عمران الكبيسي
للعرب مثل مشهور له حضور على الألسنة "صوفته حمرة" بمعنى ان المعني عرضة للتُّهم يُسرع إليه ظنُّ بالسّوء، والشائع عن العرب والمسلمين في أميركا أن "صوفتهم حمرة"، والحمد لله أن مرتكب الجريمة ساندي هووك معروف وإلا لوضع المسلمون بلا مقدمات في صدارة قائمة المرشحين لنعتهم بالإرهابيين!
نحن نحزن لما حدث، وتألمنا كثيرا والله شاهد، فلا يظن احد أن المسلم يتشفى بموت الآخرين، وإذ أركز على حوادث قتل الطلبة في أميركا التي غالبا ما يأسى لها العالم ويتبادل المسؤولون فيها التعازي، ولا يسأل عن دوافعها، ولا تعزى إلى مرض أو تطرف تعانيه الشعوب، لأن "صوفة" الغربيين خضراء رومانسية، وحين يرتكب مسلم جريمة كهذه فنحن المسلمون كلنا متطرفون، وتخرج لنكون في صورة الإرهاب كما حصل للفرنسي من أصل جزائري محمد مراح الذي اعتدى في مارس 2012 على مدرسة يهودية في تولوز بفرنسا، فهو إرهابي خطر متطرف صوفته حمراء.
حادث مدرسة ساندي هووك الابتدائية بمنطقة "نيوتاون" بولاية "كونيتيكت" الأميركية الجمعة الماضية قتل فيه 27 شخصا بينهم 20 طفلا أعمارهم بين خمسة وعشرة أعوام، فالمدرسة تضم فصولا من الأول حتى الرابع. وقتلت الشرطة منفذ الهجوم وعثر معه على قطعتي سلاح، ويبلغ 24 من العمر يرتدي زيا عسكريا، قتل والده في المنزل وتوجه إلى المدرسة المنكوبة، ليفتح النار على الأطفال وموظفي المدرسة وأردى والدته قتيلة برصاصة مباشرة صوب وجهها. وذكر شهود وجود مسلح ثان لسماعهم دوي إطلاق عشرات الأعيرة النارية، وذكرت قناة "سي.إن.إن" الفضائية إنه عثر على شقيق المسلح يوم الجمعة ميتا بمنزل بولاية نيوجيرزي. وتم تأمين وحدات الطوارئ الخاصة (سوات) لتأمين الطلبة وأخليت جميع مدارس الولاية من الطلاب وأرسلوا إلى منازلهم.
وما إن سمع الرئيس الأميركي أوباما بالحادث لم يتمالك نفسه، وأجهش بالبكاء وهو يتحدث عن الأطفال الذين لقوا حتفهم، ولم يستطع مواصلة كلامه فصمت برهة واستكمل حديثه، ليؤكد أن قلوب الأميركيين جميعا "محطمة ومتألمة لما أصاب الأطفال الصغار".
وعلى الرغم من كونه حادثا مأساويا يعجز اللسان عن وصفه، ويعد ثالث أكبر واقعة إطلاق نار تشهدها الولايات المتحدة خلال عام 2012، فقد لقي 12 شخصا حتفهم في يوليو الماضي، بولاية كولورادو، بينما قضى 6 آخرون نحبهم في أغسطس الماضي بمعبد للسيخ بولاية ويسكونسن، فحوادث القتل كثيرة تقع من حين لآخر وتعجز السلطات الأميركية وتتردد بتصنيفها ضمن الحوادث الإرهابية وتعد حوادث عرضية طارئة تمر دون أن تذكي نزعات عنصرية عرقية أو طائفية، طالما لم يكن الجاني مسلما أو عربيا، فالعرب في أميركا يا سبحان الله وحدهم الإرهابيون!
وفي ابريل 2007، أطلق مسلح النار على عنبر لنوم الطلاب بكلية التكنولوجيا بولاية فرجينيا، وقتل طالبين واختبأ ليخرج في يوم آخر ويقتل 27 طالباً وطالبة وأستاذين وينتحر، ولم تعرف دوافعه، وفي يناير 2007 قتل مسلح طالبا بمدرسة هنري فوس الثانوية في بتاكوما بولاية واشنطن وهرب فاعتقلته الشرطة، وفي أكتوبر 2006 قام تشارلز كارل 32 عاماً، باقتحام مدرسة مسيحية بروتستانتية بولاية بنسلفانيا وأوثق خمس فتيات حاول اغتصابهن، وعند وصول الشرطة فقد صوابه وأطلق عليهن النار واحدة تلو الأخرى فقتل خمسا وجرح ستا وانتحر، وفي سبتمبر 2006 احتجز رجل رهائن بمدرسة بمدينة بايلي بولاية كلورادو وقتل طالبة وانتحر، وفي مارس 2005 أطلق طالب النار على زملائه بمدرسة بولاية مينسوتا وقتل تسعا وجرح عشرة وانتحر، وفي أكتوبر 2002 أطلق طالب فاشل بمدرسة التمريض بجامعة أريزونا النار وقتل ثلاثة من مدرسيه وانتحر، وكان يتسلح بخمسة مسدسات، وفي يناير2002 قتل طالب دراسات العليا مفصول بجامعة فرجينيا بالرصاص عميد الكلية وأستاذا وطالبا، وجرح 3 طالبات، وفي مارس 2001 فتح مسلح نيران مسدسه على طلاب مدرسة سانتانا الثانوية بولاية كاليفورنيا فقتل شخصين وأصاب ثلاثة عشر آخرين. وفي أغسطس2000 قام طالب مسلح بجامعة أركانساس بإطلاق النار وقتل أستاذه المشرف وانتحر.
كل هذا يحدث في أميركا خلال 10 سنوات فقط وما لا نعرفه كثير، والسبب أن الشعب الأميركي مسلح، والسلاح وعتاده يباعان في الأسواق الاعتيادية كالمشروبات الغازية، ولا يقول احد إرهابا، فالعرب المسلمون في اليمن وليبيا والعراق وسوريا وإفريقيا وحدهم يقتنون السلاح ويحملونه وهم إرهابيون بفطرتهم وإرهابهم احمر خطر يفسر عنصريا ومذهبيا، أما الآخرون فإرهابهم أخضر مسالم وسلمي، ومع حزننا العميق على الضحايا، لا ندافع عن الإرهاب ولكن نقول ليس للإرهاب دين ولا وطن، والأجدى البحث عن السبب ولعله معروف، فمن ينتج السلاح ويسوقه على مستوى الأفراد والدول لتعتدي على حقوق الآخرين، ويقتل بعضهم بعضا هم الإرهابيون، ولكن لا حياة لمن تنادي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق