موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013

المنسيـون فـي ‘الحرب على الارهاب’

وجهات نظر
هيفاء زنكنة
افتتح رئيس بلدية مدينة نيويورك، منذ ايام، البرج الاداري الاول الذي تم تشييده في موقع مركز التجارة العالمي القديم الذي تعرض للتفجير في 11 سبتمبر عام 2001. ووصف المبنى بانه جزء من النمو المستمر للمدينة وحلقة للتواصل بين المدينة ‘والمواطنين الذين يعيشون ويعملون في هذا الحي’. 

المعروف ان المبنى بات جزءا من الذاكرة الجماعية للعالم. فتفجير المبنى القديم كان نقطة الانطلاق لفرض الشرعية الإعلامية على غزو افغانستان والعراق واحتلالهما وتدميرهما، عبر سياسة ‘اما ان تكون معنا او انك ضدنا’ أو، كما تم تسميتها بلهجة اقل حدة، سياسة ‘الحرب على الارهاب’. وهي السياسة التي باتت سمة الامبريالية الجديدة. ان تؤدي دورها كشرطي عالمي ‘ نظيف’ يعتمد في تنفيذ أغلب عملياته الإخرى على مستخدمين محليين، مقابل توفير الحماية لهم ولاحزابهم، أو كتلهم، كما بات يعرف في العراق في مرحلة ما بعد الغزو. 
وبينما تواصل الادارة الامريكية واجهزة الاعلام، في ارجاء العالم، بدرجات مختلفة، حلب كل ما يمكن حلبه من تفاصيل عن ضحايا التفجير، وبضمنها الاسماء وتواريخ الميلاد والزواج والوظيفة والعواطف وحالات الكآبة النفسية التي يعاني منها ذوو الضحايا الامريكيين، يتم دفع ضحايا ‘الحرب على الارهاب’، في العراق وافغانستان، الى زاوية مظلمة من الذاكرة، كأسلوب ‘حضاري’ لنسيان وجودهم كبشر، وتحويلهم باحسن الاحوال، الى مجرد ارقام لا تعني شيئا. وتتكفل ازدواجية المعايير الاخلاقية والقانونية بمسح كل ما قد يوحي بانسانية ذويهم من الرجال والنساء.

وتتسع ازدواجية المعايير حسب درجة تبرير المساهة ب ‘الحرب على الارهاب’. والسائد والمألوف هو تشريع قوانين محلية تعكس السياسة الامريكية بالوكالة. ففي العراق، مثلا، هناك المادة اربعة مكافحة الارهاب التي تخول السلطة او ميليشياتها الحق المطلق باعتقال من تشاء وتعذيبه لاستخلاص المعلومات الى ان يعترف بتنفيذ ما يريدون منه من جرائم لا مرة واحدة بل عشرات المرات. وقد وثق محامون عراقيون أن اربع وجبات من المعتقلين قد إعترفوا بجريمة تفجير واحدة، في المنطقة الخضراء، وتم إعدامهم. 
واذا كانت للاعتقالات بالعراق، اخيرا، نكهتها المتميزة بمحليتها، بعد انسحاب قوات الاحتلال جزئيا، فلا ننس أن معتقلي شرطي العالم الامريكي، لا زالوا بالمئات وربما الالاف لامتداد قبضة هذا الشرطي تحت ولاية أوباما، لاعتقال من تشاء، في جميع ارجاء العالم، ومع ابقاء معتقليها منذ سنوات منسيين في غياهب سجون معروفة وسرية. 


اشهر المعتقلات هو غوانتانامو الذي أسسته امريكا في كانون الثاني/ يناير 2002، وكما قال وزير الدفاع، في ادارة بوش، دونالد رامسفيلد ‘لاحتجاز السجناء الخطرين مضاعفات خطيرة للغاية، ويجب الاعداد الامثل لاستجوابهم، ومحاكمتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب.’
ولأنه يقع خارج المساءلة القانونية الامريكية، مما يعني انه مكان منفتح على كل الممارسات اللاانسانية بحكم الحصانة القانونية للمحققين وقوات الحماية والسجانين.
وقد قامت ويكليكس بنشر 779 ملفا سريا عن معتقلي غوانتانومو في 2011. وكان الرئيس اوباما قد تراجع عن وعده باغلاق المعتقل والغاء برامج الاعتقال غير القانونية، اثر انتخابه رئيسا، بحجة معارضة الكونغرس. وهناك، الآن، 164 معتقلا، بعضهم مر على اعتقاله حوالي 12 عاما ومن بينهم البريطاني شاكر عامر الذي تم اختطافه ونقله الى غوانتانامو عام 2001. والمعروف ان حالات انتحار المعتقلين كانت، حسب شهادة عدد من الحراس، تمت بعد تعرضهم لما يطلق عليه مصطلح ‘تكنيك الاستجواب المحسن’ والتي اقرها بوش باعترافه هو، اذ قال في عام 2010 ‘جو تينيت ( رئيس السي آي أيه) ان كان مسموحا له استخدام تقنية الاستجواب المحسنة، وتشمل تمثيل الاغراق، على خالد شيخ محمد فقلت له طبعا‘. وكانت النتيجة تعريض خالد شيخ محمد الى غطس الرأس بالماء، الى حد الاختناق، 183 مرة.
كتاب حياة في الظل
وفي الإطار المؤلفة
واذا كان العالم قد عبر عن غضبه لتفجير مركز التجارة العالمي بنيويورك وعن وقوفه بجانب ذوي الضحايا معنويا وماديا، فان مصاب معتقلي وضحايا ‘الحرب على الارهاب’ بقي مطويا تحت عباءة النسيان الا من اصوات قليلة تتعالى، بين الحين والآخر، مطالبة بالعدالة ورفع الغبن عنهم، من بينها صوت الصحافية البريطانية فيكتوريا بريتن التي كرست كتابها الاخير ‘حياة في الظل’ لشهادات زوجات معتقلي غوانتانامو، او حسب الادعاءات الامريكية، نساء ‘الارهابيين’. تقودنا قراءة الشهادات الى تفاصيل نوع جديد من التعذيب تمارسه الحكومات المشاركة في حملة ‘الحرب على الارهاب’ الخارجة على القوانين والاعراف الدولية والسلوك الانساني تحت ذريعة حماية الأمن القومي لا ضد المعتقلين الابرياء فحسب ولكن ضد عوائلهم ايضا. فعلى النساء يقع عبء مواصلة الحياة اليومية، ورعاية الاطفال، والركض وراء اي امل يقرب امد اطلاق سراح زوجها. كل ذلك يأتي على حساب صحتها وسلامة عقلها في عالم يكاد لا يراها ولا يعترف بوجودها. ان قراءة شهادات زوجات معتقلي غوانتنامو تقرب العالم من فهم ما تمر به زوجات المعتقلين والمحكومين في افغانستان والعراق وفلسطين، اي الدول التي تباركها الادارة الامريكية وبريطانيا، بنشر ‘ديمقراطيتها’ عن طريق الاحتلال والتهجير والاعتقال. 
لقد اثبتت سنوات حكم الرئيس اوباما، كما هي سنوات حكم بوش وكلينتون وريغان ونيكسون وبقية الرؤساء الامريكيين، بان السياسة الامريكية واحدة مهما اختلف الرؤساء، مبنية على العنصرية والاستغلال الامبريالي، وعلى خلق عدو مرحلي يستفاد منه لتسيير تلك السياسة. ولايمكن تنفيذ هذه السياسة بدون الحاكم المحلي الفاسد والمستبد في آن واحد. أما مسؤولية التغيير الديمقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية، محليا ومن ثم بناء الجسور بين الشعوب، فانها لن تتم الا من قبل الشعوب نفسها، عبر نضالاتها اليومية المستمرة ومبادراتها، على كافة الاصعدة. ولعل اكثر العوامل توحيدا للناس هو العمل على احترام حقوق الانسان بعيدا عن الانتقائية وتبريرات الانظمة المسوغة لاقسى المعاملات المهينة وللظلم بلا حدود بحجة الدفاع عن الأمن القومي.

ملاحظة:
نشر المقال هنا.

هناك 4 تعليقات:

Om Yassen Aldolamy يقول...

اعتقد استاذ مصطفى ان العراقيين دفعوا ثمن الحرب على الارهاب رغم انهم ليس طرفا فيها ولكن الاعلام العربي فاشل في بيان مايعانيه العراق من مآسي جراء الاحتلال الامريكي

Baydaa A. Al-azzawi يقول...

واقع مرير.

Nour Gutiti يقول...

هل يوجد إعلام عربي؟
أعتقد أنه غير موجود.

Ibrahim Shaba يقول...

الاعلام العربي موجود... ومعروف بأنه أغبى أعلام موجه من قبل الساسة والحكام ألعرب , واعلام مدفوع الثمن عدا ألاصوات الحرة ألشريفة المختنقة بين زحمة زعيق الابواق المأجورة , وسنبقى نردد لابد لليل أن ينجلي .. مع ألأسف

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..