موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الثلاثاء، 27 أغسطس 2013

وامعتصماه.. وامعتصماه.. ولكن لا حياة لمن تنادي

وجهات نظر
مثنى عبدالله
هل دُفنت النخوة مع المعتصم وباتت قيمة لا تناسب العصر؟ أم امتدت المسافة بين حاسة السمع لدى ولاة أمورنا وأفواههم حتى باتت تقاس بالاف السنين الضوئية، لذلك تباطأ صدور القرارت لديهم، بل انعدمت تماما على الرغم من سماعهم ملايـين الاستغاثات يوميا؟


هل يعقل ألا نجـد وسط كل هذا الجمع من القادة والزعماء والامراء من لا يصيخ السمع الى بكاء ثكلى من هذه الامة، أو صراخ طفل يهيم على وجهه بعد أن فقد ذويه، أو نشيج شيخ ابيضت عيناه من الحزن على فــراق فلذات كبده؟
اذاً ما الذي يميزهم كي يصبحوا حاكمين ونحن محكومين، وهم رعاة ونحن رعية؟ بمن تأتم هذه الجماهير الممتدة على مساحة الوطن العربي كله، اذا كان أئمة ولاة أمورنا أمريكيين وبريطانيين وفرنسيين وروسا وايرانيين؟ وكيف نولي وجوهنا شطرهم في مآسينا وكوارثنا، وهم يولون وجوههم نحو قوى أقليمية ودولية منتظرين قرارا في أمر يخصنا؟ دعوكم من كل الالقاب التي أسبغوها هم على أنفسهم، أو أسبغها عليهم حجابهم أو حاشيتهم والمنتفعون منهم، وانظروا الى حال الأمة ثم أحكموا عليهم.. حريق في سورية تلتهم فيه النيران أجساد أطفالنا ونسائنا وشيوخنا منذ ما يقارب الثلاث سنوات، مهاجرون ومهجرون تفوق أعدادهم الخمسة ملايين مواطن، بنى تحتية دمرت بشكل تام أو جزئي، واخيرا وليس اخرا ترتكب جريمة نكراء بحق أطفال منع عنهم الطعام والدراسة، وسرق منهم حنان الابوين وبراءة الطفولة، ثم كان مسكها تسميم الهواء الذي يستنشقونه بالغازات السامة، كي يسجل هذا الطرف نصرا مخزيا ضد الطرف الاخر، بعد أن أصبحت سورية لعبة دولية وأقليمية وورقة يسعى هذا اللاعب الدولي وذاك الاقليمي كي يكسبها، بينما كل الذي فعله ولاة أمورنا هو السماح لبعض أشقائنا السوريين بنشر خيامهم المهلهلة في الصحراء كي يسكنوا فيها، وكأنهم مجاميع بشرية أصابهم مرض مُعدٍ، فتقرر عزلهم بعيدا عن الاخرين، مع بضع مساعدات لا تشكل شيئا أمام حجم المبالغ الخيالية التي تدفع من أموالنا لدعم ما يسمونه محاربة الارهاب العالمي، أو المشاركة في انقاذ الاقتصاد الاوروبي، أو دعم هذا الطرف العربي على شقيقه العربي الاخر، حتى امتد الحريق السوري الى لبنان، وباتت التفجيرات فيه متبادلة. 
أما العراق النازفة جراحه منذ أكثر من عشر سنوات عجاف، فقد عجزت نساؤه عن أيقاظ ضمائر الحكام العرب، وهن ينتخينهم طوال كل هذه السنين، بل هم اليوم يسمعون جيدا كيف تُسبى بناتهم وشقيقاتهم على أيدي ميليشيات طائفية تجوب كل محيط العاصمة بغداد، في أشرس حرب ابادة جماعية لم تستثن أحدا من السكان، راياتها طائفية وغاياتها التلاعب بالنسيج الاجتماعي العراقي، وخلق ظالمٍ ومظلوم وقاتلٍ ومقتول بين شعب واحد، كي يستمر تعزيز الجغرافية الطائفية على حساب جغرافية الوطن، التي لا تتماشى ومصالح ساسته.
لكن هل يُعقل أن تعود نخوة المعتصم الى رؤوس القادة والزعماء العرب لنساء وأطفال العراق، فيهبوا لايقاف المجزرة؟ يقينا لا يمكن أن يحصل ذلك، لان ‘العراق الجديد’ هو منتج أمريكي وغالبيتهم لازال حبلهم السري مرتبطا بالجسد الامريكي، لذلك فان ارادتهم مُصادرة وحق الاعتراض لديهم مشلول، حتى لو ذُبح العراقيون عن بكرة أبيهم، وسيبقى وضع الامة هكذا ان لم تضع الامة ارادتها في يد آخرين من أبنائها، لان الزمن لا يعمل لصالحنا وان ثرواتنا تهدر لصالح أعدائنا، وان دماءنا تسيل بيننا وليس من أجل حقوقنا، وان رقعة مأساتنا تتوسع يوما بعد اخر، وباتت تغطي كل مساحة الوطن، منفلسطين الى العراق واليمن ثم سورية ومصر ولبنان والمغرب العربي، ولو بحثنا في كل المسببات والاسباب لوجدنا المصلحة الاجنبية موجودة، وهي التي ترسم السيناريوهات المقيتة، لكن الايادي التي تنفذ هي أيادي بعض زعاماتنا، والزيت الذي يصب على النيران هو زيتنا وأموالنا. 
ان انتقال الامم من مرحلة تاريخية الى أخرى ليس قراراً فردياً، بل هو شعور عالٍ بالمسؤولية وارادة حقيقية نابعة من ضمير الامة، بعد ان تبينت عظمة الخسائر التي تجنيها يوميا من الوضع الشاذ الذي تعيشه، لذلك فانه لا يمكن بأي حال من الاحوال استخدام نفس الادوات والوسائل التي كانت فاعلة في المشهد الماضي، لان استخدامها يعني عودة ثانية لاستخدام نفس المعادلات التي أنتجت لنا الوضع الشاذ الحالي، لذلك فان الايمان يجب أن يكون منصبا على قدرة شعبنا العربي على صناعة قوة تاريخية جديدة تؤهله لعبور هذه المرحلة، وتجعله صامدا ضد كل المحاولات التي تريد النيل من طموحاته المشروعة وحقه في الحياة الحرة الكريمة، وأن يتخلص من حالة التعطيل المتعمد لدوره في صناعة تاريخ المنطقة والعالم.
فلقد ركزت كل القوى الدولية والاقليمية على جغرافية وطننا العربي واعتبرتها مركز الثقل الذي باتت تتصارع عليه، لكنها حاولت بكل الســــبل والوسائل تجاهل مركز الثقل الشعبي فيه كي لا يتحد الموقع الجغرافي مع ثقل الدور البشري، وقد كانت أول مكابح بروز هذا الدور، هو هذه الزعامات العربية القائمة الان، التي باتت خارج حركة التاريــخ والزمن، وكي نأخذ دورنا في هذا العالم ونقدم دورا للاخرين فاننا بحاجة الى قادة في المراكز العليا للقرار العربي لهم رؤية وعقل سليم ويعملون للصالح العام وليس الخاص، ويؤمنــــون بأن ثروة العرب هي في شعبهم .

ملاحظة:
نشر المقال هنا.


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..