وجهات نظر
مهند العزاوي
افتقد العالم للقيم القانونية والمعايير العلمية في توصيف الارهاب، وبالرغم من شيوع ظواهر الارهاب وتعدد صناعة بيئة الارهاب الدولي وبأشكال متعددة، لم تصنف المؤسسات الاممية والقانونية منها الارهاب ولم تضع محددات قانونية تتسق بالمعايير الجنائية للإرهاب، ونفهم الارهاب بمفهومه المبسط هو "ممارسة الاساليب والمسالك الاجرامية ضد المجتمعات والشعوب والدول بغية ترويع وترهيبهم لإغراض سياسية مختلفة".
تعددت اشكال الارهاب بعد الالفية الثانية وتنوعت اساليبه خصوصا في العراق كالإرهاب الدولي ، ارهاب القوة ، ارهاب التنظيمات المسلحة والمليشيات ، ارهاب السلطة والأحزاب المذهبية ، ارهاب القوات الامنية ، ارهاب السجون ، ارهاب الاعلام ، الإرهاب السياسي ، الإرهاب الفكري ، والقائمة تطول في الوصف في ظل غياب الدولة والعقيدة الوطنية وشياع ظواهر الجهل المؤسساتي ، وليزال هذا العنوان فضفاض وهلامي ترتكب باسمه المجازر والجرائم تحت يافطة محاربة الارهاب لترويع الشعوب والمجتمعات من جهة وتمرير المخططات الوافدة من جهة اخرى .
جيش من المليشيات
اصبح العراق بعد غزو 2003 مسرح دولي وإقليمي للإرهاب بكافة اشكاله ، وبات الارهاب السياسي المنظم مسلكا لأحزاب امتهنته ، وأمعنت بقتل الابرياء وانتهكت حقوق الانسان عبر الاعتقالات والتعذيب والتنكيل وعمليات الابادة المذهبية والطائفية المنظمة وجرائم ضد الانسانية ، وتخطى ذلك بصناعة الارهاب وتوظيفه لأجل البقاء بالسلطة ، مما اضاع القيم الاساسية لأمن المجتمعات والشعوب والدول ، وعزز من حواضن وبيئة الارهاب، ليسود مناخ التفجيرات المعد في اروقة المخابرات الاقليمية، وممارسة القتل خارج القانون، ولم يشهد بلد في العالم استنزاف اخلاقيا وبشريا وماليا وقانونيا مثل العراق، الذي بنيت مؤسساته بشكل شاذ وهش، وقد اعترف النائب صباح الساعدي عبر قناة البغدادية بدمج مليشيات سبع احزاب طائفية بالقوات المسلحة لتحقق مقولة ((جيش من المليشيات ومليشيات الجيش)) انه التدمير المنظم للقيم والمعايير المهنية والوطنية ، وقد القى بظلاله على المشهد السياسي العراقي الذي يتسم بالتفجيرات المنظمة توظف لبسط النفوذ المليشياوية ضمن تجارة المذاهب العابرة للدين والوطن
اسئلة مهنية بلا اجوبة
تصحو بغداد على ثمانية عشر انفجار او اكثر حسب ما تناقلته وسائل الاعلام ، وتلك العمليات تحتاج الى وقفة مهنية قبل ان نسمع تغريدات المسؤولين بشماعة القاعدة ،ولم نشهد تحقيق مهني واستخدام وسائل التحقيق الجنائي واليات التقصي المتعارف عليها في المعاهد الامنية الدولية ، بل العكس في وقت التفجيرات يخرج السياسيين والمتفوهين على الاعلام ليعلنوا عن الفاعل ، وسرعان ما تتجه القوات الامنية لتنفيذ حملات اعتقال الابرياء في مناطق السنة العرب حصرا ، لإدامة تجارة السجون التابعة لهذه الوزارة او تلك ، وتعزيز الارصدة المالية عبر ابتزاز السجناء والمعتقلين ، وممارسة التنفيس الطائفي والعقد النفسية ، وفق فلسفة الاستئثار بالسلطة التي بنيت على اساس " حكومة المذهب وجيش الطائفة " بالرغم من ارتدائهم لباس الوطنية الكاذب عبر الاعلام ، والفت النظر الى بعض التساؤلات المهنية عن العمليات الارهابية وسط الشعب وكيف تحدث ولم تطال مسؤول حزبي او حكومي !
1. في خضم دخان التفجير ولحظات الانفجار كيف استطاع الفطاحل معرفة ان التفجير ناتج عن سيارة مفخخة او حزام ناسف وهو لايعلم وقت التفجير وكيف ولم تكن هناك كاميرات مراقبة خصوصا في جرائم استهداف الابرياء في الاسواق والمقاهي والمساجد ؟ ام هم يعلمون الفاعل والوسيلة !
2. كيف يمكن لحزام ناسف ليمتلك المقدرة التدميرية للهشاشة الجسدية كون حامله بشر وليس كتلة صلبة تتشظى ويستطيع تدمير مساكن وبنايات ويوقع ضحايا بالعشرات؟
3. كيف يمكن لأي منظمة او مجموعة مسلحة مهما عظم من شانها الاعلام ضمن صناعة العدو ان تنفذ عشرون تفجيرا في ايام متعاقبة طيلة ايام الاسبوع وفي مناطق جغرافية متعددة غالبيتها مغلقة بمنفذ واحد معززة بمئات السيطرات تفتش كل شيء وكاميرات المراقبة تنتشر في الطرق والمدن ؟ وفي ظل وجود اكثر من مليون مسلح من القوات الرسمية مع جيوش الاسناد والصحوات والمليشيات الحاكمة .
4. تتزامن التفجيرات المنظمة مع اتقاد الملفات الاقليمية والصراع على السلطة وفي اوقات التهيئة للانتخابات وعند الاعتصامات والتظاهرات المليونية وبلا شك القاعدة الامنية تقول ((ان غاب الفاعل ابحث عن المستفيد)) ؟
5. في غالبية التحقيقات الامنية والجنائية يجري مسح وتدقيق مسرح الجريمة وحصر الادلة الجنائية التي تبحث عن الفاعل وهذا يستغرق ايام وأحيانا اسابيع وشهور ؟
6. منذ عام 2004 لم يشهد الواقع الامني العراقي اي عملية ارهابية موجهة ضد حزب او مسؤول حزبي او حكومي وإنما فقط تستهدف الابرياء الامنيين ضمن فلسفة صناعة العدو الداخلي وخلق حالة احتراب مجتمعي من خلال المكون فوبيا ويمكن مقارنة ارقام الضحايا للسياسيين وانتمائهم والأرقام المهولة لضحايا الارهاب وسط الشعب ؟
7. بعد اي عملية ارهابية ترتكب مقابلها مئات الجرائم الارهابية من القتل خارج القانون والتعذيب والتنكيل وانتزاع الاعترافات بالقوة والاعتقالات الشاملة نساء وأطفال وعجزة بلا مسألة قانونية دستورية رغم ان العمليات مستمرة وتتزايد يوميا ؟ اذن المعتقلين ابرياء والقائم بالاعتقال يعلم ذلك ويمارس القمع بشكل منظم وبدافع سياسي !
8. قانون مكافحة الارهاب الذي لم يترك احد من العرب السنة لم يشمله ويسموه العراقيين القانون 4 سنه لماذا لا يشمل تسع مليشيات مسلحة مرتبطة بالخارج تنفذ عمليات دهم واعتقال وتفجيرات واغتيالات ؟
9. تعمل كافة الدول على ترسيخ ثقافة المتهم بريء حتى تثبت ادانته ، ومثبت في الصكوك الدولية والعهد الدولي ، وفي العراق " المتهم مجرم حتى وان تثبت براءته ما دام انه من المكون المستهدف والمجرم بريء حتى وان يثبت اجرامه لانه من طائفة السلطة".
بلا شك العراق دولة مغيبة وامن العراقيين مفقود في ظل غياب القانون والدستور والمهنية والعقيدة الوطنية الفعلية وليست اللفظية ، ويجد المتتبع للمشهد العراقي ان العراق اصبح مسرحا لسياسة الاخضاع الاقليمي ، وبات العراق ساحة للضغط والتأثير الاقليمي على العالم ، تبقى القيم المهنية والوطنية هي الاساس في حماية المجتمعات ، والظواهر الشاذة الى زوال مهما طال الوقت ام قصر ، لان ارواح البشر من العراقيين والتي تخطت الملايين تحاكي خالقها عن ظلم تخطى الدين والقيم والأخلاق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق