وجهات نظر
عبدالله شريف
في ذلك اليوم من مطلع العام 2007، وفي فجر اول ايام عيد الاضحى اعدم الرئيس الشهيد صدام حسين. ونقول (أعدم) مجازاً لان للإعدام أحكامه التي تضمَّنتها مواثيق حقوق الانسان باعتباره استثناءً وقيداً على حق الانسان في الحياة، كما تضمنت هذه الأحكام دساتير الدول الحديثة وقوانينها.
وإذا كنا نضع علامات اعتراض كثيرة على الدستور المشوَّه الذي وضعه صنائع الاحتلال فاننا سنُخضِع عملية الاعدام لأحكامه – من باب إسقاط الحجة - وأحكام القانون الاجرائي النافذ، وهو قانون اصول المحاكمات الجزائية.
ولنتجاوز هنا طبيعة المحكمة الخاصة التي اصدرت الحكم، فلهذا الموضوع مقام حديث اخر، رغم ان من انشأوا هذه المحكمة كانوا قد أقاموا الدنيا متهمين النظام الوطني بإنشاء محاكم خاصة خلافاً لما يعتبرونه ضمانات للعدالة، لنضع ذلك كله جانباً ولنكتف هنا بتقييم عملية الاعدام وحدها.
ينص البند الثامن من المادة (73) من الدستور على ان رئيس الجمهورية يختص بالمصادقة على أحكام الاعدام التي تصدرها المحاكم الخاصة.
وبحكم البند الاول من المادة (138) من ذات الدستور يحل تعبير (مجلس الرئاسة) محل تعبير (رئيس الجمهورية) اينما ورد في الدستور خلال دورة واحدة لنفاذ هذا الدستور؛ ومجلس الرئاسة هذا يتألف بموجب البند الثاني من ذات المادة من رئيس الدولة (رئيس الجمهورية) ونائبين.
وإذا ما رجعنا الى تاريخ صدور الحكم سنجد ان تنفيذه كان يتطلب آنذاك مصادقة مجلس الرئاسة بالإجماع (ونضع خطاً احمر تحت كلمة الإجماع) وفق مقتضى البند الرابع من المادة ذاتها.
وإعمالا للنصوص (الدستورية) المذكورة كان يجب أن يصادق مجلس الرئاسة بالإجماع على تنفيذ الحكم او الانتظار حتى انتهاء الدورة الاولى ليعرض الأمر من جديد على رئيس الجمهورية للمصادقة او عدمها.
هذا ما تضمنه الدستور بشأن تنفيذ حكم الاعدام، اما قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 المعدل (النافذ حتى يومنا هذا) فتنص الفقرة (ب) من المادة (285) منه على أن حكم الإعدام لا ينفذ إلا بمرسوم جمهوري.
وإذا ما عدنا الى ما جرى في ذلك اليوم الاسود- الذي تظل احداثه ماثلة في الذاكرة- فسنجد أن نوري المالكي أصر على توقيع أمر التنفيذ بصفته رئيساً للوزراء- بعد رفض الطالباني (رئيس الجمهورية) المصادقة، وبالتالي استحالة تحقق إجماع مجلس الرئاسة، وبالتالي فإن بطلان أمر التنفيذ يكون واضحاً وجلياً لا يحتاج الى مناقشة طويلة ولا يحتمل الاجتهاد.
إذاً، ما هو الوصف القانوني لأمر المالكي بالتنفيذ؟
إنه بلا شك أمر بالقتل لأنه أفضى الى ازهاق روح انسان دون غطاء قانوني. واكثر من هذا، إنه قتل مقترن بسبق إصرار يقع تحت طائلة المادة (406) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969، ونشدد على اقترانه بسبق الإصرار حين نذكر اننا قرأنا على صفحات الانترنت كتاباً من رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود (وهو من المحسوبين على المالكي) يؤكد ان تنفيذ حكم الإعدام يتطلب مصادقة هيئة الرئاسة.
من سوء حظ المالكي أنه تباهى بعدسات التلفزيون وهي تصّور لحظة توقيعه على أمر التنفيذ، فقد وفّر دليلاً دافعاً للإدانة.
ومن حسن حظ شعب العراق أن العدسات وفّرت له هذا الدليل مثلما وفّرت له مشهد شجاعة الرئيس الشهيد لحظة التنفيذ.
إنها جريمة يمكن أن يواجه عنها المالكي عقوبة الإعدام بعد محاكمة عادلة، فضلا عن جرائمه الأخرى، وما أكثرها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق