موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأحد، 4 سبتمبر 2011

غاب القط إلعب يافار..

بمحبة وسرور تلقيت رسالة القس العراقي الفاضل لوسيان جميل، المعبرة عن ثقة عالية بما ننشر في هذه المدونة المتواضعة، وإننا إذ نبادل القس الفاضل مشاعره الطيبة، يسرنا نشر مقالته التي بعثها الينا مشكوراً، متحدثاً فيها عن أسباب رفضه لمؤامرة استحداث محافظة خاصة بالمسيحيين في سهل نينوى بشمال العراق.
غاب القط إلعب يافار..


القس لوسيان جميل_ نينوى
من المعروف ان عراق ما بعد الاحتلال لم تعد له دولة ولا جيش يحميه ويحمي شعبه، كما انه لم يعد له دستور ينظم علاقات شعبه بدولتهم، وعلاقات افراد هذا الشعب بعضهم ببعض. لذلك لم يعد الشعب العراقي بعد الاحتلال شعبا موحدا ولم تعد له مرجعية سياسية شريفة يعود اليها، ولا اهداف اساسية تسعى اليها القوى السياسية والشعبية.
وهكذا فقد الشعب العراقي هويته الحقيقية، من دون ان يكتسب هوية جديدة، وتحول هذا الشعب الى شعب مستلب وضائع، لا بل فقد هذا الشعب صفة الشعب، وحلت محله ما تسمى بالمكونات الشعوبية، حيث لا يستحق اي مكون منها ان يسمى شعبا، لأن كل مكون لم يعد يسعى الى الخير العام، بل صار يسعى الى خير جزئي، سواء كان خيرا طائفيا ام مذهبيا، أم كان خيرا قوميا، أم عشائريا، ام كان خيرا حقيقيا ام وهميا كاذبا، الأمر الذي يجعلنا نقول بأن العراق صار مثل " شليلة وضايع رأسها"، كما يقال، او اصبح مثل مسبحة انقطع خيطها وتناثرت حباتها في كل اتجاه.
غير ان ما فقده العراق بالأكثر هو وحدة خطابه الوطني، بعد ان استولى خطاب " الأقوى " على كل خطاب آخر، وهيمنت حجة " الأقوى "، على كل حجة أخرى، شعبيا وسياسيا، عراقيا ودوليا، باستثناء خطاب المقاومة العراقية، بكل فصائلها، المسلحة وغير المسلحة منها، مع ان هذا الخطاب، لم يسلم هو الآخر، برأيي، من التشرذم والبعثرة ، مع الأسف.
يد الأقوى الخفية:
غير ان من هو الأقوى في عراق ما بعد الاحتلال، غالبا مـا لا يظهر في المسائل التفصيلية، مهما بلغت من الأهمية، بل هو يكتفي بإعطاء التعليمات والتوجيه لوكلائه ونوابه وسراكيله، كي يكملوا مهمة السيطرة المادية والروحية على العراق والعراقيين، بما في ذلك مهمة تصفية مقاومي الاحتلال التي لا زالت قائمة الى يومنا هذا. علما بأن الوكلاء هؤلاء يقعون في قمة الهرم المنظور، الى الاسفل قليلا، ابتداء من الوكلاء الكبار، ونزولا نحو قاعدة الهرم التي تسمى بالشارع العراقي بكل الشرائح الاجتماعية التي يضمها.
حصر الكلام بالمسيحيين:
وبما اني اكتب هذا المقال على هامش خبر، او اخبار، عن سهل نينوى، وعن محافظة ثانية يكون فيها للمسيحيين دور معين، وبما اني اكتب تعليقا على تصريحات بعض المتحمسين من المنسوبين الى المسيحية حينا، ومن الذين ينسبون أنفسهم الى القومية الكلدانية او الآشورية او السريانية احيانا أخرى، من دون وجود برهان او دليل واحد على انتسابهم الوهمي المضلل هذا، فاني سأحصر كلامي بالشرائح الاجتماعية العراقية المسيحية، وتحديدا بهذا الاسم المسيحي الذي يستغله البعض استغلالا براغماتيا عندما تقتضي الحاجة السياسية وضع هذا الاسم بالمقدمة، في حين يفضل كثيرون من حاملي هذا الاسم المسيحي عينه، على طلب من السيد الأمريكي، حسب معلوماتي، اسماء قومية شوفينية مختلفة، عملوا المستحيل في توحيدها سياسيا، دون جدوى.
خبر عن تجدد المطالب الانفصالية:
