موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الاثنين، 12 أغسطس 2013

إشكاليات التدخل الايراني في البحرين/ القسم الأول

ابتداءً من اليوم، بعون الله تعالى، تنشر وجهات نظر وعلى مدى أيام دراسة تاريخية وفكرية عميقة من إعداد مركز نون العربي للابحاث السياسية والدراسات الإجتماعية عن التدخل الإيراني في البحرين العربية، باعتبار ان عروبة البحرين، والخليج العربي كله، واحدة من أهم القضايا الملحة في معركتنا الفكرية والسياسية المصيرية مع نظام ولاية الفقيه الإجرامي، وتقع في أول سلم أولوياتنا هنا.



 إشكاليات التدخل الايراني في البحرين/ القسم الأول

وجهات نظر
مركز نون العربي للابحاث السياسية والدراسات الإجتماعية 
المقدمة
أولا: الارث الامبراطوري العريق
إستولد هذا الإرث فضاءً جغرافياً طليقاً على البحر والبر معاً، جعل من فكرة الحرب عقيدة في تاريخ فارس عبر عصورها القديمة، والوسيطة، والحديثة والمعاصرة، وبإسم الدولة القومية العظمى، والحضارة المتعالية التي لانظير لها.من الطاووس الشاهنشاهي وفكرة شرطي الخليج إلى محطة الثورة الاسلامية، وتحت راية الفقيه المدجج بأسلحة الدمار الشامل.
عبر الملوك الغابرون إلى ضفة العالم الاخرى، فركبوا البحار، وإجتازوا الصحارى، وظل التوسع المكاني في عقيدة البلاط نداء سماويا وقدرا محتوما، يقضي القتال  في ماوراء الهضبة الايرانية، ومن هنا ولدت فكرة الحرب المقدسة في إيران، لدي السابقين واللاحقين من الحكام وأولياء السلطان، كل  عبر عن عقيدة التوسع، بالإجتياز المسلح ، وكان لك حاكم  أسلوبه  الشخصي، واجتهاده الذاتي، بصرف النظر إن كان الحاكم الاعلى  (شاهاً متوجاً) أم ( حاكماً معمماً)، فالحرب الكسروية، كانت قانونا إلهيا، وعند الخميني هي حرب الله على الشيطان، والمحاربون القتلى في ساحات الدم ، سيلجون الجنة، من اوسع  ابوابها، حاملين مفاتيحها.
فالقوة الفارسية، كما النيتشوية المتأولة، تعني لدى حكام الهضبة الايرانية فرضا مقدسا، سواء على خارطة التخطيط الرملية، أم في تطبيق صفحاتها العملية، ومكث النهج العسكري طوال عصور وأزمنة الدولة، من الامبراطور سابور ذي الاكتاف، متنقلا ومتأججا في صدور الاسرة الصفوية، مرورا بملك الملوك شرطي الخليج محمد رضا شاه، وصولا إلى اممية ولاية الفقيه الاولى والثانية وكلا المرشدين (الامام الخميني والسيد علي خامنئي) امتشقا سلاح الموت المبيد، الاول جرب الكيمياوي في حلبجة، والسيد الثاني يعد العدة من اليورانيوم المنضب إلى القنبلة النووية.
فالحرب أيا كانت دوافعها وأهدافها، تعد سببا كافيا من أسباب هيبة الدولة، وعنوانا رفيع المقام للحاكم الاعلى. 
لذلك فإن فكرة التجاوز على الدول، وضم اراضي الجوار بالقوة، أو التهديد بإبتلاعها، كما حال الاحواز العربية وشط العرب، والجزر الثلاث، والشهية المفتوحة على البحرين والخليج العربي كله، من بدهيات العقل السياسي الايراني المنبثقة من قداسة الحرب وعبادة  القوة، هيبة الحاكم، والشعور بالعظمة، فيما يخبئ الفقيه الايراني كل هذه الدوافع، مبتكرا خريطة جديدة، أو مزورا لوثائق التاريخ. 
هكذا يتحرك العقل السياسي الايراني بأدوات الزمان والمكان، من التاريخ إلى الجغرافيا، وبالعكس، ناشرا قواته على شاطئي الخليج، العربيين، وعلى مدى الاقليم، بأمل توسيع المجال الحيوي، عبورا إلى البحرين، ومنها إلى الاحساء، ليلقي مرساته في مرحلة تالية في ميناء الاحمدي، ومنها إلى البصرة، ويختم جولته في زيارة كربلاء، ثم ينتقل للاقامة في بغداد. ليجهز حملته التالية تجاه بلاد الشام ومنها إلى مصر والسودان، تليها ليبيا والجزائر عبورا إلى المغرب العربي، ليلقي براحلته العسكرية في الساقية الحمراء ووادي الذهب، ومن هناك يستعد لتنفيذ المرحلة الاممية.
فالاطماع الايرانية سوف تبقى تنو وتتصاعد معدلات تدخلها في ظل نظام عربي مقهور ومستلب الارادة، لذلك تحاول إيران أن تلج بوابات مايدعى (بالربيع العربي) بعد ان حولت اجزاء منه إلى مصطلح مضلل اطلقت عليه (الصحوة الاسلامية) وقد شاهدنا ولمسنا واحدا من وجوهها في العراق، بعد ان حوَّلته إلى محطة من محطاتها، وهاهي تتواجد في سوريا ومن قبل في لبنان حيث شيَّدت قاعدة لها باسم (حزب الله)، وإذا بقي وعي النظام العربي في غيبوبته، فإن ولاية الفقيه قد تصل الى حدائق القبة في المحروسة مصر.
لذلك فإن الهوية الاستراتيجية للدولة القائمة على التسلل والاختراق ثم المدافعة لم تتوقف، برغم تراكم السنين وإنفضاء العهود، لكنها في الغالب إستراتيجية مخادعة قد تلجأ إلى الاساليب الناعمة تقربا ومودة، عبر التكتيك المحسوب والمناورة المنظمة، وقد ترتدي ثوب الحمل الوديع، (السلام والتنمية والتضامن وتبادل المنافع) كل ذلك يجري ببرودة العقل المناور، بإنتظار إنضاج الظروف (الزمان والمكان) وتجهيز الادوات، حتى يحين موعد الشروع  في الحركة.

