هذا السؤال لا جواب عليه، رغم انه بسيط جداً، ولكن مقالة الدكتور محمد فوزي العجيلي تحاول أن تقدم صورة، مختصرة عنه، لعلَّ فيها بعضاً من تلمس معالم الإجابة..
(كارثة) احتلال العراق
من سيتحمل نتائجها؟
محمد فوزي العجيلي
بدأت اوراق التآمر على الامة العربية والاسلامية تنكشف يوماً بعد يوم , وخاصة اوراق الاحتلال الامريكي للعراق , واصبح العرب الذين ساهموا بشكل مباشر اوغير مباشر في هذا الاحتلال يلقون المصائب تلو المصائب جزاءً للعبتهم غير المحسوبة, فنتيجة لذلك سقطت انظمة وتزعزع الامن في انظمة اخرى واصبحت الساحة العربية ساحة عمليات حربية وعسكرية ومؤتمرات دولية لاجل ايجاد مخرج لهم من النفق الذي دخلوه ...واخذت تصريحاتهم العلنية تعلو يوما بعد يوم متأسفة لاحتلال العراق وتنعل بداخلها ذلك اليوم الذي ساهمت فيه باحتلاله ..ولو حتى بصمتها . حيث كانت تعتقد انها ستحصد امنا واستقرارا لمنطقتهم بعد احتلال العراق ... لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن , لأن فعلتها تلك ايقظت الحاقد الايراني من سباته الذي كان راقدا فيه لوجود نظام العراق قبل الاحتلال , وجعلته، اي النظام الايراني، يبدأ باعادة احلامه التي كان يحلم بها قبل الآف السنين , وبدأ يتمادى في طغيانه وتدخله في امور خارج ارضه , واشعل نار الفتن في اماكن كثيرة من ارضنا العربية ... وما جرى ويجري في البحرين واليمن وسوريا الا احدى هذه الصور الحاقدة للسياسة الايرانية التوسعية وباتت هذه السياسة تشكل خطراً على الدول العربية كلها تقريبا من المغرب العربي وحتى مضيق باب المندب وخليج عمان وان تحرك هذا النظام تحت غطاء الدين اصبح خطراً داهماً على كل العرب.
لقد كان العراق قبل الاحتلال مركزا قوميا عربيا تشع منه شعاع حركة النهضة العربية, وبوابة العرب الشرقية للتصدي للاطماع الفارسية , ومركزا ايجابيا في خلق التوازن الطبيعي بين كثير من القوى المتنازعة في المنطقة , بل كان حجر عثرة امام تطبيق المشروع الصهيوني الامريكي الذي كان يهدف اعادة احتلال الارض العربية وتوزيعها بشكل جديد وترتيب اتفاقية سايكس بيكو جديدة بقالب اخر ورؤية استعمارية حديثة جديدة لأن سايكس بيكو 1916 ليست بالمستوى المطلوب الذي يتمنوه الآن .
لقد جاءت دراسات كثيرة تؤيد ان احتلال العراق كان خطئا كبيرا ولم تكن حساباته دقيقة وكانت نتائجه كارثية , ولم يكن هناك اي مسوغ علمي او قانوني لاحتلاله وكافة حجج الاحتلال اثبتت الايام انها كانت حجج غير مستندة على اسباب حقيقية وخاصة قضية سلاح الدمار الشامل ... وبدأت تتسرب تصريحات مباشرة او غير مباشرة لمسؤولين في مناطق مختلفة توضح ندمها او اسفها لاحتلال العراق ... وقد تكون هذه التصريحات تهدف اهداف بعيدة عن ظاهرها وقد تكون لامتصاص نقمة شعوبها ... او تهدف الى توجيه الانظار الى اتجاه اخر ... ومهما تكن اهداف هذه التصريحات فاننا لا يمكننا ان نعطي ثقتنا لاي وجهة نظر لاننا فقدنا بصراحة الثقة باي جهة خانت هذه الامة ...
ومن هذه التصريحات (المضحكة) ما جاء بها ما يسمى برئيس مجلس الشورى الاسلامي علي لاريجاني ان "كارثة احتلال العراق تعد اليوم اسواء من ديكتاتورية صدام".
وافادت بها وكالة مهر للانباء انه كان يتحدث خلال استقباله مجموعة من رجال الدين وشيوخ العشائر العراقية في طهران ... فهل تصدق مثل هذه التصريحات !!! فهل احتلال العراق هو كارثة بالنسبة لايران التي ساهمت مع الامريكان مباشرة لغزو العراق واحتلاله .
لكن هناك انتقادات البروفسور البولندي "بيوتر بالستوفيتش" الأستاذ بقسم الدراسات العربية والإسلامية بجامعة وارسو، حيث اكد أن الغزو الأمريكي للعراق سبب كارثة في هذا البلد والمنطقة فهذه الانتقادات جاءت معبرة عن حقيقة الاحتلال .
وهناك كتابا صدر مؤخرا في الولايات المتحدة الأميركية بعنوان «الغطرسة الامبريالية , لماذا سيخسر الغرب معركتة ضد الارهاب ؟» يظهر ان غزو العراق واحتلاله يمثلان كارثة , بحق من؟ بحق العالم ام بحق العراق ؟ ويذكر ان مؤلف الكتاب ضابط في المخابرات الأميركية لم يكشف عن اسمه .
وكان اعتراف بلير خلال مقابلة مع قناة "الجزيرة" الناطقة باللغة الإنجليزية بأن غزو العراق كان كارثة أثارت عاصفة سياسية في بريطانيا, رغم محاولة "داونينغ ستريت" تهوين هذا الاعتراف في وقت لاحق واعتبار أنها "اقتطعت عن سياقها".
وسأل السير ديفيد فروست، خلال المقابلة، بلير عما إذا كان التدخل الغربي في العراق جاء بمثابة "الكارثة" فأيده رئيس الوزراء البريطاني بقوله "بالفعل".
واعتبرت المعارضة البريطانية أن هذا التأييد دليل على اعتراف بلير بفشل إستراتيجيته في الشرق الأوسط.
وأفردت الصحف البريطانية مساحات واسعة لاعتراف بلير, وجاء أبرز عناوين صحيفة "ديلي تلجراف" "بلير يعترف لقناة عربية .. غزو العراق كارثة".
وأفردت الصحف البريطانية مساحات واسعة لاعتراف بلير, وجاء أبرز عناوين صحيفة "ديلي تلجراف" "بلير يعترف لقناة عربية .. غزو العراق كارثة".
ويبقى ما جاء به المستشار الامريكي الاسبق للأمن القومي زبغنيو بريجنسكي حيث يوضح في كتابه الأخير (نظرة استراتيجية: أميركا وأزمة القيادة العالمية)،الذي يؤكد فيه ان احتلال العراق وحرب امريكا ضده (كانت كارثة) من اقوى الشهادات في هذا الزمن , ويوضح نتائج احتلال العراق الكارثية حسب وجهة نظره بالنقاط التالية:
1- قوَّضت الشرعية الأميركية حول العالم.
2- همَّشت مصداقية رئيس امريكا.
3- رتَّبت تكاليف باهظة على الإدارة الأميركية.
4- أسهمت في زعزعة الشرق الأوسط بأكمله.
أضف إلى ذلك الدور الإيجابي الذي كان يلعبه الرئيس صدام حسين في احتواء إيران، مقارنة بعراق اليوم الذي يغرق في اللااستقرار.
ما سبق يعني أن العالم كان يمكن ان يكون مختلفاً لو لم تغزُ أميركا العراق اليوم.
وهذه الرؤية الجديدة لبريجنسكي تشكل اعترافا مهما من قبل احد مؤسسي سياسة امريكا الخارجية, وشهادة مهمة في تاريخنا الحالي توضح اكبر خطأ وقعت به السياسة الامريكية في المنطقة باحتلالها العراق...
لكن ستبقى هذه التصريحات وما تبعها من دراسات بالونات القصد منها صد ردة الفعل التي احدثتها الكارثة وما نتج بعدها من تحرك جماهيري ويقظة حقيقية للجماهير العربية المسلمة تجاه اساليب الاحتلال الجديدة التي مارستها قوى الشر المتمثلة بثالوث الشر (ايران, امريكا، الكيان الصهيوني) وسيبقى التاريخ واقفا باعتزاز وفخر امام المقاومة العراقية الباسلة التي سطَّرت ملحمة انتصار لهذا الشعب العظيم أمام القوة العظمى الغاشمة.
إن سقوط هيبة أمريكا صاحبة أكبر جيوش العالم سيكون درسا حيا لكل من يحاول امتهان إرادة الشعوب واستباحة مقدراتها وثرواتها وأراضيها، ولعل العالم يستوعب هذا الدرس.
وسيبقى يدور في اذهان كل عراقي وعربي شريف أسئلة جوهرية:
· من سيتحمل نتائج هذه (الكارثة) التي ألمَّت بالعراقيين اولا وبالعرب ثانيا ؟
· من سيتحمل ارواح الملايين البريئة من العراقيين التي ازهقت بسب هذه (الكارثة) ؟ ومن سيتحمل الخسائر الجسيمة التي نتجت بسبب هذه (الكارثة) ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق