ضياء حسن
استوقفتني قبل ايام تصريح أدلى به السيد مسعود بارزاني، عبَّر فيه عن ترحيبه بزيارة المناضل عزة ابراهيم الدوري الى اربيل اذا رغب بذلك.
واعتقد ان رغبة السيد الدوري في زيارة اي جزء من ارض الوطن تحكمها ضرورات نضالية وطنية، لم تؤخره من القيام بزيارات لمناطق عديدة في جنوب الوطن ووسطه، ليلتقي نخبة من اهله العراقيين ويتداول معهم في الشأن العراقي المصيري, وهو مرحَّب به من قبلهم أينما حلَّ وفي اي جزء من ارضنا الوطنية وفي اي وقت يراه مناسبا.
ومعروفة ردود فعل سلطة المنطقة الخضراء المهزوزة ازاء هذه الزيارات التي شملت ايضا مناطق شعبية وفلاحية بينها زيارة مرقدي الامامين موسى الكاظم في مدينة الكاظمية وابي حنيفة النعمان في شقيقتها مدينة الاعظمية، حيث ادى الصلاة في مسجديهما الكريمين، والتقى عددا من ابناء المدينتين، وبحث معهم قضايا تشكل الشغل الشاغل للمواطنين في مواجهة التحديات الكبيرة التي تحيط بهم وصولا الى تقريب ساعة الخلاص النهائي من الاحتلال وذيوله.
الدعوة ليست غريبة، فالعراق بلده, والكرد اهله وترحيب السيد بارزاني بالمناضل عزة ابراهيم تؤشر حقيقة الاعتزاز بالدور الذي اداه القائد الى جانب رفاقه في قيادة الحزب والدولة لبلورة القرارات التي انبثق عنها بيان 11 اذار الخالد, ومشركاته الفاعلة في الحوارات التي سبقته وجميع الاتصالات واللقاءات التي تلت صدور البيان وما تمخض عنه من قرارات على المستويين الحزبي والرسمي، والتي بشَّرت اهلنا العراقيين بميلاد تجربة الحكم الذاتي في حقبة تولي الاب القائد الراحل احمد حسن البكر، يرحمه الله، المسؤولية الاولى في قيادة الحزب والدولة وكان الراحل الشهيد صدام حسين نائبا له.
لقد أدى المناضل عزة ابراهيم دورا متميزا عندما تولى الشهيد الراحل صدام حسين، يرحمه الله، المسؤولية الاولى في قيادة الحزب والدولة، وكان نائبا له على مستوى الحزب والدولة، كما كان المناضل طارق عزيز فك الله اسره بصحبته في رفقة الرئيس الراحل وهو يصوغ المزيد من الالتفاتات الراعية لاهلنا الكرد والاستجابة لدواعي تطوير تلك التجربة الخالدة وتفعيل تمتع شعبنا الكردي بحقوقه القومية والسياسية والثقافية، وهو انجاز تاريخي وجد ليبقى ويحمى, من البعثيين قبل غيرهم، ولانه قرار اقرَّته مؤتمرات حزبية على المستويين القطري والقومي، وخصوصا المؤتمر القومي السادس عام 1963 ويمثل استجابة لحق انساني لاهلنا الكرد في اطار الوطن الواحد , لم يتمتع بمثله اكراد تركيا او اكراد ايران ولا اكراد سورية, لا قبل إقرار العراق، بقيادة البعث، لحقوق الكرد دستوريا ولا بعدها وحتى الان، ولا بجزء منها ولو بحدود دنيا مما تحقق لاهلنا الاكراد في حضن العراق الواحد المحصَّن بمحبة عراقية معمقة .
واقول: من عبق هذه الدعوة ومن خلالها تتجسد امامنا معاني ودلالات ان تكون ابواب العراقيين- كما اكدت ذلك سابقا- مفتوحة مرحَّبة بأن يطل عليها المجاهد عزة ابراهيم وصحبه المناضلون الذين لم يبارحوا ارضهم الزكية، على الرغم مما احاطهم من ظروف غير اعتيادية, لكنهم تكيفوا مع صعابها حتي توفرت لهم ظروف مواتية للانطلاق بالعمل المقاوم لا لاحتواء الفعل العدواني حسب بل لمطاردة المعتدين وتحقيق هدفين مهمين تمثّلا:-
1- بمطاردة قوات الاحتلال التي اضطرت في خطوة اولى الى الانزواء في قواعد نائية ومحصنة، الا ان ضربات المقاومة لاحقت دورياتهم كما لم ترحم عناصرهم وهم في قواعدهم مما اضطر قيادتهم الى سحابهم فعلا في عملية سريعة مستدركين ما كان ينتظرهم من مشهد مر بهم في سايغون، المدينة الفيتنامية التي نصَّبوا فيها حكومة عملية سرعان ما فروا وعملاؤهم من سفارتهم مذعورين لينتهي المشهد بسقوط من سقط منهم، في حين اهتم الثوار الفيتناميون بوضع خاتمة للمشهد بإنزال العلم الاميركي من سارية السفارة الاميركية ليحل محله علم التوحد الفيتنامي في الوطن الواحد.
2 - بانزواء القوة البديلة مع اركان سفارتهم وعملائهم في مجلسي الوزراء والنواب وغيرهم في الاجهزة الامنية والعسكرية حشرا في حامية الموت الخضراء ينتظرون ساعة الرحيل وهي اتية لا ريب في ذلك.
اما ما استوقفني في تفاصيل الخبر وفي المقدمة منه ما قاله السيد بارزاني وهو يعلق على ما روجه نائب من اتباع المالكي - سامي العسكري- عن مغادرة السيد الدوري لمطار اربيل وهذا نصه ((اقولها بصراحة انا شخصيا مستعد للاجتماع مع الدوري واستضافته في اربيل او في اي منطقة في الاقليم حسب رغبته)) مؤكدا ((ان الاخ عزة الدوري مرحب به في اربيل في اي وقت رغب)) وهو ما وجدت ضرورة التوقف عنده والتعليق عليه من وجهة نظر خاصة ومتولدة من معايشة مبكرة معززة بقراءات عن تاريخ انتفاضات اهلنا الكرد ضد الهيمنة العثمانية، وهم يناهضون حكم السلاطين الاتراك في السليمانية منذ زمن القائد الكردي محمود الحفيد ومن ثم انتفاضاتهم ضد الوجود الانكليزي الذي خلف الاتراك بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وكلفوا بالوصاية على العراق بالرغم عن اهله !!
واستمرت تلك الانتفاضات لتشمل منطقة بارزان وتولى قيادتها الزعيم الكردي احمد بارزاني ثم انتقلت القيادة الى اخيه الملا مصطفى ومن ثم تركه العراق والعودة اليه بعد قيام ثورة 14 تموز المجيدة وما سادها من اختلاطات في الجبهة الداخلية العراقية استمرت في الشد والارخاء حتى قيام ثورة 17 تموز 1968 .
ومع اطلالة ثورة تموز 1968، بدأ البحث المعمق لبناء العراق على قاعدة ترسيخ الثوابت الوطنية بدءا بتعزيز التوحد الوطني في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه تحقيق النهوض العراقي على جميع الصعد، وفي المقدمة منها بناء الاقتدار الدفاعي المستند لتحرير العراق سياسيا واقتصاديا وبناء علاقاته خارجية غير منحازة لاي طرف دولي غير الانحياز لقوى التحرر العربي والانساني .