ثانيا: البحرين
المنامة في ذاكرة الحاكم الايراني (حاضرة) على الدوام، بدأت مقدماتها في العصر الوسيط وتفاقمت أزمتها في العهود القاجارية والصفوية والبهلوية حتى عام 1971، حيث إنتزع البحرينيون السيادة والاستقلال لدولتهم العربية، فيما  لم يتوقف العقل السياسي الايراني عن ترديد دعوى ملكية البحرين وأسطورة عائديتها للدولة (الام)، حتى جاءت ثورة 1979 التي أعادت إحياء الخرافة القديمة مجددا، فأصبحت البحرين تحتل سلم أولويات السياسة الاقليمية لولاية الفقيه، وواحدة من بين أبرز القضايا الملحة على جدول أعمال الحكام الجدد من رجال الدين، ووصلت ذروتها في التصريحات والتلميحات السياسية وأخذت مدياتها على الصعيد الاعلامي، وزاد حطبها وأجج نيرانها الخميني نفسه، الذي أفتى ببطلان حكومات الملوك والامراء والرؤساء بوصفها أنظمة كافرة  قائمة على عبودية المستضعفين وظلامة المسلمين.
وإذا كانت البحرين في ذاكرة الشاه البهلوي (درة) التاج الملكي، فإنها في رأي الشيخ صادق خلخالي الجزء العزيز الغائب من أرض فارس، ويجدد الاكذوبة ذاتها الشيخ ناطق نوري، رئيس البرلمان الاسبق، وفي يوليو/ تموز2007 يجيئ حسين شريعتمداري المستشار السياسي للسيد الرهبر خامنئي، ليؤكد بأسلوب وقح فرية التابعية الاقليمية، ويجري الزعم نفسه على لسان سلسلة من مسؤولي الولاية الالهية، يرددون بلا وجل أو حياء، الوصف البليغ  الرومانسي، لـ(للدرة) المتلألئة في الضفة الاخرى من الخليج العربي.  

ثالثا. الدستور الايراني
يقر دستور الجمهورية الاسلامية الايرانية وفي طبعتيه الاولى (1979) والمعدلة (1989) شرعية التدخل في الشؤؤن الوطنية للدول الاخرى!
من يطلع على دستور (الجمهورية الاسلامية) سيدرك معنى التدخل الايراني في شؤون الدول الاخرى عموماً والخليجية بشكل خاص والبحرين على وجه اليقين، فبالاضافة الى مزاعم القادة السياسيين بعائدية مملكة البحرين إليها، بوصفها احدى مقاطعاتها الادارية المستلبة، فإن المادة الثانية عشرة من الدستور الايراني المعدل لعام 1989 نصَّت على التدخل الإيراني بالشأن الوطني للبحرين وللدول العربية والإسلامية، واعتبرته، بموجب المادة المذكورة، منهجاً عقائدياً وسياسياً لولاية الفقيه، التي تَعُدُّ مبدأ «تصدير الثورة» إحدى أدواتها لتوسيع حاكمية «قانون الله»، تقول المادة الدستورية:
"... إن جيش الجمهورية الإسلامية وقوات حرس الثورة لا يتحملان فقط مسؤولية حفظ وحراسة الحدود، وإنما يتكفلان أيضا بحمل رسالة عقائدية أي الجهاد في سبيل الله.. والنضال من أجل توسيع حاكمية قانون الله في أرجاء العالم...".
وهكذا بدت صفحة النزاع الاقليمي والدولي، إنطلاقا من نظرية الثورة الدائمة، حاملة رسالة "ولاية الفقيه" أو (مدينة الله) التي تشمل الامم كافة، وتخضع لسلطانها ذرات الكون، وفق تفسير المرشد الاعلى وتنظيرات مريديها المثالية، التي تنطوي على عقم في التحليل ورداءة في  الاستنتاج.

رابعا: الايديولوجيا الخمينية
منذ طلعتها الاولى، حملت ولاية الفقيه الاممية صخبها الداخلي ونزاعات ذوي القربى، إلى خارج حدودها، لتصدر هويتها الايديولوجية إلى دول الجوار بـ(إسم  الوحدة الإسلامية) وكانت البحرين قبلتها الاولى، جوهرة التاج البهلوي، وضالة الخميني،  ليعلن المرشد من فوق منبر حسينية جماران في 28-1- 1980 (ليعلم الجميع بأن ثورتنا معنية بتحرير الشعوب المغلوبة على أمرها، وان جميع المذاهب تعرف بأن مذهبنا، هو مذهب الدم والسيف)!!
وضاعف من مغبة هذه العقيدة الصاخبة، المادة الثانية عشرة في الوثيقة الدستورية ليصبح التدخل الإيراني بالشأن الوطني للبحرين وللدول العربية والإسلامية، بموجب المادة (12) منهجاً عقائدياً وسياسياً لولاية الفقيه، التي تَعُدُّ مبدأ «تصدير الثورة» إحدى أدواتها لتوسيع حاكمية «قانون الله»، إذ"... إن جيش الجمهورية الإسلامية وقوات حرس الثورة لا يتحملان فقط مسؤولية حفظ وحراسة الحدود، وإنما يتكفلان أيضا بحمل رسالة عقائدية أي الجهاد في سبيل الله.. والنضال من أجل توسيع حاكمية قانون الله في أرجاء العالم..."  وهكذا بدت صفحة النزاع الاقليمي والدولي، إنطلاقا من نظرية الثورة الدائمة، حاملة رسالة "ولاية الفقيه" أو (مدينة الله) التي تشمل الامم كافة، وتخضع لسلطانها ذرات الكون، وفق تفسير المرشد الاعلى وتنظيرات مريديها المثالية، التي تنطوي على عقم في التحليل ورداءة في القياس. فنظرية اللاهوت السياسي التي يتبناها  قطاع من رجالات الدين ويسعون إلى تعميمها، أصبحت لدى هؤلاء حجية الإسلام، فلا يصحُّ الإيمان إلا بإقرارها، وتبني أهدافها، فكراً وسلوكاً، نظريةً وتطبيقاً، وعليه تكون الولاية بمثابة طوق النجاة الوحيد المتاح أمام العالم الاسلامي، للخروج من قبضة الطاغوت، والظفر بالحرية، لإقامة العدالة في هذا العصر. وبهذه الشعارات السياسية الصاخبة والنداءات الحركية، عبرت ولاية الفقيه الحدود الاقليمية متجهة إلى الخليج العربي، تطوف بين أقطاره، لتقدم نفسها، كمشروع أممي، لإنقاذ  البشرية مما ألمَّ بها من ظلامات الحكام ومساوئ العولمة، وماتلاها من مبتدعات الحداثة ومابعدها. ومن هنا تصبح الولاية لدى قادتها كما الوصفة السحرية، جامعة مانعة، بوسعها أن تنقذ العالم المعاصر من أزمة النظريات القومية والماركسية والليبرالية التي أخفقت، في رأي السيد الخميني، عن إقامة (دولة العدل)، ولذلك كان على قائد الثورة الإسلامية حسب قوله، أن يلبي نداء السماء، للقيام بمهمة تحرير الشعوب من جلاديها، وإنصاف المظلومين من الحكام الطغاة، تطبيقا للوعد الالهي!
تحت تدفق هذه العناوين والشعارات السياسية وبإيقاعاتها المثالية الساذجة، التي تختلط فيها الأخيلة بالأساطير، كانت الولاية الإيرانية منذ الخميني حتى السيد خامنئي، ومن بني صدر إلى محمود أحمدي نجاد تنتهج لغة التعميم والشمول، تقفز من شأن محلي خاص إلى مقام الوصاية (الابوية) على الامم والشعوب، بإعتبارها نذيراً وبشيراً، حاملة الاحكام والوصايا الربانية، وبموجب الحق المقدس، فإنها مخولة بإلقاء هذا الحاكم في الجحيم، أوتصدر حكماً على ذاك النظام بالهرطقة والكفر، فيما تعد أنصارها ومؤيدي مشروعها بجنات النعيم..
هكذا واصلت (الولاية) مسيرتها الاممية طوال العقود الثلاثة المنصرمة. وجددت نداءتها الإقتحامية مرة أخرى على لسان الرئيس نجاد، الذي أوحى لنفسه أنه يستعيد صوت الامام الخميني، نجم الثورة الزاهر، عاد يعزف إيقاعاتها المدوية، شعارات الحرية ونداءات الثورة، وكأن (الجمهورية الإسلامية) لاتجد نفسها أو تحقق ذاتها، إلا عن طريق إثارة الصخب والعنف، تجريحاً للمعارضين وتكفيراً للمخالفين وتوعداً وتهديداً للخصوم، وإصراراً عنيداً على تصدير نموذجها السياسي إلى العالمين، لكونه (دليل الحائرين إلى سعادة الدارين)، ففي (الولاية) شفاء للناس، من إبتلاءات أوبئة نظم الجور، ومن أوضار الطاغوت، وليس من فرصة أمام العالم، إن أراد أن ينجو  من العذاب المقيم في الدنيا والفوز بجنات النعيم، إلا بإقرار شرعية عقيدة  (ولاية الفقيه) والايمان بها، والتسليم لها، والإقتداء بفكر وتعاليم قائدها، فالسيد خامنئ حجة الله على الناس أجمعين. لاسيما وان عودة الامام الغائب باتت وشيكة، حسب قول الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، مما يتعين على الحكومة (تسوية مشاكل ايران الداخلية في اسرع وقت، إذ ان زمن الظهور الوشيك يداهمنا. حان الوعد لكي ننهض بواجباتنا العالمية، وستكون إيران محور قيادة العالم).
 يتبع..

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..