برغم ان العراق يعيش، ومنذ احتلاله، تحت سطوة مجرمين أشد بشاعة من المجرم (أبو طبر) الذي روَّع العراقيين مطلع سبعينات القرن الماضي،
الا ان بعض المحسوبين على الاعلام العراقي، تفتق ذهنهم (العبقري) عن إعادة انتاج قصة ذلك المجرم، من منظور سياسي حاقد على النظام الوطني الشرعي في العراق.
وتعقيباً على هذه المحاولة الخبيثة، بادر الدكتور أكرم عبدالرزاق المشهداني، وهو الخبير القانوني والأمني العربي المعروف، الذي كان أحد فريق التحري مع ذلك المجرم، باعتباره محقق الأدلة الجنائية، بالرد على تلك الأصوات النشاز في أكثر من مقالة نشرها خلال السنتين الفائتتين.
ولأن المحاولة الخبيثة مستمرة في مساعيها، فقد حرص الدكتور المشهداني، على إعادة طرح الموضوع مجدداً، ليفهم من يريد أن يفهم، ويتخلى عن ذلك التسويق الخبيث لبرامجه التلفزيونية.
وتتشرف (وجهات نظر) بنشر ما أرسله اليها اللواء المشهداني، مشكوراً، لتعميم الفائدة المرجوة على قرائها الكرام.
...
"أبو طبر" الجنائي يُعاد إنتاجه.. سياسياً!
د. أكرم عبدالرزاق المشهداني
كنت قد قررت أن لا أعود إلى موضوع (إعادة تمثيل حوادث أبو طبر) من قبل إحدى المحطات الفضائية العراقية، لكثرة ماكتب حول الموضوع حيث أنني كتبت ثلاث مرات بشأنه، ولكني عدت اليوم الى الكتابة في هذا الموضوع مضطرا بعد أن علمت أن (منتجي) القصة يريدون إضفاء هالة سياسية تخدم مشروعهم وتوجهاتهم، ولن يكون المسلسل الجديد الذي سيعرض في رمضان مجرد سرد تاريخي واقعي للأحداث كما يجب أن يكون، بل أنهم سوف يركزون على أبعاد سياسية بعيدة عن الواقع، ومختلقة من بنات أفكار المنتجين وتخدم توجهاتهم وإيديلوجياتهم!!!، وبشكل أتوقع (لأنني لم أرى الحلقات وانما قرأت تعليقات وتصريحات المعنيين بهذا الإنتاج السياسي!) أتوقع أنه سيركز على جوانب سياسية (مفترضة ومغرضة) ليس لها على أرض الواقع من نصيب، وفي هذا ظلم للتاريخ وخداع للمشاهد وتضليل للرأي العام.
قرأت تصريحا للفنان العراقي المعروف عبدالمطلب السنيد بأن المسلسل سيعرض في شهر رمضان، وجسد شخصية أبو طبر فيه الفنان كاظم القريشي، وقد أضاف الفنان السنيد بأنه سيشارك أيضا في المسلسل، وروى أنه شاهد أبو طبر عندما جئ به إلى مبنى الاذاعة والتلفزيون بعد القبض عليه لتسجيل إعترافاته تلفازيا، ولكن الفنان وقع في مطبة التسييس حين أنكر إعدام هذا الشخص وقال بالحرف الواحد: "لا أعرف بعد ذلك إن كان تم إعدامه فعلا لأننا سمعنا بذلك ولم نشاهد تنفيذ الحكم!!)، وقال السنيد: "أنا أقول إنها لعبة سياسية مخابراتية كوّنت وأطلقت من أروقة الأمن العامة!!". وطبعا هذا الكلام مردود لعدة اسباب: فهل يجب ان يحضر السنيد الى قاعة الاعدام ليصدق ان ابو طبر تم إعدامه وإلا فإنه سيظل يشكك في إعدامه بعد أربعين سنة؟؟ ثم إن قول السنيد بأن أبو طبر (لعبة سياسية مخابراتية اطلقت من دوائر الأمن العامة!)، كلام لايستقيم مع المنطق حيث أن التحقيق مع ابو طبر انحصر بين شرطة مكافحة الاجرام وجهاز المخابرات، وتدخل المخابرات في الموضوع كان السبب فيه الخشية من وجود أطراف أو إمتدادات أجنبية في موضوع ابو طبر، وتأخر أبو طبر عدة أسابيع لديهم ولكن تم اعادته واحالته للمحكمة الجنائية المدنية كأي قضية جنائية بعد أن لم يتوصل جهاز المخابرات الى وجود طرف أجنبي في كل جرائم أبوطبر. والسبب الذي شكك المخابرات بالدور الاجنبي هو كون حاتم كاظم كان يتنقل بين ألمانيا ودول اوربية والمنطقة الحرة في سوريا، وكانت هناك إحتمالات (لم تثبت) لوجود طرف خارجي بالأمر وهو مالم يثبت لجهاز المخابرات بل اقتنعوا بأن الحوادث هي جنائية لا أكثر.
اليوم يريد منتجو المسلسل الرمضاني أن يرفعوا الصفة الجنائية عن حوادث أبو طبر ويغلفونها بغلاف مخابراتي والدوافع ليست خافية.
وأعود وأكرر –ليس من باب الدفاع عن النظام السابق وإن كنت أحد ضباط الشرطة حينها وقريب من الاحداث وقادر على التمييز والتفسير – إلا أنني أكاد أجزم أن حوادث أبو طبر كانت جنائية عادية لا دخل لموضوع السياسة والمخابرات فيها وسأفصل ذلك فيما بعد.
الجرائم التي إرتكبها أبو طبر:
كثيرة هي الإشاعات التي نسجت في خيال الناس من سكان العاصمة (بغداد)، والعديد من محافظات القطر، أوائل السبعينات وتحديداً عامي 1973 و 1974 عن مجرم وحش شرس أطلقوا عليه تسمية (أبو طبر) على أساس أنه يقتل ضحاياه بـ (الطبر)، ويغتصب النساء بعد قتلهن، ولا يتورع عن ارتكاب جرائمه ليلاً أو نهاراً، ولا يترك أثراً في مسرح الجريمة، وذهبت القصص والإشاعات إلى كثير من ذلك بكثير . . ومن عاشوا تلك الفترة تختزن ذاكرتهم الكثير من تلك الروايات والإشاعات والتهويلات التي تصاعدت مع كل جريمة وحشية تحصل، ولم تنقطع إلا حين وقع (أبو طبر) في قبضة رجال الشرطة على شاشة التلفزيون يعترف بجرائمه. حينها بغداد عاشت رعبا لم تعشه من قبل وصارت قصور المنصور معروضة للبيع ببضعة آلاف من الدنانير ولا من مشتري!!!!
من هو (أبو طبر) ؟
إنه (حاتم كاظم هضم) مواليد 1932 قضاء المسيب أكمل الدراسة الابتدائية عام 1946 والمتوسطة 1949 ودخل مدرسة المفوضين عام 1949 وتخرج عام 1951 برتبة مفوض ونسب إلى شرطة لواء الحلة، لكنه ما لبث أن فصل من الخدمة عام 1952 . أكمل الثانوية عام 1953 والتحق بكلية القوة الجوية (الطيران سابقاً) وفصل عام 1956 في الصف الثالث منها لكونه تسبب عمداً في إصابة طائرة التدريب بخلل . سافر إلى أقطار الخليج عام 1957 للعمل الحر وعاد إلى العراق عام 1959 واشتغل محاسب جباية في أوقاف كركوك. وقد فصل منها لتسببه في إحداث أضرار بأموال الدولة وحكمت عليه المحكمة بالسجن لمدة سنتين ونصف . سافر إلى أوربا عام 1962 وتنقل ما بين بلجيكا والنمسا وألمانيا وسويسرا واليونان وإيطاليا والولايات المتحدة واستقر فترة طويلة في (ميونخ) بألمانيا الغربية حيث عمل في تهريب السيارات والأسلحة من بلجيكا وألمانيا إلى اليونان وتركيا وسوريا لحساب مهربين وتجار ألمان ويونانيين . يجيد إضافة إلى العربية اللغات الإنكليزية والألمانية والفارسية والكردية . تم توقيفه عدة مرات خارج العراق بسبب الشجار أو انكشاف التهريب وحكم عليه في إحدى الدول الأوربية بالحبس لمدة عشرة أشهر عاد بعدها إلى العراق.
تقول صحيفة أعماله في التسجيل الجنائي العراقي: ((أنه مجرم خطر، يدخن بإفراط ويحتسي الخمور الإفرنجية والعرق، كان يهوى النساء ويقيم علاقات جنسية معهن وكان يفضل الطبيبات كان لا يتردد عن قتل ضحيته إذا امتنعت عن تلبية رغباته قام بتزوير شهادة عدم محكومية لتفادي كشف محكوميته السابقة)). وكانت جرائم ابو طبر من نمط (الإجرام العائلي) الذي يشاركه فيه باقي افراد عائلته (زوجته وابن شقيقته).
أبو طبر لايستخدم الطبر.. وإنما هي قطعة هيم تحدث أثرا كضربة الطبر...
الجرائم التي ارتكبها (أبو طبر)
1. جريمة قتل شخص يهودي يجهل اسمه في منطقة البتاويين كان يظنه من الأثرياء لكن بعد تنفيذ جريمته وجده لا يملك شيئا. وهذه لم تكن معروفة للناس لكنه اعترف بها.
2. جريمة قتل المجني عليها زوجة المدعو (رشيد مراد رشيد) في منطقة المنصور (شهر تموز 1973) التي قام بها حاتم بالاشتراك مع ابن شقيقته (حسين علي حسون) حيث دخل إلى الدار وصادفته المجنى عليها فقام بمسكها وشد وثائقها، وكمم فمها واستفسر منها عن مكان المصوغات والنقود، إلا أنها امتنعت فما كان منه إلا أن يعاجلها بضربة واحدة بـ (هيم) حديدي يحمله فلفظت أنفاسها . ثم قام بتفتيش الدار مع شريكه إلا أنهما لم يعثرا على شيء سوى قطع سجاد قاما بوضعها في سيارة المجنى عليه ونقلاها إلى دارهما ومن ثم قاما بترك السيارة في منطقة العامرية وعاد بسيارة أجرة إلى داره . وهذه أول حادثة أرعبت الناس.
3. جريمة قتل عائلة المدعو (جان ارنيست) في منطقة كرادة مريم بعد أن قام بالترصد والتأكد من قلة عدد أفراد الدار، واصطحب عدته المعهودة التي استعملها في معظم جرائمه والمكونة من قضيب حديدي ومسدس وقفازات، وذهب للدار حوالي الواحدة ظهراً وبصحبته ابن شقيقته (حسين) . وحين دخل المجرم حاتم الباب الخارجي وطرق الباب الداخلي فتحت له صاحبة الدار الباب وبادرها بسؤال سريع (من منكم مسافر خارج العراق) قالت نحن مسافرون غداً، وحين لاحظ أن الشكوك تبدو على المرأة تجاهه عاجلها بضربة بالقضيب الحديدي على رأسها أسقطها أرضاً . . ومن ثم جاءت ابنتها فضربها على رأسها وسقطت على الأرض، ثم قام بفتح الباب لابن شقيقته (حسين) وانتقلا إلى غرف الدار فوجدا بنتاً نائمة في الفراش فضربها بنفس الآلة وقاما بسرقة بعض الأغراض من البيت ونقلها بسيارة المجني عليها إلى دارهما في البياع ومن هناك ذهب إلى منطقة مدينة الشرطة وترك السيارة هناك وعاد بسيارة أجرة إلى داره . وخلال عملية ضرب المجني عليهن بالقضيب الحديدي أخطأ (حاتم) وأصاب ابن شقيقته (حسين) إصابة جعلته ينزف دماً في الدار . وقد انتبه خبراء الأدلة الجنائية إلى وجود دماء في الدار لا يطابق صنفها مع دم المجني عليهن .
4. جريمة قتل عميد الشرطة المتقاعد بشير احمد السلمان وعائلته في مدينة الشرطة الأولى (عند نفق الشرطة تقريبا) يوم 4/9/1973 : حيث دخل (حاتم) الدار مع ابن شقيقته (حسين) عن طريق تسلق الجدار إلى الدار المجاورة وبقي في حديقة الدار من الساعة الواحدة ظهراً حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل . ومن خلال دار الجيران تسلق (حاتم) الجدار عن طريق السخان ثم فتحة التبريد إلى سطح دار المرحوم (بشير) وعائلته وكانوا نائمين على سطح الدار (بسبب حرارة الصيف) وبعد أن تأكد من أنهم جميعاً نائمين بدأ بقتلهم مبتدئاً بـ (بشير) حيث ضربه على رأسه ثم انتقل إلى ابنه (احمد) 12 سنة طالب في الصف الرابع الابتدائي ثم زوجته (بشرى احمد خليل) معلمة في مدرسة الازدهار، وقتل شخصاً رابعاً تبين أنه (إحسان جميل احمد) 21 سنة طالب جامعة ابن شقيق زوجته وكان ضيفاً عندهم، ثم قام مع ابن شقيقته (حسين) بإنزال الجثث من السطح إلى داخل الدار ووضعهم في بانيو الحمام أما المرأة فقد وضعها على سرير المنام . ثم نقلا المسروقات بسيارة المجني عليه إلى دارهما ومن ثم قاما بترك السيارة خلف مستشفى اليرموك .
5. جريمة قتل عائلة جان آرنست في كرادة مريم حيث ان الضربة التي اطلقها المجرم على الخادمة لم تصبها بمقتل وبقيت فاقدة الوعي لفترة طويلة واوفدتها الدولة للعلاج على نفقة الدولة ولكن لم تتذكر شيئا.
6. أما آخر جريمة قتل ارتكبها فهي قيامه بقتل حلاق (يجهل أسمه) في منطقة النعيرية والكيارة، وقام بسرقة مخشلات ذهبية ونقود وأثاث وسجاد وذلك بسيارة المجني عليه وتركها في منطقة الشعلة وقد اشترك معه في ارتكاب الجريمة المدعو حمد عبد المهدي .
7. كان أشقاء (حاتم) كل من حازم وغالب ووالدتهم وزوجته يشاركون المجرم في جرائمه من خلال تصريف المواد المسروقة والتستر على أفعاله الجرمية .
8. محاولة سرقة دار الدكتور احمد العندليب، حيث ترصد المجرم (حاتم) مع (حسين) دار الدكتور بعد أن عرف أنه غني ويمتلك نقوداً وذهباً وحين دخل الدار لم يجد أحداً وإنما قام بنقل الذهب والنقود والأثاث بسيارة إلى داره .
9. وحين وجه المحقق سؤاله إلى المجرم (حاتم) : أليس بإمكانكم أن تنفذوا ما تريدون من جرائم سرقة دون اللجوء إلى القتل؟. قال حاتم : (إن سبب لجوئي إلى القتل يعود لسببين : الأول إن الخطة التي كنت ارسمها لدخول الدار مقتحماً سيكون أصحاب الدار في حالة يقظة. . والحالة هذه لا أستطيع أن أقوم بالسرقة أو الاغتصاب أو السند إلا عن طريق القضاء على من في الدار. ومن ناحية أخرى إن قتل أهل الدار يفسح المجال لي للتصرف بحرية . بالإضافة إلى عامل هو إني كنت تحت ظروف نفسية تدفعني للقتل، حتى ولو تطلب الأمر شرب دماء البشر)!!
10. إنقطعت جرائم ابو طبر من شهر تشرين أول 1973 ولمدة عشرة اشهر تقريبا لغاية القبض عليه يوم 30/8/1974.
كيف تم القبض على أبو طبر ؟
استخبرت سيطرة النجدة في الساعة 1455 من يوم 30/8/1974 هاتفياً من عائلة أميل رؤوف، مخبرين بوجود لص داخل الدار المجاورة لهم في شارع الصناعة والعائدة للدكتور يوسف بولص بيدروس الجادرجي . فقد حضرت دورية النجدة وقبضت على المدعو (حاتم كاظم هضم) أدعى في البداية أنه ضابط طيار متقاعد، ثم تراجع وقال أنه صاحب محل في ناحية الاسكندرية، وقد سلمته دورية النجدة إلى مكتب المكافحة وهناك اعترف أنه دخل الدار وهي خالية من ساكنيها عن طريق كسر الباب وخلع الشباك وقام بتجميع المواد الثمينة تمهيداً لنقلها وعثر بحوزته على مسدس حجم 5 ملم مع شاجور و 6 أطلاقات ومفك وشيش حديد (قضيب) مع حربة مع سلك طويل نهايته (جنكال).
وعند انتقال هيئة التحقيق إلى دار المتهم (حاتم) عثروا على كثير من المسروقات التي تطابق أوصاف المواد المسروقة من دور الضحايا. وكانت اللجنة تبحث عن سروال من قماش نادر ثمين كان الجاني قد سرقه من دار المدعو (جان آرنيست). وقد ضبط السروال في دار المتهم غالب.
شرطة بغداد تستنفر قوتها
في اثر وقوع الجريمة الثالثة (جريمة قتل بشير السلمان) وجه مدير شرطة بغداد برقية الى جميع أقسام بغداد جاء فيها : (وقعت حادثة خطيرة ثالثة في مدينة الشرطة راح ضحيتها أربعة مواطنين أبرياء. وضابط شرطة قديم، زوجته، طفله، شاب قريب له.. ولغرض اتخاذ الإجراءات الوقائية لحماية أرواح المواطنين اطلب إليكم كافة استنفار جميع مرتباتكم بجميع صنوفهم للقيام بالدوريات والمراقبات والاستخبارات لتقصي آثار الجناة المجرمين، وإننا نقدر فيكم الروح والشهامة الإنسانية للاضطلاع بهذه المهمة الخطيرة . وقد أمر وزير الداخلية بمنح مكافأة خمسمائة دينار لكل من يدلي بمعلومات حول الموضوع أو يقدم النتائج المساعدة في هذا المجال).
كما عمم مدير شرطة بغداد برقية أخرى إلى جميع المديريات جاء فيها : (لمقتضيات المصلحة العامة ومتطلبات الأمن واستكمالا للإجراءات التحقيقية الجارية بصدد الموضوع اطلب إليكم مراقبة جميع الأشخاص المشتبه بهم من المراهقين الذين يتجولون في غير مناطق سكناهم).
من هم الأشخاص الذين كان لهم دور في القبض على حاتم كاظم
أشار كتاب مديرية شرطة بغداد 7402 في 9/9/1974 ان الأشخاص الذين كان لهم دور في القبض على المجرم هم كل من :
1. المواطن فيصل عباس سلمان : حارس الدار العائدة للدكتور يوسف الجادرجي
2. المواطن أميل رؤوف جبوري : طبيب بيطري يسكن الدار المقابلة للدكتور يوسف وقام بتعقيب المتهم مع الحارس وأخبر شرطة النجدة .
3. المواطن سعد عبد الله حمزة/ طالب يسكن المنطقة نفسها حيث دخل المتهم بعد القبض عليه.
4. دورية النجدة : كل من المفوض أحمد علوان محمد والمفوض لطيف أحمد.
أما هيئة التحقيق من مكافحة الإجرام التي حققت مع المجرم حاتم كاظم هضم وزمرته فهم كل من :
1. مقدم الشرطة فيصل محجوب :مدير شرطة مكافحة الإجرام
2. رائد الشرطة منذر سليم حمدي
3. نقيب الشرطة مناف عبد الكريم الصالحي
4. ملازم الشرطة إدريس حسن البدراني
5. ملازم الشرطة طاهر جليل
وشارك معهم (18) منتسباً كمفارز للقبض والتحري والتفتيش .
وبهذا الصدد أحيل القارئ الكريم الى التحقيق الصحفي الذي أجراه الصحفي العراقي سلام الشماع من مجلة ألف باء عام 1988 مع المرحوم فيصل محجوب مدير مكافحة الاجرام ورئيس فريق التحقيق مع ابو طبر.
هل كان ابو طبر من بنات افكار النظام آنذاك؟
الكاتب علي حسين كتب عن ابي طبر «هذه الشخصية قيل عنها انها من بنات افكار المخابرات العراقية وانها صنيعة مخابراتية كان الهدف منها تنفيذ مخططات اغتيالات واعتقالات لعدد من الشخصيات السياسية المعارضة آنذاك».
وتابع «هذا المسلسل يريد ان يقول ان المؤسسة الامنية في النظام السابق كانت تفعل ما تشاء من اجل تحقيق اهدافها، فلا شيء يمنعها من الوصول الى غاياتها حتى لو اضطرت لقتل الابرياء».
أنني لا اتفق مع ما يذهب اليه منتجو المسلسل من محاولة الترويج الى ان شخصية ابو طبر صناعة حكومية مخابراتية، وانه استخدم من قبل الدولة لتصفية معارضين لها، فهذه الامور لاتحتوي على دليل ولا برهان وإنما هي محض خيال وتصورات، ولا يمكن قبولها عقلا، فالنظام كان مايزال في سنواته الاولى، وكان بحاجة لتثبيت اقدامه على الارض، ولا شك ان الامن هو احد ركائز اقامة واستمرار اي نظام، وان جرائم ابو طبر كانت تشكل اعظم تهديد للوضع الامني، الذي كان على شفا الانهيار بسبب تكرار جرائم ابو طبر في مناطق متعددة دون ان تسفر جهود الدولة والحكومة والحزب في كشفها وانهائها. وهي الجرائم الوحيدة التي استعانت الدولة فيها باجهزة امن عالمية اخرى حيث تم الاستعانة بخبراء فرنسيين وخبراء من الاتحاد السوفيتي، لفحص مسارح جرائم ابو طبر والمبرزات التي خلفها في تلك المسارح، واعطوا ملاحظات واستنتاجات فنية الى الجهات القائمة بالتحقيق. ولو كانت الدولة او اجهزة امنها ومخابراتها تريد تصفية ضحايا جرائم ابو طبر، فكان بامكانها ان تصفيهم واحدا تلو الآخر دون الحاجة الى قتل الابرياء من النساء والاطفال معهم بشكل وحشي، كما أن تلك الجرائم كانت تشكل تقويضا وتهديدا للامن العام بل إن السلطة اقدمت حينها على عدة اجراءات ادارية منها إستبدال وزير الداخلية واقالة مدير الشرطة العام ومدير شرطة بغداد ومدير النجدة بتهمة التقصير في كشف هذه الجرائم البشعة التي هزت المجتمع العراقي عموما والبغدادي خصوصا على مدى عام كامل. وكانت على وشك ان تقوض النظام الأمني كله لولا وقوع حرب تشرين (العاشر من رمضان 1973) التي ألهبت المشاعر القومية للعراقيين وجعلتهم ينسون جرائم ابو طبر وانصرفوا لمتابعة اخبار القتال على الجبهة السورية وحركة الجيش العراقي بمدرعاته باتجاه الجبهة السورية، حتى إنتشرت إشاعة ساخرة في بغداد حينها "أنّ أبو طبر إلتحق جنديا بالجبهة!".. وفعلا فقد انقطعت جرائم ابو طبر بعد حرب تشرين مدة سبعة شهور!
الدولة كانت تتوقع ان تكون مخابرات ما، وراء أبو طبر:
اما موضوع استغلال الدولة لتلك الحوادث الأجرامية البشعة في ملاحقة خصومها، فأود أن أعيد التاكيد على امرين هامين: الاول ان الدولة كانت تضع في حساباتها وتوقعاتها ان تكون جرائم ابو طبر من فعل او تخطيط جهات معادية سواء مخابرات اجنبية او عناصر معارضة من داخل العراق أو خارجه بغية اسقاط النظام وهو في سنواته الاولى، لكن ان يكون بين ضحايا ابو طبر من هم معارضون للنظام فهذا لم يثبت قطعيا، الأمر الآخر بالنسبة لتحركات واجراءات الدولة لكشف الفاعلين، فقد كان قمة ذلك هو يوم فرض منع التجوال الذي فرضته الدولة على بغداد ومنعت حركة الطائرات من والى بغداد، ومنعت التجوال تماما في شوارع العاصمة، وامرت الناس بلزوم دورهم، واتذكر ان ذلك حصل في اول يوم جمعة من شهر رمضان 1973 وقبيل نشوب حرب تشرين بايام قليلة، وقسمت بغداد الى قطاعات، وتشكلت مفارز لتفتيش جميع الدور والمباني في بغداد باشرت عملها من الصباح الباكر وحتى وقت متاخر من المساء، وكانت كل مفرزة تتالف من الحزب والامن والمخابرات والشرطة. وقد زودت اللجان التفتيشية بمعلومات وفق المعطيات التي وفرها الخبراء الفرنسيون والسوفييت عن علامات واوصاف المجرم ابو طبر التي استخلصوها من خلال الوقائع الجرمية وآثار الاصابات على الضحايا، وبالاضافة لذلك كانت هناك معلومات امنية عن اشخاص يشتبه النظام باحتمال صلتهم بهذه الجرائم ومعارضين سياسيين تم التوجيه بالتركيز على تفتيش مساكنهم اكثر من غيرها.
لا أؤيد التفسير السياسي والمخابراتي لجرائم ابو طبر
في البدء كنت حين وقعت حوادث ابو طبر ضابط شرطة عايشت التحقيق في جرائم ابو طبر (كوني حينها خبيرا بالادلة الجنائية والآثار الجرمية وحضرت عددا من مسارح جرائم ابو طبر) كما اشتركت في فحص بعض المبرزات الجرمية من خطوط وبصمات ودماء من مخلفات جرائم ابو طبر. وكانت الشرطة من خلال مكافحة الاجرام هي التي تتولى التحقيق في جرائم ابو طبر بدءا من اولاها وانتهاء بالقبض عليه في الكرادة (منطقة ساحة 52). إلا أنه بعد القبض على حاتم كاظم واعترافه بجرائمه تم تشكيل لجنة مشتركة تولت التحقيق مع حاتم وجماعته، وكان مقر اللجنة في البتاوين (حاكمية المخابرات) وسبب اشراك المخابرات في اللجنة التحقيقية هو ظن واعتقاد الدولة آنذاك ان حاتم ربما يكون مرتبطا بإحدى المخابرات الاجنبية او ان جرائمه ذات صلة بمخابرات اجنبية، ولم يثبت ذلك، وكان الذي يبعث على الاعتقاد بوجود دور للمخابرات الاجنبية المعادية ان الجرائم حصلت في اوائل حكم النظام حيث كان بحاجة إلى أن يثبت أقدامه، كما انها حصلت عقب كشف محاولة ناظم كزار اغتيال الرئيس ونائبه، وكان لابد من التأكد من عدم وجود صلة بين ذلك الحادث والجرائم التي حصلت بعده. ولم تثبت اية صلة بين ذلك الحادث وبين الجرائم التي ارتكبها ابو طبر. ثم إن الدولة تكلفت جلب خبراء أجانب لمساعدة التحقيق فكيف يستقيم هذا مع كون الحوادث من فعل الدولة ومخابراتها؟ كما أنها جندت كل إمكانات الدولة والحزب لكشف الجرائم...فكيف تكون هي من نفذت تلك الجرائم؟؟؟؟؟ أعتقد إنها إساءة للتاريخ وللعراق وللرجال الذين انجزوا مهمة كشف جرائم أبو طبر، ولعوائل الضحايا أيضا، وماكان يجب لفنانين ملتزمين أن يفبركوا أمورا لاوجود لها في الواقع وإنما هي من نسيج أفكارهم وتخدم إيديولوجياتهم.
لكي يكون المسلسل ناجحا وموفقا لابد من هذه الأمور:
حين كتبت مقالتي الأولى قبل عامين اتصلت بي قناة البغدادية، وسألوني عدة أسئلة حول رأيي بالموضوع وعن مقالاتي التي كتبتها، ونصحتهم ببضعة امور تخص انتاج المسلسل ووعدني الأخ المتصل وهو صديق قديم أنهم سيكلفوني لاحقا بتدقيق المسلسل قانونياً قبل بثه، ولكن لم يحصل شئ..
ومن جملة ما نصحتهم به:
1. الاستعانة بالملفات الأصلية، ومحاضر التحقيق، وأفلام كشف الدلالة، ومحاضر الأدلة الجنائية عن جرائم ابو طبر.
2. الرجوع إلى الأحياء ممن واكبوا الأحداث وشاركوا فيها وبخاصة المحققين وكبار ضباط الشرطة .
3. الحفاظ على الاسرار العائلية وحق أسر الضحايا وعشائرهم في عدم التشهير بهم ويفضل – بل يجب – إستخدام أسماء اخرى غير اسمائهم إحتراما للخصوصية وعدم إيذاء المشاعر، ولا أعتقد أن هذا الأمر يفوت على منتجين وفنانين محترفين. وقد علمت ان عشيرة (البوهضم) في المسيب، تنوي تقديم شكوى قضائية ضد المسلسل لأنها تعتبره إساءة لسمعتها.
ولعل من حقنا أن نتساءل قبل الختام:
أين هي جهود الدولة اليوم من كشف مئات بل آلاف الجرائم الوحشية الغامضة التي وقعت والتي تقع؟ وهل فكرت يوما الاستعانة بخبرات الدول المتقدمة في كشفها؟
ثم أليس من الأجدى توثيق جرائم شهيرة وقعت لمجرمين معروفين كما هي جرائم الشهير بأبي درع الذي يقال انه يتمتع بحماية داخل ايران وهو الذي قتل مئات الأبرياء.. وإذا كان أبو طبر ينتقي ضحاياه بعناية، فإن أبو درع كان يقتل على الهوية؟
هناك تعليق واحد:
شتان ما بين الامس و اليوم .. اليوم يروع العراق و يستبيح دماء أهله و أموالهم وكل ما حرم الله آل طبر و آل دريل و آل الاسلاك الكهربائية و المسدسات الكاتمة للصوت و غيرها ..و قد تفوق هؤلاء على أعتى مجرمي العالم في مستنقعات الاجرام .. أصبحت الجريمة جزء لا يتجزأ من سيناريو الحياة اليومية ..
تحياتي
بنت البلد
إرسال تعليق