هذا مقال مثير للجدل، بمعناه الإيجابي، يطرح فكرة تحتاج إلى مزيد من النقاش والبحث، بين المعنيين بالأمر، وهم شريحة عريضة من قادة المقاومة والفكر والسياسية في العراق، من خلال طرحه لفكرة بدء معركة الهوية بعد انتهاء مهمة المقاومة المسلحة في العراق، بتحقيق هزيمة العدو الأميركي المحتل.
وأعتقد انه لا ينبغي التعامل مع الفكرة التي يطرحها بأسلوب الشعارات، فهي جديرة بالاهتمام العميق، كما أسلفت، وبالطبع بعيداً عن منطق التخوين أو التشهير، غير المبررين.
أما موقفنا بشأن الفكرة المهمة الواردة فيه، فأعتقد انه ليس ثمة تعارض بين استمرار المقاومة المسلحة للاحتلالين الأميركي والفارسي، دون تناسي التواجد الصهيوني الخفي، وأن تبدأ، بالتزامن مع ذلك، مرحلة الدفاع عن الهوية العربية الاسلامية للعراق، بمعناها الحضاري الواسع، استجابة لقوله سبحانه وتعالى
مصطفى
.........
أما موقفنا بشأن الفكرة المهمة الواردة فيه، فأعتقد انه ليس ثمة تعارض بين استمرار المقاومة المسلحة للاحتلالين الأميركي والفارسي، دون تناسي التواجد الصهيوني الخفي، وأن تبدأ، بالتزامن مع ذلك، مرحلة الدفاع عن الهوية العربية الاسلامية للعراق، بمعناها الحضاري الواسع، استجابة لقوله سبحانه وتعالى
(وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) ( 122 التوبة ).
مصطفى
.........
العراق من معركة التحرير إلى معركة الهوية
محمد عياش الكبيسي
تمر هذه الأيام الذكرى التاسعة لاحتلال العراق، وهي الذكرى التاسعة أيضا لانطلاق المقاومة العراقية، حيث انعدم الفاصل الزمني أو يكاد، فكانت المقاومة العراقية أسرع ردة فعل في تاريخ المقاومات المعروفة، وربما يرجع هذا لطبيعة النفسية العراقية التي لا تحب الانتظار، ويسعدها حسم الأمور بسرعة، وأخطر شيء يواجهها هو تعقيد المسائل وتركيبها، وهذا طبعا على خلاف النفسية الفارسية البارعة في حياكة السجاد وحياكة الفلسفة المعقدة والمواقف الغامضة.
انطلقت المقاومة العراقية كالبركان الثائر، وتمكنت من شن أكثر من مائة عملية في اليوم الواحد، هذا المعدل بقي على هذه الوتيرة لمدة سنتين أو يزيد، وأهلنا في فلسطين خاصة يعلمون بالضبط ماذا يعني هذا الرقم.
تكبّد الأميركان خسائر لا تقدر بثمن، ليس في العدة والعديد، بل تجاوزت هذا إلى كسر (الهيبة التكنولوجية)، حيث لم تسلم آلياتهم ودباباتهم الضخمة في أية مواجهة جادة مع سلاح المقاومة الذي أثبت قدرة استثنائية في التعامل مع أحدث ما توصلت إليه المصانع العسكرية الغربية.
تكبّد الأميركان خسائر أخرى في نظامهم الاقتصادي المتفوق، ومن المراقبين من يعزو الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت بأميركا إلى تلك الخسائر التي مني بها الأميركان في المستنقع العراقي.
خسر الأميركان شيئا أثمن من كل ما مضى وهو مصداقيتهم الأخلاقية، فبعد أن أحرجتهم المقاومة العراقية في الميدان كشفوا عن وجههم الآخر باستخدام الفسفور الأبيض مع أهالي الفلوجة، ووسائل التعذيب البشعة في سجن أبي غريب سيء الصيت.
أحرق الأميركان أيضا كل وعودهم في تصدير الديمقراطية، حيث أسسوا نظاما ثيوقراطيا لا مثيل له، نظاما يرتكز على مرجعية صامتة لا ترى لها صورة ولا تسمع منها صوتا، ومذكرات بريمر تصرّح بوضوح أن الأميركان كانوا في كل صغيرة وكبيرة على صلة تامة بهذه المرجعية، وقد نتج عن هذا غلوٌّ طائفي لم تشهده المنطقة من قبل، وكان لهذه التجربة أثرها في إرباك وتأخير المشاريع الإصلاحية في العالم العربي وفي إيران أيضا.
لقد نجحت المقاومة العراقية في حشر القوة الغازية في الزاوية الضيقة، لكن المشروع الأميركي الأوسع لم يكن واضحا، وربما كان المراقبون يناقشون عددا مفتوحا من الاحتمالات ليس من بينها تسليم العراق لإيران بهذه الصورة التي تمت، وهذا هو السؤال الذي لم يزل بحاجة إلى جواب: ما الذي ربحه الأميركان في العراق؟
وفي الطرف المقابل هناك سؤال أكثر إلحاحا، وهو: ما الذي ربحته المقاومة العراقية في العراق؟
إذا تجاوزنا الأهداف المعنوية وما تتضمنه من الدفاع عن سمعة الأمة وكرامتها ورفضها الاستسلام للغزو الأجنبي مهما كان تفوقه العسكري، وهذه ثروة قيمية عالية أهدتها المقاومة العراقية لكل عربي ومسلم على أرجاء المعمورة، وهي التي ستشكل عنوانا للفخر لكل الأجيال القادمة، لكن إذا نظرنا بحسابات الواقع –وبمعزل عن قيم المروءة والشرف– فإن الطرف الوحيد الرابح في هذه المعركة وبدون خسائر هو الطرف الإيراني!
إيران لها مشروعها المختلف تماما، والذي يمكن التعبير عنه بدقة أنه (عملية سطو منظم على هوية العراق)، وهذا لا شك أخطر نوع من أنواع الاستعمار، وهو أخطر حتى من الاحتلال الصهيوني لفلسطين، حيث غاية ما يهدف إليه الصهاينة الاستيلاء على الأرض، أما هوية الإنسان الفلسطيني فهي أبعد عنهم من المستحيل.
في هذه الأرض من أطراف الجزيرة العربية وبادية الشام إلى بحر قزوين قامت دول وحضارات موغلة في القدم، وقامت أيضا حروب سجال لا حصر لها، وقد حفل «العهد القديم» بروايات كورش «الفارسي» ونبوخذ نصر «العراقي» كعناوين بارزة لهذا التاريخ الحضاري والدموي في الوقت ذاته، واستمر هذا السجال حتى معركة «ذي قار» التي انتصر فيها العرب على الفرس قبيل الفتح الإسلامي، وبعد هذا الفتح تشكلت الهوية الجديدة للعراق، والتي يمكن رسم ملامحها الأساس في الآتي:
1- «القادسية» الرمز والهوية والمعركة الفاصلة، القادسية هي التي صنعت العراق الجديد، وصاغت هويته العربية الإسلامية وإلى اليوم، في القادسية انتصر العرب المسلمون على الفرس المجوس، وللقادسية رموزها الكبار: عمر بن الخطاب «الخليفة ومصدر القرار»، سعد بن أبي وقاص «القيادة العسكرية»، القعقاع بن عمرو التميمي «الدعم والإسناد».
2- «البصرة» والتي بناها عمر بن الخطاب بعد معركة القادسية مباشرة، لتكون قاعدة متقدمة للجند، ومركزا للعلم والتربية، ومنها «عبادان» التي اختارها العبّاد والزهاد من أهل البصرة مكانا للعبادة! وفي البصرة رفات خيرة الصحابة كطلحة والزبير.
3- «الكوفة» والتي بناها عمر بن الخطاب أيضا، ثم أصبحت عاصمة الخلافة الإسلامية، حيث انتقل إليها علي بن أبي طالب واتخذها عاصمته الجديدة، وفي هذا دلالات عميقة، فالأرض التي فتحها عمر هي التي اختارها علي لمشروعه، وهي الأرض التي ضمت رفاته ورفات أولاده من بعده.
هذا، وقد نشأت في البصرة والكوفة المدرستان العربيتان المعروفتان باسم هاتين المدينتين وإلى اليوم.
4- «واسط» والتي بناها الأمويون مركزا إداريا متقدما يربط بين الكوفة والبصرة والأحواز، وهي التي يطلق عليها العراقيون اليوم «العمارة».
5- «بغداد» عاصمة الخلافة العباسية، والتي بناها أبو جعفر المنصور، ومنها انتقل العراق إلى موقع الريادة على مستوى الأمة والعالم.
6- «سامراء» العاصمة العباسية الثانية، والتي بناها المعتصم الذي ردد العالم اسمه في (وامعتصماه) عنوانا للمروءة والنخوة العربية الإسلامية.
7- «دار الحكمة « و «النظامية» و «المستنصرية» المدارس العراقية التي كانت مراكز إشعاع في إنتاج المعرفة ونشرها وترجمتها، والتي مثلت امتدادا أمينا لمدرسة ابن مسعود وسعيد بن المسيب وأبي حنيفة والشافعي والثوري وابن حنبل.. إلخ، والتي خرّجت المئات من المحدثين والمفسرين والفقهاء والنحاة والأدباء والأطباء.. إلخ.
هذه النماذج الإسلامية قد تآلفت وتلاحمت مع تاريخ العراق ومعالمه العريقة في بابل وأربيل والموصل مدينة النبي يونس -عليه السلام- وقد ساعد على هذا التلاحم أن الفتح الإسلامي لم يصطدم بالدولة العراقية وإنما اصطدم بجيش كسرى الذي كان محتلا للعراق.
هذه هي الهوية العراقية، وهذا هو العراق الذي يصارع اليوم من أجل البقاء.
أما المشروع الإيراني فإنه يرى أنه لن يتمكن من ابتلاع العراق إلا بمسخ هويته بالكامل، بمعنى أن هذا التاريخ من يوم القادسية وإلى اليوم يجب أن يمحى، ومعنى هذا أن العراقيين أنفسهم سيكونون شيئا آخر مختلفا تماما عما عرفه الناس عنهم، وأنهم سيخجلون من تاريخهم ومن كل ما قدموه للعالم! وهذا ما وصل إليه الشيعة العرب في العراق وغيره بالفعل، وقد سمع العالم تصريحات النائب العراقي الشيعي بهاء الأعرجي: (مؤامرة من عهد أبي بكر إلى أحمد حسن البكر)، والحقيقة أنه لم يبق لهؤلاء من تأريخهم العربي إلا واقعة الطف الأليمة، وهذه الواقعة توظّف اليوم توظيفا سياسيا يهدف إلى دفع الشيعة بعيدا عن عمقهم العربي ليرتموا كليا في الحضن الإيراني، بل ليكونوا جنودا للولي الفقيه! وكم كنا نتمنى لو أخذ الشيعة من هذه الواقعة شيئا من القيم الحسينية الصادقة في مجاهدة الغزاة الطامعين، وفي المقابل الحلم والرحمة والتواضع مع المسلمين، ولقد رأينا كيف بايع الحسن والحسين معاوية بن أبي سفيان خليفة للمسلمين بعد كل تلك الدماء والتضحيات.
خطة إيران هذه ليست جديدة، بل تكررت مرارا عبر التاريخ، وإذا فقدت الأمة ذاكرتها التاريخية فعليها ألا تنسى تلك الحركات الشعوبية المتلونة، والتي تحالفت في نهاية المطاف مع المغول فسقطت بغداد سقوطها المروّع الأول تحت أقدام هولاكو (انظر المقال الأسبق على صحيفة العرب «المواقف العربية والذاكرة التاريخية المنقسمة»)، كما سقطت اليوم وبالأدوات ذاتها مع اختلاف الأسماء والأشكال.
إن الفكرة المحورية التي تنتهجها الاستراتيجية الإيرانية هي أن هذا التاريخ كله كان متآمرا على «آل بيت محمد»، وأن آل البيت لم يجدوا من يناصرهم إلا إيران! وما على المسلمين إلا أن يعتذروا عن تاريخهم كله، وينتصروا لآل البيت ولكن خلف راية الولي الفقيه!
والحقيقة الأكبر والأخطر أن إيران هنا لا تريد اختطاف الهوية العراقية فحسب، بل هي تعمل لاختطاف الإسلام كله لإعادة تركيبه وصياغته بحيث يصلح كرافعة قوية لبناء الحلم الإمبراطوري الفارسي.
من هنا تتضح بجلاء طبيعة الصراع الدائر اليوم في العراق والمنطقة «إنها معركة الهوية» أو «معركة الإسلام» وليست قضية بترول أو كهرباء أو خدمات، وعليه فمن الإسفاف تبسيط المشهد ووضعه تحت عنوان «المنافسات الحزبية» أو «الأطماع الشخصية»، أو أنها «خلافات مذهبية» في فقه الصلاة أو فقه التاريخ.
أما الذين ما زالوا يرددون بأن المقاومة هي الحل، وأن الانسحاب الأميركي خدعة، فهؤلاء هم الهاربون من الواقع وتبعاته الثقيلة، فالمقاومة أدّت ما عليها في منازلة الجيش الأميركي حتى هزمته، ولم يبق في العراق من هذا الجيش ما يمكن استهدافه عسكريا، وإن هذه الشعارات المرائية باسم المقاومة لم تعد تكلف أصحابها ثمنا، ولم تعد دليلا على الشجاعة ولا الوطنية، لكنها في الوقت ذاته تجر الأمة بعيدا عن المعركة الحقيقية التي ينبغي أن تخوضها الأمة بكل إمكاناتها من أجل الحفاظ على عقيدتها وهويتها وتاريخها، وربما سيكون الدور الأكبر في هذه المعركة للفكر العميق، والكلمة الشجاعة، وربما يتطلب الأمر تضحيات جساما أكبر مما نتصور، وإن جسد الأمة المخدّر آن له أن ينتفض ليكتشف الحقيقة بعلم ووعي قبل أن يجد نفسه خارج التاريخ وخارج الجغرافيا أيضا.
انطلقت المقاومة العراقية كالبركان الثائر، وتمكنت من شن أكثر من مائة عملية في اليوم الواحد، هذا المعدل بقي على هذه الوتيرة لمدة سنتين أو يزيد، وأهلنا في فلسطين خاصة يعلمون بالضبط ماذا يعني هذا الرقم.
تكبّد الأميركان خسائر لا تقدر بثمن، ليس في العدة والعديد، بل تجاوزت هذا إلى كسر (الهيبة التكنولوجية)، حيث لم تسلم آلياتهم ودباباتهم الضخمة في أية مواجهة جادة مع سلاح المقاومة الذي أثبت قدرة استثنائية في التعامل مع أحدث ما توصلت إليه المصانع العسكرية الغربية.
تكبّد الأميركان خسائر أخرى في نظامهم الاقتصادي المتفوق، ومن المراقبين من يعزو الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت بأميركا إلى تلك الخسائر التي مني بها الأميركان في المستنقع العراقي.
خسر الأميركان شيئا أثمن من كل ما مضى وهو مصداقيتهم الأخلاقية، فبعد أن أحرجتهم المقاومة العراقية في الميدان كشفوا عن وجههم الآخر باستخدام الفسفور الأبيض مع أهالي الفلوجة، ووسائل التعذيب البشعة في سجن أبي غريب سيء الصيت.
أحرق الأميركان أيضا كل وعودهم في تصدير الديمقراطية، حيث أسسوا نظاما ثيوقراطيا لا مثيل له، نظاما يرتكز على مرجعية صامتة لا ترى لها صورة ولا تسمع منها صوتا، ومذكرات بريمر تصرّح بوضوح أن الأميركان كانوا في كل صغيرة وكبيرة على صلة تامة بهذه المرجعية، وقد نتج عن هذا غلوٌّ طائفي لم تشهده المنطقة من قبل، وكان لهذه التجربة أثرها في إرباك وتأخير المشاريع الإصلاحية في العالم العربي وفي إيران أيضا.
لقد نجحت المقاومة العراقية في حشر القوة الغازية في الزاوية الضيقة، لكن المشروع الأميركي الأوسع لم يكن واضحا، وربما كان المراقبون يناقشون عددا مفتوحا من الاحتمالات ليس من بينها تسليم العراق لإيران بهذه الصورة التي تمت، وهذا هو السؤال الذي لم يزل بحاجة إلى جواب: ما الذي ربحه الأميركان في العراق؟
وفي الطرف المقابل هناك سؤال أكثر إلحاحا، وهو: ما الذي ربحته المقاومة العراقية في العراق؟
إذا تجاوزنا الأهداف المعنوية وما تتضمنه من الدفاع عن سمعة الأمة وكرامتها ورفضها الاستسلام للغزو الأجنبي مهما كان تفوقه العسكري، وهذه ثروة قيمية عالية أهدتها المقاومة العراقية لكل عربي ومسلم على أرجاء المعمورة، وهي التي ستشكل عنوانا للفخر لكل الأجيال القادمة، لكن إذا نظرنا بحسابات الواقع –وبمعزل عن قيم المروءة والشرف– فإن الطرف الوحيد الرابح في هذه المعركة وبدون خسائر هو الطرف الإيراني!
إيران لها مشروعها المختلف تماما، والذي يمكن التعبير عنه بدقة أنه (عملية سطو منظم على هوية العراق)، وهذا لا شك أخطر نوع من أنواع الاستعمار، وهو أخطر حتى من الاحتلال الصهيوني لفلسطين، حيث غاية ما يهدف إليه الصهاينة الاستيلاء على الأرض، أما هوية الإنسان الفلسطيني فهي أبعد عنهم من المستحيل.
في هذه الأرض من أطراف الجزيرة العربية وبادية الشام إلى بحر قزوين قامت دول وحضارات موغلة في القدم، وقامت أيضا حروب سجال لا حصر لها، وقد حفل «العهد القديم» بروايات كورش «الفارسي» ونبوخذ نصر «العراقي» كعناوين بارزة لهذا التاريخ الحضاري والدموي في الوقت ذاته، واستمر هذا السجال حتى معركة «ذي قار» التي انتصر فيها العرب على الفرس قبيل الفتح الإسلامي، وبعد هذا الفتح تشكلت الهوية الجديدة للعراق، والتي يمكن رسم ملامحها الأساس في الآتي:
1- «القادسية» الرمز والهوية والمعركة الفاصلة، القادسية هي التي صنعت العراق الجديد، وصاغت هويته العربية الإسلامية وإلى اليوم، في القادسية انتصر العرب المسلمون على الفرس المجوس، وللقادسية رموزها الكبار: عمر بن الخطاب «الخليفة ومصدر القرار»، سعد بن أبي وقاص «القيادة العسكرية»، القعقاع بن عمرو التميمي «الدعم والإسناد».
2- «البصرة» والتي بناها عمر بن الخطاب بعد معركة القادسية مباشرة، لتكون قاعدة متقدمة للجند، ومركزا للعلم والتربية، ومنها «عبادان» التي اختارها العبّاد والزهاد من أهل البصرة مكانا للعبادة! وفي البصرة رفات خيرة الصحابة كطلحة والزبير.
3- «الكوفة» والتي بناها عمر بن الخطاب أيضا، ثم أصبحت عاصمة الخلافة الإسلامية، حيث انتقل إليها علي بن أبي طالب واتخذها عاصمته الجديدة، وفي هذا دلالات عميقة، فالأرض التي فتحها عمر هي التي اختارها علي لمشروعه، وهي الأرض التي ضمت رفاته ورفات أولاده من بعده.
هذا، وقد نشأت في البصرة والكوفة المدرستان العربيتان المعروفتان باسم هاتين المدينتين وإلى اليوم.
4- «واسط» والتي بناها الأمويون مركزا إداريا متقدما يربط بين الكوفة والبصرة والأحواز، وهي التي يطلق عليها العراقيون اليوم «العمارة».