واعتقد ان ما تحقق للكرد وهم اهل الوطن في ظل الثورة، اكد صدق قيادة الحزب وايمانها الراسخ باطلاق بيان الحادي عشر من اذار ومن ثم العمل على ترجمته الى مبادئ دستورية وقرارات تنفيذية ملموسة مرفقة بعناية حانية من قيادة الحزب وقاعدته التي ضمت بين صفوفها مناضلين بعثيين من الكرد والتركمان وحتى قبل قيام الثورة, لان دستور الحزب ونظامه الداخلي لم يمنعا انضمام ابناء الاقليات الى صفوفه.
فالمهمات الوطنية التي نهض بها البعث لم تمنع غير العرب من الاصطفاف الى جانبه متى اقتنعوا باهليته لتحقيق ما تصبو اليه الجماهير العراقية من اماني وتطلعات.
ولا اراني اذيع سرا, اذا اكدت بأن البعث ضم في عضويته عددا من الانصار والرفاق من الكرد منذ الخمسينات من القرن الماضي وكانت لهم بصمات في نضال الحزب على الساحة الوطنية.
واستنادا لمتابعتي لتسلسل الاحداث على الساحة العراقية قبل قيام ثورة تموز الاولى وتشكيل جبهة الاتحاد الوطني التي انضجت الظروف المحيطة بانطلاقتها، ووفرت الحشد الداعم لها في الشارع العراقي، وما ماتبعها من احداث وصولا الى فترة تحقيق المنجزات وحتى فترة وقوع العدوان التدميري للعراق عام 2003 اضافة الى ما تحقق لي قبلها من زيارات بصفتي الرسمية كمدير للاعلام في وزارة الاسكان والتعمير شملت عموم المنطقة حيث عايشت صروح التطور وهي تشيد في الشمال الذي شهد تصاعدا في البناء في ظل الوطن الموحد اسوة بباقي مناطق القطر، وكذلك ما خرجت بها من انطباعات عبر متابعات واحاديث شخصية مع عدد من الشباب الكردي المتحمس لقضية اهله ومع شخصيات سياسية وصحفية جمعتني واياهم ايام النضال السري قبل وبعد ثورة 14 تموز وتجربة اعادة بناء العمل النقابي الصحفي ومشاركاتنا في الانشطة الوطنية والعربية والدولية .
واقول صراحة ان الهم العراقي كان جامعنا ومهما اختلفنا في تحديد الاولويات الا ان الظرف الوطني واللحظة النضالية المتحدية كانت كفيلة بأن تجمعنا على المشتركات بشكل تلقائي.
وهذا ما اتاح لي فرص التعرف على الكثير من الحقائق المتصلة بما يفكر به اخوتنا الكرد بعيدا عن الظروف التي كانت تطرأ بين القيادة الوطنية وبين الزعامات الكردية، وخصوصا في فترة المفاوضات الاخيرة التي استهدفت تطوير تجربة الحكم الذاتي، بعد عدوان عام 1991، وانفردت بتسجيل حديث مهم مع السيد مسعود بارزاني، في دار تقع في اطراف سهل ديانا بمحافظة أربيل، عام 1991، واستغرق اكثر من ساعة تضمن الكثير من القضايا المتصلة بالعلاقات بين الجانبين، وما توصلت اليه المفاوضات بينهما بشان تطوير تجربة الحكم الذاتي بعد مغادرة رئيس واعضاء الوفد الكردي المفاوض بغداد في اثر التوصل الى اتفاق ارتأى الجانب الكردي ان يتشاور بشأنه مع الاحزاب الكردية الاخرى قبل التوقيع على الاتفاق بصيغته النهائية، والذي لم يوقع في تصوري بسبب ضغوط مورست ممن لم يكن يرغبون ان يسود الوئام الجبهة الداخلية لمآرب عدوانية خارجية لم تكن خافية على قيادة العراق الوطنية.
وقد لاحظت ان بارزاني حرص على ان يوصل للعراقيين جميعا معلومة عبر حديثه معي وهو يؤكد لي ((ان مطالب الكرد كانت تلقى من الرئيس القائد اهتماما كبيرا وكان يتابع المفاوضات اولا باول, وانه ووفده- واقصد بذلك السيد بارزاني - كانوا يلجأون للقائد كلما واجهوا اختلافا في وجهات النظر مع الوفد الرسمي، حول نقطة معينة من النقاط المطروحة على بساط النقاش)) .
وكان الرئيس يرحمه الله بحنوه وحسه الانساني، ينحاز لمطالب اهله الكرد ويوصي بالاستجابة لها ما دام المطروح لا يتقاطع مع هدف تطوير التجربة في ظل الوطن الواحد .
هكذا افهم وافسر قول السيد بارزاني اليوم ((الانصاف يدعونا الى القول ان قادة النظام السابق وعلى رأسهم الرئيس الراحل صدام حسين اذا قالوا صدقوا واذا وعدوا لن يخلفوا، ولم يلجأوا الى التكتم والتخفي كما يفعل اليوم حكام بغداد، الذين اثبتوا معنا نحن الاكراد ومع غيرنا انهم اصحاب الف وجه ووجه)) .
وعلى وفق استيعاب هذه الحقيقة اقدر معاني ما عناه وهو يعلن ترحيبه بزيارة الرفيق القائد عزة ابراهيم الى اربيل.
وفي ذلك تأكيد على اعتزاز اهلنا الكرد بمواقف البعث المبدئية في التعامل الانساني مع حقوقهم القومية وهم جزء لايتجزأ من العائلة العراقية الواحدة مصانة مطالبها العادلة باختلاف اطيفاهم , وقد عاشوا متوحدين في كنف ارض واحدة ونظام وطني ورعاه قائد موحد نذر نفسه لشعبه الموحد ليشيع الامن والامان والاستقرار بين ابنائه، وليوفر لهم لقمة العيش الرغيدة في الظروف الصعبة والاكثر حلكة، واستشهد ابن العراقيين الراحل صدام حسين، يرحمه الله، وهو واثق مطمئن بأن رعيلا من رجال البعث يتقدمهم المجاهد عزة ابراهيم، سيواصلون المشوار وهم اكثر اصرارا على رفع بيرق نصر العراقيين ليشرأب الى سماء المجد من جديد ويعود فيء العراق ليفرش ظلة الندي على العراقيين جميعاً، من اعالي قمم الشمال العراقي الشماء الى حافات مياه الخليج العربي وهي تستقبل تدفق مياه شط العرب حاملا عطر مياه الرافدين العراقيين الخالدين.
هناك تعليقان (2):
ارجوا ان لايضخُم قول مسعود .فهو يقول مايقول لاستدرار عطف جمهور بذاته في محنته الحالية مع المالكي
ولكي لا ننسى فقد خلُصه الجيش العراقي من قوات جلال عام96 وتشكًر الكثير وقبُل الايدي و الاقدام وبعد ذلك عقد مؤتمر اربيل السابق للغزو حيث لعب مسعود دور المنسق الاول بين ما سمًي المعارضة!!!
خلاصتها--المنافقين في اسفل الدرك من جهنم---
مسعود المقرود هذا اصبح يجيد اللعبة على الحبال وكلما اراد ان يبتز اعداءه الاصدقاء في العملية التدميرية في العراق لوح لهم بمن انقذوه في ساعة العسرة عام 96
والان باوامر من اسياده القدامى الصهاينه يريد ان يبتز ايران ويشغلها عن سوريا في المرحلة القادمة مرحلة اسقاط النظام السوري امريكيا بافتعال ولو حرب محدودة في كركوك او ما يسمى مناطق متنازع عليها بين دولته ودولة العملاء في جنوب العراق
وحتى لو كان للمقاومة العراقية مصلحة في مغازلته في هذه الفترة فهو لزيادة الاختلاف بين العملاء على ما اعتقد
والله اعلم
ولكم تحياتي
إرسال تعليق