ضرغام الدباغ
"فتش عن الأصابع الاجنبية"، حكمة سياسية قديمة ومعروفة، أجل لنفعل هكذا ونفتش عن الأيدي الاجنبية...
فمن له المصلحة بأن يقتل العراقي على دينه وطائفته وعرقه ومذهبه، وتعليمه، ومن أجل ماله، ومن أجل لا شيء أحياناً، إذ أصبح قتل العراقي لا هدف له، لمجرد القتل، فقد أصبح واضحاً، أن غرض جميع القتلة هو واحد، اجتثاث العراق.
لذلك لا فائدة من إلقاء اللوم على جهة، ولا فائدة من المعاتبة والمحاسبة، العراق يغتسل منذ 10 سنوات بالدماء، الكل يقتل الكل، حتى أصبح القتل حرفة مجاميع من قاع المجتمع ومن لا مهنة له يعتاش منها سوى القتل.
الشعب العراقي بالرغم من التاريخ الدموي الطويل، إلا أن الأمر لم يبلغ ما بلغه اليوم من مهرجان الموت في الطرقات والمدارس والمعابد، وفي حقول العراق وبراريه، بل وتفيض الأنهار بجثث أبناؤه، وإذا شئنا لنتحدث عن الأسباب والمسببات فلن نصل إلى نتيجة حتى بعد سنوات.
حصاد الموت لن يتوقف، لأن فلسفة الاحتلال ومن جاء بهم الاحتلال مؤسسة وقائمة على إبادة الطرف الآخر، واجتثاثه، وإلغاء وجوده، وإن لم يكن ممكناً فتهجيره، وإن لم يكن ذلك ممكناً فإضعافه، وإن لم يكن بوسعه فإلحاق الألم به .......... والنتيجة أن العراق ينزف أبناؤه، جرح كبير فاغر فاه، وعدو لا يشبع من القتل والتدمير... وهكذا تعددت الأسباب والموت واحد.
العراقيون مبدعون وعباقرة، ليسوا هواة قتل، وعاشوا ألوف السنوات معاً وتصاهروا وتقاربوا وكانوا ومازالوا أبناء عمومة وخؤولة، حتى جاءت الغربان السود المشؤومة فحل الدمار والخراب، وكل ذلك كان وما يزال جزء من خطة تدمير العراق أن يقتل العراقي أخاه العراقي وأن يسيل دم العراقيين على أيدي بعضهم.
بكل تأكيد، بوسعنا القول أن العراقيين لم يكونوا ليقتلوا بعضهم، بل هذه ليست سوى من منتجات الاحتلال، ومن تداعياته المباشرة، فتصفيات الأساتذة والعلماء جرت بأشراف مباشر من قوى الاحتلال الثلاثة: الأمريكان وإيران وإسرائيل، حملة حصدت حوالي 800 عالم، وهجَّرت مئات آخرين، قتل خيرة رجال العراق بدواع شتى، ولكن كان للجميع مصلحة في قتلهم، الأمريكان استهدفوا فئات معينة، والإسرائيليون استهدفوا فئات أخرى، فيما تكفل الإيرانيون بالجانب الأقذر من المهمة: وهي القتل العشوائي، وبهدف خبيث ألا وهو زرع العداوة والضغائن والثارات في العراق.
أتوجه إلى كل عراقي شريف بالقول: إن عدو الجميع واحد، ومعسكر العدو واحد متحد بصرف النظر عن المسميات، وبصرف النظر عن زخرف الكلام. اتجهوا إلى جبهة العدو فقط، دم العراق حرام على العراقي، وماله وعرضه، عراقكم واحد متحد منذ الاف السنين، قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وقبل نزول الإسلام، هو عراق واحد، وشعبه واحد عانقوا بعضكم بدل أن توجهوا الرصاص لصدور بعضكم، إن من يحرضكم على قتل العراقي هو الدخيل الأجنبي، وهذه من فقرة من مستلزمات الاحتلال وإحدى نتائجه المأساوية.
شاهدت بنفسي أفلاماً مذهلة عن تفجير جوامع، ونسف كنائس، وتفجيرات لمواكب حسينية، والضحايا هم دائماً من صنف واحد، هم عراقيون، نعم هكذا دائماً، الجهة الاجنبية تستأجر عراقياً ليقتل عراقي، يا للأسف، وهذه المهمة لم تتوقف منذ 10 سنوات. كل من يقتل عراقياً له جائزة، تدفع له نقداً، بالدولار أو التومان أو الشيكل.
ومن جهة أخرى، العراق اليوم ملعب للتنافس وإبراز العضلات، والغيوم الثقال تجتاح المنطقة والمقبلات من الأيام ستفرز واقعاً جديداً، وهذا الواقع يسر البعض ويغيض البعض، والمغتاض لا يقبل بنتائج الجولة التاريخية فيلجأ للاغتيال، وهذا هو ديدنه منذ بعيد الزمان، ألم يبشروا بالحرائق وبالزلازل والبراكين، ألم يتحدثوا عن خلايا نائمة، أقوالهم وتصريحاتهم وسيمائهم تدل عليهم.
هذا هو جذر المسألة وتفرعاتها، وفي البحث عن التفاصيل والهوامش يضيع جوهر القضية الرئيسية. عندما تبحث وتركِّز في جذر الأمر، ستجد القاتل متلبساً والدماء تقطر من يديه.
الأسلحة الخفية قد تخلق اضطراباً، وقد تقود إلى بلبلة في بادئ الأمر ومطلعه، أما اليوم وبعد أن دفع الشعب كماً خرافياً من الخسائر، فالمكتوب اليوم يقرأ من عنوانه. تأكدوا لا شيء يضع هباء، التاريخ والحياة تعلمنا أن كل فعل خير أو شر له جزاؤه، في الدنيا قبل الآخرة.
ستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق