في خطوة غبية وحمقاء، وجَّه العميل المجرم نوري المالكي دعوة إلى زعيم حزب المعارضة الرئيس في تركيا، حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو لزيارة بغداد.
ويقصد المالكي من هذه الدعوة إغاضة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وكأننا في روضة اطفال، لا بل أن أحد حمقى حزب الدعوة الشيطانية اعتبر كليتشدار أوغلو المنقذ القادم لتركيا، وهو، كما سيده الغبي، لايعرف ان مكانة زعيم حزب الشعب الجمهوري، وموقع حزبه، تتراجع يومياً بين الأتراك، نظراً لمواقف الحزب الداخلية والخارجية البائسة، وفضائحه التي لاتعدُّ ولاتُحصى.
ومن علائم غباء هذا المالكي انه لايدري كم الانتقادات التي تلقاها كليتشدار أوغلو بعد هذه الدعوة، في الاعلام والشارع التركي، الذي ساند مواقف رئيس حكومته، أردوغان، بالضد من مواقف زعيم المعارضة البائس.
الصديق الأستاذ مثنى الطبقجلي، يعلق على هذه الدعوة الحمقاء في المقال التالي.
دعوة المالكي للمعارض التركي، لن تحرِّك شعرة في رأس أردوغان
مثنى الطبقجلي
الدعوة التي وجهها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لرئيس حزب الشعب الجمهوري التركي كمال كليتشدار اوغلو واعلنت تفاصيلها فقط في انقرة تندرج ضمن مواصفات توتر عال وصلت إليه علاقاته مع نظيره التركي رجب طيب اردوغان، وهي في تقديرات كل المراقبين دعوة بعيدة كل البعد عن المصلحة العليا للبلاد وفي منظور ما ستؤول إليه علاقات بلدين جارين تربطهما الكثير من الوشائج ولكن تفرقهما باطنية سياسية لاتُظهِرُ راسها الا حينما تصطدم اجندتين اقليميتين على سطحه وتحتكان بقوة .. المالكي الذي يجيد تحميل الملفات الامنية السرية والكيدية ضد خصومه السياسين في الداخل استخدم هذه الخاصية نكاية بنظيره التركي، الذي طالما اتهمه بانه يتدخل بالشان الداخلي العراقي.
وكشفت الدعوة في توقيتها وجدول زيارات اوغلو إنه مخطط له حينما يزور اربيل والسليمانية وكركوك والنجف لتنتهي بزيارة بغداد ولقاء كبار السياسين وعلى راسهم المالكي نفسه، هذه الدعوة جاءت، متزامنة مع احداث سريعة علقت بين البلدين.. اي انها دعوة كيدية ردا على دعوة اردوغان لطارق الهاشمي ومنحه الجنسية التركية.. هكذا يلوح الامر للمراقبين ..
اندفع المالكي دون ان يستشير رئيس دبلوماسيته وغير عابئ بنصائح زيباري لما قد تسببه زيارة زعيم المعارضة التركية من اثار وتداعيات على مجمل العلاقات بين البلدين، وما قد تلقي من ظلال قاتمة على مستقبل التنسيق المشترك في نطاق الاطلاقات المائية لنهري دجلة والفرات، وهي انهر مشتركة، وما قد يتسبب ذلك من كوارث ستلحق بالزراعة العراقية والاراضي الزراعية بشكل عام، وحتى السدود المقامة عليهما، وانسياقا وراء مفهوم تصعيدي لاركان التوتر فيما بات يعرف بالتناحر الشخصي بين رئيسي وزراء البلدين، دخلت ايران على الخط من طرف خفي تحرك الامور لمافيه احداث قطيعة سياسية بين بغداد وانقرة، لتنفرد وحدها لاعبا في الساحة العراقية التي كثر فيها اتباعها والموالين لها، ويبدو ان ايران استطاعت ان تقود العراق وتذكي مخاوفه تحت هواجس التغيير القادم في سوريا واحلام عثمانية تراود تركيا اردوغان ..
العثمانية الجديدة تلك أقرَّ بها حزب العدالة من خلال أحد قادته وهو وزير الخارجية أحمد داود أوغلو حيث قال في 23 تشرين الثاني عام 2009 في لقاء مع نواب الحزب “إن لدينا ميراثا آل إلينا من الدولة العثمانية. إنهم يقولون: هم العثمانيون الجدد. نعم، نحن العثمانيون الجدد. ونجد أنفسنا ملزمين بالاهتمام بالدول الواقعة في منطقتنا. نحن ننفتح على العالم كله، حتى في شمال أفريقيا. والدول العظمى تتابعنا بدهشة وتعجب…" تلك المخاوف بدأت تستيقظ لدى العراقيين ان يكون دعم تركيا للاكراد في مواجهة السلطة المركزية في بغداد ليس صراعا شخصيا وانما قد يكون اعادة لرسم الجغرافية والتاريخ معا والاتجاه نحو الغاء اعترافها بالاستفتاء على ولاية الموصل الذي جرى عام 1923. وتلك معلومات مسرَّبة لم يدل بها اي مسؤول تركي لكنها اخذت طريقها للاعلام واحدثت تاثيرات متباينة .. وهو ما قاد فعلا الى نظرات من الشك اخذت تكبر وقادت إلى قطيعتة لجارته الشمالية والتشكيك في كل نواياها ازاء مجريات الصراع الدائر في المنطقة.
المالكي وكما يبدو يدفعه تيار جارف من الاستياء على نظيره التركي اردوغان الذي قدَّم الحماية لخصمه طارق الهاشمي الذي حكم عليه بالاعدام ثلاث مرات في قضية واحدة، ولن يهدأ له بال الا ان يعلق رأسه، لهذا تراه لايمل ابدا من تذكير جارته الشمالية وعلى مدى اسابيع انه اتخذ جملة قرارات استهدفت في مجموعها تلقين الاتراك درسا لن ينسوه! بسبب ما يصفه تدخلهم في الشان الداخلي العراقي وارسالهم وزير خارجيتهم داود اوغلو الى كركوك بدون موافقة الخارجية العراقية، وكرروا الامر بارسال طائرة وزير الطاقة التركي الى اربيل حيث تم منعها من دخول الاجواء العراقية ..
محاولة خسرها المالكي حينما لم يقدم يده لليد الممدودة اليه من اردوغان في دعوته له لحضور احتفالات تركيا بتأسيس حزب العدالة والتنمية، وكان يمكنه لو فهم ابعادها، لوضع معايير جيدة في التوزان الاقليمي، طالما ان العراق يقبع بين رحى دولتين اقليميتين تتصارعان على مراكز النفوذ الاقوى في العراق، اي تركيا وايران، وتلك معادلة تاريخية ظلت قائمة منذ القرون الوسطى وحتى الان .. ولعل في خطوة المالكي هذه تعميق للهوة في العلاقات بين البلدين ورهانا على حصان خاسر في سباقات الرئاسة التركية والبرلمان، وهو ما يضع العراق في مواجهة سياسة افعال مضادة لتركيا بحكم علاقاتها الحسنة مع القوى السياسية في الساحة العراقية، ما يجعلها قادرة على التاثير من واقع انها دولة لها مصالحها ولها رؤاها .. حيث الكل صار يتدخل في العراق!!!
هذه الدعوة لن تأتي بجديد غير صداع مستمر للعراق، وحتى مرور كل تداعياتها بسلام لانهم هناك، اي الاتراك، لايقيمون وزنا الا للاجراءات الديمقراطية التي يمارسها اردوغان، ولكن كمال اوغلو رغم كونه زعيما معارضا لكن معارضته هذه لاتخرج عن كونها سياقات وطنية تضع مصلحة تركيا فوق اي مصلحة، وليس كما يحدث في العراق حينما تتقاطع المصلحة الوطنية مع الاجندة المهيمنة، فان الانحياز سيكون للاجندة السياسية!
حدث هذا مع ايران في اكثر من مناسبة ومع امريكا، ولكن السؤال هنا مالذي يمكن ان يقدمه معارض مثل كمال اوغلو للعراق وهو يشهد صراعا قوميا وهو على قاب قوسين وادنى من معركة تُتهمُ تركيا بصب الزيت على النار فيها، فيما تُوهم ايران العالم والعراقيين بأنها من تدلو بدلوها لاطفاء النار المشتعلة تحت رماد المشكلة الكردية؟
انها بلاشك عملية خداع كبرى تمارسها ايران، واستخدمت فيها معايير مزدوجة، وخدعتنا فيها حينما انجررنا وراء قضايا هامشية يمكن ان تحل بالطرق الدبلوماسية، باستخدامنا ردود الفعل المضادة باقسى اجراءاتها العقابية، فأي مفاهيم تغيرت واي دبلوماسية تحركها اصابع يد واحدة؟
.. ولان العراق يمر بوضع حرج كما هو الحال مع عموم المنطقة، كان حرياً بالمالكي ان لايزيد الطين بلة، وان لايحرك الكوامن ، وان لايضرم النيران التي قد تلسعه، وان لايستمع ويقرأ في الاعلام ما قد يعطيه صورة مغايرة للواقع.
اذا كان المالكي يطالب الاكراد بالحوار والجلوس على مائدة واحدة، كونه اختلاف على تفسير نص مادة دستورية.. كان الاحرى به ان يجلس مع اردوغان، خصما كان ام صديقا، وان يطرح عليه تصوراته لعراق جديد مستقل ذا سيادة وعلاقات ثنائية ومصالح مشتركة، لا اعتقد ان هناك دولة تحادد تركيا تمتلك مواصفاتها، مثلما يمتلكها العراق، لكنه لم يفعلها فمن هو المخطئ بحق أمته ..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق