موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الخميس، 22 نوفمبر 2012

الاردن.. استحقاقات القطرية وغياب الشعور القومي

مثنى عبدالله

غزارة في الانتاج وسوء في التوزيع .. هذه هي الحقيقة التي يتوصل اليها كل من يُمعن النظر في خارطة الثروات في الوطن العربي. لاتوجد دولة على وجه الارض حققت اكتفاء ذاتيا وأعتمدت على ثرواتها. لكن الدول بدأت تتغلب على ذلك بالبحث عن أطر تعاون تتخطى حدودها الادارية. بعضها ذهب الى إعداد صيغ تعاون على مستوى اقليمي أو قاري كما هو الحال في الاتحاد الاوروبي ودول أسيا الوسطى، حتى بدأنا نرى خطوط أنابيب النفط والغاز تتمدد في طول وعرض الخارطة الجغرافية الاوروبية، والرساميل تتحرك بحرية تامة في كل القطاعات التجارية والصناعية، فتخلق الملايين من فرص العمل.

أما البعض الاخر فقد عكف على تطوير انتاجه التكنولوجي بشكل مكنه من احتكار هذه الحلقة المهمة في الصناعة، ففرض بهذا الاسلوب شروطه على الآخرين كي يحصل على ماينقصه من ثروات بشروط أيسر.
كل ذلك خلق حالة من تداخل المصالح وشبكة من العلاقات الاقتصادية بات الكل يدرك فيها أن أي خلل في هذه المعادلة سيسبب الضرر الشامل، ولن تخرج أية دولة سالمة أو رابحة من الازمة. لذلك نرى الاستنفار الاوروبي الكامل على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لإيجاد سبل تكفل النهوض بالواقع الاقتصادي في اليونان واسبانيا وأيطاليا، على الرغم من امتعاض هذه الدولة أو تلك من تاثر اقتصادها بأزمة هذه البلدان، لكن التخلي عنها غير موجود في الاذهان. كما أن هذا التعاون ساعد في خلق حالة من الشعور الانساني والتضامن الاجتماعي أيضا، فتخلى الجميع عن الانانيات الضيقة مما عزز الشعور بالانتماء الاوروبي بين المواطنين. 
ولو أسقطنا هذه التجربة الناجحة على واقعنا العربي لوجدنا الصورة بشكل معكوس تماما.
فعلى الرغم من أننا أمة واحدة في جميع المقاييس والاعراف، لكن رؤية النظام الرسمي العربي الى كل الشؤون التي تخص الامة هي رؤية مجزأة وتعمل في اطار أناني ضيق، والانانية في السياسة والاقتصاد بين اقطار الامة الواحدة في ظل الظروف الدولية والاقليمية الحالية، باتت تعني القضاء التام على مستقبل الاجيال العربية القادمة، لأن قانون الانسانية اليوم يمضي سريعا باتجاه تشكيل أطر جديدة من التعاون ودخولنا الى هذه الاطر بدون خصوصيات تميزنا، ستجعل أجيالنا تعاني استلاب الهوية والتغريب.  لقد اُنشأت دول عدة على خارطة الوطن العربي السياسية لأغراض المساس بمصالح الامة لا أكثر.
والنبيه يرى بوضوح أن مبضع الاستعمار الذي قسم الوطن العربي جعل في خاصرة كل قطر يحمل مقومات القيام بدور ريادي، دولة بدون مقومات. كان الهدف من ايجاد هذه الدول ابقاءها في ارتباط تام بالغرب، كي يشاغل بها الاقطار الريادية حينما تحاول الخروج عن الخط المرسوم.
كان الاردن احدى هذه الدول التي أنشأت لاغراض خاصة. وبدلا من أن يعزز النظام الرسمي العربي مقومات الاردن كدولة، وينهض بالواقع الاقتصادي لشعبها الابي كي يعزز مسيرة الامة بما يملك من طاقات وأمكانات خلاقة، ويساهم في فك ارتباطها بالمساعدات الغربية المشروطة والتي تبقيها في حالة سمع وطاعة لكل مايطلبه الغرب، فإن النظام العربي أوغل في اذلال هذا الشعب المكافح، وظل لعقود من السنين يتفرج على معاناة أهلنا في الحصول على ماء الشرب أو الزراعة، بينما كان نهرا دجلة  والفرات يجريان قرب حدوده ويذهب ماؤهما العذب الى البحر، دون ان يفكر احد بأنشاء قناة تمد أهلنا بما يحتاجون من مياه.
كما كان يتوسل بوسائل بدائية للتدفئة في فصل شتاء قارص لإنعدام الوقود، بينما تطفو أقطار شقيقة على بحيرات نفط. وعندما تخوي خزينته كان ينتظر المساعدات الدولية كشعب منكوب، في حين تطفح المليارات في خزائن ذوي القربى، وحتى عندما كان يساهم شعبه بشكل فاعل بعلمه وجهده في النهضة الاقتصادية والعمرانية في دول عربية معينة، كانوا يتعاملون معهم بسوء أكثر مما يعاملون العمالة الاسيوية، لأنهم كانوا يرون فيهم خطرا محدقا على أنظمتهم السياسية، لأنهم يعرفون جيدا بأن الشعب الاردني قومي حتى النخاع وعروبي حتى العظم، لذلك لازال حتى اليوم يدفع ثمن موقفه القومي الاصيل من القضية العراقية، على الرغم من أنه كان بإمكانه اللحاق بركب النفاق السياسي والتآمر على الامة كي تنهال عليه المليارات العربية.
ان ربط المساعدات العربية للاردن سابقا وحاليا بالتخلي عن مواقف سياسية معينة، والضغط عليه لإتخاذ مواقف قريبة من هذا الطرف العربي أو ذاك، انما هو عار على الانظمة السياسية العربية، وهو تخل كامل عن واجب قومي وليس منة. فالثروة القومية ليست ملك أحد، بل هي ملك الامة، وأن جمعها واستثمارها في البنوك الاوروبية والامريكية في وقت يقترب شعبنا من حافة الانفجار بسبب الجوع وقلة الموارد هي خيانة كبرى، في عصر يهب العالم فيه الى مساعدة الشعوب الفقيرة والتي تعاني من أزمات غذائية على الرغم من عدم ارتباطه معها بصلات كالتي يرتبط بها شعبنا العربي.
واذا ماكان يعانيه شعبنا العربي في الاردن وفي غيره من الاقطار الفقيرة الاخرى من مشاكل اقتصادية هي نتاج القطــــــرية التي عصفت بوحدة الامة، فإن الشعور القومي يجب ان لايغيب عن وعينا وأن يكون حافزا لنا للوقوف مع أشقائنا في كل الاقطار التي تعاني صعوبات اقتصادية، واذا كان البعض يتحجج بالفساد المالي الذي تعانيه الاردن ويتوانى عن تقديم المساعدات اللازمة، فإن بالامكان تجاوز هذه المسألة من خلال وضع نظام رقابة صارم يدقق في أبواب الصرف، لكننا على يقين تام بأن البعض يريد أن يكون هنالك ثمن لكل دولار يدفعه لأبناء الامة، لكنه يفتح خزائنه على مصراعيها أمام الغرب وبدون حساب عندما يطلبون منه القيام بدور ما.
حدث ذلك عندما كان العديد من أجهزة المخابرات العربية تحمل ملايين الدولارات وتطوف في الصحراء الافريقية، بحثا عن الغربيين المخطوفين على ايدي القاعدة وغيرها كي يتم تحريرهم بفدية عربية.
لقد دعا الرئيس الراحل صدام حسين في مؤتمر القمة العربية في العام 1989 الى انشاء صندوق عربي يموله الاغنياء في الامة لمساعدة الفقراء فيها، وأن توزع الثروة العربية مابين الاقطار العربية، وأن لايكون هنالك متخم وجواره فقير يتضور جوعا فيضطر الى ربط مصالحه مع الغرب ضد مصالح الامة من أجل الحصول على مساعدات غربية. وقد كان للعراق سبق التصرف القومي الصحيح بالثروة عندما كان يزود الاردن بالوقود المجاني والمدعوم أيضا، اضافة الى ملايين الدولارات كمساعدات مجانية، وساهم في انشاء العديد من المشاريع المشتركة التي وفَّرت عدد كبير من فرص العمل لشعبنا في الاردن، وهو موقف قومي مسؤول لايمكن الانتقاص منه مهما اختلف البعض مع الراحل، وهذا هو الذي لازال حتى الان يقدره الشعب الاردني الشقيق.
أن إيجاد منظومة غذائية عربية كجزء مهم من أمن الامة القومي، هي مسؤولية اللاعبين الكبار فيه ممن يتمتعون باقتصاديات قوية. وهذا يتطلب المشاركة الفعالة في وضع مبادئ عمل واليات تضمن تفادي تعرض أي قطر عربي الى أزمة غذائية، وتطويق أي تطور خطير ينتج عن ذلك، والمساهمة الفعالة في حلها، كي لاتذهب الحكومات العربية لاستغلال الحل الامني في مواجهة الجوع، والذي ستكون فيه كل الاطراف خاسرة. كما حان الوقت للتخلي عن العمالة الاجنبية في الاقطار التي تعاني من قلة الثروة البشرية، والاستعاضة عنها بالايدي العاملة العربية للحد من هجرة الادمغة العربية، ومشهود للاردن بالعقول العلمية الكفؤة والايدي العاملة الماهرة، ومن حقهم على الامة أن يكون لهم مكان طبيعي في عجلة نهضتها، وأن لاتكون فيه أفواه جائعة. ويقينا ستكون الامة أول الخاسرين في حالة انفجار الوضع فيه.
كاد الفقر أن يكون كفرا .


ملاحظة:
نشر المقال هنا.


هناك تعليقان (2):

ابو ذر العربي يقول...

رحم الله الشهيد صدام حسين الذي استشرف معاني الامة الاصيلة في حقها بثرواتها وجسدها فعلا في دعم ابناء الاردن وفلسطين وبقية الاقطار العربية الاخرى كواجب قومي وانساني وليس كمنه او للمزايدة
فعندما تتحقق القيم في النفوس اولا يسهل العمل بها وتصبح جزءا من حياة الامة ومسيرتها اليومية
ولا يجوز ان تبقى الاموال رهينة في بنوك الدول الغربية والشعوب العربية تتضور جوعا
فاين القيم العربية والاسلامية في هذه المواقف ؟ واين النخوة العربية عند هؤلاء المتكرشين الذين ينهبون وينفقون الاموال الطائلة اشباعا لرغباتهم الشخصية والناس من حولهم يموتون جوعا ؟
ولكم تحياتي

Anonymous يقول...

كنت مرافقآ للرئيس الراحل من مدينه ..... الصامده.. في عراقنا الحبيب
وانا اتابع مدونتنا حيث كانت الايام الماضيه قد جعلتني ابتعد عن النيت لاسباب خارجه عن ارادتي وحين اللحاق بمن يتابع باستمرار ماينشر في وجهات نظر قرأت للاخ أبو ذر العربي ملاحطته بشان الموضوع حيث اعاد بمتابعته لذاكرتي مشروعآ ذكيآ رائعآ للرئيس الراحل صدام حسين طيب الله ثراه وقد طرح على الاخوه في المملكه العربيه السعوديه وكان ذلك في الثمانينيات من القرن الماضي كان المشروع المقترح من الرئيس الراحل ان يكون هناك مشروعآ يتم تمويله من العراق والسعوديه حيث تجمع الاضاحي التي تنحر في موسم الحج لتودع في معمل ضخم جدآ بغيه تهيئتها للتعليب كي يسهل توزيعها على الشعوب العربيه التي تكون في حاجه لاستهلاك اللحوم بدل ان تطمر ... ولم ينفذ المشروع ذلك وقتها لاسباب ليس للعراق سببآ بذلك وليس لسبب شرعي وعلى ما أظن وليس متأكدآ من ذلك ان ذلك المشروع نفذ في نهايه التسعينيات ....هكذا كان الرئيس الراحل وهكذا كان العراق عندما رفع شعار نفط العرب للعرب والمساعدات التي قدمت للكثير من الدول العربيه المحتاجه معروفه وقد شملت تلك المساعدات والمشاريع حتى لانارة الشوارع وتبليط الشوارع والتعليم والتنقيب على النفط و .. و .. ومنح ماليه لعوائل الشهداء وبناء بيوتهم بل وصلت حتى لاهداء طائرات الترايدنت وقتها فاين انت ياشعب الذرى من ذلك ليس منة او فضلآ ولكنه ايمان بان الدم واحد ياعرب .. ولا اريد ان ابتعد عن الموضوع لاقول اين انتم من شعب العراق والذي وصل الامر لحكام سوريا ان يستعملو العصي لضرب اللاجئين العراقيين في دوائر الاقامه ولايسمح بدخول العراقيين حتى الى موريتانيا الا بعد أشهر من المتابعات وبفيزه مححد الشروط مسبقآ وفرض ضريبه على ذلك وذلك هو الحال في غالبية الدول العربيه وذكر ان نفعت الذكرى لكم تحياتي واصبت ايها العزيز الاستاذ مثنى باثاره مثل هذا الموضوع وسنبقى اوفياء للاوفياء النشامى منهم بعونه تعالى ونحن في العراق نبقى نحتظن قلوب اشقاءنا في العروبه

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..