موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأحد، 2 ديسمبر 2012

سلام عليك أيتها العراقية وأنت تواصلين البقاء والمقاومة


هيفاء زنكنة
يمر اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة على المرأة العراقية كالقطار العابر للمحطات المهجورة. فلا الانوار مضاءة في المحطة ولا الارصفة مأهولة. صوتها يرتطم بالفراغ فلا صدى. 
المرأة العراقية، هل تتذكرونها؟ المرأة التي كانت عزة العراق ورمز كبريائه. المرأة التي ساهمت ببناء وطن أملت ان يكون لكل الابناء. المرأة التي عاشت سنوات الحصار عزيزة النفس غير خانعة. المرأة التي استخدمتها الادارة الامريكية ومؤيديها من ساسة النظام الحالي، كسبب 'انساني' لتبرير غزو العراق واحتلاله وتخريبه بعد اكذوبة اسلحة الدمار الشامل.
كيف تتذكرونها؟


هل هي التي تحدث عنها بول بريمر، حاكم الاحتلال العسكري الامريكي، رئيس سلطة الائتلاف المؤقتة، القائل في 2 ايلول/  سبتمبر 2003: 
"الشعب العراقي حر الآن، وليس لديه ما يدعو للقلق من الشرطة السرية القادمة لالقاء القبض عليه في منتصف الليل، وليس هناك ما يدعو النساء للقلق على أزواجهن وإخوانهن الذين يلقى القبض عليهم ثم يقتلون. وليس من داع لقلق الرجال على زوجاتهم اللواتي يتم اقتيادهن الى غرف الاغتصاب.
تلك الأيام قد ولت."
أم انها من خاطبها الرئيس الامريكي السابق جورج بوش، بـ"انسانية" وسعى لـ "تحريرها"، كما قال، في يوم عالمي آخر، حول "الجهود الرامية إلى تعزيز حقوق المرأة على الصعيد العالمي" في 12 آذار/ مارس 2004:
"كل امرأة في العراق أفضل حالا لأن غرف الاغتصاب وغرف التعذيب تحت نظام صدام حسين أغلقت إلى الأبد".
ولئلا ادخل في سرد يؤرخ للانتهاكات والجرائم والمداهمات والتعذيب والاغتصاب الموثق للنساء والرجال معا (هل هو الهدف الجديد للمساواة؟) في ظل حكومات الاحتلال المتعاقبة واطولها عمرا نظام حزب الدعوة الطائفي برئاسة نوري المالكي و"رئيس الجمهورية" جلال طالباني، ساشير الى تقرير منظمة تقرير هيومن رايتس ووتش، لعام 2011، وهو واحد من مئات التقارير الدولية، والذي جاء فيه ذكر حقيقة لايتطرق اليها الشك وهي: "تنتهك حقوق المواطنين العراقيين الأكثر ضعفا، لا سيما النساء والمحتجزين، مع الإفلات من العقاب". 

كما ذكرت منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر في 12 أيلول 2011، ان هناك ما لا يقل عن 30 ألف معتقل في السجون العراقية لم تصدر بحقهم أحكام قضائية، معرضين للتعذيب وسوء المعاملة، من بينهم نساء. ولم يعد خافيا على احد كيفية معاملة النساء في معتقلات نظام حزب الدعوة بحيث صارت رائحة التعذيب النتنة وممارسة الجلادين تستدعي "استنكار وادانة" بعض المشاركين في العملية السياسية.
ولننظر الى احداث اسبوع واحد ذات علاقة بانتهاكات حقوق المراة. ففي يوم 26 نوفمبر، اتهم القيادي في القائمة العراقية حامد المطلك، الأجهزة الأمنية باغتصاب وتعذيب سجينات عراقيات، واصفا الحال بانه "أخزى" من أفعال الأميركيين في سجن أبو غريب، وأن "هناك حملة لاعتقال النساء بدلا من أزواجهن أو إخوانهن عن طريق المخبر السري وبتهمة أربعة إرهاب". وأضاف المطلك في مؤتمر صحافي أن "12 امرأة اعتقلت في منطقة التاجي، في الثالث من الشهر الحالي، بينهن صبيتان أحداهن تبلغ من العمر 11 عاما وأخرى 12". مؤكداً تسجيل وفيات جراء التعذيب شملت نساء ورجالاً وأطفالاً.
والمفارقة المبكية في تصريح "القيادي" هو تحذيره من انعكاس الافعال (يعني اعتقال وتعذيب واغتصاب الفتيات) "سلبا على مشروع الوحدة الوطنية"!
مشروع الوحدة الوطنية!
مما يدفعنا الى التساؤل عما يتناوله ساسة النظام لينطقوا بكذا تصريحات بدلا من اعلان الانسحاب من عملية سياسية لوثت منذ تأسيسها كل القيم الاخلاقية والانسانية المتعارف عليها؟ 


