا اقتصاديا وفرطوا ببقايا بريق سمعة ادعت اوربا فيها انها واحة للحرية والديمقراطية ولحقوق الانسان في العالم ,وهذا ما اساء للولايات المتحدة واسقط سمعتها الى الحضيض بين الشعوب والدول !!
وهو ما ما ادعى الديمقراطيون انهم يسعون لتصحيحه عن طريق استثمار تعاطف الاميركيين مع باراك لتركيزه على الشان الاميركي الداخلي , وسناتي على شرح تفاصيله لاحقا , وليس الحديث عن بصيص امل في مواقف واشنطن لاعادة النظر في سياساتها المعادية لحريات الشعوب وتطلعاتها لبناء اوطانها بعيدا عن التسلط الاجنبي وطغيان العدوانية والحروب التي تعتمدها لتمرير هيمنتها المطلقة على خيرات الشعوب والانفراد بتسخيرها لخدمة مصالح اغنيائها ليزدادوا غنى ورفاهية , ولتبقى الشعوب محاصرة بالموت والجوع والفساد والقهر المنظم الذي مارسته قوات الاحتلال مباشرة اوعن طريق حكام قتلة فاسدين مفرطين بوحدة العراق شعبا وارضا نصبتهم الادارة الاميركية على العراق عندما استبدلت احتلالها البلاد بالقوات العسكرية مباشرة الى الاحتلال المدجج بالاجهزة الامنية الخاصة والدبلوماسية المغلفة بالجهد المخابراتي الاميركي , وادعت انه استرجاع للسيادة العراقية وان شعب العراق عاد حرا في تقريرالمصير تحت ثقل اتفاق امني وصف بالستراتيجي يستبدل الاحتلال بآخر ألعن منه !!! اي استبدال احتلال العراق بانتشار القوات العسكرية المباشر باحتلال من قبل جيش امني يقوده دبلوماسيو المخابرات المركزية الاميركية (السي اي اي) بعد سحب القوات الغازية هربا من موت يطارد عناصرها على يد المقاومة الوطنية العراقية بجميع فصائلها التي وضعت الاميركيين امام احد خيارين (حلوه ) يتحقق في (مره) فليس هناك لدى الادارة الاميركية اي ادارة ديمقراطية كانت , ام جمهورية الا ان تضطر على اختيار طريق تهريب قواتها من العراق بهدف حمايتها من صعق صار يصليهم بنيران الحق العراقي المقاوم .
فاختار باراك اوباما تجرع مرارة تهريب جيشه على الرغم من انه ظل يطنب الحديث عن جيشه كونه اكبر جيوش العالم عددا وتدريبا وعدة وانه الجيش الذي لا يهزم , متناسيا ان تهريب الجيش الاميركي قد تم امام مقاومتنا التي هي اقل عددا واقل في العدة المتطورة من جيش العدو , ولكن مقاتليها اكثر باسا واقوى اندفاعا وتصميما على مقارعة قوات الغزو والحاق اقسى الضربات في صفوف جيش الادارة الاميركية الذي صمم لخدمة مصالح اغنياء الولايات المتحدة وادامة سطو شركاتها الاحتكارية وخصوصا النفطبة على ثروات الشعوب وتسخيرها لخدمة هدف رفاه الطغم الحاكمة التي تتناوب على رسم سياسات البيت الابيض العدوانية الطاغية كظل قاتم السواد على شعوب ودول العالم اجمع .
الثالث:- النتائج والرؤية المتوقعة لما بعدها ؟؟!
يخطئ من يظن او يتصور ان ثوابت السياسة الاميركية الستراتيجية يمكن تتغير تاثرا بمجيئ هذا الرئيس الديمقراطي وذهاب ذاك الجمهوري الجديد في التعامل مع قضايا الشعوب والدول في ان تكون حرة الارادة مستقلة في اتخاذ قراراتها بمعزل عما تريده مؤسسة الحكم في الولايات المتحدة القائم على سلوك يانكي اهوج يرى العالم بمنظارالتابع الذي لا يجيزلاحد بما فيهم الحليف ا ن يتقدم عليه في اي شيء , بل يظل قابعا بكل ما امتلكه من اقتدار اقتصادي وصناعي او من غنى ثروات زراعية او تقدم علمي تقني متقدم تحت مظلة خيمة اميركية تسلبه حقه في التعمل مع القضايا الانسانية برؤية مستقلة ,لان نظامه مقيد باتفاقات قديمة او محدثة من قبل حكام محاطين بقيود لا يمكنهم الفكاك منها والا فرطوا بمستقبلهم امام سطوة الاميركيين على العالم بقوة السلاح او بالقهر الاقتصادي او بفعل مخابراتي منظم ومنتشر في العالم , وبدا يتصاعد بعد تدخل واشنطن في الحرب العالمية الثانية في وقت متاخر وكان بامكانها ان تبكر في ذلك , ولكنها فضلت ان تتخذ موقف المتفرج على اصدقائها الاوربيين وهم في الاغلبية نازحين منها, بعد ان تكون حرب هتلر قد انهكتهم تماما وعرضت شعوبهم الى الهلاك وبلدانهم الى الدمار ليستسلموا لها كمن يتعلق بقشة تنقذهم من غرق محقق .
وقد اتاح لها ذلك, فرصة فرض شروط عليهم , اسس لمشروع ايزنهاور لمساعدة اوربا في اعادة بناء دولها في حين استل منهم قرارهم الوطني في التعامل مع دول العالم على وفق المصالح المشتركة , وليس على وفق قياسات المصالح الاميركية !!
وعلى وفقه ولدت الهيمنة الاميركية على القرار الاوربي مدعومة بانتشار الاساطيل الاميركية في جميع القارات , وعلى وفقها الغيت الارادة الدولية الحرة وصارت الارادة الاميركية ومصالحها الخاصة هي المتسيدة عالميا بعد ان قبلت الدول الاوربية وخصوصا الكبرى بريطانيا وفرنسا والمانيا ان ترهن قراراتها في التعامل مع دول العالم برضا واشنطن عنها وتتقبل وصاياها التي تحدد ادوارها في الشان الدولي .
والامثلة التاريخيةعلى ذلك كثيرة وقد تصاعد دورها مع الوقت حتى صارت تنحت ادوار الدول الاوربية نحتا , كما هو الحال بالنسبة لبريطانيا متمثلة برؤساء وزرائها في جميع فترات توليهم الحكم وان بزت من سميت بالسيدة الحديدية تاشترالاخرين بتقديم الخدمات للبيت الابيض وكان الاسوا بينهم توني بلير الذي استخدمه البيت الابيض في زمن بوش الصعير كاجير جند لخدمة العدوانية الاميركية على العراق بزج قوات بريطانبة لتنفيذ الصفحة الاولى لغزو اميركا للعراق واستمر في هذا الدور حتى انتهاء فترة حكمه في بريطانيا ليعين بترشيح من بوش ا جيرا في الامم المتحدة لادارة ملف يستكمل التامر الاميركي على القضية الفلسطينية يتوليه رئاسة اللجنة الدولية لتسوية القضية الفلسطينية على اساس عادل , وظل يتراس الاجتماعات ويلفح الرواتب والمخصصات السخية المترتبة له نتيجة تنقلاته بين العواصم الاوربية ومقرالامم المتحدة واقامته في فنادقها باهضة التكاليف وخلال سنوات طويلة لم نسمع منه مايشير الى انه حقق نتيجة تذكر عما كلف به من واجب فهذا لم يكن يتوقع منه لسبب بسيط لانه عين لهذه المهمة اعترافا بالاخدمات التي قدمها ليوش وهو يعرف جيد موقف اميركا من حقوق الشعب الفلسطيني وكما يعرف دور بريطانيا التاريخي المنحاز للصهاينة فهي التي منحتهم وعدا بانشاء وطن بسمة دينية على ارض عربية فلسطينية وهكذا فعل بلفور وزير خارجية يريطانيا عام 1917فوهب اليهود في اوربا وغيرها من بلدان العالم ارضا لم يكن يمتلكها !!!
ولم تخرج المانيا ولا فرنسا المتميزتان بخصوصيتهما القومية من الامتثال لما تريده منهما واشنطن من توافق مع سلوكها العدواني ضد اي دولة تتمسك بقرارها الخاص وسيادتها الوطنية , كما حدث مع العراق وما تلى تدميره من استباحة لعدد من الاقطار العربية التي شهدت حراكا وطنيا منتفضا يستهدف تغيير الحكام العرب الذين ربطوا مصيرهم بعجلة الظلم الاستعماري الذي تقوده واشنطن .
وهي استباحة غلفت بشعار الربيع العربي الساعي الى الالتفاف على الانتفاضات العربية المتصاعدة ضد انظمة غاصة بوعي منها حتى الاذنيين في الدنس الامبريالي الاميركي متورطة بالعمالة للاجنبي وكان الهدف من هذه الاستباحة ايضا بقاء الحال على ما هو عليه ولكن بتغيير الوجوه , كما رسم ربيع بايدن _ هيلاري المعادي اساسا للعرب وخصوصا لقضيتهم المركزية فلسطين.
وهنا يطرح السؤال الاتي , في ضوء البرنامج الذي طرحه باراك اوباما هل يستشف من ذلك ان هناك نية لاعادة النظر في توجهات الادارة الاميركية الجديدة , ام انها ستصر على العمل لتنفيذ المخطط الذي بداته قبل اربعة اعوام في التعامل مع الشان العراقي والعربي ؟؟
مثل هذا ورد في ذهني وانا اتابع المناظرات التي تمت بين باراك ومنافسه ميت وكذلك متابعتي لسير عملية الاقتراع وردود افعال المحللين على نتائجها وهي تعلن تباعا ومباشرة عبر مواقع فرز الاصوات وكذلك عبر ما عبر عنه المرشج الفائز والمرشح الخاسر فيها في كلمتيهما بعد اعلان نتائجها بفوز باراك لتتكون لدي فكرة واضحة عما يرجح ان يفعله اوباما في فترة حكمه الثانية ّ ويمكن ان تلخص بالتركيز على الشان الداخلي للولايات المتحدة الاميركية دون ان يطرا اي تغيير على مواقفه المتصلة بسياسته الخارجية التي يؤكد عليها برنامجه الانتخابي الذي دافع عنه باصرار وهو يواجه نقدا قاسيا ومتكررا من منافسه ميت وصل درجة اتهامه بالاهمال والتقصير في اعطاء الاهتمام المناسب بالسياسة الخارجية الاميركية محملا اياه مسؤولية عدم توفير الحماية اللازمة للقنصلية الاميركية في بنغازي مما ادى الى اكتساحها من قبل الغاضبين من ابناء الشعب الليبي وبالتالي تدميرها وقتل خمسة من المسؤولين فيها في مقدمتهم السفير الاميركي .
ويلاحظ ان برنامجه اعطى اولوبة اولى لمعالجة الاختناقات التي لحقت بالشان الداخلي الاميركي نتيجة العدوان التدميري الذي شنه بوش الصغير مما انعكس سلبا على الوضع الاقتصادي الاميركي وتوجب استمرار التوجه لمعالجتها وايجاد الحلول اللازمة لها خلال الفترة الثانية لتوليه الحكم حيث لم بتمكن انجاز هذه المهمة الصعبة خلال فترة الحكم الاولى وتتضمن اصلاح ما تسببب به بوش من خراب اقتصادي واجتماعي في حياة الاميريكيين بسبب الكلفة الماليةالباهضة التي تحملتها الولايت المتحدة نتيجة غزوه العدواني للعراق عدا خسائره البشرية وبالاسلحة التي دمرت على يد المقاومة الوطنية العراقية وهي كالتالي :-
اولا - الاصلاح المالي ومعالجة المديونية التي لحقت بالميزانية الاتحادية نتيجة لحماقات بوش خلال فترتي وجوده على راس الدارة الاميركية الممتدة بين العام2000 والعام2008 التي شهدت فيها الولايات المتحدة ركودا اقتصاديا اثر بشكل كبير على ماعرف به اقتصادها من فاعلية ونمو دائميين مما دفع اوباما للاعلان عبر اول خطاب مباشر يوجهه للاميركيين امام حشد من مؤيديه تجمعوا في موقعه الانتخابي الرئيس للاحتفال بفوزه بعد اعلان نتيجة فرز الاصوات
حيث اكد بانه تلقى تهنئة من ميت رومني منافسه الجمهوري واتفق معه على لقاء قريب لمناقشة موضوع التعاون المشترك بين الحزبين لايجاد (وصفة) وصفها المتابعون للشان الاقتصادي الاميركي ( بحلول وسط ) بين ما يراه الديمقراطيون وبين ما يتمسك به الجمهمريون من حلول لمعالجة اليتعقد ويهدد بانهيار كبير يكسر غطرستهم لعلهم يعودون الى رشدهم ويعون بسرعة بان العدوان على الشعوب وترويعها لن يجعل دولتهم الاغنى والاقوى في العالم !ّ!
بل ان ما تعاني منه دولتهم الان هو نتيجة طبيعية للازمات السياسية والاقتصادية والاخلاقية التي اخذت تطاردها من الداخل وليس من خارجها وان الحل لاستعادة عافية اقتصادها لا تاتي عن طريق الامساك بالسلوك المعوج في التعامل مع الشعوب بل بالتوقف عن التدخل في الشان الداخلي للدول المستجيبة لتطلعات شعوبها لبناء حياتها بحرية وبعيدا عن النفوذ الاجنبي الذي عانت منه طويلا ..
فلا بتنصيب الحكام الفاسدين على الشعوب, ولا بتلاعبهم بمصائرها يمكن كسب ودها وقد اثبتت الحقائق التاريخية لها وللعالم اجمع وقبلها لاجهزتها المخابراتية ايضا بانها كانت الخاسرة في اي عدوان شنته على الشعوب . ويكفي ان نذكرها بصور هزيمتها المزرية , وهي تلملم على عجل عناصرها من (سايغون) هربا من انتفاضة الشعب الفيتنامي التي طاردت فلولها المنهارة امام زحف شعب فيتنام لتحرير ارضه وتوحيدها.
فهي لم ولن تحصد سوى لعنة تلك الشعوب المبتلية بعدوانية اميركية وقحة بادعائها ان عدواناتها تستهدف تحرير الشعوب وهي تستمرا المضي في هذا الطريق الشيطاني الذي يجسد اللؤم الصهيوني المتاصل في جذر الطغمة الحاكمة في الولايات المتحدة وخصوصا في زمن ولاية ترومان في الاربعينات الذي كان اول المعترفين بدولة الكيان الصهيوني على وفق قرار اممي روج له المندوبان الاميركي والبريطاني في الامم المتحدة والضغوطات الممارسة من قبلهما على ممثلي الدول الاعضاء فيها .
ومن بعد ذلك ولد تقليد رئاسى اميركي يلتزم بترديده كل مرشح للرئاسة في مستهل حملته الانتخابية ,كانه رديف للقسم القانوني الذي يردده وهو يتقلد مسؤولية الرئاسة الاميركية , لا بل يسبق ذلك باعلان الولاء لتل ابيب وهو يقول بان امن الولايات المتحدة الاميركية من امن (اسرائيل) وهي سمة الدخول للمنافسة الانتخابية تليها دفوعات اللوبي اليهودي المالية الداعمة لحملات المرشحين الانتخابية وهذا ما حرص وتسابق على ترديده مبكرا أوباما وكذلك رومني.
وثمة تحديات ليست سهلة تواجه الرئيس المجددة ولايته يجب ان يعالجها ليمكنه من توفير شروط تمريراهداف خطته الانتخابية التي يفترض ان يلتزم بتحقيقها اوباما , وتتمثل الخطوة الاولى منها بنجاح التعاون بين الحزبين المتنافسين وفي مقدمتها تفادي منحدرا ماليا صار يتهدد واشنطن كما حذر من وقوعه خبراء اقتصاديون عالمون باشتداد الازمة الاقتصادية في البلاد وهم يؤكدون ان الرئيس اوباما يحتاج للعمل مع الجمهوريين الذين يمتلكون اغلبية مريحة في مجلس النواب لمنع حدوث هذا ,,المنحدر المالي,, الذي يلوح في الافق ويتطلب زيادة الضرائب على قطاعات غنية في المجتمع وبخفض الانفاق الحكومي .
وحذر خبراء اقتصاديون اخرون من ان فشل مفاوضات الحزبين في ايجاد حل للازمة الاقتصادية الراهنة سيضعف امكانية احتواء تاثيرات حدوث هذا المنحنى في الموعد المتوافق مع تاريخ انتهاء سريان قانون خفض الضرائب الذي سن في عهد بوش في كانون ثاني المقبل.
ومما سيعرض حكومة اوباما الى مواجهة اجراءات خفض تلقائية والزامية واسعة في ميزانية الجيش والانفاق الداخلي المتصل بقضايا ملحة ينتظرها المواطنون من ذوي الدخول المحدودة والعاطلون عن العمل وغيرهم الذين لا يتمتعون بالرعاية الصحية وقد وعدهم باراك بايجاد السبل الكفيلة بزيادة الايرادات الحكومية لمعالجة العجز الحالي في الميزانية الاتحادية وتوفير الاموال اللازمة للنهوض بمسؤولية معالجة الازمات التي اثقلت كاهل المواطنين الاميركيين.
ويبدو ان هناك استجابة من جانب الجمهوريين لدعوة اوباما بان يتعاون الجانبان لوقف التداعي الاقتصادي الاميركى باحتواء وقوع المنحدر المالي الجديد قبل وقوعه فقد ورد على لسان المرشح الخاسر ميت دعوته المسؤولين في الحزبين الى معالجة الموقف بروح المواطنة بعيدا عن التحزب.
كما المح الجمهوري جون بوينر رئيس مجلس النواب الاميركي الى امكانية موافقة حزبه على زيادة ايرادات الحكومة الاتحادية مقابل موافقة اوباما على ادخال اصلاحات على قانون الضرائب , وبهذه الاستجابة يمهد لبدء المفاوضات بين الديمقراطيين والجمهوريين الذي اقترحها اوباما التي ستبدا هذا الاسبوع بتوافق مع بدء اجتماعات لمجلس الشيوخ هذا الاسبوع ايضا مكرسة للبحث عن سبل تفضي الى احتواء وقوع المنحدر المالي الجديد الذي يهدد الاميركيين بانكماش اقتصادي اخر.
ثانيا –التحديات التي تواجه اوباما نتيجة لما ورثه من اختناقات اقتصادية من ادارة بوش.
1- الدين العام الذي بلغ في نوفمبر تشرين ثاني الجاري نسبة107 % من اجمالي الناتج الداخلي للبلاد , ومع زيادة الديون من المتوقع ان يسفر تصويت الحزبين اللذين يمثلان مصالح فئوية وطبقية لا تتقاطع في خدمة مصالح المؤسسة الاميركية في فرض الهيمنة على العالم ولكنها تختلف في اساليب تنفيذ تلك السياسات بشرط ان لا تتقاطع هذه الاشاليب مع الاهداف الستراتيجية للبيت الابيض , ولتحقيق هدف مهم يؤمن رفع سقف الدين الحالي بحسب ما وعد به الرئيس المنتخب ,فمطلوب منه العمل المشترك مع الجمهوريين على تخفيضه لذلك يتركز جهد ادارة باراك استهلالا على العمل لحسم الخلاف معهم بهذا الشان. .
2- تعتبر البطالة التي بلغت نسبتها 7,9 % في اكتوبر- تشرين اول الماضي ثاني اكبر تحد يواجه الرئيس الذي اعيد انتخابه وتاتي اهمية مواجهتها من كونها تمثل المطلب الشعبي الرئيس للمواطنين الاميركيين الذين يتطلعون لتنفيذ خطة توفر لهم الحماية الاقتصادية من خلال توفير فرص عمل للعطلين منهم اضافة الى تامين الرعاية الصحية التي يفتقدون لها والانفاق على البنية التحتية والخدمات العامة التي تحتاج لها مناطقهم السكنية وهم من منخفضي ومتوسطي الدخل ومن المعاقين الذين جاءت اعاقاتهم بسبب زجهم في عدوان المجرم بوش على العراق وهم ليسوا قلة كما تدعي واشنطن.
3- اما ثالث التحديات واصعبها فتكمن في طبيعة برنامج اوباما الذي يتقاطع مع مصالح القلة الاغنى والموسرة اكثر في اميركا والشركات الكبرى وفي مقدمتها الشركات النفطية , فقد تضمن برنامجه مشاريع قوانين تركز على :-
ا- خفض الضرائب عن الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل بهدف توفير الحماية الاقتصادية لهم .
ب- فرض الضرائب على الطبقات الاكثر ثراء والصناعات الاكثر ربحا , مثل البنوك وشركات النفط والتامين .
ج-تامين استحقاقات معالجة اسياب البطالة , بتوفير فرص عمل للعاطلين .
د-الاتجاه نحو الانفاق المباشر للبنية التحتية والتعليم والصحة والطاقة .
ه-توسيع نطاق الرعاية الاجتماعية لتشمل قطاعات شعبية كانت محرومة منها بسبب الظروف الاقتصادية التي احاطت بالولايات المتحدة في ظل ادارة جورج بوش الصغير.
وهي مهمات ليست سهلة كما يلاحظ الخبراء المتابعون للشان الاميركي , بل يجدون الطريق الى حلها شائك , تتداخل فيه نوايا المؤسسة الراسمة للاهداف الستراتيجية العليا للولايات المتحدة والادارات الاميركية التي تنتخب كل اربع سنوات لادارة مهمة تنفيذية محددة لا يجوز ان تتقاطع مع ما هو ستراتيجي كما واجه فترة رئاسة اوباما الاولى عندما تولى مهمة احتواء الانكماش الاقتصادي الصارخ الذي ورثه من بوش الموغل في العدوانية على العراق وتجاوزت تكاليفها بحسب تقديرات هؤلاء الخبراء الثلاثة بليون دولار .
ويقدر خبراء اخرون ان كلفة العدوان على العراق وافغانستان بلغت ثمانية بليون دولار تحمات الدول الاوربية المشاركة ضمن القوات الدولية جزءا منها لذلك اخفق اوباما في اعادة العافية للاقتصاد الاميركي المغرق بالديون والانكماش وادارة معارك خارجية تحت غطاء دعم ما اسموه بالربيع العربي وما هو بالربيع ولايمت للعرب بصلة سوى ان تلك العدوانية الموكلة مهمة تنفيذها لدول اوربية شملت عددا من الاقطار العربية ولكن باشراف اميركي مباشر تولت مهمته السيدة كلنتون .
فاختلط الامرعلى ادارة اوباما ,هل يركز على اصلاح الداخل الذي يستقطب اهتمام غالبية الاميركيين , ام ينحاز للربيع المصنع اميركيا ارضاء لاربعة بالمائة من اهتمامات الشعب الاميركي بحسب استطلاعات الراي التي صاحبت الانتخابات الرئاسية الاخيرة
ويبدو ان اوباما لم يوفق في تحقيق نسب نجاح نوعية في معالجة الشؤون الاقتصادي كما قشل مساعدوه في اقناع العرب بان تدخلهم في الشان العربي لن يولد ربيعا حقيقيا مستجيبا لارادة الامة العربية الحرة في تحقيق السيادة والتوحد والعيش الرغيد .
فلا غرابة ان اعادة الكره لاستكمال مشوار الاصلاح الداخلي لفترة رئاسية ثانية وحبذا لو استطاع ان يكف يد واشنطن عن التدخل في شؤون الغير فيريح الاميركيين ويريح الشعوب من غث خططهم الستراتيجية , ولكنني لا اظنه سيفعل ذلك لانه سيصطدم يالسقف المححد له من قبل المؤسسة الاميركية التي تضع السياسات الستراتيجبة للولايات المتحدة الاميركية ليتحرك ضمنها ولا يجوز له التحرك خارجها !! , وهذا ما سنتناول في الحلقة الثانية ان شاء الله .
يتبع في الحلقة الثانية _ هل يوحي تصريح بايدن الجديد بوجود مستجد في موقف الادارة الاميركية الجديدة –القديمة ازاء العراق ؟ وهل تكف واشنطن عن التدخل في الشأن العربي؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق