أعمى يقود عُميانا، لوحة للفنان الهولندي بيتر بريغل |
ماذا يحدث عندما يقود الأعمى عُمياناً مثله؟
هذا ماتجيب عليه مقالة الأب لوسيان جميل، التي بعث بها إلينا هذا الصباح، والتي يدخل إليها من عبارة وردت في الإنجيل تقول "إذا كان من يقود الأعمى أعمى مثله، فسيقعان كلاهما في الحفرة".
اذا كان أعمى يقود أعمى فكلاهما يسقطان في حفرة!
القس لوسيان جميل
المقدمـة:
اعزائي القراء الكرام! من الواضح ان عنوان المقال لا يتكلم عن العمى الطبيعي، اي عن عمى العيون، لكنه يتكلم عن عمى القلب والمشاعر والوجدان والضمير، الأمر الذي يلزمنا ان نقول بأننا، مع عنواننا هذا، امام مثل او رمز، علينا ان نعرف عمق معانيه من خلال مبناه المادي.
علما بأن مبنى المثل الذي وضعناه عنوانا لمقالنا، سهل وواضح، لأن هذا المثل يوظف حالة موضوعية انسانية بسيطة تثير مشاعر وقناعات عميقة وواضحة.
وعليه فإننا لا نتعجب من أن يكون الوصول الى معنى المثل، سهل المنال ولا تعترضه صعوبة تذكر من الناحية المبدئية، حيث يمكن ان يفهم القارئ بسهولة كيف يمكن ان يقع الانسان الساذج وأعمى القلب والوجدان والمضلَّل، سواء كان فردا او جماعة، في حفرة اخلاقية كبيرة، اذا ما سار وراء قدوة شريرة ظلامية عمياء.
تحديد وتفصيل معاني المثل:
غير ان وضوح معنى مثل العنوان، لا يعني اننا سوف نتكلم عن كل المعاني التي يمكن ان يحتويها، كما لا يعني أننا سنتكلم عن كل امتداداته Extensions وتشعباته وتفرعاته. وبما ان معنى المثل في قلب الكاتب، كما يكون المعنى في قلب الشاعر، كما يقال، يبقى علينا ان نحدد المواضيع والسلوكيات التي ينطبق عليها مثل عنواننا، والتي اخترناها لتكون موضوع مقالنا، وهو ما سنقوم به فيما يلي من هذا المقال، ان شاء الله.
مشروعية توظيف الأمثال:
غير اننا، وقبل ان نتكلم عن بعض مجالات تطبيق المثل الذي افتتحنا به مقالنا، نرى ان نضع فقرة تتكلم عن مشروعية وفائدة توظيف الأمثال في الأمور الانسانية المهمة، ومنها امور اخلاقيات السياسة التي لا تخفى اهميتها على كل من يؤمن بأن اية سياسة تخلو من المبادئ الأخلاقية الانسانية تحول العالم الى غاب يصعب العيش فيه. أما ما يؤكد كلامنا اعلاه فيعود الى ان مجالات اخلاقيات السياسة مجالات انسانية، حيث يلعب العقل دوره الخاص بكل تأكيد، في حين ان دور المشاعر الذاتية الوجدانيـة اكبر من دور العقل، الأمر الذي دعانا نحـن ايضا، الى توظيف الأمثال فـي كثير من مقالاتنا، جنبا الى جنب مع التحليل العقلانـي، واضعين في حسابنا ان الأمثال اكثر قدرة على اقناع الانسان من القياسات العقلية المنطقية.
دور الأمثال في الأناجيل:
وهنا نقول: من يدري! ربما كان السيد المسيح يلجأ في تعليمه الى الأمثال للسبب المذكور اعلاه عينه، غير ان استخدامه للأمثال لم يكن بدافع علمي، كما هو حالنا اليوم، لكنه كان بدافع من الفطرة السليمة التي تقود المستمع المتلقي الى القبول الايماني للبشرى التي تقدَّم له، مع علمنا بأن التعليم بالأمثال لم يقتصر على السيد المسيح، بل شمل جميع الأنبياء الكبار المعروفين، وكثير من الكتاب، سواء كان ذلك في المجالات الدينية ام الأدبية الأخرى.
معنى مثل الأعمى في الانجيل:
وفي الواقع، اذا اردنا ان نعرف معنى مثل الأعمى في الانجيل، علينا ان نعرف بأن يسوع لم يكن يعمل محاضرة نظرية عن الأعمى الذي يقود اعمى فيقعان كلاهما في حفرة، لكنه كان قد اختار من بين تطبيقات متعددة للمثل المذكور، تطبيقا واحدا ينتقد من خلاله سلوكية الفريسيين والكتبة وعلماء الناموس (علماء الشريعة) ورجال الدين اليهودي المحافظين، وذلك بسبب تزمتهم في قراءة كتبهم الدينية التقليدية، وكذلك بسبب تطبيقهم للشريعة تطبيقا حرفيا مفرطا في الجمود، كما نقرأ ذلك في انجيل متى.
هذا! وقد بدا للسيد المسيح ان رجال الدين هؤلاء اناس عميان لا يفقهون شيئا من روح الشريعة والكتب الدينية، وأنهم ماضون في عنادهم بالضد من اي تجديد او اصلاح، كما كان مطلوبا جدليـا من اي شخص له اهتمامات خاصة بشؤون دينه وشريعته.
ولذلك لم يظلم يسوع هؤلاء الفريسيين والكتبة وعلماء الناموس ورجال الدين اليهودي عندما خصهم بهذا المثل القاسي بقوله: اذا كان اعمى يقود اعمى فان كلاهما يسقطان في حفرة.
وفي الحقيقة، وعلى الرغم من ان يسوع، كان بمثله هذا ينتقد حالة الشعب البائسة، الا ان المثل كان موجها بالأكثر الى قادة الشعب اليهودي العميان والأشرار احيانا كثيرة ولذلك ايضا لم يظلم يسوع هؤلاء القادة العميان عندما حملهم وزر وخطيئة ابتعاد الشعب البسيط عن الحق قائلا:
الويل لمن يشكك احدا من اخوتي هؤلاء الصغار (اي من الشعب البسط )، فقد كان خيرا له لو علق في عنقه حجر الرحى، وزج في اعماق البحر.
علما بأن التشكيك هنا يعني التسبب في عثرة الآخرين وسقوطهم في الخطأ والخطيئة، بسبب تقليدهم الأعمى لأناس لا يستحقون ان يكونوا قدوة للآخرين وقادتهم.
حالة انحطاط الأمة وسقوطها الجدلي:
غير ان مثل العنوان، لم يكن يشير فقط الى اشخاص عميان فشلوا في اكتشاف حقيقة وجه الله الجديد ووجه شريعته الجديدة، لكنهم عملوا على تخدير شعوبهم وجعلهم لا يتساءلون عن اوضاعهم الحقيقية، لذلك صار هؤلاء، بالحق والحقيقة، عميانا يقودون عميانا الى هاوية الفشل.
غير اننا لم نأتي بهذا المثل من أجل دعوة دينية معينة، بل اعطيناه بمثابة وسيلة ايضاح Illustration عن حالة سقوط الأمم وعن الثورات التي تليها وعن حالة مقاومة المؤسسات الدينية والمدنية المميتة للتغيير، في حين ان علامات فساد الأمة الدينية كانت كثيرة وواضحة، ومنها الفساد الطبقي والفساد الانساني الذي كان يقبل بوجود العبيد في المجتمع اليهودي.
وفي الحقيقة كانت الأمة الدينية اليهودية قد اصبحت مثل شجرة لا تحمل ثمرا ومثل ليمونة معصورة لا تصلح لشيء. غير ان اسوأ ما كان في تلك الأمة، هو انها كانت أمة مريضة، دون ان تعلم بمرضها، الأمر الذي جعلها عاجزة عن اصلاح نفسها، بعد ان صار قادتها الدينيون والمدنيون بمثابة عميان يقودون عميانا فيسقطون جميعا في حفرة، في حين كان الله، او فلنقل القانون الاجتماعي الجدلي قد هيأ لتلك الأمة المتعنتة انبياء ومصلحين وثوارا دعوا الأمة الى اعادة اكتشاف وجهها من خلال اكتشاف وجه الهها الجديد.
تطبيق مثل الاعمى على المجتمعات المدنية:
وبما ان ما يحدث في المجتمعات والأمم الدينية حالة حضارية اجتماعية انثروبولوجية عامة، فإننا نتوقـع ان تحدث ظاهرة العميـان الذين يقودون عميانا، في المجتمعات المدنية ايضا، القديمة منها والحديثة، ومنها مجتمعاتنا العربية، مع بعض الفوارق التي يمكن ان تأتي من اختلاف الحضارات.
كما نتوقع ان تحدث الظاهرة عينها بين القادة الروحانيين من كل الأديان فيتحولون الى قادة عميان يقودون عميانا، فيسقط الجميع في حفرة، كما يحدث في ايامنا مع كثير من رجال الدين الاسلامي والمسيحي، ولاسيما منذ ايام غزو العراق.
متى يحصل التماثل:
اما مثل هذه الحالة الجدلية التي تضعنا امام عميان يقودون عميانا، كما تضعنا امام حالة قيادات مواهبية Charismatique، فتحصل عندما تكون هذه المجتمعات المدنية على حافة التحولات الجدلية (الديالكتيكية)، مع سماتها الانقلابية المعروفة، ومنها ان يكون هناك امل في العبور من مرحلة حضارية الى مرحلة حضارية اخرى اعلى منها واقدر على خدمة الانسان.
كما تحصل مثل هذه الحالة الجدلية عندما نجد لدى الطبقة المرشحة لاستلام زمام الحكم، حماسا ينبأ بأن التغيير قادم، مع كل ما يتطلبه هذا الحماس من استعداد للتضحيات ومن صبر ومن تفاؤل بالنجـاح، مع وجود طبقة اجتماعية، لا تريد ان تتنازل عن امتيازاتها الطبقية، وأيضا مع وجود من يطالب بالتغيير ويدعو اليه.
الجدل في زمن العولمة:
من المعلوم في الصراع الطبقي ان هذا الصراع يقوم بين الطبقة الحاكمة اقتصاديا وسياسيا والطبقة المناقضة لها. الا ان هذا الصراع يأخذ شكلا جديدا في حالة العولمة عندما تكون هناك دولة، او دول حاكمة، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، فيتحول الصراع من صراع طبقي الى صراع بين الدول القوية المهيمنة وبين الدول الضعيفة وشعوبها، كما هو الحال في ايامنا الفاسدة.
وقد يتحول الصراع احيانا بين اقطاب ومعسكرات يحاول كل قطب ان يجر اليه عددا من الدول، سواء كان ذلك بالترغيب ام بالترهيب. اما عندما تكون هناك دولة واحدة مسيطرة على العـالم، او بضعة دول قوية متحالفة فيما بينها، فان ما يحدث في العالم هو ما نشاهده منذ بداية التسعينيات من القرن المنصرم والى حد هذا اليوم، من عدوان مستمر من قبل امريكا والدول القوية الأخرى، على ضعفاء العالم: دولا وتنظيمات سياسية.
من هنا يمكننا ان نستنتج بأن اي صراع آخر خارج هذه الحالة الجدلية لا يعد ثورة طبقية حقيقية، او ثورة قطب الضعفاء على قطب الأقوياء، ولكنه يعد فقط صراعا على الحكم والكراسي، له ما له وعليه ما عليه، بدون ان تكون له اية مطلقية او اية قدسية. ومن هنا يحق لنا ان نتساءل ونقول: ترى هل نجد في الحراكات العربية، ابتداء مما حصل في العراق، سمة من السمات التي تدل على ان هذه الحراكات، او بعضها، يستحق ان يسمى ثورة، بكـل ما في هذه الكلمة من معنى، سواء كان ذلك على المستوى الطبقي ام كان على المستوى الأممي؟
جوابنا على التساؤل اعلاه:
اما جوابنا على التساؤل اعلاه، فيقول بأننا ربما تمكنا من ان نجد فعلا بعض السمات المشتركة بين ما حدث في الماضي، وبين ما يحدث اليوم في بعض البلدان العربية، وذلك نظرا لوجود بعض المظاهر الخداعة التي لا تمت الى الثورات الحقيقية بصلة، كما سنعرف ذلك فيما بعد، غير اننا عندما نسعى الى ان نجد الفوارق النوعية Spécifique بين الثورات الحقيقية، ومنها الثورات الاجتماعية الدينية، وبين الثورات العربية المزعومة، سوف نكتشف حقا ان لا صلة بين الثورات الحقيقية التي تكلمنا عنها كثيرا وبين ما يسمى ثورات الربيع العربي المزيفة، في حين اننا نرى ان اي انقلاب في بلد عربي شأن داخلي لا نتدخل فيه، طالما لن يكون انقلابا على طريقة الربيع العربي المزعوم، والذي يعتمد تكتيكيا، وبتدبير وتخطيط امبريالي، امريكي وأطلسي، على الخدع التي يبدو انها تنطلي، على بعض المثقفين. ومن هنا ارجو من القارئ الكريم ان يبقى معي، لكي لا نرى فقط ما يجمع بين الثورات الحقيقية وتقليدها المشبوه، ولكن لكي نرى باختصار بعض الفوارق النوعية الأساسية بين الثورات الحقيقية، وبين أشباه الثورات المعتمدة على عملية تقليدSimulation الثورات الانقلابية الجدلية الأصيلة. وكما يلي:
1 – وضوح اهداف الثورات الحقيقية موضوعيا ووجدانيا وغموض وضبابية اهداف الحراكات العربية، بتناقضاتها الكثيرة وقلة التجانس بين الثوار المزعومين.
2 – اعتماد الثورات الحقيقية على هدف واحد موحد ( اوميغا ) يجمع كل الأهداف الأخرى ويوحدها، لكي تسير نحوها القيادات والشعوب، وتحقق من هذا الهدف ما يمكن تحقيقه في مرحلة من المراحل، في حين تعتمد الثورات المزورة على الأشخاص والأحزاب والتكتلات غير الموحدة، والتي تعيش وتتحمس تحمسا طرديا، مع قوة الوعود المعطاة لها، ليس من الله ولا من الانسانية، وإنما من اعداء الشعوب، الذين قال عنهم احد الكتاب الأفاضل انهم ليسوا الأم تريزا. من هنا دأبت على تسمية هؤلاء السياسيين المتحمسين بالموعودين، الأمر الذي يفسر حماسهم وشجاعتهم الكبيرة، في حين تأتي حماسة الثوار الحقيقيين من الأعمال التي يصلون من خلالها الى التملك Appropriation التدريجي، لبنة بعد لبنة، لكل ما كان يتضمنه هدفهم الأول ( الأوميغا ) من وعود انسانية جليلة.
3 – نشير هنا بإعجاب الى تمسك الثوار باستقلاليتهم الكاملة وبسيادة بلدهم التي لا تقبل المساومة، من حيث الأهداف والوسائل، الأمر الذي لا نجده في الحراكات العربية، حتى في الحد الأدنى منه، حتى لكأننا امام اناس يسيَّرون بالرموت كنترول، كما نشعر ان هذه الجماعات خاضعة لبرنامج واحد من الفه الى يائه، قوامه التنازل عن كل ما يعتز به اي مواطن شريف.
4 – الاعتزاز بمبادئ خدمة الشعب اولا، هو ما نجده في الثورات الحقيقية، في حين لا نجد في الثورات العربية المزعومة غير الشكوى والرغبة العارمة في الوصول الى المنصب، بأي ثمن كان، بميكيافلية لم نشاهدها بهذا الزخم في اي وقت.
وهنا يبدو ان الأوطان هي الضحية الأولى لهذه الميكيافلية، بسيادتها وقوتها واقتصادها وبكل شيء عزيز فيها، في حين حولت هذه الثورات شبابها المؤدلج الى ضحايا وقرابين ووقود في سبيل ان تصل فئات معينة الى اهداف وطموحات سياسية واضحة.
5 – اما في هذه الفقرة فلابد أن نقارن بين صدق الثوار وحرصهم على الوضوح وبين اكاذيب وأضاليل وخداع الحراكات العربية في ايامنا، ومن ذلك خداع " السلمية " وخداع المسكنة، وخداع حق امتلاكهم الكلام باسم الشعب، ولاسيما فيما يخص اسقاط نظام الحكـم، في حين لا يكون للشعب فـي ذلك الحراك لا ناقة ولا جمل، حسبما نقرأ ونسمع، لأن الشعوب الحقيقية حزينة علـى ما حدث ويحدث في البلدان العربية، ولاسيما علـى ما حدث في العراق، بعد ان شعرت هذه الشعوب، ان المحتل وأعوانه كانوا ينوون ابادة العراقييـن، إلى آخر عراقي عربي.
6 – اما في هذه الفقرة فنرى كيف تعتمد الثورات الحقيقية على التناقض الجدلي، بينها وبين خصومها، معتمدة على قوة حجتها في الوصول الى مآربها، في حين نرى الثورات المزيفة تقبل بالتخادم مع الشيطان لكي تحصل على مرامها، مبررة ذلك بعدم قدرتها على الانتصار لوحدها، ومشرعنة لنفسها حق التخادم الميكيافلي بينها وبين الامبرياليين اعداء الشعوب نظريا وعمليا وواقعيا، حتى لو كان هذا التخادم يقضي بإعطاء اكثر من نصف خيرات البلد للامبرياليين مقابل العون الذي يقدمونه لهم، بعد ان يتحول الامبرياليون بقدرة قادر من امبرياليين وقتلة وسارقي قوت الشعوب الى مخلصين يستحقون الشكر والثناء.
ولكن ماذا نقول، يبدو ان البراغماتية والميكيافلية بلغت حدا ببعض السياسيين، حتى صاروا لا يتورعون من اي عمل قبيح ينفع مصالحهم.
الى اعزائنا الكتاب والمنظرين:
عندما اتوجه الى اعزائي الكتاب والمفكرين والمنظرين، فهذا يعني اني لا اتوجه اليهم جميعا، على الرغم من محبتي للجميع. ذلك انني ألاحظ وجود بعض الكتاب ممن لا يكتبون ارضاء للحق والخير العام ولكنهم يكتبون فقط دفاعا عن خياراتهم ومصالحهم السياسية الخاصة، بغض النظر عن قواعد العدل والحق.
لكن توجهي هو نحو اولئك العالقين بين ادغال الأضاليل التي صنعتها الامبريالية، وأولئك الذي يجدون أنفسهم غير قادرين على الرؤية الحسنة بسبب ما فجر اقوياء العالم الأشرار فوق رؤوسهم، من قنابل دخان التضليل، الذي حجب عنهم الرؤية الجيدة.
ويقينا ان ما يحمي حكم هؤلاء الاخوة من الضلال هو تمسكهم الشديد بمبادئ الأخلاقية السياسية الحسنة والثوابت الانسانية السليمة، دون التفات يمنة او يسرى، مهما كلفهم الأمر من اقاويل رخيصة ومن انتقادات لاذعة.
ومهما يكن من كلام فان استقامة هؤلاء الكتاب وجذريتهم fondamentalisme سوف تمنهم من امساك الحبل من الوسط، او حتى من طرفيه، ربما ارضاء لأنفسهم المترددة او امتناعا عن اغضاب احد. فالجذرية، في الواقع هي التي ستهب الحماية لجميعنا من تحكم الميكيافلية فينا والتساهل مع هذه الميكيافلية نظريا او عمليا، بهذه الحجة او بأخرى. هذا ما يقوله لنا علم الأخلاق المسؤول عن انسنة الانسان التدريجي، هذا العلم الذي ما ان يتجاوزه احد او يقفز من فوقه، حتى تسود شريعة الغاب عالمنا الانساني، كما يحصل اليوم في اي مكان تصل اليه يد الوحش الامبريالي الشرير، لكي يصح بالتالي المثل الذي وضعته عنوانا لمقالي هذا والذي يقول:
اذا كان اعمى يقود اعمى، فكلاهما يسقطان في حفرة.
هناك تعليقان (2):
صدق الله العظيم القائل :
" فانها لا تعمي الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور "....
وشكرااا
نفس الشي عندما "عميه تكحل مجنونه"(مثل عراقي)
خو ماتكدر تعتب على المجنونه شلون سلمت عينها للعميه.
إرسال تعليق