5- «بغداد» عاصمة الخلافة العباسية، والتي بناها أبو جعفر المنصور، ومنها انتقل العراق إلى موقع الريادة على مستوى الأمة والعالم.
6- «سامراء» العاصمة العباسية الثانية، والتي بناها المعتصم الذي ردد العالم اسمه في (وامعتصماه) عنوانا للمروءة والنخوة العربية الإسلامية.
7- «دار الحكمة « و «النظامية» و «المستنصرية» المدارس العراقية التي كانت مراكز إشعاع في إنتاج المعرفة ونشرها وترجمتها، والتي مثلت امتدادا أمينا لمدرسة ابن مسعود وسعيد بن المسيب وأبي حنيفة والشافعي والثوري وابن حنبل.. إلخ، والتي خرّجت المئات من المحدثين والمفسرين والفقهاء والنحاة والأدباء والأطباء.. إلخ.
هذه النماذج الإسلامية قد تآلفت وتلاحمت مع تاريخ العراق ومعالمه العريقة في بابل وأربيل والموصل مدينة النبي يونس -عليه السلام- وقد ساعد على هذا التلاحم أن الفتح الإسلامي لم يصطدم بالدولة العراقية وإنما اصطدم بجيش كسرى الذي كان محتلا للعراق.
هذه هي الهوية العراقية، وهذا هو العراق الذي يصارع اليوم من أجل البقاء.
أما المشروع الإيراني فإنه يرى أنه لن يتمكن من ابتلاع العراق إلا بمسخ هويته بالكامل، بمعنى أن هذا التاريخ من يوم القادسية وإلى اليوم يجب أن يمحى، ومعنى هذا أن العراقيين أنفسهم سيكونون شيئا آخر مختلفا تماما عما عرفه الناس عنهم، وأنهم سيخجلون من تاريخهم ومن كل ما قدموه للعالم! وهذا ما وصل إليه الشيعة العرب في العراق وغيره بالفعل، وقد سمع العالم تصريحات النائب العراقي الشيعي بهاء الأعرجي: (مؤامرة من عهد أبي بكر إلى أحمد حسن البكر)، والحقيقة أنه لم يبق لهؤلاء من تأريخهم العربي إلا واقعة الطف الأليمة، وهذه الواقعة توظّف اليوم توظيفا سياسيا يهدف إلى دفع الشيعة بعيدا عن عمقهم العربي ليرتموا كليا في الحضن الإيراني، بل ليكونوا جنودا للولي الفقيه! وكم كنا نتمنى لو أخذ الشيعة من هذه الواقعة شيئا من القيم الحسينية الصادقة في مجاهدة الغزاة الطامعين، وفي المقابل الحلم والرحمة والتواضع مع المسلمين، ولقد رأينا كيف بايع الحسن والحسين معاوية بن أبي سفيان خليفة للمسلمين بعد كل تلك الدماء والتضحيات.
خطة إيران هذه ليست جديدة، بل تكررت مرارا عبر التاريخ، وإذا فقدت الأمة ذاكرتها التاريخية فعليها ألا تنسى تلك الحركات الشعوبية المتلونة، والتي تحالفت في نهاية المطاف مع المغول فسقطت بغداد سقوطها المروّع الأول تحت أقدام هولاكو (انظر المقال الأسبق على صحيفة العرب «المواقف العربية والذاكرة التاريخية المنقسمة»)، كما سقطت اليوم وبالأدوات ذاتها مع اختلاف الأسماء والأشكال.
إن الفكرة المحورية التي تنتهجها الاستراتيجية الإيرانية هي أن هذا التاريخ كله كان متآمرا على «آل بيت محمد»، وأن آل البيت لم يجدوا من يناصرهم إلا إيران! وما على المسلمين إلا أن يعتذروا عن تاريخهم كله، وينتصروا لآل البيت ولكن خلف راية الولي الفقيه!
والحقيقة الأكبر والأخطر أن إيران هنا لا تريد اختطاف الهوية العراقية فحسب، بل هي تعمل لاختطاف الإسلام كله لإعادة تركيبه وصياغته بحيث يصلح كرافعة قوية لبناء الحلم الإمبراطوري الفارسي.
من هنا تتضح بجلاء طبيعة الصراع الدائر اليوم في العراق والمنطقة «إنها معركة الهوية» أو «معركة الإسلام» وليست قضية بترول أو كهرباء أو خدمات، وعليه فمن الإسفاف تبسيط المشهد ووضعه تحت عنوان «المنافسات الحزبية» أو «الأطماع الشخصية»، أو أنها «خلافات مذهبية» في فقه الصلاة أو فقه التاريخ.
أما الذين ما زالوا يرددون بأن المقاومة هي الحل، وأن الانسحاب الأميركي خدعة، فهؤلاء هم الهاربون من الواقع وتبعاته الثقيلة، فالمقاومة أدّت ما عليها في منازلة الجيش الأميركي حتى هزمته، ولم يبق في العراق من هذا الجيش ما يمكن استهدافه عسكريا، وإن هذه الشعارات المرائية باسم المقاومة لم تعد تكلف أصحابها ثمنا، ولم تعد دليلا على الشجاعة ولا الوطنية، لكنها في الوقت ذاته تجر الأمة بعيدا عن المعركة الحقيقية التي ينبغي أن تخوضها الأمة بكل إمكاناتها من أجل الحفاظ على عقيدتها وهويتها وتاريخها، وربما سيكون الدور الأكبر في هذه المعركة للفكر العميق، والكلمة الشجاعة، وربما يتطلب الأمر تضحيات جساما أكبر مما نتصور، وإن جسد الأمة المخدّر آن له أن ينتفض ليكتشف الحقيقة بعلم ووعي قبل أن يجد نفسه خارج التاريخ وخارج الجغرافيا أيضا.
ملاحظة:
نشر المقال هنا
هناك 10 تعليقات:
قالت لي الجاره الإيرانيه
وهذه ليست افتتاحية مقال أو ايحائات رمزيه لأيران (جارة السوء). بل حدث ان دعيت جاري الايراني لشرب الشاي من باب التعارف و حسن الجوار. وكما جرت عادة العراقيين انجرف الحديث بيني وبينه(برغم انني احاول ان لا اتحدث عن السياسه لأن الحديث عنها لا يجلب الا الهم والغم والكوليسترول) أقول انجرف الحديث الى ما يحصل على الصعيد السياسي في العراق, وبعد ان احسسنا بشيء من توتر الاجواء التفتت الينا زوجته (تريد انهاء الموضوع والانتقال الى موضوع ما يجيب مغثه) وقالت ببساطه:
إنتو مو عرب؟ إيش جابكم للعراق حتى تتكلمون كثيرا عنه! إنتو عرب فإرجعوا الى صحراء جزيرة العرب واتركوا ما لفارس لايران. مو التاريخ يقول العراق كان مال فارس.
لا أخفي عليكم انني إنبهتت من كلامها وسذاجة طرحها ولكنني تمالكت نفسي وسألتهاكيف لك ان تقولي هذا واننا اذا طبقنا كلامك هذا فستجدين ان العرب قد ملكوا نصف الدنيا لقرون عديده فهل يعطيهم هذا الحق بالمطالبه
باسبانيا و هنكاريا الى حدود النمسا.
و ردا على سؤالي أجات أن كل الكتب التي درسوها في ايران تقول بأن العراق جزء من فارس.
ويلخص جوابها ببساطه الموضوع كله
إنتو العرب إرجعوا لصحراء جزيرةالعرب (يعني من هسه سوو خطة إخلاء لمكه والمدينه ولا تدوخونا بلا زحمه). فالمسأله ليست مسألة أطماع ولا بطيخ, المسأله بالنسبه لللآخر هي مسألة "إسترجاع حقوق" مسألة حياة أو موت. ولن يعي العرب من الشيعه هذا لأنهم منتشون الآن "بانتصار" دولة الفقيه على أعداء آل البيت المزعومين, وسيبقون يطاردون هذا السراب الى أن يقودهم هم واولادهم واحفادهم الى احد خيارين إما ان يتفرَسوا (على وزن يتفرنسوا) أو ان ينضموا الى بقية شراذم الاعراب في صحراء جزيرة العرب بعد أن يقع الفاس بالراس. الخيار الثالث أن يصحوا من غفلتهم, لكن هذا يحتاج الى دماغ.
أنا عن نفسي راح أشتري خيمه علمود أروح لصحراء جزيرة العرب قبل ما ترتفع اسعار الخيم.
اولا اود ان اشكر فضيلة الشيخ محمد عياش الكبيسي على المقالة الموضوعية ..
نعم شيخنا ان ايران حلمها هو اعادة مجد امبراطورية زائلة منذ قرون ولا يمكن ارجاعها باي شكل من الاشكال . لقد استغلت ما اطلقت عليه ( مظلومية آل البيت رضي الله عنهم اجمعين ) لتكون انطلاقه للسيطرة اولا على السذج من شيعة العرب ليكونوا جنود ايران وتقاتل بهم اوطانهم وابناء جلدتهم وتستغلهم لتسرق الاموال والثروات وما تقوم به الان في العراق من تزييف للعملة وسرقة رصيد العراق من العملة الصعبة بواسطة العملاء ..
اذاً على المقاومة المسلحة عليها ان تبقى حتى يزول كل انواع الاحتلال واذنابه من العملاء .. ما كان من يعتقد ان حمل السلاح بوجه الحكومة الوطنية السابقة حقاً فلغيره الحق الاكبر بحمل السلاح بوجهه والسبب ببساطة لانهم جاءو مع المحتل وينفذون كل اجنداته بتدمير العراق ودفع تعويضات لايران عن حربها العدوانية على العراق ..
اذاً واجب على رجال المقاومة الشجعان ان يقوموا بمقاومة الاحتلال الثاني المتمثل بايران وعملائها وان لا ينسوا ايضا ان احتلال امريكا لم ينتهي بعد كلياً والله الموفق
لا بد من ذي قار ثانية و قادسية ثالثة
هذا قدر العرب والعراق
ولا يصلح الدين الان الا بما صلح به اوله
وهذا مطلوب من حملة رسالة الامة الخالدة جميعهم من المشرق الى المغرب ومن الشمال الى الجنوب
وقد تبدو الصورة قاتمة ولكن لا بد من انضاج الظروف والاعداد للقادسية الثالثةبعد ان يتناخى المسلمون الان لمعركة ذي قار الثانية ثم يتم الفرز لاصحاب العقيدة والرسالة
هل انتصر العرب قبل الاسلام بعقيدة الاسلام ؟ كلا
هل حسم الامر بمعركة القادسية الاولى نهائيا ؟ الجواب كلا
لماذا لان الامر له اسبابه الموضوعية فالعدو الان قد اضعف العراق وشن حملات تضليل واسعة النطاق ولفترة زمنية ليست قصيرة حتى ان هذا التضليل قد انطلى على "اصدقاء العراق والعقيدة "وخدعوا بالشعارات التي اطلقها الاعداء
والان حتى تسترد الامة وعيها الكامل وعلى مستوى الشعب والافراد لا بد من دفع ثمن التفريط بالعراق لصالح امريكا والصهاينة وايران
ولا بد من الوصول الى فكرة جامعة مانعة للامة الا وهي الوحدة العقدية والمصلحية لهزيمة المشروع المعادي القائم حاليا والا ستنتظر الامة اجيالا اخرى لتعود الى دينها ووحدتها لترد من جديد على الاعداء
وهذا يعني ان الصراع لن ينتهي ابدا على هذه الارض مهما بلغت التضحيات ومهما طال الزمن
ولكم تحياتي
اخي الكاتب الكريم لطالما احببت موقعك وطرحه الجميل لكن نصيحة لوجه الله تعالى لا تهدم موقعك بيدك وتجعله منبر لمحمد عياش الكبيسي وغيره .
اخي القارئ الكريم المحب وغير المعرف
اشكر لك مشاعرك الطيبة وبارك الله بك وأسأله سبحانه أن نكون عند حسن الظن بنا وعلى العهد.. وبعونه سبحانه لن يكون موقعنا منبرا الا لكل صوت وطني شريف.
بالنسبة لماتفضلت به، فإن نشر هذه المقالة جاء بسبب مارأيته من فكرة مهمة فيها، وأحببت طرحها للنقاش.. دون أن يعني أنني أتبناها، بل على العكس، فقد أوضحت رأيي فيها ولو باختصار شديد.
أكرر تقديري وشكري
مقال رائع و في الصميم لإثارته النقاش في قضية هامة و مفصلية تمر بها الأمة و يجيء في لحظة تاريخية فارقة هكذا هو دأب موقع وجهات نظر في تقديم النافع و المفيد و جلب الانتباه إلى المهم و الجوهري. السيد الكاتب الاستاذ الدكتور محمد عياش الكبيسي يجلب إنتباهنا إلى ما يعتبره تحولاً في حالة الصراع الدائر في المنطقة و الذي يعلن له تاريخاً تقريبي يفترض أنه بدأ مع توجه الاحتلال لإنهاء وجوده العسكري على أرض العراق بتوقيعه إتفاقيتي تنظيم الوجود العسكري المؤقت و العلاقات طويلة الامد ، حيث تم استكمال تنفيذ الاولى مع نهاية العام 2011. أستاذنا الدكتور محمد عياش يبدو بتقديري أنه و من جراء تركيزه على طبيعة التحول في المواجهة و تعلقها بشكل رئيسي بالعدو الإيراني قد فاته جانب هام من القصة الأمر الذي جعله يقول هذا الكلام : لكن المشروع الأميركي الأوسع لم يكن واضحا، وربما كان المراقبون يناقشون عددا مفتوحا من الاحتمالات ليس من بينها تسليم العراق لإيران بهذه الصورة التي تمت، وهذا هو السؤال الذي لم يزل بحاجة إلى جواب: ما الذي ربحه الأميركان في العراق؟. السيد الكبيسي بتقديري المتواضع ربما فاته أن المعركة من البداية و في جوهرها الأساس كانت معركة هوية و هو هدف أساسي إستهدفته الإدارة الجمهورية المتشكلة من المحافظين الجدد التي تلقفت أفكار صموئيل هنتغتون عن المعارك القادمة و صراع الحضارات التي طرحها منذ العام 1992. الولايات المتحدة الأمريكية إستهدفت العراق لأنه كان يمثل بشكل أو بأخر مشروعاً عربياً قومياً بأبعاد إسلامية يحاول النهوض بالامة لتأكيد وجودها و إرادتها و للدفاع عن حقوقها و مصالحها. من فكر أن الادارة الامريكية إستهدفت النفط أو أمن الكيان الصهيوني في ضربها للعراق و إحتلاله لم يكن مخطئاً لكنه كان يركز على جانب من المشروع و ليس المشروع بأكمله و بأبعاده الحقيقة. الولايات المتحدة نفسها و منذ البداية كانت تستهدف الهوية و هي تعتبر أن إنجاز مجمل أهداف استراتيجية الأمن القومي الأمريكي في الشرق الأوسط بمختلف محاورها الاقتصادية و الجيوإسترتيجية و الجيوسياسية و خصوصاً مفصل أمن الكيان الصهيوني إنما يتحقق بشكل حاسم و كامل و تام و رائع عبر حل التلاعب بعنصر الهوية و تذويب الهوية العربية الاسلامية. هكذا تم تسليم العراق لايران لتنجز هدف سحق هويته و التقدم منه الى المنطقة بإعتبار أنها تمتلك أدوات أفضل من الأدوات الأمريكية لتأمين إنجاز الهدف المطلوب بعد أن عجز الحكام العملاء و ليبراليوا العمالة لسنين طويلة من تأدية المهمة بل و أن قسماً منهم تبرع بنصيحة الولايات المتحدة بهذه الخطة عبر الصحافة و مراكز البحوث و الدراسات و ذلك بعد أن بارت أفكارهم و لم يهتم بها شباب الامة. أيضاً إدخال تركيا على الخط هو الاخر ربما يكون جزءا من القصة و معه غض الطرف هذا و فسح المجال لقوى الاسلام السياسي ذات النكهة الاممية المعادية لأي نوع من المشاعر القومية. على هذا الاساس وفق تقديري المتواضع يفهم تدليل الولايات المتحدة لفيل رستم الايراني و هو يتقدم في القادسية الجديدة و على هذا الاساس يفهم أن كل تهديدات الولايات المتحدة بضرب إيران لن تقع و أنها مجرد أوهام و لعب على مشاعر العرب لتأمين تقاربهم مع الكيان الصهيوني. نعم إنها معركة هوية مائة بالمائة لكن إيران جزء منها و ليست كلها و إذا لم نفهمها على هذه الابعاد أظن أننا و إيران سنبقى أحدنا يستنزف الاخر من دون حسم أو بحسم يكون على حسابنا يأتي من جبهة لا نتحسب جيدا لها
مهم جدآ...شكرآ
بقي هناك تعليق يتعلق بالسؤال الذي يثيره العنوان و نوع الاستراتيجية و الأدوات التي تتناسب و طبيعة هذه المواجهة و التي هي وفق وجهة نظر أستاذنا الدكتور الكبيسي هي مرحلة جديدة أو مواجهة جديدة بأدوات جديدة مختلفة كثيراً عن المرحلة السابقة او المواجهة السابقة التي إرتكزت على السلاح و ادارة العنف ضد العدو المحتل حيث يعتبر أن المرحلة الجديدة هي مرحلة فكر و دعاية و اعلام. بلا شك إن الإنسحاب العسكري الأمريكي الذي إكتمل بنهاية العام 2011 قد أدخل تغييرات مهمة على شكل الصراع الدائر إلا أنه في جوهره باق على الصورة التي فهمنا أبعادها من كونها توافق و مشروع أمريكي صهيوني إيراني يستهدف الهوية العربية الاسلامية ذات الاعتزاز بذاتها و بإرثها و بتراثها و المتحفزة للنهوض و الرقي و احتلال مكانتها اللائقة بين الامم و المساهمة بنهضة البشرية. إن هذه التغييرات التي أدخلها الإنسحاب العسكري الأمريكي على المشهد مع بقاء و إستمرار المشروع حتى كامل مداه بسحق الامة و تفتيتها و شرذمتها و إذكاء الجدل و الصراعات بين أجزائها و إتباع وسائل عسكرية جديدة تهتم بالعمليات الاستخبارية الخاصة و أعمال المرتزقة و المجندين و ضربات الطيران من دون طيار ، كل هذا يدفع باتجاه مناقشة و تبني خيار يجمع بين الابقاء على قوى المقاومة و الابقاء على تأهبها لكن مع التزام معلن و واضح بتجميد النشاطات العسكرية في المراحل الحالية الا في أضيق نطاق و لأغراض دفاعية و الاستفادة من هذا الظرف لبناء القوة و الامكانات يوازي ذلك تصعيد عالي للجهود الفكرية و الثقافية و الاعلامية و النشاطات المبدعة في هذه المجالات لهزيمة المشروع المعادي و فضحه و هنا أكون قد توافقت مع فكرتكم يا أستاذنا الكريم مصطفى كامل التي قدمتم بها للمقال. خالص تقديري و إحترامي للجميع
الاخ الكريم واستاذي الفاضل مصطفى كامل .. اسمح لي بنشر مقال للدكتور امير البياتي يعالج الموقف الذي عجز عن فهمه الكاتب هنا ... وشكرا لكم
المقاومة العراقية- الحاضر والمستقبل
http://www.albasrah.net/ar_articles_2012/0412/amir_180412.htm
اخي غير المعرف
بعث لي السيد امير البياتي مقالته ونشرتها في هذا الرابط
http://www.wijhatnadhar.com/2012/04/blog-post_7629.html
وشكرا للملاحظة
مع التقدير
إرسال تعليق