وقبله بيومين، في 24 تشرين الثاني / نوفمبر، كشف النائب أحمد العلواني المنتمي الى ذات القائمة الهمامة، تعرض نزيلات في عدد من السجون العراقية إلى حالات "اغتصاب" من قبل محققين لانتزاع اعترافات قسرية. وبدلا من ان يستقيل النائب الجسور بعد اطلاعه على هذه الجرائم البشعة والتي لو اصابت مواطنا واحدا في بلد ديمقراطي حقا لأسقطت الحكومة بكاملها، أكد أن قائمته ستطلب من رئاسة البرلمان تشكيل لجنة لمتابعة هذه القضية. فالف مبروك للمرأة على تشكيل اللجنة (هل سمع احد بنتيجة تحقيق  احدى اللجان حتى اليوم؟) وألف مبروك على وجود "القائمة العراقية" الفخورة بانها، خلافا للاحزاب الطائفية، تضم بين صفوفها ناشطات نسويات مدافعات عن المرأة لا يتقاعسن، يوما، عن حضور محترفات حقوق المرأة والديمقراطية ومشاركتها في الحياة السياسية ووضع الحلول المناسبة لجميع المشكلات!
في ذات اليوم، أصدر مرصد الحريات الصحافية بيانا عن الصحفية صباح حسن، رئيسة تحرير صحيفة "الرأي الحر" ببغداد، المعتقلة منذ العشرين من فبراير الماضي أي قبل أكثر من عشرة أشهر والتي، حسب ابنتها وتقارير طبية موثقة، تشير الى تعرضها (للتعذيب الوحشي بالضرب والكي بالسجائر عدا عن تعريتها بالكامل والتنكيل بها ونقلها بالبطانية من مديرية الجرائم الكبرى الى سجن تكريت وسط المدينة امام انظار المنتسبين).
ويبين الصحافي هادي مرعي جلو، مدير المرصد، نقلا عن ابنة الصحافية المعتقلة إن والدتها "تقبع في حال سيئة للغاية بمركز إعتقال يقع جوار وزارة الداخلية العراقية" مطالبا بإطلاق سراحها على الفور والتحقيق مع المتسببين بنسبة الضرر العالية في جسدها. 
وبعده بيوم، في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر، خرجت تظاهرة حاشدة في محافظة الانبار، غرب العراق، احتجاجا على اعتقال امرأة وطالب المتظاهرون الحكومة المركزية باطلاق سراح المرأة وسراح جميع المعتقلات العراقيات في سجون الحكومة وايقاف الانتهاكات التي يتعرضن لها.


واذا ما انتقلنا الى اقليم كردستان فان العديد من الناشطات في مجال حقوق المرأة، من بينهن كزال نجم الدين، في تصريح لها لبي يوكي ميديا، يؤكدن ان المجتمع الكوردستاني يشهد قسوة في التعامل مع المرأة تصل الى حد القتل، وتعود الاسباب الى "عدم جدية واستقلالية الجهات القضائية في مثل هذه القضايا، بالرغم من القوانين والتشريعات التي أصدرها برلمان الاقليم للحد من هذه الظاهرة، الا ان شيئا فعليا وجادا لم يحصل على الاطلاق".
وقد ذكر تقرير اصدره (برنامج العدالة في متناول الجميع ـ وارفن)، المدعوم من قبل الادارة الامريكية، بتاريخ 25 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الحالي، ان هناك، خلال الشهرين السابقين فقط، 19 أمراة قتلت و 55 أمرأة احرقت نفسها وان أكثر من 740 حالة انتحار لنساء أحرقن أنفسهن سجلت خلال الستة أشهر الأولى من العام الحالي فقط!
فما الذي فعله مجلس النواب في "العراق الديمقراطي الجديد" بعضوية الاسلاميين الطائفيين والشيوعيين والقوميين؟ قدمت لجنة حقوق الإنسان البرلمانية تقريراً اولياً عن المعتقلات في السجون العراقية، مبينة أن "عدد الموقوفات والمحكومات لغاية يوم 27 نوفمبر في وزارة الداخلية 101 امرأة وفي وزارة العدل 960 امرأة وفي وزارة العمل 69 امراة معتقلة او محكومة... واشارت إلى اعتقال 12 امرأة في منطقة التاجي بضواحي بغداد الشرقية بدلا عن المطلوبين من اقاربهن وتم احتجازهن دون أوامر قضائية". 
تم اقتراح اصدار بيان بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة. حدثت مشادة كلامية بين النواب حول تضمين حال المعتقلات. رفعت الجلسة تفاديا لتحول المجلس الى حلبة مصارعة جسدية. ثم، كالعادة، انخرط "شركاء العملية السياسية" في تبادل الاتهامات عبر الفضائيات والتهديد بفتح ملفات الارهاب مقابل المتاجرة بشرف العراقيات. 
من هو المسؤول عن اعتقال وتعذيب المرأة العراقية؟ هل هو الجلاد لوحده أم انه النظام الذي يمنح الجلاد الأذن بالتعذيب  والاغتصاب عن طريق عدم المساءلة وعدم تنفيذ القانون؟


ان الجلاد الموجود في ظلمات المعتقلات السرية والعلنية ومراكز التحقيق التابعة بثلاث وزارات على الاقل ليس شبحا لايعرفه أحد. انه جزء لايتجزأ من نظام يتشدق بوزرائه ونوابه وساسته بحقوق الانسان حتى باتت حقوق الانسان شتيمة مقززة. انها مسؤولية الجميع في النظام. الصامتون والمبررون والمتنازعون اعلاميا. 
وسلام عليك ايتها المرأة، يا مانحة الحياة، يا حفيدة الشاعرة السومرية إنخيدوانا مدونة أقدم أثر أدبي معروف في التاريخ الإنساني.  يا من خاطبت الآلهة، واقفة على قدم المساواة معها، متسائلة "من يستطيع أن يهدّئ قلبكِ الغاضب".
سلام عليك وانت تواصلين البقاء والمقاومة. 

ملاحظة:
نشر المقال هنا.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..