موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الثلاثاء، 19 يوليو 2011

رحيل "ماكنة الأفكار الضاحكة"

هذا الرجل الضاحك أبداً، الذي يبعث البسمة في قلوب مجالسيه ويرسمها في سويداء القلب قبل الشفاه، هذا الرجل الذي لم أسمع أحداً ينتقده أو يلومه أو يسيء اليه عبر 37 عاماً عرفتها فيه، نبيلاً طيباً صادقاً أميناً، رحل الليلة الماضية عن دنيانا، وانتقل الى رحاب ربه الكريم... إنا لله وإنا إليه راجعون.





وأجدني هنا أعيد نشر حوار قديم مع الكاتب الصحفي البارع، عبدالإله رؤوف، أجري قبل 11 عاماً... متقدماً إلى أسرته الصغيرة، وإلى محبيه وقرائه في الوطن العربي، الذين تربوا على فيض قلمه الرائع، بأحرِّ التعازي وصادق المواساة سائلاً الله العلي القدير أن يلهمهم الصبر الجميل، ويتقبله برحمته الواسعة التي كان، رحمه الله، يرجوها بصدق..

مصطفى
........

عبد الإله رؤوف

ماكينة الأفكار الضاحكة


       q لشخصية جحا مغناطيس يشُّدني إليها
       q ظهور ناقد لأدب الأطفال الآن مبكر جداً
       q لا بد أن يقرأ الطفل ويتعلم وعلى شفتيه ابتسامة


        كاتب أطفال متميز صدرت له عشرات المؤلفات فضلاً عن تواصله في النشر منذ أكثر من ثلاثين عاماً في مجلة (مجلتي) العراقية للأطفال ، له أسلوب فكاهي خاص  وشخصية معروفة (جحا) ضمَّنها في سيناريوهاته ومغامراته الكثيرة 000 انه أشهر كتّاب أدب الأطفال في العراق الكاتب عبد الإله رؤوف الذي كان لنا معه هذا الحوار عن تجربته وعن هذه الشخصية التي تميز بها .
         ×    عرفت بشخصية (حجا) التي ضمنتها في العشرات من قصصك المتسلسلة (السيناريوهات) المصورة وأصدرت بها كتباً ، وقد ذكرت مرة بأن لشخصية (حجا) مغناطيس يشدُّك إليه ، فما السبب ؟
           ·     شخصية (جحا) شخصية عالمية ، ففي كل بلد من بلدان العالم جحا خاص به ، أو شخصية مشابهة لمواصفات جحا رغم أنها تختلف عن الشخصيات الأخرى   بالاسم 000  وفي كل البلدان تكتشف أن جحا هو إنسان بسيط التفكير ساذج في بعض الأحيان وماكر في أحيان أخرى يقول كل ما يفكر به بصوت عالٍ دون أن يحتاط لهذا الأمر000 فهو لا يحبذ المجاملات ولا يتملق أحدا من رجال السلطة حتى لو كانت السلطة نفسها ، مثلما حدث له مع تيمورلنك ، كما أنه يجيد عمل المقالب في بعض الأحيان .
وجحا في النهاية إنسان نظيف خالي من العقد وعيوب المجتمع 000 لقد أحب الأطفال جحا لمواصفاته هذه وربما لأنهم وجدوا فيه إنسان يستحق العطف .                    
 لقد استهوتني شخصية ( جحا ) فتعلقت بها وكتبت عنها الكثير ، ولا يزال في جعبتي الكثير أيضاً لكي أكتبه ، فهذه الشخصية فيها مغناطيس يشدُّني إليها دائماً ولا يمكن الفكاك منها بسهولة ، أحياناً أرى نفسي في جحا أو بالعكس يرى جحا نفسه فيَّ ولا أدري .
                               ×            يقال أن كاتب الأطفال هو أديب فاشل ، ما ردك على هذا الرأي ؟
           ·     في ساحتنا الأدبية ليس هناك ما هو أسهل من إطلاق النعوت والتسميات خاصة عندما يتعذر على البعض فهم حالة أو ظاهرة أدبية جديد أو يفشلوا في تقييمها بالطريقة الصحيحة والمنصفة .
      وأدب الأطفال هو أكثر أنواع الأدب تعرضاً للظلم والتجني ، وفي الغالب يكون هؤلاء الظالمين أدباء يكتبون للكبار فشلوا في الكتابة للطفل فأرادوا أن يسقطوا إحباطاتهم على مساحة أدب الطفل برمَّتها ، وكم كنت أتمنى لو أن عددا من هؤلاء سافر إلى إحدى البلدان المتحضرة وحاول أن يتعرَّف على مكانة أدب الطفل وأدباء الأطفال في تلك  البلدان ، لا شك أن الصورة سوف تتغير في ذهنه 000 وعموماً أنا متفائل على الرغم من هذه النظرة (الدونية) لأنها مؤشر إلى أن  كل ما هو جديد مرفوض في البداية ولكنه باقٍ في النهاية ، وبقاء أدب الطفل في الوطن العربي حقيقة لا يمكن نُكرانها بأي شكل من الأشكال ولكن لا بد لهذا البقاء من ثمن ، وثمن غالي جداً .
         ×    باعتبارك أحد الإداريين البارزين في دار ثقافة الأطفال ، المؤسسة الخاصة بإصدارات الأطفال في العراق ، وأحد ابرز كتابها ، هل لك أن تعطينا لمحة سريعة عن تاريخ أدب الطفل في العراق وعن أهم مطبوعاته ؟
           ·     أدب الأطفال بدأ في العراق في مرحلة مبكرة من هذا القرن فقد صدرت العديد من الكتب الموجهة للأطفال في منتصف العشرينات من هذا القرن ، ويعزى هذا التشجيع إلى الأستاذ ساطع الحصري الذي كان يهتم بقطاع الأطفال ويشجع كل ما يكتب لهم ، وكانت البدايات قصص تربوية وكشفية وحكايات تراثية 000 وفي منتصف هذا القرن صدرت بعض مجلات الأطفال أسسها بعض المربين وقد توقف عدد منها بسبب ارتفاع كلفة الطباعة والورق ، كما أن عددا من الصحف اليومية أفردت زوايا يومية مخصصة للأطفال وقرائها الصغار .


 وفي أواخر عام 1968 صدر أول مطبوع للطفل العراقي تحت اسم ( مجلتي ) وبعد ذلك بعام واحد صدرت تجربة أخرى فريدة من نوعها وهي جريدة للطفل تحمل اسم (المزمار) وسرعان ما تحول المطبوعان إلى مؤسسة ثقافية باسم ( دار ثقافة الأطفال ) كبرت وأخذت تصدر العديد من الكتب ونشريات الأطفال محققة شهرة واسعة في الوطن العربي ، وفي سنة 1981 تجاوز عدد العناوين التي أصدرتها الدار المائتي عنوان طبع معظمها في المطابع المحلية والباقي في اليابان وفي قبرص وإسبانيا .
         ×    تميزت بكتاباتك التي نالت شهرة خارج العراق أيضاً لكنك لم تنل جائزة ما، فما السبب في تقديرك؟
           ·     كتبت العديد من الكتب الموجهة للأطفال أجد أحياناً صعوبة في تذكرها أو حصرها ، أما مسألة الفوز بجائزة ما فهذا لم يتحقق لأن أكثر كتبي صدرت في بلدي ولم تغادر الحدود ، كما أن المسابقات الخاصة لأدب الأطفال في العالم العربي محدودة  جداً أو ليس لها وجود في غالب الأحيان ، وهذا يكشف لنا حقيقة مهمة وهي أن معظم المؤسسات التربوية العربية مقصِّرة إزاء أدب الطفل ولا ترعاه الرعاية الكافية ، وعموماً فإن أي كتاب يصدر للطفل في وطننا العربي هو فوز للقارئ الصغير المحروم من وسائل الاتصال الثقافي بشكل لا نظير له عن مثيله في أي بقعة من بقاع العالم .
                               ×            من برأيك أبرز كُتّاب أدب الطفل في العراق ؟
           ·     كثيرون هم كُتّاب أدب الطفل في العراق ، بعضهم وَدَّعنا ورحل بصمت والآخرون يواصلون عطائهم رغم شحة الورق والطباعة ورغم الحصار الظالم ويأتي شعراء الطفل في العراق في مقدمة كتاب الطفل لأن عددهم كبير وأستطيع أن أقول بثقة تامة إن شعراء الطفل في العراق هم رواد هذا الفن في الوطن العربي ، يواكبهم على نفس الدرجة من المقدرة كُتّاب آخرون في مجالات القصة والسيناريو والرواية 000 وهناك أسماء ستظل خالدة في سفر الأدب العربي رغم أنها تخضع للتعتيم الإعلامي المقصود ، أذكر منهم جعفر صادق وشفيق مهدي وفاروق سلوم وفاروق يوسف وعبد الرزاق المطلبي وصلاح محمد علي.
أما بالنسبة للشباب فأكثرهم يميل للكتابة في مجال الشعر وهم يتعلمون في كل يوم ما يغني تجربتهم ويزيد من مواهبهم وعطائهم ، صحيح أن أجواء الرومانسية والخيال المفرط وأحياناً التقليد الأعمى لبعض التجارب الكبيرة في أدب الطفل العالمي والعربي تغلب على بعضهم ولكننا نجد أسماء مهمة أيضا .
                               ×             الحصار كيف أثّر على إصدارات الطفل؟ وعلى إنتاجك بوجه خاص؟
           ·     ليس خافياً أن الحصار اللاإنساني الذي يتعرض له العراق أثَّر بشكل واضح على ثقافة الطفل في بلد كان يعتبر رائداً لهذا النوع من الأدب ، فقد تقلَّصت المطبوعات وانكمشت صفحات ( مجلتي ) إلى الحد الذي يثير كوامن القلق على مطبوع له سمعة تاريخية وأدبية طويلة .
أما فيما يتعلق بنشاطي الأدبي فأحاول في الوقت الحاضر إصدار بعض الكتب الموجهة للبراعم الصغيرة والمساهمة مع بعض العلماء الإجلاء في كتابة بعض قصص الأطفال ذات الطابع الديني .
                               ×            بماذا تفسر افتقار أدب الطفل لناقد متخصص بارز ؟
           ·     أدب الطفل أدبٌ جديد على الساحة العربية ، والحركة النقدية في الأدب العربي لا تزال تعاني من همومها الذاتية وأمراضها الخاصة بها ، واعتقد أن ظهور ناقد لأدب الطفل في هذا الزمن أمر مبكر جداً 000 فالمحاولات النقدية التي ظهرت بين الحين والآخر لم تكن بمستوى الطموح ، ويعود ذلك إلى قلة الدراسات الخاصة بأدب الطفل ، حيث أن هذه الدراسات تساعد  الناقد على زيادة معارفه في هذا الفن وبالتالي تساعده على إصدار أحكامه النقدية بموضوعية وثقة ، وأعتقد أننا بحاجة إلى لقاءات عربية لتبادل الخبرات والمعلومات لأنَّ مثل هذه اللقاءات تساعد في نمو الحركة النقدية لأدب الطفل العربي .
         ×    أعتقد أن وصفك بـ ( ماكينة الأفكار الضاحكة ) وصف مناسب،  لما عُرِفتَ به من سرعة بديهية وخفة دم تركت بصماتها على كتاباتك، فما رأيك ؟
           ·     لا يمكن أن تقدم المعرفة المجردة للطفل دون توابل ومقبلات ، فالطفل بطبعه يحب الضحك ويريد أن يضحك وحتى الأطفال  الجادّين تختبئ في دواخلهم رغبة قوية للضحك ، ومن خلال تجربتي فإن همَّ الطفل الأول البحث عن المتعة الجمالية ، ولي كثير من النتاجات تؤكد هذه الحقيقة ولكنني أدركت بمرور الوقت أن المتعة وحدها لا تكفي فلا بد قبل ذلك أن يقتنع الطفل وأن يعرف وأن يتم ذلك وعلى شفتيه ابتسامة عريضة وضحكة عميقة من القلب ، وربما كان اختياري لهذا النوع من الكتابة عائدٌ إلى أن الذين يكتبون بهذه الطريقة قليلون في الوطن العربي وقد أردت أن أكون رقماً يضاف إلى عددهم القليل .

هناك 3 تعليقات:

Anonymous يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم

كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
صدق الله العظيم

الرحمه والغفران من الله عزوجل للراحل الاستاذ
عبد الإله رؤوف الذي ستبقى ذكراه عطره في قلوبنا وعقولنا هذا الكاتب الكبير الذي شد اليه الكبار قبل الصغار واروع ما بالكاتب عندما يستطيع ان يحاكي الصغار هكذا هو عبدالاله رؤوف رحمه الله ومنح اهله وذويه وكل من عرفه الصبر والسلوان
اخوكم ناطق

Iraq_Over_Red_line يقول...

هذه القبور تملأ الرحب فأين من الرحب سيكون مثوانا ...
كل نفس ذائقة الموت ولن يبقى الا وجه الله الكريم ...
انا لله وانا اليه راجعون الهم الباري ذوي الفقيد الصبر والسلوان وجعله من اهل الجنان
هذا حال الدنيا يوم فيها والباقي هناك ..
صقرالعراق

بشار البياتي يقول...

في البداية_انا لله وانا اليه لراجعون _وبعدها أصدقاً ام خيال؟ أصدقاً رحل؟ بكت الحروف ولبست الكلمات السواد ونصب عالم الاطفال ديوان عزاء وجلست قصصك تأخذ العزاء فيك.
ذهبت معك الامال والاحلام وحتى الالوان بهتت ولم يصبح لها معنى.
ابكيت قلوبنا قبل عيوننا برحيلك ماذا نفعل بعدك؟ ماذا نحكي للاطفال بغيابك؟ أنقول لهم ان ملاكاً هبط من السماء وعاش معنا كل تلك الفترة يروي ويحكي اجمل القصص ويضمنا الى صدره الدافئ ويغمرنا بحنانه الفياض وبعدها رجع الى الفردوس الاعلى ليكمل ما بدأه؟
ماذا نقول بعدك يامن علمتنا الحرف والكلمة ،البسمة والفرح ،الحكمة والايمان،الحب بلا حدود والحنان بلا مقابل وبقينا نغفو على همساتك حتى نضج عودنا؟
آه آه آه ماذا فعلت بنا عمو بحياتك وبانتقالك الى الرفيق الاعلئ كم كنت تحبنا ونحبك وتقول كلكم اولادي وتدعو لنا جميعا بظاهر الغيب؟
وما فبضان روحك الطاهرة الى بارئها وانت ساجد في بيت الله الا كرامة ربانية ظاهرة وحسن الخاتمة الاكمل الذي كنت تدعو به ليل نهار.
نم قرير العين يامن كنت نورها فاننا والله على العهد باقون ولسيرتك ذاكرون ولامانتك حافظون وعلى عراقك الذي احببته بلا حدود مضحون .
افخري يانور وافخري يا نعم فإن لكم ابا كان بوجوده، وبعدها بروحه، منارة تنير دروب الاجيال الماضية واللاحقة .اما انت ايتها الخالة العظيمة فكنت وما تزالين شامخة وباسقة كالنخلة العراقية رغم عاديات الزمن وامتحان الاقدار تتلألأين دراً وياقوتاً فكان الله في عونك انه نعم المولى والنصير. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين ...
ابنكم بشار

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..