وهنا لا انكر بأن مقالي هذا جاء بعد ان شعرت ان الحية ام " سبعة رؤوس "، وليس الحية ام راسين، بُعثت من جديد، بعد زيارات المسئولين الامريكان المكوكية الى العراق، وإثارتهم قضية سهل نينوى من جديد، مما بعث شيئا من الحياة في اوصال العملاء بكل اشكالهم، وعلى رأسهم جميعا السيد يونادم كنا، عضو مجلس النواب العراقي، وأحد القادميـن مع الاحتلال، على ظهر الدبابات الأمريكية، والذي تبوأ مكانة خاصة عند المحتلين، بسبب خدماته الكثيرة التي قدمها للمحتل، قبل وبعد الاحتلال.
الحركة الديمقراطية الآشورية:
وفي الحقيقة لا احد ينكر بأن الحركة الديمقراطية الآشورية التي يرأسها السيد يونادم كنا، قد تكون الأنشط بين الأحزاب والحركات الآشورية، غير ان مشكلة هذه الحركة، عندنا في العراق، لا تأتي من السيد النجيفي، كما ادعت صحيفة العراق الالكترونية، وكما نوه عن ذلك، السيد يونادم كنا نفسه، في معرض انتقاده لتصريحات النجيفي الواضحة، بخصوص رفضه استحداث محافظة جديدة للمسيحيين، ولكن مشكلتها ناتجة عن كون هذه الحركة، حركة كارتونية، ولا تستطيع ان تجابه خيارات الحركات السياسية الخاصة بالمسيحيين الآخرين، مهما افتعلت من حركات بهلوانية كلامية مضللة، كما يعود ضعف هذه الحركات الانفصالية الى قوة المناهضين للمحتل العددية والجهادية، وضيق مساحة التحرك الانفصالي بكل اشكاله، كما سنرى ذلك لاحقا.
نسبة الآشوريين الى المسيحيين الآخرين:
اما نعتنا التنظيمات السياسية الآشورية، بما فيها الحركة الديمقراطية الآشورية بالكارتونية فلا يأتي من فراغ، لأن الواقع يقول ان عدد نفوس الآشوريين في العراق، او في سهل نينوى، لا يشكل اكثر من 1/16 بالمائة من مجموع مسيحيي العراق، او من مجموع سكان سهل نينوى المسيحيين، البالغ عددهم حوالـي 30% من سكان سهل نينوى فقط، سواء تكلمنا عن المسيحيين بشكل طائفي ام تكلمنا عنهم بشكل قومي، مع العلم ان المسيحيين الملقبين بالآشوريين، يتوزعون بين ستة تنظيمات سياسية، على الأقل، دون ان نأتي على ذكر الأحزاب القديمة التي كانوا ينتمون اليها، والتي بقي كثير منهم متعلقا بها، على حسب اطلاعنا، مع تأكيدنا على ان الملقبين بالكلدان او بالسريان، او بأي لقب قومي آخر، ليس حالهم افضل من الآشوريين من الناحية السياسية، وان كان البعض منهم قد نأى بنفسه مشكورا عن مشاريع المحتلين الخبيثة، ومنهم غبطة البطريرك الكاردينال عمانوئيل دلي، رئيس الكنيسة الكاثوليكية الملقبة بالكنيسة الكلدانية، ورؤساء الكنائس المسيحية الآخرون، ولا اقول مرجعياتها، لأن الكنائس لم تعد لها مرجعيات، منذ تأسيس الحكم الوطني في العراق. كما امتنع مشكورا، عن تأييد استحداث محافظة جديدة في سهل نينوى، عدد ممن يلقبونهم بالناشطين الكلدان، فضلا عن اتجاه عام يسود عددا كبيرا من ابناء الكنيسة الملقبة بالكنيسة الكلدانية، ينأى بنفسه عن مشاريع المحتلين الخبيثة ومشاريع معاونيهم.
ردود فعل ضعيفة:
وبناء على ما تقدم نفهم لماذا كانت ردود فعل السيد يونادم كنا ضعيفة جدا، وهو يناقش خصمه، ولا نقول زميله، السيد أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي، حول وجاهة ودستورية اقامة محافظة جديدة يكون فيها للمسيحيين مكانة مرموقة، تحفظ حقوق المسيحيين، كما يدعي سياسيو المسيحيين.
اما ضعف طروحات السيد يونادم كنا، مقابل السيد النجيفي فناجم من حقيقة ان السيد يونادم كنا، لم يتمكن بعد ان يستوعب حقيقة ان عام 2011 لم يعد الوضع فيه، عراقيا وأمريكيا، وشعبيا، كما كان في بداية الاحتلال، او حتى في ايام الانتخابات الأخيرة، من نواحي عديدة. وعليه نرى ان السيد يونادم كنا، يتوهم كثيرا عندما يبني نقاشه على الحقائق القديمة التي كانت تحصر الواقع العراقي بفترة الاحتلال، وكأن الدولة العراقية ابتدأت في 9 – 4- 2003، بما جاءت به من تغييرات باطلة وظالمة.
اهم التغييرات بعد الاحتلال:
اما هذه التغييرات الأساسية التي جاءت بعد الاحتلال وفي اعقابه فهي كثيرة ولا تحصى، لأن هذا الاحتلال في الواقع لم يكن احتلالا بل كان اجتثاث دولة ونظام، من اجل وضع دولة اخرى ونظام جديد، محل ما كان موجودا قبل الاحتلال. لكننا نذكر في هذا المقال ما يهمنا من التغييرات التي اجراها المحتل الغازي في بلدنا، وعلى رأسها العملية السياسية نفسها والدستور التعسفي، ومشاريع التلاعب بالحدود الادارية للمحافظات. اما التلاعب بسياسة بلدنا وباقتصادنا فلن نتكلم عنه في هذا المقال، على الرغم من أهميته القصوى.
نصيحة للسيد يونادم كنا:
اما نصيحتنا للسيد يونادم كنا فهي ان ينسى اليوم الذي كان يعتمد فيه على المحتل وعلى جماعته المدربين على العمالة، لكي يستطيع ان يعود الى عراقيته، اذا كان عرقيا بالفعل، قلبا وقالبا، ويكف عن تبني مشاريع لا تخدم، في المحصلة، غير اعداء العراق، فضلا عن انها مشاريع لا تخدم المسيحيين في المحصلة النهائية، وبحسب كل الحسابات، على الرغم من بريقها الذي تصنعه الدعاية الامبريالية.
وعليه فإذا ما صارت عبارة " أخذناها وبعد ما ننطيها " التي قالها السيد المالكي في اطار معين نكتة تتردد في المجالس وفي الحوارات التلفزيونية، فان اصرار السيد يونادم كنا وجماعته على الاحتفاظ بالجوائز التي اهداهم اياها المحتل لقاء خدماتهم له، لن تكون نكتة تبعث على الابتسامة، لكنها ستكون مرثية ومأساة سوف يتألم منها جيلنا كثيرا، ثم تطويها صفحة النسيان لتفاهتها. لذلك يكون على السيد يونادم كنا وعلى اتباعه، وعلى كل من سار في الطريق الخاطئ أن يعرف بأن كل الطرق لم تعد تؤدي الى روما، وأن القط لم يعد غائبا، كما يظنون، لكي يلعب الفأر على هواه.
رأينا في تصريحات النجيفي:
اما ان يعلن السيد أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي، بأن اقامة محافظة ثانية في سهل نينوى امر غير شرعي وغير دستوري وغير مجدي على الصعيد العملي، وأن يتبعه على الطريق ذاته عدد من الشخصيات السياسية، ومنها السيد الياور، فلا يسعنا سوى ان نباركهم جميعا ونحترمهم، مثلما احترمنا رؤساء كنائسنا المسيحية على موقفهم السليم من قضية سهل نينوى والمحافظة الجديدة.
غير اننا، في الحقيقة، نخشى في الوقت عينه على خيار هؤلاء السادة المسئولين المدنيين والكنسيين الصائب من وجود من يدحضه ووجود من يتحايل عليه ويتجاوزه ويفشله، او يساوم عليه على اقل تقدير، كما حصل ويحصل في كثير من الحالات المماثلـة، حيث غالبا ما تنجح " حجة الأقوى " كما تقول قصة الحمل والذئب المعروفة، هذه الحجة التي تستند الى دستور مزيف وملغوم يمكن استخدامه كيفما يشاء الأقوياء المسنودون بقوة الدبابات الأمريكية وبالمسدسات كاتمة الصوت، ويستخدمه شخص مراوغ مثل السيد يونادم كنا في التغلب على خصمه، لاسيما وأن غالبية ممن وقفوا ضد مشروع محافظة ثانية في سهل نينوى مشاركون في العملية السياسية وقابلون بكل ما جاء في الدستور التعسفي، كما لا زالت غالبية، او جميع رؤساء كنائسنا الأجلاء غير منفصلين بشكل كامل، عن العملية السياسية التي جاء بها المحتل، لأسباب لا نخوض فيها في هذا المقال، لأننا سبق ان كتبنا عنها بما تستحق، ولن نتوانى في الكتابة عنها، في اي يوم، من اجل اكمال اخراج رؤسائنا الكنسيين، من كامل العملية السياسيـة، بما سببته من مشاكل لكنيستنا وللمسيحية، وبما أملته على الكنيسة بشكل مباشر او غير مباشر من تغييرات " رجعية " تحمل سمات ردة حقيقية عما كان قد حققه المجمع الفاتيكاني الثاني، من توجهات انسانوية واضحة، تتعلق بهوية الكنيسة الكاثوليكية، وذلك تماشيا مع ثقافة الاحتلال المفروضة على الشعب العراقي، ومع مطالب بعض الفئات المشاركة في العملية السياسية والمقربة إلى المحتل.
خطاب جذري مختلف:
اذن فمن كل ما جاء اعلاه نستنتج بأننا بتنا بحاجة الى جهة متحررة من العملية السياسية ومن كل تبعاتها، كما تكون متحررة من مصلحة اي حزب او حركـة، لكي تستطيع هذه الجهة الحرة ان تقدم لنا اسبابها الخاصة لرفض استحداث محافظة في ما يسمى بسهل نينوى، ورفض كل المتغيرات التي يريد المحتل ان يحدثها في العراق، لكي يبني عراقه الجديد، على انقاض عراقنا، كما يحلو له. علما بأن هذه الأسباب لن تكون اسبابا مبنية على البراغماتية ولا على الميكيافلية التي تعتمد على القوة الغاشمة وعلى الأكاذيب، لكنها سوف تكون أسبابا مبنية على " الثوابت " الأخلاقية التي لا تقبل التصرف، ولا تعدد وجهات نظر.
سبب ما بعده سبب:
ويقينا ان ما قدمه كاتب هذا المقال، في مقاله السابق، على موقع كتاب عراقيون من اجل الحرية، تحت عنوان: سبب ما بعده سبب، يمكن ان يكون هو السبب الوحيد الذي يستغني عن الأسباب الأخرى في مهمة دحر براغماتية المحتلين وأعوانهم، كما يمكنه، بالفعل ذاته، أن يحجم كل المصطادين في الماء العكر وكل المضللين والمعتمدين على الخطاب المبني على انصاف الحقائق، ممن يطالبون بتحديث محافظة ثانية في سهل نينوى، أو أي مطلب آخر مماثل.
كما ان هذا السبب الذي ما بعده سبب سوف يساعد كل الجهات التي رفضت المشاريع التعسفية المذكورة ويقوي حجتها، لا بل يجعل من هذه الحجة حقيقة لا يمكن نكرانها. فما هو هذا السبب الذي ننسب اليه كل هذه القوة والجبروت؟ انه بالحقيقة السبب الذي يقول بأن المحتل لا يستطيع ان يتلاعب بالبلد الذي احتله ولا ان يغير في بناه التحتية والفوقية وفي حدوده الجغرافية وفي بناه الديموغرافية، وفي حدوده الادارية، وفي غير ذلك من التغييرات على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني، ولاسيما اذا كان هذا المحتل محتلا غاشما ومعتديا وفاقدا للشرعية، بكل انواعها.
وعليه، فإذا ما سؤلنا عن سبب عدم جواز تحديث محافظة في سهل نينوى، فإننا، ومع احترامنا، لكل الأسباب التي قدمها اناس محترمون في هذا المجال، ومع قبولنا بمناقشة مثل هذه الأسباب من اجل اضعاف حجة الخصم، فإننا سوف نعتمد على السبب الواحد الثابت الذي يرفض ان يقوم المحتل، او من اتى بهم الى الحكم بالقوة، بتغيير اية بنية من بنى البلد المحتل، بأية حجة كانت.

هناك تعليق واحد:

عراقي حر يقول...

لا يمكنني كقاريء الا ان اثني على شجاعه الاب الفاضل لوسيان على موقفه المشرف وجرأته الفائقه في دحض كل ما مضلل ودعم كل ما هو منطقي في ما يخص قضيه استحداث محافظه في سهل نينوى.

مع فائق شكري وتقديري للاب الفاضل لوسيان

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..