موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

السبت، 2 يوليو 2011

شيء ما عن ديمقراطية برنارد لويس (الشيعية) !

هذا مقال نشرته في الاسبوع الأول من أغسطس 2010، في عدد من المواقع الإلكترونية، تعليقاً على مقالة كان كتبها الدكتور مأمون فندي، في صحيفة الشرق الأوسط، الصادرة في لندن، بعنوان (حل الدولتين ... العراق) وأجدني أعيد اليوم نشرها في (وجهات نظر) للإفادة مما ورد فيها من أفكار ومعلومات، ولكون موضوعها مايزال حياً وصالحاً للنشر.

مصطفى 
...........
تعليق على مقال للدكتور فندي
ديمقراطية برنارد لويس (الشيعية) دمرت العراق

نشر الدكتور مأمون فندي مقالاً في صحيفة الشرق الاوسط اللندنية بتاريخ 9-8-2010 أسماه (حل الدولتين).
والرجل معروف بمواقفه التي تفصح عن خلفيته الليبرالية التي تشرَّب بها ودرسها، التي يختلف معها كثيرون من كتابنا وقرائنا، ولكنها وجهة نظر نحترمها رغم اختلافنا معها.

الدكتور مأمون فندي
وهو في مقاله يثير قضية بالغة الأهمية، وهي مبدأ (الديمقراطية الشيعية) الذي ابتدعه منظر اليمين المحافظ الامريكي برنارد لويس.
وأجدني ابتداءً أسأل الدكتور فندي جملة من الاسئلة أخلص منها لمناقشة الموضوع...
من فكَّك الدولة العراقية المتمدنة والحديثة يادكتور فندي؟ من الذي أوجد هذا النظام المحاصصي الطائفي؟ من الذي سمح للميليشيات بالنشوء والانتشار والحكم؟ من الذي استقدم ايران وعملاءها الى العراق؟ من الذي دمَّر نسيج المجتمع العراقي؟ من كتب هذا الذي يسمى دستور العراق؟ من سمح للمرجعيات الطائفية ان تتصدر الواجهة والسلطة؟ من أزاح القوى الوطنية وسمح للخطاب الطائفي أن يهذر بصوت عالي؟ من... من... من؟
وعشرات الاسئلة الاخرى برسم الجواب.
لنكن واقعيين، هذا هو النموذج الذي يخدم الادارة الامريكية التي تبنت نهج برنارد لويس الذي يشير اليه الكاتب المحترم.
وأجدني متفقاً تماماً مع التحليل القائل بأن الولايات المتحدة دمَّرت العراق لصالح ايران ولضرب عديد من العصافير بحجر واحد. حيث كان النظام الوطني في العراق سداً امام مشاريع الهيمنة الامريكية والشرق الاوسط الجديد، وغيرها.
أذكر انني أجريت حواراً صحفياً، نشر حينها في صحيفة الرأي الاردنية، مع وزير الدفاع الفرنسي المستقيل احتجاجا على العدوان الثلاثيني على العراق عام 1991، جان بيير شوفينمان، ومما قاله لي في حوارنا، انه استقال لاعتقاده ان وجود النظام الوطني في العراق ضمانة مهمة لعدم انتشار الافكار الظلامية في المنطقة.

جان بيير شوفينمان
ويمكن النظر الى حال المنطقة (الوطن العربي وما يجاوره) اليوم للنظر في تأثير احتلال العراق وسيطرة الافكار الظلامية على العراق وامتداد تأثيراتها الخطيرة في المنطقة برمتها، بل وفي العالم أيضاً.
وهنا يثور ثمة سؤال ويبقى بحاجة الى مزيد من التوضيح، وهو عن الدور الامريكي في دعم الخميني، ودعم الاحزاب الطائفية العميلة المتحكِّمة في العراق اليوم؟ اعني مطلوب مزيد من الوقائع والوثائق المثبتة في هذا الشأن، وإن كانت القراءة العكسية لأفاعيل العملاء المجرمين في العراق اليوم تنبئ عن مثل تلك العلاقة وذلك الدور، في الماضي والحاضر.
اشير هنا الى البرنامج الناجح الذي انتجته قناة الرافدين الموسوم (في سبيل الشيطان) والذي استضاف أربعة من (معارضي) النظام الوطني في العراق، من شتى التيارات، حيث فضح ذلك البرنامج الدور الايراني في دفع العملاء (أقطاب المعارضة، شيعة وسنة) الى الحضن الامريكي من أجل إيقاع مزيد من الاذى بالعراق شعباً ووطناً ونظاماً، وبالتالي احتلاله أمريكياً ولاحقاً إيرانياً.
واعتقد ان هذا البرنامج وأمثاله وثيقة مهمة، لكن الامر بحاجة الى مزيد من التأكيد والتوثيق، بوقائع لا تقبل دحضاً.
ولعل تساؤلاً مهماً يثور الان: هل تخدم التوجهات الدينية، الشيعية تحديداً، المشروع الامريكي في المنطقة؟
أحب ان أشير ابتداءً ان ليس في الامر نظرة طائفية، فليس المجال متاحاً لذلك في هذا المقام، فنحن نعلم الدور الامريكي في دعم المجاهدين الافغان في الثمانينات، وهم من المذهب السني، وفي دعم الانظمة التي تسمهيا (معتدلة) وهي سنية ايضاً.
التساؤل هنا عن مُنصبٌ تحديداً عن الدور الشيعي في خدمة المشروع الامريكي، نظرا لعمق تأثير هذا الدور في العراق المحتل اليوم، واؤكد هنا ان المقصود هو دور المرجعيات الشيعية في خدمة المحتل، هذه المرجعيات التي تحوَّلت، بقدرة قادر بريطاني وقادر أمريكي وقادر إيراني، من قيادة المشروع الجهادي الوطني (محمد سعيد الحبوبي ضد المحتل البريطاني مثالاً) الى خدمة المشروع الامريكي البريطاني الصهيوني (السيستاني وباقي مراجع قم والنجف وكربلاء في إسناد المحتل الأمريكي مثالا).
هنا يثور تساؤل آخر عن الدور الامريكي البريطاني الصهيوني الفارسي في تثبيت مرجعية هؤلاء منذ عشرات السنين، وأشير هنا الى دور بريطاني وايراني (شاه ايران محمد رضا بهلوي) في تثبيت مرجعية محسن الحكيم، وإلى الدور الايراني وربما البريطاني في تثبيت مرجعية السيستاني بمواجهة مرجعيات عربية اخرى تمَّت تصفيتها أو محاصرتها وخنقها.
وهنا يمكن الإشارة، بعجالة، الى مسعى النظام الوطني في العراق، لتثبيت ودعم مرجعيات شيعية عربية، من بينها محمد محمد صادق الصدر، الذي كان اغتياله، اغتيالاً لهذا المشروع.
الموضوع متشعب وواسع ولا يمكن تغطيته بعجالة، ولكنها محاولة لإلقاء جوانب من الضوء على هذه الادوار، وتعريتها، ضمن خطة ممنهجة للتنوير وفضح الأضاليل.
نعم ايها الدكتور فندي، انها الديمقراطية التي تخدم امريكا ومنهجها في العراق والوطن العربي، والمنطقة بشكل عام، انها الديمقراطية الظلامية، التي تجعل من كهنة السراديب التي لايدخلها نور الشمس، ولا نور الله، مراكز قرار وقيادة دولة في القرن الحادي والعشرين، والا فما قيمة ما يتشدقون به من انتخابات ودستور وعملية سياسية اذا كان الفرقاء الذي ربّتهم أمريكا (أم الديمقراطية) في أحضانها وأرضعتهم لبانها (أمريكا والديمقراطية معا) لم يتفقوا بعد اكثر من خمسة أشهر على انتخاباتهم (كتب المقال في أغسطس 2010).
ما قيمة الديمقراطية التي تنتج كل يوم عشرات الضحايا؟ وماقيمة الديمقراطية والميليشيات والعمائم الفاسدة تتصدر الصورة، والفساد المالي يزكم الأـنوف؟
ماقيمة الديمقراطية والذي يحكم العراق، شخص ينتمي الى العصور الوسطى ويجلس على حصيرة، ولم يسمع أحد من الناس صوتاً له ولا تصريحاً، ولم يره أحد يصلي في ضريح الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه، والذي لا يبعد عن سردابه سوى بضعة مئات من الامتار؟
العراق اليوم بكل أسف هو النموذج الأمثل للديمقراطية الدموية المتخلفة التي تتناحر فيها الفصائل المختلفة بدم الشعوب وتتناهب المال العام.
هذه هي (الديمقراطية الشيعية) التي يتحدث عنها برنارد لويس، بل هذه هي الديمقراطية الامريكية المصدّرة الينا، بأجلى صورها.

برنارد لويس
نعم لنسمِّ الأشياء بأسمائها ولنقل ان صورة العراق اليوم هي خلاصة المشروع الامريكي في المنطقة، وهي الصورة التي تخيلها، ابتداءً، دعاة العدوان عليه.
ذات مرة قال لي الدكتور حاتم جاسم مخلص، وهو معارض للنظام الوطني في العراق وبصرف النظر عن الموقف منه سلباً أو إيجاباً، انه التقى مساعد وزير الدفاع الامريكي للشؤون السياسية، دوغلاس فيث، قبل العدوان بنحو شهر واحد (في فبراير 2003) وان الاخير كانت لديه صورة واضحة عن مصير العراق بعد الحرب، ما يعني ان علينا ان لا نصدِّق أن الامريكان أخطأوا (مجرد الخطأ) في تقدير الامور بعد الاحتلال، فقد كانت الصورة واضحة لديهم وهذا هو بالضبط ماكانوا يرومون الوصول اليه بدقة.
لم يكن الغرض هو النفط العراقي، هذا تبسيطٌ مخل للأمر، الغرض الاساس هو اسقاط النظام الوطني في العراق، لأن اسقاطه يضمن سيادة مبدأ (الهيمنة الامريكية).
أذكر ان الرئيس الشهيد صدام حسين، قال مرة وهو يتحدث عن العلاقات العربية مع امريكا وموضوع النفط، ان ما نملكه من نفط، نبيعه، ولا نبقيه في باطن الارض، وامريكا هي أكبر المشترين، فنحن نبيعه لها، وهو ما كان العراق يفعله طيلة عقود، وبهذا المعنى لم يكن العراق يريد منع النفط عن الولايات المتحدة ولا عن غيرها من دول العالم، ولكنه كان يريد علاقة محترمة تضمن لكل الاطراف حقوقها، لا علاقة الهيمنة والتسلط.
صورة العراق اليوم هي الصورة التي توَّختها بدقة إدارة جورج بوش، وجوقة العدوان معه، تناحر وفساد وسرقات وشعب يسحق تحت رحمة صناديق الاقتراع.
مع احترامي للدكتور فندي.
9-8-2010


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..