تعقيباً على سلسلة قراءات العميد الركن أحمد العباسي لكتب المرتد وفيق السامرائي، بعث إلينا الكاتب العراقي السيد رافد العزاوي، مشكوراً، بالمقالة التالية التي يثير فيها جملة من التساؤلات المهمة والجوهرية المتعلقة بالموضوع بشكل عام، حيث اختار الأخ العزاوي البدء بالحلقة الثامنة من سلسلة القراءات والمنشورة هنا، على أن يتبعها بمقالات لاحقة بشأن باقي الحلقات.
تحليل لقراءة العميد الركن إستخبارات أحمد العباسي لكتابي وفيق عبجل السامرائي
رافــد الــعزاوي
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي القارىء عندما تقرأ الحلقة الثامنة من قراءة الأخ العميد الركن إستخبارات أحمد العباسي على كتابي وفيق عبجل السامرائي، يتبادر الى ذهنك الأسئلة التالية:
لماذا تقوم دار القبس الكويتية (بالذات) بتولي نشر كُتب وفيق في عام 1997؟!
من أجل أن نفهم أبعاد هذا الأمر "الغريب" علينا أن نتذكر على الاقل حَدثين هامين جداً حَصلا قبل تأريخ نشر كتب وفيق، هذين الحدثين هما:
الحدث الأول: في سنة 1995 تم إصدار قرار مجلس الأمن الدولي 986 الخاص بالعراق [النفط مقابل الغذاء] وهذا القرار كان يعني أن الدولة العراقية سوف تبدأ بإستعادة عافيتها ولو تدريجياً، وبالتأكيد فأن هذا الموضوع لم يكن يُعجِبْ حـُكام الكويت إطلاقاً.
الحدث الثاني: هو عقد مؤتمر قمة دول مجلس التعاون الخليجي الشهيرة والتي تحدث فيها المغفور له ((الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان)) رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة والتي تحدث فيها عن قصة راعي الغنم والذئب ومجموعة كلاب الحراسة، والقصة معروفة لدى الجميع! وفي وقتها شدّدَ رحمهُ الله على ضرورة إنهاء حالة القطيعة مع العراق.
مِن هذين الحدثين نفهم لماذا قامت دار القبس الكويتية (بالذات) بتولي نشر كتب وفيق في عام 1997، لأن حكومة الكويت أصبحت تفقد الأعذار تدريجياً للإصرار على إستمرار الحصار على العراق، خاصةً بعد تأكيدات لجنة المفتشين بأنه لم يعد لدى العراق أية قدرة لإنتاج أسلحة الدمار الشامل.
واذا ذهبنا الى نهاية مقالة العميد الركن أحمد نرى أن وفيق من خلال تلفيق قصة زيارة الرئيس صدام حسين الى مقر الإستخبارات في الكاظمية، كان المطلوب من هذه القصة: إيقاف التعاطف الخليجي عامة والإماراتي خاصةً تجاه العراق ككل وليس تجاه النظام السياسي، ولهذا فقد كان وفيق أحد أذرع خنق شعب العراق وقتل اطفاله الأبرياء وذلك بتنفيذ أوامر الكويتيين لهُ بإدراج هذه القصة الملفقة والتي تشبه الى حد بعيد قصة حاضنات الاطفال للمقبور والد نيرة!
موضوع الأسير الإيراني:
س/ كيف تمكّن وفيق من إستخراج الأسير الإيراني من أقفاص الأسر وتشغيلهِ في قلم الشعبة 13 المتخصصة بشؤون إيران؟ بموجب ماذا؟ وبصلاحية مَن؟
س/ لماذا هذا الأسير بالذات؟ ألا يوجد على الاقل 3000 أسير غيرهُ؟
س/ لم أفهم! كيف يُعاقب وفيق ((فقط)) بالطرد من الإستخبارات ويُنقل الى قيادة شط العرب (وهو مكان حساس أيضاً)؟ مع أن مدير عام الإستخبارات اللواء الركن محمود شكر شاهين كانت لديه شكوك (!!!) بأن لوفيق ارتباطات بالإيرانيين؟!!!!!! عِــــلماً بأنني هنا لا أشكك إطلاقاً بوطنية ومهنية السيد اللواء الركن محمود شكر شاهين فهو فوق مستوى الشبهات تماماً.
س/ كيف تم تهريب هذا الأسير الإيراني؟ عن طريق مَن؟! ولماذا؟ وما هي الوسائط المستخدمة؟!
س/ بعد أن تم إستدعاء وفيق من قيادة شط العرب وأودع سجن المديرية، وتم التحقيق معه، مًن كانت اليد السحرية التي تدخلت بالتحقيق وأنقذت رقبة وفيق؟ هل كان حسين كامل؟ هل كان لحسين كامل يد في قرار إطلاق سراح وفيق وإتهام المقدم الركن البطل قاسم عبدالمنعم؟ طيب لمصلحة مَن حدثَ هذا؟
أنا هنا عندي رأي خاص في هذا الموضوع الخطير، وهو ليس رأي من فراغ ... وليفهم من يريد أن يفهم ... وسوف أقولهُ وبكل صراحة وكما يلي:
الأسير الإيراني لم يكن مجرد أسير عادي من أسرة ثرية! بل كان ضابط إستخبارات مُحترف!
لم يكن وقوع هذا الأسير الإيراني بيد القوات العراقية مصادفة إطلاقاً بل كان الموضوع مُرتّبْ بدقة.
موضوع إستلام وفيق لرشوة كبيرة جداً من اهل الأسير هذه كانت للتغطية لأن الإيرانيين أرادوا حماية عميلهم المحبوب. لكن هنا سؤال يطرح نفسهُ بقوة: لماذا لم يُحاسب وفيق على كونهِ ((مرتشي)) على الاقل؟! أليسَ هذا غريباً بل فوق مستوى الغرابة؟!
بالتأكيد ضابط الإستخبارات الإيراني هذا هو الذي كان يعاون وفيق في عمله ويقوم بتوجيهه، وعندما أرجعه وفيق الى إيران كان قد قدم تقارير مفصّلة عن عمل الإستخبارات العراقية ولهذا حصلت كارثة الفاو.
أرى مسألة إبعاد وفيق عن الإستخبارات قبل كارثة الفاو بالذات كانت مسرحية سخيفة وقد صدّقها المسؤولون في وقتها! لأن إبعاد وفيق من الإستخبارات كان لحمايته ومن ثم حتى يعود اليها وهو المنتصر!!!
أنني فقط أسأل السادة ضباط الجيش العراقي الأبطال:
هل هذا التصرف معقول بجيش داخل في حرب مع دولة معادية؟
هل يستوعب القارىء الكريم ماذا فعل وفيق عندما إستخدم هذا الأسير الإيراني؟
ألا تعتبر هذه جريمة لايمكن غفرانها؟
إحتلال الفاو:
أولا وحتى أُريح الجميع، كان إحتلال الفاو من قبل العدو المجوسي الفارسي بموافقة وتخطيط إستراتيجي أمريكي بالدرجة الأولى، تفاصيل الموضوع الدقيقة لن اخوض فيها لكن كان هناك لقاء صحفي أجرتهُ أحدى المجلات العربية التي تصدر في باريس (وعلى الأغلب مجلة كل العرب) مع المرحوم (طه ياسين رمضان) وفي هذا اللقاء صرّحَ قائلاً [إن الولايات المتحدة زودت العراق بمعلومات إستخبارية خاطئة أدت الى إحتلال الفاو].
أستطيع أن أقول أن وفيق كان جزءاً بسيطاً من خطة المُخادعة الإستراتيجية التي إتبعتها الولايات المتحدة لمساعدة إيران على إحتلال الفاو.
لو نأتي الى متابعة سياق الأحداث لوجدنا شيئاً غامضاً لكنهُ مُرتب جداً، لأننا نرى أن وفيق يتمركز في مقر الإستخبارات، مدراؤه منزعجون منه جداً ولكن لا أحد يطردهُ خارج الدائرة! بل إنهم يشكّون فيه! ومع هذا نرى أن الإجراء الذي يُتخذْ ضده (بسيط)، ثم يتم إزاحة أفضل ضابط في التحليل الإستخباري عن إيران وإيداعه السجن لمدة طويلة جداً!! بمعنى التخلص منه !! ثم تحدث الكارثة!! إحتلال الفاو!
لو نأتِ الى وفيق نفسه وفي كتابه هو يقول [(لماذا لم يهجم هؤلاء الإيرانيون حتى الآن؟)] أي أنه يَعتبْ على الإيرانيين أنهم لم يهجموا!!! هذا التصرف الذي ذكرهُ وفيق نفسهُ في كتابه إنما يعكس ما كان يُفكر به عقلهِ الباطن من رغبة في أن يقوم الإيرانيين بالهجوم. وفعلاً تساؤل العميد الركن أحمد [ان كانت هذه موهبة ربانية فلماذا لم يبلِّغ قائدهُ وصديقهُ، كما يصفه، الفريق هشام الفخري؟] في محله تماماً اذا كان وفيق متفقاً مع الجن الذي أبلغوهُ بالهجوم فلماذا لم يقم بتبليغ المرحوم الفريق هشام الفخري؟!
أما اذا جئنا الى أبطال الميدان، فأننا نجد أن سيادة الفريق عبدالله المؤمن كان قد نبّه رئيس أركان الجيش ومجموعة من قادة الفيالق بأن الفاو هي التي سوف تتعرض للهجوم وليس مكاناً آخر!! وقد أبدى الفريق أول الركن نزار الخزرجي (وكان في ذلك الوقت قائداً للفيلق الأول) تأييدهُ لرأي سيادة الفريق عبدالله المؤمن والذي كان قائداً لأحد أهم ألوية الجيش العراقي في ذلك الوقت.
س/ لماذا لم يستمع أولئك القادة الى رأي سيادة الفريق عبدالله المؤمن؟! والى رأي الفريق أول الركن نزار الخزرجي؟!!!
أما لماذا ساعدت الولايات المتحدة إيران بإحتلال الفاو فالأسباب التي نعرفها هي:
إنها كانت تريد إطالة زمن الحرب.
إرعاب دول الخليج العربي من قرب إيران على الحدود البرية لها.
توجيه رسالة الى القيادة السياسية العراقية بأن الولايات المتحدة قادرة على كل شيء.
في ذلك الوقت كان الجيش العراقي قد ألحق هزائم ساحقة بالجيش الإيراني وكان يجب على الجيش العراقي أن يذوق طعم الهزيمة أيضاً، أي أيجاد نوع من التوازن بين القوتين، وهذا كان ما تفكر به الولايات المتحدة.
في ذلك الوقت كانت العلاقات الدبلوماسية العراقية – الأمريكية تمت إعادتها، وكانت الولايات المتحدة ترغب بأن يتسع التعاون العراقي مع الولايات المتحدة أكثر.
ولربما كان هناك أمور أخرى أجهلها، ولكن الذي حصل حصل ونحنُ هنا نتحدث على الارض، لكن يا وفيق الى أين ستهرب من الله عزوجل عندما يسألك عن 60 الف شهيد دفعوا حياتهم في محاولات الجيش العراقي إستعادة الفاو وتحريرها؟ من سينقذك هذه المرة؟!
ولن أعلق على باقي قصص الــ crap الموجود في روايات وفيق .. وقبل أن أنهي مقالتي هذه أريد أن أقول: أنني الاحظ أن وفيق يكرر كثيراً الآية الخمسون الكريمة من سورة يوسف !!! ونراها في كتابه الصفحة 89 – 90 !!! وقد جاءت هذه الآية الكريمة في معرض سؤال ملك مصر في ذلك الوقت للنسوة اللاتي قطّعنَ أيديهن عندما شاهدنَ نبي الله يوسف عليه السلام في بيت عزيز مصر (بسبب شدة جمالهِ)، وقد كانت إمرأة العزيز موجودة معهن أمام الملك، فصرختْ:
(الآن حصص الحق أنا راودتهُ عن نفسهِ).....!
هنا سؤال خطير يطرح نفسهُ: هل قامَ وفيق بمراودة شخصٌ ما عن نفسهِ !!!! والا لماذا نراه دائما يستشهد بهذه الآية؟
الخلاصة:
كان وفيق عبجل السامرائي عميلاً للإستخبارات الإيرانية، تم تجنيدهُ قبل حصول ثورة خميني، أي أنه كان عميلاً لمخابرات الشاه – السافاك!! والتي كان يقودها الجنرال حسين فرودست صديق الشاه منذ الصبا، تم زرعهُ وتربيتهُ لكي يكون عيناً للإيرانيين في داخل الإستخبارات العراقية.
وبعد قدوم الخميني واعلان إيران جمهورية ((إسلامية))، قام ((نفس)) الجنرال حسين فردوست مدير مخابرات الشاه، بتشكيل (السافاما) والتي تحولت فيما بعد الى جهاز الإطلاعات الإيرانية!!
الجنرال حسين فردوست |
لمزيد من التفاصيل بشأن الجنرال فردوست انظر هنا
وبعدما إستقر الوضع لجماعة خميني قاموا بإعادة تأهيل جميع عملاء السافاك الأجانب السابقين، ومن بينهم وفيق لكي يعمل لديهم ولكن عن طريق آخر.
ليس من العيب أن نخطىء ولكن العيب في أن ننكر الخطأ ونُصرْ على أننا لسنا بخاطئين!!
التأريخ يخبرنا أنه حتى أجهزة المخابرات الدولية العملاقة حصلت فيها خروقات مُتبادلة، فمرة نجد أن الـCIA يكتشفون جاسوساً بينهم لهذه الجهة أو تلك! ومرة نجد الــ KGB السوفيتية القديمة تكتشف وجود جاسوس بينهم لهذه الجهة أو تلك!
فلماذا لا نكون شجعاناً ونعترف أن الإيرانيين قد إخترقوا الإستخبارات العراقية؟! ثم أليستْ هذهِ هي الحقيقة؟!
المذكور في الحلقة الثامنة من كشف (بئر الخيانة وفيق) أنا أعتبرهُ قصور شديد جداً في عمل الإستخبارات بل أنني أعتبرهُ فشلاً ذريعاً لأنه لو حصل نصف ربع مثل هذا الأمر في جهاز المخابرات مثلاً لتم التعامل معه بكل صرامة وحزم ولا أبالغ اذا قلت بكل وحشية!!!!
على أية حال هناك الكثيرين من الأخوة الضباط الان يؤيدون كلام العميد الركن العباسي وهم يصفون وفيق بنفس الوصف الذي يصفه فيه، وهذا يؤكد حقيقة وفيق.
نحنُ نخط هذه السطور اليوم لكي نعرف ما لذي كان يجري خلف الأبواب المغلقة لأن هذا من حق الشعب علينا.
وللحديث بقية ...
هناك تعليق واحد:
المحترم الاستاذ رافد العزاوي
شكرا لكم على مقالكم وخاصة الاسئلة التي سطرتموها بعضها نفس الاسئلة التي تدور في داخلي وربما في دواخل القراء الكرام.
لو سمحتم لي ذكركم الجملة التالية في مقالكم ولي تعليق بسيط عليه:
"أرى مسألة إبعاد وفيق عن الإستخبارات قبل كارثة الفاو بالذات كانت مسرحية سخيفة وقد صدّقها المسؤولون في وقتها! لأن إبعاد وفيق من الإستخبارات كان لحمايته ومن ثم حتى يعود اليها وهو المنتصر!!!"
ان الامر اعلاه يدل على ان وفيق ليس بمفرده في التغطية والعمل للعدو والخيانة وانأ اؤكد ان هناك من كان يغطي له وهنا يجب ان لا ننظر الى الاعلى (حسين كامل) ولكن من هم المجموعة التي تساعده عندما غضب عليه ومن ثم ساعدته على النجاة من العقاب الصارم؟؟
وهذا يجلب لنا قصة اخرى حول هروب العميل والسارق والمجرم بحق العراق وشعبه حسين الشهرستاني وهروبه من السجن الى ايران......أين هي اشرطة اين هي المخابرات وكل الاجهزة التي تحرس امن الدولة، وكلكم سمعتم قصه هروبه اما من خلال ما كتبه كقصة بطولية "رامبوا" او سمعتم عنها من طرف اخر، ولكن يبقى السؤال هنا من هم الجناة وراء هروبه؟ ماذا حل لهم هل من عوقب او سجن او طرد؟
إرسال تعليق