وجهات نظر
علوان العبوسي
قبل ايام ظهر السيد عمار الحكيم على شاشة التلفاز مع السيد صالح المطلك، في لقاء ودي بينهما، وهو يندد بالخطط الامنية المعدة من قبل الاجهزة الامنية العراقية مبيناً وقوفه مع العراقيين في همومهم الاساسية وان قواتهم الامنية غير قادرة على حمايتهم ...
وكان الحديث الدائر هذه الايام من قبل الاوساط السياسية يصب في ذات الموضوع، الكل يشكو مما يدور في هذا البلد حتى السياسيون احدهم يلقي اللوم على الاخر، يتظاهرون انهم حريصون على الدم العراقي لكنهم لايعرفون كيف يعالجون هذه المسألة، متناسين ان عمليتهم السياسية اساساً بنيت على باطل وعلى مكاسب فئوية وشخصية، دون اكتراث او اهتمام بما يجري في افق السياسة العراقية لكنهم لايعترفون بذلك صراحة، ثم يرتكنون جانباً ويقول بعضهم للاخر باللغة العامية العراقية (انا ياهو مالتي باجر اعود الى موطني) لأن السواد الاعظم منهم يحمل اكثر من جنسية اجنبية وامرهم ليس بيدهم وهذا عذر آخر يلجأون اليه، فإيران بتحالفها مع امريكا هي من تقرر كيف يجب ان يكون الامن الوطني العراقي وما عليهم سوى الطاعة، اما المواطن العراقي المسكين فهو مشلول الارادة ولا حول ولا قوة له الا بالله، يتحسب ويخاف ان يفتك به وبعائلته لو طالب بحقوق المواطنة المشروعة حتى البسيطة منها، اما الدولة ككتلة قانونية وانسانية بسلطاتها الثلاث ليس لها رد فعل مناسب مقنع، فمجلس النواب العراقي المسؤول الاول عما يجري في العراق وبعض المسؤولين ينددون بعدم اهتمام القادة الامنيين بالواقع الامني المتردي وعدم تمكنهم من وضع خطة امنية واحدة جيدة تجنب الشعب العراقي الدمار والقتل الذي يتعرضون اليه كل يوم، وينصحونهم بخجل لتعديل او استحداث خطط امنية جديدة رصينة لمواجهة الارهاب والتخريب الذي جرى في العراق من قبل الارهابيين، منذ الاحتلال وحتى يومنا هذا، رغم ازدياد اعداد القوات الامنية بشكل واضح وازدياد امكانياتها وكفاءتها العملية، ولكن هذا لم يتضح للمواطن العراقي، على العكس ان استهدافه بات اسهل وابسط من السابق وانتشار العجلات المفخخة والعبوات الناسفة وغيرهما بات كبيراً جداً، خاصة منذ شهر رمضان الماضي وحتى الان شمل كل ارجاء العراق في كل زاوية من زواياه، في هذا الصدد أتساءل:
كيف تكون الخطط الامنية رصينة وكل القادة والآمرين ومن هم بمستوى المسؤولية طوال هذه السنين لم يستطيعوا وضع خطة امنية واحدة ناجحة في مواجهة الارهاب؟
وكيف لم يدرك مجلس النواب وباقي القادة والمسوؤلين ذلك بمرور كل هذا الوقت ولا يزالون يتشكون وينتقدون دون ناتج ايجابي من الجهات الامنية وعلى رأسها جهة القرار النهائي في تحديد مستوى بناء هذه الخطط؟
من يقول هذه الخطة رصينة او غير رصينة؟ هل هو رئيس الوزراء القائد العام؟ ام وزير الداخلية ام وزير الامن الوطني ام قائد فيلق بدر ام رئيس اقليم كردستان العراق باعتباره احد المساهمين في الدولة؟ ام المليشيات العديدة التي جاءت بالامر 91 سيئ الصيت؟
كمواطن عراقي اقول لهؤلاء السياسيين المتشكين من ضعف الخطط الامنية ان بناء الخطة الرصينة وتحقيق الهدف منها سببه انتم ياسياسيونن فالدفاع الوطني للدولة اساس ارتكازه هو الواقع السياسي للبلد وليس شيئاً آخر يبنى عليه الواقع الاقتصادي والاجتماعي والعسكري... الخ، فأين انتم من هذا فلو شمرتم سواعدكم واصبح انتماؤكم الوطني للعراق حقيقي تتحسسون مشاكله وتضعون اولوياته في وجدانكم وتركتم الرواتب الخيالية والعجلات المصفحة وتشربون الماء الملوث وتعيشون بدون كهرباء ودون خدمات ادارية بسيطة آنذاك سيكون واقعكم السياسي قريبا من ابن البلد الحقيقي، عندها سيحميكم المواطن نفسه دون حاجتكم لكل هذه المواكب والحمايات لشخوصكم ناهيك عن هذه المظاهر الفارغة والبهرجة الزائلة.
لنتحدث قليلا عن اسلوب اعداد الخطط بشكل عام دون تفاصيل قد لايفهمها القارئ الاعتيادي غير المتخصص، عادة تقوم رئاسة اركان الجيش في الحالات الاعتيادية بوضع الخطط الامنية بمستواها العملياتي او الاستراتيجي لمواجهة العدو الخارجي وتقوم وزارة الداخلية بوضع خطط مواجهة العدو من الداخل بعد استمزاج رأي القادة الامنيين بمستوياتهم المختلفة، ثم تعرض على القائد العام للقوات المسلحة للموافقة عليها اولياً، ويجري ممارستها على ارض الواقع كتمرين شامل او بواسطة المحاكاة كلعبة حرب، للتأكد من رصانتها واسلوب ادارتها حيث يجري فحصها والاشراف عليها وتخصيص الموارد والوحدات الازمة لتنفيذها في كل مراحل التطبيق للوقوف على ايجابياتها وسلبياتها ومن ثم اعتمادها من قبل القائد العام بشكل نهائي، هكذا يجري اعداد الخطط بصورة موجزة (ولكن بشرط ان يكون واضعو الخطط بالمستوى المهني العالي المستوى ممن أدخلوا الدورات التخصصية وفق تسلسل وظيفي يؤهلهم لتلك المهمة وليس كما موجود الان، حيث تتحكم بهم المحاصصات الحزبية والطائفية المقيتة).
هنا أوجه حديثي الى السيد عمار الحكيم وباقي السياسيين، لا يكفي اذا كان بعض واضعي الخطط كفوء ولديه امكانيات مهنية ولكن ينبغي ان يكون المنفذ أيضاً بالمستوى الذي يؤهله لتنفيذ الخطة على المستوى التكتيكي الاهم الان في عراق مابعد الاحتلال وهذا غير متحقق تماماً واسبابه كثيرة سبق ان اوضحناها في العديد من المناسبات منذ الايام الاولى للاحتلال بعد ان حُل الجيش العراقي لأغراض باتت معروفة الاسباب ليكون العراق كما خطط له بين المطرقة والسندان، فقادة الميليشيا واعوانهم من فيلق بدر وباقي الاحزاب السياسية الذين يشكلون اليوم القاعدة الاساسية للجيش العراقي لاينظرون للكفاءة المهنية للعسكري بالمنظار الاول، وهو الدفاع عن العراق ارضاً وسماءً وبحراً وشعباً بمختلف طوائفه واعراقه، بمعنى آخر لايهمهم العراقي النظيف النزيه المحب لوطنه، ولكن المهم لديهم المكاسب الفئوية وقوى الدعم من اميركان وصهاينة وفرس صفويين، وعليه ما فائدة الخطة العسكرية المبنية على الاسس العامة التي اوضحناها دون ان يكون الواعز الوطني والاخلاقي حاضراً عند تطبيق الخطة (ومثالنا القريب على ذلك ما جرى من غل وحقد عند تطبيق خطة فك الاعتصام السلمي في الحويجة).
اليوم الجيش العراقي مليء بالرتب العالية جداً، فريق وفريق اول وألوية، بعضها جاء باستحقاقه والبعض الاخر، وهو القسم الاكبر، جاء دون استحقاق بأكاذيب وافتراءات باطلة منحوا بعدها رتباً عالية جداً لكنها لاتساوي رتبة ملازم مخلص يؤودي واجبه باخلاص وتضحية، وعليه هذه الرتب الجوفاء غير قادرة على تطبيق مبدأ عسكري حقيقي واحد، فمثلا يقود القائد العام للقوات المسلحة مع قادته الامنيين اليوم في الموصل وبغداد والانبار حملة إلقاء القبض على عصابات الارهاب في منطقة الجزيرة، كما يدعون، ولكن التفجيرات مستمرة في بغداد وباقي محافظات العراق كل يوم على قدم وساق دون انقطاع، بل اصبحت تنفذ بشكل نوعي متقن دلالة على وجود الحاضن المريح الميسر لهم، وقد يكون من قبل بعض القادة السياسيين في الدولة او اعوانهم (وقد اشار السيد رئيس الوزراء في احدى المناسبات لذلك لكنه لم يتخذ موقفاً ايجابياً تجاه هؤلاء) وهذا شيء مؤكد لايحتاج الى دليل والا كيف دخلت الاف العجلات المفخخة والعبوات الناسفة لقتل المواطن العراقي بسهولة ويسر ولم تكتشفها عناصر القوات المسلحة منذ الاحتلال حتى الان.
الموضوع ليس بالصعوبة التي يتصورها السياسيون وعليهم ان يدركوا ان مابني على باطل فهو باطل ولا يمكن ان تحقق اية خطة رصينة مالم تُصَفى النوايا ويترك للعناصر الكفوءة المخلصة ان تؤدي دورها الوطني، ويكون الجميع على قلب وضمير واحد ومصالحة وطنية حقيقية مع كل العراقيين دون تمييز وتهميش، وهذا مهم جداً في انجاح اي عمل أمني، وياتي بالأهمية ان يكون السياسي مواطن عراقي رسمي لاهامشي، والا من الافضل له ان يستقيل تاركا منصبه، وهو موقف ايجابي يحترمه العراقي، وعليهم التفاعل مع المواطن البسيط لكي يحبهم ويحترمهم لا يكرههم، عندها سيتحقق الامن كما كان في السابق، وكما هو الحال في كردستان العراق الان بإمكانيات محدودة ولكن بتخطيط وتنظيم وادارة ناجحة.
رحم الله العراق واهله ولعن كل من تسبب في قتل العراقيين الشرفاء، اللهم آمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق