صلاح المختار
حينما تبحث في تاريخ العراق ستجد انه تاريخ البطولة الخارقة التي وصلت الى حد الاسطورة ، فكل ما تقرأه عن العراق القديم يجرك رغما عنك الى البطولة ، فالعراقي بطل زمانه ومكانه وفارس جغرافية العالم برمته فهو لم يكن بطلا عراقيا فحسب بل كان بدلا عالميا ولم تكن تكفيه بطولات ساحة العراق وحده، وشغلت البطولة دياناته وهويته ومواسمه ، ولانه بطل بالفطرة فانه بحث دائما عن خلود ( النوع ) العراقي الفريد، ورغم ان كل بشر يبحث عن الخلود الا ان البحث العراقي عنه كان ومازال مقترنا عضويا وتاريخيا بالبطولة ، فالبطل هو الاحق بالخلود لانه من نسل باركه الله ودس فيه سماته البطولية عندما كان نطفة. من هنا فان اساطير العراق القديم زخرت بتمجيد البطولة ووصفت الابطال بانصاف الالهة ، وخلدتهم الاف السنين .
والرمز التاريخي والاسطوري الاكثر شهرة للمزاوجة بين البطولة والخلود هو جلجامش فهذا البطل الاسطوري وهو يرى تميزه بالقوة ادرك انها قوة زائلة لا محالة حينما رأى صديقه انكيدو ميتا يأكله الدود بعد ان كان بطلا مثله تهتز الارض تحت قدميه خوفا ورهبة ! لذلك تحولت اعراس البطولة لدى جلجامش الى هم كبير وبحث اكبر عن كيفية الخلود من اجل ان يبقى وتبقى معه البطولة سمة حية امام البشر عبر اجيال متعاقبة ولا تنقطع . بدأ بالبحث عن الخلود وقام برحلات خطيرة ووجد نبتة الخلود لكن الافعى سرقتها منه ، فحرم منه بينما تمتعت الافعى به فاخذت تغير جلدها موسميا لتعيد اكتساب الشباب .
هذه الاسطورة ترمز في زماننا الى عملية صنع حياة راقية للبشر ، فنحن نعرف ان لا خلود لاي مخلوق فكلنا نموت ، ولذلك فان الخلود الوحيد الممكن هو بترك اعمال تخلد الانسان وتذكرها البشرية لمئات وربما لالاف السنين ، فمن يبحث عن الخلود يعرف انه العمل الخير الكبير الذي يغير حياة البشر نحو الافضل ، واذا اقترن ذلك ببطولة فريدة تضاهي بطولة جلجامش وربما اعظم منها فان الخلود يصبح حروفا منقوشة في ذاكرة ونفوس البشر لالاف السنين تحكي قصة انجازات عظمى حققت للبشر العدالة والحرية والتقدم والرفاهية وحررتهم من الخوف من الغد والمرض والامية والظلم .
وحينما ننظر للعراق تحت قيادة البعث نجد انه حقق للشعب العراقي ما لم يتحقق له منذ مئات السنين ، فلقد شبع بعد جوع وتعلم بعد امية وتفوق بعد تخلف ، واستعاد العراقي هيبته التاريخية المصنوعة بخيوط حرير خدماته للانسانية عبر التاريخ ، وتحول العراق تحت ظل البعث الى قوة مهابة ومنتجة تسهم مع بقية الانسانية في تحقيق التقدم العلمي والتكنولوجي وتنهي عصور الاتكالية والطفيلية ، وهكذا استعاد العراقي مصادر البطولة الطبيعية ، وترسخت في اعماقه مشاعر الامن والاستقرار والرضا عن الذات ، ونظر الى غيره كانداد له سواء كانوا متقدمين عليه علميا وتكنولوجيا ، لانهم انجزوا ما يؤكد انهم بشر تجاوزوا عصور التخلف ، او كانوا متخلفين لانهم في النهاية بشر مثلنا ويملكون نفس جيناتنا وقدراتنا وما يحتاجون اليه هو الدعم لتمكينهم من تحقيق قفزة التقدم والتحرر من التخلف .
هذا العراق قام ، هذا العراق دام لاربعين عام ، بفعل ( جينات ) البطولة العراقية التي اقتحمت المجهول والمهول ، وسفحت الدم الغالي من اجل تجسيد البطولة في فعل انساني كبير وعظيم يخدم الناس العاديين تذكره الاجيال المتعاقبة . وهنا نجد بصمات صدام الشهيد ، فهو كما وصف نفسه سيف من بين السيوف التي صنعت العراق القوي والمتقدم وليس السيف الوحيد ، لكنه كان السيف الاشد لمعانا فكان بريقه ينير الطريق لرفاقه وشعبه لتحقيق المزيد من البطولة ببناء المدارس والمستشفيات والبيوت والمعامل ومراكز البحث العلمي ، وباستئصال المرض والامية وكل معيقات خلود الانسان .
ليس هذا فقط فصدام الشهيد اكد للعالم مرة اخرى في لحظات اغتياله ، وبعد ان كاد العالم ينسى او للدقة ان يتناسى ،ان في العراق ارادة فولاذية بنيوية منغرسة في ( جينيات ) العراقيين ، وهي لذلك دائمة وليست موسمية ولا تقهر مهما طغت ظواهر التراخي وتأخر ردود الفعل على الجرائم التي ترتكب ضد العراقيين وارضهم وسماءهم ومياههم وهواءهم . لذلك كان صدام الشهيد وهو يتقدم نحو الموت باسما وليس مهموما كجلجامش عندما كان يبحث عن الخلود ، يدرك بعمق ووعي ان الخلود هو للموقف التاريخي، وليس اعظم في التاريخ الانساني من مواقف البطولة التي تعيد بناء امجاد الامم وتشحن شخصية ابناءها بقوة تتخطى صلابة الماس والفولاذ ، وهكذا راي العالم في يوم اغتيال صدام الشهيد العراقي الاسطوري كما عرفه التاريخ القديم وقد تجسد امامنا وكما راه العالم بعد الغزو بطلا اسطوريا تعجز الاسطورة عن استيعاب بطولته لانه اكبر من الاسطورة واكبر من كل معايير البطولة التقليدية ، فتتلاشى اساطير التاريخ امام بطولته الفريدة ويرى العالم العراقي وقد اصبح سيد العالم كله بجدارة من يموت من اجل الانسانية وهو راض مبتسم ، وتلك لحظة مستحيلة بمعايير غير العراقيين الذين تسمروا مدهوشين مأخوذين بمشهد البطولة لحظة الاغتيال ، لكنها بالنسبة للعراقيين لحظة ممكنة وواقعية وتتناسل وتنجب الالاف في كل مرحلة ولا تعقر مهما انتزعت ارحام العراقيات واحرقت في محارق بني فارس او اشقاءهم بني صهيون ، لان رماد ارحام العراقيات يصبح بذورا تنبت منها اجيالا اشد بطولة واصرارا على تحقيق المعجزات .
ما اكده صدام الشهيد هو ان كل عراقي يحمل في جيناته نسخة من جلجامش وانه رفيق واخ لصدام الشهيد يأكل معه ويتنفس مثله هواء عراق يصنع البطولة من المهد الى اللحد ، فالعراقي الواقعي يحلم بالخلود ويبحث عنه لكنه يختلف عن جلجامش في انه يقدم الانجازات العظمى للبشرية كوسيلة وحيد للتخليد ، وفي تأكيد متكرر لعبقريته ، ولهذا فالعراقي يعرف كيف يدحر اعداء العراق ويغيظهم حد الموت حتى وهو يستشهد حينما يدرك ان الموت حتمي فيبتسم وهو يدخل عالم الموت متحديا جلاديه ، فيموت الجلاد رعبا، وتنتابه قشعريرة ادراك انه تافه وخائن وان الشهيد حي يرزق في ضمائر مئات الملايين ، وهكذا تمددهم لحظة الاغتيال ارضا وتنحرهم من الوريد الى الوريد حتى قبل ان يحين وقت حساب الشعب الحتمي لهم .
هل يوجد عراقي ضعيف ؟ نعم فالعراقي في نهاية المطاف انسان مثل غيره في التكوين الجيني ، ولكن حتى العراقي الضعيف تختبأ في ثنايا خلاياه جينات البطولة الاسطورية لانه ابن لبطل او ان جده العاشر بعد المائة كان بطلا ، فبعد زمن الضعب والخوف نجد هذا الصنف وقد انتفض ونفض غبار الضعف وربما الجبن عنه وتحول الى بطل لا يضاهى ولا يهزم بعد ان رأى جلجامش العصر الحديث صدام الشهيد يتقدم نحو الموت وهو باسم .
بين بطولة صدام الشهيد، الذي قتله فارسي بخنجر امريكي الصنع ، وبين انتفاضة الانبار وسامراء والموصل الحالية المدعومة من محافظات العمارة والديوانية والنجف وكربلاء واربيل العراقية نجد وهج جلجامش المنير حاضرا في عظمة سومر واكد وبابل واشور والعباسيين وعراق البعث ، فقتل صدام الشهيد قدم للعالم صورة حية عن جلجامش الاسطورة وحوله الى واقع مجسد ببشر ، بتلك الابتسامة التي سبقت لحظة الفناء الجسدي بتحد لا نظير له للقاتل ، فزالت صورة جلجامش الغامضة والاسطورية ورأى العالم لاول مرة صورة جلجامش الحي واستقرت هذه الصورة هادئة في ذاكرة مليارات البشر الحامل وهي تتوهج بقسمات وجه صدام الشهيد .
تحية للبطولة العراقية التي تمحى الجبال وتتحرك من مكانها وهي ثابتة مجسدة في صدام الشهيد .
تحية لرفاق صدام الشهيد المقاومين البواسل الذين يزرعون الامل في التحرر من الاستعمارين الفارسي والامريكي .
تحية حب لرفيق صدام الشهيد في السلاح والعقيدة ورافع راية المقاومة وقائدها الرفيق عزة ابراهيم .
والف تحية لكل من يقاوم الاحتلال في انتفاضة الانبار ونينوى وصلاح الدين المدعومة من كربلاء والنجف الاشرف ضد الغزاة الفرس وداعميهم الامريكيين.
هناك 3 تعليقات:
لم يمت جلجامش ولا صدام حسين فهما احياء بيننا يوقدان ثورة العزة والكرامة فينا. والعراق جزء من امة عربية عظيمة فريدة ولود بالعظماء والافذاذ. امة اختارها الله لعناصر وجينات تميزها عن غيرها من الامم في قربها من قيم السماء، قيم مجبولة فيها لحمل آخر رسالة سماوية لنشرها في كافة اقطار الارض.
الفناء والخلود الابطال والانذال الحب والحقد الابيض والاسود الشجاعة والجبن الكرم والبخل الاسلام والكفر الثورة والارهاب المقاومة والاستسلام العلم والتجهيل الاحرار والعبيد كل هذه المتناقضات تتجسد في العراق
ويجسدها رمز الخير الشهيد صدام في حياته ومماته
يقابله كل رموز الشر في هذا العالم من صهاينة وفرس وصليبيين
ورموز الخير تبقى حية ابدا بعد الممات ورموز الشر تفنى في مزابل التاريخ
ولكم تحياتي
كل الحكاية مسخرة
كل الحكاية مسخرة
بمحكمة حطوك
وبجو كله مسخرة
بدون العدل حكموك
خازوق يا باي مكبرة
خازوق يا باي مكبرة
كلاب العرب شافوك
لا تفتكر عدموك
فاعت عليهم مدبرة
ودروب كلها شوك
كل الحكاية مسخرة
بمحكمة حطوك
وبجو كلو مسخرة
بدور العدل حكموك
منقول من سفينة النجاة
خازوق يا باي مكبرة
كلاب العرب شافوك
يابو عدي المفخرة
لا تفتكر عدموك
فاعت عليهم مدبرة
ودروب كلها شوك
صدام يا صقر العرب
حكموك بإغتيال
صدام وضع صورة بوش الأب في مدخل قصره ليدوس عليها الزوار
إرسال تعليق