موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

السبت، 30 نوفمبر 2013

صفحات من تاريخ العلاقات العراقية الإيرانية 2.. الدبلوماسية الايرانية اعتبرت الجالية الايرانية في العراق بمثابة طابور خامس لها

المستشار حكيمي
الجزء الأول هنا.
وجهات نظر
ترجمة: نواف شاذل طاقة
في الجزء الثاني والأخير من مذكرات القائم بالاعمال الايراني في العراق، هاشم حكيمي، يتحدث الدبلوماسي الايراني السابق عن موقف بلاده من الجالية الفارسية المقيمة في العراق، والدور الذي يجب أن تضطلع به في خدمة ايران.

ولا بد من القول في هذا الصدد، بأن هذه الجالية، بما في ذلك العراقيون من أصول فارسية، لم تشهد أوقاتا أكثر ازدهاراً وبهجة مما هو عليه الحال اليوم في العراق حيث يتبوأ العديد منهم مواقع مهمة وحساسة في بنيان الحكومة العراقية حتى صار الانتساب إلى الأصول الفارسية ميزة يتشدق بها المسؤولون في عراق اليوم. وقد كان الانتماء إلى الأصول الفارسية عبر مئات السنين موضوعا شائكاً ومثيراً للجدل تباينت حدَّتُه تبعاً للتأثير الذي وقع تحته العراق. فعندما كان العراق يرزح تحت النفوذ الفارسي كان الفرس المقيمون في العراق، والعراقيون من أصول فارسية، ينعمون بمعاملة تفضيلية غالباً ما تضعهم فوق العرب. وفي المقابل، وعندما كان العراق يرزح تحت النفوذ العثماني تنقلب الآية ويصبح الانتماء إلى العرق التركي أفضل شأناً.
وفي كلا الحالتين كانت حقوق العرب الذين كانوا ومازالوا يشكلون الغالبية العظمى من سكان العراق مهضومة.
في هذا السياق، أود أن انقل للقارئ الكريم ترجمة ما كتبه القائم بأعمال سفارة إيران الأسبق في بغداد (1963-1967) المستشار هاشم حكيمي عن موقف بلاده من مسألة الرعايا الفرس القاطنين في العراق وذلك في مذكراته الشخصية التي نشرها سنة 2003 حيث يقول ما يأتي تحت عنوان "مسألة العراقيين من ذوي الأصول الإيرانية":
السفير بيراسته
بعد عودته (إلى بغداد)، قال لي (السفير) الدكتور بيراسته، أنه في ضوء المسؤوليات الاكثر أهمية الواقعة على عاتقه، فإن ليس لديه ما يكفي من الوقت لمتابعة ما يدور من أعمال مكتبية في السفارة وأن عليّ أن امضي قدماً بمسؤولياتي كما كان عليه الأمر بالسابق (عندما كنت قائماً بالاعمال). وقد كان هذا الأمر مدعاةً لبهجتي. وهكذا تم اعداد البريد إلى طهران كما جرت عليه العادة حيث اكتفى السفير بالنظر اليه سريعا وتوقيع الكتب والتقارير السياسية التي دأب موظفونا على كتابتها بالتشاور مع السكرتير الأول بالسفارة الدكتور بارويز زولين ومعي.
وكان الدكتور بيراسته منشغلا في معظم الأوقات مع العقيد بيجمان (ممثل السافاك) ومع ضباط الارتباط التابعين لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
وكان السفير دائم التردد على مدينتي كربلاء والنجف حيث يلتقي بجميع رجال الدين. ولم أرغب على الاطلاق في التعرف على ما كان يدور بينه وبين رجال الدين هؤلاء، لأنه كان في أغلب الاوقات على عكس ما اتسلمه من ايجازات.
ولكن في احد الايام استدعاني السفير الى مكتبه حيث كان العقيد بيجمان قد أصبح جزءاً ثابتاً من أثاث مكتبه، وبدأ في نقاش مطول بشأن وجود العديد من الرعايا الإيرانيين (والعراقيين من الأصول الفارسية) في العراق معتبراً أن ذلك يخلق مشكلة كبيرة لنا. وأضاف السفير بأن هؤلاء لم يكونوا مجرد ثقل على كاهلنا، لكن وجودهم منح العراقيين وسيلة للضغط علينا من خلال استخدام الايرانيين الشيعة كوسيلة لمقايضتنا. وعليه قرر السفير عودة هؤلاء جميعا إلى ايران.
أضاف السفير أنه وبمساعدة ممثل السافاك في السفارة العقيد بيجمان فقد تم إعداد نموذج خاص سيتم طباعته بآلاف النسخ، حيث ستقوم القنصليات العامة في بغداد وكربلاء والبصرة بتوزيعه على المستحقين.
بدت علامات النصر واضحة على وجه العقيد بيجمان حيث عبَّر عن دعمه لفكرة السفير هذه المتفردة في عظمتها.
استغربت كثيرا لما جاء على لسان السفير، وكعادتي لم يكن بوسعي إلاّ أن أدلي بدلوي، حيث أبديت ملاحظاتي على خطته: إن الأمر الذي لم يستطع السفير أن يفهمه إطلاقا هو أن وجود جالية إيرانية كبيرة في العراق كان بحد ذاته رادعاً يبعدنا بعض الشيء عن العراقيين. إن عودة الإيرانيين إلى بلادنا سيسعد العراقيين كثيراً وسيجعلهم ممتنين لنا، حيث سيكون بوسعهم أن يفعلوا ما يشاءون. وإن كان الإيرانيون المقيمون في العراق مصدر ازعاج لنا فإن ذلك خطؤنا لأننا لم نعتنِ بهم كما ينبغي بل أسوأ من ذلك، فقد أهملناهم لسنوات طويلة وتركناهم وحيدين في مواجهة السلطات العراقية دون أن نقدم لهم أي عون أو دعم. وعوضاً عن ترحيلهم إلى إيران، هذا إذا ما كنا قادرين على ذلك، ينبغي علينا أن نُنظم صفوفهم وأن نستخدمهم كطابور خامس لنا في العراق. والحقيقة فإن العراقيين كانوا يرحلونهم لأبسط الاسباب.
لقد كان من شأن خطة السفير أن تدفع بالعراقيين إلى ترحيلهم جماعيا. وحتى إن نجحنا في اعادتهم إلى ايران، فهل سنقدر على إيوائهم؟ وما هي الخطة اللوجستية المعدة لتوفير وسائل العيش المناسبة لهم؟ وما هو البرنامج الذي ستوفره لهم الحكومة؟ وما هي الخطط المعدَّة لتعليم أبنائهم؟
أجاب الدكتور بيراسته بأن كل شيء قد تم اعداده، إذ سيتم إيواء المُرحَّلين في ثكنات قام ببنائها للمشردين قبل فترة من الزمن! وأن وزارة العمل وعدته بأن تجد لهم عملاً. كما ستقوم وزارة التربية بتوفير المدارس اللازمة لهم. ولن تكون هناك أية مشكلة.
وفي ضوء إطلاعي على الامكانيات والقدرات المحدودة لحكومتنا، فقد كانت الفكرة بالنسبة لي ضرباً من الخيال ولم يكن بوسعي قبولها. وقد اعتقدت بأن الفكرة كانت كمن يجري وراء السراب.
وقد حاولت التأكد في حديثي مع السفير إنْ كان قد أخبر السلطات في طهران بأنَّ عليهم أن يتعاملوا مع مئات الألوف من الرجال والنساء والأطفال؟ أو ربما يعتقدون بأنهم ليسوا أكثر من بضع مئات؟
وقد كانت قناعتي بأننا سنفتح علينا صندوق العجائب، ولحين بدء هذه العملية، لن يكون بوسع أي شخص معرفة عواقبها. وكنت على ثقة تماما بأن سفارتنا وقنصلياتنا العامة سينتهي بها الأمر إلى كارثة لا يمكن تفاديها.
وقد استمر الجدل بيننا لبعض الوقت. غير أن السفير وصاحبه الجديد لم يكونا على استعداد للاستماع إلى لغة العقل. وقد ضقت ذرعاً في نهاية المطاف، وقلت لهما بكل صراحة إنه من وجهة نظري فإن هذه الخطة ستخدم العراقيين وعليه سأعتبرها بمثابة خيانة للبلاد ولشعبنا. إضافة إلى ما تقدم، فإني لن أكون طرفاً في هذه الخطة وسأرفض أن أضع توقيعي على أية وثيقة ذات صلة بتنفيذها.
لم ينبس الدكتور بيراسته ببنت شفة لكنه مضى قدماً، برفقة العقيد بيجمان، في تنفيذ الخطة. وتم الانتهاء من طباعة النماذج ووزعت على الجالية الإيرانية من جانب قنصلياتنا العامة. وتم تكديس الايرانيين في حافلات وأعيدوا إلى إيران.
وكان على الدكتور بيراسته أن يقوم بزيارات مكوكية بين طهران وبغداد في مسعى لمعالجة المشكلة الكبيرة التي صنعها.
لم يتم تهيئة أي شيء للعائدين، ولم تكن هناك مرافق لسكنهم، ولا أية مدارس، ولم تكن هناك أية خدمات إطلاقاً. لقد حدثت فوضى وكانت كارثة بكل معنى الكلمة.
أما أولئك الذين حاولوا العودة إلى العراق فقد رفضت السلطات العراقية قبولهم ثانية. وبقي الآلاف عالقين على الحدود في إيران. ولم يكن بوسع المدن الحدودية الصغيرة ان تواكب أعدادهم مما تسبب باضطرابات ومناوشات مع حرس الحدود والسلطات الإيرانية.
واحتجاجاً على هذه الأوضاع، جاء بعض العائدين إلى بغداد لغرض احتلال مبنى السفارة. ولحسن الحظ كنت قد غادرت بغداد في اجازة طويلة لم أعد بعدها إلى العراق.
سمعت بعدها من زملائي بأن الوضع قد ساء كثيراً وبات خارج السيطرة مما اضطر السفير إلى الهرب من الباب الخلفي لمكتبه. وكان على السفارة أن تتصل بالشرطة العراقية لغرض تفريق المتظاهرين وطرد الايرانيين من سفارتهم!

والحقيقة، فقد تمكن بعض منهم ممن كان له أقارب في إيران بالبقاء في البلاد. ولكن المشكلة كانت وما برحت بأن ولاء هؤلاء المواطنين بقي موزعاً بين حكومتي العراق وايران. ويرجع أصل مشكلة "الموفدين" كما يطلق عليهم اليوم إلى التصرف الأخرق للسفير الفج، الدكتور سيد مهدي بيراسته، بتشجيع وتنسيق من العقيد بيجمان حيث خلقا سابقة جديدة لم تكن معروفة من قبل.

هناك تعليقان (2):

Saad Saad يقول...

و اعتبــرت العــراقييــــن خـلاصـــه الــعــدو ..

غير معرف يقول...

كسر بجمع ولو الموضوع يحتاج دراسة وتبحُر .عبر 35 سنة كان على البعث حتى يدفن هذا الموضوع للابد ان
1- يحقق مرجعية عربية في النجف
2- ولشديد العلاقة.وضعية عضوية موضوعية
بين الناحية الطائفيةمن ناحية والفارسية العربية من ناحية اخرى .ان يشجع البعث بشتى الوسائل التزاوج السني الشيعي و يعطي حوافز مالية-مادية
لكن الزمن فات وفقدت الفرصة وضاع البلد وليس لدي ما اقول سوى انا لله وانا اليه راجعون

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..