وجهات نظر
عمر الكبيسي
منذ عشرة أشهر خرجت جموع حاشدة وغفيرة بتظاهرات واعتصامات في ست محافظات، لديها حقوق تطالب بها وتعاني من مظالم تنادي برفعها، كما أن مظاهرات واحتجاجات لاحقة شملت معظم محافظات العراق وبكثافات متباينة تطالب بحقوق وتعترض على مظالم، ولكن جميع هذه التظاهرات والاعتصامات بشكل عام جوبهت بردود فعل معاكسة ومناهضة، تفاوتت في غلظتها بين القمع والمواجهة العسكرية، الى التهميش والتفتيت وعدم الإصغاء والصمت.
وقد اثمرت ردود فعل السلطة المتفاوتة بالغلظة بين شد ولين وقبول ورفض الى خلق ردود فعل لدى المتظاهرين وناشطي الحراك الشعبي، في طبيعة المطالب وتصعيد سقفها الى حد المطالبة بإسقاط العملية السياسية والدستور والحكومة، التي لم تستجب لأبسط المطالب. وقد انعكس هذا الموقف في حالة من التوتر وعدم الثقة بين السلطة وسواد المجتمع في المحافظات المعتصمة، وتفاقم حالة التوتر الأمني في هذه المناطق، والمزيد من تدهور البنية التحتية والخدمات الاساسية.صحيح أن الاعتصامات بدأت في الأنبار على أثر ملاحقة وزير المالية رافع العيساوي وحمايته والتفاف المتظاهرين تعاطفا مع موقفه حين اعلن استقالته، واعترافه بفشل المشاركة في تحقيق مطالب الناخبين، المسبوقة بحادثة طارق الهاشمي ومضاعفاتها، وصحيح ان بعض الوزراء قدموا استقالاتهم وان نوابا حرصوا على تبني خطاب المتظاهرين بخطابات ثورية وحضور متواصل، لكن بمرور الزمن وانسيابية الأحداث وعدول الوزراء عن الاستقالة ومحاولة الساسة سحب الحراك وابتزازه لتبني اجندات مناطقية وحزبية وسياسية خطيرة، كمشروع الاقاليم والترويج لانتخابات مجالس المحافظات، وما ترتب على ذلك من مضاعفات لاحقة، أدركت جماهير وقيادات الحراك خطورة اختراق الساسة والشركاء في العملية السياسية للحراك، وانتبهوا لخطورة الظاهرة، فتحول الحراك الى غربال للتخلص من عوالقه التي تهدد استمراره، واثبتوا القدرة على الصمود والاستمرار بالتظاهر والاعتصامات، من خلال هيئات تنسيقية تمثل عموم ساحاتها مسؤولة عن توحيد الخطاب والفعاليات، والتفاوض والإعلام . فيما عاد الساسة الى ديدنهم القديم، منهم من استمر بمنصبه في حكومة المالكي وآخرون سحبوا استقالاتهم وعادت لهم امتيازات مناصبهم، فيما نشط قسم آخر لترتيب مستقبله السياسي وتأمين موقعه في الانتخابات القادمة والمشاركة فيها، على الرغم من اعترافهم بفشلهم في تحقيق شيء ملموس لناخبيهم .
في ظل أجواء الأزمات الأمنية وتفاقم عمليات العنف والتفجيرات وإعادة تنشيط فعل المليشيات والتنظيمات العسكرية المسلحة، وانعكاس احداث سورية، وتفــــاقم النفوذ السياسي والأمني الإيراني في الساحة العراقية، واستشراء الفساد الاداري والمالي والأمني، والاستهداف الممنهج لتعطيل الصلاحيات التشريعية لمجلس النواب، واختراق القضاء وفقدان التـــوازن في القيادات الأمنية، والتفرد بالسلطة من قبل المالكي وحـزبه، إضافة الى عدم الاستجابة وتهميش مطالب المعتصمـــين والمتظاهرين وطبيعة الخلاف بين الكتل السياسية وفشلها في تشريع قانون انتخابات رصين وقانون أحزاب متين، وفي ظل محكمة اتحادية مسيّسة، في ظل كل هذه الأزمات الشائكة والظواهر المنحرفة، يكثف الشـــركاء جهودهم من أجل إجراء انتخابات تضــمن مصالح الجميع وامتيازاتهم.
ما يثير الدهشة والاستغراب لدى المراقبين اليوم هو حجم الجهد المكثف من قبل شركاء العملية السياسية وكياناتها المنقسمة على المشاركة في الانتخابات والتهيئة لها قبل اشهر عديدة من موعدها، بخطابات وذرائع التجديد او الاستنساخ او التغيير من داخل العملية السياسية، التي صرح معظمهم بفشلها وخيبتها مرارا وتكرارا، وحتى من على منصات الحراك الشعبي العارم، متناسين تقصد وتزمت حكومتها ورئاساتها وبرلمانها في الاستجابة لمطالب وتنفيذ حقوق ومطالب الجماهير، التي يدعون تمثيلها، مع ادراكهم انهم سيخوضون هذه الانتخابات في ظل هذه الاجواء المعتمة بكتل اضعف ومقاطعة اكبر ومبررات اضعف.
لقد كان يفترض، والوقت ما زال مبكرا على هؤلاء الساسة الجادين بالمشاركة، ان يتفقوا على الاقل على صيغة من التهديد والإعلان بمقاطعة الانتخابات، ان لم يستجب بشكل سريع وجدي لمطالب المعتصمين والمتظاهرين، قبل إجراء الانتخابات والتطبيل لها والتهافت عليها، وهذا الموقف هو اقل ما يمكن التلويح فيه انتصارا لمطالب حراك شعبي عارم مستمر منذ عشرة اشهر.
مثل هذا الموقف يفترض ان يعطي للحراك زخما شعبيا وعربيا ودوليا وأمريكيا ضاغطا على سلطة المالكي، الذي وصفه جميع شركائه في ازماتهم معه بشتى النعوت، هذا التلويح والتهديد لا يقوَّي مسعى المالكي في عدم رغبته بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر، بل يعري مساعيه ودوافعه ويقوضها امام حلفائه وأنصاره.
لقد هدد الأكراد وزعاماتهم بمقاطعة الانتخابات وإفشالها بمجرد مطالبتهم بزيادة مقاعد تمثيلهم النيابي، في حين عجز ساسة حواضن الحراك، الذي يمثل بشكل لا ينكره عليه احد، انه ينطلق من معاناة حقيقية ويجابه تهميشا متعمدا، وإذا كان هذا التهديد بالمقاطعة لا يخدم اجندة الساسة وكتلهم، فإن من حق ساحات الحراك ومنصاتها وقياداتها ان تلوح اليوم وتهدد بمقاطعة الانتخابات والوقوف بالضد من إجرائها، وعساها الا تجرى، لأن عدم اجرائها يعني سقوطا واضحا لعملية سياسية خائبة ولدستور يحمل سر خيبتها ولساسة غرقوا في الفساد والعنف حتى اعلى هاماتهم، ولأنها إن أجريت، فكل المؤشرات توحي بأنها لن تكون نزيهة والمشاركة فيها ضئيلة ولن تأتي بطاقم افضل من سابقه في كل الأحوال، وإمكانية التغيير الجذري من خلالها مستحيلة.
كتب وتحدث العديد من الزملاء المهتمين بالشأن العراقي آراء متباينة استقرائية عن اهمية الانتخابات القادمة، منهم من اعتبرها رجسا من عمل الشيطان ولن تنتج إلا الأسوأ وقد تكون نتائجها كارثية، فيما يعتقد آخرون انها ستشكل مرحلة متقدمة لترصين ديمقراطي، كونها تحدث في غياب الاحتلال وبعد مرور عشر سنوات من حالة وعي متصاعدة وسقوط كثير من خطوط الفساد المالي والسياسي والإداري، مقالي هذا هو حالة استعراض لوضع قائم قبل ما يقارب ستة أشهر من موعدها المحدد، هنالك أزمات حادة تنخر في صلب المجتمع العراقي، وهي ازمات خطيرة وقاتلة لا يمكن ان تستمر خلال هذه الفترة، على أمل ان تدور حلولها للدورة القادمة وما ستفصح عنه، بمعنى ان هناك متغيرات حادة قد تظهر على الساحة، استمرار حالة العنف المتفاقم واستمرار اعتصامات وتظاهرات الحراك الشعبي من دون حلول جذرية، وطبيعة قانون الانتخابات الذي ستجرى بموجبه الانتخابات، لها تأثيراتها على تقييم اهمية الانتخابات إذا ما أجريت في موعدها. من يحلم أن تكون الانتخابات القادمة ذات طابع ايجابي، عليه ان يضع حلولا جذرية ضامنة لإجراء انتخابات نزيهة ستستقطب مشاركة واسعة ومفوضية نزيهة وبظروف أمنية مقبولة بعيدة عن التهميش والاجتثاث والإقصاء واستغلال المال العام.
ما يثير الدهشة والاستغراب لدى المراقبين اليوم هو حجم الجهد المكثف من قبل شركاء العملية السياسية وكياناتها المنقسمة على المشاركة في الانتخابات والتهيئة لها قبل اشهر عديدة من موعدها، بخطابات وذرائع التجديد او الاستنساخ او التغيير من داخل العملية السياسية، التي صرح معظمهم بفشلها وخيبتها مرارا وتكرارا، وحتى من على منصات الحراك الشعبي العارم، متناسين تقصد وتزمت حكومتها ورئاساتها وبرلمانها في الاستجابة لمطالب وتنفيذ حقوق ومطالب الجماهير، التي يدعون تمثيلها، مع ادراكهم انهم سيخوضون هذه الانتخابات في ظل هذه الاجواء المعتمة بكتل اضعف ومقاطعة اكبر ومبررات اضعف.
لقد كان يفترض، والوقت ما زال مبكرا على هؤلاء الساسة الجادين بالمشاركة، ان يتفقوا على الاقل على صيغة من التهديد والإعلان بمقاطعة الانتخابات، ان لم يستجب بشكل سريع وجدي لمطالب المعتصمين والمتظاهرين، قبل إجراء الانتخابات والتطبيل لها والتهافت عليها، وهذا الموقف هو اقل ما يمكن التلويح فيه انتصارا لمطالب حراك شعبي عارم مستمر منذ عشرة اشهر.
مثل هذا الموقف يفترض ان يعطي للحراك زخما شعبيا وعربيا ودوليا وأمريكيا ضاغطا على سلطة المالكي، الذي وصفه جميع شركائه في ازماتهم معه بشتى النعوت، هذا التلويح والتهديد لا يقوَّي مسعى المالكي في عدم رغبته بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر، بل يعري مساعيه ودوافعه ويقوضها امام حلفائه وأنصاره.
لقد هدد الأكراد وزعاماتهم بمقاطعة الانتخابات وإفشالها بمجرد مطالبتهم بزيادة مقاعد تمثيلهم النيابي، في حين عجز ساسة حواضن الحراك، الذي يمثل بشكل لا ينكره عليه احد، انه ينطلق من معاناة حقيقية ويجابه تهميشا متعمدا، وإذا كان هذا التهديد بالمقاطعة لا يخدم اجندة الساسة وكتلهم، فإن من حق ساحات الحراك ومنصاتها وقياداتها ان تلوح اليوم وتهدد بمقاطعة الانتخابات والوقوف بالضد من إجرائها، وعساها الا تجرى، لأن عدم اجرائها يعني سقوطا واضحا لعملية سياسية خائبة ولدستور يحمل سر خيبتها ولساسة غرقوا في الفساد والعنف حتى اعلى هاماتهم، ولأنها إن أجريت، فكل المؤشرات توحي بأنها لن تكون نزيهة والمشاركة فيها ضئيلة ولن تأتي بطاقم افضل من سابقه في كل الأحوال، وإمكانية التغيير الجذري من خلالها مستحيلة.
كتب وتحدث العديد من الزملاء المهتمين بالشأن العراقي آراء متباينة استقرائية عن اهمية الانتخابات القادمة، منهم من اعتبرها رجسا من عمل الشيطان ولن تنتج إلا الأسوأ وقد تكون نتائجها كارثية، فيما يعتقد آخرون انها ستشكل مرحلة متقدمة لترصين ديمقراطي، كونها تحدث في غياب الاحتلال وبعد مرور عشر سنوات من حالة وعي متصاعدة وسقوط كثير من خطوط الفساد المالي والسياسي والإداري، مقالي هذا هو حالة استعراض لوضع قائم قبل ما يقارب ستة أشهر من موعدها المحدد، هنالك أزمات حادة تنخر في صلب المجتمع العراقي، وهي ازمات خطيرة وقاتلة لا يمكن ان تستمر خلال هذه الفترة، على أمل ان تدور حلولها للدورة القادمة وما ستفصح عنه، بمعنى ان هناك متغيرات حادة قد تظهر على الساحة، استمرار حالة العنف المتفاقم واستمرار اعتصامات وتظاهرات الحراك الشعبي من دون حلول جذرية، وطبيعة قانون الانتخابات الذي ستجرى بموجبه الانتخابات، لها تأثيراتها على تقييم اهمية الانتخابات إذا ما أجريت في موعدها. من يحلم أن تكون الانتخابات القادمة ذات طابع ايجابي، عليه ان يضع حلولا جذرية ضامنة لإجراء انتخابات نزيهة ستستقطب مشاركة واسعة ومفوضية نزيهة وبظروف أمنية مقبولة بعيدة عن التهميش والاجتثاث والإقصاء واستغلال المال العام.
ملاحظة:
نشر المقال هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق