لم تكن فضيحة الأدوية المزورة والفاسدة التي ثبت أن بطلها شقيق وزير "حزب الله" محمد فنيش، حالة فريدة وشاذّة في انغماس هذا الحزب ومسؤوليه في هكذا عمليات، فهي ليست الأولى وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، إنه غيض من فيض فاسد ظهر إلى العلن والخافي أعظم.
هذا الحزب، الذي يمسك البلد أمنياً وسياسياً واقتصادياً وحتى مالياً، شرّع لنفسه كل شيء، حتى المتاجرة بحياة المواطنين وأمنهم الصحي وحتى الغذائي، فهمّه الأول والأخير اليوم، على ما يبدو، تكديس الثروات قبل أن تتغيّر الموازين وتقفل في وجهه مداخيل الأموال التي لا مشكلة لديه إن أتت من حلال أو حرام، طالما أن هذه الأموال معدّة للمشروع الأكبر الذي يتخطى حدود لبنان.
الوزير محمد فنيش، شقيق المتهم |
لا شكّ في أن الزهد الذي طالما ادعاه "حزب الله" لم يعد يقنع جمهوره قبل أخصامه، ولعلّ مناصريه هم أول من اكتشف جشعه الى المال منذ أيام "وادي الذهب" في مرحلة إعمار الوسط التجاري، عندما تحوّل الى ناظم لقبض التعويضات وتوزيعها على أصحاب المنازل التي كانوا يحتلونها، والكل يذكر كيف ابتدع الحزب تقسيم المنزل الى خمسة منازل من أجل رفع قيمة التعويض وحسم حصّته منه، وكيف انسحبت هذه الغنائم على مشروع "اليسار"، وكيف عطّل مشروع بناء الجسر في الأوزاعي واعتدى على النائب الشهيد وليد عيدو، لأن الحزب كان يريد "وادي ذهب" آخر في هذه المنطقة يدرّ عليه أموالاً طائلة.
صلاح عزالدين |
طبعاً، إن التذكير بهذه الأمور لم يكن من قبيل الإساءة، إنما لتسليط الضوء على العفّة التي يدعيها الحزب في العلن والممارسات التي يلجأ اليها في السرّ، فالزلزال المالي الذي هزّ الحزب في قضية إفلاس صلاح عزالدين لا تزال ارتداداته قائمة وهي تضرب مئات المودعين الذين أولوه ثقتهم لأنه كان بنظرهم وزير مال "حزب الله"، ولذلك أودعوه جنى العمر ليستفيقوا على تبخّر ما ادخروه وكانوا يمنّون أنفسهم بأرباحه الآتية من الحلال، ولم يعد خافياً على أحد أن زلزال عزالدين الذي أصابت أضراره مسؤولين كباراً في الحزب، بقيت نكبته محصورة بالبسطاء من الأنصار والمحازبين الذين خرجوا عن مبدأ التحفّظ وهم الذين يعرفون يقيناً أن الحزب اعتقل عزالدين إثر إعلان إفلاسه، وجرّدوه مما تبقى لديه من أموال، قبل أن يسلموه الى القضاء ويطلبوا من المودعين أن يلحقوا به ويحصلوا حقوقهم أمام المحاكم.
النائب حسين الموسوي |
ولم تنطوِ حتى الآن فضيحة الكابتاغون المجلجلة التي ثبتت مسؤولية الحزب كاملة عنها، بعد اكتشاف تورط أشقاء عضو كتلة "حزب الله" النائب حسين الموسوي فيها، وكيف حوّل هؤلاء بعض دور العبادة الى مصانع لحبوب السمّ البيضاء ومن ثمّ ترويجها وتصديرها الى الخارج، قبل أشهر قليلة من أن يكشف وزير الأشغال العامة والنقل عن ممرات عسكرية في المطار والمرافئ يجري إدخال البضائع عبرها، من دون المرور بالجمارك ودفع الرسوم، وهو ما يحرم الخزينة من نصف مليار دولار سنوياً، عدا عن منع الجهات الرسمية من تفتيش البضائع والصناديق المغلقة، لأنها "مقدسة" وتتمتع بحرمة المقاومة التي لا يمكن المس بها.
صحيح أن هذه الفضائح لها آثار كارثية لكن إيجابيتها الوحيدة أنها كشفت المصدر الحقيقي للمال النظيف الذي يكدسه الحزب سواء في حسابات وهمية في المصارف اللبنانية والخارجية، أو في مخازنه الخاصة، لكن المؤسف في الأمر الذي أضاءت عليه قضيتا الكابتاغون والأدوية الفاسدة التي اعترف وزير الصحة بضررها على صحة المواطن، أن الحزب ومسؤوليه لا يبالون بمدى الأثر السلبي الذي تلحقه صفقاتهم ومشاريعهم المشبوهة بحياة الناس، لأن كل همه جمع الأموال من حلال كان أم من حرام، ومن باب التذكير فإن الحزب لم يكن بعيداً عن فضيحة اللحوم الفاسدة التي كُشف النقاب عنها في الصيف الماضي، وتورط بعض مسؤوليه مع بعض التجار الذين ظلّوا في منأى عن المحاسبة أو المساءلة.
في كل قضية يسارع الحزب الى التنصل منها، ففي قضية عزالدين تنصل من مسؤوليته عنه وعن صفقاته، لكن الوقائع أثبتت أن هذا الرجل كان المسؤول المالي الأول في الحزب وكان يدير تجارته وبرعاية منه. وفي قضية المخدرات سارع الى نفي المسؤولية ورفع الغطاء عن المتورطين، لكن ذلك جاء بعد أن هرّب شقيقي النائب الموسوي الى الخارج، وأمّن الملاذ الآمن لمن بقي في لبنان. أما في فضيحة الأدوية فبيان الوزير فنيش واضح، هو لم ينفِ مسؤولية شقيقه عن كل هذه الفضيحة وترك الأمر للقضاء، ولكن ماذا سيفعل القضاء إذا كان الملف المحال من وزارة الصحة على القضاء يجهّل الفاعل الى أن يتمكن من الفرار ويترك للقضاء أن يبحث عن سراب، ولذلك، فالمطلوب أن يتلهّى اللبنانيون بهذه الفضيحة التي لن تصل الى أفق قبل أن تطلّ فضيحة أخرى برأسها.
ملاحظة:
المصدر هنا.
هناك تعليق واحد:
قد يظن البعض ان حزب الله اللبناني يتمتع بمعصومية الائمة الاثني عشر وهو مقدس الى درجة ان ما يفعله وما يقوم به هو امر الهي لا يجوز لاي كان ان يقترب من مناقشته او التطرق اليه لان الحزب استطاع ان يوصل رسائله الالهية عن طريق مقاومته في لبنان
وهنا لا بد من ان يعرف القارىء ان من كانت عقيدته ابتداءا فاسدة وتقوم على تفريق الامة وخلخلة مفاهيمها ونقض تاريخها وتكفير ائمتها والعداء لاصالتها العربية والطعن في مقدساتها لا يمكن ان نجلله بالقداسة وان يكون نظيفا وبريئا من الفساد
وان حاول الايحاء بذلك
والشواهد على قتل اللبنانيين وغير اللبنانيين الشرفاء كثيرة على ايدي حزب الله واعوانه
فالغاية عنده تبرر الوسيله ولا يرى قادته ضيرا في ذلك فهو في العراق متحالف مع اعداء الاسلام والعرب اما في لبنان فمتحالف مع الشياطين من اجل ابقاء سيطرته وبكل الوسائل الارهابية على المفارز الحيوية في اجهزته سواءا عن طريق التخويف او الرشوة او الاغتيال او التجنيد
ولا اعتقد ان احدا في لبنان على الاقل لا يدرك هذه الحقائق
ولكم تحياتي
إرسال تعليق