وجهات نظر
أبو الحق
لم يأت التفجير الإجرامي الذي ضرب منطقة المجموعة الثقافية أمس كمفاجأة كاملة. الخسائر التي نابت الأهالي والمحلات المجاورة لموقع التفجير كانت مؤلمة جداً بقدر ما هي غير متوقعة من قبل الناس الآمنين و (الشرطة) الخانعة لكن التفجير كان متوقعاً من دون تخصيص، حجمه وإحداثياته كانا غيباً على الجميع إلا المنفذون أنفسهم فهو أمر دُبّر بليل صفوي.
منذ ظهر قيس الخزعلي قبل يومين متظاهراً بأنه (يتنبأ) بموجة عنف ستجتاح العراق كما هو الحال في سوريا والجريمة هذه على بالي. في حقيقة الأمر فالمجرم الخزعلي كان يذرُّ الرماد في العيون عبر إطلاق هذا التصريح الذي (يمهد) للصورة المقبلة فيجعله كمن يتنبأ لا كمن هو متورط ، كذا يحسب . كان يعطي الأوامر لعملائه من خلال خطابه القصير بتحضير هجمات ضد المناطق (السنيّة) من خلال تصريحاته وتلميحاته عن (خبرة) عصابته بالإجراءات (الأمنية) لذا جاءت هذه الجريمة كنوع من (نقل العنف إلى مناطق العدو) كما هو واضح، لكن ما تراه يكون مطعم (أبو يحيى) ضمن راكور الإرهاب الصفوي والقاعدي الذي يجتاح العراق كله؟ ما جريرة الناس الآمنين الذين خطف التفجير أرواحهم؟ ولماذا في محرم الحرام؟
لم يتأخر عملاء الخزعلي من عصابات الباطل التي تتسمى بعصائب الحق كثيراً بالتنفيذ، فهم متواجدون دوماً في الحزام الذي يطوِّق الموصل من جهاتها الشرقية والشمالية وصولاً لشمالها الغربي وعلى مبعدة كيلومترات فقط لا تبلغ العشرة من جهة الشمال.
ليس هناك من توصيف آخر يمكنني توظيفه للنأي عن الهوية المذهبية هذه فهي حقيقة الأمر التي لا تتحمل المداهنة أو التزويق .. إنها قرى (شيعية) وهي توفر (حاضنات للإرهاب الحكومي والميليشياوي) كما هو واضح، فالمجرمون هؤلاء ينطلقون من هناك ويعودون لذلك الركن البعيد الدافئ، فمقراتهم مخفية داخل هذه القرى القريبة جداً من مركز الموصل، تحت ظل حماية وحدات من الفرقة الثانية لهم، فالدخول لتلك القرى محظور إلا لمن هو من أهلها ويحمل (جواز) المرور، بينما الموصل كلها مشرعة الأبواب من كل الجهات لكل من هبّ ودبّ، لا تفحّص لهويات الداخلين ولا تصوير للعجلات الداخلة ولا إجراءات أمنية لتنظيم دخول المدينة، المدينة بالذات ولا أقول المحافظة كلها، كما هو حال الأكراد في إقليمهم كله، كله وليس محافظة واحدة كأربيل فحسب.
أنت إن رمت دخول كردستان لزمك أن تستجلب عائلتك معك وإلا فالدخول ممنوع للعزاب، وفي كل الأحوال فأنت تمر بإجراءات تدقيق أطول من إجراءات إجتياز معبر طريبيل إلى الأردن، وهذا الإجراء معمول به منذ ذلك الهجوم على مقر الأمن بالشارع الستيني في أربيل ولم يكن أقل قبلها لكنه لم يكن يشمل شرط العوائل فقط للدخول، ولكنك لا تجد لهذه الإجراءات مثيلاً في الموصل، رغم أن اليوم الواحد يشهد عدة تفجيرات أقلها قوةً وعصفاً هو أقوى بكثير من تفجير أربيل اليتيم ذاك، أو تفجير بوستن الماصخ ذاك الآخر والذي جعل الأمريكان يذرفون أطنان الدموع لأجل ضحاياه من المهرولين والعدائين، كم تتصور عدد الخسائر هناك؟ لكن الكاميرات التي صورت ساق أحد المصابين المقطوعة (وهي مفبركة كما اتضح لاحقاً) تشخب دماً لا أخت لها لتصور أشلاء الضحايا هنا!
لماذا يا ترى؟
لماذا هذا التناقض بالأوضاع والإجراءات بينهم وبيننا؟
من يتحمل المسؤولية سوى قوى الأمن ومجلس المحافظة؟
ولكن من جهة أخرى، ماذا تعني كلمات (يتحمل المسؤولية، نستنكر، ندين)؟
هل حصل يوماً أن تم تحميل مسؤولية منهنّ على شخص منهم؟ وهل تكفي حياة المسؤول منهم في حالة تحميله المسؤولية فعلياً وإحالته للقضاء العراقي غير النزيه (ولو تم صلبه .. ولو تم حرقه) للتعويض عن خسارة الضحايا أولئك؟
في إستكمال آخر لـ (ثارات الحسين) التي لا تنتهي إلى يوم الدين طالما هناك مجرمون يحتاجون لعنوان كـ (الحسين) يبرر إجرامهم ويمنحه الشرعية بين أهاليهم وعشائرهم الجنوبية والوسطى، (الحسين) الذي إبتلي العراقيون بإسمه، وليس الإمام الحسين الحقيقي، كما لم يبتلي اليهود الذين أسلم أجدادهم عيسى المسيح للصليب (إن أخذنا بالرواية المسيحية) ومع هذا لم نسمع بمسيحي واحد يطلب بثأر المسيح من اليهود عبر التاريخ، لكن هؤلاء يطلبون الثأر من كل الناس، إلا أنفسهم، وهم أنفسهم هم أحفاد القَتَلة، وهم أحفاد الخَذَلَة، فأصبح (الحسين) عباءة ظلام تلف العراق شهراً بالسنة وأياماً من كل شهر، وجواز قتل لكل مختلف بالمعتقد ورخصة تفجير للأسواق والجوامع والأسواق ودريئة منيعة يستتر وراءها كل دجال ومنحرف شهواني، وحجة خيانة للعراق كله.. أقول: في إستكمال لمهزلة (ثأر الحسين) الأزلية تم أمس تفجير مطعم أكلات متنوعة ذي شعبية عالية لدى مرتادي شارع الجامعة بالموصل وما أكثرهم، والشارع نفسه هو أكبر مركز تجاري وحضري في مدينة تحتضر منذ سنين فلم يبق لها إلا شارع الجامعة هذا يضم الشباب والأهالي الذين تلزمهم حاجات مكتبية أو كومبيوترية أو ملابس وهدايا ومطاعم مما ينتشر على طول الشارع الذي تتواجد فيه سيارات الجيش والشرطة أكثر مما تتواجد في أي مكان آخر بالمدينة، ومع ذلك فهو يشهد التفجيرات مرةً إثر أخرى، ولا تجد (السبتايتلات) تذكر ذلك غالباً، فالعراقيون لا بواكي لهم لأن البواكي محجوزات للحسين، حجز الراقصات في الموالد المصرية!
لماذا لا يصار لتوثيق صور القتلى والجرحى وبثها للعالم كله كي يعرف ماذا يرتكب أصحاب (المظلومية) من إجرام وكي يعرف العالم أيّ شيء أبدلوا صدام حسين ونظامه به؟! الحسين مات في بحر ربع ساعة لا أكثر لو أردنا أن نفكر بالموضوع كما ينبغي له أن يكون عليه، لكنهم جعلوها أياماً والجيش الأموي يقارب السبعين نفراً ومن ثم يفارقهم! ويرافقهم للموصل ومن ثم يعود بهم للطف (!!) كما لو كان غزل جواميس في موسم التكاثر وليس مجرد صولة خاطفة إنتهت من قبل أن تبدأ، لكنهم وبدجلهم الروزخوني جعلوها مسرحية شكسبيرية ألقيت فيها قصائد وعتابات وترجّيات لشرب الماء تبتغي السلامة بكل حجة ممكنة، وجعلوها تحفل بأسماء القتلة الثلاثية مع لقب العشيرة والإنحدار الطبقي وبسيرتهم الذاتية في مكان وزمان لم يكن يهتم بهكذا تفاصيل ولا سجالات الحرب كانت تسمح بها! وأنت لا تعرف من مِن بين الحاضرين هناك حفظ تلك القصائد والخطب ذات العبارات التي لا قاموس يفهمها، في موقف عصيب كذاك حيث الرؤوس تتطاير والسهام تنهمر وتخترق والأطفال يتباكون فيما القتلة يطعنون ويصرخون كالهنود الحمر! لكنهم جعلوها (إلياذة) صفوية هي الأخرى، وألّفوا فيها (مقتلاً) جعلوه صابونة تغسل أذهان البسطاء هؤلاء، وتزرع فيهم الحقد والحزن العبثي السرمدي، حزن لا يثمر ولا يرتقي بالنفوس بل يحيلها لمرتبة العجز والإحباط ويتجاوز على المنطق والعقل عبر التباكي على الإستشهاد بدل الإبتهاج والفخر به!
لا التفجيرات تتوقف في هذا الشارع وفي هذه المدينة، ولا الجيش يقلع عن تواجده الخاكي اللون (الجائف) الطعم والرائحة هناك، ومثل حال الجيش هذا هو حال الشرطة هناك فهو مجرد تسكع وطلب خاوات (أتاوات) من أصحاب المصالح، وهو إرهاب شوارعي لطرد السيارات المركونة عبر المنبهات المجنونة ومكبرات الصوت ولا أحد يعرف سرّ إهتمام الجيش والشرطة بهذا الشارع بالذات بينما هو في حقيقته لأجل الخاوات لا غيرها على قاعدة (على قدر قيمة المبيعات والإيجارات تأتي الجرائم) وإلا فلماذا لا يتواجدون هكذا في شارع الفاروق أو شارع النبي جرجيس؟
إن كنتم لا تقوون على حماية الناس ولا حماية أنفسكم يا بيادق المالكي فلماذا لا تعودون لأهاليكم السفلة الذين أنجبوكم وبالتطوع أقنعوكم؟ علام تواجدكم الثقيل؟ لأجل أي شيء؟
(مطعم أبو يحيى) يقدم أكلات شعبية كالفلافل ومن ثم الكبة وبقية أكلات البوفيهات الموصلية لذا فهو مطعم صغير الحجم لكنه مزدحم دوماً. لم يسلم من (الشرطة في خدمة الشعب) فقد تم إعتقال الرجل وإيداعه السجن قبل سنة تقريباً لأنه إحتج على قيام ضباط الشرطة بإرسال مرتزقتهم إليه كل ساعة من النهار لجلب الوجبات (المجانية) لهم وبشكل فاق المعقول. فات الرجل أن يبحث في الموسوعة البريطانية عن مواصفات (الربع) هؤلاء وإلا لكان أدرك أنّ معدة الشرطي، في زمن الديمقراطية خصوصاً، هي عبارة عن كونٍ مصغر ليس له شكل هندسي أو رياضي، معدة الشرطي الديمقراطي ليس لها أبعاد يمكن إحتساب الحجم من خلالها، وشهية الشرطي الديمقراطي للسحت لا يتغلب عليها شبق العاهرة فهذا له حدود وإكتفاء لكن شهيتهم لا، لذا قال فيهم المثل (إذا سقطت المرأة أصبحت مومساً وإذا سقط الرجل أصبح شرطياً ديمقراطياً)، وتتمة المثل التي يلزم إضافتها هي: إذا سقط الشرطي (الديمقراطي) هذا بدوره أصبح ميليشياوياً طائفياً صفوياً خزعلياً أو بطاطياً، ليس مهماً أي منهم فهم في السقوط سواء! فممّن يرتجي "أبو يحيى" الفرج والأمن؟ من الشرطي (الديمقراطي) وضابطه ذاك في مركز أبي تمام قبالة جانب الجامعة الجنوبي؟ أم من العصابات التي تطالبه بدفع غرامة مالية شهرية وإلا تم خطفه وإغتياله؟ أم من عملاء إيران الذين لا يكترثون كم من أهل المدينة سيسقطون في تفجير المطعم فهم ينفذون أجندة بدأت طلائعها مع منشور يطالب من يصعدون المنابر في هذه المدينة بالتباكي على الحسين وزينب وإلا فالتصفية تنتظرهم!
يا للحسينٍ وزينب أصبحا أرباباً لهؤلاء العملاء وآلهة يُعبَدون من دون الله! وحاشاهم.
يا لعليّ وفاطمة أصبحا هبل واللات والعزّى، ومناة الثالثة الأخرى! وحاشاهم.
يا لعراق أخضر مكتس بالنخيل لكنهٍ إحترق من يوم تم نقل الخلافة للكوفة فيه وأصبح مرتعاً لقبائل منحطة تعيث فيه فساداً كقبائل الزولو الأفريقية، وأصبح مزرعة مزارات ومراقد تضم تربة بائدة لا فرق أصلاً بينها وبين تربة ماو أو خوليو أو فاسيلي من أيّة مقبرة في الصين أو الأرجنتين أو روسيا، فالموت هو المسوّي الأعظم لكن من يملك أن يبرمج عقول هؤلاء السفلة بهذه الحقيقة ؟! مَن؟
هنيئاً لكم مقتل عوائل بأكملها وشباب محبوس أصلاً في عراقكم الذي أصبحت الحياة فيه موتاً من نوع آخر بفضل موالاتكم (للحسين وأحفاده).. شباب لم يتبق لهم سوى أكلة فلافل يرتجون أن تجعلهم يغفلون عن واقعهم المزري، وبضعة خطوات يخطونها في شارع تجاري هو أرض حرام كغيره من الشوارع، ورشفات من الشاي قبل أن يعودوا لبؤس الحياة من جديد، ومع هذا لم يسلموا من تبعات موالاتكم لأهل البيت الصفوي الإيراني، هنيئاً لكم هذه الجريمة الإضافية أيها الخزعلي ومعك البطاط والمالكي والجعفري وبقية العصابة الحقيرة من زبالات النطف البشرية، لكن بشّر القاتل بالقتل، لكنّ الله غالب على أمره، ولكن المشانق تنتظر رقابكم بقوة الله..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق